Search This Blog

Wednesday, January 23, 2013

l'Histoire الرائد المتقاعد عبدالله عبعاب Livre: Un témoignage pour

كتاب "شهادة للتاريخ" الجزء الأول
المؤلف: الرائد المتقاعد عبدالله عبعاب


كتاب "شهادة للتاريخ" للرائد المتقاعد عبدالله عبعاب الصادر بتونس سنة 2010:
تضمن عدة فصول من تاريخ البلاد من سنة 1948 الى سنة 1961 في لغة واضحة و سلسة، فقد فصّل المؤلف حيث يجب التفصيل و اختصر حيث يجب الاختصار و ربما تجاوز حين لم يمتلك دليلا.
يتكون هذا الكتاب من 440 صفحة منها حوالي مائة صفحة خصصها المؤلف للوثائق التاريخية والقوائم الاسمية للمتطوعين للعمل المسلح بالجنوب الشرقي لمقاومة الاستعمار الفرنسي للبلاد، و كذلك أسماء شهداء معركة ناظور233، بأقصى الجنوب التونسي،  سنة 1961.
الكتاب اضافة قيمة للمكتبة الوطنية لما يحتويه من وثائق نادرة، هذا فضلا عن أنه سيكون مادة دسمة للباحثين في تاريخ تونس المعاصر.
الرائد المتقاعد عبد الله عبعاب أصيل مدينة بن قردان بالجنوب الشرقي للبلاد التونسية. ولد سنة 1917. و كان من الضباط القلائل، المؤسسين للجيش التونسي، الذين لم يتكونوا في المدرسة العسكرية الفرنسية، إذ كان تكوينه في الكلية الحربية في العراق. كان المؤلف من المؤسسين للجيش الليبي قبل رجوعه الى تونس. تقلد مسؤوليات عدة في الجيش الليبي و التونسي.
بداية الأمر كانت في سنة 1948 حين قرّر المؤلف و هو شاب يافع، الالتحاق بالمقاومة في فلسطين للدفاع عن الأرض المقدّسة. و تسلل إلى التراب الليبي حيث وجد الدعم اللازم لرحلته الطويلة إلى الشرق، مع حذر الوقوع في كمائن المخابرات الفرنسية و الإنجليزية آنذاك، التي كانت تقاوم بحزم التطوع للقضية الفلسطينية.
عند وصوله مدينة السلوم المصرية رفقة مئات المتطوعين من المغرب العربي فوجئ بحدثين هامين: الأول هو توقف الحرب بفلسطين و قبول الدول العربية بالهدنة و إنهاء القتال. و الثاني هو قرار السلطات المصرية إرجاع كل المتطوعين إلى بلدانهم... ولاستحالة الرجوع إلى تونس بحكم انه محاكم غيابيا من قبل المحكمة العسكرية الفرنسية بعشرة أعوام سجنا لفراره من مركز عمله كحرس حدودي، فقد قرر المؤلف الفرار من المعسكر بمدينة السلوم، و التوجه إلى القاهرة قصد الاتصال بمكتب المغرب العربي و زعماء الحركة الوطنية التونسية و على رأسهم الزعيمين بورقيبة و الحبيب ثامر. و بعد جهد، استطاع لقاء هؤلاء الزعماء و تنقل مع بورقيبة لمقابلة الملك إدريس السنوسي قصد مساعدتهم في فتح معسكرات تدريب للتونسيين و التحضير للمقاومة المسلحة بتونس.
لقد كان السيد عبدالله عبعاب سنة 1950 ضمن البعثة العربية بوساطة الأمير عبد الكريم الخطابي لدى دولة العراق للدخول إلى الكلية العسكرية. و بعد تكوين دام ثلاث سنوات، تخرج ضابط خيالة وتحصل على جائزة الدورة من الملك العراقي فيصل. وعند رجوعه إلى مصر ثم ليبيا سنة 1953 كلف من طرف قيادة الحركة الوطنية بالإشراف على انتداب و تدريب المقاومة بدول المغرب العربي على ارض مصر. و من موقعه هذا، تسنى له الاتصال و التنسيق مع قيادات المقاومة بالقطر التونسي كمصباح الجربوع وزايد الهداجي و الساسي لسود و غيرهم. و بتكليف من الملك إدريس نفسه، سنة 1954، انخرط الضابط عبد الله عبعاب في الجيش الليبي في كتيبة الخيالة ثم المدرعات إلى سنة 1956 حين قرر الرجوع إلى الوطن بعد إعلان الاستقلال و المشاركة في تكوين النواة الأولى للجيش التونسي.  

يروي المؤلف تفاصيل هامة عن المأمورية التي كلفه بها الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري التونسي بالجنوب الشرقي للبلاد ، والتي تتمثل في العمل على إقناع المنشقين عن الحزب من أتباع الأمانة العامة الموالين للزعيم صالح بن يوسف، بالعودة إلى الحزب و إنهاء الانشقاق و دعوتهم لتسليم أسلحتهم باعتبار أن البلاد قد أحرزت استقلالها التام. وبحكم معرفته بقيادات هذه المجموعات و العلاقة المميزة إلي كانت تربطه بهم باعتباره من اشرف على تدريبهم في مصر، استطاع إقناع عدد لابأس به منهم، كما فشل مع آخرين وخاصة مجموعة تطاوين المنحازة انحيازا تاما للأمانة العامة.
خصص المؤلف جزءا هاما من شهادته في هذا الكتاب لمعركة من معارك الجلاء  قادها بنفسه ميدانيا، و هي لا تقل أهمية عن معركة بنزرت.. لقد قرر من خطط لها ان تكون في نفس اليوم والشهر و السنة من معركة بنزرت الشهيرة، و لعلها لنفس الأهداف. دارت هذه المعركة من 19 إلى 22 جويلية 1961.، ولكن للأسف بقيت مجهولة لدى عموم التونسيين. انها معركة ناظور 233  أو  Fort Saint وهو موقع يعرف اليوم ببرج الخضراء. لم يُخف المؤلف أسفه على أن تفاصيل هذه المعركة بقيت مجهولة لدى عموم التونسيين وهو ما يراه تقصيرا لا مبرر له من قبل دولة الاستقلال.  فرغم الإمكانيات المتواضعة، و الحرارة الحارقة، خاض هؤلاء الإبطال من الجيش الوطني ومتطوعين مدنيّين ـ من بينهم معتمد رمادة آنذاك الذي ظل مرابطا معهم في الخطوط الأمامية كامل مدة القتال ـ معركة شرسة مع جيش المستعمر الفرنسي المتفوق في العدد و العدة؛ فقد استطاعوا دحره وإلحاق الهزيمة به وتكبيده خسائر مادية هامة بشهادة الصحافة الفرنسية نفسها.
كما لم يُخف المؤلف في هذا الصدد امتعاضه من تضارب بعض الأوامر من القيادة العامة أثناء المعركة، مما أحدث لديهم المرارة و الحيرة وإثارة عدة تساؤلات.
ويؤكد السيد عبدالله عبعاب في الخاتمة بأن الهدف من هذا العمل في جزءه الأول، هو ذكر بعض الحقائق وإماطة اللثام عن بعض الجوانب التي لا يعرفها الكثيرون من أبناء هذا الوطن عن تاريخ مناضلين معروفين أو مغمورين استشهدوا خلال معارك الجلاء..  فهي شهادة للتاريخ حتى يعلم شباب اليوم و الأجيال القادمة بأن استقلال تونس وجلاء جيش المحتل عنها، كان معمّدا بتضحية و دم الآباء و الأجداد. و أن المقاومة المسلحة  لم تكن جملة اعتراضية في تاريخ الحركة الوطنية في بلادنا.

محمد العماري



                           

No comments: