Pages

Thursday, December 29, 2011

بوش وبلير بارتكاب جرائم ضد السلام

محكمة كوالالمبور لجرائم الحرب تدين بوش وبلير بارتكاب جرائم ضد السلام

قرارمحكمة مختصة بجرائم الحرب يشكل نقدا مدمرا للمؤسسات الحالية للقانون الجنائي الدولي

ريتشارد فولك -- 28 نوفمبر 2011

rICHARD fALK

توصلت محكمة كوالا لمبور لجرائم الحرب ، التي تتألف من خمسة قضاة من خلفيات أكاديمية وقضائية عالية ، بعد سنتين من التحقيق الذي أجرته لجنة كوالا لمبور جرائم الحرب ، إلى قرار بالإجماع يدين جورج بوش وتوني بلير بارتكاب جرائم ضد السلام، وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية ، نتيجة لدورهم في حرب العراق.

لقد تمت المرافعات على مدى أربعة أيام من 19-22 نوفمبر 2011 ، وتضمنت مساهمات لمحامي الدفاع الذي عينته المحكمة لتقديم الحجج والأدلة المحكمة نيابة عن المتهمين الغائبين. وكانت قد تمت دعوة المتهمين لتقديم دفاعهما أو إرسال من يمثلهما ، لكنهما امتنعا عن القيام بذلك. وترأس فريق الادعاء شخصيتان قانونيتان بارزتان يتمتعان بمؤهلات قانونية ومهنية عالية : غورديل سينغ نيجار Nijar Gurdeal Singh وفرانسيس بويل Francis Boyle. وقد صدر الحكم بتاريخ 22 نوفمبر 2011 الذي تصادف مع الذكرى 48 لاغتيال جون كينيدي.

وقد أقرت المحكمة أن حكمها ليس قابلا للتنفيذ بالطريقة العادية الممكنة لو كانت محكمة جنائية رسمية داخل دولة ذات سيادة ، أو بإتفاق دولي ، كما هو الحال مع المحكمة الجنائية الدولية. ولكن المحكمة (KLWCT) إتبعت قواعد للعمل بطريقة مسؤولة من الناحية القانونية. وهذا من شأنه أن يهب استنتاجاتها وتوصياتها وزنا قانونيا يُتوقع أن يمتد أثره إلى أبعد من الإدانة الأخلاقية للمتهمين ، وإن لم يكن مسار ذلك واضحا تمام الوضوح حاليا.

وقد اضافت المحكمة لحكمها أمرين قضائيين تم اعتمادهما وفقا لميثاق اللجنة الذي أُعتمد إطارا لعمل المحكمة:

1) إعلام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بإدانة الرئيسين السابقين المتهمين ، و

2) أدخل أسماء كل من بوش وبلير في سجل مجرمي الحرب التي تحتفظ بها لجنة KLWCC.

وأضافت المحكمة أيضا عدة توصيات لحكمها :

1) إعلان قرار المجكمة حسب الجزء السادس من أحكام محكمة نورمبرغ لسنة 1945 (استدعاء للمساءلة في المستقبل) المتعلق بمعالجة جرائم الباقين على قيد الحياة من القادة السياسيين والعسكريين لألمانيا النازية ،

2) تقديم ملف الإبادة الجماعية و الجرائم ضد الانسانية الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ،

3) التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لإصدار قرار يطالب الولايات المتحدة بإنهاء احتلالها للعراق

4) توصيل قرارات المحكمة لجميع أعضاء نظام روما الأساسي ( الذي يحكم سير المحكمة الجنائية الدولية) و لجميع الدول التي تثبت الاختصاص العالمي بما يسمح بملاحقة الجرائم الدولية في المحاكم الوطنية ؛ و

5) حث مجلس الامن الدولي لتحمل مسؤولية ضمان الحقوق السيادية لشعب العراق و حماية استقلالية حكومته من قبل قوة حفظ السلام تابعة للامم المتحدة.

حملة مهاتيرمحمد ضد للحرب

criminalize war
perdana

أن مبادرات المجتمع المدني القانونية هذه هي ثمرة مشروع طويل الأجل يضطلع بها الرئيس الماليزي السابق المثير للجدل ، محاذيرمحمد ، لمواجهة التسلط العسكري العالمي التي تقوده الولايات المتحدة ولتعبئة الجنوب العالمي في كفاح شامل ضد نظام الحرب.


لقد طُرحت هذه الرؤية الشاملة للصراع ضد الحرب وامبريالية ما بعد الاستعمار المباشر في خطاب لافت للنظر القاه مهاتير محمد ضد للحرب 2003 ، حين كان لا يزال رئيسا للوزراء ، في مجرى ترحيبه بالمشاركين في القمة الثالثة عشرة لحركة عدم الانحياز كوالالمبور القاه في 24 فبراير.
فقد تضمنت ملاحظاته في تلك المناسبة التأكيدات التالية التي وضعت الخطوط الأولى لإنشاء لجنة جرائم الحرب محكمة جرائم الحرب في كوالامبور:

"يجب أن تحرَّم الحرب ، و أن يكون هذا هدف نضالنا الآن. نعم ، علينا النضال من أجل العدالة والتخلص من الاضطهاد ، ومن الهيمنة الاقتصادية ، ولكن يجب علينا أولا ازالة خطر الحرب. فما دام هذا السيف مسلط على رؤوسنا لا يمكن أبدا أن نتقدم لضمان مصالح بلداننا. ولذلك يجب أن يتم تحريم الحرب . ويجب أن يتم ذلك بجهود قوات متعددة الأطراف تحت سيطرة الأمم المتحدة. يجب ألا يسمح لأي دولة واحدة أن تلعب دور الشرطة في العالم ، ناهيك عن تقرير ما يتعين اتخاذه من اجراءات، و متى. "

وذكر مهاتير بوضوح في تلك المناسبة أن تجريم السلوك العدواني الدولي و الحروب والجرائم ضد الإنسانية تهدف لإغاثة ضحايا الشعوب ، وخصوصا العراقيين ، الذين كانوا على وشك التعرض للهجوم، والفلسطينيين ، الذين عانو طويلا من الطرد الجماعي والاحتلال الغاشم. وقد تأكد تفاني مهاتير في سعيه لعالم خال من الحروب من خلال إنشاءه مؤسسة كوالا لمبور لتجريم الحرب ، ثم في خطابه الافتتاحي افتتاح مؤتمر تجريم الحرب يوم 28 أكتوبر 2009.


في 13 شباط ، 2007 دعا مهاتير لجنة جرائم الحرب في كوالا لامبور لإعداد دعوى ضد بوش وبلير ، اللذان كانا مسؤولين عن شن حرب عدوانية ضد العراق. وقتها قال مهاتير ، وهو من أشد منتقدي حرب العراق وتداعياتها ، أن هناك حاجة لمؤسسات قضائية بديلة للمحكمة الجنائية الدولية ، التي كانت غير مستعدة لتوجيه الاتهام الى القادة الغربيين. وكان مهاتير في الواقع يصرعلى أنه لا ينبغي منذ الآن لأي زعيم أن يتفادى المساءلة عن هذه الجرائم ضد الدول والشعوب. وقد اعترف وقتها بحدود مبادرته المقترحة بسخرية جارحة : "لا يمكننا القاء القبض عليهم ، ولا يمكننا احتجازهم ، و لا يمكننا أن إعدامهم كما أعدموا صدام حسين". لكن مهاتير قال أيضا أن "العقاب الأوحد الذي يخافه معظم القادة هو أن تلصق بهم في التاريخ تسميات معينة . أن كتب التاريخ يجب أن تكتب لهم أنهم مجرمو حرب ، وهذا هو نوع من العقاب الذي نستطيع تحقيقه ".

لقد قدم محاذير بهذه الملاحظة ، ما أصبح فيما بعد سجل لجنة تقصي جرائم الحرب KLWCC لمجرمي الحرب التي أدرجت فيه فيه أسماء المدانين من قبل محكمة جرائم الحرب KLWCT. هل سيؤدي ذلك الى شيء؟ هل لمثل هذا الإدراج أي تأثير في عالمنا هذا؟

لقد وعد محاذير في بيانه عام 2007 أن المحكمة المقبلة ، لن تكون ، حسب كلماته، "مثل المحكمة المسخ التي حاكمت صدام حسين". وقد كانت مجريات محكمة صدام حسين بالفعل في محاكمة صورية استبعدت الكثير من الأدلة ذات الصلة ، ورفضت قبول أي دفاع حقيقي ، وبلغت ذروتها في عملية إعدام بشع نزعت عنها الشرعية. وكان صدام حسين يخضع للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم متعددة ضد الانسانية ، فضلا عن الجرائم ضد السلام ، ولكن شكليات وزخارف المحاكمة لم تحجب حقيقة كونها كانت عدالة الغلبة الشائنة ".

و بطبيعة الحال ، فقد تعاملت وسائل الإعلام مع مبادرات المجتمع المدني القانونية هذه، حين إنتبهت لها، بنفس إسلوب الخطاب الذي إستخدمه محاذير للهجوم على محاكمة صدام ، وفأصرت على أن محكمة جرائم الحرب هي "محكمة مشوهة" أو "سيرك". وتجاهلت وسائل الاعلام الغربية ، من دون استثناء ، هذه الدعوى القضائية ضد بوش وبلير ، معتبرا أنها بدون سياق وتعطي صورة زائفة للقانون ، في حين أعطت اهتماما كبيرا لمحكمة جرائم الحرب في كمبوديا التي تدعمها الامم المتحدة لمحاكمة الباقين على قيد الحياة المتهمين بجرائم الخمير الحمر المتهمين بالإبادة الجماعية السلوك في السبعينات. أن من يقوم برعاية أي نشاط هو ما يهم وسائل الإعلام العالمية كليا، وليس فحوى ذلك النشاط..

الاختصاص العالمي الشامل للقضاء الوطني

لم تنشأ محكمة كوالا لمبور لجرائم الحرب في فراغ قضائي. فقد تم الإعتراف منذ فترة طويلة بأن المحاكم الجنائية المحلية يمكن أن تمارس الإختصاص القضائي العالمي على جرائم الدولة أينما تحدث هذه ، مع إشتراط حضور المتهمين جسديا في المحكمة عادة. ففي القانون الأميركي ، يسمح قانون التعويض عن التجاوزات الأجنبية بالدعاوى المدنية إذا قُدٍّم المتهمون بتهمة جرائم مثل التعذيب ارتكبت خارج الولايات المتحدة. وكان المثال الأشهر لذلك القرار المتعلق بفيلارتغا الصادر في 1980 بمنح تعويضات لضحايا التعذيب في باراغواي الاستبدادية (فيلارتيغا ضد بينيا F2D 620 876). أي أن هناك شعور بأن المحاكم الوطنية لديها السلطة القانونية لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب أينما حدثت في العالم. وتستند هذه النظرية القانونية على الاعتراف بمحدودية قدرة المحاكمات الجنائية الدولية على فرض المساءلة ببعد تام عن الأولويات الجيوسياسية و مع منطق الحصانة من العقاب. وبهذا الصدد ، فأن للإختصاص القضائي الشامل القدرة على التعامل مع الحالات المتساوية على قدم المساواة فعلا، وهو مايهدد أمثال كيسنجر ورامسفلد في العالم ، الذين تقلصت جداول سفرهم. وقد استخدمت الولايات المتحدة واسرائيل نفوذها الدبلوماسي لإلغاء الاختصاص العالمي في أوروبا ، خصوصا في المملكة المتحدة وبلجيكا.

أن محكمة كوالا للامبور تسلك ، إلى حد ما ، طريقا موازية لطريق المساءَلة الجنائية. فهي لا تدعي أن لديها القدرة على ممارسة العقاب الجسدي ، بل تراهن لإثبات فعاليتها على الإعلام ، والتعليم ، والعدالة الرمزية. وقد اتخذت مبادرات من هذا القبيل من وقت لآخر منذ محكمة راسل عام 1967 المتعلقة بالتهم الجنائية الناجمة عن حرب فيتنام ، وكلما كان هناك غضب شعبي مع غياب الرد المناسب من قبل الحكومات أو مؤسسات المجتمع الدولي.

في عام 1976 ، أنشأت مؤسسة ليليو باسو في روما "المحكمة الشعبية الدائمة" تعميما لتجربة رسل. وإستند ذلك الى أن هناك حاجة ملحة لملء الفجوة المؤسسية في إدارة العدالة في جميع أنحاء العالم نتيجة التلاعب الجيوسياسي والمعايير المزدوجة للنظم القانونية الرسمية. وعلى مدى العقود التالية، تصدت هذه المحكمة الشعبية لسلسلة من القضايا شملت دعاوى متعلقة بالتدخل الأميركي في أميركا الوسطى ، والتدخل السوفياتي في أفغانستان ، ولحقوق الإنسان تحت ديكتاتورية ماركوس في الفلبين ، ونزع الملكية عن المجتمعات الهندية في ولاية الأمازون في البرازيل ، وحرمان شعب بورتوريكو من حق تقرير مصيره.

كانت المحكمة الدولية حول العراق المعقودة في إسطنبول عام 2005 ، الحالة السابقة المباشرة لمحكمة كوالامبور لجرائم الحرب، وكانت محكمة إسطنبول تتويجا لسلسلة من الجلسات القضائية في جميع أنحاء العالم نفذت في الفترة ما بين 2003-2005 حول الجوانب المختلفة للحرب على العراق. وقد ركزت محكمة أسطنبول، كما هو الحال مع محكمة كوالامبو ، على دعاوي جرمية ضد الذين الذين شرعوا في حرب العراق. وقد إستمعت تلك المحكمة لشهادت العديد من الخبراء ، وأصدرت الحكم الذي أدان بوش وبلير ، من بين أخرىن ، ودعت إلى تنفيذ مجموعة من التدابير الرمزية والمجتمعية.

وقد تضمن إعلان الضمير لهيئة المحلفين هذه العبارات :

"لقد كان غزو واحتلال العراق و ويبقى غير قانوني ، و قد ثبت أن الأسباب التي قدمتها حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا لغزو واحتلال العراق في مارس 2003 كانت كاذبة. فهناك الكثير من الأدلة تدعم الاستنتاج بأن الدافع الرئيسي للحرب كان للسيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط واحتياطياتها الضخمة من النفط كجزء من مساعي الولايات المتحدة للهيمنة العالمية... وقد تجاهلت حكومات بوش وبلير في مجرى سعيها لتحقيق اجندتها الإمبراطورية ، وبشكل فض ، المعارضة الضخمة للحرب التي أعربت عنها الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم. وأقدمت هذه الحكومات على حرب لا أخلاقية ، ظالمة ، وجبانة بدرجة أشد من أغلب الحروب في التاريخ ".

تمايزا عن محكمة كوالامبور لجرائم الحرب ، كان لهجة ومضمون النتائج الرسمية لمحكمة إسطنبول أخلاقية وسياسية وليس قانونية بحتة ، على الرغم من التأطير القانوني للتحقيق. (لتقرير كامل عن المحكمة ، انظر Muge Gursoy Sokmen's World Tribunal on Iraq: Making the Case Against War (2008)


تبرير تأسيس المحاكم

قبل أسبوعين من إنعقاد محكمة كوالامبور ، كانت ثمة مبادرة مماثلة في جنوب افريقيا للنظر في دعاوي الفصل العنصري في إسرائيل فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين واحتلال جزء من أرض فلسطين التاريخية (وكانت هذه هي محكمة راسل حول فلسطين ، دورة جنوب أفريقيا ، 5 نوفمبر -7 عام 2011).


تشترك جميع هؤلاء الإجراءات الحقوقية بشيء واحد: إن النظام العالمي للدول والمؤسسات ليس مستعدا للنظر في مجموعة معينة من الحقائق بشكل واضح ، ولا الاستجابة بشكل فعال لما يعتقده الكثير من الأشخاص المؤهلين والمهتمين بالشأن العام ظلما فادحا. وفي وضع كهذا ، كان هناك دوافع أخلاقية وسياسية قوية وراء مبادرات المجتمع المدني هذه ، مستندة الى هيبة القانون. ولكن هل تتأهل هذه المبادرات حقا لأن تكون "قانونية"؟

أن الجواب على سؤال مثل هذا يعتمد على القبول بحصر الادارة القانونية للعدالة بالإجراءات الرسمية للدول ذات السيادة ، وما يتبعها بصورة غير مباشرة ، أي المؤسسات الدولية. أنني أقف الى جانب من يعتقد أن الناس هم المصدر النهائي للسلطة القانونية ، وأن لهم الحق في التصرف من تلقاء أنفسهم عندما تتعثرالإجراءات الحكومية ، جراء الجغرافيا السياسية بحيث تفشلت في معالجة الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي ، كما في هذه الحالات.

و يجب علينا، بالإضافة لذلك ، ألا نهمل السجل الوثائقي الذي رتبته مبادرات المجتمع المدني رغم موارد ها الضئيلة. أن ما يطرحونه على الدوام تقريبا يدل على فهم موضوعي للأدلة المتاحة والقوانين السارية ، على الرغم من أن هذا يتم فعليا قبل الشروع في الدعوى، على خلاف الإجراءات الحكومية .
أن هذه الإثباتات المسبقة للأعمال الاجرامية هي الحافز للقيام بجهود تنظيمية هائلة و لجمع الأموال اللازمة لتحقيق أهداف مثل هذه المبادرة. ولكن هل تختلف هذه الإثباتات المسبقة كثيرا عن الإجراءات التي تتم تحت رعاية حكومية حول جرائم الحرب؟ أن تقديم لوائح الاتهام في قضايا جرائم الحرب الرفيعة المستوى لا يتم الا عندما يكون هناك دليل إدانة قاطع وحاسم ، وعندما يتوفر اليقين في نتيجة المقاضاة قبل بدء الإجراءات.

في كلتا الحالتين ، فإن المحكمة في الواقع لا تسعى لتحديد الذنب أو البراءة ، وإنما هي تكون عازمة على تقديم الدلائل وسيرالاستدلال ، بما يحقق في صحة الحكم ويضيء التوصيات من جهة ، والعقوبات الجنائية في جهة أخرى. من المستحيل على محاكم المجتمع المدني ، بالطبع ، فرض أحكامها بأي معنى تقليدي. أن ما تحاوله بالأحرى هو نشر الأحكام على نطاق واسع وبشكل فعال قدر الإمكان. ويمكن لما تنشره المحكمة الشعبية الدائمة في بعض الأحيان أن يكون مؤثرا بشكل عجيب ، بالنظر إلى الأسس الوقائعية الواسعة التي تستخدمها في التوصل إلى حكمها. وقد ذكر أن ذلك قد لعب دوره في إنعاش نشاط المعارضة في الفلبين في بداية الثمانينات خلال السنوات الأخيرة من نظام ماركوس.

مدى تقيد محكمة كوالا لامبور بالقانون

أن لمحكمة كولا لامبور لجرائم الحرب هويتها المميزة. فأنها قد إكتسبت طابعا شبه رسميا لكونها مطبوعة بطابع رئيس سابق للدولة في البلد الذي عقدت فيه المحكمة. ثم أنها أخذت في الاعتبار بشكل عام حملة مهاتير ضد الحرب. وتتألف هيئة المحكمة من من خمسة قانونيين بارزين ، بينهم قضاة من ماليزيا ، مما أضفى صفة مهنية إضافية. وكان عبد القادر سليمان القاضي الرئيسي، وهو قاض سابق في المحكمة الاتحادية في ماليزيا. وقد أعلن القضاة في بداية المرافعات تنحية شخصين آخربن كانا مقررين كقضاة ، أحدهما بسبب التحيز المفترض بسبب اشتراك مسبق في دعوى مماثلة ، والآخر بسبب المرض. كان هناك أيضا فريق دفاع كفوء قدم حججا لتبرئة المتهمين بوش وبلير ، على الرغم من أن نوعية الحجج القانونية المقدمة لم تكن مقنعة بالنسبة لما قدم كدلائل.

لقد تصرفت المحكمة بتوافق تام مع الميثاق الذي اعتمدته لجنة كوالالامبور لجرائم الحرب في وقت سابق ، مما أضفى صبغة قانونية على المرافعات. أن إعلان الإلتزام بالقانون هو الصفة الأكثر تميزا في محكمة كوالا لامبور، مقابل مبادرات مماثلة إعتمدت على تطبيق فضفاض و غيرمهني للقانون من قبل شخصيات معروفة و بارزة ثقافيا وذات نفوذ معنوي واسع ، والذين لم يتظاهروا بمعرفتهم الدقيقة للإجراءات القانونية والمواد التفصلية في القانون. وقد كانت المحكمة العالمية عن الحرب في العراق التي عقد ت في اسطنبول في عام 2005 من هذا النوع. فقد أعلنت عن قرارات وعرضت توصياتها على أساس التقييم السياسي والأخلاقي للأدلة على يد هيئة محلفين ضمير.وترأست هيئة التحكيم في إسطنبول الناشطة والكاتبة الهندية الشهيرة أرونداتي روي ، وتألفت من مجموعة من الأشخاص ذوي الانجازات الملحوظة العامة ، ولكن دون إدعاء بالمعرفة والخبرة في القانون ذات الصلة ، على الرغم من أن خبراء في القانون الدولي قد شهدوا بشكل مقنع بما يدعم الأتهامات بالاجرام. كذلك فأن محكمة إسطنبول لم تلجأ أو تدعي تقديم دفاعات عن المتهمين.


"القانون" أم محاكم "الضمير" ؟

يبرز السؤال في مجال القضاء الشعبي عما إذا كان "الضمير" أم "القانون" هو الأرضية المفضلة والأكثر تأثيرا لهذا النوع من مبادرات المنظمات غير الحكومية. في كلا الحالين لا تولي وسائل الإعلام الرئيسية المتمحورة حول الدولة أي اهتمام لهذه المبادرات ، حتى بشكل نقدي. وهنا فأن القوى الديمقراطية الشعبية ذات الرؤية العالمية وحدها هي التي ستجد في ما تم إنجازه في كوالا لمبور خطوة هامة نحو إنشاء ما أسماه دريدا "الديمقراطية القادمة". ولا يزال من غير المؤكد إن هذه القوات سوف تتتكاثر ويصبح صوتها مسموعا أكثر . ومن المحتمل أن يكون أحد طرق التأثير الأكبر هو الاستخدام الأكثر إبداعا لإمكانات التواصل الاجتماعي للنشر، والشرح ، والتثقيف ، والإقناع.

لقد طرحت الدورة الأخيرة لمحكمة جرائم الحرب في كوالالمبور نقدا مدمرا للفشل المستمر للآليات الدولية لقانون المساءلة الجنائية في تحقيق العدالة بصورة عادلة ، أي ، بدون الغربلة التي تمارسها السلطة الهرمية الحالية وقوتها لمنح الحصانة حيث تريد .

ريتشارد فولك هو ألبرت جي. ميلبانك أستاذ أقدم للقانون الدولي في جامعة برينستون ، وأستاذ زائر متميز في الدراسات العالمية والدولية في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا. وقد قام بتأليف وتحرير العديد من البحوث المنشورة طول خمسة عقود ، كان آخرها مجلد " القانون الدولي والعالم الثالث : إعادة تشكيل العدل (روتليدج ، 2008)" International Law and the Third World: Reshaping Justice (Routledge, 2008). وهو يقضي حاليا سنته الثالثة من فترة ست سنوات كمقرر للأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان الفلسطيني. وهو عضو فخري في محكمة بروكسل.

المصدر : http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2011/11/20111128105712109215.html

ترجمه لمحكمة بروكسل منذر نعمان الأعظمي

No comments:

Post a Comment