Pages

Friday, April 27, 2012

Faycal Jelloul: Sarkosy a besoin d un miracle

الباحث السياسي فيصل جلول في حديث لـ"الانتقاد": ساركوزي يحتاج إلى معجزة للعودة إلى الاليزيه
باريس ـ نضال حمادة

يعتبر فيصل جلول من الأقلام الكبيرة في العالم العربي، وهو جزء من قلة مخضرمة في مجال الصحافة المكتوبة والبحث السياسي والإعلامي، ما زالت تقيم في باريس وفي المهجر وهي من المدافعين الشرسين عن تيار المقاومة. كاتب في الصفحات الأولى في كبرى الصحف العربية ومحلل سياسي من ذوي الحضور الكبير في محطات التلفزة العربية والفرنسية، وله مؤلفات عديدة وأبحاث في السياسة الفرنسية والعربية. "الانتقاد" التقت به في العاصمة الفرنسية باريس وكان معه الحوار الآتي:


ـ  ما أهمية الرئاسيات الحالية في فرنسا وما الذي يميزها عما سبقها؟

* للرئاسيات الحالية خصوصية مهمة، وهي أنها تتم في أجواء أزمة الأسواق العالمية وبالتالي تستدعي من الرئيس المقبل أن يبين لشعبه وسائله في التصدي للأزمة ومدى قدرته على مواجهة نتائجها، وفي أي إطار سيتحرك من اجل مواجهتها؟ هل من خلال فرنسا وحدها أم من خلال الاتحاد الأوروبي أم الطرفين معا؟ أم من خلال الشراكة الدولية مع أطرف أخرى؟ إن ارتفاع نسبة الإقتراع في هذه الانتخابات أظهر بوضوح أن الفرنسيين يريدون شيئا آخر غير السياسة التي اتبعت من قبل في مواجهة الأزمة، وأظن أنهم سيؤكدون على اقتراعهم بنفس الاتجاه في الدورة الثانية.


ـ هل تريد القول إن سياسة فرنسا الخارجية ما كانت مؤثرة في هذه الانتخابات؟


*نعم إلى حد كبير . هنا أميز بين الجانب المتعلق بمواجهة أزمة الأسواق، وهذا كان حاضرا بقوة أما الجوانب الأخرى فلم تترك تأثيراً يذكر. إن أحداً لا يقترع في باريس وفقا للموقف الفرنسي من سوريا. وقد بينت استطلاعات الرأي أن الفرنسيين لم يغيروا قناعتهم بحكومة ساركوزي جراء انتصاره في ليبيا على العقيد معمر القذافي، ولم يعاقبوا هذه الحكومة على مواقفها المؤيدة حتى اللحظة الأخيرة لزين العابدين بن علي في تونس، وعلى ترددها في الوقوف ضد حسني مبارك. أظن أن لدى الفرنسيين شعوراً بأن بلادهم صارت مرتبطة بقوة بالسياسة الخارجية الأمريكية خصوصا بعد استعادة موقعها كعضو كامل العضوية في حلف الناتو، وبالتالي ما عادت تلك القوة التي يجب أن يحسب لها حساب خاص بعيداً عن النفوذ الأمريكي، لهذا كله تبدو السياسة الخارجية أقل حضوراً في الحراك الانتخابي الفرنسي.


ـ هل يواصل ساركوزي سياسته تجاه سوريا وإيران إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للجمهورية؟


*يحتاج ساركوزي إلى معجزات بالجملة لكي يستعيد قصر الاليزيه خصوصا بعد الصفعة التي تلقاها في الدورة الأولى، فهو الرئيس الوحيد في الجمهورية الخامسة الذي يحل ثانيا في الدورة الأولى من الرئاسيات، الأمر الذي يوحي بأن غالبية واضحة ومصممة من الفرنسيين لا تريده رئيسا لولاية ثانية. لكن في حال عودته الافتراضية فإنني أظن أنه لن يغير شيئاً من سياسة بلاده تجاه سوريا وإيران لأن هذه السياسة مرسومة تحت السقف الأمريكي والمواقف الفرنسية والأوروبية منها، هي تعبيرات لغوية متنوعة عن الموقف الأمريكي، وأنا انصح الجميع بألا يقيموا اعتباراً لمزاعم خلافية في هذه الصدد... أضف إلى ذلك، أن دول الخليج وغالبية الحكومات العربية غارقة في مشروع فتنوي، هو في الأصل من تصميم غربي لتحسين البيئة الأمنية المحيطة بـ"إسرائيل" وقهر تيار الممانعة والمقاومة، ما يعني أن ساركوزي لن يغير حرفاً واحداً عما انتهجه في ولايته الأولى إذا ما أعيد انتخابه ثانية.


ـ وماذا عن فرانسوا هولاند؟


*لقد اعتمد هولاند مواقف مزايدة في الدورة الأولى خصوصا لجهة سوريا، حيث قال انه قد يشجع هجوماً عسكرياً على دمشق من خارج الأمم المتحدة. ولا يحتاج هولاند لدوافع كثيرة من اجل حماية مصالح "إسرائيل" فهو كان على الدوام ينتمي إلى التيار الأطلسي في الحزب الاشتراكي، إذاً يمكنني وصف سياسة هولاند إزاء إيران وسوريا بعبارة فرنسية تطلق على المتشابهين وتقول "القبعة بيضاء وبيضاء القبعة"، بيد أن نافذة أخرى صغيرة تحتاج إلى استشراف في مواقفه، ذلك انه يحتاج إلى دعم "جبهة اليسار" التي يرأسها جان لوك ميلونشون، وهذه الجبهة تريد سياسة خارجية فرنسية مستقلة، فهل يبحث هولاند عن مواقف أخرى في سياسة بلاده الخارجية تحت تأثير هذا العامل؟ ليست لديّ إجابة قاطعة في هذا الصدد، أعتقد أننا بحاجة لبعض الوقت حتى نحكم على ذلك.


ـ ما هو دور الجالية العربية في تغليب كفة مرشح على آخر في الرئاسيات؟


*مع الأسف الشديد ليست الجالية العربية موحدة في فرنسا على الرغم من كونها مستهدفة بطريقة موحدة. بكلام آخر التطرف اليميني والعنصري يستهدف العرب والمسلمين بوصفهم جالية واحدة وليس بوصفهم مغاربة ومشارقة وتوانسة وجزائريين ومصريين وعراقيين الخ... ومع ذلك تنقسم الجالية إلى فئات وجنسيات متصارعة وتنال من بعضها البعض، وأحيانا لأسباب تافهة، وتمعن الدول العربية في تفتيت الجالية وزيادة الانقسامات في داخلها، لذا من الصعب الرهان على كتلة انتخابية عربية موحدة يمكن أن تلعب دورا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية... ولكن رغم ذلك لاحظنا أن الهجمات التي شنتها الحكومة بقوة ضد المسلمين في قضايا اللحم الحلال والفولار والبرقع وغيرها، كل ذلك دفع المسلمين دفعا للاقتراع الكثيف لمصلحة فرانسوا هولاند.



ـ كيف تفسر ظاهرة جان لوك ميلونشون في الانتخابات الأخيرة، فهو حصل على حوالي 11 بالمائة من أصوات الناخبين، وهذا اقل بكثير من رهانه على إلحاق الهزيمة بمارين لوبن؟

*للمرة الأولى منذ العام 1981 يشكل اليسار الراديكالي جبهة مستقلة في الانتخابات الرئاسية، والراجح أن ظروفا مؤاتية أدت إلى تحصيل هذه النتيجة من بينها شخصية الرجل الكاريزمية وميله للمجابهة مع البرجوازية والاوليغارشية، ولكن الأهم هو آثار أزمة الأسواق العالمية التي دفعت بملايين العمال نحو سوق البطالة، هذا فضلا عن الساخطين الذين يريدون سياسة يسارية واضحة المعالم وليس ليبرالية مموهة باليسار وشعاراته كما كان عليه الحال في عهود ميتران وجوسبان وغيره.


ـ هل تشكل الجبهة الوطنية خطراً على العرب والمسلمين في فرنسا؟


*تشكل خطرا على الفرنسيين أولا لأنها تحمل أفكارا فاشية وعنصرية وكارهة للأجانب، وبالتالي لا يمكن لهذه الأفكار أن تنقذ فرنسا من أزماتها، بل تزيدها تعقيداً وخطورة. أما القوقعة على النفس التي تنطوي عليها طروحات الجبهة فستصيب من فرنسا مقتلاً، لأن هذا البلد يملك أفضلية مهمة بسبب انفتاحه على الخارج على كل صعيد.


أما بالنسبة للعرب والمسلمين فإن خطر التطرف اليميني عليهم يكمن في تحويلهم إلى كبش محرقة والتذرع بهم لإخافة الفرنسيين من جهة ولابتزاز الحكومات الفرنسية المتعاقبة من جهة أخرى. ما من شك بأن العرب هم المتضرر الأول، إذا ما تولت الجبهة الحكم في فرنسا، لكن السؤال هل يبقى حكم إذا ما نجحت السيدة مارين لوبن في تولي زمام الأمور في بلدها؟ لا أظن ذلك متوقعاً في الأمد المتوسط، وهو شبه مستحيل في الأمد المنظور.

No comments:

Post a Comment