المازري الحداد
(سفير تونس السابق في اليونسكو)
في حوار خاص:أيها التونسيون ماذا فعلتم ببلادكم؟
*فرنسا/التونسية-
خاص
*أجرى
الحوار:محمّد بوغلاّب
*السلطة في تونس
بين راشد ورشيد ...
*إخترت كرامة
المنفى على حزي العودة ...
*لن أقبل أن يحكم
بلد بورقيبة من قبل الذين باعوا ذممهم للقرضاوي وموزة
و حمد ...
*كنت من أوائل
المنفيين في عهد بن علي وسوف أكون أول منفي سياسي في ولاية الفقيه ...
ولد المازري
الحداد في مدينة الكرم(الضاحية الشمالية للعاصمة تونس) لأب سليل إحدى أكبر
عائلات المنستير مسقط رأس الزعيم
بورقيبة وأم من مدينة ماطر. غادر المازري
الحداد تونس نحو الجزائر ليواصل دراسته بعد طرده من جميع المعاهد بسبب نشاطه
السياسي المعارض في أحداث الخميس الأسود(جانفي 1978) .
بدأ الكتابة في
الصحافة سنة 1979 في جريدة لابراس ونشرت كبريات الصحف الفرنسية والبلجيكية
والسويسرية مقالاته .
يعد المازري
الحداد من أول الذين أعلنوا معارضة بن علي (سنة 1988) حين كانت المعارضة التونسية
في فرنسا لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة (مزالي- بنور- القديدي ) وشارك
في إصدار جريدة (الجرأة) رفقة سليم بقة ثم أصدر(صوت الجرأة) واستمر في معارضة نظام
بن علي إلى نهاية التسعينات تاريخ انفصاله عن المعارضة ليكرس جهده لاستكمال دراسته
العليا التي توجها بالحصول على الدكتورا
في الفلسفة الأخلاقية والسياسية من جامعة السوريون.
في أفريل 2000
وأياما قليلة قبل وفاة المجاهد الأكبر عاد إلى تونس وإلتقى بن علي الذي عينه بعد
تسع سنوات سفيرا لتونس لدى اليونسكو .
حين انطلقت أحداث
17 ديسمبر2010 لم يتردد الحدّاد في الدفاع عن بن علي ونظامه ولكنه سرعان ما أعلن
استقالته صباح يوم 14 جانفي احتجاجا على القمع الدموي للمتظاهرين .
أصدر نهاية العام
المنقضي كتابا بعنوان(الوجه الخفي للثورة التونسية) وهو يستعد لإصدار كتاب ثان
بعنوان(أيها التونسيون ماذا فعلتم ببلدكم؟) ...
التونسية حاورت
الدكتور المازري الحدّاد ....
*إحتفل الشعب
التونسي بمرور سنة على ثورته المجيدة ومع
ذلك لم تعد إلى بلادك بعد أن تحررت من حكم الطاغية .لماذا فضلت المنفى على حضن
الوطن؟
قبل الإجابة أنا أرفض مصطلح
"الثورة" المتداول منذ جانفي
2011 و الذي دخل قاموس السياسة و الصحافة. أرفض المشاركة في هذا النفاق السياسي وفي هذه الأسطورة التاريخية. رفضتها في جانفي 2011. و لن أقوم اليوم بعد مرور سنة
على هذه الفتنة التي أسقطت كل الأقنعة، بالاعتراف بها كثورة. ما حدث بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011، هي انتفاضة اجتماعية أقل
خطورة ودموية مما كانت عليه أحداث جانفي 1978 و1984. ما تسمونه انتم
"الثورة" هو غضب اجتماعي مشروع تلاه انقلاب عسكري مبرمج و موجه من قبل
جهاز المخابرات الأمريكية، تلك هي الحقيقة حتى و إن جرحت مشاعر الشعب العظيم
وأزعجت الانتهازيين والخونة. أما بالنسبة إلى عودتي إلى تونس، فقد فكرت طويلا و اخترت كرامة المنفى على خزي العودة. وبعبارة
أخرى، لقد اخترت النضال ضد الظلامية الهلالية الجديدة بدلا من
الاستكانة إلى نفوذها الرجعي.
المعركة لم تعد معركة
الديمقراطية ضد الدكتاتورية ولكن معركة الوطنيين ضد المتعاونين، بل إن الأمر لأخطر من ذلك، وأنا أعتبر أن الخط الأحمر الآن هو بين
أولئك الذين يدافعون عن السيادة التونسية وأولئك الذين باعوا البلاد واستقلالها
إلى إمارة البدو قطرائيل و أسيادها الأمريكان و الصهاينة. لن أقبل أبدا أن يحكم بلد
بورقيبة من قبل حفنة من المتعاونين الذين باعوا ذممهم للقرضاوي و حمد و موزة. لقد حاربت نظام بن علي منذ عام 1988، حاربت
عشقا للحرية، عارضت الأصولية المتعصبة تمسكا بالحداثة، إيمانا بسماحة الرسالة المحمدية الحنيفة و سموها،
وليس الآن و قد نيفت الخمسين أراني سأتخلى عن مبادئي بعد شرب الجميع من نهر
الجنون . كنت من أوائل المنفيين السياسيين في عهد بن علي، وسوف
أكون أول منفي سياسي في ولاية الفقيه
*هل أفهم من ردك أنك تتبنى
تحليل المفكر المصري طارق رمضان (هو الآخر كان بيننا بعد مواطنه وجدي غنيم) الذي
يعتبر ما حدث انتفاضة لا ثورة؟
الصواب أن طارق رمضان هو الذي
يتبنى تحليلي فكتابي"الوجه الخفي للثورة التونسية"صدر في تونس في سبتمبر
2011 شهرا قبل انتخابات 23 أكتوبر أما كتاب السيد رمضان فلم ير النور سوى في شهر
ديسمبر.
ومن باب الأمانة وحتى أكون
دقيقا فإن أول من تناول "الربيع العربي" بقراءة مغايرة للسائد هو
الفيزيائي الكندي- الجزائري أحمد بن سعدة في كتابه" Arabesques américaines " الصادر بمونريال في ماي 2011 وفيه تحدث عن تكوين ناشطين
افتراضيين على الشبكات الاجتماعية ومدونين من طرف أحزاب أمريكية ومنظمات غير
حكومية أمريكية ذات صلة بوكالة الاستخبارات الأمريكية
*كيف ترى تونس بعد عام من
الثورة على المستويين السياسي
والاقتصادي؟
بعد مرور عام على انقلاب 14
جانفي، أصبحت الحالة في تونس مأساوية بشكل واضح وفي غضون أشهر من الطفولة الثورية
المفتقرة لكل أشكال الحرفية السياسية والروح الوطنية، فقدت تونس بالفعل مكاسب نصف
قرن من الاستقلال والنضال الشاق ضد الجهل والتخلف. قبل الانقلاب، كنا نعتبر في
صفوف الدول النامية و قد أصبحنا اليوم بلدا منحطا بأتم معنى الكلمة : اقتصاد
مدمر تماما، سياسة مرتجلة ، دبلوماسية تابعة ، مجتمع منقسم و محبط، ثقافة همشها الجهلة و السوقة و الرعاع وأصابها نقرس عصور بالية. ارتدت
تونس ارتدادا فضيعا وصارت مسخا لا يمكن التعرف عليه مطلقا. السلفيون يرهبون الناس
الشرفاء وحليفتهم النهضة متربعة على عرش تونس، من كان يتصور ذلك قبل بضعة أشهر فقط
؟ حقا يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه
*نعم ولكن الإسلاميين منتخبون
ديمقراطيا من قبل الشعب التونسي في 23 أكتوبر الفارط
و لا أحد يحق
له التشكيك في شرعية الانتخابات؟
نحن لا ننازع شرعيتها لأننا
جبناء، أو لأننا انتهازيون. ليس الشعب التونسي هو الذي صوت لصالح الإسلامويين،
ولكن بدو قطر وأسيادهم في الإدارة الأميركية.
لقد جرت الانتخابات في 23 أكتوبر، تحت إشراف السلطات الأميركية وتعاون
الهيئة العليا الذليلة. هذه الانتخابات غير قانونية ونتائجها غير شرعية ، لأنها
جرت دون أدنى احترام لقانون تمويل الأحزاب. قطرائيل أغرقت خزائن النهضة بالدولارات ، مما أقصى على الفور
العديد من الأحزاب الأخرى، سواء كانت كبيرة أو صغيرة. هذه الانتخابات غير شرعية
لأن التونسيين لم ينتخبوا حكومة لتحكمهم
بل انتخبوا ممثلي مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد لا فائدة منه.
بعد الانقلاب الأول في 14جانفي
2011، حدث إذن انقلاب ثان في 23 أكتوبر 2011. الحكومة الحالية فاقدة لكل شرعية
ديمقراطية. الأطراف "المنتخبة"
كان عليها أن تهتم فقط و بشكل خاص بصياغة دستور جديد وليس الاستيلاء على
القصبة أو قصر قرطاج. لنفترض أنك على حق بأن الشعب قال كلمته و اختار بوعي. في هذه الحالة، اسمح لي أن
أقول لك إن شعبا يختارا لأصولية لا يمكن أن يكون ناضجا البتة للديمقراطية. لكن
الشعب التونسي الباسل لا تمثله هذه
الغوغائية التي صوتت لصالح الإسلامويين التي ليست أهلا للديمقراطية بل حتى
الانتماء إلى هذه الأمة التونسية العظيمة. إن الشعب التونسي أكبر من هذا
الجهل المقدس.
*في حوار سابق معك عبرت عن بعض الحذر من حكم النهضة
لتونس .هل مازلت على ذات الموقف؟
سواء كان ذلك في المقابلة التي
أجريتها معك أو في مقابلات أخرى مع
الصحافة الفرنسية أو الجزائرية، و حتى في كتابي الأخير "الوجه الخفي للثورة
التونسية،" لم أتردد عن تحذير الرأي العام التونسي من خطر الإسلامويين فأنا
كفيلسوف ومسلم، أعتبر دائما الأصولية
انحرافا عن الإسلام كعقيدة و يمكن أن تسيء للإسلام كدين ، إنها إيديولوجية مدمرة
للدين الإسلامي الحنيف. و كتونسي و وطني، أعتبر دائما الأصولية سرطانا ينخر كيان
الدولة المدنية ، و اليوم و في أكثر من أي وقت مضى ما زلت أومن بنفس المواقف
*ألا تعتقد إذن في صلاحية التيار الإسلامي المعتدل و في النموذج
التركي الذي تدعو له النهضة ؟
القول بان النهضة تستوحي النموذج التركي خرافة
خادعة تقدم لشعب جزء منه جاهل بالتاريخ و الجغرافيا و بخصوصيات المجتمعات. لم يسبق لي أن صدقت ذلك البتة. إن المواقف
السياسية تتغير باستمرار وحسب الظروف، أما
المواقف الفلسفية فتبقى ثابتة حتى و إن خالفت رأي الأغلبية. إن تسمية التيار
الإسلاموي بالمعتدل يعتبر تناقضا اصطلاحيا. فالأصولية ثيوقراطية كليانية أو لا
تكون. منذ ولادتها في مصر في عام 1928 مرورا بطالبان و وصولا لأردوغان كانت و لازالت مبادئ العقيدة الأصولية ثابتة لم
تتغير أسسها: الإسلام دين ودولة، تلك عقيدة
تأسيس الإيديولوجية الأصولية. و هكذا وبحكم التعريف، فإن الأصولية تيوقراطية في
الأساس و كليانية في المقاصد.
جسدت حركة طالبان هذا الفكر
الرجعي بحظر مدارس البنات، وإغلاق دور السينما، وتدمير البوذا الذي ينتمي إلى التراث العالمي الإنساني و
بتطبيق الشريعة الإسلامية بطريقة قروسطية ظلامية ، أما حزب العدالة والتنمية التركي فقد طبق هذه العقيدة تدريجيا، حيث غيب معالم
الجمهورية العلمانية وأعاد أسلمة
المجتمع بتغييب عقل المجتمع. و أصبح
أوردغان الجندي المطيع لمنظمة حلف شمال الأطلسي. الفرق كبير بين أصولية بن لادن
الملتحي و أصولية أردوغان المتلحف بربطة عنق، فالأول بعد الطاعة تمرد على التسلطية
الأنجلو أمريكية والثاني بعد الدمغجة أصبح خادمها المطيع تماما كالإسلام الوهابي.
يبشرون بالديمقراطية، و الذين يأملون خيرا من ذلك مثلهم كمثل أمل إبليس في الجنة.
*أثارات
زيارة وجدي غنيم جدلا بلغ حد الانقسام بين التونسيين بين مناصر له باعتباره داعية
يحدث الناس في شؤون دينهم ورافض لقدومه باعتباره باثا للفتنة بين التونسيين ، ما
موقفك من ذلك؟
أشعر بالعار و كأن وطني انتزع مني
. لكن منذ 14 جانفي 2011، أي منذ "ثورة الياسمين" الشهيرة،
والتونسيون ليسوا في حلقة الإذلال الأخيرة بل إن مسلسل الذل سيتواصل وطمس الشخصية
التونسية سيتكرر. فأين اليوم كرامة الذين قاموا بالثورة من اجل كرامتهم ؟ المنظمات غير الحكومية الأجنبية تتصرف في البلد كأنه محتل. وزراء تعينهم قطرائيل أمير البدو القطري يصرح علنا أنه يريد تعليم
الرئيس التونسي كيف يقف وكيف يصافح ملاقيه. يا للعار و الخزي. فبعد مجد الشعب
التونسي بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة و بعد إشعاع تونس صرنا شعبا يتعلم من بداوة
قطرائيل وينطبق علينا ما قاله المعري:
خسست يا أمنا الدنيا ، فأف لنا
*** بنو الخسيسة أوباش أخساء
هذا المختل المصري ليس أول من
لوث الأرض التونسية المقدسة بشكل عام والمهدية وجامع الزيتونة بشكل خاص. في ديسمبر
الماضي و لمدة ثلاثة أيام، ، عقدت في قمرت ندوة بعنوان "حملة الدفاع عن
الإسلام" و كان ضمن الضيوف العديد من
الوجوه المتطرفة من الأصولية الإسلاموية، بما في ذلك الكويتي عبد الله النفيسي.
قدم خلالها محرفو الإسلام لجمهور من الجهلة ومن المتعصبين الإسلام كما
يفهمونه. ومنذ عامين و في نفس الفندق
بتونس، نظم أستاذ التاريخ و الحضارات الدكتور محمد حسين فنطر ندوة حول
"الإيمان والعقل في خدمة الإنسانية والحوار بين الأديان". منذ عامين
فقط، كنا نناضل في تونس من اجل شمول
المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وها نحن اليوم، ننادي بالخلافة، نشرع زواج المتعة، ونناقش ختان البنات ونفرض النقاب ! أين و متى سيقف
هذا التدهور و هذا الانحطاط ؟ هل من المعقول أن نصل إلى هذه الدرجة من التخلف و
التحجر و التبلد الذهني
*يرى البعض أنه من الطبيعي أن
يأتي العلماء المسلمين إلى تونس لمناقشة مستقبل الإسلام بعد الربيع العربي؟
هذا السؤال خدعة استخدمها
الأصوليون لإلقاء اللوم و تضخيم الشعور بالذنب لدى الشعوب و المسلمين وإقناعهم
بأنهم خرجوا من الإسلام في ظل الأنظمة
السابقة ويجب تجديد إسلامهم. موقفي هو
موقف الفيلسوف والمسلم الذي يعتبر أفكاره استمرارية لفكر الكندي وابن الرواندي و أبى حيان التوحيدي
و إ بن مسكويه و ابن عربي و إبن المقفع و أبى العلاء المعري وابن رشد، وهذا هو
موقف المثقف التونسي المتجذر في فكر ابن خلدون، وابن رشيق و الجنرال خير الدين و
سالم بوحاجب والشيخ النخلي والطاهر الحداد، ... مقارنة بالإسلام الوهابي و إسلام الإخوان،
يعتبر الإسلام التونسي هو الحق. وأود أن
أذكر أن تونس لفظت الإسلام المغالي ورفضت
الوهابية منذ زمن بعيد و رفضت الإسلام المشط لأحمد بن حنبل، و ابن تيمية وابن عبد
الوهاب الذي ليس من الإسلام في شيء كما أكده حمودة باشا في 13 جوان عام 1814 ردا
على خطاب وقح ومهدد ورد إليه من قبل بن محمد عبد الوهاب في ذلك العصر، حيث طلب
الباي الألمعي و المتنور من وجهاء شيوخ الزيتونة الرد على هذا "الطائفي
والظلامي"، و كان إسماعيل التميمي وخاصة أبو حفص عمر بن أبي الفضل القاسم
المحجوب من الذين لقنوا مؤسس الوهابية درسا مهينا. وهذا يعني أنه في ظل البايات و
تحت بورقيبة أو في حكم زين العابدين بن علي كان التونسيون مسلمين وفخورين بذلك،
وكانوا حاملين لإسلام مسالم، إنساني، منفتح على العالم ومتصالح مع الديانات الكبرى
الأخرى، واليوم أصبح الإسلام في تونس بوقا
للأصولية و التطرف
و التكفير ومعاداة السامية، و
صارت تونس في طليعة الأنظمة الرجعية مثلها كمثل أفغانستان و الصومال.
*في شهر نوفمبر الماضي ، نشرت صحيفة إلكترونية صورا لك مع عدد من
المعارضين السابقين- الحاكمين الحاليين في تونس وقد طلب منك أن تعلق على هذه الصور
، لنبدأ براشد الغنوشي، قلت عنه بأنه كان صادقا أخويا مخلصا، ولكنك مع ذلك ابتعدت عن الإسلاميين لعدة أسباب
من بينها" النفاق وعدم الاعتراف بالجميل" . هل مازال هذا التقسيم صالحا
حتى اليوم؟ زعيم صالح وبطانة فيها الصالح والطالح؟
أبديت حكما أخلاقيا على رجل
عرفته في أوائل التسعينات. أما الآن، و بعد انكشاف نصرة الإسلام بقيادة ماك
كين و هيلاري كلينتون و برنار هنري ليفي أصبح راشد الغنوشي يتصرف مثل المرشد
الأعلى وأعضاء قواعد حركته يقارنونه و
يشبهونه بالنبي سيد الخلق.
بالنسبة إلي، السلطة في
تونس هي الآن بين راشد ورشيد، أي الإمام والجنرال. و الباقي هم مجرد بيادق و دمى و كما قال بن رشيق
القيرواني :
ألقاب مملكة في غير
موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد
أنا شديد النقد لراشد
الغنوشي لأنه داس على سيادة البلاد ، و
عبث بعقيدة العباد.
*هل هنأت الغنوشي بعد نجاح
النهضة في الانتخابات التي أجريت في 23
أكتوبر؟
سؤالك سريالي. لم أهنىء أحدا بنتائج هذه الانتخابات التي كان كل شيء فيها مبرمجا
حتى نتائجها كانت مقررة سلفا و غالطت الشعب و كل الوطنيين والمعارضين الحقيقيين.
*علقت أيضا على صورتك مع منصف المرزوقي الذي كان أحد
أقرب أصدقائك وذكرت بأنك تعرضت لـ"خيانته" فقد وعدك بأن تمثل المجلس
الوطني للحريات(ترأسه حاليا سهام بن سدرين) في فرنسا عند تأسيسه ولكنه أسند الخطة
لكمال الجندوبي . هل عرفت لماذا غير المرزوقي رأيه؟
المجلس الوطني للحريات هو من
بنات أفكار المرزوقي. وقد تم الاتفاق على أن أكون
ممثل المجلس في فرنسا عند تأسيسه في عام 1998، و لكن كمال الجندوبي اختير عوضا عني، هذه الخيانة هي السبب في انفصالي
عن المعارضة وقراري كسر المنفى الذي كنت فيه
و ذلك في أفريل 2000. يجب أن أذكر أن التعيين وقع و لم يمض على انضمام كمال الجندوبي إلى
المعارضة سوى ثلاث سنوات ، حيث انه كان
حتى سنة 1995، ضمن المدافعين والعاملين مع
نظام بن علي، كما كان أساتذته خميس
الشماري، وسارج عدة، ومحمد الشرفي، وسهير بلحسن
والعديد من الآخرين في خدمة النظام في أسوأ أيام الانتهاكات الجسيمة لحقوق
الإنسان وملاحقة الاسلامويين. كنت أعارض بن علي منذ عام 1988،
وكنت أناضل ضد الحصار الذي كان مفروضا على العراق الشقيق و الذي كان يتسبب
في 1000 حالة وفاة في الشهر. لقد كنت عضوا دائما في اللجنة
من أجل رفع الحصار الذي يرأسها طارق عزيز. لكن تجار حقوق الإنسان فضلوا كمال
الجندوبي علي، كان يجب وضع
"ديموقراطي حقيقي"، و مفكر بارز يحظى بتقدير كبير من قبل بعض أعضاء اللوبي في فرنسا !
* هل نجح المرزوقي في ارتداء عباءة الرئيس والتخلص من
كسوة الحقوقي؟
بالنسبة إلى جبة حقوق الإنسان، فقد ألقى بها المرزوقي منذ فترة طويلة وتحديدا عندما أسس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي يعتبر فرعا من
فروع الشركة الأم أي حركة النهضة وأصبح
بعد ذلك الواجهة العلمانية للإسلام
الاخواني و لقد سبق أن كشفت هذه الحقائق في كتابي الأول "لن تهدم قرطاج " فحقوق
الإنسان بالنسبة للمرزوقي هي الإسلام بالنسبة لراشد الغنوشي : وسيلة لتحقيق
غايات .
* كيف تقرأ سعيه إلى اتخاذ قرارات شعبية مثل الإعلان عن
بيع عدد من القصور الرئاسية و بيع الطائرة الرئاسية وزياراته الميدانية العفوية؟
هذا يعطيك فكرة عن شخصية هذا
الرئيس المؤقت وعلى نفسيته الخالدة. ليس لي أن أعلق على هذه
التدابير الشعبوية. يبدو أن قصر سيدي الظريف محبس ومحجوز
لملكة سبأ، الشيخة موزة. و في ذلك إهانة أخرى للتونسي الذي
يحتفظ رغم كل هذا العار بالكرامة
و الوطنية. إنهم يفعلون كل شيء من اجل
إرضاء قطرائيل التي كانت في عام 1971 يسكنها من رؤوس الإبل عدد أكبر من رؤوس
البدو. إن في بيع " قصور بن علي
" لأعدائه إذلالا له و إهانة للشعب التونسي . إنها قصور الجمهورية
التونسية و جزء من تاريخ شعبها لا يحق لأحد التفريط فيها للأجانب فهل باعت الثورة الفرنسية قصور ملك فرنسا
للأجانب و هل باعت الثورة الروسية قصور القياصرة للأجانب و هو ما لم تفعله الثورة
الصينية و لا كمال أتاتورك فما بال
المرزوقي.
*بصفتكم سفيرا سابقا لتونس، ما
تقولونه خطير جدا!
أعلم أنه خطير و لهذا السبب
أقوله. ولكن هذا أمر خطير بالنسبة لمن؟ أ بالنسبة إلي و أنا أشاهد تونس تغرق يوما بعد يوم، أم بالنسبة للذين
باعوا أرواحهم إلى قطرائيل و الذين استباحوا كرامة التونسي وجعلوها تحت أقدام بدو
قطر و عرابي أمريكا!
*وصفت مصطفى بن جعفر بأنه إنسان رقيق معتدل
و"حقّاني" ومخلص في صداقته. فهل مازالت صداقتكما متواصلة بعد ترؤسه
المجلس الوطني التأسيسي؟
أواصل الاعتقاد في ذلك ، رغم أنني اعتبر تحالفه مع الإسلامويين
خطأ معنويا وسياسيا جسيما. حيث كان حاسما في زعزعة موازين القوى. لقد كان من الممكن أن
يقوم بخيار تاريخي للدخول في شراكة مع الحزب الديمقراطي التقدمي لأحمد نجيب الشابي رفيق دربه
في الكفاح و النضال. لكن إغراء السلطة كان أكبر من
الإخلاص للمبدأ. وعلى عكس المرزوقي الذي يعتبر
رهين النهضة و سجينها
لأنه يدين لناخبي النهضة بأغلبية أصوات حزبه في انتخابات 23 اكتوبر، فان لبن جعفر ورقة أخرى يمكن أن يلعبها كما يقال لكنه اختار الأسوأ لنفسه و
لحزبه و لتونس.
* و الآن كيف
ترى دور بن جعفر في صياغة الدستور؟ هل تراه قادرا على حماية مدنية الدولة بصفته
المقرر العام ؟
لا أعتقد أنه سوف يقوم بدوره
على أكمل الوجوه إلى نهاية مهمته. أمهله أسابيع قليلة، وربما أشهرا قبل حصول
الانشقاق و الاستقالة من منصبه الفخري والشرفي. في جميع الحالات، لا مناص له من أحد خيارين: إما الاستمرار في دعمه لسلطة الادلجة الدينية ولسلفية الجمهورية،
أو التخلي عن تحالفه مع الأصولية ، و العودة إلى القوى التقدمية. وبدلا من استهدافه للمناضل خميس قسيلة ، كان يجب عليه الاستماع
إليه و قد أثبت قسيلة شجاعة سياسية
بمغادرته وأتباعه التكتل.
*وكيف تنظرون إلى دور معارضة "الصفر
فاصل" بعبارة خصومهم ؟
أود أن أشير أولا أن قطع رأس
حزب التجمع الدستوري الديمقراطي كان جريمة، والاعتراف بأكثر من مائة حزب هو الخطأ
الاستراتيجي الذي استفاد منه الإسلامويون
فقط. من بين أولئك الذين تحصلوا على صفر فاصل صوت أحترم
الكثيرين. أعتز بوطنيتهم وأقدر نضالهم و
ماضيهم السياسي. كانوا سيحققون أكبر النتائج لو نزلت عليهم
ملايين دولارات قطرائيل من السماء و لو بثت خطبهم كل دقيقة على قناة الجزيرة أو لو
وزعت عليهم الجمعيات الأمريكية غير الحكومية صدقاتها المسمومة. دعني أقول لك إن
نتيجتهم تعكس شرفهم ووطنيتهم و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعكس وزنهم السياسي
*كيف تفاعلت مع قرار تونس الطلائعي عند البعض بطرد
السفير السوري وقبله احتضان المجلس الوطني السوري ثم مؤتمر أصدقاء سوريا؟
لقد شعرت بهذا الطرد
بمثابة الاهانة، إهانة تضاف إلى سلسلة الاهانات التي تلحق بتونس
و التونسيين كل يوم . فهذا يدل على أن تونس لم تعد
دولة مستقلة وذات سيادة. لقد أصبحنا من منفذي المؤامرة
البغيضة التي تحاك ضد الأمة العربية، بل وحتى ضد إيران. الامبريالية تملي أوامرها إلى أميرالعمالة بقطرائيل ، الذي يحيلها
بدوره إلى الحاخام الأكبر لجماعة الإخوان شيخ الفتنة القرضاوي، والذي يمررها إلى
تلميذه وشريكه و ربما خليفته راشد الغنوشي، الذي يكررها على مسامع صهره الذي
يمليها بدوره على رئيس النهضة في قرطاج. المعركة في سوريا، ليست نضال النظام من
أجل البقاء، ولكنها نضال أغلبية الشعب السوري ضد حفنة من الخونة، المعركة في سوريا
هي معركة من أجل الشرف العربي ضد العار،هي معركة الاستقلال ضد الاستعمار الجديد هي
معركة الحداثة ضد الأصولية. إن أذناب الاستعمار يغطون
الخيانة تحت ذريعة حقوق الإنسان والديمقراطية، ولكن هذه الكذبة لن تنطلي على أحد. إن قطرائيل وتركيا تتحملان
مسؤولية سقوط مئات القتلى في سوريا، وليس نظام بشار الأسد الوطني والقومي الذي
يدافع عن وحدة أراضيه ومستقبل شعب بأكمله.
إذا كانت تونس دولة لا تزال ذات سيادة، يجب طرد سفير قطرائيل وليس السفير السوري. أما بالنسبة
لمؤتمر أصدقاء سوريا فإنه كان من باب أولى
و أحرى عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري و عدم ركوب قطار الموت القطري و تنظيم
مؤتمر لأصدقاء الرقاب
و المتلوي و بوسالم و سيدي بوزيد.
إن مؤتمر أعداء سوريا الذي
نظمته تونس تحت وصاية إمارة الأعراب يذكرنا بمؤتمر سايكس بيكو الذي فتت أوصال
الأمة العربي.
*كيف ترون مستقبل سوريا؟
الوضع السوري صعب ولكن أقل
مأساوية من مستقبل تونس ومصر وبخاصة ليبيا المنكوبة. إن أسطورة "الربيع العربي" ستقف عند أبواب دمشق رغم كيد
الكائدين. النظام السوري لن يسقط رغم استياء القوى الغربية والإسلاموية
الذيلية. إن أسلوب الثورة الفايسبوكية و الانترناتية المتبوعة بانقلاب عسكري فشل في سوريا. وقد فشل أيضا الغزو العسكري على المنوال ليبيا. إن شعب سوريا، وطني وذكي. هناك نخبة سياسية وفكرية على
وعي بالإبعاد الجيوسياسية الحالية في جميع أنحاء المنطقة.في سوريا جيش وطني مدرب وقوي.
*كنت صحافيا ولعلك مازلت، ما تعليقك على سجن مدير جريدة
التونسية بتعلة نشر صورة إعتبرتها النيابة العمومية تمس بالأخلاق العامة؟
هذا القرار لا يفاجئني على
الإطلاق. هذه مجرد بداية . معاملة الاسلامويين للصحف
الغيورة على استقلاليتها سوف تكون
أسوأ مما كانت عليه في زمن بن علي. سيشترون الصحف التي يسهل
اشتراؤها و سيتم ضرب الصحف غير القابلة للبيع و الانصياع. وسوف تمارس النهضة سياسة الجزرة و العصا تحت ذريعة الدفاع عن القيم الإسلامية و سيبدؤون أول خطوة من نضال الفضيلة ضد الرذيلة.
*أخيرا، هل ندمت بعد أن كان في
خدمة النظام القديم؟
لا على الإطلاق. لست نادما بل فخور بأن خدمت الدولة و البلاد وليس نظاما كما تقول. عملت في آخر دولة
وطنية. كان رئيسي زين العابدين بن علي و
وزير خارجية بلادي كمال مرجان. الرئيس المؤقت الحالي هو المرزوقي، ووزير الخارجية
التونسي صهر المرشد الأعلى للجمهورية و
الإطار السابق بقناة الجزيرة. ما يؤسفني في الحقيقة أمران
فقط الأول إني لم أتمكن من إقناع بن
علي ابتداء من سنة 2001 بالقيام بإصلاحات
ديمقراطية عميقة في تونس و الثاني لم أتمكن من إحباط مؤامرة أمريكية قطرائلية
ضد تونس وضد العالم العربي الإسلامي بشكل
عام.
*ماذا بعد كـتابكم "الوجه الخفي للثورة التونسية"؟
أنا حاليا بصدد كتابة كتابي
الثالث " أيها التونسيون، ماذا فعلتم ببلدكم؟ "حيث أكشف العديد من الحقائق والأسرار خاصة كل ما لم أنشره ولم
أقله في كتابي الثاني حيث لم أسرد الحقائق في كل تفاصيلها وتجنبت ذكر العديد من
الشخصيات السياسية. التونسيون لديهم الحق في معرفة
الحقيقة كاملة عن الجميع من الفايسبوكيين المتعاونين إلى الإمام الأكبر راشد الغنوشي و بارون حقوق الإنسان المنصف المرزوقي و أخيرا المهندس المعماري الكبير للانتخابات
التونسية كمال الجندوبي ... أنا لم أرفع راية الاستسلام . سأواصل نضال التنوير ضد
الظلامية، نضال الديمقراطية ضد الثيوقراطية، نضال الوطنية ضد العمالة. سأناضل بإيماني بالله و بقلمي و بولائي للوطن.
MERCI d'enlever les noms des personnes qui le demandent sinon le recours à la loi informatique et libertés pourrait vous contraindre à demander la suppression de votre blog.
ReplyDeletehttp://rsistancedespeuples.blogspot.fr/2009/03/appel-pour-le-retrait-du-hamas-de-la.html
Dans les commentaires