Pages

Thursday, December 27, 2012

Achourouk: Les Djihadistes tunisiensالجهاديون التونسيون en Syrie

الجهاديون التونسيون في سوريا : شباب.. في المحرقة!

الخميس 27 ديسمبر 2012 الساعة 09:16:52 بتوقيت تونس العاصمة


Slide 1
يوم الجمعة الماضي، 21 ديسمبر 2012 في حدود الساعة الرابعة و15 دقيقة مساء أقلعت طائرة الخطوط الجوية التركية في الرحلة عدد 664 في اتجاه اسطنبول، كانت تنقل أمّا ذهبت للبحث عن ابنها الذي سبقها الى تركيا ثم الى سوريا للقتال.


من يقف وراء تلك الرحلات؟ من يموّلها؟ الى جانب من يقاتل التونسيون في سوريا؟ ما هو عددهم الحقيقي؟ لماذا لا يعودون الى تونس؟ ما سرّ إيقاف عدد منهم وقتل البعض الآخر؟ من يقف وراء اختراق بعضهم؟

«قم ودّع اليوم الأخير»

قبل اقلاع طائرة «البوينغ» التركية بدقائق اتصلنا بإمرأة كانت متجهة الى اسطنبول، لعلها تلتحق بابنها الذي هاتفها من هناك ليبلغها بأنه متجّه للجهاد في سوريا نصرة لأهل الشام.
السيدة سنيةبن مصطفى، والدة الشاب وائل قالت ان ابنها يبلغ من العمر 19 سنة يزاول دراسته بالمدرسة العليا للتجارة (HEC) بقرطاج، وهو أصيل ولاية المنستير.
قالت انه شاب متوازن، لم يعرف عنه تطرّف أو غلوّ، كان متميّزا في دراسته.

كانت تتكلم وتقطع حديثها من حين الى آخر باكية حدّ الصراخ، قالت أيضا، لقد أصبح متدينا بعد الثورة، وكانت حياته عادية الى أن هاتفني من اسطنبول ثم يوم الاحد من أنطاكيا على الحدود التركية السورية، وكانت آخر مكالمة.
أضافت، بأنهم أبلغوها بأن الرحلة بين أنطاكيا والأراضي السورية على القدمين وقد تطول لأيام، لذلك قرّرت اللحاق به لارجاعه الى تونس ومنعه من الدخول الى المحرقة كما اسمتها.
وقالت لقد تم ابلاغها بأن عددا من الشبان الذين توجّهوا للقتال يريدون الرجوع الى تونس ولكنهم خائفون.

سألناها ممن يخافون؟ فقالت لا أدري. كانت كثيرة البكاء، وطلبت الدعاء لها ولابنها وائل بأن تتمكّن من الوصول إليه قبل دخول سوريا، لترجعه معها.
السيدة سنية أفادتنا أيضا بأن ابنها غادر رفقة ثلاثة من أصدقائه، أبلغوها بأن لهم دروس تدارك في تونس، وقالت: «لقد ذهبت مع ابني الى محطة سيارات الاجرة، وكان آخر لقاء بيننا».
كان بكاؤها لا ينقطع الا بانقطاع الاتصال بيننا، اذ أقلعت الطائرة في حدود الساعة الرابعة والربع.

مهندس الاعلامية: الجهادي المطلوب

نهاية الأسبوع المنقضي حملت الطائرة التركية عددا آخر من الشبان الذين يرغبون في القتال ضد القوّات النظامية في سوريا.
من بين الذين توجّهوا الى جبهة القتال الشاب قيس البالغ من العمر 25 سنة وهو مهندس اعلامية متخرّج حديثا ولم يتجاوز الشهر علىحصوله على عمل بمؤسسة مهمّة قيس لم يغادر الاجواء التونسية بمفرده، بل كان ضمن وفد متكوّن من 7 شبان لا يتجاوز أكبرهم الثلاثين سنة.
والدته، التقيناها بأحد الاحياء شمال العاصمة كان الطقس ممطرا، وكانت تتحدّى المطر، للالتقاء بنا لعلها تظفر بخبر عن رفض تركيا السماح للاجانب بالدخول خلسة الى التراب السوري، رغم علمها باستحالة ذلك.
والدة قيس، كانت متوتّرة، وكانت متراوحة بين أمل صغير برؤية ابنها ثانية وبين اليأس من امكانية رجوعه، خاصةبعد أن اتصل بها نهاية الأسبوع ليعلمها بأنه دخل التراب السوري وأنه لا عودة عن قراره.
لحق به والده الى اسطنبول وحاول ثنيه عن قراره، لكن دون فائدة.
والدته قالت لقد كان مغرما بتربية السمك وكان عازف قيتارة ماهرا، لم يعرف عنه أي شكل من أشكال التديّن الا بعد الثورة، وفي المدّة الأخيرة كان كتوما.

وكالة الأسفار

سألنا والدته، كيف تحصّل ابنها على تذكرة السفر ومن وفّر له المبلغ، وكيف جاءته فكرة الذهاب الى سوريا للجهاد، قالت إنها ليست على علم بكل تلك التفاصيل، إلا أن احدى قريباتها، التي بدت مطلعة بشكل جيّد بكل تفاصيل الموضوع، قالت إن تذكرة الطائرة اقتطعها صحبة أصدقائه من وكالة للأسفار وسط العاصمة.
توجّهنا الى وكالة الاسفار، واتصلنا باحدى العاملات بها، وسألناها ان كان بامكانها أن توجّهنا لكيفية الوصول الى تركيا ثم الى سوريا.
فأجابت بكل عفوية، لماذا سوريا؟ انها بلاد حرب، فقلت لها  للجهاد.

عندها تراجعت وقالت لا أستطيع، يمكنني أن أقتطع لك تذكرة مع الحجز بالطائرة في اتجاه تركيا لأي أمر يهمّك ونحن لا نسأل عن سبب السفر ولكني لا أستطيع ان أوجّهك الى أي وجهة كانت هذا فضلا عن أنني لا أنصحك بالتوجه الى سوريا.
من يدلهم وكيف يصلون؟

لكن السؤال المطروح من يدلّ المتطوّعين للقتال في سوريا، عن الطريق وعن كيفية الوصول؟
أحد أفراد عائلة شاب وصل الى سوريا، التقيناه بمقهى وسط العاصمة كان متدينا وطلب منّا عدم ذكر اسمه لحساسية الموقف وخطورته قال إنه كان من الملازمين لقريبه وكان رفقة بعض الاصدقاء يؤدون الصلاة في جامع حي الغزالة بولاية أريانة وقال إن الإمام كان دائما يحثنا على الجهاد ونصرة «إخواننا في سوريا» ضد نظام بشار الأسد وقال إن أحد الشيوخ وكانوا يلقبونه بأبي عيسى، يشجع الشباب على الجهاد في سوريا.
سألناه عمّن يوفّر المبالغ المالية للسفر وكيف تتم الرحلة، فأجابنا بخلوّ ذهنه وبعدم معرفته.

التمويل وجمعيات في الخدمة

كان من الصعب معرفة المموّل لهذه الرحلات والطريق التي يسلكها الجهاديون للوصول الى ذلك تمكنا بعد أكثر من أسبوع من الوصول الى وثائق متعلقة باستنطاق بعض الشبان من المشتبه في صلتهم «بتسفير» المقاتلين الى سوريا.
في المحضر عدد 19ـ3ـ12 بتاريخ 27 سبتمبر 2012 تم فيه استنطاق أحد المشتبه بهم من قبل الإدارة الفرعية لمكافحة الارهاب التابعة للحرس الوطني وقد حصلنا على الوثيقة المودعة بملفات قضية بالمحكمة الابتدائية بتونس.
وقد ورد باحدى صفحات المحضر على لسان المشتبه به قوله: «أؤكد لكم أنه بعد ان عرضتم عليّ نتيجة تسخير البريد التونسي بخصوص الحوالتين الوادرتين عليّ فإنني أفيدكم ان الأولى وقيمتها 710دنانير التي أرسلها إلي المدعو «م.ب.ر» فهي خاصة بتبرّع منه لصندوق «جمعية العبادلة» كقيمة قصاصات وقع ارسالها إليه للمساهمة في حملة «أغيثوا سوريا» والذي يقع منه تمويل خروج الأخوة للجهاد في سوريا..».
وفي وثيقة أخرى من نفس المحاضر ورد على لسان احد المشتبه بهم وهو «أ.ش» فإن جمعية العبادلة هي «جمعية دعوية خيرية مقرها بنزرت ومرخص لها».
بالرجوع الى الرائد الرسمي للاعلانات القانونية والشرعية والعدلية عدد 37 المؤرخ في 27 مارس 2012 فإننا نجد بالصفحة 1944 ما يفيد حصول «جمعية العبادلة الخيرية» على الترخيص بعد حصولها على وصل الايداع RR880978523TN ومن أهدافها «تقديم مساعدات مالية وعينية للأفراد والأسر المحتاجة ومساعدة المرضى وتسهيل تقديم العلاج لهم والمساهمة في أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات في الحالات الطارئة.. والعمل على نشر تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف ونصرة قضايانا العربية والاسلامية».

والملاحظ في الخطاب الاستعمال المتكرر لكلمة نصرة وهي ستكون كلمة المفتاح لاحقا.
إذن، مبدئيا، هناك عمليات تبرّع لقصاصات توزّع في الشوارع القصاصة بقيمة دينار، ثم تجمع تلك الأموال وترسل الى الشخص المعني للجمعية، ثم تقدّم الأموال لمساعدة بعض المتطوعين للجهاد في سوريا.

الوسطاء

الشخص الذي يقوم بتسفير الجهاديين انطلاقا من تونس، يقول في استنطاقه، انه تحصل على رقم شخص سوري «حمد» عن طريق شاب تونسي موجود في سوريا ضمن المقاتلين فاتصل به عبر الهاتف واتفق معه على ارسال بعض الشبان للالتحاق بالقتال في سوريا فاشترط عليه ان يكونوا محرزين على رخص سياقة حتى يتسنى لهم تسخيرهم للقيام بعمليات تفجيرية.
وقال لقد تمكنت من استقطاب «م.ج» و«م.ب» و«م» و«أ.ش» رفقة شخصين آخرين من دوّار هيشر بالعاصمة إضافة الى استقطاب 9 آخرين عن طريق شاب أرسلهم بنفس الطريقة وقال إنهم من متساكني حي التضامن.

تشجيع مالي

نفس الشخص يعترف بأن المدعو «حمد» السوري الجنسية وعده بأن يرسل إليه مبلغ 4 آلاف دولار اي ما يعادل 6 آلاف دينار تونسي كتشجيع له على ارسال المجموعات الى سوريا للجهاد، الا انه لم يف بوعوده الى حد التاريخ.
وينفي في نفس الاستنطاق تلقيه اي حوالة  بها مبلغ مالي من اي طرف من المجندين او الاشخاص السوريين او اليمنيين او العراقيين الذين يتعامل معهم على حدّ قوله.

الأئمة وأسطورة «أبو أحمد»

شخص من عائلة شاب توجه الى سوريا، قال إن بعض أئمة المساجد وبعض «الشيوخ» يحرّضون الشبان ويؤطرونهم للجهاد ثم يتم ربط الصلة بينهم وبين شخص آخر في تركيا.
من هو هذا الشخص وكيف يتم ارسال الشبان عن طريقه وكيف يتمكنون من الدخول الى سوريا انطلاقا من تركيا؟

حسب شهادات بعض الاشخاص ووفق الملفات التي حصلت عليها «الشروق» والمتعلقة بأعمال احد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس او بأعمال الإدارة الفرعية لمكافحة  الارهاب التابعة للحرس الوطني وحسب تصريحات الشخص «أ.ش» المتهم في قضية متعلقة بتسفير أشخاص الى سوريا فإن شخصا مقيما في تركيا اسمه «أبو احمد» هو الذي يتولى استقبال المقاتلين في تركيا وتوجيههم.
هناك بعض الشبان ممن قاتلوا سابقا في ليبيا ضد نظام القذافي ثم توجهوا بعد اندلاع الثورة السورية الى القتال ضد نظام الاسد بعد ان اكتسبوا خبرة قتالية في ليبيا.

وهناك شبان آخرون، يتم ارسالهم الى ليبيا وتحديدا الى معسكر «أبو فارس» لتلقي التدريبات العسكرية ثم يتم ارسالهم الى سوريا، او يعودون الى تونس ويرسلون بعد ذلك الى سوريا عن طريق تركيا.
هذا بالاضافة الى ان بعض التونسيين كانوا يقاتلون بالعراق توجهوا الى «بلاد الشام» للجهاد ونصرة أهل الشام.

طريق الموت

لكن ما هي الطريق التي يسلكها المقاتلون؟

نفس المصادر تفيد بأنه يتم انطلاقا من تونس الاتصال «بأبي احمد» الذي تبين أنه سوري مقيم في تركيا.

يتحصل المتطوع على تذكرة السفر من احدى الوكالات بتونس ثم يتوجه عبر مطار تونس قرطاج الدولي الى اسطنبول ثم من هناك يبدأ «أبو احمد» بتوجيهه اذ ينتقل المتطوع من اسطنبول الى أنطاكيا.
ومدينة أنطاكيا هي مدينة تاريخية تبعد عن اسطنبول قرابة 750 كلم وهي قريبة من البحر الابيض المتوسط، وهي مدينة تركية ومن المفارقات انها تتبع لواء الاسكندرون الذي كان تابعا لةسوريا سابقا، سلمتها فرنسا اثناء احتلال سوريا الى الأتراك منذ سنة 1939 تستعمل اليوم كقاعدة متقدمة للتمويل اللوجستي ضد النظام السوري ولتسلل المقاتلين وتدوم الرحلة بين اسطنبول وأنطاكيا ثلاثة أيام.

بعد محطة أنطاكيا

ثم من أنطاكيا الى الحدود السورية سيرا على الأقدام، وتدوم هذه الرحلة ايضا ثلاثة أيام ويتم استقبال المتطوعين من قبل بعض الاشخاص حسب الوجهة التي سيقاتل في صفها الجهادي، ومن الاشخاص المعروفين داخل التراب السوري «أبو هادي» هو الذي يتولى ايصال الجهادي الى معسكر التدريب ومن هناك تبدأ  رحلته في القتال ضد نظام الاسد.
ويعرف «أبو هادي» بأنه هو الذي يربط الصلة بين المقاتلين والجيش السوري الحر (ASL) في حين تفيد وثائق التحقيق التي حصلت «الشروق» على نسخة منها ان السوري المكنى «بأبي عبادة» هو المختص في تمرير الشباب التونسي  من تركيا الى سوريا خلسة.

أسماء سرية

ويتم التنسيق معه ايضا انطلاقا من تونس عبر برمجية السكايب (skype) وينشط باسم مستعار وهو mddh.alymn.

أما السوري المدعو «حمد» فهو ينشط على الانترنات باسم «Khalel khal» وقد تمكن عبر شبكة من الناشطين من تأطير عدد من الشبان في شبكة الانترنات ثم يتم لاحقا الاتصال بهم عبر الهاتف او عبر السكايب قبل ايصالهم الى سوريا، وينشط ايضا باسم okka.chem أبو عبادة وحمد ليست لهما صلة بالجيش السوري الحر، انما يرسلان المجاهدين الى صف «جبهة النصرة لأهل الشام» وهي المحسوبة أكثر على ما يعرف بالتيار السلفي وقد وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا على لائحة المنظمات الارهابية، ولم تعرف علاقتها بتنظيم القاعدة بعد، اذ هناك من المحللين والمتابعين من يؤكد هذه العلاقة وهناك من ينفيها تماما.

الشخص التونسي «أ.ش» نفى اثناء استنطاقه اي صلة له بتنظيم القاعدة.
وقال ان «الشبان الذين تحولوا الى سوريا يلتحقون بجبهة النصرة وكتيبة الايمان ولواء التوحيد».

جبهة النصرة

وحسب الوثائق والاشخاص الذين التقيناهم فإن أغلب التونسيين الذين يتوجهون الى سوريا يقاتلون الى صف «جبهة النصرة»، وهي الوجهة التي يدعو اليها العديد من الاشخاص في تونس من أئمة وشيوخ لذلك يستعملون كثيرا مصطلح النصرة.
ولهؤلاء تمايز على الجيش الحر، اذ يصرّح «أ.ش» بأنه طلب من «حمد» السوري توفير الحماية «للأخوة ومنع اختراقهم ووصول الجيش الحر لهم» اذ يعتبرونه مخترقا من قبل العلمانيين وقياديوه يؤسسون لدولة ديمقراطية حداثية، في حين تعمل «جبهة النصرة» على اقامة إمارة اسلامية تعتمد الشريعة دون غيرها.
وحسب نفس المعطيات فإن أكثر من سبعين بالمائة من المقاتلين التونسيين يقاتلون الى جانب «جبهة النصرة» وبقية الكتائب المتحالفة معها.
وحسب مصادر اعلامية فإن 40 بالمائة من المقاتلين الاجانب في سوريا  هم تونسيون اكثر من الثلثين منهم يقاتلون ضمن جبهة النصرة الاسلامية.

عدد المقاتلين

حسب برقية لوكالة «رويترز» للأنباء فإن ميخائيل ليبيديف (Mikaïl Lebedev) نائب المندوب الروسي بالأمم المتحدة، قال ان عدد المقاتلين الاجانب في سوريا يتجاوز 15 ألف مقاتل وكان ذلك في مارس 2012 غير أن التقرير الصادر عن مؤسسة «كيليام» البحثية في لندن، وهي مؤسسة بحث في المجموعات الاسلامية، اعتبر ان عدد المقاتلين الأجانب في سوريا في حدود 1500 مقاتل في حدود شهر سبتمبر 2012.
وتجمع أغلب التقارير لمراكز البحث وللمنظمات والهيئات الرسمية أن المقاتلين ينحدرون من 29 دولة.

التقرير الأسبوعي لمراكز البحث الأمريكية لا يختلف عن بقية التقارير ويعتبر أن عدد المقاتلين الأجانب لا يتجاوز 1400 مقاتل.
نفس المركز البحثي يفيد بأن ما لا يقل عن 33 تقريرا إعلاميا بريطانيا وفرنسيا وعربيا اتجهوا نحو هذا العدد للمقاتلين الأجانب، وقد صدر التقرير في جوان 2012.

مصادر لها صلة بما يجري على الحدود التركية ـ السورية ومصادر أخرى من تونس على اطلاع بعمليات تسفير الشباب إلى سوريا تؤكد أن عددهم يرتفع من شهر إلى آخر وقال المدون والمصور علي القربوسي ان أكثر من 300 شاب تونسي اتجه إلى سوريا منذ الصائفة الماضية، وتؤكد كلامه تقارير الصحافة التركية، هذا فضلا عن عدد المقاتلين من جنسيات أخرى وخاصة اللبنانيين الذين يدخلون سوريا للقتال انطلاقا من مدينة طرابلس اللبنانية ذات الأغلبية السنية.
وتجمع أغلب المصادر الاعلامية والبحثية على أن عدد المقاتلين يمكن أن يتجاوز 2000 مقاتل أجنبي إلى شهر ديسمبر 2012 وقد اعتبرت مصادر من الأمم المتحدة أن 40٪ من المقاتلين الأجانب هم تونسيون أي ان عددهم إلى حدود شهر ديسمبر قد يصل إلى 800 مقاتل تونسي 70٪ منهم يقاتلون إلى صف «جبهة النصرة» والكتائب المتحالفة معها أو التابعة لها، أي في حدود 560 مقاتلا.

الانسجام الايديولوجي والتمويل والفصائل

إن التونسيين الذين يتوجهون إلى سوريا ليسوا منسجمين ايديولوجيا وسياسيا ومن جهة التمويل، مثلهم مثل بقية المقاتلين، ولكنهم يلتقون حول نفس العدو أي الجيش النظامي ويتوزعون على الهياكل التنظيمية المقاتلة، وهي أساسا الجيش السوري الحر، وتعرف قياداته خلافات حادة لعدم القدرة التامة على السيطرة على المقاتلين على أرض الميدان وهو يعمل على حلّ الخلافات بين القادة الميدانيين في قيادة مشتركة.
ويضم الجيش السوري الحر المجالس العسكرية والضباط المنشقين عن نظام الأسد والألوية الثورية.

ثم جبهة التحرير السورية وهي مكونة من كتائب إسلامية يقودها أحمد الشيخ، وتنسق مع الجيش السوري الحر في العمليات.
ثم «جبهة النصرة» التي لها صلة «بلواء الأمة» وهي الأكثر تنظيما وانضباطا في سوريا إضافة إلى «لواء التوحيد» وتتمركز أساسا في المناطق الشمالية وفي الحدود مع تركيا والحدود مع لبنان تم تشكيلها أواخر سنة 2011 وأصدرت أول بيان لها يوم 24 جانفي 2012.
وكانت جريدة «لوكانار أنشييني» (Le canard enchaîné) الفرنسية قد أوردت بأن جهات قطرية وتركية وأمريكية وفرنسية لها صلة بالجبهة على الحدود السورية التركية. في حين تفيد تقارير أخرى أن السعودية تمول الجيش السوري الحر.

عقاب صقر صديق الحريري والتسجيل الصوتي

تم مؤخرا تسريب تسجيل في لبنان يكشف عن تورط رجل الأعمال اللبناني عقاب صقر المقرب من السياسي سعد الحريري. ويكشف التسجيل عن مكالمة هاتفية بين عقاب صقر ومقاتل في سوريا يكنّى بأبي النعمان، وقد نشرت جريدة الأخبار اللبنانية المقربة من «حزب الله» المساند للنظام السوري، تفاصيل  التسجيلات.

عمليات تفجيرية

بالرجوع إلى محاضر الأبحاث المجراة في القضية عدد 25202/12 أمام محكمة تونس، والتي حصلت «الشروق» على نسخ منها، فإن عددا من الشبان التونسيين يتم ارسالهم إلى سوريا لتفجير أنفسهم، إذ يقول «أ.ش» بأن حمد السوري اتصل به واتفق معه على أن يرسل إليه بعض الشبان للالتحاق «بجهة النصرة» شرط أن تكون لديهم رخص سياقة حتى يتم تسخيرهم للقيام بعمليات تفجيرية وبالفعل تمكن من ارسال عدد من الشبان.

وسيط الجهاديين عميل للمخابرات

كما تفيد نفس الوثائق بأن التونسي اتفق مع «أبو أحمد» على ارسال 10 شبان عبر مطار تونس قرطاج الدولي إلى تركيا ثم إلى سوريا، وهو ما تم فعلا، والشبان العشرة كلهم من مدينة بن قردان الواقعة جنوب البلاد التونسية على الحدود مع ليبيا «لقد علمت أنهم لقوا حتفهم هناك».
ونفس الشخص اتفق مع «أبو أحمد» على ارسال مجموعة أخرى وبمجرّد دخولها التراب السوري ألقي القبض على أفرادها من الشبان التونسيين الموقوفين حاليا لدى الوحدات الجوية للجيش السوري، وكانت التلفزة السورية قد عرضت شبانا تونسيين  ألقي عليهم القبض ونفس الشخص اتصل به «ح»  وهو من الموجودين  في العراق وأعلمه بأن «المجاهدين يرغبون في الانضمام اليهم»  أي أنهم يريدون الالتحاق بالجبهة في سوريا ولكن يريدون  أيضا «الزواج من نساء يلتحقن بهم هناك».

 من يكون إذن «أبو أحمد»

 عندما نتابع مصير  الشبان الذين يمرّون  عن طريق وساطته ويكون هو على علم فإما أن يتم إلقاء القبض  عليهم من قبل النظام  السوري بمجرد  تجاوزهم  الحدود التركية أو أن يتم قتلهم  فشبان بن قردان  لقوا حتفهم بعد أن توسط في دخولهم وهو ما يرجح فرضية علاقته  بالمخابرات التركية والسورية على حدّ السواء وما يدعم  هذه الفرضية  هو تصريحات عدد من الشبان الذين قاتلوا في العراق أو توجهوا إلى سوريا أو الذين  يتم التحقيق معهم في تونس إذ ورد  بالمحضر عدد 18ـ3ـ12 بتاريخ 27 سبتمبر 2011  أنه تبين بأن«أبو أحمد» يعمل لصالح المخابرات السورية وقد قطع عدد من الوسطاء والشبان الصلة به إلا أن البعض الآخر مازال يتعامل معه.
 وتشير كل القرائن إلى أن «أبو أحمد» هو عميل للمخابرات  السورية لذلك فإن اعتقال أو قتل من يدخل سوريا عبر وساطته ليس عسيرا.  والشبكة كما وصفها «أ ـ ش»  المكونة من الأطراف السورية الرئيسية  المختصة في تسفير التونسيين للجهاد بسوريا هم «كل من أبو أحمد وحمد» إضافة  إلى شخص آخر يدعى زياد السوري وآخر يدعى  دعاء مهمته إدخال الشباب التونسي من الحدود التركية إلى سوريا».

 مسؤولية الدولة

 العديد من العوامل  تجعل بعض الشبان يتوجهون إلى الجهاد سواء كانت موضوعية أو ذاتية بين من يؤمن فعلا بفكرة الجهاد والدفاع عن خيارات ومبادئ  وأمثولات فكرية ودينية  وبين من تقاطعت العديد من الظروف الاجتماعية والشخصية والاقتصادية والسياسية والعائلية لتجعل منه مقاتلا في سوريا.  عند استنطاق  أحد الأشخاص الذين يمثلون ركيزة لتسفير  الشبان التونسيين إلى سوريا قال «إنه  لم يكن على علم  بأن ذلك العمل يشكل مخالفة للقوانين  خاصة وأن الدولة التونسية وعن طريق مسؤوليها بمن فيهم رئيس الجمهورية عبرت عن مساندتها للشعب السوري وذلك بالتصريح مباشرة بهذا الموقف أو بقطع العلاقات الديبلوماسية  مع النظام»  فضلا عن المشاركة في المؤتمرات والمقصود  بها ما يعرف بأصدقاء سوريا إضافة  إلى ذلك فإن  أحد المحامين أثناء دفاعه عن منوبه أمام قاضي التحقيق في قضية تسفير شبان إلى سوريا يقول «إن ما قام به منوبه من أفعال يندرج  في إطار التوجه العام للحكومة في تونس من مساندة للشعب السوري»  وبهذا المعنى فإن المواقف الرسمية تم تشفيرها لدى العديد من الشبان على أنها رسائل لا تمانع في ذهابهم  إلى سوريا للقتال هناك.

 سوريا المحرقة

 كل التقارير  الواردة من جبهة القتال تؤكد بأن سوريا أصبحت محرقة حقيقية وأن الحسابات  بين الدول خاصة قطر والسعودية إضافة إلى تركيا وفرنسا وأمريكا وروسيا والصين وإيران هي الطاغية على المشهد مما جعل العديد من الشبان التونسيين الذين لا يتجاوز معدل أعمارهم 25 سنة وعلى أقصى تقدير 30 سنة يكونون وسط  تلك المحرقة  فيكون مصيرهم  مجهولا، وهناك تقارير تفيد بأن الجرحى منهم يقتلون  وأن عمليات دفن من يقتل  في الجبهة صعبة وعسيرة جدا إضافة إلى التعذيب الرهيب الذي يتعرض له من يقع أسيرابيدجيش  أو بوليس بشار الأسد.

 عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية للدفاع  عن حقوق الانسان قال لـ «الشروق» إنه راسل  وزارة الخارجية في هذا الصدد وسيراسل قريبا وزارة الداخلية لإيجاد  حل حقيقي لمشكل توجه الشبان للقتال في سوريا وقال  إن الرابطة تتابع  هذه القضية بإنشغال  وانها على صلة ببعض العائلات.

 إن عددا من المقاتلين التونسيين يتم استعمالهم في معادلات الربح والخسارة  بمعناها المادي الضيق وفي معادلات  سوق السياسة وطنيا ودوليا بقطع النظر عن مدى اقتناعم بالقضية.

مكاملة هاتفية حول تمويل المقاتلين

فحوى المكالمة الهاتفية التي جرت بين رجل الأعمال اللبناني عقاب صقر ومقاتل في الجبهة السورية «أبو النعمان»، مأخوذة من جريدة الخبر اللبنانية

أبو النعمان: «السلام عليكم».

عقاب صقر: «وعليكم السلام تفضل».

أبو النعمان : «يا أستاذ عقاب نحن جماعة مزنوئين كتير ومحاصرين، ويعني ما في يوم يومين بتسقط المنطقة عنّا يعني قصف طيران ومدفعية فوزديكا ما في محور من المحاور الا وعمبيضربونا منو فرجاء ساعدونا بدنا سلاح».

عقاب صقر: «تفضل قلّي السلاح اللي بدك شو يعني تحديداً شو الكميات؟».

أبو النعمان: «يعني الحقيقة بدنا شي 300 حبة آر بي جي وعشرين قاذف واذا امكن توفير 250 ألف طلقة روسية ، و300 بارودة على سلاح نوعي اذا في مجال».

عقاب صقر: «كل هول لأي منطقة بدكن ياهن تحديداً»؟

أبو النعمان: «أعزاز تل رفعت عندان وريف حلب بالكامل وانت عرفان شو عمبيصير عنّا يعني. من مبارح صار فايتين علينا من ثلاث محاور تقريبا من ادلب (…) ومن جوا حلب عمبيطلعولنا شبيحة».

عقاب صقر: «طيب مين بدو يستلم وين بدو يصير التسليم كيف بدا تتم العملية؟».

أبو النعمان: «هو التسليم متل العادة بيقسموهن… بيكون هونيك أبو البراء مع الشباب والسيارات بيستلموهن وبوجهن على حلب، بس بدنا بأسرع وقت ممكن لأنو بتعرف الحاجة كبيرة والقصف شغال والمجاميع مفرقة ذخيرة ما في ، يعني الشباب كل واحد يا دوب معاه مخزن مخزنين وبتعرف الاستهلاك كبير فدبرونا بأي طريقة من الطرق الله يخليك . ما بعرف شو بدي قلك ما في من بعد الله الاّ غيركن».

عقاب صقر: «إنت رح تكون على التسليم؟».

أبو النعمان: «لا أخوي بيكون أبو النور مع الشباب والسيارات متل العادة بيستلموا منك».
ـ انتهى ـ
منجي الخضراوي

No comments:

Post a Comment