الحقوقي أحمد المناعي في حوار شامل
النظام السوري على أبواب إعلان الانتصار خلال شهر أو شهرين
ماي 10, 2010
عن
الملف السوري والغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا، عن حدوث حرب من
عدمها وعن دور جيران سوريا وإيران وروسيا وأمريكا ودولة قطر في ما يجري من
أحداث في الأراضي السورية وتعاملهم معها، عن الحملة المشنة ضد الأمين العام
لحزب الله الحسن نصر الله وعن الموقف من أحداث الشعانبي وغيرها من المسائل
تحدثنا مع الحقوقي والمعارض السياسي ورئيس المعهد التونسي للعلاقات
الدولية و عضو بعثة المراقبين العرب إلى سوريا الدكتور أحمد المناعي وكان
معه الحوار التالي:
أجرت الحوارهدى القرماني
يقول البعض بأن ما يحدث الآن في سوريا هو بداية سقوط النظام السوري وبداية حرب..فكيف تقرأ أنت ما يحدث..؟
هذا غير صحيح وإذا ما سقط نظام
بشار الأسد فستسقط سوريا وهذا لن يحدث لعدة أسباب موضوعية. فبالرغم من أنها
استهدفت لأكثر من سنتين ودخلها المرتزقة والإرهابيون من كل أصقاع العالم
بتمويل وتدريب أجنبيين وبمساعدات لوجستية من بلدان المنطقة كاملة سواء من
لبنان أو تركيا أو الأردن، حتى أنهم أصبحوا يمثلون 60 بالمائة من جملة
المقاتلين هناك وتمكنوا من تدمير جزء كبير من البنية الأساسية لسوريا في كل
القطاعات وخاصة في مدينة حلب أكبر مدينة صناعية في كامل الشرق الأوسط
وتفكيك أكثر من 1200 مصنع لصالح تركيا، بالرغم من كل ذلك مازالت الدولة
السورية قائمة والنظام صامدا ويرد الضربات بقوة وذلك لأن الجيش السوري أثبت
أنه جيش وطني متماسك لا تحكمه الطائفية والمذهبية والقضايا الدينية بصفة
عامة تحت قيادة يعتبرها شرعية.
وهو يصنف من أفضل الجيوش
العربية على الإطلاق ويحتل المرتبة الأولى مقارنة بالبلدان التي في حجم
سوريا والأكبر حتى منها لأنه يعيش في حرب حقيقية لأكثر من سنتين.
وإلى جانب ذلك فهناك تأييد
ومساندة من قبل أغلبية الشعب السوري بكل فئاته وأديانه للنظام السوري، وإن
ضعفت شعبية بشار الأسد في البداية فإنها حاليا عادت من جديد وأصبح يعتبر
رجل المرحلة. كما انفتحت الحياة السياسية أكثر في سوريا وتأسس 22 حزبا
معارضا والحياة الجمعياتية أصبحت بدورها أكثر نشاطا وحيوية.
وأنا أعتقد أن النظام السوري هو
على أبواب إعلان الانتصار وسيقع القضاء عسكريا على الجماعات المسلحة خلال
شهر أو شهرين على أقصى تقدير.
ما كان الهدف في اعتقادك من الغارات الإسرائيلية الأخيرة وهل حققت الغاية المرجوة منها...؟
ما يقع الترويج إليه من أن هناك
أسلحة كانت موجهة لحزب الله هو غير صحيح بل ما وقع استهدافه هو مركز علمي
للبحوث تابع للجيش السوري وأيضا مركز تصمم فيه قيادة الدفاعات الجوية.
والهجوم الإسرائيلي الأخير كان
فقط لغاية مساعدة المقاتلين الذين كانوا حوالي دمشق وتسهيل دخولهم إلى
سوريا لما اعتبروه المعركة النهائية ومزيد إضعاف وتشتت النظام السوري
فانهارت الخطة بأكملها.
وحتى يسقط النظام السوري يجب أن
تقوم حرب إقليمية وحتى أوسع من ذلك وتنهار هذه المجموعة المتركبة من إيران
وسوريا والعراق حاليا والمقاومة اللبنانية وجزء من المقاومة الفلسطينية،
وإذا ما أصبحت إقليمية فستنهار روسيا ومن وراءها أيضا. ولا أعتقد ذلك كما
لا أعتقد حدوث أي تدخل أجنبي الآن في الأراضي السورية لأنه سيجر إلى حرب
عالمية.
وحاليا لا تمتلك أي دولة في
منطقة الشرق الأوسط كاملة بما في ذلك إسرائيل وتركيا القوة التدميرية
للصواريخ السورية فسوريا عوضت ضعفها في الطيران بقوة صاروخية هي الأولى من
نوعها. وحسب تصريحات الأمين العام لحزب الله الحسن نصر الله فلحزبه قوة
صاروخية لها من القوة التدميرية أيضا ما لا يمكن تصورها وقد مرت من سوريا
دون فطنة من إسرائيل.
يجب الاتفاق إذا على أن الحرب
في سوريا ليست أهلية أو طائفية كما يريدون إقناعنا هي فقط حرب استعمارية
جديدة تولاها بالوكالة سوريون ومقاتلون أجانب والإعلام الدولي لعب على عنصر
الطائفية. كما يجب الإقرار بأن الإعلام الغربي فيما يخص سوريا هو كاذب
وإعلام دعاية وأخل حتى بأبسط القواعد المهنية. وأنا أقر بأنه ربما وقع في
البداية إرباك للإعلام السوري لكنه الآن إعلام ينقل الحقيقة كما هي وينسب
الأشياء إلى مرتكبيها.
وسوريا في الواقع دولة قوية ولو
ما حدث فيها وقع في الولايات المتحدة الأمريكية التي هي أقوى دولة في
التاريخ لانهارت ولانهارت فرنسا أيضا في شهرين على أقصى تقدير. كما أننا
يجب أن نتأكد من أن أمريكا لن تدخل مجددا في حرب مباشرة مع أي دولة وتضحي
بجنودها مجددا فقط يمكنها المساعدة بالعتاد.
ولكن هذا لا ينفي وجود انقسامات داخل الجيش السوري وداخل الشعب السوري أيضا كما نشاهد ذلك اليوم..؟
أتركوكم من الإعلام، فإذا كان
هناك بعد سنتين من يزال يصدق ما يعرض في وسائل الإعلام العربية المعروفة أو
الوكالات والقنوات الأجنبية فهو على مستوى عال من الغباء. فالواقع أن هناك
كذب وبهتان على الوضع في سوريا من أكثر المصادر الإعلامية.
ويمكننا اليوم ملاحظة عدد
الجماعات التي سلمت نفسها إلى النظام السوريحيث قام 360 مسلح منذ
أيامبتسليم أنفسهم. والوضع الميداني العسكري الحالي في سوريا لم يكن في يوم
من الأيام أفضل مما عليه اليوم.
توقع البعض ردة فعل من
الرئيس السوري بشار الأسد على الغارات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي
السورية فكيف قرأت تعامل القيادة السورية مع هذه الغارات..؟
إذا كان هناك من ينادي ويطالب
النظام السوري بالرد المباشر والارتجالي على هذه الضربة فهو على غباء كبير
حتى أنه كان بالإمكان تفادي ما تعيشه سوريا من أحداث الآن قبل وقوعها.
فالحرب في المنطقة ضد إسرائيل
تحتاج على الأقل إلى أمرين، تحتاج إلى مصر وإلى سوريا مع مدد من العراق
وهذا ما حصل في سنة 1973 ولكن بعد خروج مصر من اللعبة انتهت قضية الحرب.
والقول بأن على سوريا أن ترد
على إسرائيل التي سبق أن هاجمتها قبل هذه المرة فهذا يعني أنها تتجه نحو
الانتحار وهذا في الحقيقة ما كانت تنتظره إسرائيل التي تسعى إلى إحراج
النظام السوري أمام شعبه وأمام المعارضة والجميع ليرد الفعل وتقع حينها
الحرب وتتحول من حرب إسرائيلية سورية إلى حرب إقليمية ومباشرة سوف يدخل
حينها حزب الله وستلحق به بعد أيام إيران وستتأجج المنطقة بأكملها.
لذلك كان تصرف بشار الأسد حكيما
وقد أرسل رسالة إلى أمريكا عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلمهم فيها
أن القيادات الميدانية السورية لها أوامر للرد مباشرة على أي هجوم إسرائيلي
دون انتظار أية أوامر رئاسية.
يرجع البعض السبب وراء
الغارات الإسرائيلية على سوريا محاولة لجلب إيران إلى مسرح المعركة والبعض
الآخر يقول بأنها محاولة لمراجعة إيران لحساباتها في المنطقة. فما الذي
يراه الحقوقي أحمد المناعي..؟
إيران هي في مسرح المعركة أصلا
ولو لم يكن يوجد الدعم الإيراني لسوريا لسقطت هذه الأخيرة ماليا لأن إيران
تقوم بدعمها ماليا ولذلك فالليرة السورية هي في وضعية مريحة وثابتة أكثر
حتى من الدينار التونسي. وسوريا تحتاج تمويلا وليس مساعدات عسكرية وقد يكون
حزب الله قد ساهم بعمليات في المدة الأخيرة على الحدود السورية اللبنانية
في القصير كما تولى في وقت من الأوقات حماية مقام السيدة زينب في ريف دمشق.
لكن الجيش السوري لا يحتاج إلى مقاتلين من حزب الله لأنه يتكون من 385 ألف
جندي.
أما في ما يتعلق بتغيير إيران
لحساباتها فهذا لن يقع لأنها لو فعلت ذلك فسيكون استسلامها ونهايتها.
وإيران ليست كباقي العرب وقد تكون هي والصين لهما أكبر طاقة للتفاوض إلى
أبعد الحدود فهي منذ 1979 وهي صامدة ولم تتراجع حتى قبل امتلاكها لبرنامج
نووي والآن بذاك البرنامج وبالضغوطات الكبرى المالية والتجارية لا يمكنها
الاستسلام والرجوع إلى الوراء. ولو سلمت في نظام بشار الأسد فتكون قد انتهت
كدولة.
وروسيا نفس الشيء فهي كانت نسيا
منسيا وما أرجعها إلى الساحة الدولية هي الأزمة السورية وأصبحت عبرها تلعب
الدور الأول في المنطقة ولذلك لن تتنازل.
تزامنا مع الأحداث الأخيرة في سوريا شنت مؤخرا حملة شعواء على الأمين العام لحزب الله الحسن نصر الله فما حقيقة ذلك..؟
لتقويض العالم العربي هناك
طريقتان، طريقة التدخل المباشر للقوى الكبرى مثلما حدث في العراق والطريقة
الثانية هي أن تدمر المجتمعات من الداخل وتكثر الدعاية والإشاعات وتوجه
لذلك وسائل الإعلام. وأول ما ابتدأت هذه الطريقة في ليبيا حيث بثت إشاعات
عن أن العقيد معمر القذافي يقصف شعبه وفي الأخير تبين أنه لم يفعل ذلك
وتعرضت ليبيا إلى أكبر بهتان سرمدي وتحول الشعب الليبي إلى 300 قبيلة وعرش
ودخلوا في قتال وتناحر.
والآن يحدث نفس الشيء فتقويض
تماسك الشعوب يتم عن طريق خلق العداوات فأرادوا أن يجعلوا هذه المنطقة
مقسمة إلى شيعة من ناحية و سنة من ناحية ثانية وحاولوا الإقناع بأن الشيعي
هو عدوهم وليس الصهيوني ورأينا كيف هللت وكبرت بعض الجماعات بضرب مواقع
سورية.
والحرب التي يجهزون لها الآن هي حرب بين من يسمون بالهلال الشيعي تحت قيادة إيران والهلال السني تحت قيادة تركيا واوردغان.
وهذا التخطيط لتقسيم سوريا إلى
طوائف كان منذ السابق وكان في البداية مخططا بريطانيا تبنته في 1982
إسرائيل وفي التسعينات تبنته كونداليزا رايس وقامت بتوسيعه على كامل منطقة
الشرق الأوسط لخلق شرق أوسط جديد. وهو مخطط استغلت فيه الدوائر الاستعمارية
القديمة والجديدة فرصة الثورات العربية لتنفيذه والانتفاع منه. وأخيرا قبل
5 أو 6 أشهر قرأت مقالا تحليليا لهذه العملية وكيف وقع التخطيط للاعتداء
على سوريا من جيرانها وخاصة الأردن وبصورة أقل تركيا وتقسيمها فيما بعد إلى
4 أو 5 دول.
وكلنا نسمع في كل مرة منذ بداية
الأحداث في سوريا بسقوط ورحيل بشار الأسد قريبا من قبل العديد من الرؤساء
حتى أن هناك من بحث له عن بلد يلتجأ إليه ولكن الأسد مازال صامدا ويتنقل في
بلده رفقة زوجته حتى أنه حضر خلال الأسبوع الفارط احتفالين في سوريا.
أعلنت أمريكا أنها لم
تكن على علم بالغارات الإسرائيلية على سوريا وأنه تم إبلاغها بها بعد
حدوثها. فهل هذا يعني أن القرار قد اتخذ من طرف إسرائيل فقط دون أن يكون
لأمريكا يد فيه..؟
في مثل هذه القضايا مثلما
تستشير سوريا حليفها الأكبر روسيا فإسرائيل نفس الشيء تقوم باستشارة
أمريكا. قد تقصف قطاع غزة أو لبنان من غير استشارة أمريكية ولكن لا أظن في
حال سوريا لأن الاعتداء عليها قد يوصل المنطقة كاملة إلى حرب لذلك فمن
المؤكد أن تكون على علم بذلك.
يتحدث الكثير اليوم عن دور قطري فيما يحدث في المنطقة فهل تؤيدون ما تذهب إليه هذه الأطراف...؟
هذه البلاد تنفق عشرات
المليارات حتى أنها أرادت دفع 100 مليار لتركيا مقابل احتلالها للأراضي
السورية لكن كان سينتج عن هذا احتلال روسيا لتركيا.
وهذه الرغبة في احتلال سوريا هي
ناتجة عن مصالح كبرى فالغاز الذي اكتشف في هذه المنطقة، والذي يجعل من
سوريا في خلال الأربع أو الخمس سنوات المقبلة القوة الأكبر على مستوى إنتاج
الغاز، هو ما يدفع بهؤلاء نحو احتلال سوريا خاصة وأن النفط هو في تراجع
وسيتوقف في يوم من الأيام وسيسيطر بالتالي من يملكون الغاز على سوق الطاقة.
إضافة إلى ذلك هم يستخدمون
الجانب الديني والإيديولوجي في مشاريع سياسية استعمارية فأرادوا ضرب
العلويين بوصفهم كفرة على خلاف اليهود الذين هم إخوانهم ومن أهل الكتاب.
طالبت بضرورة مراجعة السياسة التونسية تجاه الملف السوري فأي مؤاخذات لديك على السياسة الحالية تجاه سوريا..؟
أنا طالبت بذلك منذ مدة ولكن
الآن العديد من الأحزاب والمنظمات الحقوقية يطالبن أيضا بذلك وبإعادة ربط
العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، فيجب أن لا ننسى أبناءنا هناك. وسياستنا
الخارجية لم تتسم بروح المسؤولية بل كانت مرتجلة وخاضعة وتزامنت مع وقوع
مجزرة في حمص، أرادوا القضاء من خلالها على النظام السوري، ومع اجتماع مجلس
الأمن على الملف السوري ومطالبة الكثير من بلدان الجامعة العربية بسحب
سفرائها وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الشقيقة سوريا فكان اتخاذ هذا
القرار.
وما تأثير الأحداث السورية على تونس الآن..؟
أرى أن أغلب الرأي العام قد غير
نظرته تجاه النظام السوري وأصبح يتعاطف مع شق بشار الأسد بعد أن أكتشف أن
أطرافا تستخدم الدين ودنست كل ماهو حسن في الإسلام لخدمة أغراض حكومات ودول
أجنبية. والرأي العام تغير وسيتغير أكثر فأكثر في المستقبل حين يعلن الأسد
عن القضاء نهائيا على كل خطر عسكري من قبل المسلحين.
لكن من جهة أخرى حين يذهب
المئات من التونسيين إلى سوريا باسم الجهاد والذهاب إلى الجنة ويرتكبون
أكبر الجرائم هناك بتفجير المستشفيات والكليات فنحن نصبح بالتالي نخشى عودة
من سيبقى منهم على قيد الحياة وهو مدرب على القتل وارتكاب الجرائم.
وأولياء هؤلاء الآن ينظمون ويجمعون أنفسهم لمطالبة الحكومة التونسية بتحمل
مسؤوليتها في ذلك.
وهؤلاء المغرر بهم نجد فيهم من
هم مخلصون وأوفياء لمعتقداتهم وذهبوا اعتقادا منهم لنصرة إخوانهم ومقاومة
نظام فاسد كما نجد من هم مفعول بهم ووقعت دمغجتهم من قبل شبكات إقليمية
تسعى لتخريب تونس مستغلة سذاجة بعض الشباب والأشخاص الأكثر استعدادا
للتأثيرات وتقوم بإيصالهم إلى ليبيا ومن ثم تنقلهم إلى تركيا ليدخلوا بعدها
إلى الأراضي السورية..
ومن المعروف أن الجهاد هو من
أجل الأوطان ولكن ما يسمونه جهادا الآن في سوريا هو أبعد ما يكون عن ذلك بل
هو غباء من قبل من يذهبون معتقدين ذلك وتحيل من قبل من يرسلونهم إلى
هناك.وحاليا تراجع عدد المرسلين إلى الأراضي السورية لأنهم أدركوا أن
القضية حسمت في سوريا وسيتأكد ذلك بعد أسابيع قليلة وأن المعركة التي
سينتصرون فيها ويعلنون خلالها إمارة المسلمين في دمشق قد انتهت.
و بالنسبة لي فمهما كانت قوة
هذه الشبكات فنحن في دولة عرفت عبر التاريخ بأنها دولة محكمة بإحكام وأنها
بلد بوليسي وقائمة على رجال أمن وإذا أراد هؤلاء أن يقوموا بواجبهم الآن
على أحسن وجه فسيتوصلون إلى نتائج جد إيجابية ولكن من المؤسف أن لا توجد
قيادة سياسية تتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن وتقاوم وتردع الإرهاب. وأولى
مسؤوليات أي دولة مهما كان نوعها هو حفظ أمن مواطنيها والأجانب الذين
يقطنون بها وضمان أمن حدودها وهذا مع الأسف غير موجود في بلدنا اليوم.
أحداث متسارعة نعيشها في منطقة الشعانبي من ولاية القصرين فكيف يعلق أحمد المناعي على ما يحدث..؟
أرى غيابا للدولة على المستوى
الأعلى وعدم توفر كما ذكرت سابقا للإرادة السياسية فلا توجد صعوبة في
القضاء على هاته الجماعة الإرهابية خاصة وأنهم حوصروا في مناطق حدودية ولا
يمكنهم الهروب فالأمن الجزائري ينتظرهم على مستوى الحدود الجزائرية وهم
لديهم من الخبرة والدراية في التعامل معهم بوصفهم سبق وأن عاشوا تجربة
مريرة معهم. كما أنه يكفي يومين لتمشيط المنطقة وتحديد أماكن هؤلاء
الإرهابيين حتى يقضى عليهم حتى ولو تطلب ذلك قصفهم من مدينة أخرى.
أما بالنسبة لجيشنا الوطني فهو
معروف تعداده وإمكانياته وتنقصه التجهيزات المتقدمة وعدم التجربة فيما
يتعلق بقضايا الإرهاب لأنه طيلة 20 سنة والقضايا الأمنية داخل الحدود
يتولاها رجال الأمن والحرس الوطني، وبالرغم من ذلك فهو يقوم بما في وسعه
ويقدم التضحيات، كما أنه أنهك من استمرار حالة الطوارئ لأكثر من سنتين في
حين أنه لم يعد هناك موجب لاستمرارها وإنهاك الجيش أكثر والأمن قادر على
السيطرة على الوضع الحالي.
وللتذكير فاستقالة وزير الدفاع
السابق عبد الكريم الزبيدي جاءت على خلفية أنه وقع الاتفاق على رفع حالة
الطوارئ وكان في انتظار الإعلان عن ذلك رسميا لكنه تفاجأ بعد ذلك بإعلان
رئيس الجمهورية مواصلة حالة الطوارئ فخير حينها الاستقالة من منصبه.
وهل أنت متفائل بالمرحلة القادمة ...؟
أنا بطبعي متفائل لكني في نفس
الوقت موضوعي وعقلاني والبلاد ليست في وضعية طبيعية فاقتصادها منهار
والحكومة ليس لديها أي برنامج لتكمل به هذه السنة كما توجد كذلك تجاذبات
كبرى بين الأحزاب وبين السياسيين وهناك عجز للمجلس الوطني التأسيسي الذي لو
تمكن من إنهاء صياغة الدستور لأخرجنا من هذه الورطة وكل هذا صراحة لا
يطمئن. وبلادنا تحتاج الآن إلى كلمة صدق من مسؤوليها على جميع المستويات.
ولا يمكننا التحدث الآن عن مشهد
سياسي مستقر في تونس إلا بعد خمس سنوات تقريبا عن الانتخابات المقبلة
وسيبرز حينها الحزبين أو الثلاثة أحزاب الكبرى التي سوف تسيطر على الساحة
وتتبادل الحكم.
نشرت في
حوارات و تحقيقات
No comments:
Post a Comment