17-05-2013-20:41: معهد واشنطن ينشر دراسة حول ‘’المواجهة بين الحكومة التونسية وجماعة أنصار الشريعة’’
| |||
تونس-
افريكان مانجر
نشر مؤخرا
معهد الدراسات الأميركي "معهد واشنطن" ورقة دراسية عنونها "مواجهة بين الحكومة التونسية
وجماعة أنصار الشريعة" وأنجزها الباحث الأميريك هارون ي. زيلين بمعهد واشنطن.
وتأتي هذه
الدراسة بالتزامن مع التطورات والتصعيد الذي يشهده الطرفان منذ اندلاع ازمة أحداث
جبل الشعانبي بالأساس منذ أسبوعين والتي أدت إلى اصابات خطيرة بين صفوف رجال الأمن
والجيش على اثر انفجار ألغام كان زرعها ارهابيون، وفق وزارة الداخلية التونسية.
"هجوم
قمعي"
وجاء في هذا التقرير أنه في يومي 10 و11
ماي، شنت قوات الأمن الداخلي التونسي والشرطة هجوماً قمعياً غير مسبوق على "جماعة
أنصار الشريعة في تونس" -- الحركة السلفية المحلية في البلاد، في إجراء قمعي تجاه
أعضائها الذين كانوا يلقون محاضرات عامة أو يوزعون كتبهم في الشارع. ورداً على ذلك،
وجه قائد "جماعة أنصار الشريعة في تونس"، أبو عياض التونسي تهديداً خفياً
بأن الشباب سيدافعون عن الإسلام في تونس كما فعلوا في أفغانستان والبوسنة والشيشان
والعراق والصومال وسوريا -- في تحذير غير مباشر باحتمال بدء جهاد محتمل بكل ما تحمله
الكلمة من معاني. وهذا التصعيد ربما يحمل بين طياته تغيراً كبيراً في إستراتيجية أبو
عياض العامة على مدار السنتين الماضيتين، والتي أكد خلالها على أن تونس هي أرض
"الدعوة" (أي التبشير وما يرتبط به من أنشطة التوعية الإسلامية)، وليست بلاد
الجهاد المسلح. وربما يحدد المؤتمر السنوي الثالث لـ "جماعة أنصار الشريعة في
تونس" الذي سيقام في القيروان نهاية هذا الأسبوع ما إذا كانت الحادثة الأخيرة
ستصبح نقطة تحول نحو قيام صراع مفتوح أم أنها فرصة لتراجع كلا الطرفين.
لماذا الآن؟
وبات من غير الواضح ما إذا كانت الإجراءات
الحكومية ستقود "جماعة أنصار الشريعة في تونس" نحو الاحتراب أم أن الجماعة
تنتظر الفرصة السانحة لشن الجهاد منذ نشأتها. غير أن المشكلة تعقدت بشكل إضافي بسبب
الرسالة المزدوجة من "جماعة أنصار الشريعة في تونس" المتمثلة في عمل أعضائها
كدعاة في الوطن بينما يؤيدون الجهاد في الخارج ويسمحون لأعضاء الحركة بالقتال إلى جانب
الجماعات المتطرفة في سوريا والجزائر ومالي ومناطق نزاع أخرى. وعند قيام أعضاء الحركة
بالدعوة في تونس فهم يستخدمون في ذلك المؤلفات السلفية السائدة في السعودية، لكن صفحة
الفيسبوك الرسمية للجماعة تتضمن محتويات تابعة لـ تنظيم «القاعدة» وجماعة المجاهدين
السورية "جبهة النُصرة" والأيديولوجيات الجهادية العالمية المعروفة. وقد
تنهار هذه الاستراتيجية ثنائية الاتجاه تحت الضغط المتزايد من تونس.
استعراض
إن توقيت استعراض الحكومة للقوة من المحتمل
أن يكون ناتجاً عن العمليات المستمرة في شمال غرب منطقة جبل شامبي على طول الحدود مع
الجزائر حيث تأمل تونس في إخراج "كتيبة عقبة بن نافع" المسلحة والمرتبطة
بـ تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». لقد كانت الكتيبة تستخدم المنطقة لتخزين
الأسلحة والتدريب؛ واكتشف وجودها عند إصابة أكثر من عشرة أشخاص من أفراد الأمن التونسي
بجروح بسبب الألغام. ونظراً لعدم حدوث تقدم في العثور على هذه العناصر المسلحة والتعاطي
معها، فإن الحكومة تتعقب الآن "جماعة أنصار الشريعة في تونس" لتظهر أن بعض
الأمور تحت سيطرتها، متحججة في ذلك بأن بعض أعضائها قد يكون له صلة بـ تنظيم «القاعدة
في بلاد المغرب الإسلامي».
وتتعارض هذه الجهود مع أسلوب التربيت على
الكتف والمنهج الأكثر ميلاً إلى الاسترضاء الذي استخدمه "حزب النهضة" --
وهو التيار الإسلامي الحاكم في تونس -- مع السلفيين في الماضي. وقد زاد استعداد الحكومة
للقبض على أعضاء الجماعة تدريجياً منذ سبتمبر الماضي، عندما شارك بعض النشطاء في
"جماعة أنصار الشريعة في تونس" في الهجوم على السفارة الأمريكية بالتعاون
مع الإسلاميين الأصوليين الآخرين. ولم يتحدد بعد ارتباط أعضاء "جماعة أنصار الشريعة
في تونس" بالعنف الدائر في جبل شامبي أم لا، ولكن بتتبع صميم أنشطة الجماعة الدعوية
وتوريط الحركة بأكملها، فإن تونس قد تدفع بالنشطاء الذين ينبذون عادة أعمال العنف إلى
الرد على ذلك.
احتمالات التطرف
على الرغم من أن قيادة "جماعة أنصار
الشريعة في تونس" تبدي تعاطفها مع الرؤية الكونية للجهادية العالمية، إلا أن صورتها
العامة ترتبط جزئياً بما تقدمه من رعاية اجتماعية، وذلك في تشابه واضح بينها وبين جماعات
مختلفة أيديولوجياً مثل «حزب الله» و «حماس». غير أن "جماعة أنصار الشريعة في
تونس" لا تدعو صراحةً للعنف ضد منافسيها في تونس. وقد شارك بعض أعضاء الجماعة
في الاقتصاص من الخارجين على القانون بصفة شخصية، الأمر الذي يتناسب مع برنامج الجماعة
الأوسع نطاقاً، حتى إذا لم تأمر القيادة بالقيام بمثل هذه الأعمال. كما تم تجنيد بعض
أعضائها للقتال في العمليات الجهادية خارج الحدود التونسية.
ونظراً لأن "جماعة أنصار الشريعة
في تونس" هي جزئياً حركة اجتماعية، فإن الأفراد ينضمون إليها كأعضاء لأسباب مختلفة.
وينضم بعضهم لدوافع أيديولوجية بحتة، بينما ينضم البعض الآخر لانجذابه إلى الكثير من
المزايا المادية. إن "جماعة أنصار الشريعة في تونس" هي عبارة عن منظم اجتماعي
يقوم بتوفير الطعام والخدمات الطبية وتنظيف الأحياء المجاورة وإصلاح الطرق والبناء
وغير ذلك. ويتم تمكين الشباب المشارك في هذه الأنشطة من خلال نشاطهم؛ فالعمل التطوعي
يسمح لهم بممارسة استقلاليتهم ومساعدة مجتمعهم ورد كرامتهم من خلال العمل الاجتماعي.
وتقوم الحكومة الآن بنصب شبكة واسعة حول "جماعة أنصار الشريعة في تونس" وجهودها
الدعوية، التي يشترك فيها عشرات الآلاف من الأعضاء وحتى أكثر المتعاطفين معها، بدلاً
من تركيز اهتمامها على الأفراد الضالعين فعلاً في أحداث العنف أو التجنيد في تنظيم
«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أو المجاهدين الأجانب. وإذا استمر الموقف في التصاعد،
فقد تتعرض تونس لخطر تطرف الأفراد واستثارة أعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس"
لكي تستهدف علناً قوات الأمن الحكومية في البلاد.
الحسابات السياسية
منذ نشأة "جماعة أنصار الشريعة في
تونس"، صرح قادة الجماعة بأن تونس بحاجة إلى الدعوة وليس الجهاد. فالأمر من وجهة
نظرهم هو أن الرئيسَيْن السابقيْن الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي قد أفرغوا الدين
الإسلامي من مضمونه، لذا فإن دور "جماعة أنصار الشريعة في تونس" هو تثقيف
التونسيين وإعادتهم إلى حظيرة الإسلام. وقد تعلم أعضاء الجماعة أيضاً دروساً من حرب
العراق والدمار الذي خلفته، معتقدين في ذلك أن أفضل طريقة لتعضيد دولتهم الإسلامية
هي العمل الدعوي والأعمال الأخرى غير المتصلة بالعنف. وحتى وقت قريب، سمحت لهم هذه
الإستراتيجية بالعمل علناً.
كما أن منهج "جماعة أنصار الشريعة
في تونس" مختلف تماماً عن منهج تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الذي
لا يزال يتبع إستراتيجية العنف أولاً على الرغم من أنهم أصبحوا أكثر تمييزاً في اختيار
أهدافهم. بيد، أن استمرار تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في التدريب والتهريب
وزرع الألغام في منطقة الحدود قد أعاد إلى أذهان العامة التهديد المحتمل للسلفية/الجهادية
كما حفز على ما يبدو الحملة القمعية التي تشنها الحكومة. وقد يؤدي ذلك إلى ضياع جهود
"جماعة أنصار الشريعة في تونس" في بناء دولة إسلامية بطريقة سلمية، لاسيما
إذا قررت تونس المساواة بين الحركتين بدلاً من التركيز على أفراد أو أعضاء من مسؤولي
"جماعة أنصار الشريعة في تونس" الذين يُزعم أنهم انضموا إلى تنظيم «القاعدة
في بلاد المغرب الإسلامي».
قد يفضل أبو عياض السماح لـ "جماعة
أنصار الشريعة في تونس" بالاستمرار في الدعوة العلنية، حيث أن الجماعة حصلت على
مزايا كثيرة من هذا النشاط على مدار السنتين الماضيتين. غير أن قائد هذه الحركة ورموز
"جماعة أنصار الشريعة في تونس" كثيراً ما وصفوا قيادة الحكومة الحالية بـ
"الطغاة" الذين يمنعونهم من ممارسة الإسلام بالكامل. لذ، إذا جلس أبو عياض
مكتوف الأيدي في أعقاب حملة القمع، فإن أعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس"
الأكثر تشدداً قد يبدؤون في التشكيك في سلطته ومصداقيته. وهذا هو السبب في أن بيانه
الأخير الذي دعا فيه الشباب إلى النهوض والدفاع عن الإسلام يبدو مقلقاً جداً -- حيث
يظهر أن نقطة التحول وشيكة. فأبو عياض ليس كارهاً للعنف وسيستخدمه مرةً أخرى إذا دعت
الحاجة إليه. فعلى سبيل المثال، شارك قائد الجماعة في تأسيس "الجماعة المقاتلة
التونسية في أفغانستان" بين 2000 و 2002 وحارب معها هناك واشترك في اغتيال قائد
"التحالف الشمالي" أحمد شاه مسعود قبل يومين من أحداث 11/9.
استفزاز
لا تزال "جماعة أنصار الشريعة في
تونس" تخطط في الوقت الراهن لعقد مؤتمرها السنوي في نهاية هذا الأسبوع على الرغم
من الجهود الحكومية لإلغائه أو تخفيف مظاهره (مثل طلب منع الراية السوداء المرتبطة
بالجماعات الجهادية). وفي بيان لـ "جماعة أنصار الشريعة في تونس" من 13 ماي،
حذر مسؤول رفيع المستوى في الجماعة أبو جعفر الحطاب أعضاء الحركة باتخاذ الحيطة والحذر
والتواضع وعدم السماح باستفزازهم. ويعمل أعضاء "جماعة أنصار الشريعة في تونس"
على جلب المؤيدين في حافلات من مناطق عديدة من البلاد ويتوقع أن يصل عدد الحضور إلى
نحو 35000 شخص. ولذلك سيكون هذا الحدث اختباراً كبيراً لجدية الحكومة حول قمع الحركة
ككل. وإذا اتخذت الحكومة التونسية إجراءً ضد المشاركين، فإن ذلك سيشعل شرارة تمرد مسلح
مفتوح، مع عواقب وخيمة ستزعزع استقرار المجتمع التونسي. وبدلاً من ذلك، يمكن للحكومة
التراجع، لاسيما في ضوء التوترات السابقة؛ وقد استأنفت "جماعة أنصار الشريعة في
تونس" فعالياتها الدعوية بالفعل منذ بدء حملة القمع دون تضييق الخناق عليها بشكل
علني.
دور الولايات المتحدة
أياً كانت الطريقة التي سيكشف عنها الموقف
الحالي، فإنه من غير المحتمل أن تعود الحكومة مرةً أخرى إلى الطريقة القديمة المتمثلة
بـ "التربيت على الكتف"، وقد تصبح المزيد من المواجهات أمراً طبيعياً. لذا،
على الحكومة الأمريكية مراقبة الموقف عن كثب، وخصوصاً منذ ضلوع أعضاء "جماعة أنصار
الشريعة في تونس" في الهجوم على السفارة العام الماضي. وهذا يعني مواصلة العمل
ومشاركة المعلومات الاستخبارية مع الحكومة التونسية التي تجابه العناصر الجهادية السلفية
العنيفة داخل حدودها. كما يجب على واشنطن دفع تونس إلى المضي قدماً في إصلاحاتها الأمنية
وتغيير قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 المثير للجدل، الذي لا يميز بما فيه الكفاية
في عمومه. وفيما يتعلق بـ "جماعة أنصار الشريعة في تونس"، ينبغي على المسؤولين
الأمريكيين توجيه النصح للحكومة التونسية بتحري الدقة عند التحقيق مع الجماعة، لأن
أغلب أعضائها ليسوا إرهابيين. كما يمكن لواشنطن أيضاً مساعدة الحكومة التونسية في تقديم
سبل تنظيم المشاريع لإشراك الشباب وتوجيههم تجاه تحسين مجتمعهم بطرق لا تنطوي على صلات
بالمتطرفين الممارسين للعنف.
|
En soutien à la résistance des peuples pour leur indépendance, leur dignité et leur souveraineté!
Pages
▼
No comments:
Post a Comment