Pages

Sunday, October 07, 2012

د. حياة الحويك عطية وعاد تشرين

د. حياة الحويك عطية 

وعاد تشرين . 

 وعاد تشرين ، ليتوج انور السادات ملكا للسلام ، بيد "الثورة " !! فاين ثورة اليوم من ثورة الامس ؟ 

 الامور بخواتيمها ، والحروب باهدافها ، وللصراع العربي الاسرائيلي اهداف لا تحتاج الى نقاش ولا الى تحليل. ولا قيمة للحرب العسكرية في هذا الصراع الوجودي الا بقدر ما تحقق نتائجه اهداف هذا الطرف او ذاك . كان حزيران لنا هزيمة عسكرية ، مؤلمة ومحبطة باكبر المعايير ، لكنه لم يستطع ان يحولها الى نصر سياسي لاسرائيل ولمشروعها الصهيوني .كانت النكسة معركة فاشلة عربيا ، لكن ما بعدها كان حصادا فاشلا اسرائيليا . لم يؤد الى استسلام ، لم يؤد الى فرقة عربية ، لم يؤد – وذاك هو الاهم – الى قتل روح المقاومة والصراع ضد العدو ، بل وعلى العكس اعلن انطلاق مرحلة اعادة التاهيل وحرب الاستنزاف تمهيدا للمعركة المقبلة .
 كان تشرين انتصارا عسكريا لنا ، عظيما لمصر، لكنه ذهب ثمنا لاكبر انتصار سياسي في تاريخ الدولة العبرية : تحولت من كيان غاصب الى دولة باعتراف  الدولة العربية الكبرى ، وانتهى بذلك اي حلم معركة مقبلة تخوضها مصر ضد المحتل . تحقق الاستسلام السياسي التاريخي ، دفنت روح المقاومة والصراع ( رسميا ) واصبح على من يصر عليها شعبيا ان يواجه حكومته بدلا من حكومة اسرائيل . ادخلت مصر الى بيت الطاعة الاميركي وبالتالي الاسرائيلي ، بيع اقتصادها في سوق النخاسة، وارتهن عسكرها ، وحلت الفرقة بينها وبين العرب، بل بين بعض العرب وبعضهم الاخر،  لتتنامى تدريجيا الى كراهية لم تعد قائمة ضد العدو الصهيوني . كراهية بشرت تسيفي ليفني من قطر عام 1995، بببلوغها القمة المتمثلة في تحالف اسرائيلي عربي ضد عدو لاسرائيل. وتحققت النبوءة التي اعتبرها البعض في حينه اهانة اسرائيلية صلفة، وحلما سورياليا لا يمكن ان يتحقق.
في ذكرى تشرين كان الرئيس المصري يقلد السادات اعلى وسام في بلاد النيل ، ربما لامر لا علاقة له بتشرين ، وانما بوفاء الاخوان لانور السادات الذي استعان بهم على وأد التيار القومي الذي كان يعارض كامب ديفيد. غير ان الاسلاميين نجحوا بعد السادات بايهامنا كلنا بانهم  كلهم ضد كامب ديفيد ، ومعاهدات السلام بشكل عام ، وسرنا وراءهم او معهم لمقاومة التطبيع ومقاومة الاستسلام، لم نكن ندرك ان الغاية ان هي الا الوصول الى الحكم وبعدها فلا شيء . قد يقول البعض ان مصر مكبلة بكم من القيود الاقتصادية والاعسكرية التي لا تسمح لاي كان بموقف مغاير يغضب الاميركيين او اسرائيل ، لكن ما يتوقعه من صدق قصة " الثورة" هو ان يتحرك النظام الجديد باتجاه تحرر من هذه القيود واخراج مصر من زنزاتنتها واغلالها .
في ذكرى تشرين  كان الرئيس السوري يضع اكليلا على ضريح الجندي المجهول  في ذكرى تشرين ، فهل ان سوريا تعاقب لانها مازالت تفهم تشرين بطريقة اخرى ؟ لانها ما تزال تحتفل بتشرين دون منح اوسمة لكامب ديفيد ؟
لا يجيبن احد بان سوريا تعاقب لان نظامها لم يكن نموذجا في الحرية والديمقراطية. فكل عاقل يعرف بانها لم تكن كذلك ، ولكن كل عاقل يعترف بانها تعاقب على غير ذلك.  والا لعوقب من هم اشد منها تطرفا في القمع والشمولية ، ومن لا يمكن ان يتشبهوا بها في التعددية الدينية والعرقية التي تعيش مواطنة كاملة ، تعددية في الوحدة طالما كانت نموذجا منذ ما قبل حكم الاسد بل وما قبل حكم البعث ، ولم تتغير يوما. بصرف النظر عن الدين او الاتنية ( وللدقة العلمية نستثني الاكراد الذين لم يتم تعديل وضعهم الا في بداية الحراك الشعبي) .
نعم هناك سوريون تحركوا لاجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ، ولكن هؤلاء طوّقوا وعزلوا ، لان الاصلاح الذي يريدونه قوة للدولة ، وليس هناك من يريد القوة لدولة هي قلب العروبة وما تزال خارج سياق كامب ديفيد . ونعم هناك اخرون ، قلة من السوريين ، وكثرة ممن جاؤوا من كل مكان ، ليدمروا البلاد والعباد اقتصاصا. اقتصاصا يتوزع على اربعة مستويات : الاول يعرف ما يخطط له وما يرسم للمنطقة ، والثاني مستعد للدفع والتحريض كي تصبح سوريا على صورته ومثاله ، وتنفيذا لما يمليه المستوى الاول ، والثالث ينفذ مدفوع الاجر وبسخاء ومدفوع الوعد بالسلطة ولو على كوم البلاد، واخيرا الرابع يمارسه ينفذ، بادمغة مغسولة ومثقلة بالوهم . 
هذه هي حرب تشرين المستمرة ، ولا خروج منها بانتصار سياسي هذه المرة ، الا بالحوار السلمي بين السوريين واعادة بناء البلاد في ظل اصلاحات حقيقية ، تشطب الخطا وتحافظ على الصحيح من الاسس. اية مهمة صعبة تواجه الضمائر والارادات !

No comments:

Post a Comment