الحليف الثمين
د. حياة الحويك عطية
تحت عنوان : "الحليف الثمين" تكتب الصحافة الفرنسية عن الحرب
المالية، وتقول لو فيغارو بالحرف : " ان تورط تشاد في القتال في مالي يعطي
صورة للراي العالم الدولي بان المسالة هي مسالة افريقية افريقية وليست مجرد تدخل
اجنبي من قبل قوة غربية هي فرنسا ضد المسلمين، انه يقول لهذا الراي العام ان
مسلمين يقاتلون مسلمين هناك وكلاهما يرفع راية الرسول". وفي هذا ما يفسر
اعلان القوات التشادية عن انها قتلت مختار
بلمختار وعبد الحميد ابو زيد زعيمي القاعدة هناك، في حين صمتت الحكومة الفرنسية عن
اعلان مشاركتها في العملية التي دمرت معسكر القاعدة في في ايفورا . وبررت ذلك
بخوفها على مصير الرهائن الفرنسيين لدى هذه التنظيمات. دون ان يمنعها هذا التحفظ
من نشر صور بلمختار تحت عنوان واضح التشفي : " هذا الرجل كان يريد ان يجعل
فرنسا ترتجف !" ،، وهو عنوان يرمي
ايضا الى طمانة الراي العالم الفرنسي الذي بات خوفه من انتقال عمليات ثارية الى
ارضه يقض مضجعه ويؤدي الى تراجع شعبية حكومة فرانسوا هولاند . خوف لم نشهده يوم
غزو الفرنسيين لليبيا ، فيما يؤكد حقيقة ان هذا الغرب ، الغريب لايهتم لالاف
الضحايا التي توقعها جيوشه وحلفاؤها في اي مكان من العالم بشرط واحد الا تمتد
النار الى اطراف ثوبه . وكان نظرية المواطنين والبرابرة التي صاغتها الامبراطورية
الرومانية ما تزال الاساس الذي يحكم العقل الغربي رغم كل الادعاءات الاخرى . وعليه
لا يمكن ان يكون لحياة البرابرة، الذين
يعيشون خارج اسوار الامبراطورية ، قيمة تذكر، اذا ما اقتضت مصلحة روما القضاء
عليها. ويكون الحال مثاليا، للحفاظ على حياة ابناء الامبراطورية، ان يقتل البرابرة
بعضهم بعضا ، سواء كانوا مسلمين ام غير مسلمين.
هذه المعادلة تنقلنا الى الوضع العربي، الى ضرب العراق واحتلاله ، الى ما
يجري على ارض سوريا اليوم حيث كان من الملح للغرب ان يتم القضاء على الجيش السوري
وعلى المجتمع السوري باقتصاده ونسيجه الاجتماعي ومؤسساته بيد السوريين، كي لا يقول
الراي العام العالمي ان قوة اجنبية غربية قد جاءت مرة اخرى الى ارض المنطقة لتكرر
تجربة العراق . تجربة لم يعد يكفي هذه المرة ان تستعمل بعض الدول العربية كغطاء
لها. فلا الاوضاع الداخلية تحتمل تغطية كهذه ولا الدولية ، اذن فليرم الغطاء على
ظهر سوريين وجهاديين نطلق عليهم اسم الثوار ، ونحلهم محل الثوار الحقيقيين الذين
ارادوا اصلاح نظام الحكم في بلادهم للوصول بها الى حال افضل . وهذا ما يفسر الصراع
الحاد الذي دار منذ اليوم الاول للحراك ، وعلى جميع الساحات بين انصار الثورة
السلمية البعيدة عن الطائفية والعنف وبين انصار العسكرة والتدخل الاجنبي . كما
يفسر ارسال فرنسا منذ الاسابيع الاولى وحداتها التقنية الخاصة ، للتدريب في مجال
الاتصالات والاستخبارات وارسال اميركا وحدات للتدريب عدا عن التورط الاستخباراتي
والتسليحي لعشرات الدول ، وترك السوريين في واجهة الحدث والاعلام ، ومن ثم رفدهم
بعشرات الالاف من المقاتلين الجهاديين : عرب يقاتلون عربا ومسلمون يقاتلون مسلمون ...
والغرب يفرك كفيه في خلفية المسرح ...خاصة وان المال الذي يحرق هناك – كما الدم –
هو مال العرب ، وان الحقد الذي يتشكل اهراما هو حقد العرب على العرب ، مؤونة
مستقبل طويل من الخراب ، وان المخرج يتقن تماما عملية التضليل الاعلامي التي تشوه
الجميع وتضعهم في سلة واحدة...
No comments:
Post a Comment