الرئيسية / أراء و تحليلات / تدمر .. معركتنا نحن! لا “معركة العالم كلّه”!
تدمر .. معركتنا نحن! لا “معركة العالم كلّه”!
سنا 24 – فرنسا
"يكفي أن يتمكّن خمسة عناصر من التنظيم من الدخول إلى المعالم كي يدمّروا
كلّ شيء" المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم.
كما كان متوقّعا أمام الصمت الدولي المتواطئ والعربي الرسمي المتآمر،
تمكّن مسلحو تنظيم داعش من استباحة لؤلؤة الصحراء، تدمر، عقب سيطرتهم على
المدينة بعد معارك دامية مع مقاتلي الجيش العربي السوري. المرصد السوري
لحقوق الإنسان، "يزفّنا" أنباء مفادها "أليس هناك أيّ دليل على أن
المسلّحين أخذوا في تدمير المعالم والمباني الأثرية التي ترجع إلى العهد
الروماني، كما فعلوا في مدن تاريخية أخرى استولوا عليها في العراق
المجاور"، مؤكّدا أنّ أعدادا كبيرة من قتلى الجيش السوري الذين حاولوا
الذود عن المدينة قرابة الأسبوع "ملأت جثثهم ميادين المدينة"! لا استغاثات
المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم ولا مناشدات
المديرة العامة لمنظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، إيرينا
بوكوفا، أثارت حمية هذا "المجتمع الدولي" فهبّ لنجدة المدينة، ولا بلغت
مسامع جنرالات "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، الذي يقصف منذ
أشهر، لا ندري ماذا، ثم نكتشف أنّ التنظيم يستبيح المدينة تلو المدينة!!
بعد 5 أيام فقط من سقوط الرمادي العراقية رعاع داعش يستولون على تدمر
السورية! والقادم لا شك الأخطر.. بسيطرته على تدمر يفتح تنظيم داعش
لمسلّحيه الطريق نحو الصحراء المتصلة بمحافظة الأنبار العراقية، ممّا
سيمكّنه من إيجاد تواصل جغرافي بين البلدين وتأمين المزيد من الإمدادات
الجديدة. تدمر من حيث قيمتها الإستراتيجية ملتقى طرق البادية بأسرها
والمتصلة بمحافظة الأنبار العراقية، ستسمح لداعش بقطع الطريق اللوجستية
للجيش السوري على دير الزور، خصوصا وأنّ مسلّحيه باتوا مصمّمين على
الاستيلاء على مستودّعات أسلحة الجيش السوري بالمنطقة، ويستهدفون المواقع
العسكرية ومن بينها 3 مطارات عسكرية من بينها “س 1 ” و“س 2” ومطار "تيفور"
العسكري.
بالمحصلة تنظيم داعش بات يسيطر تقريبا على نصف مساحة سوريا، أي أكثر من 95
ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية، وأضحى متواجدا في 9 محافظات هي حمص
والرقة ودير الزور والحسكة وحماة وحلب ودمشق مع ريف دمشق والسويداء، إضافة
لوجود موالين له في محافظة درعا! كذلك بات التنظيم يبسط نفوذه على الغالبية
الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا!! هذا بعض الأجندات الخفية لقمة
مخيم داود الأخيرة، دعكم من تحجيم الدور الإيراني والحلف الأمني العسكري
الإستراتيجي الجديد، وكل هذا اللّغط والزّهو والتنافخ الخليجي احتفاء
بالنّصر المؤزّر وب"تركيع" الإدارة الأمريكية! فما نجحوا فيه، لا نعلم
مقابل ماذا، هو استكمال تدمير سوريا، بدعوى إسقاط النظام، كما دول المنطقة
المحورية، وها هم يفعلون!
ما عاد به حجيج مجلس التعاون الخليجي من واشنطن هو التزام أمريكي بضخّ
المزيد من الدعم المالي للمعارضات السورية ومدّها بالأسلحة النوعية
الإستراتيجية، على غرار صواريخ البي جي آم 79 تاو، BGM-79 TOW، الأمريكية
الصنع الموجّهة والمضادة للدروع والدبابات التي قيل إنها مُنحت “للمعتدلين”
من “حركة حزم” فإذا هي بيد "داعش" و"النصرة" وغيرهما، وإذا هي تحسم معركة
داعش في تدمر، ممّا يفسّر هذا التقدّم الذي تشهده الفصائل المسلّحة
المدعومة من المثلّث السعودي التركي القطري وتمكّنها من الاستيلاء على كلّ
من ادلب وجسر الشغور شمالا، وبصرى الشام جنوبا ومعبر نصيب الحدودي مع
الأردن!
أسلحة إستراتيجية نوعية مُنعت ولا تزال على جيش العراق الذي فكّكوه وادعوا
هذه السنوات الأخيرة أنهم يدرّبونه، لنكتشف أنه غير قادر حتى على تأمين
جسر فما بالك بمدينة، ثم نسمع بعد خسارة السيطرة على المدينة أنّ الجيش
الأمريكي "يعتزم" فقط "يعتزم" إرسال "ألف صاروخ مضاد للدبابات لمساعدة
القوات العراقية في استعادة مدينة الرمادي"، ذات الصواريخ والعتاد
والتقنيات المتطوّرة التي لا يبخلون بها على وحشهم الداعشي وفرية
"المعتدلين" هذه نكتة سمجة ما عادت تضحك حتى مجانين سوريا والعراق! أ لم
يؤكّد الناشط محمد حسن الحمصي، ناشط وليس موال للنظام، حتى لا يطعن في
شهادته، أنّ داعش استخدم صواريخ التاو في تدمر بكثافة؟!!
لن نتفاجأ بعد الآن أن يُعلن عن "منطقة عازلة" سواء في الجنوب أو الشمال
السوري، مع ما سيعقبها من “حزمة” الاستعمار الجديد إياها، كانتزاع اعتراف
دولي تحت الطلب، وخلع سيادة على منطقة “مُحرّرة”، فبدء تطبيق حظر جويّ،
وتشكيل لحكومة المؤقتة.. الوصفة المعهودة والمجرّبة!
من لم يستطع بعد فكّ شفرة إزدواجية الخطاب الأمريكي سيتسنّى له ذلك حين
يستوعب أجندة ومقاربات وأهداف الجنرال دامبسي و"صبره الإستراتيجي" وهذا
المسمّى "تحالفا دوليا"، متعدّد الهوى، وحربه المستدامة ضد من يدرّبهم
“مُعتدلين” في الأردن وتركيا والسعودية، شركاء له في العدوان على سوريا
والعراق!، ليقصفهم بالصواريخ حينا، وبالمؤن والعتاد في الرقة والموصل،
أحيانا أخرى!! ربمّا أمكنه ساعتها، فهم التناقض الصارخ بين ما يصرّح به من
يصمّ آذان هذه “المعارضة” السورية “معتدلين” و”متطرّفين” و”بين بين” حتى
يقرّر الجنرال وإدارة أوباما تصنيفهم، ألاّ مكان للنظام في مستقبل سوريا،
ومواقف مغايرة يختزلها تصريح لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية،
CIA، جون برينان، John Brennan، مفاده ألاّ: “أحد لا روسيا ولا الولايات
المتحدة ولا التحالف الدولي ولا دول المنطقة، يريد انهيار الحكومة
والمؤسّسات السياسية في دمشق”.!!!
الدكتورة والصديقة المناضلة حياة عطية الحويك، استبقت استباحة بلميرا أو لؤلؤة الصحراء، في مقال أشبه ب"التأبين" قالت فيه: "ليست تدمر هي الأولى، ولا ما حطمه هؤلاء البرابرة في العراق هو الأول، فقبلهم حطّم الغزو الأمريكي عام 1990 مدينة اور ومع احتلال عام 2003 جاء الطوفان الذي نهب ملايين القطع وحول مكتبات بغداد والموصل التاريخية إلى رماد ( 200 ألف مخطوطة عربية أُحرقت في مكتبة المخطوطات في بغداد ) منذ اللحظات الأولى كان عملاء الموساد الذين دخلوا مع الاحتلال يدقّون بالأزاميل ألواح بابل، وخرجت الصورة في القليل من وسائل الإعلام . المخرج البرازيلي الذي حاول توثيق نهب متحف بغداد وتدميره، كان مصيره أن قطع رأسه وسلّمت جثته إلى الأمم المتحدة قطعتين. ."
بلى "ليس التآمر على هذا الإرث العظيم جديدا، وليس الدواعش إلاّ الأكثر وقاحة، لنقل قمة المؤامرة، لأنهم ببساطة لا يمثلون رسميا دولة تتحمل عبء جرائمهم، بل وللغرابة يحملونها للإسلام، إسلام الحضارة التي عملت على ترجمة كلّ علوم الأولين لتبني عليها حضارتها. بدأ التدمير باور كلدان واليوم تدمر، فأية رمزية؟!!!!
"من يستطيع تكذيب التاريخ؟ حتى ولو وضع إصبعيه في أذنيه وقرّر ألاّ يسمع دروسه؟ دروس لا يريد أعداء هذه الأمة أن يتركوا منها شواهد، أن يتركوا لأولادها معلّما، أن يتركوا لأثدائنا حليبا نرضعه!! مشاهد الأشلاء والجثث والدماء بلّدت الإحساس لدى أبناء هذه الأمة فصاروا يأكلون ويدخّنون و…على صراخات الثكالى والمغتصبات، كما مشاهد تدمير الشواهد والمعالم والمقامات ترويض للمشاعر! فمن تهون عليه المساجد في العراق وسوريا والعراق واليمن يمكن جدا أن تهون عليه القدس في فلسطين!
ماذا يُجدي تحذير المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم، الذي وصف الموقف بـ" السيء جداً"، معرباً عن قلقه حيال مصير المعالم الأثرية الموجودة في جنوب غربي المدينة؟ ماذا يغني استصراخه بكلّ المرارة "يكفي أن يتمكّن خمسة عناصر من التنظيم من الدخول إلى المعالم كي يدمّروا كلّ شيء"؟ فهل تحرّكوا لنصرة آثار العراق أو إنقاذ غيرها من ذاكرة هذه الأمة؟ أي مجتمع دوليّ هذا الذي يناشده "للتحرّك من أجل حمايتها"؟ ، ثم كيف بعد كل الذي جرى ويجري في سوريا، يطالب هذا "المجتمع الدولي" الشريك بكل الأوجه في جريمة العدوان على العراق وسوريا واليمن وغيرهم من أواني هذه الأمة المستطرقة، كيف يطالبه بأن "تكون معركة تدمر معركة العالم أجمع"!؟ تتحرّك دفة غسل الموتى أما هذا المجتمع الدولي فلن تهتزّ له قصبة!!! أما "قلق" المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، "يونيسكو"، إيرينا بوكوفا، فلم أحد يعيره اهتماما!
ومعركة تدمر كما غيرها من معارك الأمة هي معركتنا نحن! لا معركة العالم أجمع يا جناب المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم. فهذا العالم الذي أزكمت أنوفه رائحة لحم أبناء أمتنا المشوي ولم يتحرّك، لم يضيره أن تحترق كل ذاكرتنا القومية!
مع ذلك ثمة من لا يزال يراهن على الولايات المتحدة وعلى هذا التحالف المسخ في حربه المستدامة يخوضها على أراضيهم وبتمويلهم وبدماء أبنائهم يُساقون إلى المسالخ الطائفية والكيانية دون أن تهتزّ لهم قصبة!!
الدكتورة والصديقة المناضلة حياة عطية الحويك، استبقت استباحة بلميرا أو لؤلؤة الصحراء، في مقال أشبه ب"التأبين" قالت فيه: "ليست تدمر هي الأولى، ولا ما حطمه هؤلاء البرابرة في العراق هو الأول، فقبلهم حطّم الغزو الأمريكي عام 1990 مدينة اور ومع احتلال عام 2003 جاء الطوفان الذي نهب ملايين القطع وحول مكتبات بغداد والموصل التاريخية إلى رماد ( 200 ألف مخطوطة عربية أُحرقت في مكتبة المخطوطات في بغداد ) منذ اللحظات الأولى كان عملاء الموساد الذين دخلوا مع الاحتلال يدقّون بالأزاميل ألواح بابل، وخرجت الصورة في القليل من وسائل الإعلام . المخرج البرازيلي الذي حاول توثيق نهب متحف بغداد وتدميره، كان مصيره أن قطع رأسه وسلّمت جثته إلى الأمم المتحدة قطعتين. ."
بلى "ليس التآمر على هذا الإرث العظيم جديدا، وليس الدواعش إلاّ الأكثر وقاحة، لنقل قمة المؤامرة، لأنهم ببساطة لا يمثلون رسميا دولة تتحمل عبء جرائمهم، بل وللغرابة يحملونها للإسلام، إسلام الحضارة التي عملت على ترجمة كلّ علوم الأولين لتبني عليها حضارتها. بدأ التدمير باور كلدان واليوم تدمر، فأية رمزية؟!!!!
"من يستطيع تكذيب التاريخ؟ حتى ولو وضع إصبعيه في أذنيه وقرّر ألاّ يسمع دروسه؟ دروس لا يريد أعداء هذه الأمة أن يتركوا منها شواهد، أن يتركوا لأولادها معلّما، أن يتركوا لأثدائنا حليبا نرضعه!! مشاهد الأشلاء والجثث والدماء بلّدت الإحساس لدى أبناء هذه الأمة فصاروا يأكلون ويدخّنون و…على صراخات الثكالى والمغتصبات، كما مشاهد تدمير الشواهد والمعالم والمقامات ترويض للمشاعر! فمن تهون عليه المساجد في العراق وسوريا والعراق واليمن يمكن جدا أن تهون عليه القدس في فلسطين!
ماذا يُجدي تحذير المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم، الذي وصف الموقف بـ" السيء جداً"، معرباً عن قلقه حيال مصير المعالم الأثرية الموجودة في جنوب غربي المدينة؟ ماذا يغني استصراخه بكلّ المرارة "يكفي أن يتمكّن خمسة عناصر من التنظيم من الدخول إلى المعالم كي يدمّروا كلّ شيء"؟ فهل تحرّكوا لنصرة آثار العراق أو إنقاذ غيرها من ذاكرة هذه الأمة؟ أي مجتمع دوليّ هذا الذي يناشده "للتحرّك من أجل حمايتها"؟ ، ثم كيف بعد كل الذي جرى ويجري في سوريا، يطالب هذا "المجتمع الدولي" الشريك بكل الأوجه في جريمة العدوان على العراق وسوريا واليمن وغيرهم من أواني هذه الأمة المستطرقة، كيف يطالبه بأن "تكون معركة تدمر معركة العالم أجمع"!؟ تتحرّك دفة غسل الموتى أما هذا المجتمع الدولي فلن تهتزّ له قصبة!!! أما "قلق" المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، "يونيسكو"، إيرينا بوكوفا، فلم أحد يعيره اهتماما!
ومعركة تدمر كما غيرها من معارك الأمة هي معركتنا نحن! لا معركة العالم أجمع يا جناب المدير العام للآثار والمتاحف السورية، مأمون عبد الكريم. فهذا العالم الذي أزكمت أنوفه رائحة لحم أبناء أمتنا المشوي ولم يتحرّك، لم يضيره أن تحترق كل ذاكرتنا القومية!
مع ذلك ثمة من لا يزال يراهن على الولايات المتحدة وعلى هذا التحالف المسخ في حربه المستدامة يخوضها على أراضيهم وبتمويلهم وبدماء أبنائهم يُساقون إلى المسالخ الطائفية والكيانية دون أن تهتزّ لهم قصبة!!
No comments:
Post a Comment