Search This Blog

Sunday, July 31, 2011

Collectif de soutien au Canal ALASR

Rassemblement de protestation contre la décision d’Eutelsat

Communications de censurer le Canal ALASR.


Compte-rendu

Un rassemblement a été organisé à Paris par le Collectif de soutien au Canal ALASR, le 29 juillet 2011 au 70, rue Balard 75015 Paris devant l’entrée du siège de la société Eutelsat Communications pour exprimer la consternation de la société civile du Monde arabe et des acteurs de la société civile en générale, suite à la coupure du signal du Canal ALASR.

Organisateur : Collectif de soutien au Canal ALASR

Rappel : La diffusion du Canal ALASR, réseau audiovisuel qui rassemble des organisations de la société civile, de défense des droits de l’homme, et qui œuvrent pour le changement démocratique dans le monde arabe, a été bloquée par Eutelsat Communications. Cette censure a été effectuée en catimini, bien évidement en dehors de toute procédure légale et sans notification écrite.

Etait présent un groupe d'environ 40 manifestants. Il y avait parmi eux : Monsieur Ghani Mahdi, représentant du canal ALASR, Monsieur Nazim Taleb du Collectif de soutien au Canal ALASR et Président de l’association Rachad-Paris, ainsi que Monsieur Fabien Fenoux, porte parole de Radio Kalima. Nous déplorons l’absence de couverture médiatique bien que les médias ont été dûment informés. Certains d’ailleurs, comme Aljazeera, avaient même confirmé leur présence.

Plusieurs personnes se sont passées le mégaphone pendant 3 heures pour lancer les slogans, répétés par la foule en cœur. Non à la Censure ! Non à la complicité d’Eutelsat avec les dictateurs arabes et bien d’autres slogans. Le communiqué de presse fut lu par Monsieur Nazim Taleb et il fut distribué ensuite aux passants et aux employés d’Eutelsat Communications qui quittaient les bureaux.

Comme il avait été annoncé dans les documents envoyés aux médias, une lettre devait être remise à l’issue de ce rassemblement au Directeur général d’Eutelsat Communications, Monsieur Michel de Rosen. Cette lettre fut remise en mains propres à Madame Vanessa O’Connor, Directrice de la Communication d’Eutelsat par Monsieur Ghani Madhi, en présence d’un photographe, qui a immortalisé cet instant devant l’entrée de l’immeuble du siège d’Eutelsat.

Ensuite Madame Vanessa O’Connor remit également une lettre au représentant d’ALASR.

Durant l’une des interventions Monsieur Ghani Mahdi, s’est adressé aux dirigeants d’Eutelsat Communications en dénonçant leurs complicités avec les dictateurs du Monde arabe qui sont notoirement connus pour museler les voix libres et faire obstacle à la démocratie et aux droits de l’homme et en particulier le pouvoir algérien, qui a commis des crimes contre humanité.

Ces 3 heures de manifestation, qui avaient été organisées pour exprimer le refus de cette censure et pour soutenir le droit à la liberté d’expression et le droit des peuples à l’information, se sont déroulées dans une ambiance conviviale et activiste. Les militants et manifestants, très motivés, sont repartis sereins et déterminés de poursuivre le combat jusqu’à ce que le Canal ALASR recouvre son droit à diffuser librement.

Friday, July 29, 2011

"الصباح" التونسية... ما ضميرها؟


"الصباح" التونسية... ما ضميرها؟

جريدة "الصباح" التونسية عمرها 61 سنة وهي "اليومية المستقلة الأولى في تونس" بحسب دعايتها،وقد كانت صحيفتي المفضلة منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، فهي التي كنت اقتنيها كلما شعرت بالحاجة إلى شراء صحيفة وتوفر لي ثمنها.


في العشرين سنة الأخيرة، لم أشعر بهذه الحاجة، وحتى عندما رجعت إلى تونس منذ أكثر من سنتين لا اذكر أني اشتريت يوما صحيفة ولو من باب الصدفة أو الخطأ أو السهو، لا حكومية ولا معارضة ولا مستقلة أو خاصة. واذكر انه في اليوم التالي لرجوعي في اكتوبر 2008، جاءني مضيفي الكريم رشاد المناعي ابن أخي برزمة من صحف ذلك اليوم، وهو يتصور أن سياسيا عاش ثمانية عشر سنة في المنفى، لابد انه يأكل صحافة ويشرب صحافة ويتنفس صحافة، فشكرته وطلبت منه أن يوفر جهده وماله حيث أني قطعت منذ زمن طويل مع الأموات.

لكن رشاد عاود الكرة مرتين. في المرة الأولى جاءني بصحيفة "الشروق" بتاريخ 4/2/2011 لاحتوائها على مقال في صفحة ونصف، يعرف فيه صاحبه بكتابي " العذاب التونسي، الحد يقة السرية للجنرال بن علي". إنها المعجزة حقا ،لا في نشر المقال، فقد أصبح ذلك جائزا بعد 14 جانفي وبعد أن أصبح الكتاب متداولا، ولكن المعجزة في أن يكون التعريف بقلم المحامي عبد الرؤوف بوكر، النائب الأسبق في البرلمان وعضو اللجنة المركزية للتجمع، وهو الشاهد على ارتكاب جريمة التعذيب موضوع الكتاب، والتي تستر عليها طيلة عشرين سنة...للسبب الذي بينه بكل جرأة صهره الهادي البكوش، الوزير الأول الأسبق، في حديثه لصحيفة لوطون، قائلا" بأننا كنا خائفين" .

ها أن الخوف قد زال بهروب القط ويمكن للفئران أن تخرج من جحورها.

وفي المرة الثانية، جاءني رشاد بصحيفة "الصباح" بتاريخ 11 فيفري 2011، لاحتوائها على حديث لضابط الأمن الأسبق لطفي الدرويش، يروي فيه كيف دعاه رئيسه محمد علي القنزوعي، رئيس المصالح المختصة، من مقر عمله بباريس، واستقبله في مكتبه بوزارة الداخلية وسلم له مسدسا كاتم الصوت "هدية رئاسية" وحدد له مهمته الجديدة والمتمثلة في تصفية بعض رموز المعارضة في الخارج، وكان صاحب هذا المقال احد ثلاثة ذكرت أسماءهم.


كان المقال المذكور على أربع أعمدة في اقل من نصف الصفحة السادسة مع صورة متوسطة الحجم للضابط وبإمضاء سفيان رجب.

لم يفاجئني الخبر ولكني قرأت المقال مرتين للتوقف عند بعض التفاصيل حول تاريخ الحادثة ، فهمت فقط انه كان بعد مقتل شابور بختيار،آخر رئيس حكومة شاه إيران، والذي تم بباريس في 7 اوت 1991 .

تصورت أن الصحفي الذي اخذ حديث الضابط الأسبق،سيقيم الدنيا ولن يقعدها قبل الاتصال بالطرف الآخر للقضية أي الأشخاص المذكورة أسمائهم، وانه سوف يبحث عن طريقة للاتصال بهم أو بأحدهم وسوف يحرك شبكات معارفه –وهو المناضل بنقابة الصحافيين - ومحركات البحث الالكترونية وحتى في سجلات الموتى، ليعرف مصيرهم. هكذا تصورت الأمر للحظات، فقررت أن أسهل عليه الأمر وأجنبه إضاعة الوقت في ذلك، وهتفت إلى جريدة الصباح سائلا عن الصحفي، قيل لي انه لم يأت بعد وقد يكون قدومه بعد الظهر فشكرت ووعدت بالاتصال ثانية .


يومها اتصلت ثانية وثالثة ورابعة لكن الصحافي لم يأت أو هكذا قيل لي، فأرجات الأمر للغد. ومن الغد عاودت الاتصال وجاءني نفس الرد لثلاث مرات،فرجوت موظفة الهاتف أن تسجل رقم هاتفي وتعطيه للصحفي. ثم عاودت الكرة بعد الظهر. تغير موظف التلفون فأعدت القصة وأعطيته رقم هاتفي ورجوته إبلاغه للصحفي المذكور. لم يأتني شيء يومها. وفي اليوم الثالث هتفت وطلبت الشخص فحولني الموظف على مكتبه حيث اخذ السماعة احد زملائه، على التليلي، فلخصت له القضية وأعطيته هاتفي ووعدني بإبلاغه لزميله، يومها اطمأن قلبي فقد تجاوزت العقبة الكأداء ووصلت إلى مكتب الصحفي . يومها أيضا لم يأتني شيء. ومن الغد عاودت الكرة واتصلت بدار الصباح فحولني موظف التلفون إلى مكتب الصحفي حيث تلقى المكالمة زميله،علي التليلي. فاخبرني بأنه سلم رقم هاتفي إلى المعني بالأمر وابلغه رغبتي في الحديث إليه.

في الأمر واو.. !

إلى ذلك الحد كنت أتصور أن القضية لا تعدو أن تكون قضية صدف وفرص ضائعة وسوء تنسيق و...ثم فهمت أن في الآمر واو. تصوروا صحيفة تنشر مقالا بالحجم المذكور في قضية خطيرة جدا كالإعداد للتصفية الجسدية لمعارضين في الخارج وبموافقة رئيس الدولة، حسب اعترافات الضابط، وما في ذلك من اعتداء على سيادة الدولة المضيفة، ثم تنشر تكذيبا لمحمد علي القنزوعي، رئيس المصالح المختصة في تاريخ الحادثة والسفير المتقاعد حاليا، ثم تعقيبا على التعقيب للضابط الأسبق بحجم حديثه الأول، والكل خلال اربعة ايام... وترفض مجرد الاتصال باحد المستهدفين لمخطط الاغتيال .

مارطون الاتصالات: من 11 فيفري إلى 28 منه ؟

عندما يئست من اتصال مباشر مع الصحفي المذكور،كتبت تعقيبا، راعيت فيه كل الشروط المطلوبة في مثل هذه الأحوال ، ما قل ودل ودون الدخول في التفاصيل، وأرسلته إلى الصحفي المذكور، المكلف بهذا الملف، عبر العنوان الالكتروني للجريدة، كما أرسلته إلى الأعضاء الخمسة لرئاسة التحرير، مع رسالة مصاحبة...وانتظرت.

من الغد لم ينشر تعقيبي،فاتصلت بالجريدة وطلبت الصحفي المذكور، لم أجده ولكن زميله، علي التليلي تلقى المكالمة، فقال لي أن تعقيبي وصل وانه سينشر غدا أو بعد غد وان ذلك من حقي...

لكن التعقيب لم ينشر لا من الغد ولا في اليوم الذي تلاه. فرجعت إلى مارطون الاتصالات الهاتفية، اطلب أعضاء هيئة التحرير الخمسة: نور الدين عاشور , صالح عطية , محمد الطوير , ليليا التميمي و حسن عطية، واحدا بعد واحد.فلا مجيب. هذا خرج وذاك لم يأت بعد والثالث ليس في مكتبه والرابع يعمل في الليل...وأعاود الكرة بعد ساعة،فإذا هم في اجتماع التحرير،ثم بعد ساعة أخرى فإذا هم خرجوا للغداء..

استمرت لعبة القط والفئران أياما، وفي كل يوم ابعث بتعقيبي وبالرسالة المصاحبة إلى كل أعضاء هيئة التحرير الخمسة، وفي احد الأيام تقلص عددهم إلى واحد، ليرجع إلى خمسة في اليوم الذي يليه. يومها بعثت مجددا بتعقيبي وأضفت إليه نص مقال عن القمع والتعذيب في تونس، نشرته لي صحيفة فرنسية في أزيد من نصف صفحة بتاريخ 18 جويلية 1991.لم أهدف من ذلك بيان سبقي في فضح انتهاكات النظام وقمعه ، بل فقط للتنويه بموقف صحفي فرنسي شريف ما إن سمع بي حتى دعاني إلى حديث مطول وصور وقهوة...

بعد الإرسال بساعة، هتفت إلى "الصباح"، وطلبت المرأة الوحيدة في هيئة التحرير، فظفرت بها في المرة الثانية، بعد التحية والسلام قدمت نفسي وطلبت منها إن كان اسم احمد المناعي محظورا عندهم فلما أجابت بالنفي، رويت لها القصة من البداية وأنهيت كلامي بتحذيرها انه في حال رفضهم نشر تعقيبي فاني سوف أقاضيهم. فردت:"اه، تهددنا ! أهددكم بالقانون يا سيدتي !

ومن الغد نشرت صحيفة الصباح تعقيبي، مقطوع الرأس، اي دون الأسطر القليلة التي تمهد للموضوع والمتمثلة في التذكير باعترافات ضابط الأمن السابق، مما يحدث الإرباك حتى للقارئ الفطن، وأيضا دون الخاتمة.

الشجاعة

الشجاعة هي عماد الحرية، إن هي غابت فسلام على الحرية...ولا احسب أن الشجاعة هي الطبق اليومي لأسرة "الصباح".

اذكر حادثة بسيطة وقعت يوم 14 مارس 1997، في "معهد العالم العربي" بباريس. فقد نظم المعهد يومها ندوة حول قضايا التنمية في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتعاون مع الأمم المتحدة والبنك العالمي،و كان من بين المتدخلين الخبير المالي شيخ روحه، أحد ورثة دار الصباح .

عندما انتهت المداخلات، وفتح باب النقاش، كنت أول المعقبين وعرفت باسمي وبصفتي، وما إن نطقت باسمي حتى انفض شيخ روحه وانسحب من المنصة ولجا إلى فضاء خلفي منفصل عن القاعة بحاجز بلوري، حيث ظل وحده يدور كالنحلة إلى أن انتهيت.

الصورة منقوشة في ذاكرتي وقد خلدتها كاميراهات المعهد وتم الاستنجاد بها من قبل الشرطة العدلية للتعرف على العناصر التي اعتدت علي يومها.

وجريدة "الصباح" بيعت في يوم من الأيام إلى صخر الماطري، صهر بن علي وليلى، ولاشك أن كثيرا من صحافيها قد شعروا يومها بالغبن وحتى بالقرف ولكن لم اسمع أن واحدا منهم قد احتج على هذه الصفقة المشينة بأن كتب أو إستقال، وافهم جيدا ان الامر كان صعبا على الجميع، وافهم أيضا أن "الصباح" اقتنصت نصيبها من المناشدة بنداء الألف بمساهمة عدد من صحافييها، وافهم ايضا أن " الصباح" واظبت على نشر صورة ليلى في ابهى حللها، ... ولما اطمأنوا إلى أنها ولت دون رجعة،نشروا لها كاريكاتور مومس بتاريخ 9 فيفري 2011.

يومها قلت "اتفه" على الانتهازيين و الجبناء, وانا اقترح على القراء من كان له بعض الوقت ويريد التسلية أن ياخذ اي صحيفة تونسية ويختار منها اي صحافي سياسي ويقرا ما كتبه على مدى السبعة الايام التي سبقت سقوط الطاغية ويقارنه بما كتبه على مدى السبعة الايام التي لحقت السقوط.

وسيكتشف أن من سقط فعلا هي ورقة التوت التي كانت تغطي عورات هؤلاء الكتبة ....وماهم بكتاب ...

احمد المناعي

-----------------------------------------------------------------------------

الحمد لله وحده

سوسة في: 20 - 2- 2011

إلى الهيئة المؤقتة لرئاسة التحرير

جريدة الصباح

شارع 7 نوفمبر المنزه تونس

أيها السادة

السلام عليكم و بعد

نشرت جريدة الصباح في عددها 19874 المؤرخ في 11 فيفري 2011 مقالا بتوقيع السيد سفيان رجب يستعرض فيه شهادة ضابط الأمن لطفي درويش’ عن المهمة التي أوكلت إليه والمتمثلة في تنفيذ اغتيالات في الخارج و التي ذكر فيها اسمي كأحد الأشخاص الثلاثة المستهدفين بالاغتيال.

ومنذ اليوم الأول لصدور المقال حاولت الاتصال بالصحفي المذكور و تركت له رقم هاتفي عند أحد زملاءه و إني لأستغرب كثيرا صمته و تهاونه في الرد علي لتوضيح خفايا قضية بهذه الخطورة لذا أرجو منكم نشر تعقيبي التالي.

أحمد المناعي

20 - 2- 2011

___________________________________________________________________

"لقد بلغني صدى هذا المشروع الإجرامي الذي وقع التخطيط له في خريف سنة 1991 و جاءتني عنه أخبار في بداية سنة 1992 دونما تفاصيل كثيرة غير أن ذلك لم يمنعني من الاستمرار في أداء واجبي في التعريف بطبيعة النظام و إنما دفعني فقط للإسراع بتنفيذ برنامج تهريب زوجتي و أولادي الخمسة و تم ذلك في شهر أوت 1992 الأمر الذي سهل علي التفرغ مع رفاقي المنذر صفر و علي السعيدي و منير بن لطيفة لقضية المخدرات المتهم فيها المنصف بن علي شقيق الرئيس التونسي والتي نظرت فيها المحاكم الباريسية و أصدرت حكمها فيها".

على أن مخطط الاغتيالات و الاعتداءات على المعارضين في الخارج لم يتوقف برفض ضابط الأمن لطفي الدرويش تنفيذ ما أوكل إليه.

"ففي يوم الجمعة 29 فيفري 1996 وقع الاعتداء على احمد المناعي وهو داخل إلى بيته في الضاحية الباريسية حيث انقض عليه شخصان من خلف و تولى أحدهما ضربه بآلة حادة على رأسه و تولى الثاني ضربه على وجهه الأمر الذي نتج عنه سقوط الضحية مغمى عليه و قد هرب الجنات إلى السيارة التي كان فيها ثالثهما في الانتظار وقد جاءت الإسعافات و نقل احمد المناعي إلى المستشفى و بعد الفحوص و العلاج منح الطبيب للضحية شهادة بإيقاف العمل لمدة عشر أيام و قد رفعت قضية ضد مجهولين لدى شرطة المكان في يوم 3 مارس"1996.

في يوم 22 أفريل 1996 و على الساعة الثالثة بعد الظهر وقع الاعتداء على منذر صفر في شارع أساس بباريس حيث انقض عليه شخصان تولى الأول تحزيمه من خلف بينما شلّطه الثاني بشفرة موس في خده الأيسر و هرب الاثنان بعد فعلتهما إلى حيث كان ينتظرهما ثالث بسيارة و قد وصلت الإسعافات بسرعة و تم نقل الضحية إلى المستشفى حيث خيطت له 25 غرزة و منحه الطبيب شهادة بإيقاف العمل لمدة 15 يوما و قد رفع منذر صفر قضية ضد مجهول .

في يوم 14 مارس 1997 وقع الاعتداء مرة ثانية على أحمد المناعي عند مدخل باب بيته في الضاحية الباريسية حيث انقض عليه شخصان من خلف و ضربه الأول بعصا بازبول على جبهته فسقط على الأرض و استمر في ضربه بالعصا على ساقيه و فخذيه, بينما رشه الثاني بالغاز المدمّع و طفق يرفسه على جنبيه بنعله السميك و قد نقلت الضحية إلى المستشفى مغمى عليها و عولج لمدة خمسة أيام و خيطت له 15 غرزة في الجبهة و منح شهادة في إيقاف العمل لمدة 25 يوما و قد هرب الجنات ملتحقين بسيارة كان ينتظرهما فيها ثالثهما و كما في الاعتداءين الأولين رفعت قضية ضد مجهول

و بعد أسبوع أمرت النيابة العمومية بضم القضايا الثلاثة و عهد التحقيق فيها إلى فرقة مقاومة الإجرام في فرساي و بالموازاة مع ذلك قدم المنذر صفر و علي السعيدي و أحمد المناعي قضية ضد الرئيس بن علي باعتباره المسئول الشخصي على كل هذه الاعتداءات غير أن النيابة العمومية في باريس رفضتها.

و قد جاء الاعتداء الأول على أحمد المناعي إثر نشر جريدة الحياة اللندنية خبرا عن إحراق مخازن كمال لطيف في ضاحية تونس و نسب الخبر اسميا إلى أحمد المناعي

و جاء الاعتداء على منذر صفر إثر مراسلته لبابا الفاتيكان قبل زيارته إلى تونس وضح له فيها أوضاع حقوق الإنسان في جمهورية بن علي.

أما الاعتداء الثاني على أحمد المناعي فقد جاء على إثر نشر الأخير لمقال وضح فيه الأوضاع التي سادت في تونس منذ تسلم بن علي للحكم

و أشير إلى أنه و بعد شهرين من الاعتداء الأول علي ، هاتفني الرجل الشهم السيد محمد المصمودي وزير الخارجية الأسبق و أخبرني بأنه راجع من تونس و أنه قد بلغه أن " الجماعة" قررت قتلي وواساني و نصحني بأن أتلطف بزوجتي و أبنائي.

وجدير بالذكر أن الحكومة الفرنسية بعثت الجنرال فيليب روندو إلى تونس لتحذير السلطات التونسية من إعادة الكرة و قد فوجئ المبعوث الخاص بإنكار السلطات الأمنية التونسية لكل مسؤولية فيما حدث و نسبته إلى الموصاد الإسرائيلي. و الحقيقة أن رئيس الدولة الأسبق قد أمر بالاعتداء الثاني في غفلة عن أجهزته المختصة وهو ما أكده لي مبعوث منظم الاعتداءات الثلاثة قبل موته في حادث مرور بأسابيع.

و أخيرا أشير إلى أن ضابط الأمن لطفي الدرويش قد اخطأ في حق السفير المتقاعد محمد علي القنزوعي الذي لم يكن كاتب دولة في الفترة التي مكنه فيها من مسدس كاتم الصوت و كلفه بالاغتيالات و إنما كان مديرا للمصالح المختصة وهو جهاز يتبع مباشرة رئيس الدولة فوق مدير الأمن و حتى وزير الداخلية وأذكر ذلك جيدا حيث أني كنت "ضيفا" عليه لمدة أسبوعين خلال شهر أفريل 1991

و أذكر بأنه على إثر صدور الحكم على المنصف بن علي في قضية المخدرات سنة 1992 بادر المنذر صفر و أحمد المناعي بتأسيس " اللجنة التونسية للمطالبة باستقالة الرئيس بن علي و تشكيل حكومة إءتلاف وطني" وذلك لما ظهر واضحا بتورط الدولة التونسية و رئيسها في الدفاع عن مجرم حق عام و تعريض هيبة تونس و كرامة شعبها للتدنيس .

و في الأخير أهدي هذا النص التوضيحي إلى روح المرحوم علي السعيدي الذي قتل في ديسمبر 2001 في قفصة في ظروف غامضة.

و تقبلوا خالص التحية و السلام

أحمد المناعي


Wednesday, July 27, 2011

La famine en Somalie et....


Corne de l’Afrique : chronique d’une tragédie annoncée ? Hervé Cheuzeville

26 juillet 2011

Sur le même sujet, cette interview de Aziz Fall à Radio Canada

Aziz Fall: http://www.radio-canada.ca/audio-video/pop.shtml#urlMedia=http://www.radio-canada.ca/Medianet/2011/RDI2/RDIEnDirect201107261100_4.asx&epr=true/

La situation dans la Corne de l’Afrique est tragique. Il faut cependant tenir à ce sujet un langage de vérité. Cette situation, même si elle a été considérablement aggravée par une sécheresse exceptionnelle, a surtout des causes humaines. Tant que ces causes humaines n’auront pas été supprimées, la famine sera toujours récurrente dans cette partie de l’Afrique, et les réponses à de telles urgences seront toujours difficiles à apporter.

Quelles sont ces causes? D’abord le chaos en Somalie, et ce depuis 1991! Les régions les plus touchées de ce pays sont contrôlées par un groupe armé nommé Chebab, affilié à Al Qaïda. Quelle organisation humanitaire sérieuse risquerait la vie de ses employés dans un tel secteur? Certaines montent des opérations par télécommande, depuis le Kenya, en donnant leurs instructions au personnel somalien par téléphone. De son côté, le PAM envisage des largages aériens de vivres. De telles actions seront-elles vraiment efficaces? Ne vont-elles pas, au moins en partie, profiter aux fauteurs de troubles, les Chebabs? On oublie aussi souvent de souligner qu’il existe une partie de la Somalie qui a su rester à l’écart de la guerre affectant le pays depuis vingt ans : il s’agit de la République du Somaliland, qui a proclamé son indépendance en 1991. Or, cette indépendance, contrairement à celle plus récente du Soudan du Sud, n’a pas été reconnue par la communauté internationale. Nul doute que cet isolement international complique grandement les efforts des autorités locales pour développer le pays et, ainsi, éviter les risques de famine. La France s’honorerait en proposant à l’Union Européenne de reconnaître sans plus tarder la République du Somaliland (pourquoi avoir reconnu le Kossovo et le Soudan du Sud et ne pas faire de même pour le Somaliland ?)

Seconde cause de ce drame, les énormes dépenses militaires de l’Ethiopie et de l’Erythrée qui, après s’être livrés à une absurde mais très meurtrière guerre de frontières en 1998-2000, continuent à équiper leurs armées surdimensionnées en prévision de la prochaine guerre. L’Ethiopie n’est d’ailleurs pas complètement étrangère au drame somalien, puisqu’elle y est intervenue militairement, aggravant ainsi le chaos ambiant. Quant à l’Erythrée, par haine du frère ennemi éthiopien, elle n’a pas hésité à soutenir les Chebabs somaliens, qui combattaient l’intervention éthiopienne. Pire encore, l’Erythrée maintient sous les drapeaux, pour un service militaire à durée illimitée, une grande partie de ses forces vives qui auraient pu être engagées plus utilement dans l’agriculture et le développement économique du pays.

La troisième cause de la tragédie en cours, tout aussi humaine que les précédentes, ce sont les politiques agricoles aberrantes de certains gouvernements de la région. C’est ainsi que le gouvernement éthiopien n’a pas hésité à spolier des populations d’agriculteurs du sud du pays, qui étaient jusque là autosuffisantes, en leur confisquant leurs terres ancestrales pour les céder à de grandes compagnies étrangères. L’ONG Survival, qui défend la cause des peuples indigènes partout dans le monde, a ainsi révélé hier que « de grandes étendues de terres fertiles de la vallée de l’Omo, au sud-ouest de l’Ethiopie, ont été cédées à des compagnies malaisiennes, italiennes et coréennes, ou sont directement gérées par l’Etat, pour y pratiquer une agriculture d’exportation, alors que les 90 000 autochtones qui vivent dans la région dépendent étroitement de leur terre pour leur survie. »

Survival ajoute même que « le gouvernement projette d’étendre à 245 000 hectares la superficie des terres qu’il destine principalement à la culture de la canne à sucre ». La canne à sucre ne se mange pas, contrairement au sorgho ou au millet qui étaient cultivés traditionnellement par ces populations et qui parvenaient, bon an mal an, à les nourrir.

La quatrième cause, rarement dénoncée, pourtant à l’origine de nombreuses famines, comme on l’a encore vu il y a peu au Niger, ce sont la corruption et la spéculation. De grands commerçants, associés à des ministres et hauts fonctionnaires corrompus, profitent de la sécheresse annoncée en stockant les céréales achetées aux petits paysans, afin de faire monter artificiellement le prix des denrées de bases.

Dans la Corne de l’Afrique, ce sont ces quatre causes d’origine humaine qui ont provoqué cette crise sans précédent. Tous les efforts du PAM et des ONG telles qu’Action Contre la Faim, Médecins Sans Frontières ou Oxfam ne permettront pas d’éviter une tragédie de grande ampleur. Pour cela, il aurait fallu s’attaquer aux causes et ce, bien avant le début de cette catastrophe humanitaire. Mais cela aurait nécessité beaucoup de courage politique de la part des gouvernements concernés, des organisations internationales et des grandes puissances. Cela n’a pas été le cas, malheureusement.

Hervé Cheuzeville, 26 juillet 2011

(Auteur de trois livres: « Kadogo, Enfants des guerres d’Afrique centrale« , l’Harmattan, 2003; « Chroniques africaines de guerres et d’espérance« , Editions Persée, 2006; « Chroniques d’un ailleurs pas si lointain – Réflexions d’un humanitaire engagé« , Editions Persée, 2010)

http://www.echosdafrique.com/20110726-corne-de-l%E2%80%99afrique-chronique-d%E2%80%99une-tragedie-annoncee/

Tuesday, July 26, 2011

Salah Karkar: qui s'en souvient?

قراءة في قرار النهضة فصل صالح كركر من صفوفها

في الرابع و العشرين من شهر أكتوبر2002 الماضي اتخذت حركة النهضة الإسلامية بتونس قرارا من أهم وأخطر القرارات التي اتخذتها منذ نشأتها. وقد تمثل هذا القرار في فصل صالح كركر من صفوفها. والجدير بالذكر أن هذا الأخير هو أحد المؤسسين الثمانية للحركة الإسلامية في تونس. و يعتبر بدون منازع الأب التنظيمي للحركة و أحد أهم المنظرين لها و رجل المؤسسة الأول فيها.

و قد كان أول مسئول عن المؤسسة التنظيمية بالحركة، وبقي على رأسها طيلة العشرية الأولى التي عقبت تاريخ التأسيس. وتحمل لمدة طويلة نيابة رئاسة الحركة ورئاسة مجلس الشورى فيها ثم رئاسة الحركة سنة 1987 وقاد صحبة ثلة طيبة من إخوانه المواجهات التي حصلت بين الحركة والسلطة والتي انتهت بسقوط بورقيبة من الحكم على إثر انقلاب قام به ضده وزيره الأول الجنرال بن علي.

وإذا استثنينا السيد صالح بن عبد الله البوغانمي، أحد المcسسين الثمانية، و الذي لا نعرف وضعيته التنظيمية الحقيقية في الحركة حاليا، يعتبر السيد راشد الغنوشي، بعد فصل صالح كركر، هو آخر الأعضاء المؤسسين الذي بقي في الحركة رغم أن كل المؤسسين لا يزالون على قيد الحياة.

فهل يعني ذلك أن السيد الغنوشي قد حصل بشكل أم بآخر على كل أسهم المشاركين له في التأسيس، وحول الحركة إلى ملكية خاصة له أم أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من مجرد صدفة بعيدة عن كل إرادة تصفوية مبيتة أو غير مبيتة؟

فمنذ تأسيس الحركة بقي صالح كركر وفيا لطبيعته كمؤسس، مهموما بمسألة التجديد والإبداع في الحركة، وجعلها حركة حديثة ومتطورة وقائمة على مؤسسات عصرية قوية وعلى أسس علمية أصيلة، وجعلها متمشية دائما مع واقع المجتمع، قريبة منه، مستجيبة لمطالبه وهمومه، وهو ما أكسب الحركة شعبية واسعة فريدة من نوعها في البلاد.

و لم تكن مهمة صالح كركر في هذا التوجه و في هذه المجالات سهلة. فقد واجه منذ وقت مبكر صعوبات جمة ومعارضة شديدة من قبل القيادة وأعوانها المقربين مما اضطره في أكثر من مناسبة إلى الاستقالة من المسؤولية التي يتحملها. فأمام استحالة التناغم بينه و بين رئيس الحركة اضطر إلى الاستقالة من نيابة رئاسة الحركة، وكذلك من رئاسة مجلس الشورى.

و بعد خروجه من السجن في شهر أوت من سنة 1984 خرج مصحوبا بورقة أعدها في السجن تستهدف تحوير البنية التنظيمية للحركة و تقنين مهمة رئاسة الحركة في اتجاه الحد منها وربطها برقابة أشد من قبل المؤسسات وعموم أعضاء الحركة و بالحد من عدد الترشحات المتتالية لرئاسة الحركة بالنسبة لنفس الشخص. وكان من المنتظر أن تكون تلك الورقة من جملة الورقات التي سيناقشها المؤتمر العام للحركة الذي عقد في شهر نوفمبر من سنة 1984.

ورغم أن الورقة وقع تسليمها من طرف الأخوين صالح بن عبد الله البوغانمي ومحمد شمام للجنة تنظيم المؤتمر إلا أنه وقع حذفها عمدا ولم تكن ضمن بقية الأوراق خلال المؤتمر مما تسبب في ضجة خلال أعماله كادت تؤول إلى انفضاضه قبل انتهاء أشغاله. وقد تعرضت محاولات صالح كركر لتطوير الحركة في اتجاه المرونة والواقعية والانفتاح منذ البداية إلى صعوبات جمة. و قد حول المناوئون هذه الاجتهادات عن وجهتها الحقيقية و قدموها على أساس أنها مجرد شكل من أشكال الصراع على القيادة بين كركر والغنوشي، بينما لم تكن تلك هي الحقيقة.

وبعد فشل مشروع الحركة في مواجهة نظام الجنرال بن علي، وما تسبب فيه ذلك لما يزيد عن الخمسين ألف من أعضائها ومتعاطفيها من معتقلات مع التعذيب الوحشي والذي أدى أيضا بالعديد من العشرات إلى الموت، وإلى أعداد غفيرة أخرى إلى الطرد من الشغل والتجويع، و إلى التشريد والمنافي في كافة أصقاع الدنيا، انتبه صالح كركر إلى فداحة الكارثة و شعر بالأضواء الحمراء تشتعل أمامه من كل مكان وأدرك بحسه المرهف أن الحركة لم يعد يمكنها أن تواصل السير كما درجت عليه من قبل حصول الكارثة.

فأصدر الصيحة تلوى الصيحة و النداء تلوى النداء إلى كل أعضاء الحركة و قيادتها مطالبا بالقيام بنقد ذاتي حقيقي صريح وتخلي القيادة التاريخية عن مهامها القيادية، وإحداث ثورة جذرية على فكرة التنظيم والأهداف والمناهج في الحركة قبل أن يزهد فيها أعضاؤها من داخلها وتفر من حولها عنها الجماهير المتعاطفة معها من خارجها. فأصمت قيادة الحركة كعادتها آذانها و آثرت سياسة الهروب إلى الأمام.

وجدد المقربون من القيادة المباشرة هجومهم على صالح كركر واتهموه بالتهافت على افتكاك القيادة من الغنوشي تارة وبتأسيس تنظيم موازي لتنظيم الحركة تارة أخرى، حتى وضع كركر تحت الإقامة الجبرية بسعي أكثر من طرف على رأسها الجنرال بن علي نفسه. وبإبعاد كركر عن ساحة الفعل تنفس العديد من المناوئين له من داخل الحركة و من خارجها الصعداء وفرحوا فرحة الشامت والمستفيد من هذه المصيبة التي حلت بصالح كركر. وحسب هؤلاء أن صفحة كركر طويت بدون عودة.

و نسي جميعهم قول الله تعالى: "و عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم".

إن المنفى لا يمكن أن يكون في نظر العـقلاء إلا مكروها وشرا يحل بالإنسان. إلا أنه من حكمة الله أن الشر لا يمكن في الغالب أن يكون شرا مطلقا وإنما شر بين يصحبه خير غير بين. كما أن الخير ليس هو كذلك دائما وإنما هو خير في ظاهره يصحبه شر غالبا ما يكون خفيا. وقد استطاع السيد صالح كركر أن يحول محنته إلى منة، ويحول ضيقه إلى سعة، فاغتنم ظروف عزلته في إقامته الجبرية اغتنمها في القراءة والبحث والتأمل، خاصة في وضع العالم وتوازناته، وفي وضع المنطقة والبلاد والتطورات التي تمر بها. كما اهتم على وجه الخصوص بالحركة الإسلامية في العالم عموما وتابع مسيرتها منذ تأسيسها، وتوقف عند أهدافها ومناهج عملها وخطابها على المستوى النظري وممارساتها في الواقع. كما توقف أيضا عند علاقة الحركة الإسلامية بمسألة الحكم على المستوى النظري و بالحكام والأحزاب السياسية الأخرى في المعارضة على مستوى الواقع.

وقد خرج كركر من كل تلك القراءات و الأبحاث و التأملات باستنتاجات عدة نذكر منها:

ـ على مستوى الحركة ذاتها الفصل بين ما هو ديني وسياسي فصلا كاملا. فينهض العلماء والأئمة والوعاظ والدعاة والمفكرين وغيرهم إلى التشكل في جمعيات متنوعة ومتعددة تخدم كل ما هو علوم شرعية وفكر إسلامي واجتهاد و ثقافة ومساجد ودعوة وغير ذلك خارجا عن كل نشاط سياسي يشارك في السباق إلى الحكم. كما يبقى الباب مفتوحا أمام الراغبين في النشاط السياسي من المقتنعين بالإسلام والفكرة الإسلامية للمشاركة في أحزاب سياسية عقلانية تحترم دساتير ومؤسسات و قواعد العمل السياسي في بلدانها.

ـ يستحسن تجنب قيام أحزاب على أساس تطبيق الشريعة بالشكل الذي هي عليه الآن، على أن تقوم بدلا من ذلك على أساس برامج عقلانية تقترب من الإسلام والحماس له وتبتعد عنه بحسب توجهات وقناعات أصحبها.

ـ تبقى كل الأحزاب السياسية القائمة متساوية أمام مسألة الحماس لخدمة الإسلام وتعاليمه دون أن يتميز أحدها بالوصاية على ذلك.و بناء على كل ذلك فالشعب هو وحده الذي يوزع ثقته بين الأحزاب كما يشاء و بما يراه مناسبا.

هذا التوجه الفكري والاستراتيجي بالإضافة إلى العديد من المواقف السياسية و الحركية لم ترق للقيادة المباشرة على رأس الحركة وحذرت صاحبها عن طريق المراسلات المكتوبة من مغبة المواصلة في هذا الطريق ولمحت له مهددة إياه إلى إمكانية فصله من الحركة في بعض المراسلات إذا ما هو أصر على ذلك. إلا أن ذلك لم يثن صالح كركر عن توجهه وعن عزمه على السير فيه إلى نهايته. و قد كان لذلك صداه الكبير داخل الحركة و خارجها، وهو ما زاد من قلق قيادة الحركة و من حرجها الشديد.

وقد اجتمعت أسباب عدة أدت في النهاية إلى اتخاذ قرار بفصل كركر من الحركة التي ساهم في تأسيسها. من تلك الأسباب تشبث قيادتها التاريخية بموقع القيادة ورفضها تركه, ومنها أيضا رفض القيادة وأعوانها للفكر المقابل ولمناقشته وقلة صبرها عليه مما يشكك في قدرتها على قبول غيرها من خارجها في صورة تمكنها من السلطة. ومنها كذلك تغلب فكرة التحزب الأعمى على مفهوم الفكرة في ذاتها لدى القيادة و أعوانها، فالولاء للشخص والتنظيم أصبح مقدما على احترام الفكرة والصبر عليها ومناقشتها. ومنها غياب المؤسسات القوية والتوازنات القيادية التي عرفت بها الحركة من قبل. فمعظم قيادات الجيل الأول والجيل الثاني ممن عرفوا بقوة شخصياتهم واستقلاليتها وتنوعهم الفكري هم في حالة غياب بسبب السجن و المهاجر والاستقالات بعد نفاد الصبر.

كل هذه الأسباب و غيرها أعاقت الحركة من مصداقيتها وتركت المجال فسيحا أمام القيادة الحالية لتتصرف كما تشاء في غير رشد ولا حكمة ولا هدى فأخذت قرار الفصل هذا في غير حكمة ولا حنكة سياسية ولا هو من حقها مطلقا.

والحيثيات التي اعتمدتها هذه القيادة لاتخاذ قرارها بالفصل هي في الحقيقة لا تصلح لاتخاذه حيث أنها تمثل حقوقا لكل عضو في حزب سياسي عصري يقوم على مبدأ احترام أفراده وحريتهم في التفكير والتعبير.

فالجرم الأول الذي نسب لكركر منازعته لمنهج الحركة التغييري قولا وعملا. ويذكر كركر أنه منذ وقت طويل أصبحت له مؤاخذات كبيرة على منهج الحركة التغييري، وعبّر عن ذلك في مؤسسات الحركة قبل أن ينفى وفي منفاه كتب الورقات الكثيرة وبلغها إلى الحركة إلا أن شيئا من ذلك لم يؤخذ بعين الاعتبار وانعقد المؤتمر تلو المؤتمر دون أن يسمح لهذه الأفكار أن ترى الضوء وتناقش.

وكتب في ذلك المقالات العديدة و أرسل بها إلى المراسلة الداخلية للحركة أملا في أن يطلع عليها أعضاء الحركة ويناقشوها، فنشر المقال الأول و الثاني وقطع الطريق أمام بقية المقالات. وليس من باب الصدفة أبدا أن تجاهلت الحركة تجاهلا تاما عضوها المؤسس صالح كركر و كأنه وُوري التراب لمدة سنوات عديدة قبل اتخاذ قرار الفصل.

فالقيادة هي التي مارست قرار الفصل ضد صالح كركر منذ سنوات طويلة قبل أن تعلن عنه أخيرا وليس العكس. والسيد كركر يقول حول هذه النقطة إنه يضع الرأي العام حكما ويتحدى قيادة الحركة أن تثبت له ماديا أنها مكنته من كل حقوقه كعضو وأبقت على اتصال تنظيمي طبيعي معه وذلك منذ وقوعه تحت الإقامة الجبرية. فمن مارس الانفصال يا ترى؟ هل أن كركر هو الذي مارس انفصاله عمليا عن الحركة منذ سنين عدة كما يذكر قرار الفصل الذي اتخذته القيادة أم أن هذه الأخيرة هي التي مارست ضده قرار الفصل منذ أمد بعيد وتجاهلت وجوده تماما وتوقفت عن الاتصال به في كل ما يهم سير الأمور الداخلية للحركة وفي كل ما يهم عقد مؤتمراتها منذ سنة 1993 سواء كان ذلك في ما يتعلق بالإعداد أو بما أسفرت عنه تلك الموتمرات.

فهل يعقل أن يعامل عضو تام شروط العضوية في الحركة بمثل هذه المعاملة الجافة وبتجميد عضويته دون اتخاذ قرار صريح بالتجميد. ويذكر كركر أن أعدادا واسعة من بين أعضاء الحركة المعترضين على القيادة و أساليبها في العمل وممارساتها الغريبة قد عوملوا بهذا الشكل و فصلوا عمليا دون أن تصدر فيهم قرارات بالفصل، هذا بالإضافة لأعداد كبيرة أخرى فصلوا بقرارات رسمية أو قدموا استقالاتهم من الحركة بعد يأسهم من إمكانية تطور قيادتها.

ويذكر كركر أنه لم يعلم بفصله من حركته التي ساهم مساهمة فعالة في تأسيسها إلا بعد مدة من اتخاذ القرار ولم يمكن من أبسط إجراءات الدفاع عن نفسه. وهذا أسلوب يتنافى مع أبسط شروط مفهوم العدل حتى لدى القبائل الإفريقية حيث يحاط المتهم علما بالاتهامات الموجهة إليه ويحضر لدى محكمة القبيلة ويحضر معه من يدافع عنه وتحترم إجراءات التقاضي للجميع، وهو ما أهملت احترامه قيادة الحركة التي حددت اتهاماتها لكركر وبتت فيها سرا وأصدرت حكمها بالفصل، دون أن تمكن المتهم من أي حق من حقوق الدفاع. فهل يعقل أن تؤتمن مثل هذه القيادة على إقامة العدل بين أبناء الشعب في البلاد لو قدر لها أن تصل إلى الحكم؟؟؟

بالنسبة للطعن في شرعية مؤسسات حركة النهضة وفي شرعية قيادتها يؤكد كركر بهدوء تام أن لا شرعية القيادة والمؤسسات المنبثقة عن المؤتمر العام أمر مسلم به لا يحتاج إلى تدليل. فالقيادة الحالية للحركة ومؤسساتها لم يقع اختيارها بأكثر من خمسة بالمائة من أعضاء الحركة إذا أخذنا بعين الاعتبار الأعضاء المساجين والمفصولين والمستقيلين والمشردين في المهاجر والمغيبين عمدا من طرف القيادة.

إضافة إلى ذلك الأساليب المتبعة في تنظيم المؤتمرات التحضيرية للمؤتمر العام التي يقع فيها انتخاب أعضاء المؤتمر العام والتي لا تدعو القيادة للحضور فيها إلا الموالين لها وقلة قليلة من المعترضين عليها لا يستطيعون أن يؤثروا في تلك المؤتمرات التحضيرية شيئا. فكيف يمكن مع كل هذه التجاوزات والممارسات أن يعتبر العاقل القيادة والمؤسسات المنبثقة عن المؤتمر العام المنظم بهذا الشكل قيادة ومؤسسات شرعية؟

و يذكر كركر أن هذه القيادة هي بالفعل غير شرعية وهي من جهة أخرى قيادة قد تجاوزها الزمن وقد غدت منذ مدة طويلة عقبة كأداء أمام تطور الحركة وتخلصها من مختلف سلبياتها ومن الصعوبات التي تعترض سبيلها. فهذه القيادة حسب رأيه قيادة عاجزة ضيقة الأفق معدومة الطاقات جنت على الحركة الكثير وهي لا تزال تجني عليها و تعيق مسيرتها. ومن الواجب أن تستقيل هذه القيادة وتريح الحركة من سلبياتها المتعددة وتفسح لها المجال بذلك للنهوض بنفسها واختيار قياداتها المناسبة ومواصلة الطريق بشكل بناء وسليم يخدم مصلحة الحريات الحقيقية و الديمقراطية للجميع في البلاد.

أما حول مسألة حل الحركة لنفسها فيذكر كركر أنه ذكر ذلك في إطار مشروع أوسع متكامل ومتناسق. يذكر أنه اقترح أن تحل الحركة نفسها أي أن حل الشكل التنظيمي التي هي عليه ماضيا وحاضرا لتتشكل ضمن حركتين. حركة ثقافية وفكرية ودعوية ووعظية واجتماعية على أسس تنظيمية مغايرة تماما ومعلنة في كل تفاصيلها وتكون جزءا من المجتمع المدني يقوم على خدمة الشؤون الإسلامية البحتة بعيدا عن أي مشاركة في السباق على السلطة.

أما الحركة الثانية فيرى كركر أن تكون حركة سياسية عصرية قائمة على برامج عقلانية وعلى مؤسسات عصرية، مثل كل الأحزاب السياسية في العالم الحديث. كما يمكن لكل من يريد من ذوي القناعات الإسلامية الالتحاق بأي حزب من الأحزاب السياسية القائمة في البلاد ممن يأنس في التفاعل مع مبادئها وبرامجها. وهذا هو الوجه الصحيح لوضع حد نهائي لاحتكار الصفة الإسلامية من قبل الحركة في البلاد وتوظيفها للمسألة السياسية في إطار السياق على السلطة. وهذا من جهة أخرى يضع حدا للازدواجية المقيتة التي قسمت المجتمع التونسي إلى جزئين متعارضين، إسلامي وغير إسلامي، ويفسح المجال للمجتمع بأسره أن يتطور بهدوء وموضوعية وواقعية في اتجاه معتقده و دينه ويتصالح كوحدة مع ثقافته وهويته.

وفي العموم فإن ما تراه قيادة الحركة كأخطاء فادحة فصلت بموجها صالح كركر من الحركة التي ساهم هذا الأخير في تأسيسها بقسط وافر، يراها كركر أمورا ملحة في منتهى الإلحاحية من أجل التجديد والنهوض بالإسلام وبالسياسة معا في البلاد.

فهل سيضع قرار الفصل هذا حدا لهذا التوجه ويعيق مسيرته، أم على العكس سيزيده زخما وسيدفع بالكثيرين إلى الالتفاف حوله؟ إن مستقبل الأيام هو وحده الكفيل بالجواب الصحيح على هذا التساؤل.

لكن إلى جانب ذلك هناك ثوابت لا بد من التذكير بها.

أولها أن الممنوع هو دائم مرغوب فيه. وقد ساهم المنع و المصادرة على مر التاريخ وفي غالب الأحيان في مزيد الرواج للفكرة الممنوعة والمضطهدة ولأصحابها، خاصة إذا كانت الفكرة إيجابية بناءة مندرجة ضمن سنة التطور والتجديد التي يقوم عليها الكون وحركة التاريخ فيه. أما الثابتة الثانية فتتمثل في كون أن صاحب الفكرة الجديدة هو دائما في موقع الهجوم بينما المصادر لها والمضطهد لأصحابها هو دائما في موقع الدفاع. وقد علمنا التاريخ أن الحروب غالبا ما تحسم لصالح المهاجم حيث يصعب للمدافع أن يربح حربا تدور رحاها على أرضه. ومن تلك الثوابت أيضا يمكننا أن نذكر أن البقاء في عالم الأفكار، كما في عالم الأحياء، هو في الغالب لصالح أكثرها وضوحا و واقعية واستجابة لمصالح الخلق.

وهكذا فإن مسألة فصل صالح كركر عن حركة النهضة ليست مسألة تنظيمية تافهة ولا هي مسألة صراع بين شخصين على زعامة حركة ولا هي أيضا مسألة تكتيك سياسي افتعلته الحركة لقضاء بعض المآرب السياسية كما يروق للبعض أن يتخيله. إنما هي مسألة جوهرية في منتهى الدقة والأهمية، هي مسألة صراع طبيعي و منطقي بين التقليد والجمود والانغلاق من جانب وبين التجديد والإبداع والمرونة والتيسير على الخلق من جاب آخر.

وإذا فهمنا المسألة على هذا الأساس فيصبح بذلك الطريق في هذه المسألة واضحا أمامنا، وكذلك لمن من كلا الطرفين ستكتب الغلبة في النهاية، وهنا لسنا نتكلم على مستوى الأشخاص والأفراد وإنما على مستوى أهم بكثير، على مستوى الأفكار والتوجهات. إلا أن حصول ذلك سوف لن يكون هينا.

ويؤكد لنا صالح كركر تمسكه بالإسلام كمعتقد ودين للشعب وكنظام أخلاقي وتربوي فريد في نوعه في بناء النفس البشرية الشفافة والمستقيمة وكمصدر استلهام واستنباط للمجتمع بأسره في كل أوجه حياته إذا ما استعمل على أحسن وجه تلك الملكة التي خلقه الله تعالى بها و ميزه بها على بقية المخلوقات، ألا وهي العقل.

جمع من أعضاء فضاء الحوار من أجل الحريات و الديمقراطية في تونس

الذي يقوم بتنشيطه صالح كركر

25 ـ 11 ـ 2002

افتتاحية المناضل:العدد الثاني عشر