Search This Blog

Tuesday, December 29, 2009

Décès de Anis Sayegh


الصخرة والينبوع

29/12/2009

صقر ابو فخر

من تلال « أم قيس »، عند مثلث الحدود السورية ـ الاردنية ـ الفلسطينية، كان يحلو له ان يتأمل مياه طبرية بحرقة وشجن، ولو حدّق قليلا لرأى مدينته التي ولد فيها وعاش في أفيائها سبعة عشر عاماً. غير انه، في هذه المرة، لم يذهب الى « أم قيس »، فقد وهن قلبه واتعبته آلام العمر، فأناخ راحلته في مدينة عمان ومضى

.

هكذا تطوي الأيام احلامنا، و« تفرفط »، مثل زهر الأقحوان، أوراقنا، وتغمر بصمتها العجيب أجساد الأحبة. فيا للحسرة، خلال سنين معدودة ومنحوسة تناثر جيل مدهش كما تتناثر حبيبات الطلع في كل مكان، وها نحن ما زلنا نودع الواحد من هذا الجيل تلو الآخر.

رحل إحسان عباس في سنة 2003، ثم كرّ خيط الموت : هشام شرابي، نقولا زيادة، محمود درويش، رفعت النمر، شفيق الحوت، محمد يوسف نجم، يوسف صايغ، ومعهم سمير قصير وجوزف سماحة وكمال ناجي وآخرون. وبغيابهم أزدادت الايام وحشة وسواداً، وباتت كالحة مثل سديم الصحارى.

كان أبي

حينما سلمته مقالتين ارسلهما معي من دمشق الدكتور ماهر الشريف والدكتور جورج جبور، فرح كالأطفال، فقد كان يعد كتاباً جميلاً سيهديه الى اسم شفيق الحوت. وفي اثناء ذلك اخبرني ان فحوصه الطبية ليست جيدة البتة، وعليه ان يدخل الى المستشفى بسرعة، لكنه سيؤجل العلاج الى اجازة الميلاد ورأس السنة التي سيمضيها في عمان. وفي يوم سفره هاتفني، وكان صوته مبحوحاً جراء نزلة صدرية اتعبت قلبه، وقال لي : « أنا مسافر الى عمان، وحينما اعود ارجو ان تكون بين يدي مقالات محمود سويد ونصري الصايغ ومحمود محارب ومقالتك أنت، فقد تأخرتم في تسليم ما تعهدتم به »... لقد ظلت اصابعه تعبث بالأقلام والأحبار والمقالات حتى آخر يوم من حياته

.

الثانية عشرة والنصف، ليلة الميلاد، جاءتني مكالمة من عمان. كان على الطرف الثاني رامي شعبان، فاعتقدت ان الدكتور أنيس يرغب في أمر ما. لكن رامي اجهش في البكاء، ولم يستطع ان ينقل إليّ الخبر الدامع بوضوح، ثم دفع بالهاتف الى رفيقة عمر أنيس صايغ السيدة هيلدا شعبان التي تمكنت من ان تخبرني برحيل الرجل الذي صار أبي منذ ان تعرفت إليه قبل ثلاثين سنة... وكان بكاء هنا وبكاء هناك وفي امكنة كثيرة بالطبع. فأنيس صايغ واحد من الكبار اللامعين، بل من القلة القليلة التي انعقدت محبتنا له، ومن النادرين الذين تحلقنا حوله في « الموسوعة الفلسطينية » وفي « اللقاء الثقافي الفلسطيني »، وكان إمامنا في الاخلاق والتواضع والتفاني والالتزام والجرأة والحنو والترفع عن المماحكات اليومية التي أتقنها، أيما اتقان، الفلسطينيون واللبنانيون معا

ً.

رافقت أنيس صايغ قليلا في مجلة « شؤون عربية »، ويوميا في « الموسوعة الفلسطينية »، ولم أنفك عن صحبته طوال الحقبة التي اعقبت ظهور الموسوعة وانتشارها بين الملأ وحتى آخر يوم له في بيروت، وربما كنت من اكثر الناس معرفة به في آخر ربع قرن من عمره. ومن المؤكد ان رحيله كان فاجعة لي بكل ما تعنيه كلمة فاجعة من معنى. ولهذا السبب لن اتجاوز الحقيقة اذا قلت ان أنيس صايغ، وهو الذي ذاق المرارات كلها، كان مراً في سخريته مثل قهوة والده الحورانية (قهوة القسيس)، وقد علّمنا فن السخرية، وكان منعشا للأحلام القومية مثل « ليموناضة » والدته البترونية، وهو الذي انعش أيامنا في بيروت بعد سنة

1982.

واجه أنيس صايغ مآسيه كلها بنبل وفروسية : خروجه من فلسطين ثم موت والدته ورحيل شقيقه منير، ثم موت اشقائه وتعرضه للاغتيال، فموت والده... وهكذا. وفوق ذلك كان في منظمة التحرير الفلسطينية كالمركب الذي يعاند أمواج المحيط : صلبا في مواقفه النقدية مثل صخور الوعر، ونقيا في مبادئه مثل مياه الينابيع. لقد شهد موت الجميع، ولعل شقيقته ماري هي الأكثر صبرا على الألم بعدما لم يبق لها من عائلة القسيس عبد الله أحد.

سيرة بنيامين الطبري

أسمته المبشرة الاميركية ماري فورد، وهي جارتهم في طبرية، بنيامين حينما ولد في 3/11/1931، لانه السابع بين ابناء القسيس عبد الله صايغ، تماما مثل بنيامين آخر ابناء النبي يعقوب. لكنه لم يحمل هذا الاسم إلا ثلاثة ايام، فوالدته رفضت الاسم بشدة، واصرّت على ان يكون له اسم عربي مثل اسماء اخوته. وهكذا صار اسمه أنيساً، وكان مرصودا منذ البدايات لمؤانسة شيخوخة والديه. لكن والدته لم تعش طويلا لتأتنس بأبنائها، وخصوصا بابنها الاصغر أنيس فتوفيت في سنة 1950 لتترك في ولدها وشماً من الألم لم يمح منذ ذلك الزمن

.

في سنة 2004، حينما كنا نرافق جنازة يوسف صايغ الى مثواه الاخير، لاحظت ان الدكتور أنيس وقف عند بوابة المدفن ولم يتقدم الى الداخل إلا بضع خطوات فقط. وقد اكتشفت انه ما عاد يدخل الى ذلك المكان منذ ان غيّب المدفن نعش والدته قبل نحو ستين سنة. وما زالت تلك الذكرى القاهرة ماثلة بقوة في ارتعاشة يده حينما كان يدّون مذكراته فيقول : « انه يوم اسود في حياتي، بل هو أسوأ يوم في حياتي، وسأذكره بوقائعه ولحظاته ما حييت. ففيه جابهت ملاك الموت لاول مرة، فكيف الحال اذا كان هذا الملاك قد خطف اقرب الناس واحبهم إليّ ».

إن سيرة أنيس صايغ هي سيرة الألم الذي حاق بوالده واضناه، فوالده فقد أباه صغيراً، ثم هجر سورية الى فلسطين قسراً في سنة 1925، ثم واجه موت زوجته بتجلد وثبات في سنة 1950، ثم صبر على موت ابنه فؤاد في سنة 1959، وابنه توفيق في سنة 1971، الى ان أراح ركبه في سنة 1974. ومع ان أنيس صايغ تعرض للموت مباشرة حينما أرادت إسرائيل اغتياله بطرد ناسف في سنة 1972 إلا ان لغز الموت وحيرة الوجود لم يبرحا خياله. وقد تعلم من موسى المجادي (ابو دخل الله)، وهو رجل مؤمن من بلدة خربا، ان الموت الرحيم ربما كان حلاً عادلاً لبعض بني البشر. لكنه رفض عدالة الموت، وطالما تساءل : كيف يكون الموت عادلاً وهو يأخذ منا الأحبة؟ فقد بكى بغضب حينما عرف ان أبو دخل الله اطلق النار على حصانه المريض. ولعل تجربته في الطفولة حيال موت الحصان، وتجربته في الكهولة حيال الاغتيال، جعلتاه شجاعا امام الموت، جباناً امام الألم، فهو لا يخشى الموت لكنه كان يخاف إبرة الطبيب.

من حوران إلى فلسطين

قبيل الميلاد غادر لبنان الى دمشق بهويته اللبنانية. وغادر الشام الى الاردن بجواز سفره السوري. ثم عاد الى لبنان ليحمله الفلسطينيون الى مثواه الأخير. انه، إذاً، سوري ولد في فلسطين واستوطن لبنان وتزوج اردنية. لقد كان المثال الحقيقي المعادي للسيدين مارك سايكس وجورج بيكو.

إن تاريخ عائلته هو تاريخ الهجرات الداخلية في بلاد الشام، فمؤسس الأسرة، يوسف الكبير، اصل والده من حمص، وقد استقر به المقام في السويداء، وعمل في الصياغة وامتلك أراضي ومنزلا ومجوهرات أورثها ابنه الوحيد عبد الله. لكن عبد الله (القسيس) خسرها كلها حينما أُرغم على النزوح الى فلسطين في اثناء الثورة السورية، ولم يلبث ان هجر فلسطين الى لبنان في سنة 1948. لذلك لم يكن غريباً ان يلتحق هو وبعض اخوته (فايز ويوسف) بالحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم تحولوا الى العروبة بعد صعود جمال عبد الناصر عقب تأميم قناة السويس في سنة 1956.

أنيس صايغ ابن القسيس الذي لم يذهب الى الكنيسة منذ سنة 1955، وكان في طفولته يعد الى المئة بدلا من قراءة « أبانا والسلام ». وقد اكتشف شقيقه فايز ان أنيس يكرر كلمة « بطاطا » مئة مرة في اثناء الصلاة، وكان يفضل بيضة مقلية وصحن بطاطا على المدرسة. إن هذه الروح الساخرة والمحببة ظلت تغمره طوال عمره، وكان بارعاً في السخرية اللطيفة وغير المدببة. ولعل تهذيبه الكبير ورقيه المشهود منعاه من البوح بأسرار كثيرة وردت في مذكراته التي اصدرها في سنة 2006، فأشار إليها من غير ان يذكر الأسماء، لانه كان منصرفا الى رواية الحدث، ولا يعنيه أمر الأشخاص حتى الذين اساؤوا إليه

.

في احدى جلساتنا المنفردة باح لي بما اخفاه في مذكراته. ويحق لي الآن، ان ازهو بأنني صرت اعرف من هما اللذان طلبا من أنيس ان يكتب لكل منهما رسالة جامعية، واحدة للماجستير في التاريخ، والثانية للدكتوراه في الاقتصاد، وهذان صار احدهما استاذاً للعربية في احدى الجامعات الاميركية، والثاني احتل منصبا كبيرا في البنك المركزي اللبناني. وصرت اعرف كذلك من هو الفلسطيني الذي سطا على كتاب أنيس صايغ « الهاشميون والثورة العربية » وقدمه في احدى الاذاعات في خمسين حلقة وكأنه من تأليفه. ومن هو الصحافي اللبناني الذي سرق مخطوطة كتاب فايز صايغ عن الدبلوماسية الصهيونية ونشرها في « النهار » على حلقات باسمه. ومن هو الكاتب المصري الذي كان ينشر مقالات يهاجم فيها مجلة « حوار »، وكان في الوقت نفسه ينشر في « حوار » مقالات في الدفاع عنها بتوقيع زوجته. ومن هو الذي أراد الاعتداء على منح الصلح بالعصا. ومن هما الباحثان اللذان اختلفا في ليبيا على لون زجاجة البيرة في لبنان. ومن هو المسؤول في مطار بيروت الذي رفض شحن مجلة « شؤون عربية » من المطار لكنه قبل رشوة لتسهيل ذلك. ومن هو الباحث الذي نشر في الشهر نفسه بحثين منفصلين بتوقيعين مختلفين رأى في احدهما انه لولا مساندة الجيش العراقي لسورية في حرب 1973 لكانت دمشق سقطت، ورأى في ثانيهما ان دخول القوات العراقية الى سورية لم يكن له فائدة تذكر.

رحل أنيس صايغ ليلة الميلاد، قريباً من فلسطين وبعيداً منها في آن. كانت اكثر الكتب تفضيلاً لديه هي كتب الرحلات وكتب السيرة. وها هو قد كتب سيرته ورحل. وكان عليه ان ينهي جمع فصول الكتاب الذي سيهديه الى صديقه شفيق الحوت، مثلما فعل حينما اصدر مع الدكتور محمد المجذوب كتابا عن قسطنطين زريق على نفقتهما الخاصة. ومن المؤكد ان هذا الكتاب سيصدر، وسنتنكب، نحن أصدقاءه، هذه المهمة عنه، وسيبقى أنيس صايغ امام أعيننا الأب والصديق والأستاذ الذي تعلمنا على يديه في « الموسوعة الفلسطينية » البحث العلمي، وهو الذي دفعنا كي نتعلم على قسطنطين زريق وإحسان عباس ونقولا زيادة التفكير النقدي والفهرسة وقراءة التواريخ، وفوق ذلك كله ـ وهو الأهم ـ التواضع والأنس والدماثة والعيش المترع بالجمال والأمل (بقدر ما تتيحه الاحوال)، وهي عناصر اجتمعت لهؤلاء الذين ذكرناهم وغابوا عن أعيننا، لكنهم بتألقهم العلمي وتواضعهم الأدبي ما زالوا في صدورنا وفي عقولنا كأروع الامثلة الإنسانية في هذه البيداء العربية المترامية.

http://www.aloufok.net/spip.php?article1215/


Sunday, December 27, 2009

Troisième anniversaire du décès du Docteur Mohamed Farhat

في الذكرى الثالثة لوفاة الدكتور محمد فرحات

في يوم 18 ديسمبر 2009 ، حلت الذكرى الثالثة لوفاة المرحوم د. محمد فرحات او بالأحرى سي حمادي ، كما دأب على تسميته أصدقاءه و زملاءه و مرضاه و كل الذين عرفوه من قريب أو بعيد و ما أكثرهم . لم يكن أحد يحتاج لإضافة اللقب ، فسي حمادي تكفي لتعريف الرجل و تغني عن كل زيادة.

لا أحتاج لتوصيف عمق الحزن الذي انتابني لأيام عديدة عندما بلغني نعيه ، فقد فقدت فيه أخا عزيزا على قلبي و صديقا حميما ، و فقدت فيه الأسرة الطبية التونسية جراحا بارعا يشهد له زملاءه و طلبته و مرضاه بحذقه صناعته حد الإتقان و فقد فيه الوسط الساحلي الذي اختار سي حمادي ان يمارس فيه مهنته منذ أول تخرجه و يعيش بين أحضانه، إنسانا مسكونا بروح خدمة الناس و نشر الخير و المحبة من حوله . و ربما أضاف البعض أنه كان أيضا مناضلا سياسيا عنيدا و حقوقيا صلبا ، و قد كان ذلك فعلا و لكن بغير المفهوم الشائع للنضال اليوم لان نضال سي حمادي ، الحقوقي أو السياسي ، لا مكان فيه للحسابات من اي نوع ، و لا للمنافسة من أي شكل و لا يستند للايديولوجية أو منظومة فكرية و إنما كان نضالا بالفطرة و لغاية تكريس الكرامة لإنسانية .

عرفت سي حمادي بالشهرة سنة 1970 ، فقد كانت زوجته منيك أستاذة زوجتي في مدرسة الصحة بمستشفى فرحات حشاد بسوسة ، و هي التي كانت تحدثني عن الزوجين وعن علو أخلاقهما و تفانيهما في خدمة المرضى و الطلبة و السمعة الطيبة التي كانا يتمتعان بها في الوسط الطبي .

و حدث في السنوات التالية ان التقينا المرات العديدة في مكتبة دار الكتاب ، لصاحبها المرحوم الطيب قاسم و التي كانت تمثل وقتها بلا منازع أهم محطة يلتقي فيها المثقفون من كل النزعات في مدينة سوسة ،يتحاورون في أحداث الساعة أو في الآداب ... حتى إذا ما اكتظ فضاء المكتبة بالواقفين و علت أصواتهم حد إزعاج حركة التجارة ، دعانا سي الطيب إلى مقهى تونس المجاور لنواصل النقاش و نبتّ فيما تنازعنا فيه .

هكذا بدأت علاقاتي بسي حمادي و استمرت على هذه الوتيرة ، لقاءات بما يشبه الصدفة في المكتبة أو المقهى المجاور حتى صيف سنة 1981 حيث مكنني الحدث السياسي من اكتشاف الرجل على حقيقته و في كل أبعاده و بكل شمائله .

و تمثل الحدث السياسي في صيف 1981 قي اعتقال قيادة و أعضاء حركة الاتجاه الإسلامي و كان لسي حمادي الإطار التنظيمي القانوني الذي يمكن له ان يتحرك فيه . فقد أسس في سنة 1980 ، فرعا للرابطة التونسية لحقوق الإنسان بمعية المرحوم علي الأرنووط و المرحوم الطيب قاسم و غيرهما . و قد بذل هذا الثلاثي جهدا منقطع النظير دفاعا عن المساجين و تتبعا لأحوالهم و اتصالا بمحاميهم. و كان سي حمادي المحرك لذلك النشاط و القاطرة لبقية العناصر ، و عنصر الاتصال مع العاصمة، حقوقيين و سياسيين ، فهو أصيل تونس ، منوبة تحديدا، و صهر أحمد المستيري و مقربا من حركة الديمقراطيين الاشتراكين.

و قد كشف لي في أحد تلك الأيام سرا لا شك أنه حدد جانبا كبيرا من اختياراته في الحياة.

روى لي سي حمادي أنه و بعد تخرجه و رجوعه إلى تونس سمع ذات يوم نداء في الإذاعة الوطنية يطلب أطباء متطوعين للالتحاق بقافلة صحية متوجهة إلى إحدى جهات الريف التونسي ٍ فاستجاب للنداء و راح للشعبة الدستورية لتسجيل اسمه ، و استقبله المسئول بحفاوة بالغةٍ، و طلب منه بطاقة انخراطه في الحزب . و رد عليه سي حمادي بأنه لا ينتمي للحزب و ذلك لأسباب كثيرة منها العائلية ، كان مسئول الشعبة يعرفها . فقد كان عمه هو المرحوم صالح فرحات العضوالمؤسس للحزب الدستوري القديم . ولكن مسئول الشعبة أصرّ على أنه لا تطوع بدون بطاقة انخراط.

هكذا بكل بساطة بدون بطاقة انخراط ، لا يمكن التطوع لفعل الخير أوهكذا أراد مسئول الشعبة الدستورية.

غير أن سي حمادي سيجعل من حياته كلها تطوعا لفعل الخير و من طبه وسيلة لخدمة الناس وبالخصوص الفقراء و المساكين

و حصل أن وقع له مشكل مع إدارة مستشفي حشاد سنة 1985 فقدم استقالته و قبلها الوزير الأول ٱنذاك و كان رد فعل الناس في محيطه ألاستشفائي عفويا و حازما حيث أعلن الأطباء و الممرضون و العمال في مستشفى حشاد (أكثر من 800 فرد) الإضراب و فوجئت الإدارة بشعبية هذا الزعيم الصامت فحاولت التراجع لكن سي حمادي لم يتراجع .

في سنة 1989 خاض سي حمادي تجربة سياسية لم يخترها. فقد ترشح للانتخابات التشريعية لذلك العام في دائرة سوسة على قائمة حركة الديمقراطيين الاشتراكين و حرص أن يظهر في القائمة كمستقل و قد خلفت له هذه الإطلالة السريعة على السياسة مرارة كبيرة . و قد روى لي أنه زجّ به زجا في هذه الانتخابات لكن مرد مرارته أن الحركة لم تكن على غاية الاستعداد لهذا الموعد فقد لاقت منذ البداية صعوبات جمة في جمع التزكيات المطلوبة .

المفاجأة

انقطعت السبل بيننا لسنوات عديدة فقد كنت أتحاشى من منفاي مهاتفته خوفا من إحراجه و إن كان لا يبالي بذلك و ذات يوم من أيام ربيع سنة 1996 كانت المفاجأة السارة . فقد حضر سي حمادي و منيك إلى باريس و هتف لي فطرت للقائه و بقينا ساعة كانت من أجمل ساعات حياتي. و ظهر لي يومها أن الزوجين قد توجا مسيرتهما الروحية بالانخراط في التصوف بعد زيارتهما في السنة السابقة مقام مولانا جلال الدين الرومي في مدينة كنيا بتركيا.

كان ذلك آخر لقاء مع سي حمادي و إن كان قد سعى للقائي في آخر إقامة له بباريس سنة 2005 , غير أن " محاسبا سياسيا" جحد عنه رقم هاتفي .

و وفاءا للصديق الوفي كانت زيارتي لقبره من أولى الزيارات لقبور من افتقدتهم طيلة هذه السنوات الطويلة. و يرقد الفقيد في مقبرة هرقلة, على رمي حجر من الدار التي صمم هندستها و بناها بكل ذوق على شاطئ هذه القرية منذ أكثر من أربعين سنة و قد غرست منيك على رأس قبره زيتونة " يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار..."

رحم الله سي حمادي فقد كان و سيظل صرحا !

لا بد من كلمة عن منيك، و إن كانت ألحت علي في آخر لقاء بها، الشهر الماضيٍ أن لا أتكلم عنها تواضعا. لكني اضطر لذلك خشية أن لا تتجدد الفرصة و أيضا لتسديد دين. فمعذرة أيتها الأميرة.

في السنة الماضية 2008 ، نشرت منيك كتابا صغيرا يعرّف بسي حمادي و يذكر الأصدقاء به .هكذا جاء في مقدمتهٍٍِ، و يحتوي الكتاب على كثير من الصور العائلية، تتصدرها صورة للزوجين الشابين في شارع سان مشال بباريسٍ، في منتصف سنوات الخمسين من القرن الماضي . و تؤرخ هذه الصورة لبداية رحلتهما الطويلة عبر الجغرافيا طبعا و لكن أيضا عبر الثقافات و العقليات و الصور النمطية و الأحكام المسبقة .

فالذين يعرفون بعض الشيء عن العلاقات بين الفرنسيين، أبناء الشعب الغالبٍ، و التونسيين، أبناء الشعب المغلوب، المرتبطين بالعقد الاستعماري في ذلك الزمان، يقرون بغرابة زواج الفتى التونسي بالفتاة الفرنسية وقتها. و الأمر يشبه المعجزة في حال منيك.

فهذه الفتاة منحدرة من عائلة فرنسية نبيلة. كان أبوها " كنت "، و كاتولكي و تقتضي الأعراف في هذه الأوساط ألا تتزوج الفتاة خارج طبقتها الاجتماعية، و هاهي تخرق كل الأعراف و القيم و تتزوج من عربي مسلم منحدر من بلد مستعمر. طبعا حمادي فرحات لم يكن أي كان، فهو أيضا جمع المجد من أطرافه.

وما يزيد تعقيدا بالنسبة لمنيك، أن أباها كان ضابطا ساميا في البحرية الحربية الفرنسية ، و البحرية سلك معروف بتمسك المنتمين إليه بقيم اجتماعية و أخلاقية و سلوكيات محافظة و حتى مع شيء من العنصرية تجاه الشعوب الأخرى، فما بالك بالشعوب المستعمرة , ثم إن هذا الأب كان أحد رواد المقاومة الفرنسية للاحتلال النازي لفرنسا ، و رفيق الجنرال ديغول !

غير أني فهمت أخيرا سر هذه المعجزة، عندما أهدتني منيك كتابا* يعرّف بوالدها و بكفاحه و تضحيته

( فقد أعدمته السلطة النازية ). و قد كتبت في نص الإهداء الفقرة التالية "كان أبي ينزع للروحانيات و يهتم بدراسة الأديان و بالخصوص الإسلام و البوذية. و كان كلما نزل إلى القاهرة من الإسكندرية حيث قاعدة سفينته، يزور جامع الأزهر و يجلس الساعات الطويلة في قاعة الصلاة و يقول " هنا أشعر أني

في بيتي ". بيت الله كان بيته، و هذا كاف لفهم البقية و منها صنف التربية التي لقنها لأطفاله .

أحمد المنّاعي

18-12-2009

*

تحمل إحدى محطات المترو بباريس اسم هذا المقاوم :

Honoré d’Estienne d’Orves : Pionnier de la Résistance, éditions : France –Empire- Paris 1999


Thursday, December 24, 2009

Gaza face à la trahison



UN AN APRÈS
Ghaza face à la trahison
Journal l'Expréssion
24 Décembre 2009 - Page : 14


Qui viole les conventions humanitaires en infligeant une «punition collective» à un peuple démuni? Israël. Qui opprime, colonise et bafoue le droit international? Israël. Qui refuse la paix et sabote tous les efforts diplomatiques? Israël. Qui résiste en permanence de manière pacifique et souffre le martyre? Le peuple palestinien.
Un an après l’agression meurtrière de Ghaza, les Palestiniens continuent à mourir à petit feu. Etouffés par l’enfermement criminel de la soldatesque sioniste entre les mains de l’extrême droite. Qui, parmi les puissances étrangères, porte assistance à peuple en danger? Personne. Qui, parmi les Arabes aide, soutient et tente de délivrer Ghaza des griffes de son bourreau? Personne.

Ghaza en ruine
Les voies de passage sont au contraire, fermées et filtrées. La situation est tellement tragique que 16 ONG du monde entier, un an après le début des massacres à huis clos, dénoncent la trahison de la communauté internationale. Ce groupe d’organisations humanitaires reproche, à juste titre, au monde entier d’avoir trahi la population de la bande de Ghaza en se montrant incapable de mettre fin au blocus israélien pour permettre l’entrée d’aide à la reconstruction. Ghaza est toujours en ruine. Ce qui se passe à Ghaza est un signe avant-coureur de ce qui attend les autres peuples demain, s’ils ne réagissent pas.
En effet, l’occupant israélien et ses complices asphyxient les Palestiniens. Ils n’ont autorisé en 2009 l’entrée dans le petit territoire palestinien que d’une quarantaine de chargements de matériaux de construction alors qu’il en faut des milliers pour reconstruire Ghaza, souligne le texte. «Les puissances mondiales ont (...) trahi les citoyens ordinaires de Ghaza», déclare Jeremy Hobbs, le directeur général d’Oxfam international...Ils ont serré des mains et fait des déclarations, mais n’ont réalisé que peu d’actions significatives pour tenter de modifier une politique désastreuse qui empêche la reconstruction, le rétablissement individuel et la reprise économique.
L’agression israélienne, en trois semaines, avait fait 1400 morts, la majorité des femmes et des enfants, et provoqué des dégâts immenses dans le territoire tenu par la résistance de Hamas, peuplé de 1,5 million de personnes. Ces Palestiniens vivent sans couverture médicale, sans eau et sans électricité la plupart du temps, de par les coupures opérées par les sionistes. Le chômage et la mortalité atteignent des records mondiaux.
Face à la gravité de la situation, les peuples arabes réagissent à peine, émotionnellement, et sont eux-mêmes paralysés de par les despotismes et les contradictions des systèmes internes. Personne n’appelle à la guerre, mais demandent l’arrêt de l’agression d’une population totalement démunie, soumise au blocus et à la féroce répression. Des régimes arabes, malgré leur histoire, sont paralysés par la crainte de voir une seule faction de la résistance, à l’idéologie contestée, profiter de la situation. Prisonniers de visions défaitistes, ils se retrouvent incapables d’une analyse historique qui permet de définir une stratégie.
La tragédie de Ghaza est celle de tous les pays arabes et les atteindra si l’inaction perdure. La priorité est à la mise en oeuvre de nouvelles alliances. L’arme de notre temps est avant tout informationnelle. Il s’agit de communiquer, de comprendre les enjeux, de soutenir la coexistence entre les peuples, la logique du mouvement de libération, et d’amener les adversaires à s’inscrire dans la négociation sur la base du droit et non point de la loi de la jungle. Au sein des Palestiniens, pour défendre leur intérêt fondamental, l’indépendance et la liberté, il y a une unité à fonder, une stratégie à concevoir et un coût à assumer.
La lutte de libération en Algérie a triomphé sur ces bases. La résistance palestinienne, durant la sauvage agression, malgré ses limites, a démontré qu’elle est capable de sacrifices.
Le monde arabe et musulman, durant des décennies, n’a pas su gérer cette question centrale. La proposition de paix, adoptée à l’unanimité des pays arabes depuis 2002, fondée sur la normalisation avec Israël, en échange des territoires occupés en 1967, est conséquente. Mais elle restera ignorée si des mesures concrètes ne sont pas prises. Des régimes arabes et ces dernières années des groupes manipulés, ignorants des réalités du monde, alimentent la peur et la propagande islamophobe, dans le contexte de la mondialisation de l’insécurité. De leur côté, les Israéliens et des Occidentaux ne veulent pas voir l’injustice immonde que subissent les Palestiniens. Il reste à tirer les leçons pour corriger les points d’aveuglement. Sans correction de l’autisme israélien et occidental, et sans correction des erreurs arabes par des actions constructives, contrecarrer la désinformation au sujet de la cause palestinienne restera une mission impossible, même si Ghaza est le symbole de l’impunité d’Israël.
La guerre perpétuelle s’annonce. La politique du deux poids, deux mesures, au détriment des Palestiniens, a pris des proportions inadmissibles. Elle est contraire aux intérêts des pays occidentaux. Cela ruine leur crédibilité, la sécurité de tous et l’idée d’un ordre mondial juste. L’Europe n’est pas quitte avec son passé. Des pouvoirs en Occident, traumatisés par le génocide des juifs d’Europe, ont encore mauvaise conscience. L’instrumentalisation de l’innommable, la Shoah, constitue le socle, du fait qu’Israël se place au-dessus de toute loi. Le sionisme mise sur le souvenir de la Shoah et la peur pour la mise au silence de toute critique à l’encontre de sa politique. L’Israélien gère l’immense catastrophe qu’a été pour lui la Shoah, par son exploitation pour se réfugier dans l’impunité. La répression du peuple palestinien est le résultat de calculs liés à l’ambition d’hégémonie. Pour obtenir l’aval de la communauté internationale en vue de coloniser, de réprimer, de dominer; la propagande stigmatise, alimente le «choc des civilisations», diabolise et inculque que tout musulman serait un extrémiste. Elle fait diversion, même si l’opinion n’est pas dupe et que des courants dénoncent le bellicisme et les crimes de guerre.
Comble de la partialité, les Occidentaux décident de désarmer le Palestinien, la victime, le colonisé, et lui demandent de reconnaître son bourreau. L’Occident dit assurer la sécurité au colonisateur et évite de garantir au colonisé sa libération. Le cynisme a atteint un degré inégalé. Ghaza impose une question: comment Israël et les USA, et des pays européens consentants, peuvent-ils s’imaginer obtenir sécurité et paix en violant les règles de la guerre et en semant la mort et la haine? Ce n’est pas un simple aveuglement ou un racisme ordinaire. Israël et ses alliés considèrent que l’obstacle à l’hégémonie des USA et du libéralisme sauvage sur le monde, en premier lieu, est les peuples de culture musulmane. L’invention d’un nouvel ennemi a pour but, non pas de lutter contre le terrorisme, mais de faire diversion, d’empêcher que les questions des crises et des inégalités que vit l’humanité soient abordées.
Diviser pour régner, multiplier les colonies, rendre irréversible la domination, est la ligne d’Israël, qui ne semble pouvoir exister que dans le bellicisme. Politique systématique de morcellement des territoires occupés, d’apartheid. Ghaza coupée du monde. Israël et ses complices imposent un ordre totalitaire, de murs et de contraintes. C’est le refus de la réciprocité, base de la civilisation. Le tout est habillé par des stratagèmes et des faits accomplis, au lieu et place du droit international. S’allier, est un impératif. Personne ne peut, seul, faire face aux incertitudes. Dans ce contexte, dialoguer ce n’est point refuser la critique mais comporte des conséquences: droit à la dignité, à la démocratie pour tous.

La solution finale?
La violence sioniste empêche de réinventer une nouvelle civilisation, qui fait défaut au monde. Ce qui se joue en Palestine est l’avenir du droit à la différence, du droit des peuples, même si certains de ceux qui résistent ont une version réactionnaire de la religion et de la politique. L’Occident ne doit pas se laisser bercer par les avancées significatives qu’il a réalisées, et encore moins influencer par les milieux acquis à la logique de l’exclusion. Il doit faire le bilan sur son histoire et s’interroger sur les risques qu’il fait courir à l’humanité, de par les inégalités qu’il impose. Le monde musulman, sur le plan externe, ne peut céder face aux agressions, et, au niveau interne, il doit s’interroger sur les dérives des extrémistes «politico-religieux» et l’absence de pratiques démocratiques. Cette double résistance sera salutaire si elle prend en compte ces enjeux. Ghaza est le trou noir qui appelle à la réflexion vigilante. C’est une forme de solution finale nazie que les sionistes veulent imposer. Tous les peuples sont concernés par ce qui se passe à Ghaza. Il est temps de se réveiller. L’Algérie, le pays de Novembre, à la lutte de libération la plus prestigieuse du XXe siècle, est à la fois la terre de la sagesse, de la dignité et de la culture de la résistance. Son parcours est une leçon que tous doivent méditer.

(*) Philosophe
intellectuels@yahoo.fr

Mustapha CHERIF (*)

Monday, December 21, 2009

Quand Israël faisait du pied à Saddam




Quand Israël faisait du pied à Saddam

par Gilles Munier

Dimanche 20 décembre 2009 7 20 /12 /2009

Yitzhak Shamir voulait rencontrer Saddam


Le général Hussein Anwar, ancien cadre de l’IIS (Iraqi Intelligence Service) réfugié dans un pays du Golfe, a révélé sur son blog (The Mesopotamian) qu’en 1989 un Suisse a approché Barzan al-Tikriti, ambassadeur d’Irak à Genève – et demi-frère de Saddam Hussein - pour lui proposer de rencontrer un envoyé spécial israélien, porteur d’un message destiné au Président irakien. Le général affirme tenir cette information, et ce qui s’est passé ensuite, du Président et de Barzan, ancien directeur de l’IIS.

Rappelons qu’au début 1989, l’Irak sortait vainqueur de 8 ans de guerre avec l’Iran. Les efforts de son gouvernement étaient focalisés sur la reconstruction du pays. Barzan demanda à Saddam s’il fallait donner suite à la demande. Le Président répondit par l’affirmative et chargea Hamid Youssef Hamadi, son ancien chef de Cabinet, ministre de l’Information, d’aller à Genève pour le seconder. L’ordre était d’écouter en silence et de rendre compte.

Barzan pensait qu’Israël leur délèguerait un officier ou, tout au plus, un directeur adjoint du Mossad. Quelle ne fut pas sa surprise de découvrir que ce serait Yitzhak Shamir, Premier ministre d’Israël, qui participerait à la réunion qui allait se tenir dans un endroit discret de la capitale suisse.

Pour mémoire, il faut savoir que Shamir est non seulement un ancien membre du Mossad, mais aussi qu’il a dirigé le Groupe Stern dans les années 40, une organisation sioniste terroriste anti- anglaise qui a proposé à Adolphe Hitler de l’aider à s’emparer de la Palestine.

En psychologue averti des us et coutumes arabes, Yitzhak Shamir est entré dans le vif du sujet en disant qu’il s’adressait à Abou Odaï, le « Père d’Odaï », une formulation à connotation affective traduisant le respect porté à un proche. Il leur dit que l’Irak avait remporté la guerre contre l’Iran et que l’armée irakienne était désormais la plus forte du Moyen-Orient, qu’il n’était pas là pour demander que l’Irak reconnaisse Israël comme Etat juif. Il leur demandait de transmettre ses respects à Abou Odaï et de lui dire qu’il était prêt à le rencontrer à Bagdad ou dans n’importe quel pays de son choix.

Shamir percevait les discours de Saddam sur le conflit israélo-palestinien comme une menace, car ils enflammaient la rue arabe. « Nous luttons avec les Palestiniens depuis 50 ans », dit-il, « laissez-nous lutter 50 ans encore, mais en vous tenant à l’écart ». Qu’Abou Odaï oublie la Palestine, du moins dans ses interventions télévisées, et il en ferait le plus puissant des chefs d’Etat arabes. Israël l’aiderait à renverser et à introniser qui il voulait de la Mauritanie à l’Irak. « Mais, si vous commettez l’erreur de frapper Israël, ne serait-ce qu’avec un seul missile », avertit Shamir, « je vous promets de faire revenir l’Irak à l’âge de pierre ». La même menace, en des termes quasi identiques - faire retourner l’Irak à l’âge préindustriel - fut lancée par le secrétaire d’Etat américain James Baker à Tarek Aziz et Barzan, à Genève, le 9 janvier 1991, lors de la conférence qui précéda la Première guerre du Golfe.


Barzan, pas impressionné, répondit à Shamir que sa proposition était inacceptable, qu’aucun baasiste ne consentirait à trahir son serment de militant. Il prit l’avion pour Bagdad où il rendit compte à Saddam de la réunion, verbalement. Ce dernier écouta attentivement, refusa la proposition israélienne et donna l’ordre de couper tout contact avec des envoyés sionistes. Il rappela que la libération de la Palestine est la priorité n°1 du parti Baas et, bouillant de colère, cria : « et qu’en enfer aillent les colonisateurs et les traîtres… ».



Source : http://nebuchadnezzar-ii.blogspot.com/2009/12/israeli-offernot-our-kind-of-offer.html/

Nota :

1) La proposition d’Yitzhak Shamir n’est pas sans rappeler celle faite, en 1191, par Richard Cœur de Lion à Salah Eddine al-Ayoubi (Saladin) lors de la 3ème Croisade. « S’agissant de Jérusalem, c’est notre lieu de culte», avait fait savoir le roi anglais au sultan, par l’intermédiaire d’Al-Adel, frère de ce dernier, « et nous n’accepterons jamais d’y renoncer, même si nous devons nous battre jusqu’au dernier ». Salah Eddine avait répondu : « La ville sainte est autant à nous qu’à vous ; elle est même plus importante pour nous car c’est vers elle que notre prophète a accompli son miraculeux voyage nocturne et c’est là que notre communauté sera réunie le jour du jugement dernier. Il est donc exclu pour nous que nous l’abandonnions. Jamais les musulmans ne l’admettraient ». On connaît la suite... (cité par Bishara Khader, L’Europe et la Palestine : des Croisades à nos jours, Ed. L’Harmattan, 1999).



2) En 1982, après la fermeture de l’oléoduc Kirkouk-Banyas par la Syrie, Yitzhak Shamir avait proposé à l’Irak d’exporter son pétrole via Haïfa. Saddam avait refusé. Hanan Bar-On, sous-directeur au ministère des Affaires étrangères israélien, était revenu à la charge avec le projet de la société américaine Bechtel de construire un pipeline Kirkouk-Aqaba… qu’un certain Donald Rumsfeld était allé « vendre » à Bagdad en décembre 1983 et mars 1984. Nouveau refus de Saddam. (Lire : La soif de pétrole irakien d’Israël, par Gilles Munier*).


* http://www.france-irak-actualite.com/pages/Petrole_Israel_et_le_petrole_irakien_mars_2008-1969256.html/

Par Gilles Munier

Thursday, December 17, 2009

La première étincelle de la résistance§


Sais-t-on que la résistance a commencé
vingt quatre heures après l’occupation de
Bagdad ?

Par Dr Abdessattar Erraoui
16-11-2009

Le jeudi 10 avril 2003, juste après la prière du ‘Asr, les blindés américains ont investi l’avenue Haifa, à Bagdad, et les soldats, tels des sauterelles, se sont déployés sur ses deux côtés.
Le cheikh Mouloud Mechhadani, imam aveugle, se dressa sur le perron de la mosquée Abi-Saad, leva les mains au ciel en implorant Allah de « lui accorder la vue, ne serait-ce que quelques secondes et de transformer sa canne en lance ». Ses ouailles émus ne purent contenir leur colère et réagirent violemment.

Les enfants réagirent à la provocation des intrus par des jets de pierre et de bouteilles vides sur les soldats américains. Ces derniers réalisèrent qu’ils ne seront pas reçus par des accolades et des pétales de roses par les irakiens, comme le leur avait fait croire le Pentagone.
Les cris de colère et les quolibets, colonialistes, barbares, sauvages, mercenaires, fusèrent des bouches des enfants. Des fenêtres, les habitants se joignirent au concert d’injures, criant leur colère et leur détermination à combattre l’occupant, les passants pointèrent de leurs regards haineux les soldats.
Les tags sur les murs, en arabe et en anglais, incitant à la résistance et promettant la défaite rapide des occupants, finirent par convaincre les militaires que leur place n’était pas là et qu’un malheur pouvait survenir à tout instant.
Deux militaires s’attardèrent un instant devant le mot « enfer », écrit en anglais, puis s’en allèrent. La terre tremble sous les pieds des soldats de l’empire devant le spectacle d’un enfant de dix ans, qui leur fait face, leur barrant la route, alors que d’autres se rassemblaient à la porte de Jasr Eddam ( le pont du sang). L’un d’eux brandissait un drapeau alors que d’autres lançaient des pierres en direction des soldats américains. De derrière les fenêtres fusait le chant bien connu « Mansoura Ya Bagdad », « Bagdad la victorieuse » pour rappeler qu’elle fût fondée par le Calife Abbasside Al Mansour. Au souk voisin, une voix plaintive traduisait le mal être général ! Les lumières se firent rares.

Le soleil descend lentement sur le fleuve, puis une symphonie d’appels à la prière, puis le silence total. Mais celui-ci ne dura que quelques instants, coupé par l’explosion d’une bombe sous un char Bradley. Les Marines sont terrorisés, affolés. Ils se mettent à l’abri des deux côtés de l’avenue. Des tirs nourris d’armes automatiques visent leurs voitures Hamer et transforment la rue en feu et fumée. C’est l’instant du sacrifice suprême que nul ne peut en saisir le sens magique.
La bataille surprît l’ennemi, l’acculant à fuir et certains de ses éléments à s’abriter derrière leurs voitures blindées. La grande et longue guerre de libération a commencé à l’avenue Haïfa par des tirs des snipers irakiens, et c’est là aussi que l’ennemi eut son premier tué : le sergent chef Thierry W. Hemingway, de la 3éme division d’infanterie, matricule 234/2, selon le communiqué du Pentagone.
Cela s’était passé à Al-Karakh, un des quartiers de Bagdad, à peine vingt quatre heures après son occupation et ce fut la première étincelle d’une bataille qui se poursuivît toute la nuit du quartier Cheikh Sandal au Al Jouaïfer et de la mosquée de Bratha à Al-Atifia.

www.iraqrabita.org

traduit de l’arabe par Ahmed Manai

Tuesday, December 15, 2009

AWARD ALKARAMA A ALI ABDENNOUR

Alkarama décerne le prix “Alkarama Award 2009″ à Me.

Abdennour Ali Yahia

Alkarama, 12 Décembre 2009

La Fondation Alkarama pour les droits de l’homme a organisé Vendredi 11 décembre 2009, à 18 heures, au Centre International de Conférences de Genève, une cérémonie à l’honneur de Maître Abdennour Ali-Yahia qui a reçu le prix « Alkarama Award 2009 » pour les défenseurs des droits de l’homme pour l’ensemble de son œuvre en matière de défense et promotion des droits de l’homme en Algérie. Ce prix est décerné chaque année à l’occasion de la journée mondiale des droits de l’homme, le 10 décembre, à une personnalité ou à une organisation ayant contribué de manière significative à la protection et à la promotion des droits de l’homme dans le monde arabe.

Avocat de formation, Maître Abdennour Ali-Yahia a milité au sein du mouvement national algérien et a été emprisonné durant la guerre de libération nationale. A l’indépendance en 1962, il a été membre de l’Assemblée constituante puis membre du gouvernement, avant de démissionner de son poste ministériel en 1967. Par la suite, il s’est consacré à l’exercice de son métier d’avocat et à la défense des droits de l’homme, ce qui lui a valu détention et déportation. Maître Abdennour Ali-Yahia est le fondateur en 1985 de la Ligue algérienne pour la défense des droits de l’homme, reconnue officiellement par les autorités algériennes en 1989 ; il en est aujourd’hui le président d’honneur. Né le 18 janvier 1921, Maître Abdenour Ali-Yahia est le doyen des défenseurs arabes des droits de l’homme. Il est l’auteur de « Algérie : Raisons et déraison d’une guerre » (Editions L’Harmattan, Paris 1996) et « La dignité humaine » (Editions INAS, Alger, 2007).
Un grand nombre de représentants d’ONG et des mécanismes onusiens des droits de l’homme et de missions diplomatiques ainsi que des membres de la communauté arabe, et notamment algérienne, ont assisté à la cérémonie. Après le discours du représentant de la Fondation Alkarama , des messages de félicitations envoyés par des amis et collègues défenseurs des droits de l’homme ont été lus, comme le message de M. Ahmed Mannai, défenseur tunisien des droits de l’homme, et Prof. Mario Giro de la Communauté Sant’Egidio (voir Annexe). Toutes les interventions ont salué le long parcours du militant pour la liberté et du fervent défenseur des droits de l’homme et de la dignité humaine. Au cours de la cérémonie, un court-métrage documentaire retraçant les principales étapes du parcours de Me Abdennour Ali-Yahia a été projeté. A l’issue de la remise du prix, Me Abdennour Ali-Yahia prononcé un discours pour remercier la Fondation Alkarama au cours duquel il a exposé la situation des droits de l’homme en Algérie (voir ci-dessous).
Discours de Maître Abdennour Ali Yahia
Mesdames, Messieurs,
Je remercie la Fondation Alkarama et ses dirigeants, de m’avoir invité à la commémoration du 61ème anniversaire de la Déclaration universelle des droits de l’homme, et de me décerner son premier prix. Je sens d’abord le devoir, le doux devoir, d’évoquer la mémoire de tous les militants des droits de l’homme qui, de par le monde, se sont sacrifiés pour combattre l’oppression qui a enfanté la liberté et la répression qui a enfanté les droits de d’homme.
Le peuple algérien était présent au moment de la préparation du terrain pour libérer le pays du colonialisme par la lutte armée, puis des semailles, des périls et des sacrifices, mais a été écarté au moment de la moisson.
Le régime politique algérien toujours en vigueur s’est imposé en 1962 par la violence, et a remplacé la domination coloniale par la domination d’un clan issu de l’armée des frontières. La devise de « la révolution par le peuple et pour le peuple » a laissé place à une autre : « sans le peuple et contre le peuple », du fait que le droit du peuple algérien à disposer de lui-même, pour lequel il a combattu avec acharnement sept ans et demi durant, est devenu le droit de l’Etat à disposer du peuple.
Toute révolution est grosse de l’évolution qui l’efface. La marginalisation du peuple algérien exclu de tous les centres de décision, érigée en règle de conduite, permet au pouvoir unique, centralisé, dictatorial de se consolider et de se perpétuer.
Les droits de l’homme subissent en Algérie une agression tous azimuts d’une gravité exceptionnelle, et sont en état de légitime défense.
L’actualité politique nous rappelle que les droits de l’homme ne se donnent pas mais se gagnent et se méritent, qu’il faut se battre pour les faire respecter, les consolider, les élargir. Pour les droits de l’homme, la raison d’Etat est le moment où l’Etat déraisonne, perd la raison. Trois raisons sont supérieures à la raison d’Etat : celle du droit contre l’injustice, celle de la liberté contre la tyrannie, celle de l’humanité contre la barbarie.
Les droits et libertés garantis par la Constitution n’ont pas été appliqués, ou ont été amendés dans un sens restrictif par les ordonnances, les décrets législatifs, les décisions réglementaires, et surtout le fait du prince, l’arbitraire de l’administration. Les constitutions, cinq en 47 ans d’indépendance, peu appliquées, sont révisées et usées avant d’avoir servi. Tout ce qui met au grand jour le visage répressif de l’Etat est réduit au silence. Le droit est torturé pour lui faire dire ce que veut le pouvoir politique, à mesure qu’il se pervertit.
A tous ceux qui veulent ignorer les violations graves des droits de l’homme perpétrées par le pouvoir politique, nous rappelons les mots d’Albert Camus : « Maintenant il n’y a plus d’aveugles, de sourds et de muets, mais des complices ».
1- L’état d’urgence
L’état d’urgence est un danger pour la démocratie, les droits de l’homme, les libertés individuelles et collectives.
L’annulation du deuxième tour des élections législatives, suivie du coup d’Etat du 11 janvier 1992, ont engendré l’état d’urgence du 9 février 1992 qui a glissé vers l’état de siège par l’arrêté non publiable du 25 juillet 1993. L’état d’urgence qui est une époque triste de notre histoire, toujours en vigueur, a permis sur le champ, l’ouverture de 9 camps de concentration dans le Sahara, cette horreur du 20ème siècle, où ont été internés 18′000 militants du Front islamique du salut (FIS). L’internement administratif, qui a obligé des milliers d’Algériens à payer leurs convictions politiques et religieuses, par une privation de leur liberté et la perte de leurs moyens d’existence, s’est fait au mépris des lois internes et des pactes et conventions internationaux sur les droits de l’homme ratifiés par l’Algérie, qui édictent que la privation de la liberté de la personne humaine, relève de la justice et non de la lettre de cachet, du pouvoir exécutif.
La levée de l’état d’urgence conditionne la libéralisation des champs politique et médiatique, ainsi que l’exercice des libertés individuelles et collectives.
2- La torture
Cette forme extrême de terreur individualisée est devenue partie intégrante des interrogatoires qu’elle remplace ou accompagne. De très nombreux messages, vérifiés, exprimés avec force, angoisse, détresse et colère, par les détenus, leurs avocats et leurs familles, ont fait état durant les deux décennies écoulées de tortures qui ne sont pas des bavures, des faits isolés ou des accidents de parcours, mais une pratique administrative courante employée par les services de sécurité relevant tant de l’autorité militaire que de l’autorité civile. Pour faire reculer la torture qui est de notoriété publique, l’éradiquer même, il faut des témoins qui parlent, agissent, sensibilisent l’opinion publique.
La Convention internationale sur la torture de 1984, fait obligation aux Etats qui l’ont ratifiée de déférer en justice, sur leur territoire, tout tortionnaire, quelles que soient sa nationalité et celle de ses victimes, et quel que soit le pays où il a trouvé refuge et vit en exil doré, ou est seulement de passage.
3- Le pouvoir
La politique est réduite à la technique de la conquête et de la pratique du pouvoir. L’accès au pouvoir se fait par un coup d’Etat par les armes et par les urnes, ou par un coup d’Etat constitutionnel. Le président Abdelaziz Boutelflika qui est couvert de nombreuses cicatrices du passé, concentre entre ses mains la quasi-totalité du pouvoir qui s’est transformé au cours des années en monarchie républicaine, qui se maintient par l’encadrement policier de la population, la délation généralisée, l’exercice de la répression qui a tendance non pas à régler les problèmes mais à éliminer ceux qui les posent, à régler les contradictions en éliminant les contradicteurs.
Le 3ème mandat est un mandat de trop, obtenu par un coup d’Etat constitutionnel amendant la Constitution pour lui permettre de rester au pouvoir. Il est à la fois chef de l’Etat et de l’exécutif, ministre de la défense, a fait du gouvernement l’annexe de la présidence, et du parlement deux chambres d’enregistrement, veut tout organiser, tout régenter, tout diriger, tout contrôler. Le parlement et la justice ont abdiqué leurs pouvoirs constitutionnels pour se mettre à son service. Le parlement n’est en réalité qu’une maison de retraite lucrative destinée aux cadres des trois partis de la coalition gouvernementale.
Les ministres qui ont sensiblement outrepassé leur crédit politique se maintiennent au-delà de leur utilité. Tous s’évertuent à prévenir les désirs du président, pour éviter la disgrâce ou gagner du grade. La longévité des ministres n’est pas un facteur de stabilité, mais fabrique de la fragilité économique et de l’exaspération sociale. Dans notre monarchie républicaine celui qui est dans l’orbite du président, comme le président lui-même, échappe à la règle commune. On ne peut rien attendre du pouvoir pour débloquer la situation, puisqu’il est lui-même le problème.
4- La justice
Les cours de justice et tribunaux ne sont pas des lieux où la justice est rendue, mais des instances politiques où le pouvoir politique juge ses adversaires. La justice est monopolisée par le pouvoir, n’est que son ombre par sa soumission organique et fonctionnelle, le glissement d’une justice debout et assise, vers une justice à genoux et à plat ventre. Les jugements et arrêts ne sont pas des opérations de justice mais des actes de justice, dans des affaires politiques et d’opinion, en fonction des consignes données par le pouvoir, par ministre de la justice et services de sécurité interposés. Le problème de la dépendance de la justice au pouvoir est posé. Il faut le dire, même le crier, afin de le faire entendre. Il faut rendre à la justice sa dignité et son honneur. Il lui appartient de se mettre à l’heure de l’Etat de droit, de s’imposer par la compétence et l’honnêteté de ses juges, pour mériter le respect des citoyens.
5- La corruption
La corruption florissante est inséparable de l’exercice du pouvoir ; elle gangrène les plus hautes sphères de l’Etat, la justice en premier lieu. Elle est à tous les niveaux et dans tous les domaines. Au niveau économique, de nombreuses transactions se font en argent liquide, en espèces, ce qui facilite la corruption. La corruption est devenue un style de vie et de gouvernement, du fait que la rente pétrolière est gérée de manière féodale, dans l’opacité la plus totale, en dehors de tout contrôle.
L’argent donne le pouvoir, le pouvoir donne encore plus d’argent. Un contrôle rigoureux permettrait de mettre à jour de très nombreux scandales politico-financiers, tant par les sommes détournées, les réseaux impliqués, et la pratique de la corruption généralisée. Un dirigeant qui n’est pas en disgrâce avec le pouvoir, ne peut être poursuivi quand il est en délicatesse avec la justice pour malversation, ni jeté en pâture à l’opinion publique par voie de presse.
6- La démocratie
La démocratie qui est création et contrôle de pouvoir, le régime politique de l’autorité librement consentie et non imposée, se réalise par l’alternance, les contre pouvoirs, la régulation par le droit et l’Etat de droit, qui élargissent l’espace de liberté de citoyens.
La dégradation politique et morale des institutions est due à l’absence d’alternance, qui permet le maintien au pouvoir des mêmes clans et des mêmes intérêts durant une longue période. L’alternance qui ne s’est pas réalisée depuis l’indépendance du pays, reste d’actualité. Il faut solliciter les bonnes volontés, éveiller les esprits, former les consciences, afin que chacun à sa place agissant selon sa propre nature, son propre tempérament, sa propre responsabilité, se mette avec le regard de son intelligence et la sûre intuition de son cœur, au service de la démocratie qui demeure malgré l’ampleur de la tâche source de force, de liberté et de justice, car il n’y a pas de liberté sans justice, ni de justice sans liberté.
C’est vers la réalisation de la démocratie qu’il faut orienter l’action de la jeunesse qui représente la vie, l’espérance, l’avenir, parce qu’il s’agit de son combat et des chances raisonnables de le gagner. Le scrutin, quand il est libre, est une victoire de la démocratie. La fraude électorale, vieille tradition coloniale, amplifiée depuis l’indépendance du pays, bien intégrée dans les mœurs politiques du pays, est au rendez-vous de toutes les élections. Elle porte atteinte à l’autorité de l’Etat et le discrédite, ne légitime ni les élus, ni les institutions. Le truquage des urnes, les élections nominatives, la préfabrication des élus, relèvent du hold-up électoral et du gangstérisme politique. Le boycott est une arme politique dont l’impact psychologique est considérable. Les Algériens ne participent pas en nombre aux élections, car les pratiques qui faussent le scrutin et le libre choix des électeurs sont permanentes. Le Conseil constitutionnel qui est la plus haute juridiction du pays, la seule dotée du pouvoir d’annuler les décisions du suffrage universel que sont la loi et l’élection, n’a pas pris la hauteur nécessaire pour que les Algériens se reconnaissent en lui, c’est une institution au service du pouvoir.
7- La liberté d’expression
Elle est un droit élémentaire de la vie sociale et culturelle, de la création scientifique et artistique. Télévision et radios uniques, moyens d’information et de propagande d’une grande puissance, qui exercent une sorte de dictature douce, fabriquant du prêt à penser qui facilite le décervelage des Algériens, sont là pour rappeler que le pouvoir ne se partage pas, que toute orientation politique, culturelle et sociale, ne peut venir que d’en haut, du Président qui n’accepte aucun contre pouvoir.
La profession de journaliste comporte un grand risque pénal. La première urgence est de condamner la répression qui frappe les journalistes, et qui a atteint avec les dernières incarcérations et condamnations partout dans le monde, l’intolérable qui ne peut être toléré.
8- La liberté religieuse
Elle est inséparable de la liberté d’expression et d’opinion. Elle a été consacrée au niveau international par l’article 18 de la Déclaration universelle des droits de l’homme, et confirmée par l’article 18 du Pacte internationale relatif aux droits civils et politiques du 16 décembre 1966.
Elle a été définie de manière précise par la déclaration des Nations unies du 25 novembre 1981 relative à la lutte contre toutes les formes d’intolérance et de discrimination fondées sur la religion ou la conviction, dans son Article 1er :
« Toute personne a droit à la liberté de pensée, de conscience et de religion. Ce droit implique la liberté d’avoir une religion ou n’importe quelle conviction de son choix, ainsi que la liberté de manifester sa religion ou sa conviction, individuellement ou en commun, tant en public qu’en privé, par le culte et l’accomplissement des rites, les pratiques et l’enseignement. »
La déclaration de l’UNESCO du 16 novembre 1995 édicte : « La tolérance est la clef de voûte des droits de l’homme, du pluralisme, de la démocratie et de l’Etat de droit ».
Le referendum suisse interdisant la construction de minarets est une atteinte grave à la liberté religieuse.
9- La femme algérienne
Le fait majeur de l’évolution de la société, est la volonté des femmes d’être les égales des hommes. L’égalité, non pas théorique mais réelle des droits, est l’essence même de la constitution. Les performances intellectuelles de la femme sont égales à celles de l’homme : « En tout ce qui ne tient pas au sexe, la femme est l’homme ». Si une Algérienne aime à partager son lit et sa vie avec un homme, et donner un père à ses enfants, elle doit le faire en toute liberté.
10- Les droits économiques et sociaux
La réforme économique est mal conçue, mal expliquée, mal acceptée par la population. L’idéologie ultralibérale suivie par le pouvoir se double d’une pratique dirigeante sans règles ni garde fou qui ouvre la voie au marché informel qui fait la loi. La société révèle trop d’inégalités et d’injustices sociales qui exigent la juste répartition des richesses nationales. Avec sa politique économique, le pouvoir a programmé l’apartheid social qui fait de l’Algérie l’exemple d’une profonde injustice sociale. Il y a une rupture entre, d’une part, une minorité jouissant d’un niveau de vie égal ou supérieur à celui des pays les plus riches du monde, et, de l’autre, la majorité de la population dont le pouvoir d’achat baisse d’année en année et qui n’arrive pas à satisfaire ses besoins les plus élémentaires. Les conflits isolés vont se reproduire avec plus de force, et de manière coordonnée.
11- Les disparitions forcées
Que sont devenus les disparus ? Telle est la véritable question ! Des morts sans sépulture ou des vivants sans existence ?
Leurs familles lancent un cri d’alarme et un appel pressant au pouvoir : « Qu’avez-vous faits des disparus. Vous les avez pris vivants, rendez les nous vivants ! ». Leur nombre est évalué à 20′000. L’Argentine a connu 8960 cas de disparitions et le Chili 3500 cas.
Les conditions politiques et juridiques ne sont pas réunies en Algérie pour juger les commanditaires de crimes contre l’humanité que sont ou étaient au sommet de l’Etat, bénéficiant de l’impunité du fait de leur prééminence au sein du pouvoir qui les absout de tous les crimes.
12- La charte pour la paix et la réconciliation nationale
La réconciliation nationale qui devait être un grand projet politique a été réduite à sa dimension sécuritaire. Elle vise à disculper, à innocenter et à consacrer l’impunité des agents de l’Etat : les militaires, les gendarmes, les policiers, de tous grades, car au regard des faits et en termes de droit, rien ne s’oppose à leur comparution devant la justice, pour violations massives des droits de l’homme et crimes contre l’humanité.
La paix sans la vérité et la justice n’est qu’impunité, qui est un déni de justice.
La stratégie du tout sécuritaire qui rend difficile tout traitement politique de la crise, ne mène qu’à l’échec, car elle est sans perspectives politiques, et ne fait qu’entretenir le cycle de la violence et de la répression. L’Algérie veut l’ordre et la paix, à condition qu’il ne soit pas l’ordre des prisons ni la paix des cimetières.
Droits de l’homme et paix sont les deux aspects indissociables de la vie humaine. Toute initiative de sauver l’un au dépens de l’autre, assurer la paix au dépens de la vérité et de la justice, conduit à l’échec des deux et fait perdurer le cycle de la violence.
Mesdames, Messieurs,
Les droits de l’homme sont agressés partout dans le monde. Les droits de l’homme doivent être défendus partout où ils sont bafoués, quels que soient les pays et les régimes politiques en vigueur, sans passer sous le silence les pays amis ou alliés.
Le principe de souveraineté et de non ingérence dans les affaires intérieures de l’Etat, est en contradiction avec l’universalité des droits de l’homme qui ne connaissent ni frontières géographiques, politiques ou idéologiques, ni non ingérence, du fait qu’ils sont partie intégrante des relations internationales, et jouent un rôle important dans la qualité et l’importance des relations entre Etats.
Depuis plus de deux ans et demi, Gaza est soumise à un blocus infernal. De décembre 2008 à janvier 2009, pendant l’opération « Plomb durci », des avions F16 fournis par les Etats-Unis ont lâché leurs feux infernaux sur le peuple palestinien, faisant 1400 morts dont 400 enfants, 5000 blessés, des destructions massives, laissant la population sans électricité et sans eau. Le massacre d’Israël a fait de Gaza le laboratoire d’Israël pour tester ses armes, du phosphore blanc et de l’uranium appauvri, de la technologie robotique, fournis par les Etats-Unis. Le nettoyage ethnique s’est transformé en un crime de guerre et un crime contre l’humanité comme le souligne le rapport du juge Goldstone.
Le monde entier a assisté avec stupéfaction aux massacres organisés par les Etats-Unis d’Amérique contre les populations d’Afghanistan et d’Irak. A Guantanamo, des centaines de personnes ont été détenues dans des conditions inhumaines. Les responsables de ces crimes conte l’humanité doivent être traduits devant la justice internationale.
Les amalgames reviennent souvent : terrorisme=islamisme=islam. La monté de l’islamophobie dans le monde fait que des musulmans sont pourchassés dans certains pays en raison de leur triple identité : nationale, sociale, confessionnelle.
La refondation des Nations unies pour un nouvel ordre international, est une nécessité politique, et une exigence éthique. La réflexion et l’ouverture de l’esprit et de la pensée doivent décrypter le présent pour mieux comprendre l’avenir, afin de savoir si le sens de l’humanisme peut être régénéré et renouvelé sur le plan international, ou si un nouvel humanisme est possible, et à quelles conditions.
Je vous remercie pour votre attention.
Abdenour Ali-Yahia
style=”text-align: justify;”>AliYahia_geneva11dec09_a
Genève, le 11 décembre 2009
http://fr.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=592:alkarama-decerne-le-prix-qalkarama-award-2009q-a-me-abdennour-ali-yahia&catid=64:communiqu/
________________________________________________________________________
Le message de Ahmed Manai
10 décembre 2009-12-08
A L’Attention de Monsieur Abbas Aroua
Fondation ALKARAMA- Genève

Chers tous,

Je félicite et remercie vivement l’équipe dirigeante de la Fondation Alkarama, d’avoir fait le bon choix et pensé à décerner l’Alkarama Award 2009 à Maître Ali Yahia Abdennour.
Ce vénérable sage, qui a fait de la cause de la dignité humaine son sacerdoce, défendu depuis des décennies, en Algérie, dans notre espace maghrébin et au-delà, les droits de l’homme, les droits de tous les hommes, sans distinction aucune, avec un immense courage, une constance déconcertante, une honnêteté exemplaire et une compétence incontestable. Avec la modestie en plus.
Pour ceux, dont je suis, que l’œuvre et le combat exemplaires de l’homme et du militant ont profondément marqué, depuis deux décennies, Ali Yahia Abdennour est le Maître auquel ils vouent une indéfectible fidélité. Parions que sa vision de la dignité humaine « clef de voûte de la société », tracera la voie des luttes à venir pour les générations futures.
Tous les militants des droits de l’homme, grands et petits, mais surtout toutes les victimes des violations de toutes sortes, qui ont profondément souffert, tout au long des années 1990, de l’ostracisme, de l’exclusion et du sectarisme des grandes chapelles des DH, sont reconnaissants à Maître Abdennour, mais aussi à feu Maître Mahmoud Khalili et d’autres, d’avoir usé de tout leur prestige et de leur grande autorité morale pour mettre à nu et casser la logique des éradicateurs.

Enfin, un vibrant hommage au Lauréat de l’Alkarama Award 2009, une pensée à la mémoire de notre frère et ami Maître Mahmoud Khalili qui nous a quittés il y aura bientôt sept ans, mes plus vifs remerciements à l’ensemble de l’équipe dirigeante de la Fondation Alkarama et surtout aux amis Abbas Aroua et Rachid Mesli, d’avoir pensé à m’inviter à cette cérémonie à laquelle je ne peux assister, à mon grand regret, pour des raisons de santé.
En fidèle amitié
Ahmed Manai

AL-KARAMA A ALI YAHIA ABDENNOUR


الكرامة تمنح الاستاذ عبد النور علي يحيى جائزتها 2009 للمدافعين عن حقوق الإنسان
12- ديسمبر 2009


نظمت مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان بمركز المؤتمرات الدولي في جنيف يوم الجمعة 11 ديسمبر 2009 على الساعة السادسة مساءً حفل تكريم للأستاذ المحامي الجزائري عبد النور علي يحيى، الذي تسلم بهذه المناسبة جائزة الكرامة للمدافعين عن حقوق الإنسان لـ 2009 على مجموع أعماله في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان في الجزائر. وتُمنح الجائزة كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر) إلى شخصية أو منظمة ساهمت بشكل فعال في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في العالم العربي.

والأستاذ علي يحيى عبد النور من مواليد 18 يناير 1921 ناضل في إطار الحركة الوطنية الجزائرية، واعتقل خلال حرب التحرير الوطنية. عند الاستقلال سنة 1962 عُيّن عضوا في الجمعية التأسيسية ووزيرا للأشغال العمومية ثم الفلاحة، قبل أن يستقيل من منصبه الوزاري في 1967، ليكرس نفسه لمهنة المحاماة والدفاع عن حقوق الإنسان، مما قاده إلى الاعتقال ثم النفي. والأستاذ عبد النور علي يحيى هو الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان التي أسسها سنة 1985 والتي اعترفت بها السلطات الجزائرية رسميا عام 1989. ويعتبر الأستاذ علي يحيى عبد النور عميدا للمدافعين عن حقوق الإنسان بالعالم العربي. وقد ألف كتاب "الجزائر: أسباب وحماقة حرب" (1996) وكتاب آخر تحت عنوان "كرامة الإنسان" (2007).

حضر الحفل عدد كبير من ممثلي المنظمات غير الحكومية والآليات الأممية لحقوق الإنسان والبعثات الرسمية وجمع من الجالية العربية في جنيف والجزائرية على وجه الخصوص. وقد ألقيت في هذه المناسبة كلمة من طرف ممثل الكرامة ، وقُرأت رسائل تهنئة من زملاء للمحامي تعذّر عليهم حضور حفل التكريم من بينهم المدافع عن حقوق الإنسان التونسي أحمد مناعي والأستاذ ماريو جيرو من جمعية سانت إيجيديو. ونوهت كل المداخلات بالمسيرة النضالية الطويلة لعبد النور علي يحيى وبالتزامه الثابت في الدفاع عن حقوق الإنسان والكرامة البشرية. كما عُرض خلال الحفل فلم وثائقي يعرض المحطات الرئيسية للمسيرة النضالية لعبد النور علي يحيى. وعقب تسلمه الجائزة ألقى عبد النور علي يحيى كلمة شكر، عرض خلالها أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر (أنظر ترجمة تدخل الأستاذ علي يحيى).

منظمة الكرامة

جنيف، 12 ديسمبر 2009

كلمة الأستاذ المحامي عبد النور علي يحيى
خلال حفل استلامه جائزة الكرامة لحقوق الإنسان

سيداتي، سادتي،

بادئ ذي بدء، أتقدم بجزيل الشكر إلى مؤسسة الكرامة والقائمين عليها على دعوتهم لي للاحتفاء بالذكرى السنوية الواحدة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعلى تكريمي بجائزة الكرامة الأولى. وأرى من الواجب عليّ قبل كل شيء أن أستحضر ذكرى جميع نشطاء حقوق الإنسان، من جميع أنحاء العالم، الذين ضحوا بأنفسهم لمحاربة الظلم لكي ترى الحرية النور، ولمواجهة القمع بتفان ليشهد العالم ولادة حقوق الإنسان.

وكان الشعب الجزائري حاضرا في ذلك الوقت الذي كان فيه العمل جاريا لتعبيد الطريق وإعداده من أجل تحرير البلاد من نير الاستعمار، عن طريق الكفاح المسلح، كما أن هذا الشعب كان حاضرا أثناء موسم البذر والعطاء، حيث كان مُعرّضا لشتى أصناف المخاطر، ومستبسلا في تقديم التضحيات الجسام في سبل وطنه، لكنه لم يلبث أن تم إبعاده وإقصائه وقت جني ثمار جهوده وتضحياته.

إن النظام السياسي في الجزائر، السائد إلى يومنا هذا، قد فرض نفسه على الشعب في عام 1962 بالقوة، مستخدما شتى وسائل العنف، وبذلك استبدل الهيمنة الاستعمارية بهيمة زمرة منبثقة عن قيادة جيش الحدود. وهكذا استُبدِل شعار "الثورة من الشعب وإلى الشعب" بشعار آخر، فحواه "من دون شعب وضد الشعب"، حيث أصبح حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، وهو الحق الذي كافح من أجله بثبات وعزم، طيلة سبع سنوات ونصف، أصبح هذا الحق حقا للدولة كي تتصرف بمقتضاه في مصير الشعب.

كل ثورة يعقبها تطوّر يقوم بمحوها. فتهميش الشعب الجزائري وإبعاده عن جميع مراكز صنع القرار، أصبح نهجا سلوكيا متبعا، يسمح للسلطة الدكتاتورية المركزية المتفردة بترسيخ وجودها وتخليد بقائها.

تتعرض حقوق الإنسان في الجزائر إلى انتهاكات شاملة من جل النواحي، وعلى نحو استثنائي، وهي اليوم في وضع الدفاع عن النفس.
إنّ تعاقب الأحداث السياسية يذكرنا بأنّ حقوق الإنسان لا تُمنح، بل تُنتزع وتُستحق، بحيث لا بد من خوض كفاح مستميت لكي تحظى هذه الحقوق بالاحترام والدعم وتوسيع نطاق تنفيذها. فبالنسبة لحقوق الإنسان، إن ذريعة المصلحة العليا للدولة ليست سوى خدعة يلتجأ إليها عندما تفقد هذه الدولة صوابها وتوازنها. وهناك ثلاثة مبررات تحظى بالأسبقية وتأتي قبل ذريعة المصلحة العليا للدولة، وهي: القانون في مواجهة الظلم، والحرية في مواجهة الطغيان، والإنسانية ضد الوحشية.

لقد عُطِّل تطبيق الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، وخضعت لتقييد على نحو مفرط، عن طريق سن المراسيم، والتشريعات والقرارات التنظيمية، وخاصة نتيجة تعسف الإدارة. وإنّ دساتير البلاد، التي بلغ عددها خمسة خلال 47 سنة من عمر الاستقلال، تتعرض، رغم عدم تطبيق سوى النزر القليل منها، للمراجعة والاستنفاد حتى قبل تطبيقها. وكل ما من شأنه أن يكشف الوجه القبيح القمعي الحقيقي للدولة، يتم كتم أنفاسه وخرس لسانه، ومن هذا المنطلق نشهد تعريض القانون لشكل من أشكال التعذيب، حيث ينتزع منه ما تريده السلطة السياسية، كلما زادت هذه السلطة انحرافا.

وإلى كل أولئك الذين يريدون التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطة السياسية، نذكرهم بكلمات المفكر والكاتب الفرنسي "ألبير كامو": "الآن، لا يوجد هناك مكفوفين، أو صم أو بكم (عن الشهادة على الجرائم) بل متواطئين فقط".

1- حالة الطوارئ

تشكّل حالة الطوارئ خطرا على الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية.

لقد نجم عن إلغاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، وانقلاب 11 كانون الثاني / يناير 1992 الذي تلا ذلك، سن حالة الطوارئ في 9 شباط / فبراير 1992 التي انزلقت نحو فرض حالة الحصار عن طريق قرار غير منشور، في 25 تموز/ يوليو 1993. وإنّ حالة الطوارئ التي تشكل مرحلة حزينة ومؤلمة في تاريخ بلادنا، والتي لا تزال سارية المفعول إلى يومنا هذا، سمحت ميدانيا، بفتح 9 معسكرات اعتقال في الصحراء، مما يُعَد بمثابة وصمة عار ورعب، من العلامات البارزة التي ميزت القرن 20، حيث تم الزج داخل هذه المعسكرات بما يقارب الـ 18،000 من مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

إنّ الاعتقال الإداري الذي أجبر الآلاف من الجزائريين على دفع ثمن معتقداتهم السياسية والدينية، من خلال حرمانهم من الحرية وفقدان سبل الرزق، تم تنفيذه في انتهاك صارخ للقوانين المحلية والمواثيق والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، التي صادقت عليها الجزائر، والتي تنص على أن حرمان النفس البشرية من الحرية، هو من اختصاص العدالة، ولا يجوز أن يتم بمجرد رسالة مختومة تصدرها السلطة التنفيذية.

ويُعَد رفع حالة الطوارئ شرطا لا غنى عنه من أجل تحرير المجالات السياسية والإعلامية، ولممارسة الحريات الفردية والجماعية.

2- التعذيب

هذا الصنف المتطرف من أصناف الإرهاب الفردي أصبح جزءا لا يتجزأ من عمليات التحقيق، يحل محلها أو يقترن بها. وهناك رسائل عديدة، تم التحقق من صحتها، يعبّر فيها العديد من السجناء ومحاميهم وعائلاتهم بقوة وقلق شديد وضيق مرير وغضب، تفيد انه طيلة العقدين الماضيين تمت ممارسة تعذيب ممارسة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال اعتبارها مجرد أخطاء أو حوادث معزولة أو انحرافات فردية ميدانية، بل هي ممارسة إدارية يجري العمل بها، تستخدمها الأجهزة الأمنية، التابعة للسلطة العسكرية والمدنية على حد سواء. ومن أجل الحد من ممارسة التعذيب، التي أصبحت معروفة لدى العام والخاص، بل والقضاء عليها بشكل نهائي، لا بد من توافر الشهود الذين يتعيّن عليهم الصدع بما تعرّضوا له، والتحرّك الحثيث من أجل تثقيف الجماهير وتحسيسها بالموضوع.

وتفرض الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لعام 1984، على الدول التي صادقت عليها، أن تحيل إلى سلطاتها القضائية، كل من ارتكب جريمة التعذيب، بغض النظر عن جنسيته، أو جنسية ضحاياه، وبغض النظر عن بلد ملجأه حيث ينعم بالعيش القرير فيه، أو يكون فيه عابر سبيل.

3- السلطة

تقلص العمل السياسي إلى مجرد تقنية للاستحواذ على السلطة وممارستها. ومن المعلوم أنه، عندنا، يتم الوصول إلى سدة الحكم إما عن طريق انقلاب بقوة السلاح، أو انقلاب بواسطة الاقتراع، أو عن طريق انقلاب دستوري. فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي ما زال يحمل العديد من ندوب الماضي، يستأثر بشكل شبه كلي بالسلطة التي تحوّلت بين يديه على مر السنين، إلى مَلَكية جمهورية، والتي يحتفظ بها من خلال فرض تطويق بوليسي للشعب، بالإضافة إلى التشجيع على الوشاية وسط المواطنين على نطاق واسع، وممارسة القمع الذي لا يمكنه حل المشاكل بل يعمل على القضاء على أولئك الذين يطرحونها، وتسوية التناقضات عن طريق القضاء على الخصوم.

وتُعتبر الولاية الرئاسية الثالثة للرئيس بوتفليقة ولاية زائدة عن اللزوم، وقد جاءت عن طريق تنفيذ انقلاب دستوري، تم خلاله تعديل الدستور للسماح له بالبقاء في السلطة، وهو يتولى بذلك مهام رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية ووزير الدفاع، الأمر الذي حوّل الحكومة إلى ملحقة تابعة للرئاسة وجعل من غرفتي البرلمان، مجرد غرفتين للتسجيل، مع الرغبة العارمة للرئيس في التنظيم والمراقبة والتوجيه والتحكم في كل شيء. وقد انصاع البرلمان وجهاز العدالة لخدمته وتخليا عن صلاحياتهما الدستورية. ولم يعد البرلمان في الواقع سوى منتجعا مريحا للتقاعد، مخصص لأطر أحزاب الائتلاف الحكومي الثلاثة.

وإنّ الوزراء الذين تجاوزوا كثيرا مصداقيتهم السياسة، لا يزالون يتشبثون بمراكزهم في السلطة، بشكل لا يعود بالنفع العام. وما يلفت الانتباه، هو ذلك التسابق المحموم بينهم في تحسّس رغبات الرئيس، تجنبا سقوط اعتبارهم في عينيه، أو سعيا إلى الحصول على ترقية إضافية. ولا يشكل طول عمر الوزراء في مناصبهم علامة استقرار، بل هو عامل أساسي يساهم في صناعة الهشاشة الاقتصادية، ويؤدي إلى السخط الاجتماعي. وفي كنف مملكتنا الجمهورية، كل المقرّبين، المتواجدين في مدار الرئيس، مثلهم مثل الرئيس نفسه، لا يسري عليهم ما يسري على عامة الناس، ومن ثم فلا يمكننا أن نتوقّع من مثل هذه السلطة شيئا ذا بال، بوسعه أن ينتشلنا من هذا المأزق، نظرا لأنّ هذا النظام يمثّل في حد ذاته لب المشكلة.

4- العدالة

لم تعد المحاكم والهيئات القضائية الأماكن التي تتحقق بين جدرانها العدالة، بل أصبحت مجرد هيئات سياسية، يقاضي فيها النظام السياسي معارضيه. وتحتكر السلطة القائمة جهاز العدالة الذي أضحى مجرد ظلّ لهذه السلطة، بسبب انصياعه لها على المستوى العضوي والوظيفي، فكان من الطبيعي أن تنكسر شوكة هذه العدالة التي كانت يوما ما شامخة ثم فترت ذمتها شيء ما، إلى أن تدحرجت لتكبو على ركبتيها فينتهي بها المطاف بحيث أصبحت تزحف على بطنها. وإنّ المحاكمات والأحكام الصادرة لا يمكن اعتبارها بتاتا إجراءات عدلية بل مجرد قرارات تصدر عن أجهزة العدالة، تخص القضايا السياسية وقضايا الرأي، وفقا لتعليمات تصدرها السلطة عن طريق وزير العدل والأجهزة الأمنية. وتُطرح في هذا الباب مشكلة ارتباط العدالة بالسلطة القائمة، و لا بد من قول ذلك، بل والصدع به بصوت عال، حتى يسمعه الجميع: يجب أن تسترجع العدالة كرامتها وشرفها، وعليها أن ترتقي لتكون في مستوى دولة القانون، وتستوحي قدرتها من كفاءة قضاتها وأمانتهم ونزاهتهم، سعيا منها لكسب احترام المواطنين.

5- الفساد

إنّ انتعاش الفساد لا يمكن فصله عن ممارسة السلطة، فهو ينخر كالغنغرينا أوصال أعلى مستويات الدولة، وجهاز العدالة في المقام الأول، ويتم ذلك على جميع المستويات وفي جميع المجالات. فعلى الصعيد الاقتصادي، يجري إبرام العديد من الصفقات، عن طريق معاملات نقدية، وعينية، مما يسهل عمليات الفساد. وقد أضحى الفساد أسلوب حياة وتسيير حكومي، حيث أن عائدات النفط تتم إدارتها وفق النموذج الإقطاعي البائد، في ظل تعتيم شامل وتام، بعيدا عن كل شكل من أشكال المراقبة.

ومن نافلة القول أنّ المال يمنح السلطة، والسلطة تذري المزيد من المال، وبناء عليه، فمن شأن رقابة صارمة أن تكشف الستار عن فضائح سياسية ومالية عديدة وجسيمة، سواء من حيث المبالغ المحوّلة، والشبكات المتورطة فيها، أو من حيث سعة نطاق ممارستها. فالمسؤول الذي ترضى عنه السلطة، لا يمكن متابعته قضائيا متى كان على خلاف مع القانون بتهمة الاختلاس، أو رميه فريسة للرأي العام عبر وسائل الإعلام.

6- الديمقراطية

إنّ الديمقراطية التي هي صناعة السلطة ومراقبتها، والتي تشكل النظام السياسي للسلطة التي تحصل على الموافقة الحرة دون إكراه، تتحقق عن طريق التناوب، وبفضل إقامة سلطات موازنة، يكون فيها التنظيم من خلال أحكام القانون وسيادته، الأمر الذي يسمح بتوسع مجال حرية المواطنين.

ويعود سبب التدهور السياسي والأخلاقي للمؤسسات إلى غياب التناوب على السلطة، الأمر الذي يكرس استمرار نفس الزمر ونفس المصالح، متشبثين بمقاليد الحكم خلال فترة طويلة. وما زال التناوب المنشود الذي لم يتحقق منذ الاستقلال، يشكل ضرورة ملحة. ولتحقيقه يجب العمل على تحفيز ذوي الإرادات الصادقة وتنبيه النفوس وإيقاظ الضمائر، بحيث يسعى كل فرد انطلاقا من مكان تواجده، ووفق طبيعته الخاصة، ومزاجه الخاص، وحسب المسؤولية الملقاة على عاتقه، وبناء على ما يعتقده صحيحا بفضل ما يملكه من ذكاء وحدس منبثق من أعماق قلبه، إلى وضع نفسه في خدمة الديمقراطية التي لا تزال، على الرغم من ضخامة المهمة، مصدرا للقوة والحرية والعدالة، ذلك لأنه لا وجود للحرية بدون عدالة، ولا عدالة بدون حرية.

إنّ جهود الشباب الذين يمثلون الحياة والأمل والمستقبل، يجب توجيهها نحو تحقيق الديمقراطية، لأنّ المعركة معركتهم، ولأنّ لهم فرص معقولة لكسبها. وعندما يكون الاقتراع حرا ونزيها يكون الانتصار للديمقراطية. أما الغش الانتخابي، الذي يعتبر إرثا استعماريا ضاربا في القدم، فقد زادت حدته واتسع نطاقه منذ استقلال البلاد، بحيث أصبح سمة ملازمة ووثيقة الصلة بالأعراف السياسية المعتمدة في البلد، حاضرة في كل المواعيد الانتخابية. وهي بذلك تمس بأركان سلطة الدولة وتقوّض دعائمها وتمس بمصداقيتها، فضلا على كونها لا تضفي المشروعية لا على المنتخبين ولا على المؤسسات المنبثقة عنها. وإن العبث بصناديق الاقتراع وتزوير نتائجه، وكذا الانتخابات الصورية، وصنع المنتخبين مسبقا، ما هي في واقع الأمر سوى عملية سطو انتخابي وشكل من أشكال البطلجة السياسة. وفي المقابل تشكل المقاطعة لهذه الانتخابات سلاحا سياسيا، ذا تأثير نفسي كبير، وكما نعلم فإنّ الجزائريين لم يشاركوا بأعداد كبيرة في الانتخابات، وذلك ليقينهم بأنّ الممارسات التي تشوه الانتخابات وعمليات الاختيار الحر للناخبين تجري بصورة دائمة. وإنّ المجلس الدستوري، الذي يمثّل أعلى هيئة قضائية في البلاد، والوحيد صاحب صلاحية إبطال مفعول القرارات المنبثقة عن الاقتراع العام، والمتمثلة في القانون والانتخاب، هذا المجلس الدستوري لم يرتقِ للأسف إلى المستوى اللائق، لكي يرى الجزائريون أنهم ممثلون بحق وصدق من خلال هذه الهيئة، التي لم تعد في واقع الأمر سوى مؤسسة في خدمة السلطة لا غير.

7- حرية التعبير

تشكّل حرية التعبير حقا أساسيا للحياة الاجتماعية والثقافية، حقا لا غنى عنه للإبداع العلمي والفني. إنّ التلفزيون الحكومي اليتيم والإذاعات المملوكة حصرا للدولة، ما هي إلا وسائل إعلام ودعاية، ذات قوة هائلة، تمارس نوعا من الدكتاتورية الناعمة، حيث أنها تنتج قوالب تفكير جاهزة، تساعد على تبليه عقول الجزائريين، فكل ذلك ماثل أمام الأعين ليذكرنا بأن السلطة لا تقبل التقاسم، وأن كل توجه سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، لا يمكن أن ينبع إلا من فوق، من الرئيس نفسه، وهو لا يمكن أن يقبل بأي سلطة موازنة.

وتشتمل مهنة الصحافة على مخاطر جنائية جسيمة، ومن ثَمّ فمن المستعجل إدانة القمع الممارس ضد الصحفيين، والذي بلغ بعمليات الاعتقال الأخيرة، والأحكام الصادرة ضد الصحفيين في مختلف أنحاء العالم، مستوى لم يعد مقبولا.

8- الحرية الدينية

لا تنفصل هذه الحرية عن حرية التعبير والرأي، وهي مكرسة على الصعيد الدولي بموجب المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومؤكدة بمقتضى المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بتاريخ 16 كانون الأول / ديسمبر 1966.

وقد تم تعريفها بدقة في إطار إعلان منظمة الأمم المتحدة المؤرخ بـ 25 تشرين الثاني / نوفمبر 1981 بشأن مناهضة جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد:

"لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير والديانة. ويشمل هذا الحق حريته في الانتماء إلى أحد الأديان أو العقائد باختياره، وفي أن يعبر، منفرداً أو مع آخرين بشكل علني، عن ديانته أو عقيدته سواء أكان ذلك عن طريق العبادة أو التعبد أو الممارسة أو التعليم."

كما ينص إعلان اليونسكو المؤرخ بـ 16 تشرين الثاني / نوفمبر 1995 على أنّ: "التسامح مسؤولية تشكّل عماد حقوق الإنسان والتعددية (بما في ذلك التعددية الثقافية) والديمقراطية وحكم القانون."

ومن هذا المنطلق، فإنّ الاستفتاء الأخير الذي جرى في سويسرا والذي يحظر بناء المآذن يمثل انتهاكا خطيرا للحرية الدينية.

9- المرأة الجزائرية

تتمثل الميزة الرئيسية لتطور المجتمع في تصميم المرأة وإرادتها على تحقيق المساواة مع الرجل. وتشكل المساواة، ليس النظرية فحسب، وإنما المساواة الحقيقية في الحقوق، جوهر الدستور. وتتساوى المرأة من حيث الأداء والعطاء الفكري مع الرجل: "وباستثناء كل ما له علاقة بالجنس، من الناحية البيولوجية، فالمرأة تساوي الرجل ذاته". فإذا رغبت المرأة الجزائرية أن تشارك سريرها وحياتها مع الرجل، وتمنح أبا لأولادها، فلا بد أن يتم ذلك بحرية تامة منها.

10- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

تفتقر الإصلاحات الاقتصادية إلى تصميم سديد، فضلا عن عدم تفسيرها على نحو جيد، ومن ثَمّ عدم حصولها على قبول حسن لدى المواطنين. وقد اقترنت الأيديولوجية الليبرالية المتطرّفة المتّبعة من قبل السلطة، بممارسة تسيير تفتقر إلى القواعد الواجبة والضمانات اللازمة، مما يفتح الأبواب مشرعة أمام السوق غير الرسمية التي أصبحت سيدة الموقف، الآمرة الناهية. وقد بدت ظاهرة على نسيج المجتمع الكثير من الاختلالات والمظالم الاجتماعية، التي تستلزم التوزيع العادل للثروات الوطنية. وقد كرست السلطة، إلى جانب سياستها الاقتصادية، شكلا من أشكال "الأبارتايد" الاجتماعي، الأمر الذي جعل الجزائر نموذجا للظلم الاجتماعي العميق.

وهناك فجوة سحيقة بين، من جهة، أقلية تتمتع بمستوى معيشي يساوي بل ويفوق مستوى أغنى البلدان في العالم، ومن جهة أخرى، الغالبية العظمى من السكان، الذين يعانون من انخفاض مضطرد لقدرتهم الشرائية سنة بعد سنة، بلغ درجة لم يعودوا قادرين فيها على تلبية احتياجاتهم الأساسية. وإنّ هذا الوضع مرشّح لتجدد النزاعات المعزولة، بمزيد من القوة، وعلى نحو منسق.

11- حالات الاختفاء القسري

ما الذي حدث للمفقودين؟ هذا هو السؤال المؤرق الحقيقي المطروح على الجميع! أهُم موتى دون أن يتمّ تكريمهم بمراسيم الدفن، ومن دون مقابر يزورها الأقارب، أم أحياء دون وجود؟

وما فتئت أسر المفقودين توجّه صيحات الاستغاثة والإنذار وتوجّه النداءات العاجلة إلى السلطة تستصرخهم: "ماذا صنعتم بالمفقودين؟ لقد أخذتموهم أحياءً، فأعيدوهم إلينا أحياء كما أخذتموهم!". ويُقدّر عددهم بحوالي 20000، مع الإشارة إلى أنّ عدد المفقودين في الأرجنتين بلغ 8960 حالة، وفي التشيلي 3500 حالة.

إنّ الظروف السياسية والقانونية غير متوفرة في جزائر اليوم للتمكين من محاكمة المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، أولئك الذين يوجدون الآن، أو كانوا في فترة من الفترات، على رأس هرم الدولة، ويتمتعون بحماية تجعلهم يفلتون من العقاب، نظرا لمكانتهم في السلطة التي تضفي عليهم نوعا من الحصانة تعفيهم من تحمّل تبعات المسؤولية عن كافة الجرائم.

12- الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية

إنّ المصالحة الوطنية التي كان من المفروض أن تكون بمثابة مشروع سياسي كبير قد تمّ اختزالها في بُعدها الأمني، في محاولة من أصحابها لتبرئة موظفي الدولة، من عناصر الجيش ورجال الدرك والشرطة من جميع الرتب، وتبييض صفحاتهم ومن ثَمّ تكريس ظاهرة الإفلات من العقاب، ذلك لأنه من حيث الوقائع ومن حيث الحقوق، ليس هناك ما يحول دون مثولهم أمام المحاكم، لمقاضاتهم عما اقترفوه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية.

إنّ السلام من دون توفّر الحقيقة وتحقيق العدالة ما هو إلا وجه من أوجه الإفلات من العقاب وإنكار للعدالة.

وليس بوسع الإستراتيجية الأمنية الشاملة التي تُعقّد مهام تحقيق أيّ تسوية سياسية للأزمة، أن يكون مآلها سوى الفشل الذريع، بسبب افتقارها إلى أدنى أفق سياسي ممكن، ولن تفلح سوى في تغذية دوامة العنف والقمع. إنّ الجزائر تتوق إلى السلام والنظام، شريطة ألا يكون ذلك النظام هو نظام السجون ولا السلام سلام المقابر.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ حقوق الإنسان والسلام يشكلان وجها الحياة البشرية، لا يمكن الفصل بينهما، ومن ثَمّ فكل مبادرة ترمي إلى إنقاذ أحدهما على حساب الآخر، من قبيل ضمان السلم على حساب الحقيقة والعدالة، فمآلها الفشل بالنسبة لكليهما على حد سواء، واستدامة دوامة العنف.

سيداتي، سادتي،

تتعرض حقوق الإنسان للاعتداءات في جميع أنحاء العالم، ولذا وجب حمايتها حيثما جرى انتهاكها، بغض النظر عن الدول التي تقع فيها تلك الانتهاكات أو النظم السياسية المعتمدة، مع ضرورة عدم غض الطرف عنها والتستر عليها عندما ترتكب في البلدان الصديقة والحليفة.

إنّ مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، يتعارض مع مبدأ عالمية حقوق الإنسان التي لا تعرف حدودا جغرافية أو سياسية أو إيديولوجية، ولا تعرف مبدأ عدم التدخل، ذلك لأنّ حقوق الإنسان تشكّل جزء لا يتجزأ من العلاقات الدولية، وتضطلع بدور هام في نوعية وأهمية العلاقات بين الدول.

ومنذ أكثر من عامين ونصف العام، يتعرّض قطاع غزة لحصار جهنمي لا يعرف الرحمة. وطيلة الفترة الممتدة من كانون الأول / ديسمبر 2008 إلى كانون الثاني / يناير 2009، خلال الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة والتي أُطلق عليها اسم "عملية الرصاص الصلب"، قامت طائرات "أف 16" التي وفرتها الولايات المتحدة الأمريكية بقذف نيرانها الجهنمية على الشعب الفلسطيني، مخلفة 1400 قتيل من بينهم 400 طفلا، و 5000 جريح، ودمار شامل لم يستثن شيئا، فحرم السكان حتى من الكهرباء والماء. وقد حوّلت مجزرة إسرائيل قطاع غزة إلى مختبر جرّب فيه الجيش الإسرائيلي شتى أصناف أسلحته، من فوسفور أبيض ويورانيوم مستنفد، وتكنولوجيا روبوتية، التي أمدته بها الولايات المتحدة. وأصبح بذلك التطهير العرقي الذي نفذته إسرائيل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كما ورد في تقرير القاضي غولدستون.

لقد شهد العالم أجمع بذهول المذابح التي نظمتها ونفذتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد شعبي أفغانستان والعراق، كما تمّ اعتقال المئات من الأشخاص في معسكر غوانتانامو، في ظروف غير إنسانية، ومن الواجب أن يمثُل مرتكبو هذه الجرائم ضد الإنسانية أمام العدالة الدولية.

وعادة ما يتم الخلط عن عمد، وبشكل متكرر، بحيث فُرضت المعادلة: "الإرهاب = الإسلام السياسي = الإسلام". كما تشهد ظاهرة كراهية الإسلام (الاسلاموفوبيا) في العالم تصاعدا مطردا، مما زاد من حدة تعرّض المسلمين في بعض البلدان للاضطهاد بسبب هويتهم الثلاثية: الوطنية والاجتماعية والدينية.

وبات من الضروري بمكان، على الصعيدين السياسي والأخلاقي، إصلاح منظومة الأمم المتحدة من أجل إرساء نظام دولي جديد. ولا بد من تسخير قدر عال من التفكير وانفتاح العقل، ليتسنى فك شفرة الحاضر من أجل فهم أفضل للمستقبل، لكي نعرف ما إذا كان ممكنا تجديد معنى الإنسانية وتحديثه، على المستوى الدولي، أم أنه من الممكن إقامة منظومة جديدة من القيم الإنسانية، وتحت أي ظروف يمكن تحقيق ذلك.

أشكركم على حسن إصغائكم.

عبد النور علي يحيى
جنيف، 11 كانون الأول / ديسمبر 2009

http://ar.alkarama.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3694:-2009&catid=174/