Search This Blog

Thursday, December 30, 2010

Sidi Bouzid: Une autre voix!


أحداث سيدي بوزيد بين المسؤولية و التوظيف السياسي


على اثر الحادثة المؤلمة بسيدي بوزيد التي كان ضحيتها شاب تونسي أقدم على حرق نفسه كردّ فعل على انسداد السبل أمامه، انطلقت جملة من الاحتجاجات على التعاطي السلبي لبعض المسئولين المحليين بهذه المنطقة.

هذه المحاولة الانتحارية التي نحمد الله على فشلها و نتمنى الشفاء لصاحبها، لم تكن الأولى في تونس بل سبقها انتحار بنفس الطريقة المروعة لشاب يدعى عبد السلام تريمش يوم 5 مارس 2010 امام بلدية مدينة المنستير بالساحل التونسي. و للتأكيد فان هذا الشاب أصيل هذه المدينة و ليس من النازحين من الولايات الداخلية، و المنستير مدينة محظوظة منذ الاستقلال و حتى قبل ذلك وهو ما يعني ان اليأس يمكن ان يصيب أيّا كان في أي مكان. و الغريب انه وقع التعتيم على هذه الحادثة تماما و لا يذكر صاحبها من طرف الذين يوظفون محاولة الانتحار بسيدي بوزيد !

لقد استغلّ هذه الاحتجاجات فلول الراديكالية المتمترسين وراء بعض النقابات المهنية و خارجها مدعومين من رموز المعارضة الهامشية في الداخل و الخارج في محاولة لاستدراج بعض الفئات الشعبية و الاجتماعية إلى تحركات احتجاجية هدفها زعزعة الدولة و الاستقرار الاجتماعي.

و لفهم طبيعة هذه الأحداث لابد من التذكير بالنقاط التالية:

1 ـ إن التفاوت التنموي بين الجهات ليست ظاهرة حديثة اكتشفها البعض بمناسبة هذه الأحداث و إنما نشأ قبل الاستقلال، و لم يتم معالجته خلال نشأة الدولة الحديثة. وللموضوعية فان جهودا كبيرة بذلت خلال العشريتين الأخيرتين لتحديث البنية التحتية لهذه الجهات المحرومة و بعث مشاريع تنموية بهدف تقليص التفاوت.

2 ـ إن تطوّر الواقع التنموي لبلادنا و استمرار السلم الاجتماعي لا يتحقّق إلا بمشاركة كلّ فئات المجتمع المدني و كل القوى الوطنية. وهو ما يفرض على كل الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية حتى نجنّب بلادنا منزلقات خطيرة، تفقدنا مكتسبات ضحّى من أجلها شعبنا. إن ذلك لا يتحقّق إلا بشفافية و جرأة من أجل تنفيذ سياسات الدولة و ربط جسور الحوار مع الفئات التي تشعر بالتهميش و خاصّة الشباب.

3 ـ إن ما تدّعيه و تردده بعض الأوساط من أن تونس تعيش حالة احتقان اجتماعي بسبب تفشّي البطالة كنتيجة للسياسات التنموية للدولة، هو مجانب للموضوعية ومخالف لحقيقة ما أكده المراقبون الدوليون بسلامة الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية لتونس، هذا البلد الذي تبوأ مكانة متقدمة على كثير من الدول النامية، برغم حدّة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تسبّبت في مضاعفة البطالة حتى في اقتصاديات المجتمعات المتقدمة.

إننا من منطلق مسؤوليتنا الوطنية و انحيازنا لتونس و من أجل المحافظة على سلامة بلادنا و مناعة مجتمعنا، نهيب بالجميع للتحلي بروح المسؤولية و معالجة التحديات المطروحة بالحوار و في كنف القانون. فكما أنّ على القوى الوطنية مسؤولية التصدي لمحاولات بعض المغامرين في الّداخل و الخارج، هؤلاء الذين يعبرون على نشوتهم كلما مرّت بلادنا بأزمة، في محاولات منهم للتوظيف السياسي لمآسي الناس في حين أنهم أبعد ما يكون على الهموم و التحديات التي تواجه مجتمعنا و بلادنا، فانه يستوجب على المواطن المحافظة على الممتلكات الخاصة و العامة و صيانة هيبة الدولة، و على المسؤول كذلك، عدم وصد أبواب الحوار خاصة في وجه الفئات الضعيفة حتى لا تركن إلى التصرفات اليائسة كما حدث في سيدي بوزيد أو المنستير.

كما إننا في الوقت نفسه نعتبر إن التهويل و التوظيف الإعلامي الخارجي الذي تمارسه بعض الأوساط لهذه الأحداث هو نتيجة الفراغ الحاصل لدى بعض وسائل الإعلام المحلية في إنارة الرأي العام بحقيقة ما حدث، لأن هذا الفراغ هو الذي جعل الفرصة سانحة أمام المزايدين والمتاجرين بآلام الناس وهمومهم لتهويل الأحداث و توظيفها لحساباتهم الشخصية و الحزبية الضيقة.

و الله وليّ التوفيق

الأربعاء 29 ديسمبر 2010

جمعية تونس المستقبل -

الهيئة الـتأسيسية

الأزهر عبعاب – فرنسا

محمد العماري – فرنسا

رضا التونسي – دنمارك

د. عبد السلام الأسود – فرنسا

محمد الهادي بصيد – فرنسا

ياسين الخليفي – فرنسا

كمال بسرور – فرنسا

معز الهمامي – فرنسا

فتحي مباركي – فرنسا

فتحي الدريدي – فرنسا

عبد الجليل السعيدي – فرنسا

عمر العزابي – فرنسا

محرز ضو – فرنسا

Wednesday, December 29, 2010

Sidi Bouzid: Ma Wara Al Khabar



- أسباب وخلفيات تكرار الاضطرابات الاجتماعية في تونس
- التحديات المطروحة على النخب السياسية والحقوقية



خديجة بن قنة: طالب حقوقيون ونقابيون في تونس الحكومة بالكف عن سياسة العصا الغليظة في معالجة الاضطرابات الاجتماعية التي نشبت في مدينة سيدي بوزيد في الجنوب التونسي إثر إقدام شاب عاطل عن العمل من حملة الشهادات العليا على إحراق نفسه يأسا من ظروفه المعيشية المزرية، وكانت أنباء قادمة من سيدي بوزيد أكدت استمرار اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين نتج عنها حدوث إصابات وتنفيذ الأمن التونسي حملة مداهمات واعتقالات. نتوقف إذاً مع هذا الخبر لنناقشه في عنوانين رئيسيين، ما الذي يقف وراء تكرار الاضطرابات الاجتماعية بين الحين والآخر في تونس رغم إشادة الحكومة المستمر بإنجازاتها التنموية؟ وما هي التحديات الجديدة التي تطرحها مثل هذه التحركات الاحتجاجية على النخب السياسية والحقوقية في البلاد؟... ليست هذه المرة الأولى التي تعرف فيها مدينة تونسية اضطرابات اجتماعية احتجاجا على أوضاع معيشية مزرية، أوضاع تقول السلطات التونسية إنها سارت بعيدا في معالجتها بينما يؤكد منتقدوها أنها إنما تثابر في تقديم صورة وردية لأوضاع أصبحت مثل هذه الاحتجاجات تفضح حقيقتها.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: إلى هذه الحدود وصل الاحتقان الاجتماعي والأمني في مدينة سيدي بوزيد الواقعة في الجنوب التونسي، اشتباكات بين متظاهرين من جهة وقوات الأمن التونسي في الجهة المقابلة، في النتائج الأولية عدد من الإصابات وأخبار عن حملة مداهمات واعتقالات أما في الأسباب فإقدام شاب عاطل عن العمل من حملة الشهادات العليا على إحراق نفسه بسبب ما قيل من مضايقة موظفي التراتيب البلدية لمساعيه للاسترزاق من عمل بسيط، معاملة قاسية دفعته للتشكي عند السلطات المحلية ولما تجاهلت معاناته استسلم للحلول اليائسة، لم يوقد النار في نفسه فقط وإنما كذلك في نفوس عدد من مواطني المدينة الذين تجمعوا أمام مقر المحافظة وأعلنوا أصوات الاحتجاج الاجتماعي على ما يقولون إنه تهميش لمدينتهم وتناس لها في برامج التنمية الحكومية. هذه هي الجمهورية التونسية بلاد الخضرة والشواطئ التي يصطاد سحرها ملايين السياح سنويا، سياسة اقتصادية تبنتها الحكومات المتتالية فخلقت هوة تنموية بين مدن الشريط الساحلي ومدن الداخل الغربي ورغم محاولات تلك الحكومات التخفيف من تلك الهوة ظل الحديث مستمرا عما سمته الحكومة التونسية نفسها مناطق الظل، مناطق يعرف بعضها مظاهر حرمان وتفشي البطالة إلى مستوى أشعل اضطرابات تحملت السلطة عبء إخمادها معتمدة على أذرعها الأمنية في البداية ثم بعد ذلك على وعود بمشاريع تنموية تستدرك بها تلك المناطق ما فاتها من ثمار مجهود التنمية الوطني، لكن تكرار الاضطرابات أثار السؤال عميقا حول منابعها الاجتماعية وكيفية تعامل النخب السياسية مع تفاعلاتها فقد وجد فيها كثير من المتابعين إحراجا للسلطة ومعارضيها على حد سواء، سلطة يشتكي قسم من مواطنيها من استبعادهم من التمتع بمزايا ما سماها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ذات يوم بالمعجزة الاقتصادية ومعارضة متهمة بركوب موجة الاحتجاجات وتوظيفها في معركتها مع السلطة وبينهما مواطن لا يريد في كل ذلك سوى قدر من الخبز وكثير من الاحترام لكرامته، ربما كانت تلك أهم رسائل غضبه فهل قرئت يا ترى؟

[نهاية التقرير المسجل]

أسباب وخلفيات تكرار الاضطرابات الاجتماعية في تونس

خديجة بن قنة: ومعي من جنيف بسويسرا عبد الوهاب الهاني الناشط الحقوقي التونسي ومعي من تونس عبر الهاتف الدكتور حسين الديماسي الخبير الاقتصادي. أرحب بالأستاذ عبد الوهاب وبالدكتور حسين الديماسي وأبدأ معك أستاذ عبد الوهاب الهاني في جنيف، ما هذا الذي يحدث في تونس ما أسباب هذا الاحتقان الاجتماعي الذي وصل إلى حد أن يقدم شاب في ريعان شبابه على إحراق نفسه يأسا من الحياة؟

عبد الوهاب الهاني: مرحبا أختي خديجة، أولا أود أن أتمنى بالشفاء العاجل للشاب محمد البوعزيزي حيث أن روح كل تونسي ثمينة وكما قال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة فإن ثروتنا كشعب تونسي ثروة تونس هي المادة الشخمة، أن يموت وأن يضطر شاب تونسي لإحراق نفسه نتمنى له الشفاء العاجل وأن ينقذ من الموت، فهذه خسارة كبيرة لاستثمار الشعب التونسي مدة خمسين سنة مرت منذ الاستقلال استثمرنا في المادة الشخمة في التعليم وفي التربية وهذه ثروتنا الوحيدة على السلطة وعلى المعارضة أن تفهم هذا. ما هي الأسباب؟ أولا أختي خديجة حتى لا نهول الأمور هذه الاضطرابات لا يخلو منها بلد في العالم ولا منطقة في العالم ولا حقبة من حقب التاريخ في أي دولة من الدول لاحظنا ذلك في اليونان لاحظنا ذلك في إيرلندا لاحظنا ذلك في بريطانيا، نعود إلى تونس هنالك مشاكل كبيرة أكد عليها تقريركم وخاصة غياب التوازن والعدالة في التنمية وهنالك يعني عدم توازن كبير في التنمية بين الشريط الساحلي بين المدن الساحلية وبين داخل البلاد المناطق المحرومة التي سماها الأخ نبيل الريحاني في تقريركم مناطق الظل، في اعتقادي هذه الأسباب العميقة، السبب الثاني هو وجود مشكلة معضلة كبرى في تونس هي مشكلة بطالة حاملي الشهادات العليا وقد قامت الحكومة بعديد المشاريع منها مثلا الخارطة الصناعية الجديدة لدعم تنمية المناطق الداخلية وقام بذلك السيد عفيف الشلبي وزير الصناعة في السنة الفارطة لتنمية مناطق خاصة الوسط الغربي والشمال الغربي، قامت الحكومة أيضا بدمقرطة الجامعات يعني توزيع الجامعات داخل كل ولاية تقريبا هنالك مؤسسة جامعية وهذا شيء إيجابي ولكن للأسف الشديد فإن الاستثمار الصناعي لم يتبع هذه الإرادة السياسية فهنالك مسؤولية حقيقية للسلطات هذا بدون شك هنالك أيضا مسؤولية حقيقية للأعراف وللمستثمرين لأن تونس وللأسف الشديد مر المستثمرون فيها كبقية الدول العربية من استثمار بعيد المدى طويل المدى في المادة الشخمة استثمار صناعي استثمار فلاحي طويل المدى إلى استثمار مالي قريب المدى الناس يستثمرون يريدون أن يربحوا في نفس الليلة أو قبل نهاية الشهر أو قبل نهاية السنة المالية فهنالك تراكم لهذه المشاكل والعديد من الشباب في هذه المناطق خاصة أصبح يحس بالمحقرانية بالحقرة كما يقول إخوانا في الجزائر وسامحيني أختي خديجة أنا أعتقد أن هذه المشاكل موجودة في العالم العربي كله ولكن في تونس هو أيضا دليل على حيوية الشعب التونسي..

خديجة بن قنة (مقاطعة): نعم هي موجودة في كل.. نعم يعني فقط فيما يتعلق بهذه الجزئية هي فعلا موجودة في كل دول العالم كما ذكرت ولكن ربما تكرار هذه الحوادث هو الذي يثير السؤال اليوم يعني حدثت الآن في سيدي بوزيد قبلها في المونستير العام الماضي أيضا في جندوبا حسب بيان الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض يعني هناك حالات تتكرر وهذا يعني أن هناك مشكلة حقيقية.

عبد الوهاب الهاني: نعم أعتقد أن هناك تراكم ومشكلة كبيرة لتشغيل حاملي الشهادات العليا مشكلة بطالة كبرى داخل هذه المناطق، أعطيك رقما فقط أختي خديجة، هذه المناطق يعني مناطق خاصة الوسط الغربي تعاني من منسوب نسبي في الهجرة يعني نسبة الناس الذين يغادرونها أكثر من نسبة الناس الذين يأتون إليها للشغل يعني النسبة تقريبا قرابة 40% سلبية يعني أكثر من 40% من سكان هذه المناطق يغادرونها يعني إذا حسبنا المنسوب من يأتي ومن يغادر وهذه نسبة كارثية وهنالك غياب للتنمية، بالطبع منذ خمسين سنة متطلبات المواطن وطموحات المواطن الجاهل غير المتعلم الذي خرج لتوه من نير الاستعمار ليست هي نفس متطلبات المواطن الآن فهنالك تحديات كبرى على الدولة الآن وليس فقط على الدولة، على الدولة على القطاع الخاص وعلى النخب السياسية أيضا..

خديجة بن قنة (مقاطعة): طيب نتحدث عن هذه التحديات مع الدكتور حسين الديماسي، نعم دكتور حسين الديماسي يعني هذه المظاهرات وهؤلاء الناس الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج من تلقاء أنفسهم وبصورة عفوية من دون أن تكون هذه المظاهرات مبرمجة ومرتبة أو منظمة يطالبون بتحسين الأوضاع الاجتماعية لسكان هذه المناطق التي يعتبرونها مهمشة من الناحية التنموية، هل هذا المطلب مستحيل تحقيقه؟ لماذا تهمش هذه المناطق؟ ما سبب وجود عدم العدالة في التنمية؟

حسين الديماسي: شكرا لك أخت خديجة وتحية لكل المشاهدين. في الواقع أنا حبيت نعلق على اللي قاله الأخ الهاني هو كلامه صحيح لكن ممكن التذكير ببعض المعطيات منها تاريخيا مفيد باش نفهم اللي صار ماذا وقع في تونس يعني في العشرة أو خاصة الخمس سنوات الفارطة، هو ظاهرة البطالة في تونس ليست بظاهرة حديثة هي ظاهرة نقول قديمة تابعتنا منذ الاستقلال ولازم نقول حسب الأرقام الرسمية البطالة كانت من زمان إلى يومنا هذا تمس ما يقارب واحد من ستة من مجمل الناشطين اقتصاديا يعني ما يقارب 15، 16% هذه ظاهرة قديمة، ماذا حدث في الفترة السابقة يعني نقول الفترة السابقة العشرية أو الخماسية السابقة خاصة الخماسية السابقة ماذا حدث في تونس؟ حدث شيئان اثنان خطران، أولا البطالة أصبحت من الناحية الكيف ليس الكم، الكم قديم أما الكيف تغير بشكل كبير إذ أصبحت البطالة تمس بصورة خاصة وكبيرة حاملي الشهادات العليا وأصبحت في نفس الوقت البطالة حادة بشكل مزعج في المناطق الداخلية للبلاد اللي كان يتحدث عليها الأخ الهاني يعني إحنا ما نسميه الوسط الغربي وحتى الجنوب الغربي إلى غير ذلك.

خديجة بن قنة: طيب يعني..

حسين الديماسي (متابعا): عليش؟ لماذا؟ لماذا هالمناطق هذه..

خديجة بن قنة: لماذا؟ هذا هو السؤال، نعم.

حسين الديماسي: إيه، المناطق هذه يعني الداخلية كانت في أول الاستقلال إلى حدود أواسط الثمانينات الدولة تقوم بمشاريع صناعية وسياحية وفلاحية كبيرة الحجم وذات قدرة امتداد لا بأس بها سواء كان ذلك لحاملي الشهادة وغيرها يعني، هذا تغير بصورة شكلية وهيكلية تماما بداية من أواسط الثمانينات وأصبحت هذه المناطق تعيش على قدرتها الذاتية والدولة تتدخل تقوم بمبادرات الدولة لكن هذه المبادرات أضاعت الظاهرة التنموية اللي كانت سائدة في الستينات والسبعينات وجزء من الثمانينات وأصبحت بوادر إسعافية..

خديجة بن قنة (مقاطعة): لكن دكتور حسين الديماسي يعني عذرا لا أريد أن أقاطعك خصوصا أنه لديك أرقام وإحصائيات دقيقة وما إلى ذلك لكن ربما كلامك يسير في اتجاه غير الاتجاه أو الصورة الوردية التي تعكسها حتى المنظمات الدولية عن الوضع الاقتصادي في تونس يعني دعني أقل لك فقط وللمشاهدين الكرام أن نعرض ربما اللافت في الحالة التونسية أن التقويمات الصادرة في تقارير كثيرة لمؤسسات دولية ومنتديات اقتصادية عالمية تشير إلى قفزة اقتصادية أحرزتها تونس في السنوات الثلاث الأخيرة، سنذهب إلى بعض الشهادات لمنظمات دولية في المنتديات مثل منتدى دافوس الاقتصادي العالمي يضع تونس في المرتبة الـ 35 على قائمة شملت 122 دولة ما جعلها في المرتبة الأولى إفريقيا والثانية عربيا من حيث معدل النمو، أظهر تقرير أيضا لممارسة أنشطة الأعمال لعام 2010 الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي ارتقاء تونس إلى المرتبة الـ 69 عالميا من مجموع 183 دولة وذلك بحسب مقياس ممارسة أنشطة الأعمال، بذلك تقدمت أربع درجات عن التقرير السابق للمؤسستين الدوليتين والذي منحها عام 2009 المرتبة الـ 73، أما مجلس إدارة صندوق النقد الدولي فذكر تقريره الصادر لعام 2010 أن تونس تتمتع بأسس اقتصادية صلبة وأشاد التقرير بحسن إدارة الحكومة التونسية للتوازنات الاقتصادية الكبرى واعتماد إصلاحات جوهرية تتسق مع الظرف المالي المتغير بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية ما مكن تونس من احتواء الأزمة باقتدار بحسب نص التقرير ويسجل صندوق النقد الدولي في تقريره أن البرنامج الرئاسي 2009- 2014 يتضمن دعم المنظومة المالية اعتمادا على إعادة هيكلة النظام البنكي وخدماته. في الحقيقة إذاً طفت على السطح عدد من ردود الأفعال السياسية والحقوقية والنقابية منها هذا البيان الذي صدر عن نقابة التعليم الثانوي وهي إحدى النقابات الفاعلة في تونس ضمن الاتحاد العام التونسي للشغل وقد جاء في البيان دعوة لإطلاق سراح المعتقلين في مظاهرات سيدي بوزيد وكذلك دعوة للبحث في الأسباب التي جعلت الناس يخرجون للتظاهر في الشوارع وبالتالي الاستماع إلى مطالبهم من خلال ما وصفه البيان بإصلاحات جذرية تمس جميع الميادين والمجالات. إذاً أستاذ عبد الوهاب الهاني في الأول دعنا نقف عند الإحصائيات والأرقام التي ذكرناها، كيف نفسر هذه المفارقة بين ما نشاهده اليوم في تونس هذا الوضع والاحتقان والسخط والغضب الاجتماعي وبين التقارير الدولية التي تشيد بالوضع الاقتصادي التونسي؟

عبد الوهاب الهاني: نعم أختي خديجة دعيني أشرح هذه الأرقام، هي الأرقام عموما تتحدث على النمو الاقتصادي ولا تتحدث على التنمية الاجتماعية ولا تتحدث على العدالة الاجتماعية، في الحقيقة تونس مقارنة بغيرها من الدول في اقتصاديات مماثلة تمكنت بفضل -اعتقادي وهذا رأيي ورغم أني لي مواقف معارضة للحكومة التونسية- نجاعة الحكومة بقيادة السيد الوزير الأول السيد محمد الغنوشي وتمكنت الحكومة التونسية عن طريق حسن تسييرها للأزمة وحسن إدارتها للأزمة من امتصاص الآثار السلبية للأزمة، هنالك تأثيرات سلبية للأزمة ولكن لو نقارنها ببلدان أخرى مثلا كاليونان أو كالبرتغال أو كإسبانيا أو حتى إيرلندا مؤخرا نجد أن تونس تأثرت أقل رغم أن تونس اقتصادها يعني منفتح ومفتوح على التبادل التجاري مع أوروبا بنسبة تقريبا 85%، أنا لست اقتصاديا ولكن هذه تقريبا النسب المتداولة، فرغم ذلك في اعتقادي نجحت الحكومة التونسية في امتصاص التأثيرات السلبية لهذه الأزمة وأنا لا أقول هذا الكلام يعني تملقا للحكومة التونسية، المشكلة في التوزيع العادل للثروة هذه مشكلة حقيقية والمشكلة في هذا التحدي الثاني المطروح على تونس..

خديجة بن قنة (مقاطعة): وهذا يدل على إخفاق في إدارة الوضع الاقتصادي..

عبد الوهاب الهاني: أختي خديجة فقط نقطة مهمة..

خديجة بن قنة (متابعة): يعني عدم تحقيق -معلش فقط حتى نستوضح منك..

عبد الوهاب الهاني: يتحدث عليها البنك الدولي، تونس في حاجة إلى.. نعم.

خديجة بن قنة: يعني عدم تحقيق تنمية عادلة بين كل المناطق هذا يدل على عدم حسن إدارة معالجة الوضع الاقتصادي والإسراع إلى حلول أو إلى معالجات أمنية لكبت الاحتجاجات التي تحدث بين الحين والآخر.

عبد الوهاب الهاني: نعم أختي خديجة مشكلة التنمية العادلة هي قضية معقدة، كانت التنمية -كما تحدث الأستاذ الديماسي- في الخمسينات والستينات كانت الدولة التي عليها مسؤولية التنمية، الآن مسؤولية التنمية هي تنمية مشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص وهنالك بخل كثير للقطاع العام، لماذا لم يصدر اتحاد الأعراف أي بيان إلى حد الآن في حين أن منطقة كاملة مشتعلة؟ هذه مشكلة حقيقية، عنا مشكلة ثانية في تونس هي مشكلة الإعلام، المواطن التونسي يحس بالمحقرانية لأنه يشاهد في قناة الجزيرة وفي قنوات أخرى ما يجري في بلده والإعلام التونسي صامت وإلى حد الآن لنا.. بمبادرة من الرئيس بن علي ووزير الشباب لم يذهب إلى سيدي بوزيد لملاقاة هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل، هنالك تقصير على مستوى الحكومة وأنا أتفق معك تماما لكن هنالك مشاكل هيكلية على تونس أن تحلها، بعض الحلول طويلة المدى، الآن البنك الدولي يطلب من تونس..

خديجة بن قنة (مقاطعة): إذاً سنتحدث عن الحلول طويلة المدى.. سنتحدث عن الحلول قصيرة المدى وبعيدة المدى ولكن بعد أن نأخذ فاصلا قصيرا ونعود لحوارنا بعد قليل فلا تذهبوا بعيدا.http://www.aljazeera.net/CHANNEL/KEngine/imgs/top-page.gif

[فاصل إعلاني]

التحديات المطروحة على النخب السياسية والحقوقية

خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم من جديد إلى حلقتنا التي نتناول فيها خلفيات ومآل المظاهرات التي قامت في محافظة سيدي بوزيد التونسية إثر إقدام عاطل عن العمل من حملة الشهادات العليا أو الجامعية على إحراق نفسه. دكتور حسين الديماسي لنتحدث قليلا عن الحلول الممكنة، هل تعتقد أن بيد الحكومة التونسية على الصعيد الاقتصادي أوراق يمكن أن تلعبها في معالجة هذا الوضع؟

حسين الديماسي: في الآجل أشك في ذلك ولكن في.. لأن الواقع مرة ثانية نؤكد على فكرة أساسية اللي قلتها ما موقف المنظمات العالمية إزاء الاقتصاد التونسي إلى غير ذلك، هذا يعني معناها كلام منظمات عالمية فيه وعليه يعني فيه أخذ ورد يعني لكن على فرض أنه هو صحيح على فرض، على فرض أنه صحيح، القضية في كل بلدان العالم ليست قضية خلق ثروة فقط وإنما هي قضية توزيع الثروة بين الفئات الاجتماعية أو مناطق البلاد الجهات يعني وهذا معناها الأمر الأساسي يعني في بلادنا هذا ممكن المشكل الأساسي، وعنا مشكل آخر زاد قائم بالذات وهذا ما ينفيش الموقف أو آراء المنظمات العالمية في الاقتصاد هو أنه أثبتت التجارب والتاريخ أن بلادنا على مر السنين ليست قادرة على إفراز ما يفوق 20، 25 ألفا أقصى شيء يعني كموطن شغل لخريجي التعليم العالي والآن بلادنا تفرز ما يقارب 65 ألف سنويا وهذه القضية هذا المشكل هذا المفارقة لا تتغير ولو تونس تحقق من النسب النمو القوية..

خديجة بن قنة (مقاطعة): إذاً ما هي الحلول الاقتصادية برأيك دكتور حسين؟

حسين الديماسي: الحلول الاقتصادية حسب اعتقادي أنا لا بد أن الدولة تسترجع دورها التعديلي سواء بين الفئات الاجتماعية وخاصة بين جهات البلاد، يعني ماذا؟ يعني أنه كان بالإمكان أن الدولة تأخذ جزءا من الثروة وتوظفه بنفسها يعني ما تخولش الأمور للقطاع الخاص لأن القطاع الخاص كما قال الأخ الهاني ما عندوش استعداد باش يستثمر بنفس الطريقة وبنفس النسق وبنفس الحجم في كل جهات البلاد، هو على 20 أو 25 سنة لاحظنا أن الاستثمار كله متمركز في الشريط الساحلي اللي هو لا يفوق عرضه 10 أو 15 كيلومترا وبقية الجهات عايشة في موارد رزق بسيطة ومتواضعة وفي بعض الأحيان متأزمة، نعطيك ثلاثة أمثلة فقط، المثال بتاع قفصة حوض المنجمي في قفصة في كلمتين يعني بجملتين هذه المنطقة بقيت عشرات السنين تعيش فقط من المناجم يعني وبداية من السبعينات بدأت المناجم تتمكنن يعني أن فرص التشغيل بدأت تتقلص بشكل كبير في هذه الجهات ولكن المأساة أنه لم تحدث أي مؤسسات صناعية أو سياحية أو..

خديجة بن قنة (مقاطعة): طيب نكتفي بمثال قفصة. أستاذ عبد الوهاب الهاني الحكومة ما زالت تنتهج سياسة الصمت المطبق، لم نسمع شيئا لم نسمع أي رد فعل واكتفت بالمعالجات الأمنية، ألا يزيد ذلك من تعقيد الأمور أكثر؟

عبد الوهاب الهاني: بالتأكيد أختي خديجة المشكلة الكبرى عندنا الآن في تونس تتعلق في اعتقادي بالإعلام، إلى حد الآن لم يتحدث أي مسؤول رسمي وللأسف الشديد فإن الحكومة التونسية ليس لديها ناطق رسمي باسم الحكومة يجيب على تساؤلات المواطنين وتساؤلات الإعلام وكثيرا ما نجد أشخاصا ليست لديهم أي صفة يبرزون في قناة الجزيرة مثلا وليس لهم أي موقف رسمي، المواطن في حاجة إلى موقف رسمي ولا عيب في أن يبرز الإعلام هذه المشاكل، كل بلد فيه مشاكل يعني شفتوا المشاكل في اليونان في إيرلندا في بريطانيا لا عيب، نحن لا زلنا نعاني..

خديجة بن قنة (مقاطعة): لا، يعني ما الذي يمنع السلطات من فتح حوار وطني شامل أو حوار على الأقل مع لجنة المتابعة التي تشكلت في سيدي بوزيد يعني هذه اللجنة لجنة المتابعة لم تستقبل حتى من طرف والي محافظة سيدي بوزيد ومنعتهم قوات الأمن من الوصول إلى مقر المحافظة، لماذا لا يفتح حوار حول كل هذه المشاكل؟

عبد الوهاب الهاني: المطلوب وهذا ما تطالب به الآن كل الأحزاب في تونس سواء المصنفة في المعارضة الراديكالية أو في المعارضة المساندة لحكومة الرئيس بن علي هي تطالب بفتح الحوار وبمعالجة هذه المشاكل وتفويت الفرصة على كل من يريد اغتنام هذه الأحداث للشوشرة ولتشويه الصورة وكذا، ففي اعتقادي المطلوب من السلطات أن تفتح باب الحوار وأريد أن أشيد بالمبادرة التي اتخذها السيد والي سيدي بوزيد بتكوين لجنة أيضا للحوار لم تقبل بها يعني مجموعات الشباب المتظاهرين ولكن في اعتقادي هنالك إمكانية للوصول إلى حل بين اللجنتين والحوار هو السبيل الوحيد. الشيء الثاني علينا في أقرب وقت تنظيم ملفات حوارية في التلفزة وليس..

خديجة بن قنة (مقاطعة): قد يكون الحوار يعني هدفا ربما يكون بعيد المنال لأن هناك اعتقالات وهناك مداهمات فربما يصعب في هذا الجو الحديث عن حوار مع لجنة المتابعة مع سكان سيدي بوزيد، باختصار شديد لو سمحت.

عبد الوهاب الهاني: من حق السلطات بالعكس من واجب السلطات أن تحمي الممتلكات والأفراد هذا أمر طبيعي للسلطات أن تحميه بقوات الأمن ولكن باحترام حقوق الناس وعليها أن تتحاور مع المتظاهرين لأن أسباب المشكلة هي أسباب اجتماعية واقتصادية وأن الأمن الحقيقي هو الأمن الذي يستتب في القلوب وليس أمن العصي كما قال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، ففي اعتقادي أنا أنصح الحكومة التونسية بأن تقبل هذا منهج الحوار، نحن أيضا بحاجة إلى إصلاحات سياسية أكدت عليها كل الطبقة السياسية، نحن الآن مثلا نعيش مشكلة كبرى عنا بعض الوزراء للأسف يعني خدموا البلد وجزاهم الله كل خير ولكن سنهم الآن 40 أو 75 سنة فلا يمكن لهم أن يفهموا مشاكل هذا الشباب فنحن في حاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات السياسية يقوم عليه جيل جديد من الكفاءات الوطنية، نحن في حاجة إلى جيل جديد يقوم على الإعلام الوطني ويقطع مع هذا التصور المتخلف للإعلام..

خديجة بن قنة (مقاطعة): شكرا، انتهى وقت البرنامج شكرا جزيلا لك عبد الوهاب الهاني..

عبد الوهاب الهاني: شكرا أختي خديجة وأملنا بالشفاء العاجل للأخ محمد البوعزيزي نتمنى له الشفاء.

خديجة بن قنة: شكرا جزيلا لك كنت معنا من جنيف وأشكر أيضا الدكتور حسين الديماسي الخبير الاقتصادي كان معنا أيضا عبر الهاتف من تونس، لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/8531726C-4D78-4936-8D22-B99476CD87B5.htm#L1/