مصطفى عيساوي (مهندس وخبير دولي في الطاقة) لـ «التونسية»:شركات مشبوهة تعرض مليارات لشراء أراضي النفط بالجنـوب
13/07/2014 22:18
تكنولوجيا استخراج
غاز «الشيست»
تدمير للبلاد
لا بدّ من مراجعة
غاز «الشيست»
تدمير للبلاد
لا بدّ من مراجعة
حاورته: رحمة الشارني
مصطفى بن احمد شبّح عيساوي مهندس تونسي خريج المدرسة الوطنية للمهندسين
بتونس وخبيردولي في مجال الطاقة، أصيل ولاية سيدي بوزيد، يعمل حاليا مهندسا
مستشارا في منطقة الخليج وشرق آسيا يمارس عمله في منطقة الجبيل وهي أكبر
منطقة لمعالجة وتصدير النفط في العالم تسمى الهيئة الملكية للجبيل وينبع
وهي تشرف على تهيئة وتصدير10 ملايين برميل بترول يوميا.
ويعرف العيساوي أيضا باسم –هادي علي- وهو الإسم الذي إشتهر به منذ أيام الجمر وسنين مقاومة الدكتاتورية التي حكمت عليه بالمنفى الإختياري لمدة 25 سنة حتى اليوم وبالسجن 18 سنة منذ 1982 وهو ما يزال يتعرض للتهديدات المتتالية بالقتل والتصفية الجسدية نظرا إلى كونه أول من أثار موضوع غاز الشيست وموضوع إصلاح قطاع الطاقة بتونس وبسط السيادة عليه وقدم عديد المقترحات في هذا الشأن.
كما عرف العيساوي بتصريحاته الإعلامية المثيرة للجدل سواء في تونس أو خارجها على غرار قوله إنّ غاز الشيست ما يزال يستخرج في تونس وبالتحديد في منطقتي بوحجلة شمالي القيروان والفرانيق في جنوب قبلي ودوز من قبل شركات أجنبية مطرودة من العالم وممنوعة في بلدانها الأصلية.
كما تحدث منذ أيام قليلة في شأن محاولات الإستحواذ على الأراضي الغنية بالبترول في الجنوب التونسي من طرف شركات أجنبية مشبوهة بوساطة بعض السماسره والمتحيّلين ورؤوس الفساد. «التونسية» كان لها معه لقاء أفرز الحوار التالي:
هل هناك حقا بيع لأراضي بترولية في الجنوب التونسي لصالح شركات أوكرانية؟
ـ نعم .. وهذا أمر تأكدنا منه من خلال عمل ميداني إستقصائي قامت به منظومة «الجياست» الهندسية G.I.E.S.T والتي أحمل شرف رئاستها وقد تبين لنا بعد الإتصال بعديد الأطراف وجود عصابات أوكرانية دخلت تونس في صورة شركات صورية مزيفة وتسعى بوساطة سماسرة معروفين في تونس بتاريخهم الحافل بالفساد والتحايل .. للتغرير بأهلنا في مثلث البترول ودفعهم بشتى الإغراءات لبيع أراضيهم الغنية بالبترول والتفريط فيها للشركات الأجنبية ممثلة في هؤلاء السماسرة ورؤوس الفساد..
لقد بلغت قيمة المعروض على أهالينا مليارات عديدة تجاوزت الخمس مليارات تم عرضها مقابل مساحة 120 كلم2 بأراض تعود ملكيتها لعرش الجليدات(عرش الجليدات بتطاوين: أولادحامد ،أولاد بوراس وأولادعبدالجليل).
ماهي حججك ودلالتك على ذلك؟
ـ هذا الموضوع توصلنا إليه في إتصالنا بالأهالي وعدد من الأطراف المسؤولة بالمنطقة وقام بالتدقيق في ذلك أفراد من منظومة «الجياست» المتخصصة في هندسة الإقتصاد والعلوم في عمل ميداني مباشر وأدعوكم للإتصال بأهالينا في منطقة تطاوين للوقوف على نفس النتائج التي توصلنا إليها.
كلما صرحتم بأن غاز الشيست ما يزال يستخرج في تونس كذبت السلط المعنية و وزارة الصناعة والمناجم ذلك فما هو ردك ؟
ـ صحيح أني كنت أول من أثار موضوع الشيست يوم 19/11/2012 وقد حصلت ضجة إعلامية حقيقية سماها البعض «ثورة الشيست» وقد ركب موجة هذه الضجة العديدون الذين تحولوا في ما بعد إلى خبراء في المجال – صدفة هكذا - واصبح موضوع السيشت موضوعا يهمّ الجميع ويتكلمون فيه كما صار محل إجماع بين المختصين على كونه مصيبة حلت بتونس وبأهلنا الذين يقطنون حول أماكن إستخراج هذا الغاز المشؤوم ... ولعل زلازل منطقة المهدية والمنستير ودمار رباط المنستير الذي صمد في وجه الزمن قرونا عديدة وسقوط واحات النخيل عطشا لأول مرة وتلف الصابة قبل نضوجها تعود فقط لأسباب ذات علاقة مباشرة بتكنولوجيا غاز الشيست الإجرامية.
سلطة الإشراف عندما تنكر إستخراج غاز الشيست تتناقض مع ما تنشره الشركات المستغلة لحقول الشيست في الفرانيق وبقال وبوجحلة وزرمدين وبقية مثلث الساحل بين القيروان وسوسة والمهدية وتتناقض تصريحات هؤلاء الذين يتسترون على جرائم هذه الشركات المطرودة من العالم مع ما توصل إليه المختصون وعديد الناشطين في المجتمع المدني بعد زيارات ميدانية متكررة ...هذا موضوع لا مجال للشك فيه .. وندعو إلى تكوين لجنة وطنية لمحاربة تكنولوجيا الشيست أسوة بما يجري في دول الجوار العربي والأوروبي ...قبل أن تحل بنا الكارثة ونندم حيث لا ينفع الندم.
لو نتحدث عن موضوع الجرف القاري لحوض بودبوس البترولي الشهير؟
ـ هذا موضوع خطير جدا يحتاج الى مزيد من إلقاء الضوء على تفاصيل توكيلات البترول والغاز الجديدة في مياهنا الإقليمية وخاصة منطقة الجرف القاري التابعة لحوض بودبوس البترولي الشهير وأيضا مراجعة العقود وتفاصيلها وهويات ونوعية الشركات الجديدة التي دخلت المنطقة في زمن هذه الفوضى العارمة التي يشهدها القطاع .. كذلك التشديد على خبراتها وكفاءتها لأداء متطلبات هذه التوكيلات والعقود .. ووقتها ستتضح الصورة وتنكشف الحقيقة.
بعد تكذيب الوزارة وتأكيدها أن غاز الشيست لا يستخرج في تونس وأن ذلك مجرد إشاعات ما هو ردكم؟
ـ ردي هو أن هذا كله مجرد ذر للرماد على العيون واستثمار للفوضى الخلاقة في مجال المعلومات ببث المعلومة وضدها لخلق حالة من الشك لدى الناس يضيع بمقتضاها أساس الموضوع .. وهؤلاء الذين ينفون موضوع الشيست لم يقدموا أي دليل غير الإنكار المجرد .. لا بل طلع علينا منهم من يقول انه سيتم استخراج الشيست بالهيليوم وهو غاز ثمن المتر المكعب منه بثمن حقل كامل من غاز الشيست أو باستخدام الجي بي أل GPL – غاز البترول السائل – على كل حال هذا على حدّ علمي!!! ...هؤلاء لم ينشروا العقود أو المواصفات الفنية للأشغال أو التفاصيل الجيولوجية التي تطالها هذه الأعمال ويعتبرونها أسرار دولة وكأن الدولة لا تشمل سواهم..
وردي أيضا هو أن يذهب الأهالي – المتضررون - الى موقع استخراج غاز الشيست في منطقة الفرانيق أو في منطقة بوحجلة ويتأكدوا بأنفسهم بالإتصال بالفنيين والمهندسين العاملين في القطاع.
كما أني أدعو الجميع إلى الدخول على موقع الشركة العاملة بمنطقة الفرانيق على الأنترنت وهي شركه بيرنكو Perencoوالتأكد من تقاريرها السنوية وتواريخ التفجير السيسمي ثلاثي الأبعاد Fracturation sismique 3D التي تطابقت مع أيام الزلازل والإنزلاقات الأرضية في منطقة دوز.. تماما مثلما تطابقت التفجيرات بالساحل مع زلزال المنستير الذي دمر الرباط التاريخي بها ودمر عديد المنازل والتي أصدر المسؤولون بالمنطقة بسببها أمرا بإيقاف التفجيرات في أعماق الأرض مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة نهاية السنة الماضية ..
وهذا يعني أن التفجيرات تجري بشكل منتظم وقرار هؤلاء المسؤولين هو إقرار غير مباشر بها .. أيضا أذكّر بعديد المساكن التي طالها الدمار والتشققات في منطقة النصر من محيط بوحجلة بالقيروان.. كذلك زلزال منطقة سيدي بوزيد يوم 12/11/2010 وشعاعه الذي يأتي من الشمال الشرقي عكس خطوط الحركة التكتونية بالمنطقة.
إن ما يجري حاليا في هذه المناطق هو إجرام حقيقي في حق تونس وفي حق شعبها ومستقبل أبنائها وقد دعوت بصفتي مختصّا في هذا الشأن ومطّلعا على أدق تفاصيله .. وما زلت أدعو لإيقاف هذا التيار ومنع تكنولوجيا الشيست الإجرامية في تونس مثلما تم منعها في كافة البلدان الأوروبية ومثلما هي محاربة في كندا وامريكا.
هذا الموضوع لا يستطيع أحد إنكاره ولكن حالة الهرسلة التي أصبح يعيشها الشعب التونسي المظلوم في ثورته..وانشغاله بالشأن اليومي وبالمواضيع الأمنية وقضايا الإرهاب هي التي أتاحت الفرصة لهؤلاء للاستمرار في تدمير بلادنا في صمت ... ولعل كل ذلك يكون مقصودا ومخططا له لتمرير مثل هذه المشاريع المشبوهة والمطاردة في أنحاء العالم .. ولكن مسموح بها في تونس وفي غفلة من شعبها وبتواطؤ من جهات محددة يعلمها الجميع.
وقد سبق ونشرت تفاصيل الآبار التي تم حفرها في منطقة الفرانيق ومدد حفرها التي تتجاوز كلها الستة اشهر والعامل منها والسادم وكذلك توضيحات حول الشركة التي تتولى سحب المياه الملوثة وإتلافها من حيث لا يعلم أحد...
قمتم ببحث مطوّل (مشروع الألفية)حول إعادة إحياء بحر شط الجريد فكيف ذلك؟
ـ نعم هذا موضوع إستراتيجي مهم جدا وهذا المشروع قادر بإذن الله على تحويل منطقة الجريد إلى إحدى أغنى مناطق شمال إفريقيا وحوض المتوسط .. ولا تنسى أن تونس قد تم إحتلالها بسبب شطّ الجريد المطل على منطقة الثروة بالجزائر الشقيقة.. جنوبي وادي مزاب.
سنعلن عن تفاصيل هذا المشروع الاستراتيجي وما نقترحه هندسيا بخصوصه لتسهيل تنفيذه والضغط على تكلفته .. في حينه .. ولو أتيحت لنا فرصة نشره على صفحات هذه الجريدة في شكل حلقات متتالية نظرا لحجم البحث فننظر في الأمر ولعل ذلك يكون جيدا ..
وأنت صاحب مقولة «تونس تسبح فوق بحيرة من النفط» كيف ترى تعامل السلط التونسية وخاصة حكومات ما بعد الثورة مع هذا الملف؟
ـ حكومات ما بعد الثورة تعاملت مع ملف البترول والغاز بمقاييس تسعينات القرن الماضي وبداية العشرية الاخيرة عندما كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 20 دولارا .. واليوم فيبلغ سعره 120 دولارا ولكن قوانيننا وإجراءاتنا واساليب عملنا لم تتغير... هناك تهاون كبير في هذا الجانب !.. لا توجد رغبة في تقنين القطاع ودسترته .. لا توجد رغبه في مراجعة العقود بطريقة فعالة تضمن حقنا في ثروتنا .. لا توجد نية حقيقية لمراجعة قائمات الشركات العاملة بالقطاع التي لطالما ابتزتنا ولسنوات عديدة بدعوى أن تكاليف إستخراج البترول عندنا مرتفعة .. وهذه حجة واهية سرعان ما تسقط لما يرتفع سعر البترول..
وتجاوبا مع الضغط الشعبي الذي بدأ يتصاعد منذ أشهر قليلة مضت .. وسيتواصل ولعلنا كنا ممن دعّم هذا الحراك الشعبي السلمي وبالوسائل الحضارية ... وتجاوبا مع هذه الضغوطات تم تشكيل بعض اللجان وتنظيم بعض جلسات التدارس للنظر في موضوع الطاقة والعجز الطاقي وما إليه وهي في واقع الأمر كلها أنشطة كسيحة عديمة الجدوى لأنها لا ترتقى الى مستوى الإقناع العلمي والفني ولا تقدم حلولا وقد اقتصرت على اشخاص معروفين بكفاءاتهم التي لا علاقة لها بالطاقة وبأهدافها الذاتية المسبقة ولم يتم اللجوء فيها للخبراء الحقيقيين وأبناء الميدان ولا للمقاييس العالمية المعتمدة في معالجة مثل هذه المواضيع الاستراتيجية ويعرفها الخبراء المتابعون ... فكانت نتيجة هذه الأنشطة مزيدا من الإحباط وسلسلة من الخيبات لا تنتهي.. يتم معالجتها في كل مرة بالترفيع في سعر المحروقات واللجوء للسوق العالمية لمزيد التداين والإرتهان ...
هذا الامر المؤسف وهذا الأداء السقيم المترهل وحالة اللجوء للأجنبي ليخطط لنا مصائرنا في مجال الطاقة .. كل هذا فوّت علينا فرصة الإنتفاع بمواردنا المعروفة عالميا والتي اعترفت بها أهم مراكز الأبحاث والشركات المختصة .. كما حرمنا من الإستفادة من ارتفاع سعر النفط وتضاعف الطلب عليه لا بل تم تمرير العقود وتمديدها بنفس الشروط المجحفة لمدة طويلة تصل في بعض الأحيان الى أربعين سنة مستقبلا وكل هذا لا يخدم مصلحتنا ويعتبر هدرا لثروتنا وتفريطا فيها دون مقابل مجز ..للأسف الشديد.
أيضا لا يفوتني التذكير بالموقع الجيوسياسي لتونس العظيمة وتربعها على عرش قلب العالم جغرافيا وهذا الأمر يجعل منها رقما صعبا في معادلة الطاقة عالميا .... هذا إذا توفرت الإرادة وصفت النوايا كما يقولون .. وقد اقترحنا مشاريع إستراتيجية بالإشتراك مع الجوار الأوروبي والعربي وهي مشاريع مهمة جدا لاقتصاد بلادنا ونرجو أن تجد التجاوب المطلوب والجو المناسب للتنفيذ
http://www.attounissia.com.tn/details_article.php?t=64&a=128827&temp=1&lang/
.
ويعرف العيساوي أيضا باسم –هادي علي- وهو الإسم الذي إشتهر به منذ أيام الجمر وسنين مقاومة الدكتاتورية التي حكمت عليه بالمنفى الإختياري لمدة 25 سنة حتى اليوم وبالسجن 18 سنة منذ 1982 وهو ما يزال يتعرض للتهديدات المتتالية بالقتل والتصفية الجسدية نظرا إلى كونه أول من أثار موضوع غاز الشيست وموضوع إصلاح قطاع الطاقة بتونس وبسط السيادة عليه وقدم عديد المقترحات في هذا الشأن.
كما عرف العيساوي بتصريحاته الإعلامية المثيرة للجدل سواء في تونس أو خارجها على غرار قوله إنّ غاز الشيست ما يزال يستخرج في تونس وبالتحديد في منطقتي بوحجلة شمالي القيروان والفرانيق في جنوب قبلي ودوز من قبل شركات أجنبية مطرودة من العالم وممنوعة في بلدانها الأصلية.
كما تحدث منذ أيام قليلة في شأن محاولات الإستحواذ على الأراضي الغنية بالبترول في الجنوب التونسي من طرف شركات أجنبية مشبوهة بوساطة بعض السماسره والمتحيّلين ورؤوس الفساد. «التونسية» كان لها معه لقاء أفرز الحوار التالي:
هل هناك حقا بيع لأراضي بترولية في الجنوب التونسي لصالح شركات أوكرانية؟
ـ نعم .. وهذا أمر تأكدنا منه من خلال عمل ميداني إستقصائي قامت به منظومة «الجياست» الهندسية G.I.E.S.T والتي أحمل شرف رئاستها وقد تبين لنا بعد الإتصال بعديد الأطراف وجود عصابات أوكرانية دخلت تونس في صورة شركات صورية مزيفة وتسعى بوساطة سماسرة معروفين في تونس بتاريخهم الحافل بالفساد والتحايل .. للتغرير بأهلنا في مثلث البترول ودفعهم بشتى الإغراءات لبيع أراضيهم الغنية بالبترول والتفريط فيها للشركات الأجنبية ممثلة في هؤلاء السماسرة ورؤوس الفساد..
لقد بلغت قيمة المعروض على أهالينا مليارات عديدة تجاوزت الخمس مليارات تم عرضها مقابل مساحة 120 كلم2 بأراض تعود ملكيتها لعرش الجليدات(عرش الجليدات بتطاوين: أولادحامد ،أولاد بوراس وأولادعبدالجليل).
ماهي حججك ودلالتك على ذلك؟
ـ هذا الموضوع توصلنا إليه في إتصالنا بالأهالي وعدد من الأطراف المسؤولة بالمنطقة وقام بالتدقيق في ذلك أفراد من منظومة «الجياست» المتخصصة في هندسة الإقتصاد والعلوم في عمل ميداني مباشر وأدعوكم للإتصال بأهالينا في منطقة تطاوين للوقوف على نفس النتائج التي توصلنا إليها.
كلما صرحتم بأن غاز الشيست ما يزال يستخرج في تونس كذبت السلط المعنية و وزارة الصناعة والمناجم ذلك فما هو ردك ؟
ـ صحيح أني كنت أول من أثار موضوع الشيست يوم 19/11/2012 وقد حصلت ضجة إعلامية حقيقية سماها البعض «ثورة الشيست» وقد ركب موجة هذه الضجة العديدون الذين تحولوا في ما بعد إلى خبراء في المجال – صدفة هكذا - واصبح موضوع السيشت موضوعا يهمّ الجميع ويتكلمون فيه كما صار محل إجماع بين المختصين على كونه مصيبة حلت بتونس وبأهلنا الذين يقطنون حول أماكن إستخراج هذا الغاز المشؤوم ... ولعل زلازل منطقة المهدية والمنستير ودمار رباط المنستير الذي صمد في وجه الزمن قرونا عديدة وسقوط واحات النخيل عطشا لأول مرة وتلف الصابة قبل نضوجها تعود فقط لأسباب ذات علاقة مباشرة بتكنولوجيا غاز الشيست الإجرامية.
سلطة الإشراف عندما تنكر إستخراج غاز الشيست تتناقض مع ما تنشره الشركات المستغلة لحقول الشيست في الفرانيق وبقال وبوجحلة وزرمدين وبقية مثلث الساحل بين القيروان وسوسة والمهدية وتتناقض تصريحات هؤلاء الذين يتسترون على جرائم هذه الشركات المطرودة من العالم مع ما توصل إليه المختصون وعديد الناشطين في المجتمع المدني بعد زيارات ميدانية متكررة ...هذا موضوع لا مجال للشك فيه .. وندعو إلى تكوين لجنة وطنية لمحاربة تكنولوجيا الشيست أسوة بما يجري في دول الجوار العربي والأوروبي ...قبل أن تحل بنا الكارثة ونندم حيث لا ينفع الندم.
لو نتحدث عن موضوع الجرف القاري لحوض بودبوس البترولي الشهير؟
ـ هذا موضوع خطير جدا يحتاج الى مزيد من إلقاء الضوء على تفاصيل توكيلات البترول والغاز الجديدة في مياهنا الإقليمية وخاصة منطقة الجرف القاري التابعة لحوض بودبوس البترولي الشهير وأيضا مراجعة العقود وتفاصيلها وهويات ونوعية الشركات الجديدة التي دخلت المنطقة في زمن هذه الفوضى العارمة التي يشهدها القطاع .. كذلك التشديد على خبراتها وكفاءتها لأداء متطلبات هذه التوكيلات والعقود .. ووقتها ستتضح الصورة وتنكشف الحقيقة.
بعد تكذيب الوزارة وتأكيدها أن غاز الشيست لا يستخرج في تونس وأن ذلك مجرد إشاعات ما هو ردكم؟
ـ ردي هو أن هذا كله مجرد ذر للرماد على العيون واستثمار للفوضى الخلاقة في مجال المعلومات ببث المعلومة وضدها لخلق حالة من الشك لدى الناس يضيع بمقتضاها أساس الموضوع .. وهؤلاء الذين ينفون موضوع الشيست لم يقدموا أي دليل غير الإنكار المجرد .. لا بل طلع علينا منهم من يقول انه سيتم استخراج الشيست بالهيليوم وهو غاز ثمن المتر المكعب منه بثمن حقل كامل من غاز الشيست أو باستخدام الجي بي أل GPL – غاز البترول السائل – على كل حال هذا على حدّ علمي!!! ...هؤلاء لم ينشروا العقود أو المواصفات الفنية للأشغال أو التفاصيل الجيولوجية التي تطالها هذه الأعمال ويعتبرونها أسرار دولة وكأن الدولة لا تشمل سواهم..
وردي أيضا هو أن يذهب الأهالي – المتضررون - الى موقع استخراج غاز الشيست في منطقة الفرانيق أو في منطقة بوحجلة ويتأكدوا بأنفسهم بالإتصال بالفنيين والمهندسين العاملين في القطاع.
كما أني أدعو الجميع إلى الدخول على موقع الشركة العاملة بمنطقة الفرانيق على الأنترنت وهي شركه بيرنكو Perencoوالتأكد من تقاريرها السنوية وتواريخ التفجير السيسمي ثلاثي الأبعاد Fracturation sismique 3D التي تطابقت مع أيام الزلازل والإنزلاقات الأرضية في منطقة دوز.. تماما مثلما تطابقت التفجيرات بالساحل مع زلزال المنستير الذي دمر الرباط التاريخي بها ودمر عديد المنازل والتي أصدر المسؤولون بالمنطقة بسببها أمرا بإيقاف التفجيرات في أعماق الأرض مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب المنطقة نهاية السنة الماضية ..
وهذا يعني أن التفجيرات تجري بشكل منتظم وقرار هؤلاء المسؤولين هو إقرار غير مباشر بها .. أيضا أذكّر بعديد المساكن التي طالها الدمار والتشققات في منطقة النصر من محيط بوحجلة بالقيروان.. كذلك زلزال منطقة سيدي بوزيد يوم 12/11/2010 وشعاعه الذي يأتي من الشمال الشرقي عكس خطوط الحركة التكتونية بالمنطقة.
إن ما يجري حاليا في هذه المناطق هو إجرام حقيقي في حق تونس وفي حق شعبها ومستقبل أبنائها وقد دعوت بصفتي مختصّا في هذا الشأن ومطّلعا على أدق تفاصيله .. وما زلت أدعو لإيقاف هذا التيار ومنع تكنولوجيا الشيست الإجرامية في تونس مثلما تم منعها في كافة البلدان الأوروبية ومثلما هي محاربة في كندا وامريكا.
هذا الموضوع لا يستطيع أحد إنكاره ولكن حالة الهرسلة التي أصبح يعيشها الشعب التونسي المظلوم في ثورته..وانشغاله بالشأن اليومي وبالمواضيع الأمنية وقضايا الإرهاب هي التي أتاحت الفرصة لهؤلاء للاستمرار في تدمير بلادنا في صمت ... ولعل كل ذلك يكون مقصودا ومخططا له لتمرير مثل هذه المشاريع المشبوهة والمطاردة في أنحاء العالم .. ولكن مسموح بها في تونس وفي غفلة من شعبها وبتواطؤ من جهات محددة يعلمها الجميع.
وقد سبق ونشرت تفاصيل الآبار التي تم حفرها في منطقة الفرانيق ومدد حفرها التي تتجاوز كلها الستة اشهر والعامل منها والسادم وكذلك توضيحات حول الشركة التي تتولى سحب المياه الملوثة وإتلافها من حيث لا يعلم أحد...
قمتم ببحث مطوّل (مشروع الألفية)حول إعادة إحياء بحر شط الجريد فكيف ذلك؟
ـ نعم هذا موضوع إستراتيجي مهم جدا وهذا المشروع قادر بإذن الله على تحويل منطقة الجريد إلى إحدى أغنى مناطق شمال إفريقيا وحوض المتوسط .. ولا تنسى أن تونس قد تم إحتلالها بسبب شطّ الجريد المطل على منطقة الثروة بالجزائر الشقيقة.. جنوبي وادي مزاب.
سنعلن عن تفاصيل هذا المشروع الاستراتيجي وما نقترحه هندسيا بخصوصه لتسهيل تنفيذه والضغط على تكلفته .. في حينه .. ولو أتيحت لنا فرصة نشره على صفحات هذه الجريدة في شكل حلقات متتالية نظرا لحجم البحث فننظر في الأمر ولعل ذلك يكون جيدا ..
وأنت صاحب مقولة «تونس تسبح فوق بحيرة من النفط» كيف ترى تعامل السلط التونسية وخاصة حكومات ما بعد الثورة مع هذا الملف؟
ـ حكومات ما بعد الثورة تعاملت مع ملف البترول والغاز بمقاييس تسعينات القرن الماضي وبداية العشرية الاخيرة عندما كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 20 دولارا .. واليوم فيبلغ سعره 120 دولارا ولكن قوانيننا وإجراءاتنا واساليب عملنا لم تتغير... هناك تهاون كبير في هذا الجانب !.. لا توجد رغبة في تقنين القطاع ودسترته .. لا توجد رغبه في مراجعة العقود بطريقة فعالة تضمن حقنا في ثروتنا .. لا توجد نية حقيقية لمراجعة قائمات الشركات العاملة بالقطاع التي لطالما ابتزتنا ولسنوات عديدة بدعوى أن تكاليف إستخراج البترول عندنا مرتفعة .. وهذه حجة واهية سرعان ما تسقط لما يرتفع سعر البترول..
وتجاوبا مع الضغط الشعبي الذي بدأ يتصاعد منذ أشهر قليلة مضت .. وسيتواصل ولعلنا كنا ممن دعّم هذا الحراك الشعبي السلمي وبالوسائل الحضارية ... وتجاوبا مع هذه الضغوطات تم تشكيل بعض اللجان وتنظيم بعض جلسات التدارس للنظر في موضوع الطاقة والعجز الطاقي وما إليه وهي في واقع الأمر كلها أنشطة كسيحة عديمة الجدوى لأنها لا ترتقى الى مستوى الإقناع العلمي والفني ولا تقدم حلولا وقد اقتصرت على اشخاص معروفين بكفاءاتهم التي لا علاقة لها بالطاقة وبأهدافها الذاتية المسبقة ولم يتم اللجوء فيها للخبراء الحقيقيين وأبناء الميدان ولا للمقاييس العالمية المعتمدة في معالجة مثل هذه المواضيع الاستراتيجية ويعرفها الخبراء المتابعون ... فكانت نتيجة هذه الأنشطة مزيدا من الإحباط وسلسلة من الخيبات لا تنتهي.. يتم معالجتها في كل مرة بالترفيع في سعر المحروقات واللجوء للسوق العالمية لمزيد التداين والإرتهان ...
هذا الامر المؤسف وهذا الأداء السقيم المترهل وحالة اللجوء للأجنبي ليخطط لنا مصائرنا في مجال الطاقة .. كل هذا فوّت علينا فرصة الإنتفاع بمواردنا المعروفة عالميا والتي اعترفت بها أهم مراكز الأبحاث والشركات المختصة .. كما حرمنا من الإستفادة من ارتفاع سعر النفط وتضاعف الطلب عليه لا بل تم تمرير العقود وتمديدها بنفس الشروط المجحفة لمدة طويلة تصل في بعض الأحيان الى أربعين سنة مستقبلا وكل هذا لا يخدم مصلحتنا ويعتبر هدرا لثروتنا وتفريطا فيها دون مقابل مجز ..للأسف الشديد.
أيضا لا يفوتني التذكير بالموقع الجيوسياسي لتونس العظيمة وتربعها على عرش قلب العالم جغرافيا وهذا الأمر يجعل منها رقما صعبا في معادلة الطاقة عالميا .... هذا إذا توفرت الإرادة وصفت النوايا كما يقولون .. وقد اقترحنا مشاريع إستراتيجية بالإشتراك مع الجوار الأوروبي والعربي وهي مشاريع مهمة جدا لاقتصاد بلادنا ونرجو أن تجد التجاوب المطلوب والجو المناسب للتنفيذ
.
No comments:
Post a Comment