ناقلات الوقود تنتظر على الساحل بينما يحرم المدنيون من الماء والكهرباء
إن الخسائر المدنية المتصاعدة جراء القتال قد تتضاءل
بجوار الضرر اللاحق بالمدنيين بفعل منع التحالف للوقود من الوصول، إذا
استمر المنع، فالوقت المتبقي أمام مستشفيات اليمن قبل انطفاء أنوارها هو
أمر مشوب بعدم الوضوح.
(بيروت) ـ الحصار المفروض من جانب التحالف الذي تقوده السعودية على اليمن يمنع وصول الوقود اللازم لحياة السكان اليمنيين، في انتهاك لقوانين الحرب. وتمس حاجة اليمن إلى الوقود لتشغيل المولدات في المستشفيات التي تواجه طوفاناً من الجرحى جراء القتال، وكذلك لضخ الماء إلى السكان المدنيين.
وعلى التحالف المكون من 10 بلدان، والمتمتع بدعم أمريكي
لوجيستي واستخباراتي، أن يقوم على نحو عاجل بتنفيذ إجراءات لسرعة التعامل
مع ناقلات الوقود والسماح بالتوزيع الآمن والعاجل لتوريدات الوقود على
السكان المدنيين. وعلى الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة المسيطرة على
الموانئ أن تسمح بالنقل الآمن للوقود إلى المستشفيات وغيرها من الهيئات
المدنية. وينبغي السماح بمرور الوقود سواء تم تنفيذ وقف إطلاق النيران
المقترح أم لم يتم.
قال جو ستورك،
نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقي: "إن الخسائر
المدنية المتصاعدة جراء القتال قد تتضاءل بجوار الضرر اللاحق بالمدنيين
بفعل منع التحالف للوقود من الوصول، إذا استمر المنع، فالوقت المتبقي أمام
مستشفيات اليمن قبل انطفاء أنوارها هو أمر مشوب بعدم الوضوح".
وقد بدأ التحالف حملة قصف جوي لقوات الحوثيين في 26 مارس/آذار
2015، مع إقرار حصار بحري وجوي. وبموجب قوانين الحرب يمكن منع الوقود
وغيره من السلع ذات الاستخدام العسكري من دخول البلاد، ما لم تهدد بقاء
السكان أو تتسبب لهم بطرق أخرى في ضرر غير متناسب مع المكسب العسكري
المنتظر.
لكن الوضع الإجمالي في اليمن شديد الحرج، بحسب هيومن رايتس ووتش. وقد صرح يوهانس فان در كلاوف، المنسق الإنساني لليمن بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية مكتب الأمم المتحدة
في 23 أبريل/نيسان بأن "مطارات اليمن وموانيه تمثل شرايين الحياة، بالنظر
لاعتماد اليمن على الواردات لتغطية 90 بالمائة من طعامه ومعظم وقوده. لكن
تلك الشرايين انسدت مع إغلاق معظم مطارات اليمن في وجه النقل المدني، كما
تخضع عمليات النقل البحري لنظام التحالف للتفتيش المرتبط بحظر التسلح الذي
فرضه مجلس الأمن الأممي".
وقال فان در كلاوف لوسائل الإعلام في 2 مايو/أيار إن "الخدمات
التي لا تزال متاحة في البلاد من حيث الصحة والماء والغذاء آخذة في
الاختفاء سريعاً بسبب توقف جلب الوقود إلى داخل البلاد. وإذا لم يُتخذ
إجراء خلال الأيام القليلة القادمة فإن اليمن سيدخل في حالة من التوقف
التام". كما حذرت منظمات الإغاثة على الأرض من أزمة إنسانية داهمة، ففي 8
مايو/أيار قررت منظمة اليونيسيف أن "أعداد الأطفال المعرضين لخطر الموت بسبب الجوع ونقص الخدمات الصحية في اليمن أكبر مما بسبب القنابل والرصاص".
وبحسب محاضر الشحن، لم تسمح قوات التحالف منذ 16 أبريل/نيسان
إلا لـ 19 سفينة فقط، تحمل الأرز والحبوب وزيت النخيل والصلب والأخشاب،
بالرسو في ميناءي الحديدة والصليف، وتمكينها من تفريغ بضائعها. وتظهر
البيانات منع 3 من سفن الحاويات من الوصول في 20 أبريل/نيسان. وعلى العكس،
لم يسمح لناقلات الوقود بالرسو في مواني اليمن منذ 28 مارس/آذار، رغم
محاولة 7 منها على الأقل، بحسب سجلات الشحن.
وقال 4 من المهنيين العاملين في صناعة السفن لـ هيومن رايتس
ووتش إن البلاد لم تدخلها أي توريدات للوقود منذ 28 مارس/آذار، بحسب سجلات
الشحن، رغم السماح لسفينة واحدة بالرسو حتى 8 مايو/أيار. وللتدليل على
تأثير هذا، أفاد أحد عمال الإغاثة بأن مناطق النزاع في عدن محرومة من الكهرباء منذ 10 أيام.
وقررت شركة "بروتكشن فسلز" الدولية وجود سبع
سفن تحمل 349 ألف طناً مترياً من الوقود، ملقية بمراسيها خارج المياه
الإقليمية اليمنية، في انتظار الإذن بالرسو في أحد مواني البلاد. كما قالت
مصادر في صناعة السفن لـ هيومن رايتس ووتش إن إحدى تلك السفن، وهي "ريسا"،
تنتظر إذن الرسو في ميناء الحديدة بغرب اليمن منذ 21 أبريل/نيسان. وتحمل
"ريسا" نحو 33 ألف طن متري من البنزين، من شأنها تزويد اليمن بوقود يغطي
يومين من احتياجاته في وقت السلم. وبحسب محاضر شحن اطلعت عليها هيومن رايتس
ووتش، قام ستة ضباط بحريين من التحالف، في الساعة 4:06 من مساء 23
أبريل/نيسان، بالصعود إلى متن السفينة وتفتيش شحنتها لمدة ساعة، ثم نزلوا.
لكن التحالف لم يمنح السفينة إذن الرسو، رغم طلباتها المتكررة.
ويبين دفتر أحوال السفينة أن الطاقم حاول الاتصال بقوات
التحالف أكثر من 250 مرة منذ التفتيش. ويظهر دفتر الأحوال 37 رداً من قوات
التحالف، يبلغ طاقم السفينة بعدم وجود معلومات عما إذا كان قد تم منح
الإذن. في الخامسة والنصف من مساء 28 أبريل/نيسان، صدر أمر للسفينة بالتوجه
إلى موقع يبعد مسافة 14 ميلاً بحرياً عن ميناء الحديدة. وفي التاسعة
والنصف مساءً صدر للسفينة أمر بمغادرة المياه الإقليمية اليمنية ثانية.
وتتذرع قوات التحالف بأن السفينة تلقت إذن الرسو في ميناء عدن، ولكن ليس
الحديدة. أما دفتر الأحوال فيبين تصريح وكيل السفينة بأن الشحنة مخصصة
للتسليم في الحديدة.
وقد قال أحد مصادر أمن الشحن البحري لـ هيومن رايتس ووتش إن
السفن لا ترسو في ميناء عدن بسبب المخاطر الأمنية المرتفعة على السفن
وأطقمها، علاوة على القيود التي تفرضها شركات التأمين التي تتبعها. وبحسب
دفتر الأحوال فإن السفينة "ريسا" تنتظر خارج المياه الإقليمية لليمن منذ 29
أبريل/نيسان.
وقالت مصادر في صناعة الشحن لـ هيومن رايتس ووتش إن الرسو في
ميناءي الحديدة والصليف، الواقع بدوره على ساحل اليمن الغربي، يتطلب تقديم
طلب إلى وزارة النقل اليمنية، المتمركزة حالياً في جدة بالمملكة العربية
السعودية، وبشرط موافقة
قوات التحالف. أما في عدن فإن الطلبات تقدم إلى مكتب "لجان المقاومة
الشعبية" في عدن، الذي يخضع لقوات التحالف. وقالت المصادر إنه قد قيل لها
إن على السفن أيضاً أن تثبت أن شحناتها "لن تفيد الحوثيين، لكنها لا تفهم
المطلوب منها للقيام بهذا، ولم يصدر التحالف أية تعليمات توضيحية.
وفي 7 مايو/أيار هددت قوات التحالف بفتح النار على أية سفينة
لا تمتثل لتعليمات الابتعاد عن مياه اليمن الإقليمية، كما قالت مصادر في
صناعة الشحن لـ هيومن رايتس ووتش. وفي 8 مايو/أيار قامت قوات التحالف بمنح
الإذن للسفينة "فولك بيوتي" التي تحمل 14 ألف طناً مترياً من بنزين
المحركات، بحسب بيانات الشحن. إلا أن السفينة لم تتمكن من الرسو بسبب
مشكلات مالية. في 10 مايو/أيار، أصدر برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة
بيانا بأن السفينة إم. في. أمستردام، التابعة له، وتحمل 300 ألف لتر من الوقود، قد تم السماح لها بالرسو في ميناء الحديدة.
ولا تعرف هيومن رايتس ووتش إلى أي مدى تمتنع ناقلات وقود أخرى
عن التوجه إلى مواني اليمن بسبب الاعتبارات الأمنية وغيرها. وقد قامت
كبريات شركات التأمين البحري بنصح السفن التجارية بتجنب المياه الإقليمية لليمن إذا أمكن، بينما أعلنت بعض شركات الشحن صراحة أنها لن تقبل أي حجز لنقل بضائع من اليمن أو إليه.
قال جو ستورك: "إن حصار التحالف يمنع الوقود بكافة أشكاله عن
اليمن، بينما تمس حاجة المدنيين إلى المياه والكهرباء. وعلى التحالف،
بالتعاون مع قوات الحوثيين المعارضة، أن يتخذ خطوات عاجلة لإنهاء هذا
التهديد المسلط على سكان اليمن المدنيين، وضمان وصول الوقود سريعاً إلى
المستشفيات وغيرها من المدنيين المحتاجين".
الوضع الإنساني في اليمن
تم إقرار حصار التحالف البحري والجوي على اليمن بعد قليل من بدء حملة القصف في 26 مارس/آذار. وقال
ناطق باسم التحالف في 30 مارس/آذار إن "جميع سفن القوات البحرية اللازمة
للحصار في مواقعها"، وإن التحالف "سيرصد جميع السفن الداخلة إلى موانئ
اليمن والخارجة منها". وفي 14 أبريل/نيسان فرض
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظراً للتسلح وقيوداً على السفر ضد
الحوثيين. وبخلاف هذا لم يتم الإعلان عن البضائع المحظورة وإجراءات إنفاذ
الحصار.
ولكن حتى من قبل أن يبدأ هذا النزاع المسلح، تم الإعلان عن انعدام الأمن الغذائي في 40 بالمئة من البلاد، بحسب "ميرسي كور". وأفادت اليونيسيف بأن مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد. كما كان 61 بالمائة من السكان على الأقل، ونصفهم من الأطفال، بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية. ويقدر البرنامج العالمي للغذاء أن 12 مليوناً من السكان هم الآن في حالة انعدام للأمن الغذائي، بزيادة قدرها 13 بالمائة.
وقد عمل نقص الوقود على مفاقمة محدودية الوصول إلى الماء، بالنظر إلى اعتماد اليمن المكثف على شاحنات الماء ومضخاته. وأفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن 13,4 مليون شخص يفتقرون إلى سبل الوصول إلى ماء الشرب الآمن، حتى من قبل بدء الأزمة. وقد قال جوليان آرني، ممثل
صندوق الأمم المتحدة للطفولة في اليمن: "يتم ضخ معظم الماء باستخدام
مولدات الديزل... مما يعني أن ينتهي الحال بالناس إلى استخدام مياه بالغة
الرداءة. سنحصل على الأمراض المنقولة بالماء، والإسهال، وفي النهاية
الكوليرا، وسيموت الناس جراء هذا". وفي 3 مايو/أيار لاحظت منظمة الصحة العالمية تضاعف أعداد حالات الإسهال المدمم في الأطفال دون الخامسة، علاوة على عدوى الحصبة والملاريا، منذ 26 مارس/آذار.
وأثر نقص الوقود أيضاً في العديد من مستشفيات البلاد التي لا تملك ما يكفي
من الوقود لتشغيل مولداتها. وقد أدى القتال العنيف، بما فيه القصف الجوي
من جانب قوات التحالف، إلى جرح عدة آلاف من الأشخاص في المناطق الحضرية،
مما أرهق نظام الرعاية الصحية في البلاد، الذي كان من قبل دون المستوى.
وأشارت منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرهما من الوكالات الإنسانية
إلى توقف المستشفيات والخدمات الطبية الوشيك بسبب نقص الوقود والمستلزمات
الأساسية. ونقل تصريح للصليب الأحمر عن عيسى الزوب، مدير مستشفى الكويت في
العاصمة صنعاء، قوله "إننا نواجه مصاعباً لوجستية هائلة في محاولة إبقاء
المستشفى مفتوحاً. لقد نفد منا الديزل. وعربات الإسعاف لم تعد تنقل المرضى،
ونصف العاملين فقط يستطيعون الحضور للعمل حيث توقفت حافلات المستشفى عن
التحرك".
وقال عاملون بمستشفيات في صنعاء وتعز وعدن ولحج لـ هيومن
رايتس ووتش إن مستشفياتهم في أوضاع لا تقل حرجاً. وقد حذر مكتب تنسيق
الشؤون الإنسانية في 30 أبريل/نيسان من وجود 1200 من المرضى في خطر لأن
مركز الاستصفاء الكلوي في الحديدة يواجه الإغلاق بسبب نقص الوقود.
وقالت منظمة الصحة العالمية
في 21 أبريل/نيسان إن خدمات الإسعاف وتوصيل المستلزمات الطبية تعرضت
لانقطاعات حرجة. وقالت إن مواقع تخزين الطعوم المبردة معرضة للخطر بسبب
انقطاع الكهرباء، مما قد يترك الملايين من الأطفال دون الخامسة بدون
تطعيمات. وكان حمود الجحافي، مدير مستشفى يريم العام في إب، قد قال لشبكات المعلومات الإقليمية المتكاملة، التابعة للأمم المتحدة: "لقد بحثت عن الديزل [من أجل الثلاجات] في كل مكان".
وبحسب معلومات حصل عليها البرنامج العالمي للغذاء في 3
مايو/أيار فإن أسعار الوقود ارتفعت بنحو 450 بالمئة في بعض المناطق.
وارتفعت الأسعار الرسمية لما يصل إلى 900 ريال يمني للتر، من 150 قبل بدء
الهجمات في 26 مارس/آذار. وعلى سبيل المقابلة، كانت أسعار الوقود قد ارتفعت
أثناء أزمة 2011 السياسية إلى متوسط قدره 250 ريال فقط.
وقد ساهم ارتفاع أسعار الوقود أيضاً في تصاعد أسعار المواد الغذائية الأساسية. وصرحت
شبكة التحذير المبكر من المجاعة في 17 أبريل/نيسان بأن "من المنتظر أن
تمارس تكلفة الوقود ضغوطاً تصاعدية على أسعار الأغذية الأساسية في معظم
الأسواق". ويستورد اليمن 95 بالمئة من منتجات القمح فيه، و90 بالمئة من احتياجاته الغذائية الأساسية،
مما يجعل سكانه شديدي الاستضعاف أمام تقلبات أسعار الواردات. وبحسب
البرنامج العالمي للغذاء فإن أسعار التجزئة بالنسبة للقمح ارتفعت بمقدار 90
بالمئة في المناطق الأشد تضرراً منذ فبراير/شباط. واختفت معظم السلع
الضرورية، الغذائية وغير الغذائية، من مناطق مثل صعدة وعدن والضالع ولحج
وتعز وشبوة، بسبب انقطاع سلاسل التوريد واختلالات الأسواق والقيود المفروضة
على النقل بسبب نقص الوقود. وتتوقع شبكة التحذير المبكر من المجاعة حالياً
أن تصل معظم المناطق المتضررة إلى وضع "حالة الطوارئ" إذا استمر النزاع.
وبحسب تقييم مشترك بين عدد من وكالات الأمم المتحدة، عمل مكتب
تنسيق الشؤون الإنسانية على تنسيقه في صعدة من 21 إلى 23 أبريل/نيسان، كان
100 بالمائة من المشاركين يواجهون صعوبات جسيمة في الوصول إلى الغذاء
والماء. وقرر 55 بالمائة من المستجيبين أنهم عجزوا عن الحصول على كفايتهم
من الطعام بسبب نقص الوقود. كما وجد التقييم أن مضخات المياه في بعض مناطق
مديريات الصفراء ومجز وصحار صارت غير قابلة للتشغيل بسبب نقص الوقود، مما
اضطر السكان لاستخدام مياه غير معالجة. ونتيجة لهذا صار الإسهال أشيع
الأمراض التي يعانون منها هم وأسرهم، بحسب 91 بالمئة من المستجيبين.
ويستند إنتاج اليمن للطاقة كله إلى النفط والغاز، بحسب الإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة. وفي 14 أبريل/نيسان توقفت المحطة الوحيدة لإنتاج الغاز في اليمن عن العمل، في مدينة بلحاف بمحافظة شبوة، متذرعة ببواعث قلق أمنية. وفي 16 أبريل/نيسان توقف
الإنتاج في مصفاة عدن للنفط بسبب القتال. ولا يبدو أن ثمة مصفاة تعمل إلا
في مأرب، لكن سعتها القصوى البالغة 1200 طنا متريا في اليوم لا تكفي لتلبية
احتياجات البلاد التي تقدر بـ17 ألف طناً مترياً في اليوم على مدار
السنوات الـ15 السابقة. وقد تزايد
اعتماد اليمن على واردات النفط. فمع عجز مصفاتيه العاملتين في عدن ومأرب
عن العمل بكامل سعتيهما، استورد اليمن 9200 طناً مترياً في اليوم بحلول عام
2013، بحسب الإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة. وبالنظر إلى غياب خطوط أنابيب
بين اليمن وجارتيه، السعودية وعمان، فإن كافة شحنات الوقود تصل إلى اليمن
عن طريق واحد من ستة موانئ، مما يجعله مستضعفاً بصفة خاصة أمام الانقطاعات
البحرية.
أكد المجلس النرويجي للاجئين أن عددا من عملياته المهمة والتي
تنطوي على تدخلات لإنقاذ الأرواح قد تضررت جراء نقص الوقود. "وقال هانيبال
أبيي وركو، مدير المجلس النرويجي للاجئين، "أصبح من المستحيل بالنسبة لنا
أن نعمل في صعدة والحديدة. وقد تسبب القصف المكثف ونقص الوقود مجتمعين، في
توقف عملياتنا في الشمال...وقد تضررنا بسبب نقص الوقود، حتى في محيط صنعاء
وفي الجنوب حيث توجد أكبر عملياتنا".
عمليات الحصار وقوانين الحرب
عمليات الحصار وقوانين الحرب
يتمثل القانون الدولي المتعلق بعمليات الحصار البحري في إعلان لندن
لسنة 1908 المختص بقوانين الحرب البحرية، وكذلك في دليل سان ريمو لسنة
1994 بشأن القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار (دليل سان
ريمو)، المعترف على نطاق واسع بأنهما يعكسان القوانين العرفية للحرب في
البحار. وتوجد قواعد مشابهة تتعلق بالحصار الجوي في الدليل الصادر في 2009
والخاص ببرنامج أبحاث السياسات الإنسانية والنزاعات بشأن القانون الدولي
المطبق في الحرب الجوية وحرب الصواريخ.
ويجوز لأطراف نزاع مسلح أن يفرضوا الحصار ويحافظوا عليه
باستخدام طرائق ووسائل الحرب التي لا تنتهك قوانين الحرب. وينبغي للحصار أن
يكون معلناً عنه وأن يفرض بفعالية.
ولا يكون الحصار مشروعاً إذا كان الغرض الوحيد منه هو تجويع
السكان المدنيين أو حرمانهم من السلع التي لا غنى عنها لبقائهم. كما يخالف
الحصار قوانين الحرب إذا كان له تأثير غير متناسب في السكان المدنيين، أو
كان الضرر الواقع منه عليهم أكبر من الميزة العسكرية العينية والمباشرة
المنتظرة منه، أو يتوقع أن يكون أكبر.
ويجوز للطرف المحاصِر أن يأسر السفن التجارية "التي توجد
أسباب معقولة للاعتقاد بأنها تخرق الحصار". ويجوز للطرف مهاجمة سفينة
تجارية تقوم بعد إنذار مسبق، "بمقاومة الأسر على نحو واضح". إلا أنه لا
يمكن التعلل بالحصار لمنع المساعدات الإنسانية. وإذا وجد نقص في إمدادات
الطعام وغيره من السلع الضرورية لبقاء السكان المدنيين فإن على الطرف
المحاصِر أن يوفر للغذاء وغيره من الضروريات حق المرور الآمن. وعند السماح
بالمرور، يجوز للطرف المحاصِر أن يضع ترتيبات فنية تشمل الإذن "بزيارة
السفن وتفتيشها"، واشتراط توزيع الإمدادات تحت الإشراف المحلي لحكومة أو
منظمة إنسانية محايدة. ويسمح أيضاً بالتوريدات الطبية للمدنيين والمحاربين
على السواء، بشرط تلبية الترتيبات الفنية، بما فيها الزيارة والتفتيش.
وتخضع السفن التجارية للأسر خارج المياه المحايدة إذا انخرطت
في أنشطة عسكرية أو إذا ثبت نتيجة للزيارة والتفتيش أو بوسائل أخرى أنها
تحمل مواداً محظورة، أو تعمل تحت السيطرة أو الإدارة المباشرة للعدو، أو
تبرز وثائقاً غير مناسبة أو مزورة، أو أنها تخرق الحصار أو تحاول خرقه.
ولا يجوز للطرف المحاصِر مصادرة بضائع على متن سفينة تجارية
(أو طائرة) محايدة إلا إذا كانت "محظورة". وتعرّف المواد المحظورة بأنها
بضائع "متجهة في النهاية إلى أراض تخضع لسيطرة العدو ويمكن استخدامها في
النزاع المسلح". ويجب على الطرف المحاصِر أن ينشر قوائم معلنة بالمواد
المحظورة، التي قد تتباين بحسب الظروف المحددة للنزاع المسلح. ويجب أن تكون
قوائم المواد المحظورة محددة لدرجة معقولة. و"البضائع الحرة" هي التي لا
تخضع للأسر، وتشمل الأغراض الدينية، والمواد المخصصة على سبيل الحصر لعلاج
الجرحى والمرضى، والأغطية والأفرشة والمواد الغذائية الأساسية، ووسائل
إيواء السكان المدنيين بصفة عامة، والسيدات والأطفال بصفة خاصة، ما لم يكن
هناك سبب جدي للاعتقاد بتخصيص مثل تلك البضائع لأغراض عسكرية، وغيرها من
البضائع التي لا تقبل الاستخدام في النزاع المسلح.
التوصيات
- يتعين على كافة أطراف النزاع التقيد بالتزاماتها بموجب قوانين الحرب، بما فيها تقليل الضرر الواقع على المدنيين وتسهيل الوصول الإنساني.
- يتعين على التحالف العمل بشكل عاجل على تنفيذ إجراءات تتيح الدخول السريع لناقلات الوقود لتوصيل الوقود بغرض توزيعه السريع والآمن على السكان المدنيين، وخاصة المستشفيات ومضخات المياه. ويشمل هذا نشر مجموعة شفافة من الإرشادات الحاكمة لعملية تسلم الإذن بالرسو في الموانئ اليمنية.
- يتعين على الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة المسيطرة على مناطق الموانئ السماح بنقل الوقود دون عوائق إلى السكان المدنيين، وخاصة المستشفيات ومضخات المياه.
- يتعين على التحالف وغيره من أطراف النزاع تسهيل توصيل الوقود إلى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
- يتعين على الأمم المتحدة رصد توصيل الإمدادات الإنسانية والتجارية وتقديم التقارير اليومية عنها.
- يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من مؤيدي التحالف الضغط على التحالف بغرض تسهيل توصيل الوقود وغيره من البضائع الضرورية لبقاء السكان المدنيين وسلامتهم، عن طريق السفن والطائرات، علاوة على المساعدات الإنسانية من منظمات إنسانية محايدة.
No comments:
Post a Comment