Search This Blog

Wednesday, February 17, 2010

Les arabes profiteraient-ils de la crise turco-israélienne?

هل يستثمر العرب الأزمة بين تركيا واسرائيل؟
بقلم: د. محمد العـادل
هل يستثمر العرب الأزمة بين تركيا وإسرائيل؟ هذا السؤال يجب في تقديري أن نتوقف عنده ونتعاطى معه بوعي ومسؤولية.الأزمة بين
تركيا وإسرائيل أصبحت بارزة ولم تقف حدّ التصريحات والمواقف السياسية لقادة البلدين، بل تعدّت هذه المرحلة لتلقي بظلالها على التعاون التجاري والإقتصادي الذي يتراجع والتعاون العسكري الذي يتراوح أيضا.فأزمة الثقة بين قادة تركيا وإسرائيل تتعاظم رغم مساعي الإدارة الأمريكية وأطراف أوروبية لرأب الصدع بين أنقرة وتل أبيب، لكن تجاوز هذه الأزمة ليس بالأمر السهل، فالحكومة التركية اليوم أصبحت ترى في إسرائيل تهديدا مباشرا لأمنها القومي من خلال تواجدها المثير في العراق عموما وشمال العراق خصوصا وارتباطاتها المشبوهة مع حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة تنظيما إرهابيا. المواقف التركية المتعدّدة الرافضة للسياسات الإسرائيلية تشير إلى أن أنقرة قد قامت بمراجعات هامّة في علاقاتها مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه يبدو أصدقاء إسرائيل في أجهزة الدولة التركية وقطاع المجتمع المدني والإعلام قد تراجع نفوذهم. هذا الواقع المتأزم الذي تعيشه العلاقات التركية الإسرائيلية يعتبره خبراء إستراتيجيون في أنقرة فرصة تاريخية للعرب لاستثمار هذه الأزمة وتسجيل حضور أقوى في الساحة التركية سياسيا واقتصاديا وثقافيا...فإسرائيل كانت قد استثمرت قطيعة تركيا مع محيطها العربي والإسلامي في سنوات مضت وعززت نفوذها في الساحة التركية ونجحت في صناعة أصدقاء لها في قطاعات مختلفة كانوا يدافعون عنها ولا يزالون رغم أن نجمهم قد خفت. لا شك أن توجّه تركيا الواضح لإقامة شراكة حقيقية مع مختلف البلدان العربية والإسلامية والأفريقية أصبح مصدر قلق لإسرائيل والإدارة الأمريكية وأطراف أوروبية، بل أن قلق هذه الأطراف يتزايد كلما تعاظمت طموحات أنقرة في القيام بدور إقليمي ودولي فاعل. إن التوجّه العربي نحوتركيا يجب أن يحمل رؤية استراتيجية تحقّق طموحات البلدان العربية من علاقاتها مع تركيا، وتساند في الوقت نفسه مصالحة تركيا مع محيطها العربي والإسلامي، وتقطع الطريق أمام أعداء التعاون التركي العربي الذين حاولوا في السابق ويحاولون اليوم وسيحاولون غدا أيضا عرقلة هذا التعاون ويشوّشون عليه بمختلف الوسائل.لاشكّ أنّ حرص تركيا على تنمية تعاونها مع البلدان العربية والإسلامية والأفريقية وتفاعلها الإيجابي مع قضايا المنطقة على رأسها القضية الفلسطينية يشكّل منعطفا بارزا في نهج السياسة التركية يفرض في تقديري على الدول العربية والإسلامية التفاعل معه بنفس الروح والإيجابية. لكن من المهم جدا أن يدرك صنّاع السياسة في البلدان العربية والإسلامية أن ما يحرّك أنقرة في نهجها السياسي الجديد هومتطلّبات أمنها القومي بالدرجة الأولى ومصالحها السياسية والاقتصادية وكلّ ما يعزّز حضورها الإقليمي والدولي، وبناء على هذه الحقيقة يفترض أن يبنى التوجّه العربي نحو تركيا على هذا الأساس وبفهم دقيق لهذه المعادلة ليحقّق بنفس المستوى طموحات الدول العربية وشعوبها. إنّ أحد العناصر الهامّة التي يمكنها أن تساهم في تحقيق حضور إيجابي وفعّال للبلدان العربية في تركيا هي عدم الانشغال بالأطراف الأخرى في الساحة التركية والتركيز كل التركيز على فهم المداخل الأساسية لوجدان الأتراك وعقولهم حتى يتحول الحضور العربي بعد فترة وجيزة إلى جزء لا يتجزأ من النسيج الثقافي للمجتمع التركي. ندرك أنه ليس من الممكن في هذه المرحلة الحديث عن رؤية عربية واحدة تجاه تركيا أو غيرها من الملفات، لكن التوجه العربي نحو تركيا قد أصبح اليوم واقعا ملموسا لاسيما عقب افتتاح الجامعة العربية مكتبا (سفارة) لها في أنقرة وتأسيس المنتدى العربي التركي للتعاون، والتحرّك النشط للدبلوماسية العربية ولو بشكل منفرد نحو تركيا.إن هذه الخطوات للحضور العربي في الساحة التركية لم تخرج حتى اليوم من خانة السياسي والاقتصادي رغم أنها لم تتوجه إلى إقامة شراكات اقتصادية مع تركيا ذات أبعاد إستراتيجية، لكن الشراكة الثقافية بين العرب وتركيا تبقى هي المدخل الرئيسي لكي يكسب الحضور العربي أصدقاء أتراك في قطاعات السياسة والمجتمع المدني والإعلام وهيئات صناعة الرأي.إن تحقيق الشراكة الثقافية الحقيقية يستوجب تعاونا كبيرا بين الأجهزة الحكومية والأهلية في الجانبين العربي والتركي حتى يشكّل التعاون العلمي والثقافي والمدني صمّام الأمان لمستقبل الشراكة العربية التركية في أبعادها المختلفة ويحقّق الحدّ الأدنى من التوازن مع حضور الأطراف الأخرى داخل تركيا لاسيما الحضور الإسرائيلي. ـــــــــــ
(أكاديمي وإعلامي، مدير المعهد التركي ـ العربي للدراسات بأنقرة
)
http://www.alchourouk.com/detailarticle.asp
(المصدر: جريدة "الشروق " (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 فيفري 2010)

No comments: