موسكو تقلب الأدوار في كييف
02-03-2014
Shabakat Voltaire | دمشق | 2 آذار (مارس) 2014
كما كان متوقعا, فقد تم تغيير السلطة في
كييف فور الاعلان عن انتهاء دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي, وشعور موسكو
بأنها أصبحت طليقة اليدين.
أما الشعوب الغربية التي تم تضليلها
على نطاق واسع, فقد تشكل لديها انطباع بأن الشعب الأوكراني قام عفويا
بالاستيلاء على كل القصور العامة.
في الواقع, حين كان الناشطون,
وغالبيتهم الساحقة من النازيين, يقاتلون في ساحة الاستقلال, كان ساستهم
يستولون على القصور العامة في شطر آخر من المدينة.
تجدر الاشارة هنا إلى أن النازيين
الأوكرانيين يختلفون كل الاختلاف عن اليمين المتطرف في غرب أوروبا, المنفتح
على الصهيونية, (باستثناء الجبهة الوطنية في فرنسا). هؤلاء تم دمجهم إبان
الحرب الباردة ضمن شبكات ( ستاي بيهايند, ابق في الخلف) التابعة لحلف شمال
الأطلسي, المكلفة بتخريب الاقتصاد السوفييتي, ثم خضعوا فيما بعد لدورات
تدريبية في بولونيا وليتوانيا.
اللافت أيضا في الأمر أنه تم حقنهم
طيلة الشهور الثلاثة من الاحتجاجات بمجموعات من الاسلاميين التتار الذين تم
سحبهم من جبهات “الجهاد” في سورية”.
التتار, وهم السكان التاريخيون لشبه
جزيرة القرم, الذين شتتهم ستالين جراء دعمهم للنازيين أثناء الحرب العالمية
الثانية, يتوزعون بشكل عام حاليا بين أوكرانيا وتركيا, وقد برعوا في ميدان
الاستقلال باظهار مهاراتهم “الاجرامية” التي اكتسبوها في سورية : كفقيء
عيون رجال الشرطة وتقطيعهم إربا.
غير أن ثورة ميدان الاستقلال كانت
تخفي وراء القناع انقلابا كلاسيكيا, حين أقدم البرلمان الأوكراني وبحضور
“دبلوماسيين” أمريكيين على انتهاك الدستور الذي ألغاه دون استفتاء شعبي,
وعزل رئيس جمهورية في الحكم من دون مناقشة أو محاكمة, ومنح كامل سلطاته
التشريعية والتنفيذية للرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات أوليكساندر
تورتشينوف.
في شبه جزيرة القرم التي يشكل الروس
فيها غالبية السكان, وحيث تتموضع القوات البحرية الروسية, أخذت “الحمية
الثورية” برلمانها المحلي فأطاح هو الآخر بحكومته المحلية “الموالية
لكييف”, وشكل حكومة “موالية لروسيا”.
ماالذي سيحدث بعد ذلك؟
في الخامس والعشرين من شهر أيار-مايو
المقبل, سوف تنظم العاصمة البلجيكية بروكسل انتخابات البرلمان الأوروبي,
وفي نفس التاريخ تنظم كييف انتخاباتها الرئاسية, بينما تنظم شبه جزيرة
القرم استفتاء يطرح على الشعب حول تقرير مصير شبه الجزيرة. وما أن تنال شبه
جزيرة القرم استقلالها حتى يتسنى لها أن تختار إعادة الارتباط مع روسيا
التي ظلت جزءا منها حتى عام 1954.
في المقابل, سوف يترتب على الاتحاد
الأوروبي الاستجابة للتطلعات التي أثارتها أوكرانيا, وبالتالي تسديد, لست
أدري من أية أموال, جزءا سريعا من محفظة 35 مليار دولار من أصل ديون
أوكرانيا.
لكن القصة لن تنتهي عند هذا الحد.
سيترتب على الكريملين مواجهة مشكلات الجزء الشرقي من أوكرانيا
وترانسنيستريا. هذا البلد الصغير المأهول بالمواطنين الروس والذي لايظهر
على أي خارطة عالمية بسبب عدم تمتعه بعضوية الأمم المتحدة, وعلى الرغم من
نيله الاستقلال عقب تفكك الاتحاد السوفييتي, لكنه اعتبر مع ذلك جزءا من
مولدوفيا. قاوم هذا البلد ببسالة الحرب التي شنتها مولدوفيا, والطيران
الحربي الروماني, ومستشاري حلف شمال الأطلسي ضده عام 1992, وانتهى به
المطاف منذ ذلك الوقت إلى الحفاظ على النموذج الاجتماعي السوفياتي, واعتماد
المؤسسات الديمقراطية في آن واحد. أما ضمان أمنه, فقد كفلته “قوة حفظ
سلام” روسية.
في أحسن الأحوال, فإن مسألة ربط شبه
جزيرة القرم بترانيستريا, سيترتب عليه قضم بضع مئات من الكيلومترات من
الساحل, بما فيها مدينة أوديسا. هذا يعني أن الاضطرابات سوف تستمر في
أوكرانيا, ومن الممكن أن ينقلب حينها السحر على الساحر, ويقع على عاتق
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عبء السؤال التالي : كيف سيتعاملون مع
حلفائهم النازيين والجهاديين في آن واحد؟
تييري ميسان
ترجمة
سعيد هلال الشريفي
No comments:
Post a Comment