كيري وليبرمان
والفرسان الثلاثة.
كانت الصورة وحدها
معبّرة للغاية , وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومن حوله وزراء خارجية الدول
العربية "المعتدلة" , في جلسة مريحة "ريلاكس" في حديقة
السفارة الأمريكية في باربيس . يتشاورون أو يتآمرون على هذه الشعوب العربية مع "صديق
لا يريد بنا سوى شراً". محور الحديث كما قيل وأُعلن عنه للملأ, داعش وخطر
داعش على العراق والدول الإقليمية وعلى الأمن القومي الأمريكي .
الدول التي موّلت
هذا التنظيم أو التنظيمات المنضوية تحت هذا المسمى, تتحاور مع المنظم الأكبر,
والراعي لبقائه وتوسعه والآمر بتمويله ,أمريكا, لتطويقه ودرء خطره . وحتى لا أنعت
بالترويج لنظرية المؤامرة , يكفي التذكير بالزائر الهام الذي استقبله كيري في
محطته الباربسية تزامناً مع لقاءاته العربية , أي الإسرائيلي المتطرف آفيغدور
ليبرمان .قراءة متأنية لنص البيان الذي صدر عن مكتبه بعد اللقاء بالمسؤول الآمريكي
كافية للتبشير بأننا أمام مصيبة جديدة تحاك في المنطقة أبطالها "الفرسان
الثلاثة" وزراء خارجية ثلاث دول عربية "معتدلة".
أولاً ـ يعرض
ليبرمان "خدماته الجلية على الدول العربية "المعتدلة" لإنقاذها من
المتطرفين في العراق الذين يسعون إلى زعزعة الإستقرار في منطقة الخليج كلها
ويخص بالذكر
"دولة الكويت " !
ثانياًـ يضيف
البيان أن إسرائيل مستعدة لتقدم دعماً فاعلاً ومجدياً للدول العربية
"المعتدلة "التي تحارب المتطرفين.
ثالثاًـ إن مصالح
إسرائيل تتفق مع مصالح الدول العربية "المعتدلة" لأن الجانبين يواجهان
التهديد الإيراني والجهاد العالمي والقاعدة ,إضافة إلى تبعات النزاعين السوري
والعراقي في الدول المجاورة , يضيف
البيان.
ويدعو ليبرمان في
ختام بيانه الدول العربية "المعتدلة" لإقامة بنية دبلوماسية وسياسية
جديدة في الشرق الأوسط نظرا لوجود أرضية لهذا الأمر حالياً .
بعدهذا البيان
توّجه كيري بتصريح ,نسبه لمسؤول أمريكي بارز لم يذكر اسمه
قال فيه, انه من المهم أن تقيم دول المنطقة جبهة مشتركة في
مواجهة التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش .ويعني بدول المنطقة إسرائيل أيضاً إلى
جانب الدول التي يجتمع بها.وهو التغاون القائم أصلاً ,في غرف عمليات مشتركة على
الحدود الأردنية السورية منذ بداية الأزمة.
المهزلة الثانية
التي أضافها الكومبارس الأمريكي هو دعوته المعارضة السورية
"المعتدلة"لمساعدة العراق على مواجهة داعش, وتوجه كيري لرئيس الإئتلاف السوري
المعارض أحمد الجربا شخصياً, طالباً منه التاثير على عشيرته الممتدة من سوريا إلى
العراق ,قبيلة الشمر التي سبق للمستعمر الفرنسي أن لعب غلى تناقضاتها أيام
الإنتداب.مؤكداً له أن أمريكا بصدد تكثيف الجهود مع المعارضة.
إذاً بعد تصريح
الرئيس الأمريكي أوباما لشبكة سي بي إس بأنه لا توجد معارضة معتدلة يمكنها الإطاحة
بالرئيس السوري وأن على الشعب الأمريكي أن يعي ذلك وأن الإطاحة بالأسد
"فانتازيا " أي من نسج الخيال,
تكون
المعارضة السورية"المعتدلة "
موجودة بالنسبة لجون كيري للإطاحة بداعش في العراق وبناءاً عليه طلب أوباما من
الكونغرس تخصيص خمسمائة مليون دولار لها..أما قرار الإئتلاف ورئيسه الجربا بإلغاء
قرار "الحكومة السورية في المنفى بإقالة رئيس أركان "الجيش الحر"
عبدالإله البشير الذي عولج وتدرب في إسرائيل ,فليس غريباً فالرجل أعدّ لمهمة معينة
تخدم المصالح الإسرائيلية أولاً وأخيراً.ولم ينته دوره بعد,هذا إن كان قد أنجز
شيئاً على الأرض.حتى الآن.
من يعتقد أن
أمريكا ستساعد العرب لإنهاء ظاهرة داعش ,واهم . ومن يعتقد أن أمريكا ستدعم معارضة
سورية وطنية ـ هي أصلاً باتت مطلباً سوريا لدى القيادة والشعب على حد سواء ـ أيضا
ً واهم.ومن يعتقد أن أمريكا ستعود بقوات إلى العراق وترسي ديمقراطية الحلم
الأمريكي وهو ما لم تفعله طيلة سنوات الاحتلال ـ واهم .ومن يعتقد أن
ما تعيشه منطقتنا من كابوس يمكنه أن ينجلي دون الكف عن ضخ الأموال لجماعات
ظلامية ـ أكبر مغفل وواهم . هم يدّعون
محاربة صنيعتهم,يخططون ويموّلون من جهة ,ثمّ يفتون ويحاربون عندما يستوعبون فداحة
الخطر.
عندما سنقرأ
مذكرات كيري في وقت قريب على ما أعتقد, أو عندما سيتحرّرمن وظيفته وينفلت لسانه ,
كما حصل مع السفير الأمريكي روبرت فورد وزميلته هيلاري كلينتون, سنكتشف عمق
المؤامرة على العراق وسوريا والله يستر ربما على الكويت أيضاً , فأمير البلاد قام
بزيارة رسمية إلى طهران في الآونة الأخيرة,استبشرنا فيها خيراً لأمن واستقرار
المنطقة, ووقع خلالها الجانبان على إتفاقيات تعاون ثنائي في شتّى المجالات , ومن
المؤكد آن هذا التقارب أثار
ريبة إسرائيل.
أما أمريكا فلا
يهمها سوى مصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل للسيطرة على منابع النفط والطاقة في
العالم فمتى يتعظ العرب من دروس الماضي القريب ?
رولا زين ـ باريس