أحداث سيدي بوزيد بين المسؤولية و التوظيف السياسي
على اثر الحادثة المؤلمة بسيدي بوزيد التي كان ضحيتها شاب تونسي أقدم على حرق نفسه كردّ فعل على انسداد السبل أمامه، انطلقت جملة من الاحتجاجات على التعاطي السلبي لبعض المسئولين المحليين بهذه المنطقة.
هذه المحاولة الانتحارية التي نحمد الله على فشلها و نتمنى الشفاء لصاحبها، لم تكن الأولى في تونس بل سبقها انتحار بنفس الطريقة المروعة لشاب يدعى عبد السلام تريمش يوم 5 مارس 2010 امام بلدية مدينة المنستير بالساحل التونسي. و للتأكيد فان هذا الشاب أصيل هذه المدينة و ليس من النازحين من الولايات الداخلية، و المنستير مدينة محظوظة منذ الاستقلال و حتى قبل ذلك وهو ما يعني ان اليأس يمكن ان يصيب أيّا كان في أي مكان. و الغريب انه وقع التعتيم على هذه الحادثة تماما و لا يذكر صاحبها من طرف الذين يوظفون محاولة الانتحار بسيدي بوزيد !
لقد استغلّ هذه الاحتجاجات فلول الراديكالية المتمترسين وراء بعض النقابات المهنية و خارجها مدعومين من رموز المعارضة الهامشية في الداخل و الخارج في محاولة لاستدراج بعض الفئات الشعبية و الاجتماعية إلى تحركات احتجاجية هدفها زعزعة الدولة و الاستقرار الاجتماعي.
و لفهم طبيعة هذه الأحداث لابد من التذكير بالنقاط التالية:
1 ـ إن التفاوت التنموي بين الجهات ليست ظاهرة حديثة اكتشفها البعض بمناسبة هذه الأحداث و إنما نشأ قبل الاستقلال، و لم يتم معالجته خلال نشأة الدولة الحديثة. وللموضوعية فان جهودا كبيرة بذلت خلال العشريتين الأخيرتين لتحديث البنية التحتية لهذه الجهات المحرومة و بعث مشاريع تنموية بهدف تقليص التفاوت.
2 ـ إن تطوّر الواقع التنموي لبلادنا و استمرار السلم الاجتماعي لا يتحقّق إلا بمشاركة كلّ فئات المجتمع المدني و كل القوى الوطنية. وهو ما يفرض على كل الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية حتى نجنّب بلادنا منزلقات خطيرة، تفقدنا مكتسبات ضحّى من أجلها شعبنا. إن ذلك لا يتحقّق إلا بشفافية و جرأة من أجل تنفيذ سياسات الدولة و ربط جسور الحوار مع الفئات التي تشعر بالتهميش و خاصّة الشباب.
3 ـ إن ما تدّعيه و تردده بعض الأوساط من أن تونس تعيش حالة احتقان اجتماعي بسبب تفشّي البطالة كنتيجة للسياسات التنموية للدولة، هو مجانب للموضوعية ومخالف لحقيقة ما أكده المراقبون الدوليون بسلامة الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية لتونس، هذا البلد الذي تبوأ مكانة متقدمة على كثير من الدول النامية، برغم حدّة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تسبّبت في مضاعفة البطالة حتى في اقتصاديات المجتمعات المتقدمة.
إننا من منطلق مسؤوليتنا الوطنية و انحيازنا لتونس و من أجل المحافظة على سلامة بلادنا و مناعة مجتمعنا، نهيب بالجميع للتحلي بروح المسؤولية و معالجة التحديات المطروحة بالحوار و في كنف القانون. فكما أنّ على القوى الوطنية مسؤولية التصدي لمحاولات بعض المغامرين في الّداخل و الخارج، هؤلاء الذين يعبرون على نشوتهم كلما مرّت بلادنا بأزمة، في محاولات منهم للتوظيف السياسي لمآسي الناس في حين أنهم أبعد ما يكون على الهموم و التحديات التي تواجه مجتمعنا و بلادنا، فانه يستوجب على المواطن المحافظة على الممتلكات الخاصة و العامة و صيانة هيبة الدولة، و على المسؤول كذلك، عدم وصد أبواب الحوار خاصة في وجه الفئات الضعيفة حتى لا تركن إلى التصرفات اليائسة كما حدث في سيدي بوزيد أو المنستير.
كما إننا في الوقت نفسه نعتبر إن التهويل و التوظيف الإعلامي الخارجي الذي تمارسه بعض الأوساط لهذه الأحداث هو نتيجة الفراغ الحاصل لدى بعض وسائل الإعلام المحلية في إنارة الرأي العام بحقيقة ما حدث، لأن هذا الفراغ هو الذي جعل الفرصة سانحة أمام المزايدين والمتاجرين بآلام الناس وهمومهم لتهويل الأحداث و توظيفها لحساباتهم الشخصية و الحزبية الضيقة.
و الله وليّ التوفيق
الأربعاء 29 ديسمبر 2010
جمعية تونس المستقبل -
الهيئة الـتأسيسية
الأزهر عبعاب – فرنسا
محمد العماري – فرنسا
رضا التونسي – دنمارك
د. عبد السلام الأسود – فرنسا
محمد الهادي بصيد – فرنسا
ياسين الخليفي – فرنسا
كمال بسرور – فرنسا
معز الهمامي – فرنسا
فتحي مباركي – فرنسا
فتحي الدريدي – فرنسا
عبد الجليل السعيدي – فرنسا
عمر العزابي – فرنسا
محرز ضو – فرنسا
No comments:
Post a Comment