Search This Blog

Saturday, September 29, 2012

Hayat Attia:بالفصيح . En clair


د. حياة الحويك عطية
 بالفصيح ....

 زياد الرحباني. ومن الذي لا يتسمر امام التلفزيون ليرى ويسمع زياد الرحباني؟
لا يهمنا زياد السياسي بل المبدع . لان الابداع غائب عن شاشاتنا الممطرة بعواصف وسيول الكلام السياسي المهترىء والمحمل بالجراثيم ، ولان المبدع الملتزم يجعل من السياسة حياة نابضة لا خريطة هندسية ، بدون ان يخطط يتركك تضحك وتبكي وتغضب وتثور وتفكر باهم الاشياء والمفاهيم ، دون ان تنتبه الى انها كذلك.
مشكلة غياب الثقافي عن البرمجة التلفزيونية الفضائية ، اقصاءا او تهميشا هي مشكلة طالما صرخنا منها، لانها مسالة مقصودة تصب في صلب العولمة وسياسة السوق ، التي تقتضي ابعاد كل ما يحرك الفكر والمشاعر ، اللهم الا غرائز الاستهلاك  التي تؤمن ابتلاع المتلقي لكل ما تتقيأه السوق ، حتى فيما يسمى فنا.
حسنا ، يحسب للميادين انها  بدات تولي اهتماما للثقافي، وربما كان يمكن لاستضافة زياد الرحباني ان تشكل انطلاقة عظيمة لهذا التوجه ( اضافة الى برنامج زاهي وهبي المالوف ) ولكن اللقاء شكل صدمتين:
 صدمة ايجابية في ما قدمه زياد، زياد القادر على ان يلخص العالم بكلمة، بقفشة، بحركة راس، بنظرة،  زياد الذي يعرف ان يمرر اعتى نظريات الاقتصاد والسياسة، مشاكل العولمة والطائفية والعدالة الاجتماعية وسياسات الاعلام والمعادلة بين الحرية والضبط، بدون اية كلمة من هذه الكلمات الثقيلة .. الثقيلة على الاذن والثقيلة الدم... مبدع يتحدث للاذكياء وللبسطاء ، والاذكياء دائما بسطاء ...
وصدمة اخرى باداء غسّان بن جدو . فغسّان محاور ناجح في الموضوع السياسي، ويشهد له انه يدير قناة حققت نجاحا كبيرا وبوقت قياسي  ( دون ان ننسى القامات التي شاركت في تاسيسها وفي ادارتها) ، اعلامي متمكن وجاد ويتعب على اعداد موضوعه. لكن   الاعلام الثقافي شيء اخر...وزياد الرحباني في الثقافة شيء اخر...
اكثر غسّان من الكلام حد الملل ، وقال زياد في لحظة ما : " اكثر شي بياخد وقت الكلام لانه محدود " . بالغ غسّان في الفصحى المتكلفة التي تغطس في المنجد وتعود بمطولات وبكلام عويص، ويصر زياد على عاميته الشعبية التي كثيرا ما تكون فصحى بدون تشكيل وتتركنا عفويتها البارعة نظن انها عامية ، تذكر باحدى مسرحياته : " ولو الادب العربي شو عويص !!" حتى اذا بالغ غسّان في احد مقاطعه الاستعراضية اللغوية رد عليه بنكهته المعهودة : " اجل".
واذا ما وصل الحديث الى الاعلام الفضائي : طالب بضبطه بعبارات بسيطة ولكنها تحمل علما كاملا : " فلتانين بها السما وما في خطوط حمرا، وقحين وكذابين وبيقلدوا اللي بيقلد اللي بيقلد"!!  يتحدث عن مهنية الاعلام الغربي ، وغياب مهنية الاعلام العربي اللي بينطلك من الشباك . ويغضب غسّان ، تاخذه الحمية في مرافعة دفاعية عن العرب ، اتهامية للغرب الذي اهان الرسول وانتهك مقدساتنا واعراضنا الخ... فيعود الرجل ليوضح له انه لا يقصد المضمون ، ولكن خبث الاسلوب المتحضر ، مهارة البي بي سي في ان تعبر عن موقف دون ان تقفز المذيعة من الشاشة ودون ان يشتبك المتحاورون بالايدي والاقداح ودون ان تردح القبائل بقصائد الهجاء والمدح و ... دون الكذب المفضوح المكشوف.
ناقش مستقبل التلفزيون والضبط القانوني بابسط الكلام :  الانترنت مش راح يضعف التلفزيون لانو الناس ما الها جلد تقعد تفتش وتدخل وتطلع ، التلفزيون بتشوفو هيك ، بيجي لحالو، انت ونايم " . الضبط ضروري ، لما الناس بتتجاوز القانون شو بيضبطوهم " بالفصيح " او بالانكليزي !! . مرة اخرى يؤشر الى "فصيح"  المذيع الذي يسرد في مطولات لا اول لها ولا اخر ، متفلسفة مصطنعة مرتبكة ، لا تعرف ماذا تفعل باوراق كثيرة اعدت مسبقا ، وهذا الرجل الغير شكل ، اللي بياخدك محل ما بدو ، وبيلقطك لحظة ما بتتوقع : - سيداهمنا الوقت . – وانت كمان بدك تداهم ؟!
  سؤال معلوك تقليدي : هل العمل الفني الذي يعبر عن انتماء؟ ... ويبحلق زياد.  سؤال طويل عن الجاز ، وزياد : -لا جاز ولا ماز ، في بيتي صورة زكريا احمد . –  يعترض غسان : الجاز يعبر عن ثورة . وزياد :- البلوز بالنسبة لي مرحلة من العبودية . سؤال اخر معد بدقة ، وزياد : - منين كمان جايب هالقصة عن الفيسبوك؟
لن نسرد عليكم الحوار ، عودوا له . ولكن عفوا .. لم يكن هناك حوار ... كان هناك واحد مبدع ، مكسر كل القوالب ومسترخ في كرسي ينظر الى العالم ساخرا ببساطة ، يختزن في كله عالما من الضحك ولا يضحك ، وواحد مبهور، مربك ، داخل كل القوالب ، لا يملك الا وان يضحك ، خاصة عندما يصدم ويظل سؤاله الذي لم يطرح : - لم افهم ... ما العمل ؟ ماذا افعل مع هذا الرجل  العجيب؟
 نشكر غسان كمدير لانه جاء بزياد، ولكننا نلومه لانه اصر على مجال ليس مجاله. ربما اعجابا، وربما لانه ضن على غيره بهذه الفرصة ، ولكن اعطي خبزك لخبّاز ...  
hayathanna@hotmail.com

1 comment:

Anonymous said...

Thank you . Your blog is great