Search This Blog

Friday, March 08, 2013

Mohsen Kâabi: A propos de la démission du Ministre de la défense

ملاحظات حول
استقالة السيد عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع
و تصحيح مفاهيم
وردت  على لسان عضو المجلس الوطني التأسيسي عن وطد السيد منجي الرحوي  في برنامج  "ناس نسمة " يوم الأربعاء 6 مارس 2013
                                            محسن الكعبي*


تابعت بكل إهتمام تداعيات و تفاعلات قرار استقالة السيد وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي التي أرسل بها مؤخرا الى الرئاسات الثلاثة ، هذا القرار الذي أحدث لغطا كبيرا لدى الرأي العام التونسي و النخب بمختلف توجهاتها الفكرية و الأيديولوجية ، و كعسكري سابق و كضحية من ضحايا النظام السياسي البائد و كذلك من القيادة العسكرية العليا في التسعينات و كمتابع للشأن الوطني و كناشط في المجتمع المدني يهمني أن أنير الرأي العام بما يلي :
أولا : حول استقالة السيد وزير الدفاع :
    ذكر السيد الوزير أن من بين الأسباب التي دعته للاستقالة هو " ضبابية " المشهد السياسي الذي أدى الى إجهاد المؤسسة العسكرية المنتشرة وحداتها القتالية منذ أكثر من عامين في البلاد حسب تعبيره..و لكن حسب قراءتي المتواضعة للأحداث أعتقد أن هناك توترا سابقا بين السيد الوزير و السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلة يعود الى ما قبل أحداث السفارة الأمريكية التي يدعي أنها كانت السبب  الرئيسي للاستقالة ( .. إن ما حصل من أحداث أمام السفارة آنذاك لم يعد مقبولا) ، و بالتحديد يوم 27 مارس 2012 تاريخ مقابلتنا  للسيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة  كوفد يمثل جمعية إنصاف قدماء العسكريين بعدما يئسنا الوعود المتكررة من وزارة الدفاع من أجل تسوية ملفات العسكريين المطرودين و المعزولين في قضية براكة الساحل 91 المزعومة و غيرها من الملفات العالقة التي وعد بفضها شخصيا منذ الاستقلال إلى اليوم، الشيء الذي لم يستسغه السيد الوزير و رئيس أركان الجيوش الثلاث و كأننا تجاوزناهما و التجأنا للتظلم لدى من أعلى منهما رتبة، و هذا كما هو معلوم من حقنا، و الذي نتج عنه بعد ذلك عدم تمكين مسؤولي الجمعية من مواعيد لبحث ترتيبات عيد الجيش الذي وعدنا فيه السيد الرئيس بالتكريم و تقديم اعتذار الدولة الرسمي في الأمر اليومي الذي سيلقيه أثناء الاحتفال.. والإيعاز لنا بالاتصال برئاسة الجمهورية التي وعدت بتسوية قضيتنا..
      و أما فيما يخص إجهاد المؤسسة العسكرية فهذا كلام في غاية الخطورة لأن الإجهاد و تجاوز الذات هو من صفات العسكري الذي لا يتوانى لحظة في بذل النفس و النفيس في سبيل هذا الوطن المعطاء و من واجب وزير الدفاع المحافظة على الروح المعنوية  و الجهوزية التامة للوحدات القتالية المنتشرة و تمكينهم من المساندة و الدعم اللوجستي اللازم بإعداد وسائل الدفاع المسلح ؤ بإعداد المقاتلين لأداء واجب الذود على كيان وطنهم و لا يترك الأمور تنحدر الى هذا المستوى .. و أين قيادة الجيش التي تقوم بأعباء القيادة المباشرة ، و الإشراف على المؤسسات التربوية العسكرية ، ووضع المناهج لتعليم الجيش و تسيير تمريناته و مناوراته و مؤنه و حاجياته الى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالجيش حتى تصل الأمور الى هذا الحد.. ؟و هل كاتب السيد الوزير رئيس المجلس التأسيسي في هذا الخصوص لطلب الدعم و الوسائل اللوجستية لتجاوز النقائص الطارئة.. و ماذا يفعل لو كان في حالة حرب مثلا ..
لذلك فأين نحن من تلك القولة التي رددناها و لازلنا نرددها بأن : الجيش سور للوطن ..يحميه أثناء المحن..و الجيش و الشعب يد واحدة..
و الدواء النافع للإجهاد  حسب اعتقادي هو انتداب شبابنا البطال وخاصة أصحاب الشهادات العليا و المعطلين عن العمل و الذي سئم المقاهي و قطع الشوارع و الإعتصامات و الذي لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يتخلى عن أداء واجبه العسكري و عدم الانضمام لمؤازرة إخوته في السلاح للمساهمة في تحقيق  أهداف الثورة و الدفاع عنها من فلول الردة و أزلام النظام السابق و خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من الانتقال الديمقراطي..
و لما لا يتم استدعاء جيش الاحتياط، و أبناء المؤسسة العسكرية الذين طردهم بن علي إباء توليه السلطة و لا أقول الحكم لأن الحكم له أدبياته و فنونه..مثل عسكريي براكة الساحل الذين حرمهم النظام السابق من خدمة وطنهم و من قبلهم على سبيل الذكر لا الحصر عسكريون من الطراز الرفيع  كالمقدم رفيق الشابي و المقدم صلاح الدين البزراتي و الرائد صالح منصور و غيرهم كثر..و الذين دفعوا دفعا  للتقاعد الوجوبي بدون سبب وبكل تعسف.. و ذلك طبعا من أجل إدامة النظام على حساب مصلحة الوطن.. و لكن هيهات فقد جاءت الثورة و فاجأت الجميع ..و كشف المستور و حلت ساعة الحساب و المحاسبة..
و إذا كان السيد الوزير قد أرهق و تعب شخصيا من تحمل مسؤولياته الجسيمة على رأس الدفاع و لم يستطع أن يوفر للجيش و أفراده كل الدعم المادي و المعنوي و اللوجستي فيجب أن يحاسب على ذلك أمام المجلس الوطني التأسيسي ..و ليس من حقه أن يترك الجيش على هذه الحالة من الإجهاد و الإنهاك و عدم القدرة على مواصلة مهامه و عدم جهوزيته القتالية لحماية الوطن من الأخطار الداهمة من الداخل و الخارج..
و إذا استقال من مهامه على خلفية عجزه عن مواصلة العمل فهذه شجاعة نشكره عليها و نقول له شكر الله سعيك و أن  تونس ولاّدة ولم تصب بالعقم و فيها من الكفاءات من باستطاعته ملئ الشغور و الدفاع عن الثغور والقيام بالواجب و أكثر من الواجب..و إنصاف العسكريين ضحايا العهد السابق بتفعيل مرسوم العفو العام و إعادة فتح ملفات كافة العسكريين المظلومين و المطرودين لأسباب سياسية عقائدية استئصالية.. وكذلك الملفات المتعلقة بالفساد و التجاوزات الصارخة لحقوق الإنسان.. و ضمان حرية المعتقد و فتح بيوت العبادة التي أغلقت في عهد المخلوع و أزلامه..و مازالت مغلقة الى الآن..
 حول تصريحه حول حيادية المؤسسة العسكرية:
   كلنا يعلم بأن المؤسسة العسكرية المتمثلة في وحداتها القتالية المنتشرة إبان الثورة متكونة في غالبيتها من شبان عسكريين من أبناء العمال والفلاحين و التجار ومن أعماق تونس الفقيرة .. كانت واعية بمسؤوليتها التاريخية إزاء الثورة و لم تستسهل الزناد لفتح النار على المتظاهرين بل ساهمت في إسقاط النظام و حمت مؤسسات الدولة ..و هذا يحسب لها لأنها بطريقة أو بأخرى ثأرت لنفسها و لأبنائها الذين زج بهم في قضايا سياسية وهمية كان المراد منها تحجيم الجيش و ضرب قدراته العملياتية ..و بالتالي فإن تهميش الجيش و تقزيمه و سجن و طرد و مطاردة كل من جمع بين علو الكفاءة و مثالية الأخلاق و قمة الانضباط..هذه الصفات كانت مبررة للاستئصال تحت أي ذريعة ، و بأي صيغة و وسيلة..لم تمر بدون عقاب من كان ورائها..
     و السيد الوزير يقول في تصريه الأول  لقناة نسمة في رده على كلام السيد كاتب الدولة للشؤون الخارجية بأن الجيش على مسافة واحدة من الأحزاب و لا يتلقى تعليمات و أوامر من أحد..و نسي قبل أن يتدارك أن المؤسسة العسكرية تؤتمر من طرف رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة و بالتالي تعمل تحت إمرة رئيس الجمهورية..
   و لكني أطرح على جنابه السؤال التالي الذي أرقني كثيرا و لايزال.. إذا كان حقا محايدا لماذا لم يفعّل  أول مرسوم للعفو العام صدر بعد الثورة و منع العسكريين ضحايا العهد السابق و خاصة ضحايا المؤامرة المزعومة براكة الساحل 91 من حق العودة و حق التعويض..؟و ماذا نسمي هذا الاستثناء في التعامل مع القوانين ..؟ و لماذا لم يسعى لتطبيقه..؟ ألا نسمي هذا دوسا على القانون..؟
لماذا لم يسمح لضحايا براكة الساحل بالحضور في ساحة العلم بالأكاديمية العسكرية يوم عيد الجيش الماضي بمناسبة تقديم السيد رئيس الجمهورية اعتذارات الدولة الرسمية للضحايا و عائلاتهم ؟
 و لماذا غاب أو تغيّب عن الموكب الاحتفالي و ألتكريمي الذي نظمته رئاسة الجمهورية يوم 10 ديسمبر بمناسبة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الذي تحصل فيه الضحايا على وسام الجمهورية كرد اعتبار معنوي ..؟
و لماذا لم تجتمع لجنة السقوط البدني الى الآن للنظر في الحالة الصحية للعسكريين المحالين على التقاعد و هو الطبيب و العميد و الوزير السابق في عهد المخلوع و لا يقل لنا أنه مستقل و من التكنوكراط؟
و لماذا لم يأمر إدارة الصحة العسكرية بإحداث مركز للتأهيل الصحي للضحايا العسكريين في القضية اللغز التي ملأت الدنيا و شغلت الناس .. (إلا أنت يا دكتور..) و مداواتهم من متلازمة براكة الساحل..؟

خلاصة القول أن سيادة الوزير لم يكن محايدا بل كان منحازا لسياسة المخلوع و تعليماته الظالمة..و بالتالي فإن سياسة الوزارة بعد الثورة هي سياسة الوزير و ليست سياسة الحكومة المنتخبة.. و التي كنا نأمل أن تكون ثورية تحقق أهداف الثورة و تنصف المظلومين ..و لكن تتواصل المأساة وكأننا مازلنا في عهد المخلوع و  لم تهب رياح التغيير على المؤسسة و التعليمات هي التعليمات و القوانين هي القوانين و دار لقمان على حالها.. و مازالت نظرية فرض النمطية المجتمعية على المؤسسة تدعو الى تجفيف المنابع و طمس معالم الهوية العربية الإسلامية لدى أبنائنا داخل مؤسساتنا الرسمية مدنية كانت أم عسكرية..  
و حتى نظمن حيادية حقيقية لمؤسستنا العسكرية يجب أن يتضمن الدستور الجديد جملة من الإجراءات الثورية التي من شأنها:
1-                  أن تؤمن حيادية المؤسسة و استقلاليتها و أن تكون على مسافة واحدة من كل الأحزاب و بعيدة عن التجاذب السياسي..
2-                  التنصيص على تعريف دقيق و واضح للمؤسسة و أهدافها في حالة السلم كما في حالة الحرب ..
3-                  إحداث مجلس أعلى للدفاع و الأمن باعتبارهما عنصران متلازمان و مترابطان ينعقد عند الإقتضاء وفي الحالات القصوى..
4-                  التنصيص على مراقبة مجلس الشعب المقبل للمؤسسة العسكرية و الدفاع عن حقوق منتسبيها من منطلق غياب العمل النقابي ..
5-                  التنصيص على وجوب أداء الخدمة العسكرية باعتبارها واجبا وطنيا مقدسا..
6-                  حصر القضاء العسكري في البت فيما يهم العسكريين من تجاوز وإخلال داخل مؤسستهم فقط..
7-                  عدم استثناء العسكريين من حق و واجب الاقتراع باعتبارهم مواطنون من دافعي الضرائب ..وكيف نستأمنهم على حماية الوطن و لا نستأمنهم على صندوق الانتخاب..؟

ثانيا : حول ما جاء على لسان نائب المجلس الوطني التأسيسي السيد منجي الرحوي
أردت أن أبدي بعض الملاحظات و تصحيح بعض المفاهيم التي وردت يوم الأربعاء 6 مارس في بلاتو برنامج ناس نسمة الذي يعده الصحفي المتميز حمزة البلومي، على لسان عضو المجلس التأسيسي عن حركة وطد السيد منجي الرحوي ، و اتهم فيها العسكريين في سنة 91 بانتمائهم السياسي لحركة النهضة المحظورة آنذاك و المشاركة في تخطيط انقلاب على نظام المخلوع..
1: أعتقد أن هذا تجني صارخ على العسكريين ضحايا المؤامرة المزعومة براكة الساحل 91 ، و تجني على النهضة في آن واحد ، و تبني واضح لرواية المخلوع و دعاويه الكاذبة على الشرفاء من أبناء المؤسسة الذين كانت تجمعهم صفات مشتركة مثل علو الكفاءة و مثالية الأخلاق و قمة الانضباط، و التي كانت وحدها كافية كمبرر للإستئصال تحت أي ذريعة و بأي صيغة و وسيلة..و أنا ألوم في الحقيقة الأستاذ سفيان بن فرحات الذي سايره في الطرح المغلوط من أجل إيصال رسالة سياسية لطرف سياسي يختلف معه إيديولوجياو لو على حساب الأمانة العلمية و الموضوعية علما و أن قناة نسمة كانت قد أعدت برنامجا حول محاكمة وزير الداخلية السابق عبد الله القلال و جلاديه الذي رفعنا في شأنه قضية في التعذيب الذي حصل لنا في هذه القضية المزعومة..
2: إذا كان للسيد المنجي الرحوي تصفية حسابات سياسية و حزبية مع حركة النهضة فليتقي الله في العسكريين ضحايا بني جلدتهم و لا يزيد من مأساتهم التي مازالت متواصلة الى اليوم ..و أنصحه إذا كان حقيقة مناضلا ثوريا جسورا و نائبا عن الأمة بأن يتوجه في القريب العاجل الى ساحة القصبة لمساندة إعتصام الصمود و التصدي الذي يطالب فيه ضحايا الظلم و الإستبداد و القهر بتفعيل مرسوم العفو العام و التصدي لأزلام النظام السابق و القوى المضادة للثورة .. كحق العودة للعمل و جبر الضرر المادي و المعنوي الذي حصل لهم في سنوات الجمر..و ليكن في علمه أنه لا مصالحة وطنية و لا انتقال ديمقراطي بدون تفعيل المرسوم و فصله عن مسار العدالة الإنتقالية..
3 : أن يبتعد عن توظيف العسكريين مباشرين كانوا أم متقاعدين لأنهم أبعد ما يكونوا عن التجاذب و هم فوق كل الشبهات ..و العمل السياسي أخلاق قبل أن يكون أي شيء آخر ، و أن مبدأ الماكيافيلية في السياسة قد ولى و اندثر..
4 : إن قضية براكة الساحل أصبحت قضية وطنية ..و قد أسالت الكثير من الحبر في الداخل و الخارج و لي فيها مقالات عديدة بصدد جمعها لإصدارها في كتاب إن شاء الله..وقد أدلى بدلوه فيها الأستاذ الحبيب بولعراس الكاتب المعروف صاحب مسرحية مراد الثالث و حنبعل.. باعتباره وزير الدفاع آنذاك و الذي وافق على تسليمنا لأمن الدولة للتعذيب..حيث قال في الرد على اتهامنا له و معاونيه في المجلس الأعلى للجيوش على التخلي عن مسؤولياتهم القانونية و الأخلاقية ، أن عملية براكة الساحل كانت تهدف الى تحجيم الجيش و إفراغه من كفاءاته.. ( لمزيد التفاصيل أنظر مجلة حقائق  بتاريخ 26 ماي 2011) ..و هذا يدخل في مبدأ تكريس  "نظرية إدامة النظام قبل مصلحة الوطن " التي كانت شعار مستشاري بن علي الذي يخفونه..
أما العميد موسى الخلفي ضابط الإتصال بين الإدارة العامة للأمن العسكري و وزارة الداخلية آنذاك فقد ذكر في معرض رده على اتهامنا له بالتهاون في القيام بالواجب و المشاركة و السكوت عن جرائم التعذيب التي قضى فيها ثلاث عسكريون هم الوكيل أول عبد العزيز المحواشي و الرقيب أول الشريف لعريضي و الرقيب أول محمد ناصر الشارني رحمهم الله، فقد ذكر أن إجتماع براكة الساحل كان " كذبة بانت تفاصيلها فيما بعد في ملف مدعّم تم تقديمه الى رئاسة الجمهورية ..( انظر مجلة حقائق بتاريخ 10 مارس 2011).. و يقول كذلك في حوار أجري له في جريدة حقائق بتارخ 13 جويلية 2012 بأن قضية براكة الساحل  مفتعلة و حلّها سياسي..
-------------------------------------------------------------------
نقيب مهندس / أستاذ العلوم العسكرية بالأكاديمية العسكرية سابقا

No comments: