العضو السابق بحركة النهضة بتونس ل" المركز"
لم يتقدم عنا الغرب إلا عندما اتخذ مبدأ تكريم المواطن و حفظ حقوقه و تأمين حرية الكلمة والنفس
على ضوء التغييرات المتسارعة في الوطن العربي و سقوط حكم الطواغيت في كل من تونس و مصر و مع الأمل باستمرار هذا التغيير ليشمل كل عالمنا العربي و الإسلامي. و للوقوف على حقيقة ما مر به قسم من اللاجئين من أبناء الشعوب العربية و عن تجربتهم التي مروا فيها خلال فترة لجوئهم إلى بلاد غير أوطانهم. و عن شعورهم نحو التغيير الذي طرأ في العالم العربي كان لنا حوار مع المهجر محمد العماري أحد الأشخاص الذين عانوا ظلم و ظلمات الغربة و هم عضو سابق بحركة النهضة بتونس و يعيش الآن في باريس. كان لنا حوار حول التطورات الأخيرة و رؤيته للوضع الحالي.
أجرى الحوار شادي عباس
عرفنا بنفسك ؟
محمد العماري أبو صفوان، من مواليد دولة الاستقلال سنة 1956 و تحديدا بمدينة تطاوين( تقع حوالي 500 كلم جنوب العاصمة) انخرطت مبكرا في العمل النضالي النقابي وكذلك السياسي في صفوف الحركة الإسلامية بتونس.
لم يتقدم عنا الغرب إلا عندما اتخذ مبدأ تكريم المواطن و حفظ حقوقه و تأمين حرية الكلمة والنفس
على ضوء التغييرات المتسارعة في الوطن العربي و سقوط حكم الطواغيت في كل من تونس و مصر و مع الأمل باستمرار هذا التغيير ليشمل كل عالمنا العربي و الإسلامي. و للوقوف على حقيقة ما مر به قسم من اللاجئين من أبناء الشعوب العربية و عن تجربتهم التي مروا فيها خلال فترة لجوئهم إلى بلاد غير أوطانهم. و عن شعورهم نحو التغيير الذي طرأ في العالم العربي كان لنا حوار مع المهجر محمد العماري أحد الأشخاص الذين عانوا ظلم و ظلمات الغربة و هم عضو سابق بحركة النهضة بتونس و يعيش الآن في باريس. كان لنا حوار حول التطورات الأخيرة و رؤيته للوضع الحالي.
أجرى الحوار شادي عباس
عرفنا بنفسك ؟
محمد العماري أبو صفوان، من مواليد دولة الاستقلال سنة 1956 و تحديدا بمدينة تطاوين( تقع حوالي 500 كلم جنوب العاصمة) انخرطت مبكرا في العمل النضالي النقابي وكذلك السياسي في صفوف الحركة الإسلامية بتونس.
ما هي الأسباب التي كانت وراء نزوحك من بلادك و متى كان ذلك؟
على اثر التوتر الحاصل بين حركة النهضة و نظام بن علي في بداية التسعينيات ثم المواجهة و الملاحقة الأمنية و المحاكمات التي
على اثر التوتر الحاصل بين حركة النهضة و نظام بن علي في بداية التسعينيات ثم المواجهة و الملاحقة الأمنية و المحاكمات التي
طالت جل أبناء الحركة اضطررت مثلما كان الحال لكثير غيري إلى مغادرة البلاد بحثا عن الأمان الذي فقدناه داخل بلدنا تونس.
بعد أن غادرت تونس هل كان هناك تضييقا من طرف النظام على أقرباءك و معارفك؟
كان خروجي من تونس سنة 1990 مفاجئا لأهلي. فقد غادرت البلاد تحت جنح الظلام "خائفا أترقب" تركت زوجتي و أولادي الذين لم يبلغ أكبرهم سن السابعة من العمر مع عائلتي الموسعة (الوالدين و الأشقاء) الذين نالوا نصيبهم من المعاناة و إرهاب جهاز الأمن الخاص و الهرسلة المستمرة و المساءلة و الإيقافات. بل لم يُستثن من المساءلة و الهر سلة و التحقيق داخل المخافر حتى ابني صفوان الذي لم يتجاوز آنذاك السابعة من عمره .و بقوا على هذا الحال لا يعلمون عني أي شيء (ما عدى زوجتي و أشقائي) لمدة سبع سنين، أي حتى سنة 1997حين جمعني بهم الله جميعا من حيث لم أكن أحتسب..
ـ كيف تم ذلك؟
في خريف 1997 كان لبن علي زيارة رسمية لفرنسا وتجنبا لإحراجه من طرف ممثلي المنظمات الحقوقية و الإنسانية، في موضوع حقوق الإنسان المنتهكة في تونس.. قرر تسليم جوازات سفر لكل عائلات المنفيين و كانت عائلتي من بينهم.
لماذا لم تلجئوا إلى إحدى الدول العربية أو الإسلامية ؟ وكيف احتضنتكم فرنسا و تعاملها معكم؟
سأبدأ بالإجابة على النصف الثاني من سؤالكم.
لم تكن فرنسا البلد الوحيد الذي لجا إليه الأخوة الفارين من جحيم الملاحقات الأمنية و المحاكمات في تونس الاستبداد، بل كان جل الدول الغربيّة تقريبا، ذات النظم العريقة في الحريات و حقوق الإنسان والتي تحترم دساتيرها. أما فرنسا تحديدا، فرغم أنها لم ترفض مطالب جل الراغبين في الحصول على اللجوء السياسي فوق أراضيها و لم تسلم أحدا من المطلوبين إلى النظام التونسي، لكنها ماطلت في حق المنح لكثير من الإخوة وتجاوزت الآجال القانونية المعتمدة بإدارة اللاجئين. فمنهم من بقي أكثر من 6 سنوات ينتظر تسوية وضعه القانوني على التراب الفرنسي، الذي يُخول له التمتع بحقوق المقيم والتي من بينها حق الشغل والتنقل.
عفوا، على أيّة خلفية كان هذا التردد في تطبيق القانون؟
قٌانونا، لا شيء يبرر هذا التأخير و المماطلة في منح حق اللجوء السياسي، و لكن يبدو أن للأمر خلفيّة سياسية و مصالح مع نظام بن علي..
أما في ما يخص النصف الثاني من سؤالكم لما لم نلجأ إلى بعض البلدان العربية و الإسلامية؟ من منا لا يرغب أن يعيش ويربي أبناءه في بلد مسلم؟ لكن الأوضاع البائسة و المتشابه للأنظمة العربية قد حالت دون ذلك.. و فاقد الشيء لا يعطيه. لقد لجأنا في بداية الأمر إلى بلدان شقيقة فأجبرتنا أنظمتها الحاكمة على الرحيل..( ليبيا، الجزائر والسودان) بل هناك من وقع تسليمهم إلى النظام البوليسي التونسي رغم المصير الذي كان ينتظرهم من تعذيب و سجن وربما حتى الموت..
كيف تنظر إلى الإقامة في الغرب من خلال تجربتكم؟
رغم أن الإقامة في الغرب في ظل قوانينه الإنسانية، هو مخرج جعله الله لكثير من المضطهدين في بلدانهم لأمنهم من خوف و إطعامهم من جوع، ولكن فيه خطر شديد على تربية الأبناء و خوف حقيقي من ضياعهم على كل المستويات لا قدر الله. و الواقع المعاش للمهاجرين العرب يُؤكد هذا كل يوم. حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية أن أكثر من 75 في المائة من ساكني السجون هم من العرب المسلمين، رغم أن الجالية العربية المسلمة تمثل أقل من خمسة في المائة من التعداد العام للشعب الفرنسي،.. و هذا أمر جلل .
هل سترجع إلى أرض الوطن؟ و هل مازال بيتك بخير؟
العودة إلى ارض الوطن هي أهم شيء لكل مغترب. لقد يسر الله لي العودة بعد عشرين سنة من الغياب لرؤية والدتي المسنة و بقية العائلة و الأحباب. ثم عدت ثانية منذ ثلاثة أسابيع، لحضور جنازة والدتي رحمها الله. فجزاها الله عني خير الجزاء وتغمدها برحمته و أسكنها فراديس جنانه. فقد تحملت ما تنوء به الجبال من المعاناة من أجلي و بُعدي عنها طوال عقدين من الزمن.
كيف ترى التطورات الأخيرة في العالم العربي و هل حسب رأيك ستمتد إلى باقي الدول الإسلامية؟
ما حدث في تونس من ثورة على نظام مستبد هو فاتحة خير إن شاء الله لكل الشعوب العربية و الإسلامية و ما تلاها خلال أسابيع معدودة في مصر و ثورة شعبها الأبي بكل طوائفه و أطيافه السياسية على طاغية ظن أنه في مأمن من غضب الجماهير، لهو خير دليل على هذا الخير الذي بدا يتحقق. وان تيار الاستئصال الشعبي لهذه الأنظمة الاستئصالية في طبيعتها، أصبح اليوم واقعا لا مفر منه، إلا من تدارك أمره منهم و أحدث إصلاحات عميقة تليق بشعبه وترد له كرامته المسلوبة وثروته المنهوبة. و مع هذا يبقى لكل بلد و شعب ظروفه و أسلوبه في التغيير.
بالنسبة لتونس كيف تسير الأحوال هناك الآن؟ و كيف ستتشكل الحكومة القادمة حسب رأيك؟
يعيش الشعب التونسي الآن بكل فئاته نشوة انتصار الإرادة و تحطيم صورة نظام بوليسي معقد تجاوز كل الحدود في الفساد بكل أنواعه.
نتمنى هذه الفرحة أن تستمر لان جيوب الردة كثر، ولن يعدموا وسيلة لإفشال هذه التجربة الفتية.
هناك الآن غياب التواصل مع الناس للحكومة الانتقالية التي من مهامها تصريف الأعمال و الإعداد للانتخابات والتحول الديمقراطي. غياب الشفافيّة هذا يثير لدى التونسيين الكثير من الشكوك و الخوف من الالتفاف على الثورة و أهدافها و تضحيات الأحرار الذين أشعلوها. إلى الآن لم تحدد الحكومة تاريخ الانتخابات و الإصلاحات الدستوريّة. بل هناك التفاف مشبوه على أهم مطلب شعبي منذ عقود و هو مطلب العفو التشريعي العام الذي يسترجع بموجبه كل ضحايا استبداد الدولة حقوقهم المدنية وجبر ضررهم المادي و المعنوي و رد الاعتبار لهم.
إذا، الطريق مازال صعبا و شاقا نحو بناء مجتمع حر و ديمقراطي يُؤدي فيه المواطن واجبه و ينال حقوقه في ظل العدالة الاجتماعية و
بعد أن غادرت تونس هل كان هناك تضييقا من طرف النظام على أقرباءك و معارفك؟
كان خروجي من تونس سنة 1990 مفاجئا لأهلي. فقد غادرت البلاد تحت جنح الظلام "خائفا أترقب" تركت زوجتي و أولادي الذين لم يبلغ أكبرهم سن السابعة من العمر مع عائلتي الموسعة (الوالدين و الأشقاء) الذين نالوا نصيبهم من المعاناة و إرهاب جهاز الأمن الخاص و الهرسلة المستمرة و المساءلة و الإيقافات. بل لم يُستثن من المساءلة و الهر سلة و التحقيق داخل المخافر حتى ابني صفوان الذي لم يتجاوز آنذاك السابعة من عمره .و بقوا على هذا الحال لا يعلمون عني أي شيء (ما عدى زوجتي و أشقائي) لمدة سبع سنين، أي حتى سنة 1997حين جمعني بهم الله جميعا من حيث لم أكن أحتسب..
ـ كيف تم ذلك؟
في خريف 1997 كان لبن علي زيارة رسمية لفرنسا وتجنبا لإحراجه من طرف ممثلي المنظمات الحقوقية و الإنسانية، في موضوع حقوق الإنسان المنتهكة في تونس.. قرر تسليم جوازات سفر لكل عائلات المنفيين و كانت عائلتي من بينهم.
لماذا لم تلجئوا إلى إحدى الدول العربية أو الإسلامية ؟ وكيف احتضنتكم فرنسا و تعاملها معكم؟
سأبدأ بالإجابة على النصف الثاني من سؤالكم.
لم تكن فرنسا البلد الوحيد الذي لجا إليه الأخوة الفارين من جحيم الملاحقات الأمنية و المحاكمات في تونس الاستبداد، بل كان جل الدول الغربيّة تقريبا، ذات النظم العريقة في الحريات و حقوق الإنسان والتي تحترم دساتيرها. أما فرنسا تحديدا، فرغم أنها لم ترفض مطالب جل الراغبين في الحصول على اللجوء السياسي فوق أراضيها و لم تسلم أحدا من المطلوبين إلى النظام التونسي، لكنها ماطلت في حق المنح لكثير من الإخوة وتجاوزت الآجال القانونية المعتمدة بإدارة اللاجئين. فمنهم من بقي أكثر من 6 سنوات ينتظر تسوية وضعه القانوني على التراب الفرنسي، الذي يُخول له التمتع بحقوق المقيم والتي من بينها حق الشغل والتنقل.
عفوا، على أيّة خلفية كان هذا التردد في تطبيق القانون؟
قٌانونا، لا شيء يبرر هذا التأخير و المماطلة في منح حق اللجوء السياسي، و لكن يبدو أن للأمر خلفيّة سياسية و مصالح مع نظام بن علي..
أما في ما يخص النصف الثاني من سؤالكم لما لم نلجأ إلى بعض البلدان العربية و الإسلامية؟ من منا لا يرغب أن يعيش ويربي أبناءه في بلد مسلم؟ لكن الأوضاع البائسة و المتشابه للأنظمة العربية قد حالت دون ذلك.. و فاقد الشيء لا يعطيه. لقد لجأنا في بداية الأمر إلى بلدان شقيقة فأجبرتنا أنظمتها الحاكمة على الرحيل..( ليبيا، الجزائر والسودان) بل هناك من وقع تسليمهم إلى النظام البوليسي التونسي رغم المصير الذي كان ينتظرهم من تعذيب و سجن وربما حتى الموت..
كيف تنظر إلى الإقامة في الغرب من خلال تجربتكم؟
رغم أن الإقامة في الغرب في ظل قوانينه الإنسانية، هو مخرج جعله الله لكثير من المضطهدين في بلدانهم لأمنهم من خوف و إطعامهم من جوع، ولكن فيه خطر شديد على تربية الأبناء و خوف حقيقي من ضياعهم على كل المستويات لا قدر الله. و الواقع المعاش للمهاجرين العرب يُؤكد هذا كل يوم. حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية أن أكثر من 75 في المائة من ساكني السجون هم من العرب المسلمين، رغم أن الجالية العربية المسلمة تمثل أقل من خمسة في المائة من التعداد العام للشعب الفرنسي،.. و هذا أمر جلل .
هل سترجع إلى أرض الوطن؟ و هل مازال بيتك بخير؟
العودة إلى ارض الوطن هي أهم شيء لكل مغترب. لقد يسر الله لي العودة بعد عشرين سنة من الغياب لرؤية والدتي المسنة و بقية العائلة و الأحباب. ثم عدت ثانية منذ ثلاثة أسابيع، لحضور جنازة والدتي رحمها الله. فجزاها الله عني خير الجزاء وتغمدها برحمته و أسكنها فراديس جنانه. فقد تحملت ما تنوء به الجبال من المعاناة من أجلي و بُعدي عنها طوال عقدين من الزمن.
كيف ترى التطورات الأخيرة في العالم العربي و هل حسب رأيك ستمتد إلى باقي الدول الإسلامية؟
ما حدث في تونس من ثورة على نظام مستبد هو فاتحة خير إن شاء الله لكل الشعوب العربية و الإسلامية و ما تلاها خلال أسابيع معدودة في مصر و ثورة شعبها الأبي بكل طوائفه و أطيافه السياسية على طاغية ظن أنه في مأمن من غضب الجماهير، لهو خير دليل على هذا الخير الذي بدا يتحقق. وان تيار الاستئصال الشعبي لهذه الأنظمة الاستئصالية في طبيعتها، أصبح اليوم واقعا لا مفر منه، إلا من تدارك أمره منهم و أحدث إصلاحات عميقة تليق بشعبه وترد له كرامته المسلوبة وثروته المنهوبة. و مع هذا يبقى لكل بلد و شعب ظروفه و أسلوبه في التغيير.
بالنسبة لتونس كيف تسير الأحوال هناك الآن؟ و كيف ستتشكل الحكومة القادمة حسب رأيك؟
يعيش الشعب التونسي الآن بكل فئاته نشوة انتصار الإرادة و تحطيم صورة نظام بوليسي معقد تجاوز كل الحدود في الفساد بكل أنواعه.
نتمنى هذه الفرحة أن تستمر لان جيوب الردة كثر، ولن يعدموا وسيلة لإفشال هذه التجربة الفتية.
هناك الآن غياب التواصل مع الناس للحكومة الانتقالية التي من مهامها تصريف الأعمال و الإعداد للانتخابات والتحول الديمقراطي. غياب الشفافيّة هذا يثير لدى التونسيين الكثير من الشكوك و الخوف من الالتفاف على الثورة و أهدافها و تضحيات الأحرار الذين أشعلوها. إلى الآن لم تحدد الحكومة تاريخ الانتخابات و الإصلاحات الدستوريّة. بل هناك التفاف مشبوه على أهم مطلب شعبي منذ عقود و هو مطلب العفو التشريعي العام الذي يسترجع بموجبه كل ضحايا استبداد الدولة حقوقهم المدنية وجبر ضررهم المادي و المعنوي و رد الاعتبار لهم.
إذا، الطريق مازال صعبا و شاقا نحو بناء مجتمع حر و ديمقراطي يُؤدي فيه المواطن واجبه و ينال حقوقه في ظل العدالة الاجتماعية و
المساواة القانونية.. و رغم كل هذه المصاعب يبقى الأمل كبير عند الأحرار في تحقيق كثير من المكاسب.
دخلت حركة النهضة على اختلاف مسميات منذ بداية الثمانيات و بقيادة الشيخ راشد الغنوشي في صدمات دامية مع السلطة في فترة حكم الحبيب بورقيبة و حكم زين العابدين بن علي
هل ارتكبت الحركة أخطاء في التعامل مع الوضع بحيث كان بإمكانها تجنب ما حدث؟ و كيف يمكن الاستفادة من تجربتكم في هذا المجال؟
هل ارتكبت الحركة أخطاء؟ طبعا نعم.. . لقد حوكمت الحركة ثلاث مرات في ظرف عشر سنوات (1981-1991). في كل مرة بنفس الأسباب والمسببات وهي:
ـ عدم استشراف المستقبل آنذاك بكل موضوعية.
ـ سوء التقدير لمدى دكتاتورية نظام محاط بفئة من عتاة التطرف العلماني، قوامه قوة البوليس وتدجين مؤسسات الدولة واستعمالها في الفتك بخصومه.
ـ سوء التقدير أيضا في فهم طبيعة المجتمع التونسي الذي يمكنه التعاطف مع مجموعة مضطهدة ولكنه لا يجازف من أجلها بالتمرد بسهولة على السلطة القائمة.
ـ و أهمها، اعتماد ازدواجية الخطاب والقيادة في العمل (سرية وعلنية) الذي أفضى إلى الانكشافات التنظيميّة و مخططات المجابهة العنيفة. مما جعلها منذ نشأتها عرضة للضربات المتلاحقة التي حرمتها من انجاز أي مصلحة مدنيّة للشعب كالجمعيات الخيريّة والثقافيّة وغيرها ذات المردود النفعي المباشر على المواطن. كما أدت بها هذه الملاحقات أيضا في النهاية إلى الغياب الفعلي على الساحة وانقطاعها عن تحولات المجتمع التونسي منذ ما يقارب العقدين من الزمن، وهو الشيء الذي قد يعسر مهمتها في الوقت الراهن والمستقبل.
كلمة أخيرة توجهها للشعوب و القيادات؟
لم يتقدم عنا الغرب إلا عندما اتخذ مبدأ تكريم المواطن و حفظ حقوقه و تأمين حرية الكلمة والنفس، و إرساء العدالة الاجتماعية و القانونية و ضمان حق المظلوم و القصاص من الظالم.. بل تعدى تحضرهم إلى الاهتمام بحقوق الحيوان و المحافظة على الطبيعة و سلامتها.
هذه المبادئ التي تقدم بها غيرنا نحن أولى بها، لأنها جوهر ما جاء به ديننا الحنيف. و لن تتغير أحوالنا ما لم نغير ما بأنفسنا و نتبنى هذه المبادئ التي تحرر و تقدم بها غيرنا، ونتنافس فيها. فالظلم أينما مُورس، دمّر.. و العدل أينما حلّ، عَمّر.
كلمة أخيرة:
أقول أن إسقاط طاغية مستبد شيء جميل، و لكن أجمل منه القضاء على الاستبداد و الطغيان الذي يُخلفه الطغاة... فهو في اعتقادي جهد جماعي يحتاج إلى وعي تام و عمل دءوب و عزيمة فولاذية و همم عالية و صبر على ذلك. فلا يجب استعجال النتائج و حرق المراحل حتى لا تنقلب الثورة لا قدر الله إلى فوضى تأكل مكاسب ومكتسبات الماضي وتضحيات الحاضر و أحلام المستقبل.. فما أحدثه الطغاة من فساد بكل أشكاله في المجتمع و دواليب الدولة طوال عشرات السنين لا ننتظر أن يقع إصلاحه في وقت وجيز.
دخلت حركة النهضة على اختلاف مسميات منذ بداية الثمانيات و بقيادة الشيخ راشد الغنوشي في صدمات دامية مع السلطة في فترة حكم الحبيب بورقيبة و حكم زين العابدين بن علي
هل ارتكبت الحركة أخطاء في التعامل مع الوضع بحيث كان بإمكانها تجنب ما حدث؟ و كيف يمكن الاستفادة من تجربتكم في هذا المجال؟
هل ارتكبت الحركة أخطاء؟ طبعا نعم.. . لقد حوكمت الحركة ثلاث مرات في ظرف عشر سنوات (1981-1991). في كل مرة بنفس الأسباب والمسببات وهي:
ـ عدم استشراف المستقبل آنذاك بكل موضوعية.
ـ سوء التقدير لمدى دكتاتورية نظام محاط بفئة من عتاة التطرف العلماني، قوامه قوة البوليس وتدجين مؤسسات الدولة واستعمالها في الفتك بخصومه.
ـ سوء التقدير أيضا في فهم طبيعة المجتمع التونسي الذي يمكنه التعاطف مع مجموعة مضطهدة ولكنه لا يجازف من أجلها بالتمرد بسهولة على السلطة القائمة.
ـ و أهمها، اعتماد ازدواجية الخطاب والقيادة في العمل (سرية وعلنية) الذي أفضى إلى الانكشافات التنظيميّة و مخططات المجابهة العنيفة. مما جعلها منذ نشأتها عرضة للضربات المتلاحقة التي حرمتها من انجاز أي مصلحة مدنيّة للشعب كالجمعيات الخيريّة والثقافيّة وغيرها ذات المردود النفعي المباشر على المواطن. كما أدت بها هذه الملاحقات أيضا في النهاية إلى الغياب الفعلي على الساحة وانقطاعها عن تحولات المجتمع التونسي منذ ما يقارب العقدين من الزمن، وهو الشيء الذي قد يعسر مهمتها في الوقت الراهن والمستقبل.
كلمة أخيرة توجهها للشعوب و القيادات؟
لم يتقدم عنا الغرب إلا عندما اتخذ مبدأ تكريم المواطن و حفظ حقوقه و تأمين حرية الكلمة والنفس، و إرساء العدالة الاجتماعية و القانونية و ضمان حق المظلوم و القصاص من الظالم.. بل تعدى تحضرهم إلى الاهتمام بحقوق الحيوان و المحافظة على الطبيعة و سلامتها.
هذه المبادئ التي تقدم بها غيرنا نحن أولى بها، لأنها جوهر ما جاء به ديننا الحنيف. و لن تتغير أحوالنا ما لم نغير ما بأنفسنا و نتبنى هذه المبادئ التي تحرر و تقدم بها غيرنا، ونتنافس فيها. فالظلم أينما مُورس، دمّر.. و العدل أينما حلّ، عَمّر.
كلمة أخيرة:
أقول أن إسقاط طاغية مستبد شيء جميل، و لكن أجمل منه القضاء على الاستبداد و الطغيان الذي يُخلفه الطغاة... فهو في اعتقادي جهد جماعي يحتاج إلى وعي تام و عمل دءوب و عزيمة فولاذية و همم عالية و صبر على ذلك. فلا يجب استعجال النتائج و حرق المراحل حتى لا تنقلب الثورة لا قدر الله إلى فوضى تأكل مكاسب ومكتسبات الماضي وتضحيات الحاضر و أحلام المستقبل.. فما أحدثه الطغاة من فساد بكل أشكاله في المجتمع و دواليب الدولة طوال عشرات السنين لا ننتظر أن يقع إصلاحه في وقت وجيز.
No comments:
Post a Comment