Search This Blog

Thursday, March 12, 2009


أسرار غريبة حول حرب بوش على العراق يكشفها شيراك

*د.أحمد القديدي

كالعادة يعيش الناس أحداث العالم الراهنة و اليومية بكل حرارتها الحينية دون أن يعوا كثيرا من خلفياتها و كوامنها و منطلقاتها لأن التاريخ لا يكتب في حينه و في لحظة وقوع الأزمات إنما حين تهدأ العواصف قليلا و تعود النفوس البشرية إلى سالف إعتبارها تبدأ عملية قراءة التاريخ بفضل الإضاءات العديدة و المتنوعة و المتناقضة التي تسلط على صانعيه و لاعبيه و ضحاياه. وهذا المنطق هو الذي يحكم ملف الحرب المدمرة التي شنها الرئيس بوش الإبن على العراق و خلفت حوالي المليون ضحية و أطاحت بالرئيس صدام حسين و غيرت إلى أجيال طبيعة العلاقات و التوازنات في كل الشرق الأوسط، ثم وقف الرئيس بوش قبيل مغادرته البيت الأبيض ليعترف بأن المعلومات التي توفرت لديه عن العراق كانت مغلوطة و بأن العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل ! أما الذي وقع منذ 2003 إلى اليوم فهو دمار شامل حقيقي لا شك فيه.الذي يهمنا في هذا المقال هو الكتاب الذي صدر في مكتبات فرنسا يوم الإربعاء الماضي بعنوان ( سوف أنشر تكذيبا لو كررتم الخبر ) بقلم الصحفي الفرنسي جون كلود موريس مدير تحرير الأسبوعية الأكثر رواجا ( جورنال دي ديمانش) و الكتاب صادر عن مؤسسة ( بلون ) للنشر في 300 صفحة. و فيه نقل أمين لأحاديث مطولة أجراها الصحفي مع الرئيس الفرنسي السابق السيد جاك شيراك أثناء عشرة لقاءات جمعته به خلال سنة 2003 أي سنة الحرب الأمريكية على العراق و التي رفض الرئيس شيراك الإنخراط أو المشاركة فيها. وفي هذه الأحاديث نقرأ العجب العجاب عن موقف الرئيس الفرنسي المندهش من تبرير الحرب بلسان بوش شخصيا. فاقرأوا معي أيها القراء العرب الأفاضل ما جاء حرفيا في الفصل المتعلق بهذا الحدث :"كان الرئيس بوش هو نفسه الذي أعلم الرئيس شيراك بالهاتف قبل شهر من دخول القوات الأمريكية إلى بغداد. كان بوش يريد إقناع شيراك بالإنضمام للحلف الغربي المقاتل في العراق، و لكن الرئيس شيراك لم يصدق أذنيه وهو يسمع صوت بوش في الهاتف يقول له بالظبط إنه تلقى وحيا من السماء لإعلان الحرب على العراق لأن ياجوج و ماجوج إنبعثا في الشرق الأوسط للقضاء على الغرب المسيحي ! و أضاف بوش: إن هذا يعني بأن نبوءة الإنجيل حول ياجوج و ماجوج بصدد التحقيق هناك ! و يقول الصحفي جون كلود موريس بأن الرئيس شيراك كاد لا يصدق ما يسمعه، فهو يعرف بأن الرئيس دابليو بوش متدين لكنه أصيب بالذهول حين أدرك درجة التردي التي يمكن أن يسقط فيها رئيس أعظم قوة عسكرية في العالم ! و الرئيس شيراك بعد هذه المكالمة الغريبة التي لم يعلق خلالها على كلام بوش، أصر على فهم أعمق لمعنى ياجوج و ماجوج، فدعا أقرب مستشاريه و أعلمهم بمحتوى المكالمة البوشية و طلب إليهم تحرير نص يشرح له ياجوج و ماجوج ! و بالطبع ضحك المستشارون و اندهشوا لكنهم قدموا بعد ذلك للرئيس شيراك لمحة عن ذكر الإنجيل لياجوج و ماجوج. و يواصل الكاتب التعليق على الحادثة ( بل الكارثة ) فيقول: بعد يوم واحد من المكالمة الهاتفية العجيبة شاهد الرئيس شيراك على شاشة التلفزيون نظيره الأمريكي بوش يكرر نفس عبارات ياجوج و ماجوج في مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض ! و في هذا المؤتمر نطق بوش بعبارة ( محور الشر) وهنا أراد الرئيس شيراك أن يلم أكثر بهذه الأساطير فلم يتوجه إلى مستشاريه في قصر الإيليزيه خشية تسريب معلومات ولكنه طلب تقريرا من عالم دين سويسري هو السيد توماس رومير أستاذ اللاهوت المسيحي في جامعة لوزان. و جاء تقرير هذا العالم الجامعي مثيرا لدهشة شيراك لأنه شرح بأن ظهور ياجوج و ماجوج في الكتابات المقدسة المسيحية يعلن نهاية العالم بهجوم جيش أسطوري على إسرائيل لمسحها من وجه الأرض ! و يضيف تقرير الأستاذ السويسري بأن كتاب الخلق في العهد الجديد يعلن أيضا بأن جيشا عالميا لا بد أن يتشكل ليقضي على ياجوج و ماجوج وينقذ شعب الله المختار ( أي إسرائيل!) و تأذن تلك الحرب بميلاد عالم جديد !يقول الكاتب جون كلود موريس : ” شعر الرئيس شيراك بارتباك لأن مجرد الإعتماد على الأساطير لدى أي عقل فرنسي هو مثير للضحك لكنه في هذه الحالة مثير للقلق و الخوف، لأنه يطرح إشكالية إنطلاق قرارات عسكرية و سياسية خطيرة من مجرد قراءة للنصوص الدينية. و هنا أدرك الرئيس شيراك بأن بوش الإبن يعتقد راسخ الإعتقاد بأن جيشا عالميا إسلاميا متشددا يهدد الغرب لأن الغرب يساند إسرائيل و ما العدوان على منهاتن يوم 11 سبتمبر لديه سوى بداية تنفيذ المخطط ! و علق شيراك للصحفي على هذه الحادثة بالقول: " إنهم لا يفهمون شيئا من الشرق المعقد و إن هذا الجهل الفادح سوف يؤدي بنا إلى كارثة. فهم لا يفقهون سوى أن الأمر يتعلق بصراع بين السنة و الشيعة. و الذي أتوقعه هو أن حرب العراق سوف تتحول إلى حرب أهلية يذهب ضحيتها عديد المدنيين الأبرياء، و أن القاعدة سوف تجد في العراق مرتعا سهلا للتوسع و جمع الأنصار. و بعد سنة من الحرب سوف يضاعف الأمريكان عدد جنودهم هناك و يموت منهم ثلاثة ألاف، و ربما لن يكون الخيار بعد سنوات بالنسبة لواشنطن سوى بين مضاعفة القوات أو .....الإنسحاب!"هذا كان رأي الرئيس شيراك منذ خمسة أعوام !

*رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس

No comments: