مُنتقدُو "التعاطي الرسمي التونسي مع الإسلام" يتساقطون
:المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"
لغة الخطاب السياسي في تونس تتكئُ الآن على أبعاد عروبية إسلاميّة
بن حديد: صورة تونس تكون من خلال آراء أبنائها الذين يعطون للدين صورة جيدة وليس من خلال آراء خارجية
العرفاوي: الضباب بدأ يبتعد عن مرآة حقيقة الإسلام في تونس
بثت قناة العربية مؤخرا حوارا أجراه الإعلامي تركي الدخيل مع الشيخ سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
حول مقاله الأخير الذي نشره بتاريخ 11 أفريل 2009 الّذي راجع فيه مواقفه السابقة ضد تونس والتي كان يحمل عنها "انطباعا غير جيد" ليفاجئ المشاهدين بآرائه الجديدة التي ثمن فيها المكانة التي يحظى بها الإسلام في تونس والانفتاح الذي تشهده البلاد في محيطها العربي والإسلامي هذا وقد جاء في مقال المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم(مؤسسة شبه حكومية ) المعنون بـ"الإسلام والحركات" والذي أثار ضجّة إعلامية وسياسية أنه زار بلدا إسلاميا "كنتُ أحملُ عنه انطباعا جيدا وسمعت غير مرة أنه يضطهد الحجاب ويحاكم صورياً ويسجن ويقتل ( ...) وجدتُ أنّ مجريات الواقع الذي شاهدته ( في زيارته الأخيرة لتونس بدعوة من المنظمة العربية للثقافة والعلوم الإيسسكو، بمناسبة مؤتمر عن الشباب المسلم و تحديات المستقبل ) مختلف شيئاً ما، فالحجاب شائع جداً دون اعتراض، ومظاهر التدين قائمة، والمساجد تزدحم بروادها من أهل البر والإيمان.
ويضيف في ذات السياق أنه سمع لغة الخطاب السياسي فرآها " تتكئ الآن على أبعاد عروبية إسلامية، وهي في الوقت ذاته ترفض العنف والتطرف والغلو وهذا معنى صحيح ومبدأ مشترك لا نختلف عليه". ويضيف في تصريحاته للعربية أن هذه اللغة تتكئ على " القيم الإسلامية بغض النظر عما هو الدافع له" وهو ما يؤكد حسب رأيه "عمق الإسلام في تونس". وفي رده عن مواقف البعض التي تعتبر الحضور الإسلامي في اللغة السياسية المحلية عائد لطبيعة الخطاب السياسي في تونس الذي "يتترّس" بالإسلام يجيب بأن ذلك دليل على أن "الإسلام (في تونس) عميق الجذور في البلد". وفي سؤال لمقدم البرنامج تركي الدخيل عن مصير الكتب التي حملها معه أوضح الشيخ سلمان العودة أن "كتبي وكتب مؤسسة الإسلام اليوم تم توزيعها على حضور المؤتمر وعلى الضيوف وعلى الأعضاء". وفيما يخص ملف الإسلاميين في تونس اعتبر رئيس مؤسسة الإسلام اليوم أن تونس تتعاطى بانفتاح معهم مثلما تتعاطى ليبيا مع الحركات الإسلامية داخلها.تعليقات ومواقفوفي تعليقه على هذه التصريحات الأخيرة للشيخ سلمان فهد العودة التي راجع فيها مواقفه بخصوص تونس يعتبر الكاتب الصحافي نصر الدين بن حديد بأنه لا توجد اطلاقيات فيما يتعلق بمواقف الأشخاص من القضايا الراهنة وبأنها قابلة دائما للتطور وبأنّ آراء الشيخ سلمان العود القديمة غير متأكدة وأن تغير مواقفه أتى عندما توضحت له مجريات الأمور في تونس وبالخصوص فيما يتعلق بالإسلام. ويرى بأن صورة تونس تكون من خلال آراء وتطلعات أبنائها الذين يعطون للدين صورة جيدة وليس من خلال آراء الغير من خارج تونس الذين يعطون صورة كما تحلو لهم والتي تعتبر غير محددة. إلى ذلك يرى متابعون للشأن الداخلي بأنّ تونس تشهد في الآونة الأخيرة انفتاحا على الشأن الديني من خلال الزيارات المتتابعة لرموز إسلاميين يصفهم البعض بالــ"معتدلين" من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي بمناسبة افتتاح تظاهرة "القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية" والذي أحدثت زيارته جدلا كبيرا بين العلمانيين والإسلاميين بسبب كتاباته السابقة التي كفّر فيها بعض المثقفين أمثال الشاعر صغير أولاد أحمد ومؤخرا رئيس مؤسسة الإسلام اليوم الشيخ سلمان العودة، هذا إضافة لمظاهر أخرى من التوجيه الديني وذلك بإنشاء بنك الزيتونة الإسلامي لرجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري وإحداث إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم وبعث قناة تلفزية دينية "حنبعل الفردوس".
جمال العرفاوي صحفي بجريدة الصحافة ومراسل موقع"مغاربيّة" من تونس:ما أقدم عليه العودة ستكون له توابع ايجابية على صورة تونس لدى شريحة كبيرة وواسعة من التيارات الاسلامية الأخرى أعتقد أنّ ماقام به العودة ... يعبر عن شجاعة لا جدال فيها ، كما أعتقد ان الاعترافات التي أتاها الشيخ سلمان العودة لا لبس في صدقيتها لاني لا اظنّ أنّ هذا الرجل يسعى إلى نيل رضا جهة رسمية أو مؤسسة حكومية: كانت للرجل مواقف لا مبرّر لها سوى عدم معرفته للواقع التونسي فهو يجمع معلوماته من محدثين أو من أخبار متنا ثرة تنشر هنا وهناك بالاضافة الى موقف التيار الاسلامي الخليجي خاصة والعربي عامة من تونس وما ينقل عنها من تحرر نسائها وعلمانية دولتها ، هذه الفكرة تعاظمت مع مرور الأيام ومنذ اطلاق مجلة الاحوال الشخصية وأصبح تعاطي هؤلاء مع المسالة الدينية في تونس كما تعاطى الشيخ محمد الصالح بن مراد مع كتاب الطاهر الحداد " هذا على الحساب إلى أن أقرأ الكتاب". وبالتوازي مع هذه المسلمات الخاطئة تعرضت تونس منذ اندلاع المواجهة السياسية والأمنية وما تبعها من محاكمات للتيار الديني أواخر ثمانينات القرن الماضي ، تعرضت إلى حملة منظمة من قبل تيارات الاسلام السياسي استخدمت فيها جميع أنواع الأراجيف إلى حدّ الادعاء بأنّ دخول المساجد في تونس لا يتم الا بعد الاستظهار ببطاقة مغناطيسية معدة للغرض، ومازالت هذه "الكذبة" تتردد إلى اليوم في العديد من المواقع الاسلاموية ، ولكن ما حصل خلال الاشهر القليلة الماضية أنّ الضباب بدأ يبتعد عن مرآة الحقيقة كما يقال وخاصة بعد زيارة الشيخ يوسف القرضاوي الذي أعطى تصريحات تناقض ما كان يردده عن تونس وهو الذي طالب في يوم من الايام باعادة فتحها من جديد . اما عن تراجع الشيخ عودة عن المسلمات السابقة التي كان يحملها عن تعاطي الحكومة التونسية مع المسألة الدينية وهي سلبية لا محالة فندها اليوم وقوفه شخصيا على أرض الواقع ، وهنا لا أود الدخول في التفاصيل ولكن يكفي ان أشير الى القلق الكبير الذي أصاب التيار العلماني في تونس من العودة القوية للتدين وكان من مظاهره تزايد عدد المحجبات بشكل ملفت ليس في الشارع فقط بل في المؤسسات العمومية . أعتقد أنّ ما قام به العودة من مراجعة جذرية لمواقفه السابقة يحسبُ للرجل ويعبر عن شجاعة لا جدال فيها ، وبغض النظر عن موقفي الشخصي منه ومن غيره من الشيوخ الا أنّ ما أقدم عليه ستكون له توابع ايجابية على صورة تونس لدى شريحة كبيرة وواسعة من التيارات الاسلامية الأخرى ، ويكفي العودة اليوم لقراءة التعاليق حول حواره الأخير مع قناة العربية والذي أدارهُ الاعلامي تركي الدخيل ، وهي تعاليق لم تعد تصب في خانة واحدة كما تعودنا في كل مرة تطرح فيه المسألة الدينية في تونس.
(المصدر: صحيفة "السياسة" (يومية – الكويت) الصادرة يوم 6 جوان 2009)
(المصدر: صحيفة "السياسة" (يومية – الكويت) الصادرة يوم 6 جوان 2009)
No comments:
Post a Comment