Search This Blog

Friday, September 17, 2010

Les USA ont perdu mais l'Irak....

خسرت امريكا والعراق لم ينتصر.

فيصل جلول

تؤكد صحيفة "لوموند" الفرنسية ان الرئيس المصري حسني مبارك نصح نظيره الامريكي السابق جورج بوش بتعيين جنرال عراقي معتدل رئيسا للعراق بعد سقوط النظام البعثي لكن بوش الابن رفض هذا الاقتراح وفضل ان يغري الشعوب العربية بحكم عراقي تتولاه مجموعات معارضة من كل الاطياف الدينية والعلمانية على ان يكون نموذجا يحتذى في محيطه.وثمة من يعتقد ان بوش كان حرا في اسقاط النظام السابق فقط وكان عليه ان يوافق على ما يختاره اية الله علي السيستاني من بعد ذلك ان المرجع العراقي كان يريد رحيل الامريكيين فور سقوط البعث الى ان اقنعه وزير لبناني سابق كان يعمل مع الامم المتحدة بالتروي حتى تنهار اجهزة الحكم البعثي ولا تعود قادرة على الالتئام من جديد وان هذا الامر يحتاج الى بعض الوقت.

اكبر الظن ان الرئيس بوش شكل الحكم العراقي بطريقة كلاسيكية اعتمدها الغزاة على مر التاريخ اذ عين ممثلين عن القوى التي ساندت الاحتلال او وفرت التغطية الاخلاقية الضرورية اوشاركته في اجتياح العراق وبما ان هذه القوى كانت منظمة على اسس طائفية واثنية وكانت تعارض البعث الاندماجي بطرق مذهبية وعرقية وبما ان البيئة الحاضنة للمقاومة العراقية قد انحصرت في وسط العراق ومنعت من الامتداد عبر التيار الصدري الى الجنوب والى مناطق الاكراد في اقصى الشمال فقد اقام هؤلاء تحت الاحتلال حكما فئويا وكل منهم يسعى لان يكون مجمل الحكم العراقي مفيدا لجماعته وصارت وحدة الحكم المركزي الاندماجي بالنسبة لهؤلاء وللمحتلين معا ارثا "بعثيا" جديرا بالمنع والمكافحة.

ما من شك ان الغازي الامريكي صار اليوم أسير الحكم العشوائي الذي شكله فهو دليل لا يخطيْ على وجوب رفض التغيير بمساعدة امريكية ودليل على وجوب رفض "الديموقراطية الشكلية" التي ترعى التنازع بين الناس وترسخ انقساماتهم وتحول دون تعاونهم في بناء بلدهم واستثمار خيراته وحل مشاكله والدفاع عنه بمواجهة الطامعين والمتدخلين في شؤونه.واخيرا يظهر هذا الحكم ما الذي يمكن ان تأتيه قوة عظمى عندما يمسك بزمامها رئيس شعاره. "... و نجهل فوق جهل الجاهلين" .

لقد جاءت واشنطن الى العراق لتحل مشكلة حاكم ما انفك يرفع بوجهها شعارات التحدي وها هي تستعد لمغادرة بلاد الرافدين بعد سقوط الحاكم مخلفة مشاكل عراقية بالجملة فالبلد غير قابل للحكم جراء تقاسم السلطة ومراكز القرار بين الاعراق والمذاهب والحكم الراهن غير قابل للحياة جراء تنازع اطرافه حتى الموت الامر الذي يتسبب بازمة مستعصية مع كل استحقاق سياسي يطول حلها ويستدعي تدخلات خارجية بالجملة من اطراف غالبا ما تحقق مصالحها الخاصة عبر البوابة العراقية. بكلام اخر يمكن القول ان واشنطن تعمدت تحطيم الحكم المركزي العراقي في بيئة متعددة الاثنيات والطوائف و تحكمها أنظمة مركزية سواء في تركيا او ايران الامر الذي فتح شهية جيران العراق على التدخل اليومي في شؤونه والحؤول دون استقرار الحكم فيه وان كان البعض يشك في نوايا واشنطن المسبقة في ضرب الحكم المركزي العراقي فمن الصعب تحريرها من الاهمال او الجهل ازاء تفكيك هذا الحكم عبر قوانين اجتثاث البعث اواغتيال النخب العلمية وترويع اركان الدولة واجهزتها السابقة.

والبادي ان مصير الحكم العراقي بعد رحيل القسم الاكبر من القوات العسكرية الامريكية رهن باحتمالات ثلاثة الاول توحي به المقاومة العراقية التي تتوقع انهيار الجماعات الحاكمة فور خلو بغداد من الاجانب وعودة النظام المركزي السابق عبر تجميع اجهزته وقواته المنبثة وسط الناس داخل وخارج العراق والاحتمال الثاني يوحي به اركان الدولة الحالية الذين يجزمون بان الكتل العراقية ستتوحد ضد البعثيين والمركزيين وربما تعمل على اجتثاثهم بالقوة المسلحة اذا ما جربوا حظهم بالعودة الى الحكم وان هذه الكتل يمكن ان تتقاسم الثروة العراقية وان تحكم كل منها مناطقها دون تدخل الاخرين كما هي الحال في الامارات العربية المتحدة والاحتمال الثالث وربما هو الارجح مع الاسف الشديد وهو يفيد ان مصير الحكم العراقي بعد الاحتلال تقرره نتائج الحرب الاهلية الحتمية التي ستنشب بعد رحيل الامريكيين الذين لا يريدون اليوم ان تعم هذه الحرب حتى لا يصيبهم ضررها لكنهم ربما لا يعبأون كثيرا اذا ما اندلعت وبقيت نيرانها محصورة بالعراق وحده كما هي حال الصومال الذي يعاقب باهمال القوى العظمى لمصيره جراء تمرده على الارادة الامريكية وسحل الجنود الامريكيين في شوارع مقاديشو.

المؤكد ان الولايات المتحدة خسرت حرب العراق ولعل هذه الخسارة اكبر من نظيرتها الفييتنامية الا انها مع الاسف الشديد لم تفضي الى منتصر عراقي قادر على تثمير الهزيمة الامريكية في مشروع عراقي مركزي ضامن للسلم الاهلي والتعايش المشترك القائم على التسامح والاعتراف المتبادل بالمصالح الخاصة لكافة مكونات الشعب العراقي. نعم هزمت امريكا في العراق دون ان يتمكن الشعب العراقي من الاحتفال بالنصر.

.

No comments: