مليون دولار ثمن الصفحة الواحدة من (المعلقة) التي ألقاها الرئيس
العراقي في نيويورك
....!!!
ولم يذكر فيها اسم العراق....!!!!
2011-10-01 :: رباح آل جعفر ::
الرحلة التي قام بها الرئيس جلال طالباني إلى نيويورك وحسب الوثيقة التي راجت عبر وسائل الإعلام كلّفت ميزانية العراق مليوني دولار فقط ، وهو رقم مُذهل بكلّ المعايير .. أمّا سبب هذه الرحلة فكان تمثيل العراق وإلقاء كلمة في اجتماعات الأمم المتحدة ، فإذا افترضنا أن كلمة الرئيس لا تزيد عن حجم صفحتين ، وأظنّها كذلك ، فهذا يعني أن ثمن كلّ صفحة تساوي مليون دولار !.
والآن .. اجمعوا المعلقات السبع من امرئ القيس في ( قفا نبك ) إلى ( دار عبلة ) لعنترة العبسيّ ، ومرّوا بالنابغة الذبياني في ( دار ميّة ) ، ولا تنسوا ديار لبيد بن ربيعة العامريّ التي عفت محلّها فمقامها ، وسلّموا على دار زهير بن أبي سلمى التي وقف بها من بعد عشرين حجّة كأنها ( مراجيع وشم في نواشر معصم ) ، وقفوا عند أطلال طرفة بن العبد التي ( تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد ) ، ثمّ انتسبوا إلى الديار والأحجار والآثار كلّها ، واستذكروها وناجوها واقروها السلام في قلوبكم حتى تأتوا عند دار أبي نؤاس التي لا نعرف ماذا فعلت بها الأيام ؟!.
ويقيناً لو أننا تقاسمنا مع أولئك الشعراء أحلامهم المزهوّة الطريّة الجميلة ، وعمّرنا تلك الديار التي نظموا لها بديع القوافي ( ودياراً كانت قديماً ديارا ) ، فإنها لن تكلفنا شيئاً يسيراً من هذا الرقم .. ولو أنهم جميعاً وقفوا يُلقون عيون الشعر من حلو الدواوين !.
هذه الوثيقة لو صحّت فإنها واحدة معلنة بين حشد من الوثائق التي لم تُكتشف بعد ، فلا نعرف الأرقام السريّة التي ترافق ايفادات المسؤولين وجولاتهم ، وكثير من سفراتهم التي لا طائل من ورائها سوى هدر المال العام للحساب الخاص .
نترك الشعر العربيّ جانباً ، ونطوي المربد وسوق عكاظ ، وكذلك سوق الخطابة في الأمم المتحدة ، لنقرأ هاتين الحكايتين المرويّتين من تاريخنا القريب ، بلا رتوش أو تزويق أو تزيّد في الكلام :
ففي يوم من الأيام ترأس علي جودت الأيوبي وكان رئيساً للوزراء ، وفد العراق لحضور مؤتمر في اسطنبول ، وعندما انتهى المؤتمر ، لم يعد كما هو مقرّر في برنامجه الرسمي إلى بيروت ومن ثمّ إلى بغداد ، إنما جال في خاطره أن يذهب إلى دمشق في زيارة خاصة .. وعندما قدّم إلى المحاسب فاتورة بنفقات سفره ، شطب المحاسب ، دون تردّد أو محاباة ، فقرة أجور التاكسي من بيروت إلى دمشق .. لحظتها لم يغضب الأيوبي ، أو يمتعض .. إنما سأل المحاسب برقة ولياقة :
لماذا قطعت العشرة دنانير بدل إيجار السيارة التي أقلّتني من بيروت إلى دمشق ؟..
وجاء ردّ المحاسب وافياً شافياً :
برنامجك المقرّر ، يا سيّدي ، لم يكن يتضمّن زيارتك إلى دمشق ، ولم تكن في مهمّة رسميّة .. لذلك يتعذّر عليّ تسديد مبلغ التاكسي .. آسف !!.
أمّا رئيس الوزراء الآخر نوري السعيد ، فقد فوجئ يوماً باستقطاع مبلغ عشرة دنانير من راتبه لحساب السكك الحديد ، عن حجزه عربة صالون في زيارة سياحية إلى البصرة .. تأمّلوا ؟!.
ومع ذلك كله ، يلحّ على خاطري هذا السؤال المرير ، وفي هذه اللحظة :
أين العراق، بكلّ دياره الشجيّة، في كلمتك يا سيادة الرئيس ؟!.
No comments:
Post a Comment