في الصميم
مرة أخرى تثبت قيادة حركة النهضة أنها غير قادرة على الفعل السياسي إذ يقتصر حضورها على استغلال مآسي أبنائها من قواعد و أنصار.لقد تناولت هذه القيادة في السابق ملف المساجين من خلال استثماره كورقة للتشهير بالسلطة و لم تكن يوما جادة في اتجاه حل
لتلك المأساة بل تصدّت لكل المحاولات التي أرادت إنهاء هذا الملف.
وها هي اليوم تحاول من جديد قطع الطريق على تناول ملف العودة. إذ بعد أن فشلت في صدّ قواعدها عن الالتحاق بمبادرة جادة انطلقت منذ سنة 2006، وتحقق من خلالها عودة عشرات اللاجئين، قامت بمحاولة التفاف على هذا الملف مع مجموعة من المهاجرين وبعض الأطراف على الساحة السياسية التونسية بعقد مؤتمر "منفيون" كان منبرا لكيل السباب والتهم لكل من خالفهم
الرأي و"محطة" في أجندتهم الحزبية.
وها هي، أيضا، هذه القيادة نفسها تصدر بيانا بتاريخ 12 اوت 2009 لتتهجّم من خلاله على مجموعة من أعضائها وأنصارها السابقين رفضوا تسلط هذه القيادة وفرضها لنهج أضرّ بالعباد و البلاد، واختاروا طريق التصالح مع سلطة بلادهم برغم الضغوطات والتهم الكاذبة التي ما فتئت أبواق هذه القيادة في الخارج تكيلها إليهم ظلما وعدوانا وضغوطا تمارسها على كل من أراد الالتحاق بهذا الخيار.وبهذه المناسبة نريد أن نذكّر هذه "القيادة" بالحقائق التالية:
1- إن من اختار طريق المصالحة والعودة اختارها طوعا دون إلزام من أحد وبالتالي فان هذا الخيار هو تعبير عن وعي هؤلاء بالواقع من ناحية و تقديم المصلحة العامة ورفض الحزبية الضيقة من ناحية أخرى. كما أن العقد سينفرط من حول هذه القيادة
لاستمرارها في الهروب إلى الأمام ومعارضتها غير الواقعية لطبيعة الأشياء واستنكافها عن مراجعة نفسها تعنتا ومراوغة.
2- إن معارضة طبيعة الأشياء ومعاكسة الواقع من قِبل بعض الرموز "القياديّة" من أجل مصالح ذاتيّة و مسايرة لبعض أحقاد شخصية لن يزيدهم إلا عزلة وتهميشا، لا فقط عن واقع أهلهم وبلادهم، الذي لا نظن أنهم قادرين على فهمه، وإنما حتى على بسط نفوذهم مستقبلا على ما تبقى من الطيبين المغرّر بهم باسم قدسيات لا علاقة لها بحقيقتهم.
3- إن نعت هذه "القيادة" العدمية لمن خالفهم " بالسماسرة" مردود عليهم لأنهم يُدركون أكثر من غيرهم أن كل من اقتنع بهذا المسار الذي انتهجناه، لم يكن يوما سمسارا بمال أو بسياسة أو بمآسي الآخرين، وإنما استطاع هؤلاء مراجعة مسيرتهم بكل شجاعة وحرّية، دون أن يكونوا في يوم من الأيام مدينين لأحد بمال أو جاه كما هو حال العديد ممن يزايدون علينا اليوم.وبهذه المناسبة فإننا ندعو كل من لا يزال في نفسه تردد أن يأخذ قراره بيده ويطرح تساؤلات مشروعة: لماذا تُصر هذه القيادة على عدم طرح حوار علني لتقييم أدائها؟
ولماذا المحافظة على خط المغالبة دون سواه من خلال تحالفات مشبوهة مع بعض القوى الهامشيّة؟
ولمصلحة من يكون الإصرار على الأخطاء؟كما ندعو كل هؤلاء إلى التصالح عبر العودة إلى الأهل والوطن وعبر القطع مع نهج المزايدة والمغالبة، لأن في ذلك ملامسة للواقع وإدراك لحجم الأخطاء التي ارتكبت..
إنها عودة الخيار الواعي لا عودة المزايدة والإقصاء.
الأزهر عبعاب
تونس، في 16 أوت 2009
No comments:
Post a Comment