بيان تجميد العضوية بحركة النهضة
عبد الفتاح مورو و الفاضل البلدي و بنعيسى الدمني
الحمد لله وحــــده
لقد تبيّن لنا نحن الممضين أسفله عبد الفتاح مورو و الفاضل البلدي و بنعيسى الدمني تورّط بعض الشباب المنتسب إلى حركة النهضة في حادث الاعتداء الأليم على مقر لجنة التنسيق الحزبي للتجمع الدستوري بباب سويقة و ذلك بموافقة بعض قياديها، و نحن نعتبر هذه التصرفات غير مسؤولة و قد استغربنا القيام بها من قبل أناس ينتمون لحركتنا رغم تنافيها مع خياراتنا السياسية و بالمناسبة نجدد تنديدنا بهذا التصرف الغير مسؤول من موقع مبدئي مؤكدين التمسك بالوسائل السلمية وملتزمين بالعمل بكل ما أوتينا من قدرة على استبعاد الأساليب الغير مسؤولة لإيماننا قطعيا بأنها غير موصلة و غير مناسبة لمجتمعنا و لا تخدم مستقبل بلادنا العزيزة التي نريد أن تسودها قيم التسامح و التعاون بالإضافة إلى رفضها من قبل قيمنا الدينية و الحضاريّة.
ولا يفوتنا بالمناسبة أن ننبه إلى ضرورة تضافر جهود الجميع لإبعاد كل ما من شانه أن يُعكر الأجواء و يسيء إلى بلادنا عسى أن يتوفّر المناخ المساعد على العطاء خاصة في هذه الظروف التي تحتاج فيها بلادنا إلى الاعتبار و التعاون و التماسك من اجل مستقبل مشرق.
و تأسيسا على ما ذكر فإننا نعلن ألان تجميد عضويتنا و نشاطنا داخل حركة النهضة في انتظار ما يمكن أن نتخذه من قرارات في مستقبل قريب و ندعو كل ذوي العزائم الصادقة إلى استبعاد مثل هذه التصرفات بما يُساعد على دفع المخاطر و توفير فرص النهوض و التقدم.
و الله ولي التوفيق.
والســـــلام بتاريخ يوم 7 مارس 1991
عبد الفتــاح مـورو الفـــاضل البـلدي بنعيسـى الـدمني
Archives de l’Institut Tunisien des Relations Internationales (I.T.R.I)
http://tunisitri.wordpress.com/about/
إفـصـاح عـن بـعـض الـمـسـتـور ... كـتـبــه : فـاضـل الـبـلـدي
بتاريخ : 2010-03-05
ا
بسم الله الرحمان الرحيم
إفصاح عن بعض المستور
عندما يجيء الأسبوع الأول من شهر مارس من كل سنة، تعود بي الذاكرة إلى لحظة تاريخية خطيرة في حياتي هي ذلك القرار بتجميد العضوية في حركة النهضة.
و هو قرار لم يكن من السهل عليَ اتخاذه و لا على بقيَة الإخوة الذين شاركوني فيه لأن اللحظة كانت لحظة ابتلاء و فتنة من جهة، و هي لحظة زحف و إنفاذ خطة من جهة أخرى، و قد كنت في موقع القيادة رئيسا لمجلس الشورى العام، و كنت أملك أن أتخفَى و أستتر عن المتابعة و الملاحقة، كما كنت أملك أن أسخَر أجهزة الحركة و تنظيمها لتؤمن لي الفرار و الهجرة نجاة بنفسي و تجنبا لمثل ذلك القرار الخطير القابل للتأويل، و كنت من ناحية أخرى أدرك أن النظام ماض في مواجهة الحركة و قد علم خطتها و أهدته الأحداث مبررات كافية للمضي فيها.
كما كنت أدرك عدم قدرتي عن ثني إخوتي عن المضي في خطتهم و اختيارهم و قد عجزت عن ذلك بالأمس القريب عندما كان الوضع مريحا و الصفَ مجتمعا و الحجَة قوية من الناحية العملية و الدستورية.
و كنت أظنَ أن المرحلة تحتاج إلى رجَة وعي قوية و خطوة نوعية و جريئة توقف التدهور و تمنع الأخطر Le pire و تنقذ ما تبقى و يمكن أن تعين على ثواب الطرفين إلى الرشد، سلطة و حركة.
و لكنَي اخترت و رفيقاي عبد الفتاح مورو و بن عيسى الدمني التجميد و أعلنا عن ذلك بكل شجاعة و مسؤولية، و تأوَل الناس ذلك القرار تأويلات متباينة:
- فاعتبره البعض خوفا و جبنا و توليَا يوم الزحف و طلبا للنجاة الفردية و خيانة للحركة و خذلانا لإخوان المسيرة و مساعدة للنظام على الإثخان في الحركة الإسلامية أي حركة النهضة.
- و اعتبره آخرون شجاعة و جرأة و خطوة قابلة للاستغلال الإيجابي من طرف الحركة و النظام على حدَ سواء.
* تستغله الحركة فتراجع خطتها و تكيَفها تكييفا سياسيا بما يبيَن و يؤكد خيارها السلمي من حيث الهدف و الوسائل.
* و يستغله النظام فينفتح على المبادرة انفتاحا إيجابيا فيكيَف قراره في مواجهة الإسلاميين فلا يتوسَع كما فعل و لا يثخن كما حدث و يترك المجال فسيحًا للمراجعة.
و في الخلاصة الأولية فإن تلك الخطوة كانت عصيَة على الفهم و الإدراك في ذلك الوقت و لم تنفع في وقاية البلد من فتنة كبيرة كما لم تنفع في وقاية أصحابها إلا من الفتنة المغلطة ممثلة في السجن أمَا ما دون ذلك من المتابعة و الملاحقة و التضييق و التجويع و سوء الظنَ و فساد التأويل فقد وقع منه الشيء الكثير.
و قد نجح الماكرون و النمَامون و الفتَانون من خصوم الإسلاميين في التشكيك في نوايا أصحاب المبادرة، فلم يستمرَ انفتاح السلطة عليهم إلا بضعة أشهر استفادت منها في تصفية حضور الحركة الإسلامية في المجتمع خاصة و قد كانوا عصيَين عن الابتزاز السياسي.
و اليوم وقد مضت على تلك المبادرة تسعة عشر سنة و أصبح ممكنا تقييمها بقدر طيَب من الموضوعية بعيدا عن سوء التأويل و الانفعال، أقول:
أ - لقد كانت تلك الخطوة و ذلك القرار اجتهادا بشريا و الاجتهاد يحتمل الخطأ و الصواب.
ب – أنا لا أعفي نفسي من المسؤولية فيما جرى للحركة الإسلامية و لا أنزَه نفسي عن الخطإ و أحسب أنَي كنت غير قويَ بالقدر الكافي في الدفاع عن وجهة نظري و ربما كنت مسالما زيادة عن اللزوم فلم أقدر و عدد من إخواني على ثني رفاقنا عن المضي في تلك الخطَة الخاطئة و المغامرة و كان حرصنا على الوحدة و الاجتماع سببا غير مقبول و لا مبرَر في السكوت على القرار الخطإ و التوجه الخطإ.
ج – لقد نفع ذلك القرار و الاجتهاد في أن أبقى شاهدًا على ما يجري في الوطن و أن أقنع بهامش من الحرية، و لو قليل، ساعدني على أن أسدي بعض الخدمات و أنفع بعض النفع و أن أحافظ على ولائي للفكرة بقطع النظر عن اللافتة إذ لا عبرة بلافتة لم يعدْ يسعها الواقع و لا المصلحة.
د – أنا أحمد الله على أني لم أبدَل و لم أغيَر و لم أبْتل بسجن يؤذي النفس و الجسد و الأسرة و لم أفتن بهجرة تبتليني بالرَفاه و الوجاهة و التنازع كما أرى و أسمع و قنعت بالبقاء في الوطن أساهم بأقدار متواضعة في صناعة الوعي و شحذ الهمم و الدفاع عن مفاهيم التدافع الإيجابي و الحوار و التواصل، رغم الظروف الصعبة.
هـ - أنا اليوم أشدَ اقتناعا بالتميَز و التمايز و مهموم بتنضيج رؤية متكاملة تساعد على توطين الحساسية الإسلامية و جعلها مقبولا بها مقتنعا بضرورتها و أهميتها في الإثراء و التوازن و دعم التنمية السياسية و الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية.
و – أنا مؤمن إيمانا راسخًا بأن الحركة الإسلامية شأن عام ملك للبلد و الشأن العام معرًض للنقد و التعديل و التجريح و هي إلى ذلك اجتهاد بشري و لا عصمة للبشر مهما علا شأنه و ذاع صيته.
فاضل البلدي
5مارس 2010
No comments:
Post a Comment