حقائق الغلاف
بعد تجميد أربعة أعضاء من مكتبها السياسي
هل انتهت النهضة ؟
عشرون يوما بعد مبادرة مورو والدمني والبلدي والتحاق البحيري والعبيدي بالمجموعة أصبحت" النهضة " جسما بدون رأس في غياب بعض الرموز الإسلامية واختيارها العمل في المنفي دون اعتبار الواقع الحقيقي للبلاد .
أن الجسم بدون رأس والرأس بدون جسم يجعل كلا منهما يتفكك ويضمحل فأما أن ينشط الجسم لتكوين رأس جديدة وأما أن يكيف الرأس الجسم حسب منهجه.
فعدم التجاوب بين العضوين جعل الأزمة داخل الحركة الإسلامية تحتد والسؤال المطروح اليوم هو : هل انتهت النهضة بهذا الانفصام ؟ّ
كان من المفروض أن يتحرك الجسم ايجابيا أو سلبيا ولكن بعد مضي ما يقارب العشرين يوما تكاثرت التساؤلات في داخل الحركة الإسلامية وخارجها وتخوفت بعض الإطراف من اتخاذ إي موقف ما دام الأمر لم يتوضح بعد . وتعيش الساحة السياسية نوعا من الانتظار وان صرح البعض بان المرحلة دقيقة وليس المطروح الملف الإسلامي فقط فان البعض الآخر اختار السكوت ...
إذا ما فشلت
السكوت علق عليه الشيخ مورو في خصوص المعارضة بأنها متخوفة من اتخاذ موقف ولهذا اختارت المعارضة أن
تترقب أما عن سكوت السلطة فيقول الشيخ مورو خصوصا بعد مقابلته لطرف منها بأنها هي أيضا تترقب بان تتوضح الأمور وان تأخذ المبادرة طريقها الإيجابي والمرتقب من الأعضاء الذين جمدوا عضويتهم .
ولكن عامل الوقت يمر والأحداث تتسلسل وتتزامن مع أزمات أخرى تتخبط فيها البلاد وعلى الجميع ترك الحسابات الضيقة والحزبية والعمل بجدية للخروج من المأزق. تونس اليوم في حاجة لكل طاقتها وأبنائها ولا يسمح لأحد التلاعب بهذه الطاقات والجر إلى وضع فوضوي يخدم مصالح أناس يعيشون بعيدا عن واقع بلادنا .
وان استعصي على المحلل أن يتكهن بنجاح أو فشل مبادرة الشيخ مورو فانه أمام كل هذه المعطيات يصح القول بان موقف النواة التي تكونت حول مبادرة مورو محكوم عليه بالنجاح لا لشنئ إلا لان تونس في حاجة إلى مرحلة طويلة من الانفراج لكي يعمل الجميع على دعم المسار الديمقراطي وترسيخ التعددية وفرض المصالحة الوطنية التي دعا إليها رئيس الدولة في خطاب 20 مارس .
ويتميز الوضع اليوم بان كل الإطراف – بعد مراجعة مواقفها – مهيأة للعمل من اجل إرساء المصالحة الوطنية لأنه ليس هناك أية بوابة أخرى للخروج من المأزق وهذا يتطلب تنظيم الحياة السياسية وأيضا لا بد من حصر الأزمة في إطار يمكن للجميع التصرف فيه وهذا الإطار ينحصر اليوم عند الإسلاميين وفهمهم للمجتمع المدني والخوف من انزلاق الأزمة نحو اطر أخرى يمكن أن تحدث فزعا كبيرا ... ولذا فان فشل مبادرة مورو قد يؤدي إلى حالتين .
انعكاس الفشل على الحركة الإسلامية التي تفقد يوما بعد يوم توازنها مما سيشل الطرف المعتدل ويبرز الطرف المتطرف ( أو الأطراف ) والرموز التي تعمل اليوم في السرية وتسعى إلى قلب موازين القوى لصالحها معتمدة على العنف والتصفيات الجسدية ومثال باب سويقة لا يزال في أدهاننا .
انعكاس الفشل على المجتمع المدني وكل القوى الديمقراطية (التي لم تعبر إلى هذا اليوم عن تأييدها أو عدم تأييدها لمبادرة مورو ) مما سيؤدي إلى كسر المصالحة وإحباط المسار الديمقراطي الذي جاء به بيان السابع من نوفمبر وإدخال البلاد في دوامة مد عنف منظم …
ليس المفهوم من الحالتين إن مبادرة مورو وحدها هي التي ستكون الحاجز ذلك أن ما جاء أيضا في رسالة المعارضة لرئيس الدولة وما اقره الرئيس وفتح الحوار من جديد بين الأحزاب والسلطة ولقاء مورو مع السيد صلاح الدين معاوية كل هذا سيؤدي " اوتوماكيكيا " إلى الانفراج وسيشكل أيضا الحاجز لبعض المتطرفين الذين تتلاعب بهم أيادي خارجية تسعى لضرب النهج الصحيح الذي اتخذته تونس منذ أزمة الخليج .
.
دور المعارضة والسلطة ...
إن أزمة الخليج أسقطت العديد من الأقنعة على الصعيد العالمي وحتى القومي وداخل بعض الحساسيات وخصوصا عند "الإسلاميين "حيث تعقدت الأمور بين القياديين وحتى في صفوف القاعدة النهضوية وليست مبادرة الشيخ مورو إلا النتيجة ( غير مباشرة ) للتناقضات والتباين في مواقف رموزها وكانت القطرة التي أفاضت كاس الاختلاف داخل الحركة هو العنف .. العنف الوحشي الذي أدى إلى القتل والتشويه وترويع تونسيين مؤمنين بالله ... وكان الشيخ مورو ورفاقه قد عبروا عن مواقفهم مبدئية ضد العنف وصرحوا بأن استعمال العنف كوسيلة لتحقيق المطالب ليس إلا ضربا لمبادئي الحركة مما جرهم إلى تجميد عضويته وربما إلي الانسلاخ من الحركة مستقبلا إن لم تكن هناك استجابة إلى مبادرته من الأطراف الأخرى و خصوصا من السلطة وقد أصبح الوضع اليوم داخل الحركة وضعا خطيرا حيث في غياب القيادة أربعة أعضاء مجمدين ، عضو مختفي ثلاثة في السجن ورئيس الحركة اختار المنفى لا يمكن لأحد التكهن بما قد يدور بين الأجنحة وقد عبر الشيخ مورو والسيد نور الدين البحيري عند هذا التخوف إذ قال الشيخ انه يخشي إن تنقل الأزمة الداخلية إلى الجامعة مثلا ...
هل يمكن الحديث إذا عن نهاية حركة النهضة بشكلها التنظيمي الحالي طبعا ؟!
الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بتطور مواقف الأطراف جميعا.. فأعضاء المكتب السياسي الذين جمدوا عضويتهم سوف تتطور مواقفهم بدون شك حسب المعطيات ولكن للسلطة والمعارضة والمجتمع المدني ادوار أخرى بنفس القدر من الأهمية على مستقبل الأمور ...
نجيب لاكانجي
ولكن عامل الوقت يمر والأحداث تتسلسل وتتزامن مع أزمات أخرى تتخبط فيها البلاد وعلى الجميع ترك الحسابات الضيقة والحزبية والعمل بجدية للخروج من المأزق. تونس اليوم في حاجة لكل طاقتها وأبنائها ولا يسمح لأحد التلاعب بهذه الطاقات والجر إلى وضع فوضوي يخدم مصالح أناس يعيشون بعيدا عن واقع بلادنا .
وان استعصي على المحلل أن يتكهن بنجاح أو فشل مبادرة الشيخ مورو فانه أمام كل هذه المعطيات يصح القول بان موقف النواة التي تكونت حول مبادرة مورو محكوم عليه بالنجاح لا لشنئ إلا لان تونس في حاجة إلى مرحلة طويلة من الانفراج لكي يعمل الجميع على دعم المسار الديمقراطي وترسيخ التعددية وفرض المصالحة الوطنية التي دعا إليها رئيس الدولة في خطاب 20 مارس .
ويتميز الوضع اليوم بان كل الإطراف – بعد مراجعة مواقفها – مهيأة للعمل من اجل إرساء المصالحة الوطنية لأنه ليس هناك أية بوابة أخرى للخروج من المأزق وهذا يتطلب تنظيم الحياة السياسية وأيضا لا بد من حصر الأزمة في إطار يمكن للجميع التصرف فيه وهذا الإطار ينحصر اليوم عند الإسلاميين وفهمهم للمجتمع المدني والخوف من انزلاق الأزمة نحو اطر أخرى يمكن أن تحدث فزعا كبيرا ... ولذا فان فشل مبادرة مورو قد يؤدي إلى حالتين .
انعكاس الفشل على الحركة الإسلامية التي تفقد يوما بعد يوم توازنها مما سيشل الطرف المعتدل ويبرز الطرف المتطرف ( أو الأطراف ) والرموز التي تعمل اليوم في السرية وتسعى إلى قلب موازين القوى لصالحها معتمدة على العنف والتصفيات الجسدية ومثال باب سويقة لا يزال في أدهاننا .
انعكاس الفشل على المجتمع المدني وكل القوى الديمقراطية (التي لم تعبر إلى هذا اليوم عن تأييدها أو عدم تأييدها لمبادرة مورو ) مما سيؤدي إلى كسر المصالحة وإحباط المسار الديمقراطي الذي جاء به بيان السابع من نوفمبر وإدخال البلاد في دوامة مد عنف منظم …
ليس المفهوم من الحالتين إن مبادرة مورو وحدها هي التي ستكون الحاجز ذلك أن ما جاء أيضا في رسالة المعارضة لرئيس الدولة وما اقره الرئيس وفتح الحوار من جديد بين الأحزاب والسلطة ولقاء مورو مع السيد صلاح الدين معاوية كل هذا سيؤدي " اوتوماكيكيا " إلى الانفراج وسيشكل أيضا الحاجز لبعض المتطرفين الذين تتلاعب بهم أيادي خارجية تسعى لضرب النهج الصحيح الذي اتخذته تونس منذ أزمة الخليج .
.
دور المعارضة والسلطة ...
إن أزمة الخليج أسقطت العديد من الأقنعة على الصعيد العالمي وحتى القومي وداخل بعض الحساسيات وخصوصا عند "الإسلاميين "حيث تعقدت الأمور بين القياديين وحتى في صفوف القاعدة النهضوية وليست مبادرة الشيخ مورو إلا النتيجة ( غير مباشرة ) للتناقضات والتباين في مواقف رموزها وكانت القطرة التي أفاضت كاس الاختلاف داخل الحركة هو العنف .. العنف الوحشي الذي أدى إلى القتل والتشويه وترويع تونسيين مؤمنين بالله ... وكان الشيخ مورو ورفاقه قد عبروا عن مواقفهم مبدئية ضد العنف وصرحوا بأن استعمال العنف كوسيلة لتحقيق المطالب ليس إلا ضربا لمبادئي الحركة مما جرهم إلى تجميد عضويته وربما إلي الانسلاخ من الحركة مستقبلا إن لم تكن هناك استجابة إلى مبادرته من الأطراف الأخرى و خصوصا من السلطة وقد أصبح الوضع اليوم داخل الحركة وضعا خطيرا حيث في غياب القيادة أربعة أعضاء مجمدين ، عضو مختفي ثلاثة في السجن ورئيس الحركة اختار المنفى لا يمكن لأحد التكهن بما قد يدور بين الأجنحة وقد عبر الشيخ مورو والسيد نور الدين البحيري عند هذا التخوف إذ قال الشيخ انه يخشي إن تنقل الأزمة الداخلية إلى الجامعة مثلا ...
هل يمكن الحديث إذا عن نهاية حركة النهضة بشكلها التنظيمي الحالي طبعا ؟!
الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بتطور مواقف الأطراف جميعا.. فأعضاء المكتب السياسي الذين جمدوا عضويتهم سوف تتطور مواقفهم بدون شك حسب المعطيات ولكن للسلطة والمعارضة والمجتمع المدني ادوار أخرى بنفس القدر من الأهمية على مستقبل الأمور ...
نجيب لاكانجي
حقائق عـــ292ــدد من 29 /3 إلى 4/4 /91
صدقي العبيدي ( عضو مجلس الشوري لحركة النهضة
صدقي العبيدي ( عضو مجلس الشوري لحركة النهضة
كان لا بد من اتخاذ الموقف
أعلن الأسبوع الفارط السيد صدقي العبيدي عن تجميد عضويته من حركة النهضة وذلك صحبة السيد نور الدين البحري ،
من هو السيد صدقي العبيدي وما هي الأسباب التي جعلته ينظم إلى مبادرة مورو ؟
لو تعرفوا الرأي العام على شخصيتكم
إنني من مواليد القيروان سنة 1954 متزوج واعمل طبيبا طب عام إني من مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي وقد حكم علي في سنة 85 و86 لانتمائي لهذه الحركة وحكم علي أيضا في 87 من طرف امن الدولة بخمسة عشرة عاما أشغالا شاقة وقد شملني العفو الرئاسي سنة 1988 وافرح علي . هذا وقد تم إيقافي يوم حادثة باب سويقة وتم الاستماع إلى اقوالى وقد فوجئت بمثل هذه العملية .
ماهي أسباب تجميد عضويتكم من حركة النهضة ؟
كان لا بد من اتخاذ موقف خصوصا بعدما علمت وان أبناء من الحركة مورطون في عملية باب سويقة ولم يتم إعلامي بهذا فقررت تجميد عضويتي في مبادرة جديدة تتجاوز بنا هذه المشكلة لآني لا أحبذ العنف وليس من مبادئ حركتنا والسبب الرئيسي أيضا لانضمامي للمبادرة هو عدم وجود أجواء أرحب للعمل السياسي على مستوى البلاد وفي انتظار المستقبل و حتى يخف الضغط داخل الحركة وخارجها وان تتوضح الأمور ووسائل التغيير مما سيساهم من تخفيف التوتر اخترت المرور بهذه المرحلة الحساسة وانأ متفق كل الاتفاق مع رفاقي في تجميد العضوية .
ن / ل
--------------------------------------------
عبد الفتاح مورو
،نحن في الانتظار ..،
بعد التحاق السادة نورالدين البحيري وصدقي العبيدي بمبادرة مورو أرادت حقائق معرفة ما سيتوخاه الأستاذ عبد الفتاح مورو في خطوات جديدة فأجرت معه حوارا سريعا .
بعد اطلاعكم على ما ورد في بيان رئيس الحركة ماهي قراءتكم خصوصا في المحور الذي يهم مبادرتكم ؟
يبدو انه لم يرد الأطناب في الموضوع لأنه ليس لديه خلفيات ؟ أو لم يرد دفع أفراد آخرين للخروج من الحركة فاستعمل معنا لغة مهذبة ما هو الدافع ؟ لست ادري الكلام الذي قاله هو كلام لطيف لكنه ليس برد على القضية لان القضية هي ليست قضية اختلاف الرؤى وانه يقبل الحل بالاتجاه إلى الأغلبية حيث هناك مجال للجميع ليعبر عن رأيه .
هذه القضية مبدئية لا تحسم بالأغلبية بل تحسم بالاتفاق معناه انك معي أو ضدي.
هذا الحسم لم يقع بعد ؟
هذا الحسم لم تتوفر أسبابه إلى حد الآن.
بعد أن تم التحاق بعض الأخوان بكم ، هل هذا الالتحاق سيجعلكم تغيرون مشاريعكم وتسرعون الخطوة في تغيير بعض توجهاتكم؟
مازلنا بصدد التشاور لان الأخوان مازالوا في الالتحاق والقاعدة لها صعوبات فالبعض لديه تساؤلات والبعض متحرج والبعض الآخر رافض فالقاعدة تحتاج إلى تفهم وهي متخوفة مما تخفيه ثنايا المستقبل لان المبادرة هي انتماء في المجهول ولا احد يعلم الظروف التي ستتوفر في البلاد وهل ستساعد على هذا الانفراج الذي نرغب فيه أم لا ؟
ما هي الضمانات التي توفرها مبادرتكم ؟
الحزب الذي يعمل علنا وبدفاتر مفتوحة وأسماء تسجل فيها وبطاقات انخراط ، انخراط في عمل حزبي تحت لواء برنامج معين ، هنالك قانون أساسي يقدم ، الناس ملتزمون به ولا يتغير القانون على حساب أهوائهم فقانون الأحزاب يمنعهم عن هذا النشاط ويسحب الرخصة لان الهدف الذي تكون من اجله الحزب حاد عنه البعض الضمان الوحيد في السياسة هي الممارسة ، الكلام لما يكون علنيا يشكل ضغطا ويجعل كل الناس يمارسون عليك رقابة ، القانون يراقب ، المحاكم تراقب ، والرأي العام يراقب .
حقائق عـــ292ــدد من 29 /3 إلى 4/4 /91
السلطة - النهضة - المعارضة
حقائق في تونس
المبادرة ... قواعد النهضة ... المنعرج
لقد انضم إلى المبادر الثلاثية اليوم كل من الأستاذ نور الدين البحري والدكتور صدقي العبيدي اللذين كانا عضوين في مجلس الشورى بالإضافة إلى أن البحيري كان أيضا عضوا في المكتب السياسي لحركة النهضة غير المعترف بها ..
وبذلك تتسع مبادرة عبد الفتاح مورو و فاضل البلدي وبنعيس الدمني لتشمل عناصر قيادية أخرى أكثر قربا من قواعد الحركة ، وأكثر التحاما بالمجتمع السياسي من خلال إمضاء نور الدين البحري للميثاق الوطني .. فكيف سيكون ردّ فعل القواعد على تطورات المبادرة ؟ وكيف ستتطور العلاقة بين المعارضة، النهضة والسلطة في هذا الإطار ؟..
لاشك أن حركة النهضة غير المعترف بها تشقها اتجاهات رأي متباينة وتصورات مختلفة لمنهجية العمل السياسي والممارسة داخل المجتمع كما إن هذه التباينات خضعت طويلا داخل حركة النهضة إلى عمليات التوازن الداخلي أو ما يمكن أن نطلق عليه " وفاق الأجنحة " أي اتخاذ القرارات والتدابير ورسم البرامج التي تمثل نوعا من الجمع والوفاق بين مختلف وجهات النظر ، واتجاهات الرأي في الحركة ... لكن كل ذلك ربما كان على حساب التوازن الخارجي . أي حصول نوع من التقارب والحوار مع مختلف الأحزاب السياسية الذي قد يؤدي إلى الحد الأدنى السياسي الذي قد يشكل وفاقا مع هذه الأحزاب ومع السلطة ...
ويمكن اعتبار ما يحصل اليوم في حركة النهضة تحولا سريعا نحو التوازن الخارجي، دون أن يكون ذلك معدلا على قاعدة التوازن الداخلي مما قد يؤدي إلى تثبيت الانشقاق وقد يعزى ذلك إلى عدم توضح ملامح البرنامج أو المشروع السياسيين لدى الحركة .. أو ربما غيابهما في خضم الدوامة المعهودة ( توتر – مواجهة – محاكمة – مصالحة ) التي لم تتوقف عن الدوران منذ إعلان حركة الاتجاه الإسلامي عن تشكيل أول مكتب سياسي علني لها من اجل تقنين حزبها في جوان 1981 ...
والخلاف هذه المرة يتمحور حول منهج حركة النهضة في العمل السياسي ... وباعتبار إن الممارسة في سرعتها الجدل والنقاش فقد حصل الانشقاق.. وهذا يعني أن الإطار العاطفي والأدبي لم يعد إطارا قادرا وحده للجمع بين أفراد الحركة الواحدة .
قواعد النهضة
فوجئت القواعد النهضوية بموقف الشيخ مورو ورفاقه ، وبعد فترة الحيرة والمفاجأة ، برز بينها توجه عام يذهب إلى التأكيد على الحفاظ على وحده الحركة ، مع المطالبة بتكثيف الحوار حول مناهج العمل السياسي وتطور العلاقة مع السلطة .. ذاك ما أكدته لنا بعض القواعد والكوادر النهضوية وأضافت هذه العينة من القواعد أن الثلاثي عبد الفتاح مورو و الفاضل البلدي وبنعيسى الدمني يعتبر محاورا كفؤا للسلطة وقد ينجح أو يفشل في حواره .
وعلى ضوء هذا النجاح أو الفشل سيحدد هؤلاء القاعديون موقفهم من المبادرة . كما يشير بعض القاعديين إلى أن الثلاثي ( مورو البلدي ، الدمني ) يحظى بالثقة والتقدير عندهم وفي ساحة العمل الإسلامي ، وقد أدت مبادرتهم إلى طرح جملة من الأسئلة للبحث عن أسباب هذه المبادرة وآفاقها وطرح جملة من الأسئلة أيضا تمس البنية التنظيمية والاختيارات السياسية والفكرية للحركة وتمس أيضا التطورات التي تشهدها الساحة العربية الإسلامية والعالمية وهي تطورات حسب قولهم تدعو إلى التأمل والتفكير لاستخلاص العبر والاستفادة منها لخدمة الشعب والوطن ..
وحينما طرحنا السؤال على بعض القاعدين حول تفسيرهم لسبب تبلور هذه الأسئلة الآن أي بعد مبادرة الشيخ مورو ورفيقيه ، وان كان ذلك يعني أن الحركة لا تتطور إلا بالرجة أو الصدمة الكهربائية كما يقول الدكتور فتحي عثمان عوضا عن التطور الذاتي القائم على تقاييم ومشاريع أجاب هؤلاء القاعديون بأنهم يفسرون ذلك بما أسموه التأكيد المبالغ فيه على معركة الوجود في الوقت الذي تتمتع فيه الحركة – حسب قولهم – بوجود فعلي وشعبي لا يضاهى ..
وبسؤال هذه العينة من القواعد النهضوية حول العامل المحدد لتطور هذه المبادرة ، أجابوا بان المحدد في هذه المبادرة هو :
إمكانية رفع جماعة مورو لتجميد عضويتهم وفتح الحوار معهم مما يخول لهم التأثير الايجابي على وحدة الحركة والتطوير الايجابي للممارسة السياسية داخلها .
المحدد الثاني تبني الحركة أما للسرية أو للعلنية في عملها السياسي .
مدى نجاح الحركة في تجاوز التحديات المطروحة عليها وهي : ملف المحاكمات والإحالة المفتوحة ضد الحركة وتطوير أساليب عملها من اجل تحقيق مطالبها في الوطنية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية وتطوير نمط الإنتاج والمعيشة .
ويبقى محدد هام ضمن جميع هذه المعدات وهو موقع السيد الغنوشي وممارسته لصلوحياته كرئيس للحركة .
ويؤكد هؤلاء القاعديون أنهم إمام هذه الوضعية يطرحون ثلاثة ردود أفعال ممكنة أي أن القواعد يمكن أن تمارسها وهي إما " الصمود " أو الانشقاق أو حصول تغير كبير في الحركة وإعادة لهيكلتها .. ويرى هؤلاء القاعديون أن هامش المكنات سيتقلص كثيرا بعد ما يمكن أن يستهدف له الاتحاد العام التونسي للطلبة اثر البيان الأخير لوزارة الداخلية وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مواقف وممارسات .
تلك هي أراء بعض القاعديين في حركة النهضة غير المعترف بها، حول أهم ملف ساخن في واقعنا السياسي والأيام وحدها كفيلة بتوضيح مسارات تطوره .
عبد العزيز التميمي
الجذور التاريخية لخلافات قادة حركة النهضة
لا يمكن فهم مبادرة عبد الفتاح مورو وفاضل البلدي وبنعيسى الدمني بتجميد عضويتهم في حركة النهضة إلا بالرجوع إلى الوراء ونبش تاريخ الحركة وإبراز التيارات السياسية التي تشقها ذلك لأننا نعتقد أن المبادرة التى جاءت من شخصيات لها مكانتها هي نتيجة لتناقضات سياسية تعيشها الحركة منذ تأسيسها استفحلت في السنوات الأخيرة فكيف تبرز هذه التيارات ؟
تكونت حركة النهضة بالتقاء ثلاثة شبان متحمسين للأنموذج الإسلامي بدأوا النشاط من خلال الحلقات المسجدية التى كان يديرها ثلاثتهم .
عبد الفتاح مورو الشاب المحافظ الذي تربى في حلقات المشايخ الزيتونيين تعلم الفقه والسيرة وقواعد التلاوة وغيرها من العلوم المدرسة في المسجد .
راشد الغنوشي العائد من توه من سوريا بعد أن درس الفلسفة والمتأثر بالأنموذج الاخواني بعد أن خاب ظنه في التجربة الناصرية .
احميدة النيفر العائد هو الآخر من سوريا بعد أن درس العربية وهو ينحدر من عائلة دينية محافظة .
ساهمت الدروس المسجدية الشعبية التى كان يلقيها هؤلاء الثلاثة في توسيع قاعدة الجماعة الإسلامية كما كانت تسمى آنذاك مما حتم بناء هرم تنظيمي يؤطر تلك العناصر المتزايدة يوما بعد آخر وتأسس التنظيم لكنه لم يعمر طويلا حتى أحدثت رجة داخلها بين تيار يدعو إلى ضرورة التشبث بالبناء التنظيمي الاخواني ومناهجه التربوية تزعمه راشد الغنونشي وعبد الفتاح مورو وبين تيار نقدي يدعو إلى تجربة جديدة تكون نتيجة لمتطلبات المرحلة والواقع وتزعم هذا التيار احميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي ومجموعة من الشباب كانوا أقلية مقارنة مع المتشبثين بالأنموذج الاخواني فكانت الرجة الأولى عندما أعلن هؤلاء عن خروجهم من التنظيم . تلتها رجة ثانية سنة 1978 فبعد إحداث 26 جانفي 1978 اضطر طلبة الاتحاد الإسلامي بالجامعة أمام ضغط التيارات الأخرى إلى إصدار موقف من تلك الأحداث فكان هذا الموقف أول إعلان "رسمي " بدخول الاتجاه الإسلامي الحلبة السياسية وبداية النشاط السياسي وخاصة في الجامعة مع الإبقاء على المرحلة السرية عند النشاط في القرى والمدن.
أما التحول الثالث والهام فكان بإعلام حركة الاتجاه الإسلامي والخروج من المرحلة السرية إلى ممارسة السياسية العلنية ، إذ بعد اكتشاف الهيكلة التنظيمية في 5 ديسمبر 1980 قررت قيادة الحركة أن تعلن عن نفسها فكان الإعلان عن أول مكتب سياسي وعن هيأة تأسيسية في 6 جوان 1981 .
بعد هذا الإعلان جاءت أول محاكمة كبرى عرفتها الحركة في صائفة 1981 شملت القيادات العليا والوسطى للحركة مع ما رافقها من خروج بعض القيادات إلى الخارج ويمكن اعتبار هذه المحاكمة من أقوى الرجات في تاريخ الحركة لأنها أفرزت تغيرا في قيادة الحركة وأدت إلى انقسامات حادة داخل القيادة والتي غض عنها الطرف طوال السنوات السابقة .
لقد أدت هذه الرجات المتتالية إلى بروز ثلاث تيارات كبرى داخل حركة النهضة يمكن تحديدها كما يلي .
-1- تيار تنظيمي مثله منذ 1980 طلبة الاتجاه الإسلامي الذين أرادوا التمايز عن المثال الاخواني الذي لم يجبهم عن كل التساؤلات التى تطرحها عليهم التيار السياسية الأخرى في الجامعة فكان الانفتاح على الأدبيات الشعبية والماركسية والقومية وغيرها من الكتابات قصد إبراز رؤى إسلامية معاصرة فافرز هذا التيار بعض الدراسات الهامة في " نقد حركة الأخوان والمجتمع التوحيدي اللاطبقي " وأسباب انحسار المد الماركسي احدث هذا التيار قلقا كبيرا لقيادة النهضة خاصة في علاقاتها مع الحركات الإسلامية العالمية وقد فر رموزه إلى فرنسا أثناء محاكمة 1981 وأحدثوا هناك ضجة تنظيمية كبرى بإصرارهم على الخروج من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وأصدروا نشريه بعنوان الإرادة لكن هذا التيار لم يكتب له التواصل اذ كان اضعف من التيار المحافظ ، وقد وقع القطع مع هذا التيار نهائيا في سنة 1984 بعد خروج القيادة من السجن التي رأت ضرورة تقديم العمل السياسي على التنظيم .
- 2- تيار القطيعة والمواجهة وهو تيار يؤمن بالتغيير الجذري للنظام السياسي معتمدا في ذلك كل الأشكال ارتكاز على القاعدة الميكيافلية الغاية تبرر الوسيلة وهو تيار لا يرى جدوى في التعامل في المؤسسات السياسية القائمة يعطي أولوية للعمل على الفهم ودراسة الواقع وقد كان التيار وراء تأسيس المجوعة الأمنية التي اكتشف أمرها في سنة 1987 وهو الذي دفع إلى تصعيد المواجهة في نفس السنة بين الحركة والنظام البوورقيبي .
-3- تيار الإصلاح السياسي : وهو تيار يؤمن بالتغيير من خلال العمل الديمقراطية والدخول في المؤسسات السياسية كالبرلمان والمنظمات الاجتماعية وهذا التيار يمثله منذ بداية الثمانيات عبد الفتاح مورو وبنعيسي الدمني . هذه إذن التيارات الثلاثة التي تتصارع داخل النهضة منذ بداية الثمانيات تاريخ دخولها العمل السياسي ، وإذا كان الأمر قد حسم مبكرا بالنسبة للتيار الأول في المهد .. فان الصراع بقى قائما بين التيارين الأخيرين إلى أن وصل إلى نقطة اللاإلتقاء بينهما فكان الإعلان عن تجميد العضوية كإفراز لهذه التناقضات الداخلية .
لطفي حجي
نور الدين البحري في حديث لـ" حقائق "
"للسلطة مسؤولية كبيرة في نجاح المبادرة "...
استقطب إعلان تجميد عضوية السيد نورالدين البحري ، عضو المكتب السياسي لحركة النهضة والذي نشره بمعية السيد صدقي العبيدي اهتمام المتابعين لما تمر به حركة النهضة حاليا ... لمزيد التوضيح التقت " حقائق " بالسيد البحري وكان لنا معه الحوار التالي :
: ماهي الأسباب التي دفعتكم إلى تجميد عضويتكم في الحركة ؟
نورالدين البحري :
بالنسبة لعملية التجميد أقول وان العملية كواقعة هي ليست جديدة بل هي عملية من الناحية التاريخية تكاد تكون سابقة لتاريخ الإعلان عنها وهي كانت عملية مفروضة بحكم الظروف التي حفت بالحركة في فترة سابقة والتي حالت دوني ودون العديد من القياديين والقيام بواجبهم في تأطير قواعد الحركة وفي الاتصال بها وفي إدارة الحوار داخل الحركة وذلك بحكم أننا وصلنا في علاقتنا مع السلطة إلى درجة من المضايقات والتضييقات وقطع كل سبل العمل – إيقاف الجريدة – حيث استحال علينا العمل بصفة واقعية ولا أدل من ذلك من أن المجلس الشورى العام الذي أعلن عنه في إطار مبادرة تنقية المناخ السياسي وفي اطار التعبير عن الالتزام من جديد بالعمل في إطار القانون والشفافية ورفض العنف ورفض العمل السري لم يستطع أن يجتمع إلا مرة واحدة إذ تم إيقاف الرئيس مباشرة اثر ذلك الاجتماع وكان أن بقيت وسيلة الاتصال الوحيد بقواعد الحركة هي الجريدة فتم إيقافها ، لذلك أقول أن عملية التجميد هي عملية قديمة في التاريخ ومفروضة بحكم المضايقات و التضييقات على نشاط قيادة الحركة.
الجديد هو الإعلان بصفة علنية حتى نحمل كل طرف مسؤوليته وحتى نقول لكل الأطراف أننا وصلنا إلى مرحلة ضروري فيها أن نصارح بعضنا البعض وان نعبر عن حقيقة الواقع وان نقول أن الأوضاع الآن وصلت إلى درجة من التصعيد فرضت علينا الاختيار بين أمرين بين مواصلة التمسك بمبادئنا المعلنة والتي جوهرها العمل في إطار القانون والعمل العلني ورفض اعتماد العنف كوسيلة لحسم الخلافات السياسية وبين انخراط في عمل آخر مخالف لهذا الاتجاه تماما ونحن أردنا بالإعلان عن هذا التجميد أن نقول للناس أنكم وضعتمونا في وضعية سيئة جدا وأنكم تتحملون تبعات كل ما يمكن أن ينتج عن مثل هذه الوضعية .
ماذا تعنون بكلمة الناس ؟
المعني أولا وأخيرا بالقضية هذه التي عشناها هي السلطة لان الأحداث التي عاشتها البلاد لعبت فيها السلطة باعتبارها من ناحية تمثل طرفا سياسيا وباعتبارها من ناحية ثانية هي الماسكة بزمام الأمور لعبت فيها دورا كبيرا! ومسؤوليتها من الطبيعي أن تكون اكبر من غيرها لأنها هي المسؤولة على تسيير الأمور في البلاد وهي التي بيدها زمام الأمور لذلك أقول أن الوضع الذي وصلنا إليه من حالة انسياب في إمكانيات العمل السياسي العلني والقانوني ، المسؤولة عليه هي السلطة .
بعض الأطراف داخل الحركة وخاصة القواعد شعرت وكأن المبادرة موجهة ضدها وهي كرد فعل خاصة وأنها جاءت بعد عملية باب سويقة ؟
أقول أن المبادرة في الحقيقة هي ليست موجهة ضد احد بل هي جاءت تعبيرا عن جملة من القناعات وجاءت في محاولة أخيرة لانقاد الوضع في البلاد والحيلولة دون انزلاق الأوضاع في البلاد نحو متاهات العنف ومتاهات ردود الأفعال .. متاهات اعتماد وسائل القوة في حسم الخلافات السياسية . كما جاءت للتعبير على أن هنالك إحساسا داخل العديد من الأطراف سواء داخل الحركة الإسلامية أو خارجها أن بلادنا مقبلة على مرحلة يبدو أن للبعض مصلحة في دفعها نحو الصراعات الفئوية وصراعات بين أطراف سياسية مختلفة لا تحترم فيها ادني مقتضيات الصراع النزيه ، الصراع السياسي المنطقي والمعقول ، جاءت هذه المبادرة للتعبير عن قلق وعن حرص لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان وللتعبير كذلك على أن بلادنا في حاجة إلى كل طاقتها وكل أبنائها و كل جهد مهما كان الانتماء السياسي وان ما وصلنا إليه من احتداد في الموقف والصراع بين السلطة وبين الإسلاميين او بين السلطة وبقية أطراف المعارضة هو قابل للحل وقابل للتسوية اذا ما توفرت العزيمة السياسية الصادقة والإرادة التي تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وحسابات سياسية و شخصية .
هل تتوقعون أن ينسج آخرون داخل الحركة على منوال الخماسي ؟
تقدير العبرة ليست بالعدد وليس كذلك بالإعلان وكما أشرت في أول حديثي أن وضعية تجميد نشاطي في الحقيقة وضعية تشمل العديد من قيادات الحركة باعتبار استحالة التحرك بالنسبة إليهم .
لان النشاط هو التواصل مع قواعد الحركة والنشاط هو إدارة الحوار داخل مؤسسات الحركة والنشاط هو تواصل مع الرأي العام الوطني والعالمي ، أنا أقول العبرة أن هناك أناسا داخل الحركة الإسلامية ضحوا في مرحلة معينة عندما أحسوا بان الوضع في البلاد يكاد ينحرف ( الإعلان عن تكوين النهضة والقبول بمدا قانون الأحزاب وتغيير الاسم ) وهم مستعدون مرة أخرى رغم كل الظروف لتجاوز مصالحهم الشخصية والحزبية للمساهمة في عمل آخر يراعي مصلحة البلاد كما عبروا من جديد انه بالنسبة إليهم مصلحة البلاد هي فوق كل اعتبار وان الحسابات السياسية الذاتية مهمة لكن في اللحظات الحرجة والتاريخية تصبح بدون اعتبار . التحاق بعض الناس أو عدم التحاقهم يبقي رهبن رد فعل الطرف الثاني المعني في البلاد واقدر إلى حد الآن للأسف الشديد انه لم يوجد رد فعل ايجابي بالمعنى الكامل للكلمة . في تقديري يكمن الخطأ في أن بعض الأطراف يحاولون تأويل هذا الموقف على انه ناتج على انخرام داخل الساحة الإسلامية ... وان تجميد بعض مسئولين لعضويتهم في الحركة هو تهرب من تحمل مسؤوليتهم في الأوقات الحرجة ... وإنني احذر من هذه التأويلات لأنها تفقد المبادرة أهميتها وترجع بنا من جديد إلى مأزق أردنا تفاديه وأدعو الطرف المقابل إلى أن يحدد موقفه بصفة علنية نحن كانت لدينا الشجاعة في التعبير عن موقفنا رغم تبعات هذا الموقف سواء كانت على الساحة الإسلامية أو خارجها بكل صراحة وبدون مراعاة أي طرف وبدون مجاملة ، كما وصلت إلى تجميد نشاطي داخل الحركة وعناصر أخرى مؤسسة للحركة ، هذا في الحقيقة شجاعة نادرة أتمنى لو نكون عشناها في أحزاب أخرى ، فالمطلوب هو أن يكون للآخرين حد أدنى للتعامل الجدي مع المبادرة في إعلان موقفها منها بصفة علنية وصريحة لان هذا يكون محددا لخطواتنا القادمة : نواصل أم نتراجع .. فالتفاعل سلبي إلى حد الآن على مستوى وسائل الإعلام .
هل تعتقدون أن هناك من يشاطر الرؤى التي عبرتم عنها من بين رموز الحركة المتواجدين خارج البلاد ؟
إن تفاعل الساحة الإسلامية وبعض رموز الحركة مع هذا الموقف فيه جزء من منطلقات مبدئية كان حاصلا حولها الإجماع و أنا متأكد وان الرافضين هم أقلية وان المبادرة في حد ذاتها هي وفاء لهذه المبادئ وما جاء في القانون الأساسي للحركة . إن التفاعل مع المبادرة رهبن توفر مناخان معينة ، رهبن الإحساس بان هناك رغبة جادة في إنقاذ الموقف و رهبن الإحساس بان الحركة الإسلامية ليست مستهدفة ، كل هذا يتطلب جملة من الإجراءات : الاقتناع بان الخيار الأمني لا يمكن أن يحل الإشكالات القائمة في البلاد سواء كانت بين السلطة وبين الظاهرة الإسلامية أو بين السلطة والمعارضة ككل ،
ثانيا تنقية المناخ السياسي لإعادة الثقة لان جزءا من الأزمة التي نعيشها هي أزمة مصداقية وثقة بين أطراف المجتمع ككل الظاهرة الإسلامية احد مكوناتها إذن أقول أن الاستمرار في حملة التضييفات والإيقافات ، داخل البلاد من شانه تعطيل التفاعل الايجابي للعديد من الأطراف داخل الحركة مع المبادرة .
كيف تقبلتم الفقرة الواردة في بيان رئيس الحركة في خصوص مبادرتكم ؟
ليس لي قراءة خاصة لموقف راشد الغنوشي لكن اعتبر بان هذا الموقف يدل على أن الحركة ورئيسها تفاعلا مع البادرة بشكل ايجابي أكثر من غيرهم وهذا مؤشر ايجابي إذا ما استوعبت عناصر داخل الحركة بشكل جيد منطلقات المبادرة وأسبابها ولم تدخل في متاهات ردود الأفعال السلبية وهو دليل نضج نتمنى أن يتجسم عمليا .
تحدثتم عن ضرورة صدور رد فعل ايجابي من السلطة حتى تتمكنوا من القيام بخطوات أخرى فهل بإمكانكم تدقيق ما تنتظرونه بصفة واضحة ؟
بالنسبة للسلطة مسؤوليتها كبيرة في تحديد مصير هذه المبادرة إما تفشل هذه المبادرة أو ترد على اليد الممدودة وتحكم على هذه المبادرة بالنجاح لإنقاذ الموقف ولإعطاء المبادرة أفاقا جديدة ولحل جملة القضايا المتعلقة في البلاد وخاصة قضية الملف الإسلامي، على السلطة أن تعبر على موفقها صراحة وبصفة علنية و أتصور ، وان هذا حد أدنى لتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة لان المسالة لا تهم الإسلاميين والسلطة فحسب بل البلاد ككل ، ثم لا اقل من أن تساهم السلطة في توفير المناخان الضرورية حتى تجد مثل هذه المبادرات صداها وحتى تمكن الناس من التفاعل الايجابي بعيدا عن الضغوط. إننا نعيش منعرجا صعبا نتمنى الخروج منه سالمين ولذلك مطلوب من كل الأطراف الابتعاد عن الحسابات السياسية الضيقة والنظر إلى مصلحة البلاد قبل كل شيء. حاوره
نجيب لاكانجي
والمنصف محروق
،نحن في الانتظار ..،
بعد التحاق السادة نورالدين البحيري وصدقي العبيدي بمبادرة مورو أرادت حقائق معرفة ما سيتوخاه الأستاذ عبد الفتاح مورو في خطوات جديدة فأجرت معه حوارا سريعا .
بعد اطلاعكم على ما ورد في بيان رئيس الحركة ماهي قراءتكم خصوصا في المحور الذي يهم مبادرتكم ؟
يبدو انه لم يرد الأطناب في الموضوع لأنه ليس لديه خلفيات ؟ أو لم يرد دفع أفراد آخرين للخروج من الحركة فاستعمل معنا لغة مهذبة ما هو الدافع ؟ لست ادري الكلام الذي قاله هو كلام لطيف لكنه ليس برد على القضية لان القضية هي ليست قضية اختلاف الرؤى وانه يقبل الحل بالاتجاه إلى الأغلبية حيث هناك مجال للجميع ليعبر عن رأيه .
هذه القضية مبدئية لا تحسم بالأغلبية بل تحسم بالاتفاق معناه انك معي أو ضدي.
هذا الحسم لم يقع بعد ؟
هذا الحسم لم تتوفر أسبابه إلى حد الآن.
بعد أن تم التحاق بعض الأخوان بكم ، هل هذا الالتحاق سيجعلكم تغيرون مشاريعكم وتسرعون الخطوة في تغيير بعض توجهاتكم؟
مازلنا بصدد التشاور لان الأخوان مازالوا في الالتحاق والقاعدة لها صعوبات فالبعض لديه تساؤلات والبعض متحرج والبعض الآخر رافض فالقاعدة تحتاج إلى تفهم وهي متخوفة مما تخفيه ثنايا المستقبل لان المبادرة هي انتماء في المجهول ولا احد يعلم الظروف التي ستتوفر في البلاد وهل ستساعد على هذا الانفراج الذي نرغب فيه أم لا ؟
ما هي الضمانات التي توفرها مبادرتكم ؟
الحزب الذي يعمل علنا وبدفاتر مفتوحة وأسماء تسجل فيها وبطاقات انخراط ، انخراط في عمل حزبي تحت لواء برنامج معين ، هنالك قانون أساسي يقدم ، الناس ملتزمون به ولا يتغير القانون على حساب أهوائهم فقانون الأحزاب يمنعهم عن هذا النشاط ويسحب الرخصة لان الهدف الذي تكون من اجله الحزب حاد عنه البعض الضمان الوحيد في السياسة هي الممارسة ، الكلام لما يكون علنيا يشكل ضغطا ويجعل كل الناس يمارسون عليك رقابة ، القانون يراقب ، المحاكم تراقب ، والرأي العام يراقب .
حقائق عـــ292ــدد من 29 /3 إلى 4/4 /91
السلطة - النهضة - المعارضة
حقائق في تونس
المبادرة ... قواعد النهضة ... المنعرج
لقد انضم إلى المبادر الثلاثية اليوم كل من الأستاذ نور الدين البحري والدكتور صدقي العبيدي اللذين كانا عضوين في مجلس الشورى بالإضافة إلى أن البحيري كان أيضا عضوا في المكتب السياسي لحركة النهضة غير المعترف بها ..
وبذلك تتسع مبادرة عبد الفتاح مورو و فاضل البلدي وبنعيس الدمني لتشمل عناصر قيادية أخرى أكثر قربا من قواعد الحركة ، وأكثر التحاما بالمجتمع السياسي من خلال إمضاء نور الدين البحري للميثاق الوطني .. فكيف سيكون ردّ فعل القواعد على تطورات المبادرة ؟ وكيف ستتطور العلاقة بين المعارضة، النهضة والسلطة في هذا الإطار ؟..
لاشك أن حركة النهضة غير المعترف بها تشقها اتجاهات رأي متباينة وتصورات مختلفة لمنهجية العمل السياسي والممارسة داخل المجتمع كما إن هذه التباينات خضعت طويلا داخل حركة النهضة إلى عمليات التوازن الداخلي أو ما يمكن أن نطلق عليه " وفاق الأجنحة " أي اتخاذ القرارات والتدابير ورسم البرامج التي تمثل نوعا من الجمع والوفاق بين مختلف وجهات النظر ، واتجاهات الرأي في الحركة ... لكن كل ذلك ربما كان على حساب التوازن الخارجي . أي حصول نوع من التقارب والحوار مع مختلف الأحزاب السياسية الذي قد يؤدي إلى الحد الأدنى السياسي الذي قد يشكل وفاقا مع هذه الأحزاب ومع السلطة ...
ويمكن اعتبار ما يحصل اليوم في حركة النهضة تحولا سريعا نحو التوازن الخارجي، دون أن يكون ذلك معدلا على قاعدة التوازن الداخلي مما قد يؤدي إلى تثبيت الانشقاق وقد يعزى ذلك إلى عدم توضح ملامح البرنامج أو المشروع السياسيين لدى الحركة .. أو ربما غيابهما في خضم الدوامة المعهودة ( توتر – مواجهة – محاكمة – مصالحة ) التي لم تتوقف عن الدوران منذ إعلان حركة الاتجاه الإسلامي عن تشكيل أول مكتب سياسي علني لها من اجل تقنين حزبها في جوان 1981 ...
والخلاف هذه المرة يتمحور حول منهج حركة النهضة في العمل السياسي ... وباعتبار إن الممارسة في سرعتها الجدل والنقاش فقد حصل الانشقاق.. وهذا يعني أن الإطار العاطفي والأدبي لم يعد إطارا قادرا وحده للجمع بين أفراد الحركة الواحدة .
قواعد النهضة
فوجئت القواعد النهضوية بموقف الشيخ مورو ورفاقه ، وبعد فترة الحيرة والمفاجأة ، برز بينها توجه عام يذهب إلى التأكيد على الحفاظ على وحده الحركة ، مع المطالبة بتكثيف الحوار حول مناهج العمل السياسي وتطور العلاقة مع السلطة .. ذاك ما أكدته لنا بعض القواعد والكوادر النهضوية وأضافت هذه العينة من القواعد أن الثلاثي عبد الفتاح مورو و الفاضل البلدي وبنعيسى الدمني يعتبر محاورا كفؤا للسلطة وقد ينجح أو يفشل في حواره .
وعلى ضوء هذا النجاح أو الفشل سيحدد هؤلاء القاعديون موقفهم من المبادرة . كما يشير بعض القاعديين إلى أن الثلاثي ( مورو البلدي ، الدمني ) يحظى بالثقة والتقدير عندهم وفي ساحة العمل الإسلامي ، وقد أدت مبادرتهم إلى طرح جملة من الأسئلة للبحث عن أسباب هذه المبادرة وآفاقها وطرح جملة من الأسئلة أيضا تمس البنية التنظيمية والاختيارات السياسية والفكرية للحركة وتمس أيضا التطورات التي تشهدها الساحة العربية الإسلامية والعالمية وهي تطورات حسب قولهم تدعو إلى التأمل والتفكير لاستخلاص العبر والاستفادة منها لخدمة الشعب والوطن ..
وحينما طرحنا السؤال على بعض القاعدين حول تفسيرهم لسبب تبلور هذه الأسئلة الآن أي بعد مبادرة الشيخ مورو ورفيقيه ، وان كان ذلك يعني أن الحركة لا تتطور إلا بالرجة أو الصدمة الكهربائية كما يقول الدكتور فتحي عثمان عوضا عن التطور الذاتي القائم على تقاييم ومشاريع أجاب هؤلاء القاعديون بأنهم يفسرون ذلك بما أسموه التأكيد المبالغ فيه على معركة الوجود في الوقت الذي تتمتع فيه الحركة – حسب قولهم – بوجود فعلي وشعبي لا يضاهى ..
وبسؤال هذه العينة من القواعد النهضوية حول العامل المحدد لتطور هذه المبادرة ، أجابوا بان المحدد في هذه المبادرة هو :
إمكانية رفع جماعة مورو لتجميد عضويتهم وفتح الحوار معهم مما يخول لهم التأثير الايجابي على وحدة الحركة والتطوير الايجابي للممارسة السياسية داخلها .
المحدد الثاني تبني الحركة أما للسرية أو للعلنية في عملها السياسي .
مدى نجاح الحركة في تجاوز التحديات المطروحة عليها وهي : ملف المحاكمات والإحالة المفتوحة ضد الحركة وتطوير أساليب عملها من اجل تحقيق مطالبها في الوطنية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية وتطوير نمط الإنتاج والمعيشة .
ويبقى محدد هام ضمن جميع هذه المعدات وهو موقع السيد الغنوشي وممارسته لصلوحياته كرئيس للحركة .
ويؤكد هؤلاء القاعديون أنهم إمام هذه الوضعية يطرحون ثلاثة ردود أفعال ممكنة أي أن القواعد يمكن أن تمارسها وهي إما " الصمود " أو الانشقاق أو حصول تغير كبير في الحركة وإعادة لهيكلتها .. ويرى هؤلاء القاعديون أن هامش المكنات سيتقلص كثيرا بعد ما يمكن أن يستهدف له الاتحاد العام التونسي للطلبة اثر البيان الأخير لوزارة الداخلية وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مواقف وممارسات .
تلك هي أراء بعض القاعديين في حركة النهضة غير المعترف بها، حول أهم ملف ساخن في واقعنا السياسي والأيام وحدها كفيلة بتوضيح مسارات تطوره .
عبد العزيز التميمي
الجذور التاريخية لخلافات قادة حركة النهضة
لا يمكن فهم مبادرة عبد الفتاح مورو وفاضل البلدي وبنعيسى الدمني بتجميد عضويتهم في حركة النهضة إلا بالرجوع إلى الوراء ونبش تاريخ الحركة وإبراز التيارات السياسية التي تشقها ذلك لأننا نعتقد أن المبادرة التى جاءت من شخصيات لها مكانتها هي نتيجة لتناقضات سياسية تعيشها الحركة منذ تأسيسها استفحلت في السنوات الأخيرة فكيف تبرز هذه التيارات ؟
تكونت حركة النهضة بالتقاء ثلاثة شبان متحمسين للأنموذج الإسلامي بدأوا النشاط من خلال الحلقات المسجدية التى كان يديرها ثلاثتهم .
عبد الفتاح مورو الشاب المحافظ الذي تربى في حلقات المشايخ الزيتونيين تعلم الفقه والسيرة وقواعد التلاوة وغيرها من العلوم المدرسة في المسجد .
راشد الغنوشي العائد من توه من سوريا بعد أن درس الفلسفة والمتأثر بالأنموذج الاخواني بعد أن خاب ظنه في التجربة الناصرية .
احميدة النيفر العائد هو الآخر من سوريا بعد أن درس العربية وهو ينحدر من عائلة دينية محافظة .
ساهمت الدروس المسجدية الشعبية التى كان يلقيها هؤلاء الثلاثة في توسيع قاعدة الجماعة الإسلامية كما كانت تسمى آنذاك مما حتم بناء هرم تنظيمي يؤطر تلك العناصر المتزايدة يوما بعد آخر وتأسس التنظيم لكنه لم يعمر طويلا حتى أحدثت رجة داخلها بين تيار يدعو إلى ضرورة التشبث بالبناء التنظيمي الاخواني ومناهجه التربوية تزعمه راشد الغنونشي وعبد الفتاح مورو وبين تيار نقدي يدعو إلى تجربة جديدة تكون نتيجة لمتطلبات المرحلة والواقع وتزعم هذا التيار احميدة النيفر وصلاح الدين الجورشي ومجموعة من الشباب كانوا أقلية مقارنة مع المتشبثين بالأنموذج الاخواني فكانت الرجة الأولى عندما أعلن هؤلاء عن خروجهم من التنظيم . تلتها رجة ثانية سنة 1978 فبعد إحداث 26 جانفي 1978 اضطر طلبة الاتحاد الإسلامي بالجامعة أمام ضغط التيارات الأخرى إلى إصدار موقف من تلك الأحداث فكان هذا الموقف أول إعلان "رسمي " بدخول الاتجاه الإسلامي الحلبة السياسية وبداية النشاط السياسي وخاصة في الجامعة مع الإبقاء على المرحلة السرية عند النشاط في القرى والمدن.
أما التحول الثالث والهام فكان بإعلام حركة الاتجاه الإسلامي والخروج من المرحلة السرية إلى ممارسة السياسية العلنية ، إذ بعد اكتشاف الهيكلة التنظيمية في 5 ديسمبر 1980 قررت قيادة الحركة أن تعلن عن نفسها فكان الإعلان عن أول مكتب سياسي وعن هيأة تأسيسية في 6 جوان 1981 .
بعد هذا الإعلان جاءت أول محاكمة كبرى عرفتها الحركة في صائفة 1981 شملت القيادات العليا والوسطى للحركة مع ما رافقها من خروج بعض القيادات إلى الخارج ويمكن اعتبار هذه المحاكمة من أقوى الرجات في تاريخ الحركة لأنها أفرزت تغيرا في قيادة الحركة وأدت إلى انقسامات حادة داخل القيادة والتي غض عنها الطرف طوال السنوات السابقة .
لقد أدت هذه الرجات المتتالية إلى بروز ثلاث تيارات كبرى داخل حركة النهضة يمكن تحديدها كما يلي .
-1- تيار تنظيمي مثله منذ 1980 طلبة الاتجاه الإسلامي الذين أرادوا التمايز عن المثال الاخواني الذي لم يجبهم عن كل التساؤلات التى تطرحها عليهم التيار السياسية الأخرى في الجامعة فكان الانفتاح على الأدبيات الشعبية والماركسية والقومية وغيرها من الكتابات قصد إبراز رؤى إسلامية معاصرة فافرز هذا التيار بعض الدراسات الهامة في " نقد حركة الأخوان والمجتمع التوحيدي اللاطبقي " وأسباب انحسار المد الماركسي احدث هذا التيار قلقا كبيرا لقيادة النهضة خاصة في علاقاتها مع الحركات الإسلامية العالمية وقد فر رموزه إلى فرنسا أثناء محاكمة 1981 وأحدثوا هناك ضجة تنظيمية كبرى بإصرارهم على الخروج من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وأصدروا نشريه بعنوان الإرادة لكن هذا التيار لم يكتب له التواصل اذ كان اضعف من التيار المحافظ ، وقد وقع القطع مع هذا التيار نهائيا في سنة 1984 بعد خروج القيادة من السجن التي رأت ضرورة تقديم العمل السياسي على التنظيم .
- 2- تيار القطيعة والمواجهة وهو تيار يؤمن بالتغيير الجذري للنظام السياسي معتمدا في ذلك كل الأشكال ارتكاز على القاعدة الميكيافلية الغاية تبرر الوسيلة وهو تيار لا يرى جدوى في التعامل في المؤسسات السياسية القائمة يعطي أولوية للعمل على الفهم ودراسة الواقع وقد كان التيار وراء تأسيس المجوعة الأمنية التي اكتشف أمرها في سنة 1987 وهو الذي دفع إلى تصعيد المواجهة في نفس السنة بين الحركة والنظام البوورقيبي .
-3- تيار الإصلاح السياسي : وهو تيار يؤمن بالتغيير من خلال العمل الديمقراطية والدخول في المؤسسات السياسية كالبرلمان والمنظمات الاجتماعية وهذا التيار يمثله منذ بداية الثمانيات عبد الفتاح مورو وبنعيسي الدمني . هذه إذن التيارات الثلاثة التي تتصارع داخل النهضة منذ بداية الثمانيات تاريخ دخولها العمل السياسي ، وإذا كان الأمر قد حسم مبكرا بالنسبة للتيار الأول في المهد .. فان الصراع بقى قائما بين التيارين الأخيرين إلى أن وصل إلى نقطة اللاإلتقاء بينهما فكان الإعلان عن تجميد العضوية كإفراز لهذه التناقضات الداخلية .
لطفي حجي
نور الدين البحري في حديث لـ" حقائق "
"للسلطة مسؤولية كبيرة في نجاح المبادرة "...
استقطب إعلان تجميد عضوية السيد نورالدين البحري ، عضو المكتب السياسي لحركة النهضة والذي نشره بمعية السيد صدقي العبيدي اهتمام المتابعين لما تمر به حركة النهضة حاليا ... لمزيد التوضيح التقت " حقائق " بالسيد البحري وكان لنا معه الحوار التالي :
: ماهي الأسباب التي دفعتكم إلى تجميد عضويتكم في الحركة ؟
نورالدين البحري :
بالنسبة لعملية التجميد أقول وان العملية كواقعة هي ليست جديدة بل هي عملية من الناحية التاريخية تكاد تكون سابقة لتاريخ الإعلان عنها وهي كانت عملية مفروضة بحكم الظروف التي حفت بالحركة في فترة سابقة والتي حالت دوني ودون العديد من القياديين والقيام بواجبهم في تأطير قواعد الحركة وفي الاتصال بها وفي إدارة الحوار داخل الحركة وذلك بحكم أننا وصلنا في علاقتنا مع السلطة إلى درجة من المضايقات والتضييقات وقطع كل سبل العمل – إيقاف الجريدة – حيث استحال علينا العمل بصفة واقعية ولا أدل من ذلك من أن المجلس الشورى العام الذي أعلن عنه في إطار مبادرة تنقية المناخ السياسي وفي اطار التعبير عن الالتزام من جديد بالعمل في إطار القانون والشفافية ورفض العنف ورفض العمل السري لم يستطع أن يجتمع إلا مرة واحدة إذ تم إيقاف الرئيس مباشرة اثر ذلك الاجتماع وكان أن بقيت وسيلة الاتصال الوحيد بقواعد الحركة هي الجريدة فتم إيقافها ، لذلك أقول أن عملية التجميد هي عملية قديمة في التاريخ ومفروضة بحكم المضايقات و التضييقات على نشاط قيادة الحركة.
الجديد هو الإعلان بصفة علنية حتى نحمل كل طرف مسؤوليته وحتى نقول لكل الأطراف أننا وصلنا إلى مرحلة ضروري فيها أن نصارح بعضنا البعض وان نعبر عن حقيقة الواقع وان نقول أن الأوضاع الآن وصلت إلى درجة من التصعيد فرضت علينا الاختيار بين أمرين بين مواصلة التمسك بمبادئنا المعلنة والتي جوهرها العمل في إطار القانون والعمل العلني ورفض اعتماد العنف كوسيلة لحسم الخلافات السياسية وبين انخراط في عمل آخر مخالف لهذا الاتجاه تماما ونحن أردنا بالإعلان عن هذا التجميد أن نقول للناس أنكم وضعتمونا في وضعية سيئة جدا وأنكم تتحملون تبعات كل ما يمكن أن ينتج عن مثل هذه الوضعية .
ماذا تعنون بكلمة الناس ؟
المعني أولا وأخيرا بالقضية هذه التي عشناها هي السلطة لان الأحداث التي عاشتها البلاد لعبت فيها السلطة باعتبارها من ناحية تمثل طرفا سياسيا وباعتبارها من ناحية ثانية هي الماسكة بزمام الأمور لعبت فيها دورا كبيرا! ومسؤوليتها من الطبيعي أن تكون اكبر من غيرها لأنها هي المسؤولة على تسيير الأمور في البلاد وهي التي بيدها زمام الأمور لذلك أقول أن الوضع الذي وصلنا إليه من حالة انسياب في إمكانيات العمل السياسي العلني والقانوني ، المسؤولة عليه هي السلطة .
بعض الأطراف داخل الحركة وخاصة القواعد شعرت وكأن المبادرة موجهة ضدها وهي كرد فعل خاصة وأنها جاءت بعد عملية باب سويقة ؟
أقول أن المبادرة في الحقيقة هي ليست موجهة ضد احد بل هي جاءت تعبيرا عن جملة من القناعات وجاءت في محاولة أخيرة لانقاد الوضع في البلاد والحيلولة دون انزلاق الأوضاع في البلاد نحو متاهات العنف ومتاهات ردود الأفعال .. متاهات اعتماد وسائل القوة في حسم الخلافات السياسية . كما جاءت للتعبير على أن هنالك إحساسا داخل العديد من الأطراف سواء داخل الحركة الإسلامية أو خارجها أن بلادنا مقبلة على مرحلة يبدو أن للبعض مصلحة في دفعها نحو الصراعات الفئوية وصراعات بين أطراف سياسية مختلفة لا تحترم فيها ادني مقتضيات الصراع النزيه ، الصراع السياسي المنطقي والمعقول ، جاءت هذه المبادرة للتعبير عن قلق وعن حرص لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان وللتعبير كذلك على أن بلادنا في حاجة إلى كل طاقتها وكل أبنائها و كل جهد مهما كان الانتماء السياسي وان ما وصلنا إليه من احتداد في الموقف والصراع بين السلطة وبين الإسلاميين او بين السلطة وبقية أطراف المعارضة هو قابل للحل وقابل للتسوية اذا ما توفرت العزيمة السياسية الصادقة والإرادة التي تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وحسابات سياسية و شخصية .
هل تتوقعون أن ينسج آخرون داخل الحركة على منوال الخماسي ؟
تقدير العبرة ليست بالعدد وليس كذلك بالإعلان وكما أشرت في أول حديثي أن وضعية تجميد نشاطي في الحقيقة وضعية تشمل العديد من قيادات الحركة باعتبار استحالة التحرك بالنسبة إليهم .
لان النشاط هو التواصل مع قواعد الحركة والنشاط هو إدارة الحوار داخل مؤسسات الحركة والنشاط هو تواصل مع الرأي العام الوطني والعالمي ، أنا أقول العبرة أن هناك أناسا داخل الحركة الإسلامية ضحوا في مرحلة معينة عندما أحسوا بان الوضع في البلاد يكاد ينحرف ( الإعلان عن تكوين النهضة والقبول بمدا قانون الأحزاب وتغيير الاسم ) وهم مستعدون مرة أخرى رغم كل الظروف لتجاوز مصالحهم الشخصية والحزبية للمساهمة في عمل آخر يراعي مصلحة البلاد كما عبروا من جديد انه بالنسبة إليهم مصلحة البلاد هي فوق كل اعتبار وان الحسابات السياسية الذاتية مهمة لكن في اللحظات الحرجة والتاريخية تصبح بدون اعتبار . التحاق بعض الناس أو عدم التحاقهم يبقي رهبن رد فعل الطرف الثاني المعني في البلاد واقدر إلى حد الآن للأسف الشديد انه لم يوجد رد فعل ايجابي بالمعنى الكامل للكلمة . في تقديري يكمن الخطأ في أن بعض الأطراف يحاولون تأويل هذا الموقف على انه ناتج على انخرام داخل الساحة الإسلامية ... وان تجميد بعض مسئولين لعضويتهم في الحركة هو تهرب من تحمل مسؤوليتهم في الأوقات الحرجة ... وإنني احذر من هذه التأويلات لأنها تفقد المبادرة أهميتها وترجع بنا من جديد إلى مأزق أردنا تفاديه وأدعو الطرف المقابل إلى أن يحدد موقفه بصفة علنية نحن كانت لدينا الشجاعة في التعبير عن موقفنا رغم تبعات هذا الموقف سواء كانت على الساحة الإسلامية أو خارجها بكل صراحة وبدون مراعاة أي طرف وبدون مجاملة ، كما وصلت إلى تجميد نشاطي داخل الحركة وعناصر أخرى مؤسسة للحركة ، هذا في الحقيقة شجاعة نادرة أتمنى لو نكون عشناها في أحزاب أخرى ، فالمطلوب هو أن يكون للآخرين حد أدنى للتعامل الجدي مع المبادرة في إعلان موقفها منها بصفة علنية وصريحة لان هذا يكون محددا لخطواتنا القادمة : نواصل أم نتراجع .. فالتفاعل سلبي إلى حد الآن على مستوى وسائل الإعلام .
هل تعتقدون أن هناك من يشاطر الرؤى التي عبرتم عنها من بين رموز الحركة المتواجدين خارج البلاد ؟
إن تفاعل الساحة الإسلامية وبعض رموز الحركة مع هذا الموقف فيه جزء من منطلقات مبدئية كان حاصلا حولها الإجماع و أنا متأكد وان الرافضين هم أقلية وان المبادرة في حد ذاتها هي وفاء لهذه المبادئ وما جاء في القانون الأساسي للحركة . إن التفاعل مع المبادرة رهبن توفر مناخان معينة ، رهبن الإحساس بان هناك رغبة جادة في إنقاذ الموقف و رهبن الإحساس بان الحركة الإسلامية ليست مستهدفة ، كل هذا يتطلب جملة من الإجراءات : الاقتناع بان الخيار الأمني لا يمكن أن يحل الإشكالات القائمة في البلاد سواء كانت بين السلطة وبين الظاهرة الإسلامية أو بين السلطة والمعارضة ككل ،
ثانيا تنقية المناخ السياسي لإعادة الثقة لان جزءا من الأزمة التي نعيشها هي أزمة مصداقية وثقة بين أطراف المجتمع ككل الظاهرة الإسلامية احد مكوناتها إذن أقول أن الاستمرار في حملة التضييفات والإيقافات ، داخل البلاد من شانه تعطيل التفاعل الايجابي للعديد من الأطراف داخل الحركة مع المبادرة .
كيف تقبلتم الفقرة الواردة في بيان رئيس الحركة في خصوص مبادرتكم ؟
ليس لي قراءة خاصة لموقف راشد الغنوشي لكن اعتبر بان هذا الموقف يدل على أن الحركة ورئيسها تفاعلا مع البادرة بشكل ايجابي أكثر من غيرهم وهذا مؤشر ايجابي إذا ما استوعبت عناصر داخل الحركة بشكل جيد منطلقات المبادرة وأسبابها ولم تدخل في متاهات ردود الأفعال السلبية وهو دليل نضج نتمنى أن يتجسم عمليا .
تحدثتم عن ضرورة صدور رد فعل ايجابي من السلطة حتى تتمكنوا من القيام بخطوات أخرى فهل بإمكانكم تدقيق ما تنتظرونه بصفة واضحة ؟
بالنسبة للسلطة مسؤوليتها كبيرة في تحديد مصير هذه المبادرة إما تفشل هذه المبادرة أو ترد على اليد الممدودة وتحكم على هذه المبادرة بالنجاح لإنقاذ الموقف ولإعطاء المبادرة أفاقا جديدة ولحل جملة القضايا المتعلقة في البلاد وخاصة قضية الملف الإسلامي، على السلطة أن تعبر على موفقها صراحة وبصفة علنية و أتصور ، وان هذا حد أدنى لتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذه المرحلة لان المسالة لا تهم الإسلاميين والسلطة فحسب بل البلاد ككل ، ثم لا اقل من أن تساهم السلطة في توفير المناخان الضرورية حتى تجد مثل هذه المبادرات صداها وحتى تمكن الناس من التفاعل الايجابي بعيدا عن الضغوط. إننا نعيش منعرجا صعبا نتمنى الخروج منه سالمين ولذلك مطلوب من كل الأطراف الابتعاد عن الحسابات السياسية الضيقة والنظر إلى مصلحة البلاد قبل كل شيء. حاوره
نجيب لاكانجي
والمنصف محروق
No comments:
Post a Comment