أشباح تطارد الإسلاميين التوانسة خالد شوكات قبل أيام، كنت أعبر شارع الحبيب بورقيبة، شارع الثورة في تونس العاصمة، و كان العبور شبه مستحيل، ليس لأن حركة السير كانت مزدحمة بالبشر و السيارات كعادة هذه الجادة التي طالما شكلت القلب النابض بالجمال و الأناقة والحياة للحاضرة التونسية، أو لأن الحكومة بادرت بإغلاق المنافذ لأسباب احترازية، خصوصا و أن البلد ما يزال يشهد بعض التحديات الأمنية بين الفينة و الأخرى، إنما لأن السبب كان استيلاء آلاف من الشبان الملتحين و الشابات المحجبات، على جزء كبير من هذا الفضاء العمومي، يرفعون رايات سود كتبت عليها الشهادة " لا إله إلا الله محمد رسول الله"، و يرددون بشكل جماعي نداء "التكبير"، ويرددون بين الفينة و الأخرى شعارات تطالب ب"الشريعة" و"الحجاب" و"الدولة الإسلامية". تساءلت في داخلي، أيكون التونسيون قد كفروا و أنا لا علم لي حتى يقوم هؤلاء برفع راية التوحيد من جديد وتذكير الجمهور بأنهم من أتباع الملة المحمدية، أم أن حكومة ما بعد الثورة عادت لتتمسك بتطبيق قانون حظر الحجاب المعروف بإسم "المنشور 108" بعد أن منحت ترخيص العمل القانوني لحزب النهضة وعدد آخر من الأحزاب الإسلامية، و سمحت للنساء المحجبات باستخراج بطاقات الهوية الوطنية بصورهن وهن يرتدين غطاء الرأس، و أخرجب كافة المعتقلين الإسلاميين من السجون في إطار قانون العفو العام الذي جرت منذ أسابيع المصادقة عليه. كانت مطالب غالبية الإسلاميين و المتدينين في تونس قبل شهر واحد من اندلاع الثورة، مجرد أن يحظوا بحياة طبيعية، على قدم المساواة مع بقية المواطنين، فقد كان عدد كبير منهم يشعر بالاستثناء، وبأن العيون تطارده أينما حل و ارتحل، وأنه محروم من أبسط حقوق المواطنة، كحق استخراج بطاقة هوية أو جواز سفر أو الحصول على وظيفة عمومية أو منحة جامعية، ناهيك عن حقه في إطلاق لحيته أو تقصير ثوبه أو ممارسة شعائر عبادته، و خصوصا منها صلاة الفجر، التي كانت ترصد من قبل الأجهزة الأمنية على أنها شبهة أو جريمة. لقد مرت على الإسلاميين والمتدينين في تونس أيام سود و سنوات عجاف، لا شك أنها خلفت في نفوسهم مرارة كبيرة وإحساسا قويا بالحرمان والاضطهاد والظلم والقهر، بل لعلهم يشعرون في قرارة أنفسهم أنهم أكثر من قدم تضحيات في مواجهة نظام الرئيس بن علي، الذي لا يخفى على أحد أنه قد مارس التلذذ بقمعهم لسنوات طويلة، و منحت له شهادات تكريم دولية في هذا المضمار، وكان من أخطر الآثار التي خلفتها سياسة تلك، الفجوة النفسية و حالة الشك والريبة القوية التي تتملك شرائح واسعة من التونسيين إزاء كل ما له صلة بالإسلاميين والحركات الإسلامية. و على قيادات الحركة الإسلامية التونسية أن يكونوا على وعي كبير بهذه الفجوة، وأن يعملوا على أن لا تكبر بحسن ضبط وتوجيه قواعدهم، و النأي بتحركاتهم عن مظاهر استعراض القوة التي لوحظت في أكثر من واقعة خلال هذه الفترة الوجيزة، من قبيل مظاهرات أصحاب الرايات السوداء المذكورة، و احتلال المساجد والجوامع ودور العبادة و التدخل في عزل وتنصيب أئمتها، إلى التصريحات العنترية التي يطلقها بعض زعماء الحركة و كوادرها بين الفينة والأخرى، في ظل إعلام متبدل شديد الولع بالإستفزاز و الإثارة والرغبة في جر الخصوم إلى مستنفعات الخطيئة السياسية والفكرية. و يجب أن يدرك هؤلاء القادة، أن غالبيتهم كانوا بين سجين و شريد، وأنهم انقطعوا تقريبا عن بلادهم قرابة العقدين من الزمان، وأن درايتهم وتجربتهم و صلاتهم بالأجيال الجديدة التي كانت وقود الثورة، ما تزال محدودة جدا، وأن عليهم أن يمنحوا أنفسهم الوقت لدراسة أحوال البلاد و العباد، و لمد جسور الثقة و التواصل الطبيعي بينهم وبين شعبهم نخبا و جمهورا، والأهم من كل هذا أن يمنحوا أنفسهم الوقت لممارسة الحياة الطبيعية بعيدا عن ظلال الأزمات والتشنجات و الصراعات والسجون و المنافي، و أن يتخلصوا من الآثار السلبية، المعنوية و الجسدية، التي تركت ندوبها الأيام السالفة، وأن يتفاءلوا بالخير والمستقبل، و يعملوا على ترتيب أولوياتهم بطريقة تراعي المصالح الوطنية، ويحرصوا على النأي بأنفسهم هم ازدواجية الخطاب و كل خلط بين العمل السياسي و العمل الدعوي. لقد أظهر هؤلاء القادة انزعاجا من مطالبة القوى السياسية والفكرية التونسية لهم بالتوقيع على عقود وضمانات تلزمهم باحترام قواعد الديمقراطية و مكتسبات الحداثة والجمهورية، معترضين على أنهم هم من يجب أن يقدم لهم ضمانات عدم اضطهادهم ومصادرة حقوقهم مجددا، و متشبثين بمشاعر وأفكار تصر على أنهم هم من يتعرض إلى هجوم و مؤامرة. و الرأي أن الدفع بتونس من جديد إلى حالة استقطاب حادة، أو إلى وضعية من الصراع الحاد والفوضى، قد تجعل من الإسلاميين، لأسباب وعوامل كثيرة معقدة، داخلية وخارجية، الخاسر الأكبر في النهاية، خصوصا وأن أطرافا عديدة متربصة بالتجربة الإصلاحية و الديمقراطية، عرفت بتطرفها الايديولوجي يمينا ويسارا، تعمل جاهدة على تأزيم الحياة السياسية التونسية، وستجد ضالتها بلا شك في أن تتجه الحركة الإسلامية نحو "كابول" بدل أن تولي وجهها شطر "اسطمبول"..و التنازلات التي يمكن أن تقدم لخدمة استقرار الأوطان ونمائها، لن تكون دليل ضعف أو هوان، بل دليل رحمة و استنارة و عرفان.
2 comments:
ça ce n'est pas n'importe uqle parti islamistes ==> C'ets le parti du Hezb Tahrir .
Où vous voyez un drapeau noir où il ya écrit dessus لا إله إلّا الله ==> C'est Hezb Tahrir.
hezb Tahrir est le genre de parti que les gouvernements occidentaux utilisent en général pour déformer l'image de l'islam.
En Tunisie, Hezb Tahrir collabore avec la police politique , durant la manifestation devant la synagogue, il n y avait pas que des membre du Hezb, il y avait aussi des policiers en civil dans la manifestation ... Hezb Tahrri collabore toujours en secret avec la police politique, la CIA , le FBI, ce genre choses... Dans l'ombre ces institutions gouvernementales soutiennent ce parti, mais dans la lumière les partis politiques se disent outrés par les demandes de ce parti ... ==> C'est un double jeu.
En Tunisie, on essaie de salir l'image des islamistes à travers la mascarade du Hezb Tahrir.
C'est peut-être le Hizb Ettahrir, mais ce dernier n'est pas celui que vous présentez sous cette image. Je pense connaître un peu les mouvements islamiques et en matière de collaboration avec les gouvernements occidentaux, les islamistes irakiens, chiites et sunnites( surtout les frères musulmans)sont passés maîtres. Ceci dit je publie des articles mais leur responsabilité incombre à leurs auteurs.
Ahmed Manai
Post a Comment