يوم الأربعاء 16 جانفي 2013
الـحقـوقـي أحمد المناعي: أخطاء الغنوشي سبب المصائب التي حلت بقـواعـد النهضــة
نشر في 16-01-2013 11:28:37
كان الدكتور أحمد المنّاعي معارضا شرسا لنظام بن علي.. تعرّض للإيقاف
والتعذيب قبل ان يهاجر الى فرنسا ويواصل نضاله.. عرف عنه دفاعه عن
الاسلاميين في المحافل الدولية والمؤسّسات الحقوقيّة، وكان صديقا شخصيا
لراشد الغنوشي.. عاد الى تونس سنة 2008، ومنذ ذلك التاريخ لاحقته الاتهامات
والسّهام من حركة النهضة، وهكذا وبعد ان كان في نظر الكثيرين محسوبا
عليها، اصبح متهما بانه أحد بيادقة النظام السابق..
في الحوار التالي يكشف لنا الدكتور المناعي تفاصيل مثيرة عن تاريخ حركة النهضة وعلاقته بأهمّ رموزها كما يكشف النّقاب عن مواقفه من عدّة مواضيع سياسيّة أخرى.
ما سرّ القطيعة بينك وبين حركة النهضة؟
أنا لم أكن يوما عضوا في حركة النهضة ولا ناشطا في صفوفها بل كنت مدافعا عنها وعن حقّ وجودها كحركة سياسيّة من حقها النّشاط بصورة علنية.. لقد كنت ومنذ ظهور الحركة في سنة 1981 من المدافعين عنها وعن سجنائها، لكنني وبعد سنوات وعندما كنت في المنفى التقيت بقاداتها لأكتشف انّني كنت مخطئا، فالقضيّة لم تكن قضيّة نظام مستبدّ ضد حركة مسالمة ومدنية بل بين نظام مستبدّ وحركة تريد الانقلاب عليه.
ماذا تقصد بالانقلاب الذي طالما نفته حركة النهضة؟
ـ لعلمك كل الحركات الاسلاميّة في العالم لاتعترف بأخطائها ولا تعتذر عنها، وكلها تقوم على السرّية والعنف.. لقد طالبت راشد الغنوشي بأن يعتذر لقواعد الحركة ـ وهم بالآلاف ـ وأقلّ ما يمكن أن يقدّمه باعتباره وزعماء النهضة من ارتكبوا أخطاء لا فقط سياسيّة بل أخلاقيّة لكنه رفض ذلك، وأؤكّد لك انه لن يعتذر ولن يعترف بأخطاء كلّفت البلاد الكثير وحركة كات سببا في ما حصل طيلة حكم بن علي.. إنّ النهضة وكسائر الحركات الاسلامية لا تعترف بجرائمها ومحاولاتها الانقلابيّة، وانا أسأل سي راشد لماذا لا تكشفون أخطاءكم للناس وتعتذرون لمن سجن وعذّب وتشتّتت عائلته بسببكم.. لا جدال في أنّ النظام يتحمّل جزءا من ذلك لكنّكم تتحمّلون وزر اخطائكم أيضا.
لم تحدّثني عن محاولات الانقلاب؟
ـ نعم لقد اعترف لي الدكتور منصف بن سالم في رسالة بعث بها إليّ وأنا في المنفى بتفاصيل عملية الانقلاب التي كان يقودها ووقع اجهاضها، وهو ما يعكس حقيقة هذه الحركة، فالعنف جزء لا يتجرّأ من تاريخها وحركة النهضة قامت بمحاولتين انقلابيتين، الأولى سنة 1987 والثانية سنة 1991، ورغم مرور أكثر من 30 سنة فهم مازالوا متكتّمين على هاتين المحاولتين ولا يريدون الكشف عن تفاصيلهما رغم انّ عديد الوثائق والتصريحات لبعض المسؤولين وخاصة منصف بن سالم تؤكّد ذلك، وكان من الأمانة عدم توريط المساندين للحركة والشركاء والأنصار لأنّ هذا هو الحدّ الأدنى الأخلاقي.. هذا دون الحديث عن تفجيرين بنزلين بسوسة والمنستير وحادثة باب سويقة الشهيرة.. فالنهضة لم تكن حزبا سياسيّا يريد الوصول الى السلطة بصفة سلمية وديمقراطية، بل كانت تريد الكرسي الذي يجلس عليه بن علي.. ومن ثمّة، فهي كغيرها من التيارات الاسلاميّة تكفّر كل من يخالفها الرأي، ويخطئ من يقول انّها ترغب في التعايش سلميا مع التيّارات الأخرى، بل انّها كفّرت حتى من انسحب من تنظيمها..
(مقاطعا) مثل من؟
ـ سليم بن حميدان وعماد الدايمي وشكري الحمروني كانوا اعضاء في حركة النهضة قبل ان ينسحبوا منها فشنّت ضدّهم حملات وكفّرتهم، بعد تأسيسهم لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة واعتبرتهم علمانيين وأنا أحتفظ بدليل ذلك رغم أنّي لاحظت أنّهم كثيرا ما يتولون إتلاف وثائقهم على الانترنات.
ما هي الخطوة التي كنت تنتظرها من راشد الغنوشي؟
ـ أن يعتذر ولو بجملة اعتراضيّة في أحد خطاباته لأنّي أعتقد أنّ أخطائه كانت سببا في كلّ المصائب التي حلّت بقواعد النهضة، لكنّه لم يفعلها ولن يفعلها للأسف..لا أحد في التيارات الإسلاميّة اعترف يوما بأخطاء حركته، فمالك ابن نبي المفكر الجزائري الذي كان يدافع عن الإسلاميين في الجزائر مدة 20 سنة، عندما ذهب الى مصر غير آراءه لأنّه لاحظ أنّهم يكفّرون الآخرين.
وكأنّي بك الآن لا تثق بقياديي حركة النهضة وهم في السلطة؟
ـ أنا لا أثق بأيّ من قياديي النهضة باستثناء الذين انسحبوا منها.. لقد كانت لي علاقات مع الذين هم الآن في الحكم، وللأسف لا يمكن ان أثق بهم.. نعم هم الآن في السلطة بعد انتخابات نزيهة لكنّني استغرب وجود بعض الأسماء في مناصب وزاريّة.
لماذا هذا الاستغراب؟
ـ لأنّهم نادوا ذات يوم باستعمال العنف وهو جزء من خطابهم وأدبياتهم فكيف يتشدّقون بالديمقراطيّة؟!.. انّه من المفارقات الغريبة ان يكفر بالديمقراطيّة وهي التي أوصلته للحكم.. لكنني اتوقّع ان ينقلبوا يوما ويعودوا الى حقيقتهم لأنّ العنف من ثوابت الحركات الاسلاميّة.
ما موقفك من لجان حماية الثورة؟
ـ هذه اللجان هي نفسها من كانت تسمّى بلجان الرعاية في بداية الاستقلال، وكان يستخدمها الحزب الدستوري للاعتداء على اليوسفيين، وأنا أعتقد انّها ليست الاّ اداة بيد النهضة تضرب بها خصومها، فهي لجان لحماية النهضة وليس الثورة وفي تقديري فإنّ الحكومة قادرة على حلّ هذه الرّوابط بمجرّد اجتماع وزاري لكن النهضة ترفض ذلك.
كثيرون يتهمونك بأنّك عقدت صفقة مع نظام بن علي مكّنتك من الرّجوع الى تونس، وربّما هذا ما ألّب عليك حركة النهضة؟
ـ هي مغالطة كبرى ومحاولات تشويه من أطراف كنت سندا لها ودافعت عنها منذ نشأتها.. كل ما في الأمر انني ومنذ هروبي من تونس تلقيت عديد الرّسائل الشفوية من بن علي يدعوني فيها الى العودة الى الوطن وفي مناسبات كثيرة منها كنت اطرح قضيّة المساجين السياسيين التي وعدني بأنّها ستحلّ في انتخابات 2009.. ولكنّني وفي سنة 2008 أدليت بحوار في قناة «الجزيرة مباشر» حول المعارضة التونسية اعتبرت فيه انها مشتّتة وضعيفة وذكرت انّ هناك حزبا كان في وقت من الأوقات قادرا على مواجهة الحزب الحاكم الاّ انه استعجل امره وأراد الانقضاض على السلطة في محاولتين انقلابيتين في 1987 و1991، وفي اليوم الموالي من اللقاء تلقيت مكالمة هاتفيّة من موظّف سام في السفارة التونسية بباريس اعلمني فيه برغبة السّفير في مقابلتي وهو الذي حصل في اليوم الموالي.. وبعد لقائي به قال لي: «الرئيس يبلغك بأنّه باستطاعتك العودة الى بلادك» وقد شكرته على ذلك وتحول الحديث الى نقاش حول امكانيّة رجوع عائلتي من دون مساءلة كما أبلغته رغبتي في أن يقع النّظر في قضيّة المساجين السياسيين، وبعد أسبوع أجابني بأنّه لا توجد تتبّعات ضدّ عائلتي، ولكنّني لم أعد إلى تونس الاّ بعد 5 أشهر من ذلك التاريخ الى تونس. وبعد عودتي بأيّام قليلة تمّ الافراج على بقيّة مساجين حركة النهضة فعن اي صفقة تتحدّث؟
كيف تقيّم عمل حكومة الترويكا؟
ـ لو قارنّاها بأول حكومة بعد الاستقلال لوجدنا انّ هذه الحكومة لم تنجز شيئا مقارنة بحكومة الاستقلال.. هذه الحكومة لا تملك رؤية واضحة ولا استراتيجيا للعمل وقد اكتفت بالوعود والتصريحات، كما انّ اشتراك ثلاثة احزاب في الحكم قد أثّر على أدائها لأنّها ببساطة لم تتعوّد على حكومة وأحزاب تعارض كما انّه لابدّ من رئيس منتخب من قبل الشعب، ودعني أذيع لك سرّا: لقد تمنّيت ان تحكم النهضة وحدها. وهي قادرة على ذلك لأنّ من سيحكم بعدها سيحكم على أدائها.
ما تعليقك على تصريحات الرئيس المرزوقي ومواقفه؟ وأي مستقبل سياسي له؟
ـ مستقبل منصف المرزوقي السياسي سيكون وراءه في الانتخابات القادمة وأنا لا تعنيني استطلاعات الرأي التي تقدّمه منافسا قويّا في الانتخابات القادمة وأنا أعي ما أقول فالرئيس الذي يرمى بالحجارة والبطاطا وبعبارات ديقاج لا يمكن أن نتحدّث عن مستقبل سياسي له. أمّا الحديث عن تصريحاته ومواقفه فما هي الاّ انفعالات وردود أفعال غير مدروسة العواقب.
وهل تنكر انّه مناضل حقوقي ومن أشرس معارضي بن علي؟
ـ هاتوا لي ملفّا حقوقيّا لسجين سياسي واحد دافع عنه المرزوقي لدى المنظّمات الحقوقيّة العالمية أو حتى في تونس.. لقد كان رئيسا للرابطة التونسية لحقوق الانسان ولم يتمكّن من فضّ ولو ملفّ واحد.. المرزوقي صنعه المرحوم علي السّعيدي وهو من عرّفه بالكنديين والأوروبّيين، والثابت أنّه مدين له بذلك، المرزوقي يمكن ان تطلق عليه صفة الكاتب أو الطبيب أما ما عدا ذلك فلا يستقيم.
وأداء المعارضة، ما هو تقييمك له؟
ـ المعارضة لا تجيد الاّ الانتقاد والمؤسف أنّه لا أحد في المعارضة يملك برنامجا اقتصاديّا بإمكانه الخروج بالبلاد من حالة التخبّط والبطالة، وفي نظري معارضة بلا برامج وبلا دراسات علمية لا يمكن اعتبارها معارضة.
هل أنت مطمئنّ على مصير البلاد؟
ـ طبعا لا.. أيّ مصير والنهضة من تحكمها؟ لو قدّر لها أن تحكمنا لمدّة عشر سنوات لهاجر الكثير منّا.. أكثر من ذلك انا شخصيا كانت لي علاقات بهذا التنظيم انتهت رغم انني قضيت جزءا كبيرا من حياتي في الدفاع عن مساجينها في المحافل الدولية، كما كتبت الكثير من مقالات الرأي من أجل حقها في الوجود لكن ما يؤلمني اليوم زعمهم انّهم ضحايا نظام بن علي وانهم كانوا من فازوا في انتخابات 1989 لكن بن علي زوّرها وللأمانة كنت مشاركا في هذه الانتخابات وأؤكّد لكم أنه النهضة لم تكن لتفوز حتي لو لم يقع تزويرها وانا عبر جريدتكم أطالب وزير الداخلية بأن يكشف لنا عن نتائج انتخابات 89 وستكون الحقيقة صادمة وأوّل المصدومين قيادات النهضة.
لماذا كل هذا التحامل على حركة النهضة؟
ـ لست متحاملا بقدر ما هي حقائق لم أدل الاّ بالقليل منها وانتظروا كتابي القادم فسيتضمّن فيه حقائق مذهلة لأنّ من يتّهمني بالولاء، لبن علي والهرولة ربّما نسي أو تناسى أنّه بعث برسالة شخصية لبن علي في جويلية 2008 أي قبل عودتي إلى أرض الوطن يطلب فيها منه الصفح عن المساجين ويدعوه إلى الحوار.. اكثر من ذلك هل تعلم أنّ أحد أولياء مساجين الحركة أعلمني انّ وزير العدل الآن كان يتقاضى ألفي دينار اتعاب دفاعه عن أبناء الحركة بدعوى ابعاد الشبهات عنه، في حين كان يتقاضى زملاؤه 300 دينار، فعن أي نهضة تتحدّث؟
كثرت ظاهرة سفر بعض الشبّان الى سوريا بدعوى الجهاد، كيف تقرأ هذه الظاهرة وما هي رسالتكم لهم؟
ـ عندما يصف وزير خارجيتنا بأنّهم شهداء تونسيون في سوريا، وعندما تعترف حكومتنا بالعملاء كممثّلين عن الشعب السوري ندرك انّنا أمام حقيقة صادمة، وان حكومتنا تبارك هذه العمليات الاجراميّة التي تسمّى باطلا «الجهاد».. وبالمناسبة أقول لهم انتم لا تمثّلون الاسلام في شيء وسوريا لها شيوخ وعلماء دين ومساجد عريقة وذهابكم لسوريا هو عمليات انتحارية، لأنّ سوريا باقية وما يحدث فيها مؤامرة دولية من أجل اركاعها كما أؤكّد لهم انّ ما تروّجه بعض وسائل الإعلام المأجورة عار من الصحّة وستكون سوريا مقبرة لكلّ المرتزقة والمتذيلين.
في الحوار التالي يكشف لنا الدكتور المناعي تفاصيل مثيرة عن تاريخ حركة النهضة وعلاقته بأهمّ رموزها كما يكشف النّقاب عن مواقفه من عدّة مواضيع سياسيّة أخرى.
ما سرّ القطيعة بينك وبين حركة النهضة؟
أنا لم أكن يوما عضوا في حركة النهضة ولا ناشطا في صفوفها بل كنت مدافعا عنها وعن حقّ وجودها كحركة سياسيّة من حقها النّشاط بصورة علنية.. لقد كنت ومنذ ظهور الحركة في سنة 1981 من المدافعين عنها وعن سجنائها، لكنني وبعد سنوات وعندما كنت في المنفى التقيت بقاداتها لأكتشف انّني كنت مخطئا، فالقضيّة لم تكن قضيّة نظام مستبدّ ضد حركة مسالمة ومدنية بل بين نظام مستبدّ وحركة تريد الانقلاب عليه.
ماذا تقصد بالانقلاب الذي طالما نفته حركة النهضة؟
ـ لعلمك كل الحركات الاسلاميّة في العالم لاتعترف بأخطائها ولا تعتذر عنها، وكلها تقوم على السرّية والعنف.. لقد طالبت راشد الغنوشي بأن يعتذر لقواعد الحركة ـ وهم بالآلاف ـ وأقلّ ما يمكن أن يقدّمه باعتباره وزعماء النهضة من ارتكبوا أخطاء لا فقط سياسيّة بل أخلاقيّة لكنه رفض ذلك، وأؤكّد لك انه لن يعتذر ولن يعترف بأخطاء كلّفت البلاد الكثير وحركة كات سببا في ما حصل طيلة حكم بن علي.. إنّ النهضة وكسائر الحركات الاسلامية لا تعترف بجرائمها ومحاولاتها الانقلابيّة، وانا أسأل سي راشد لماذا لا تكشفون أخطاءكم للناس وتعتذرون لمن سجن وعذّب وتشتّتت عائلته بسببكم.. لا جدال في أنّ النظام يتحمّل جزءا من ذلك لكنّكم تتحمّلون وزر اخطائكم أيضا.
لم تحدّثني عن محاولات الانقلاب؟
ـ نعم لقد اعترف لي الدكتور منصف بن سالم في رسالة بعث بها إليّ وأنا في المنفى بتفاصيل عملية الانقلاب التي كان يقودها ووقع اجهاضها، وهو ما يعكس حقيقة هذه الحركة، فالعنف جزء لا يتجرّأ من تاريخها وحركة النهضة قامت بمحاولتين انقلابيتين، الأولى سنة 1987 والثانية سنة 1991، ورغم مرور أكثر من 30 سنة فهم مازالوا متكتّمين على هاتين المحاولتين ولا يريدون الكشف عن تفاصيلهما رغم انّ عديد الوثائق والتصريحات لبعض المسؤولين وخاصة منصف بن سالم تؤكّد ذلك، وكان من الأمانة عدم توريط المساندين للحركة والشركاء والأنصار لأنّ هذا هو الحدّ الأدنى الأخلاقي.. هذا دون الحديث عن تفجيرين بنزلين بسوسة والمنستير وحادثة باب سويقة الشهيرة.. فالنهضة لم تكن حزبا سياسيّا يريد الوصول الى السلطة بصفة سلمية وديمقراطية، بل كانت تريد الكرسي الذي يجلس عليه بن علي.. ومن ثمّة، فهي كغيرها من التيارات الاسلاميّة تكفّر كل من يخالفها الرأي، ويخطئ من يقول انّها ترغب في التعايش سلميا مع التيّارات الأخرى، بل انّها كفّرت حتى من انسحب من تنظيمها..
(مقاطعا) مثل من؟
ـ سليم بن حميدان وعماد الدايمي وشكري الحمروني كانوا اعضاء في حركة النهضة قبل ان ينسحبوا منها فشنّت ضدّهم حملات وكفّرتهم، بعد تأسيسهم لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة واعتبرتهم علمانيين وأنا أحتفظ بدليل ذلك رغم أنّي لاحظت أنّهم كثيرا ما يتولون إتلاف وثائقهم على الانترنات.
ما هي الخطوة التي كنت تنتظرها من راشد الغنوشي؟
ـ أن يعتذر ولو بجملة اعتراضيّة في أحد خطاباته لأنّي أعتقد أنّ أخطائه كانت سببا في كلّ المصائب التي حلّت بقواعد النهضة، لكنّه لم يفعلها ولن يفعلها للأسف..لا أحد في التيارات الإسلاميّة اعترف يوما بأخطاء حركته، فمالك ابن نبي المفكر الجزائري الذي كان يدافع عن الإسلاميين في الجزائر مدة 20 سنة، عندما ذهب الى مصر غير آراءه لأنّه لاحظ أنّهم يكفّرون الآخرين.
وكأنّي بك الآن لا تثق بقياديي حركة النهضة وهم في السلطة؟
ـ أنا لا أثق بأيّ من قياديي النهضة باستثناء الذين انسحبوا منها.. لقد كانت لي علاقات مع الذين هم الآن في الحكم، وللأسف لا يمكن ان أثق بهم.. نعم هم الآن في السلطة بعد انتخابات نزيهة لكنّني استغرب وجود بعض الأسماء في مناصب وزاريّة.
لماذا هذا الاستغراب؟
ـ لأنّهم نادوا ذات يوم باستعمال العنف وهو جزء من خطابهم وأدبياتهم فكيف يتشدّقون بالديمقراطيّة؟!.. انّه من المفارقات الغريبة ان يكفر بالديمقراطيّة وهي التي أوصلته للحكم.. لكنني اتوقّع ان ينقلبوا يوما ويعودوا الى حقيقتهم لأنّ العنف من ثوابت الحركات الاسلاميّة.
ما موقفك من لجان حماية الثورة؟
ـ هذه اللجان هي نفسها من كانت تسمّى بلجان الرعاية في بداية الاستقلال، وكان يستخدمها الحزب الدستوري للاعتداء على اليوسفيين، وأنا أعتقد انّها ليست الاّ اداة بيد النهضة تضرب بها خصومها، فهي لجان لحماية النهضة وليس الثورة وفي تقديري فإنّ الحكومة قادرة على حلّ هذه الرّوابط بمجرّد اجتماع وزاري لكن النهضة ترفض ذلك.
كثيرون يتهمونك بأنّك عقدت صفقة مع نظام بن علي مكّنتك من الرّجوع الى تونس، وربّما هذا ما ألّب عليك حركة النهضة؟
ـ هي مغالطة كبرى ومحاولات تشويه من أطراف كنت سندا لها ودافعت عنها منذ نشأتها.. كل ما في الأمر انني ومنذ هروبي من تونس تلقيت عديد الرّسائل الشفوية من بن علي يدعوني فيها الى العودة الى الوطن وفي مناسبات كثيرة منها كنت اطرح قضيّة المساجين السياسيين التي وعدني بأنّها ستحلّ في انتخابات 2009.. ولكنّني وفي سنة 2008 أدليت بحوار في قناة «الجزيرة مباشر» حول المعارضة التونسية اعتبرت فيه انها مشتّتة وضعيفة وذكرت انّ هناك حزبا كان في وقت من الأوقات قادرا على مواجهة الحزب الحاكم الاّ انه استعجل امره وأراد الانقضاض على السلطة في محاولتين انقلابيتين في 1987 و1991، وفي اليوم الموالي من اللقاء تلقيت مكالمة هاتفيّة من موظّف سام في السفارة التونسية بباريس اعلمني فيه برغبة السّفير في مقابلتي وهو الذي حصل في اليوم الموالي.. وبعد لقائي به قال لي: «الرئيس يبلغك بأنّه باستطاعتك العودة الى بلادك» وقد شكرته على ذلك وتحول الحديث الى نقاش حول امكانيّة رجوع عائلتي من دون مساءلة كما أبلغته رغبتي في أن يقع النّظر في قضيّة المساجين السياسيين، وبعد أسبوع أجابني بأنّه لا توجد تتبّعات ضدّ عائلتي، ولكنّني لم أعد إلى تونس الاّ بعد 5 أشهر من ذلك التاريخ الى تونس. وبعد عودتي بأيّام قليلة تمّ الافراج على بقيّة مساجين حركة النهضة فعن اي صفقة تتحدّث؟
كيف تقيّم عمل حكومة الترويكا؟
ـ لو قارنّاها بأول حكومة بعد الاستقلال لوجدنا انّ هذه الحكومة لم تنجز شيئا مقارنة بحكومة الاستقلال.. هذه الحكومة لا تملك رؤية واضحة ولا استراتيجيا للعمل وقد اكتفت بالوعود والتصريحات، كما انّ اشتراك ثلاثة احزاب في الحكم قد أثّر على أدائها لأنّها ببساطة لم تتعوّد على حكومة وأحزاب تعارض كما انّه لابدّ من رئيس منتخب من قبل الشعب، ودعني أذيع لك سرّا: لقد تمنّيت ان تحكم النهضة وحدها. وهي قادرة على ذلك لأنّ من سيحكم بعدها سيحكم على أدائها.
ما تعليقك على تصريحات الرئيس المرزوقي ومواقفه؟ وأي مستقبل سياسي له؟
ـ مستقبل منصف المرزوقي السياسي سيكون وراءه في الانتخابات القادمة وأنا لا تعنيني استطلاعات الرأي التي تقدّمه منافسا قويّا في الانتخابات القادمة وأنا أعي ما أقول فالرئيس الذي يرمى بالحجارة والبطاطا وبعبارات ديقاج لا يمكن أن نتحدّث عن مستقبل سياسي له. أمّا الحديث عن تصريحاته ومواقفه فما هي الاّ انفعالات وردود أفعال غير مدروسة العواقب.
وهل تنكر انّه مناضل حقوقي ومن أشرس معارضي بن علي؟
ـ هاتوا لي ملفّا حقوقيّا لسجين سياسي واحد دافع عنه المرزوقي لدى المنظّمات الحقوقيّة العالمية أو حتى في تونس.. لقد كان رئيسا للرابطة التونسية لحقوق الانسان ولم يتمكّن من فضّ ولو ملفّ واحد.. المرزوقي صنعه المرحوم علي السّعيدي وهو من عرّفه بالكنديين والأوروبّيين، والثابت أنّه مدين له بذلك، المرزوقي يمكن ان تطلق عليه صفة الكاتب أو الطبيب أما ما عدا ذلك فلا يستقيم.
وأداء المعارضة، ما هو تقييمك له؟
ـ المعارضة لا تجيد الاّ الانتقاد والمؤسف أنّه لا أحد في المعارضة يملك برنامجا اقتصاديّا بإمكانه الخروج بالبلاد من حالة التخبّط والبطالة، وفي نظري معارضة بلا برامج وبلا دراسات علمية لا يمكن اعتبارها معارضة.
هل أنت مطمئنّ على مصير البلاد؟
ـ طبعا لا.. أيّ مصير والنهضة من تحكمها؟ لو قدّر لها أن تحكمنا لمدّة عشر سنوات لهاجر الكثير منّا.. أكثر من ذلك انا شخصيا كانت لي علاقات بهذا التنظيم انتهت رغم انني قضيت جزءا كبيرا من حياتي في الدفاع عن مساجينها في المحافل الدولية، كما كتبت الكثير من مقالات الرأي من أجل حقها في الوجود لكن ما يؤلمني اليوم زعمهم انّهم ضحايا نظام بن علي وانهم كانوا من فازوا في انتخابات 1989 لكن بن علي زوّرها وللأمانة كنت مشاركا في هذه الانتخابات وأؤكّد لكم أنه النهضة لم تكن لتفوز حتي لو لم يقع تزويرها وانا عبر جريدتكم أطالب وزير الداخلية بأن يكشف لنا عن نتائج انتخابات 89 وستكون الحقيقة صادمة وأوّل المصدومين قيادات النهضة.
لماذا كل هذا التحامل على حركة النهضة؟
ـ لست متحاملا بقدر ما هي حقائق لم أدل الاّ بالقليل منها وانتظروا كتابي القادم فسيتضمّن فيه حقائق مذهلة لأنّ من يتّهمني بالولاء، لبن علي والهرولة ربّما نسي أو تناسى أنّه بعث برسالة شخصية لبن علي في جويلية 2008 أي قبل عودتي إلى أرض الوطن يطلب فيها منه الصفح عن المساجين ويدعوه إلى الحوار.. اكثر من ذلك هل تعلم أنّ أحد أولياء مساجين الحركة أعلمني انّ وزير العدل الآن كان يتقاضى ألفي دينار اتعاب دفاعه عن أبناء الحركة بدعوى ابعاد الشبهات عنه، في حين كان يتقاضى زملاؤه 300 دينار، فعن أي نهضة تتحدّث؟
كثرت ظاهرة سفر بعض الشبّان الى سوريا بدعوى الجهاد، كيف تقرأ هذه الظاهرة وما هي رسالتكم لهم؟
ـ عندما يصف وزير خارجيتنا بأنّهم شهداء تونسيون في سوريا، وعندما تعترف حكومتنا بالعملاء كممثّلين عن الشعب السوري ندرك انّنا أمام حقيقة صادمة، وان حكومتنا تبارك هذه العمليات الاجراميّة التي تسمّى باطلا «الجهاد».. وبالمناسبة أقول لهم انتم لا تمثّلون الاسلام في شيء وسوريا لها شيوخ وعلماء دين ومساجد عريقة وذهابكم لسوريا هو عمليات انتحارية، لأنّ سوريا باقية وما يحدث فيها مؤامرة دولية من أجل اركاعها كما أؤكّد لهم انّ ما تروّجه بعض وسائل الإعلام المأجورة عار من الصحّة وستكون سوريا مقبرة لكلّ المرتزقة والمتذيلين.
حاوره: عبد اللطيف العبيدي
No comments:
Post a Comment