ملف: بعد اعتراف البدري التليلي بعلاقته بتنظيم
إرهابي
هل المؤسسة العسكرية مهدّدة
بالاختراق ؟
|
|
سيناريو نهاية الثمانينات..انقلاب 8 نوفمبر.. ورسالة المنصف بن سالم "السرية - "ملف من إعداد: منية العرفاوي - شكّلت وفاة الرقيب الأوّل بالجيش التونسي البدري التليلي نهاية
الأسبوع الماضي، حدثا شدّ انتباه الرأي العام الوطني واسترعى انتباه
الإعلام الأجنبي الذي تناقل الخبر واستفاض في تحليل أبعاده وخفاياه
|
ناهيك وأن
المؤسسة العسكرية صرّحت بأن الرقيب الأوّل وقبل انتحاره-وهي الرواية
الرسمية الذي يفنّدها أهل المتوفي-اعترف بعلاقته بالتنظيم الإرهابي
المتحصّن بجبال عين دراهم والقصرين، كما صرّح بذلك في وقت سابق وزير
الداخلية علي العريض في معرض حديثه عن التنظيم الإرهابي "كتيبة عقبة
بن نافع" التي وقع الاشتباك معها في بوشبكة وأسفر كشفها عن مقتل وكيل أوّل بالحرس الوطني..
وإذا ثبت فعلا تورّط الرقيب الأوّل-بعد استكمال
التحريات الجارية الآن-فان ذلك يعتبر مؤشرا خطيرا يهدّد الأمن القومي
للبلاد خاصّة وأن لدينا سيناريو مشابه وقع نهاية الثمانينات عندما اخترقت
تنظيمات إسلامية المؤسسة العسكرية بغاية قلب نظام حكم بورقيبة في إطار
الصراع بين هذه التنظيمات والسلطة الحاكمة آنذاك،التاريخ يحفظ تفاصيل حول
"مجموعة الإنقاذ الوطني" التي كانت تتكوّن من قيادات أمنية
وعسكرية والتخطيط لانقلاب 8 نوفمبر 1987..
وايمانا منّا أن هذا الملف يتطلّب
المتابعة المتأنية والدقيقة في عدة مستويات للوقوف على خفايا محتملة لوضع
يسوده الغموض منذ وفاة الرقيب الأوّل البدري التليلي وهو أيضا ما تتطلّبه
مصلحة البلاد العليا ومقتضيات الأمن القومي واستقرار البلاد في مناخ اقليمي
يشهد انفلاتات كبرى بعد الثورات التي شهدتها المنطقة، ارتأت "الصباح
الأسبوعي" ايلاء الملف قدرا من التحليل والتعمّق من خلال وجهات نظر مختلفة حول
امكانية اختراق المؤسسة العسكرية من عدمه في الوقت الراهن..
البدري التليلي وحقيقة علاقته بالتنظيم الإرهابي؟
شكّل الحديث عن
تورّط الرقيب الأوّل بالجيش التونسي البدري التليلي في المجموعة الإرهابية
المتحصّنة بجبال جندوبة والقصرين صدمة لدى الرأي العام بالاضافة الى موته
الذي تحوم حوله عدّة شكوك خاصّة من طرف عائلته التي نفت بدورها في عدة
تصريحات تورّط ابنها مع هذه المجموعة وأكدت أنه يشتغل منذ 17 سنة في الجيش
الوطني في مغازة ثكنة العوينة دون أن يثير مشاكل أو شبهات..
وقد ذكر في
تصريح له ابن عم الرقيب الأول بأنه من غير الممكن أن يقوم قريبه بتهريب
الأسلحة أو الأزياء العسكرية خارج الثكنة باعتبار الرقابة الصارمة هناك بالإضافة
إلى أنه لا يحمل رتبة عسكرية عالية.
في المقابل أكد
العميد بن نصر بأن المتوفى اعترف فقط خلال التحرّى معه بأن لديه علاقة
بأحد عناصر المجموعة الإرهابية دون إعطاء تفاصيل أخرى حول مدى ارتباطه به
أو تعامله معه.
وأكد أنه لم
يتمّ تسجيل أيّ نقص سواء في المعدات أو الملابس من مغازة الثكنة التي يعمل
بها التليلى البدري، مشيرا إلى أن القضاء العسكري الذي تعهد بالقضية سيعمل
على كشف الملابسات الحقيقية لهذه القضية.
وفي سياق متصل
تناقضت أقوال كل من وزارة الدفاع الوطني وأفراد عائلة الرقيب الأول
التليلى البدرى الذي يعمل بمغازة ثكنة الكاف حول الملابسات الحقيقية
لوفاته أثناء التحرّي معه حول مدى علاقته بالمجموعة الإرهابية التي تمّ
اكتشافها مؤخرا بجندوبة على إثر ورود معلومات وصفتها الوزارة بالمؤكدة حول
علاقة المتوفى بأحد عناصر هذه المجموعة الإرهابية.
سرّ شاحنة
الأزياء العسكرية
ولئن أكد
التقرير الأولي للطب الشرعي الثاني الذي طالبت به عائلة الفقيد بمستشفى
شارل نيكول أن سبب الوفاة الوحيد يعود إلى الاختناق شنقا (أو بكم
"المريول" كما ذكرت مصادر عسكرية..) وهو ما يرجح انتحاره حسب
ذات المصادر في بلاغ رسمي، فإن صهر التليلي فند تلك الرواية مشيرا إلى أن
التقرير النهائي لم يصدر بعد وأنه في انتظار إجراء تحاليل مخبرية إضافية.
وتساءلت
العائلة حول حقيقة الإصابات التي لحقت بابنها على مستوى الرأس والوجه
معربة عن شكوكها في أن التليلي كان قد تعرض إلى التعذيب قبل وفاته، في حين
أكد العميد مختار بن نصر الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع بأن الكدمات هي
من مخلفات التشريح وعملية الخنق..
يشار إلى أنه
تمّ خلال الأيام الماضية إيقاف شاحنة محمّلة بالأزياء العسكرية بجهة الكاف
ويشتبه في أنها كانت متوجّهة إلى المنطقة الحدودية بجندوبة حيث تمّ اكتشاف
معسكر تدريب تابع لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي كان يعمل على تنفيذ عمليات إرهابية في تونس.. وهذا الغموض الذي صاحب الواقعة وتضارب
التصريحات ساهم في إثارة المزيد من الشكوك حول إمكانية اختراق من عدمه
للمؤسسة العسكرية ناهيك وأن بداية الأسبوع المنقضي راجت أخبار مفادها
محاولة ضابط آخر من الجيش الانتحار في ثكنة العوينة بعد التحقيق معه على
خلفية نفس القضية وهي الاشتباه في وجود علاقة بين بعض العناصر العسكرية
والتنظيم
الإرهابي الذي
وقعت إماطة اللثام عنه في الأسابيع الأخيرة.
كتيبة عقبة بن نافع
"شيفرات" مبهمة.. لحقيقة جهادية
تدلل الأحداث
الأخيرة وما توصلت إليه أجهزة الأمن من معلومات وأدوات كانت تحت تصرف خلية
"كتائب عقبة بن نافع"، على أن تنظيم القاعدة وما ارتبط به من
مجموعات لم يعد يرى تونس مجرّد ممرّ أو طريق نحو مواقع جهادية، بل بات
يهيّئ نفسه للتمركز والاستقرار فيها وبالتالي أصبحت بلادنا أرض دعوة وجهاد
أيضا.
وتؤكد تقارير وزارة الداخلية الأخيرة أن المجموعات التي تمّ القبض عليها اعترفت
بأنها تخطط للتمركز على خطوط التماس بين تونس والجزائر، كما جاء في هذه
التقارير أنه تمّ العثور على "مخيمات" صغيرة في غابات ولاية
جندوبة وجبال الشعانبي بولاية القصرين وفيها بعض المواد الغذائية وكتب
جهادية وأوراق عن كيفية صنع القنابل وتفكيك الأسلحة.
كما أشارت
مصادر أمنية إلى امتلاك هذه المجموعات أسلحة كلاشينكوف غير معروفة العدد،
ومصدرها ليبيا والجزائر وبتمويل من عناصر تابعة لـ"تنظيم القاعدة في
المغرب الإسلامي".
تونس.. الجبهة
الخلفية
ووفق وزير
الداخلية علي العريض فإن المجموعة التي تمّ الاشتباك معها في جبال
الشعانبي كانت تخطط للقيام بأعمال تخريبية تحت عنوان "إحياء الجهاد
وفرض الشريعة الإسلامية" ومهاجمة المقرات الأمنية، مضيفاً أن هذا
التنظيم يستقطب الشبان صغار السن المتبنين للفكر الجهادي المتشدد ويرسلهم
إلى ليبيا للتدريب كما بيَّن الوزير أن هذه المجموعة التي تمّ الاشتباك
معها وتفكيكها على علاقة مباشرة بـ"أبو مصعب عبد الودود" زعيم
"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"
ويعدّ تصريح
وزير الداخلية مؤشرا على سعي الجهاديين في بلادنا إلى تكوين جبهة خلفية
لقاعدة المغرب الاسلامي المتمركزة في الجزائر.. ويبدو أن هذا الأمر هو
الذي دفع السلطات التونسية للتنسيق مع السلطات الجزائرية، وما لقاء العريض
ونظيره الجزائري للتباحث حول هذه المسألة إلا دليل على القلق الرسمي الآخذ
في الاتساع.. كما ذكر علي العريض في الندوة الصحفية التي عقدتها وزارة
الداخلية على خلفية مقتل الوكيل الأول بالحرس التونسي من طرف عناصر
إرهابية إن معسكر المجموعة الذي تمّ اكتشافه في القصرين كان يمارس
التدريبات النظرية أو التطبيقية.. التي لا تثير ضجيجاً.. مثل تفكيك السلاح
وصنع متفجرات أو التأهيل في الجانب النفسي.. أو التدريب على كيفية
الاختفاء.. بينما يتمّ تأمين التدريب العسكري الحقيقي في ليبيا والجزائر..
حتى لا نكون حديقة خلفية لقاعدة المغرب العربي
ذكرت مصادر
إعلامية جزائرية مختلفة بأن الجزائر تقدّر أن تونس لوحدها على ما يبدو غير
قادرة على حماية حدودها أو على الأقل ليست مستعدّة لتحمّل المسؤولية
لوحدها في علاقة بالقضاء على جيوب الإرهاب التي حوّلت جزءا من نشاطها إلى
دول المغرب العربي مع قرب التدخل العسكري في شمال مالي وهروب العديد من
المسلحين الى داخل الجزائر وليبيا وتونس وموريطانيا والمغرب الأقصى وهو ما
فهمته وزارة الخارجية الأمريكية وحذرت من مغبّة الاعتداء على رعاياها في
تونس وفي المنطقة بأكملها.
اختراق الجيش
وعودة الفرق المختصّة
وذكرت صحف
جزائرية أن وفاة الرقيب بالجيش الوطني التونسي تؤكّد أن المؤسسة العسكرية
أصبحت بدورها مستهدفة وربما تسعى بعض الجماعات الدينية المتشدّدة الى
اختراقها وذلك بعد حلّ وحدات أمنية تابعة لوزارة الدفاع الوطني ووزارة
الداخلية معنية بمكافحة الإرهاب. وقد ذكرت تقارير اعلامية جزائرية أن هذا
الامر دفع بالسلطات الجزائرية الى دعوة الدولة التونسية لإعادة احياء فرق
مقاومة الارهاب حتى وإن لزم الامر الاستفادة من التجربة الجزائرية في هذا
المجال بعد عجز حتى المخابرات العسكرية التونسية على رصد النشاط السياسي
لبعض الجنود والمنتمين للسلك في علاقة بالإسلام المتشدد.
ونفس المصادر
أكّدت أن الانطباع السائد لدى السلطات الجزائرية بعد عجز الداخلية
التونسية على رصد أماكن سكن عديد الأجانب خاصة أولئك القادمين من
أفغانستان والباكستان في تونس والحال أن القانون يلزم الإبلاغ عن أي شخص
أجنبي يقيم في محل على وجه الكراء او الضيافة ما يقيم الدليل كما تذكر هذه
المصادر- على ان المنظومة الامنية الحالية بحاجة الى مراجعة راديكالية
|
|
|
|
أحمد المناعي (رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية(
سيناريو نهاية الثمانينات.. وآليات الاختراق
يقول أحمد المناعي رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية "في
جويلية 1991 سلمني مهاجر تونسي مجموعة وثائق تخصّ وزير التعليم العالي حاليا
المنصف بن سالم عندما كنت عائدا من واشنطن بعد أن أدليت بشهادة أمام لجنة حقوق
الإنسان بالكونغرس الأمريكي"..
ويضيف "وتشتمل على نسخ من تقارير منظمات حقوقية وهيئات
وشخصيات علمية رسائل تطلب فيها من رئيس الجمهورية التونسية إطلاق سراح بن سالم..
وسنة 2001 اتصل بي أصدقاء من الدانمارك وسألوني إذا كان يمكنني تحريك ملف منصف بن
سالم وإيصاله الى منظمات حقوقية أوروبية وحول هذا الملف بالذات جمعني لقاء بعبد
الوهاب المعطر وزير التشغيل الحالي ومحامي بن سالم سابقا"..
اعتراف بن سالم.. ونفي الغنوشي
ويؤكّد أحمد المناعي أنه "إلى حدّ شهر جوان 2002 لم أتعاط مع
الوثائق والملف بل كتبت رسالة للمعني بالأمر أطلب منه مزيدا من المعلومات عن شخصه
وطبيعة نشاطه.. خاصة وقد علمت خلال تلك السنوات أنه كان قائد المجموعة الأمنية..
وفي 26 مارس 2003 وصلتني وثيقة من خمسين صفحة.. منها ثلاث صفحات عن
المجموعة الأمنية التي قال عنها السيد راشد الغنوشي، "إنها لا تلزمنا"
والبقية تخص سيرته الذاتية".
وقد قام الدكتور أحمد المناعي في 8 نوفمبر 2010 بترجمة ونشر
الصفحات الثلاث التي تحدّث فيها المنصف بن سالم عن هذه المجموعة الأمنية أو مجموعة
الإنقاذ.. ويقول في هذا اللقاء الذي جمعنا به أنه تحدّث مع القيادي آنذاك في حركة
الاتجاه الإسلامي وفي حركة النهضة بعد ذلك صالح كركر وسينشر كل ذلك قريبا..
قيادات عسكرية عليا متورّطة في
87
بعد وفاة الرقيب الأوّل بالجيش
التونسي وحديث بعض المصادر العسكرية عن اعترافه بتورّطه في التنظيم الإرهابي
المتحصّن بجبال عين دراهم والقصرين بدأ بعض المحللين في الحديث عن محاولات اختراق
للمؤسسة العسكرية من طرف الجماعات المتطرّفة, وحول ذلك يقول أحمد المناعي
"قضية 87 تورّطت فيها قيادات عسكرية عليا وهي محاولة شهيرة لاختراق المؤسسة
العسكرية انطلقت منذ بداية الثمانينات حيث تمّ إفشال خطط مجموعة 1987 والذين لم
يحاكموا لتكون بداية الحملة الشرسة والمحاكمات في أوائل التسعينات.. وحركة الاتجاه
الإسلامي اعتمدت لاختراق المؤسسة العسكرية على تشجيع التلاميذ والطلبة على
الالتحاق بالأكاديمية العسكرية لتكوين قيادات عسكرية مستقبلية..
والاختراق القاعدي للمؤسسة قد يكون سهلا لأنه لا يمكن تقنيا ولا
عمليا محاسبة الجنود على خلفيتهم الفكرية والإيديولوجية..
لكن اليوم ورغم كل ما قيل عن محاولات الاختراق للمؤسسة العسكرية
فإن لهذه المؤسسة حصانة ومناعة تصعّب عملية اختراقها رغم أن بعض البلدان العربية
والآسيوية باتت اليوم تشهد اختراقات جهادية لجيوشها..".
مقتطفات
من رسالة منصف بن سالم إلى أحمد المناعي
8 نوفمبر 87 أو المجموعة الأمنية
الصياح وخطة
عيد الشجرة للقضاء على بن علي والإسلاميين ورقة ديون
تكشف سر 8 نوفمبر
يقول د. منصف بن سالم في رسالته "بعد صدور حكم محكمة أمن
الدولة وبعد الممارسات الوحشية للبوليس وصدور آلاف الأحكام الأخرى من المحاكم
الجهوية وكانت كلها مجحفة ولا تستند إلى أي قانون أو أخلاق قضائية، علمنا أن
بورقيبة استدعى وزيره الصياح، وطلب منه تحضير محاكمة أخرى يتمّ بموجبها حصد 30
رأسا من كبار الإسلاميين، عندما جاءت فكرة التصدّي بالقوة للجنون البورقيبي
وزبانيته فكانت المجموعة الأمنية التي سميناها، مجموعة الإنقاذ الوطني..".
ويؤكّد بن سالم أن "المجموعة تكونت بسرعة خيالية وهي تضمّ
عددا من العسكريين من شتى الرتب ومن رجال الأمن بكل أصنافهم ومن المدنيين، وضعت
المجموعة لنفسها هدفا واحدا هو إزاحة بورقيبة ومن سار على دربه في الحكم.. أما
وسائلها فهي سلمية إلى أبعد حدّ ممكن ولذلك تمّ جلب 5000 مسدس غازي من الخارج قمنا
بتجربته على أنفسنا للتأكد من عدم إلحاق الضرر بالمستهدف، دور المسدس هو تحييد
المستهدف لمدة نصف ساعة، وسائل الدفاع الأخرى من الأسلحة النارية والدبابات
والطائرات العسكرية تكون بيد رجال المجموعة..
اجتمعت قيادة المجموعة يوم 15/ 10 /1987 و بعد مسح لإمكانياتنا
ومواقعنا قررنا أن يكون يوم 7 /11 /1987 آخر أيام بورقيبة في الحكم وهو ما تمّ
بالفعل".
عيد الشجرة.. للقضاء على الإسلاميين وبن علي معا
ويقول بن سالم أن الصياح وضع
خطة في ذلك الوقت لكن لم يكتب لها النجاح وهي أنه في أوائل نوفمبر علمنا أن
بورقيبة استدعى الصياح وطلب منه تحضير أمر بتسميته وزيرا أول عوضا عن بن علي مقابل
أن يقطع 30 رأسا من الإسلاميين، وكان ردّ الصياح أن يؤخر التسمية هذه ليوم الاثنين
الموافق لـ 9 /11 /1987..
من جهة أخرى علمنا من أوساط
مقربة من الصياح أن خلفيته في تأخير التسمية هو تنفيذ خطة القضاء على بن علي
والإسلاميين معا. يوم7/ 11 /1987 يوافق عيد الشجرة ومن المفروض أن يقوم بن علي
نيابة عن بورقيبة بالإشراف على الاحتفال بهذا العيد في إحدى منتزهات المنار بضاحية
العاصمة، وهناك يتمّ اغتياله وإلصاق التهمة بالإسلاميين فتعاد محاكمتهم وتتحقق
رغبة بورقيبة.. إلا أن ما تمّ لم يكن كذلك..
ورقة اعتراف بديون..
تكشف
سر الانقلاب
ولعلّ من أغرب ما كشفه د. منصف
بن سالم في رسالته هو كيفية انكشاف سرّ المجموعة إذ يقول "يوم 5 /11 /1987
كان أحد أعضاء المجموعة من الدائرة الثالثة وهو عون من النظام العام قد كتب على ورقة ما له وما عليه من الديون وسلمها لخاله للاحتفاظ بها.
هذا الأخير قرأ الورقة فانتابته شكوك كثيرة.. وألحّ على ابن أخته أن يصارحه بالأمر
ووعد بكتمان السرّ وأقسم على ذلك. العون لم يكن يعلم الكثير فهو في الدائرة
الثالثة، سوى أنه سيقوم صحبة 3 من رفاقه بتعطيل بعض الآليات في ثكنة النظام العام يوم
7/ 11 /1987.
هذا الخال أخلف وعده وسارع
بإعلام وزير الداخلية حيث كان يعمل وكيلا أول في الشرطة مكلفا بالتمريض في
المصحة.. الوزير الأول هو نفسه وزير الداخلية أي بن علي، أمر بإيقاف العون والرفاق
الثلاثة يومها.. والأعوان الأربعة لا يعلمون كثيرا عمّا سيجري يوم 7 /11 /1987.
يوم 6 /11 /1987.. انعقد اجتماعان: الأول في وزارة الداخلية برئاسة
بن علي، تمّ فيه جلب جلّ الوزراء وكنا على علم بذلك، والثاني في منزل بباردو
برئاستي وضمّ عددا من قيادات الأجهزة المختلفة التابعة للمجموعة ولم تكن السلطة
على علم به.
رجال المجموعة كانوا في المواقع الحساسة في انتظار أوامر البدء أو
ساعة الصفر المحددة لكل عمل. عندما بدأ بن علي وجماعته التغيير ليلتها كانت عناصر
المجموعة في المقدمة أذكر على سبيل المثال مجموعة الكومندوس التي اقتحمت قصر قرطاج
كانت بقيادة الصادق غضبان وهو من المجموعة، وسجن معنا في ما بعد, بعد توسيمه
وترقيته من قبل بن علي..
طائرة الهيلكوبتر بقائديها التي حملت بورقيبة من قرطاج إلى مرناق
هي نفسها التي خصصناها نحن لنفس الصنيع..
قائد قاعة العمليات بالعوينة المشرفة على أمن تونس الشرقية أين
توجد قرطاج ومعظم النقاط الحساسة كان الرائد محمد المنصوري الذي قتل تحت التعذيب
يوم 1 /12 /1987..
الحارسان لبن علي كانا من المجموعة وقد سجنا معنا بعد التوسيم"..
"بعد أن تولى بن علي الحكم -يضيف بن سالم- تمكّنت أجهزة أمن الدولة
من إلقاء القبض على 157 عنصرا، كنت
تقريبا آخر من أوقف يوم 26 /11 /1987 مساء".
No comments:
Post a Comment