Search This Blog

Wednesday, January 06, 2010

Fadhel Beldi


تـــحـــقـــيــق سـنـّـة الــتــدافـع :


بـقـلـم فـاضـل الـبـلـدي

2009-12-25:

بسم الله الرحمان الرحيم


ان مما يزعجني كثيرا و يؤرقني و يدخل علي كثيرا من الغم سؤال يتردد على كثير من الألسنة هو { ما الجديد ؟ } و ما يزعجني في هذا السؤال هو ما يعبر عنه من انتظارية و استقالة و تحقير غير شعوري للنفس و إلغاء لدور الذات في الفعل و إصلاح الأوضاع و تغييرها في اتجاه الأفضل.

و يشترك في هذا السؤال المناضلون على اختلاف مشاربهم و درجاتهم و مواقعهم و هو في ظني أحد أسباب العطالة في الشأن السياسي التونسي و ربما تعداه إلى غيره من الشؤون ، ثقافية كانت أو اجتماعية ... و هو أيضا سبب رئيس في عدم تطور الأوضاع ، لأن أي تطور أو تغيير أو إصلاح أو نهوض مرتبط بسنة التدافع.


فمتى وجد التدافع تغيرت الأوضاع و إذا غاب التدافع استقرت الأوضاع و ربما ساءت و قلما انصلحت الأوضاع من تلقاء نفسها أو بمبادرة طوعية من الحاكم أو السلطة ، و متى علمنا ذلك و استوعبناه أدركنا :

أ – أن الانتظارية أو الاستقالة لا تصنع شيئا و لا تساهم في الإصلاح و التغيير.

ب – أن الإصلاح و التطوير و التغيير و التبديل مسؤولية المهمومين بالشأن العام جميعا و مسؤولية المناضلين على اختلاف مشاربهم و درجاتهم و مواقفهم و على قدر الوعي و الفهم و الحماس و النضالية تكون النتائج.

ج – أن إصلاح الأوضاع أو تبديلها أو تغييرها لا يكون إلا بإقامة سنة التدافع و إحيائها و تثبيتها و النهوض بها بوعي و مسؤولية و حماسة أو ما أسميه اصطلاحا {بالتوتر النضالي}

د – إن أي مشروع للإصلاح أو التغيير يتطلب توصيفا موضوعيا للواقع و تحديدا دقيقا لمشروع الإصلاح أو التغيير من حيث أهدافه و آفاقه و موصوعه و برامجه و مراحله ، و أحسب أن الفاعلين السياسيين عموما لم يحسنوا توصيف الواقع بالموضوعية المطلوبة، كما لم ينجحوا في تحديد مشاريعهم بقدر من الدقة و الوضوح ، لذلك بقي الواقع مرتهنا لسلوك و مبادرات السلطة و انطبع سلوك الأحزاب و الحركات و النقابات بالعفوية و الانتظارية و اشتغلوا عموما باتهام الآخر و تحميله المسؤولية كاملة و قلما تسمع أحدا أو حزبا أو منظمة ، يتهم نفسه و نضاليته و سلوكه و مناهجه أو برامجه ، و أنا مقتنع أن تردي الأوضاع أو تدهورها أو استقرارها في الوطن و ضبابية المستقبل تعود بالأساس إلى الاستقالة العامة التي تتسم بها النخبة ممثلة في المثقفين و الأحزاب و صناع الرأي الافتراضيين و عدم جرأة هؤلاء جميعا عل أنفسهم و واقعهم ليتهموا نضاليتهم و حماسهم و برامجهم و وسائلهم و تعصبهم لآرائهم و عدم قدرتهم على الاتفاق على مشترك و لو محدود يكون منطلقا للعمل ثم يتراكم بفعل الحركة و الزمن حتى يؤسس لقانون التدافع

.

كما أني مقتنع أن الإسلاميين ، و سبب ما أصابهم من محن و إجهاد و استغراق في معالجة آثار المحنة ، دون الخوض في مسؤوليتهم و كسبهم فيما جرى ، قد انكفؤوا على أنفسهم و وقعوا {جلهم } في الانتظارية المرهقة و المعطلة و خبت نضاليتهم و بلاؤهم ثم نجحت بعض قيادتهم التاريخية في تعطيل المبادرة و تعاون السلطان {السلطة بكل أجهزتها } و الزمن على تضييع المكاسب التي أهداها التاريخ للحركة الإسلامية عبر ثلاثين سنة الماضية ، و شارك الإسلاميون ، غفلة أو غباءا أو سوء تقدير في تضييع تلك المكاسب فتأخر الإصلاح و التغيير عقدين من الزمن و يمكن أن يتأخر لسنوات طويلة أخرى إذا لم تتحرر المبادرة و تتجدد الأجيال و النخب و القيادات و المناهج و الوسائل و يتجدد الإيمان بالقدرة على إقامة سنة التدافع من جديد.

و أحسب أن من الشروط الهامة لذلك:

1- صناعة الوعي و هذه مهمة صناع التاريخ.

2- تحرر الشباب من جلابيب القيادات التاريخية و الحزبية المنهوكة و المعطلة و من اللافتات التي عفا عليها الزمن و لم يعد يسعها الواقع.

3- افتكاك زمام المبادرة و الخروج من السلبية إلى الإيجابية و من الانتظارية إلى الفعل و من الإحجام إلى الإقدام و من المفعول به إلى الفاعل و لا يحقرن الإنسان نفسه و لا من العمل شيئا.

4- التحرر من عقد الخوف و الحذر المعطل و من السرية المرهقة و المكبلة و من الطهرية المصطنعة فقد مضى زمن السرية و الحذر و الخوف و الطهرية .

5- تحقيق معنى الآية الكريمة ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )

فاضل البلدي

تونس 25 ديسمبر 2009

tunisnews

No comments: