Search This Blog

Wednesday, January 06, 2010

Lazhar Abaab


قراءة مختصرة في خارطة الطريق


إن أهمية ما ورد في مقال الدكتور عبد المجيد النجار بعنوان " خارطة الطريق للمرحلة المقبلة" لا تكمن فقط في جرأة ما طرحه من مقترحات و تنبيهات طالما ذكرها العديد ممن عارضوا قيادة حركة النهضة و طالبوا بمراجعات لسياساتها و سلوكياتها، منذ بداية التسعينات، أسوق على سبيل الذكر لا الحصر صيحات الفزع و ندءآت التعقل التي أطلقها الأخوة عبد القادر الجديدي بتاريخ 10/07/1992 (1) و الشيخ عبد القادر العبار- بتاريخ 03/05/1991(2) و مبادرة الشيخ عبد الفتاح مورو و بنعيسى الدمني والفاضل البلدي خلال شهر ماي 1991 و محاولات الدكتور الهاشمي الحامدي و نداءات الأزهر عبعاب بتاريخ 4 أوت 1994 (3) و الأخوة عبد المجيد الميلي و محمد العماري سنة 1994(4) و غيرهم كثير . ولكن أهمية ما ورد تكمن أيضا في تشخيصه للوضعية التي آلت إليها هذه التجربة ومسببات انحرافها.

وإنني كمعايش لهذه التجربة و مساهم فيها إلي حدود بداية التسعينات أعتبر إن ما ورد في الجزء الثاني من مقال الدكتور النجار يعبّر عن نقلة نوعية في العقل الجمعي لجزء هام من كوادر حركة النهضة من حيث الإقرار بفشل السياسات التي أصرّت عليها قيادتهم، وهي في تقديري قناعة أصبحت منتشرة لدى العديد من الكوادر القيادية الذين لا يزالون داخل هياكل الحركة و مؤسساتها و لكنهم لا يملكون القرار أو التأثير فيه، هذا " القرار " الذي بقي حكرا على القيادة التاريخية ومزكيا من طرف بعض "المريدين" من حولها.

إن العديد من الأفكار التي ذكرها الدكتور النجار هي في الحقيقة التعبير المعلن للحراك الذي يدور داخل حركة النهضة منذ مدّة و الذي لم تعد تسعه مؤسساتها التي سيطرت عليها قوى الارتهان إلي الماضي و عقلية الهدم كما عبّر عليها الدكتور عبد المجيد و شرحها بعمق و موضوعية.
إن هذه النقلة النوعية في الخطاب أو هذه الخارطة كما سمّاها صاحب المقال ستبقى منقوصة ما لم يُتفاعل معها بايجابية فتُدفع إلي مضمون أكثر وضوح، يكشف الأخطاء و يحدّد المسؤوليات ويفصح على ما هو مسكوت عنه أو وارته إرادة البع عند تقييم هذه التجربة ، لذلك لابد من إجلاء الغشاوة على حقيقة ما حدث واطلاع الرأي العام على ذلك و خاصّة أبناء هذه الحركة المتضررين الحقيقيين من الخيارات الكارثية لقيادتهم.
هذه القيادة التي انتهجت فيما بعد سياسة الهروب إلى الأمام رافضة المحاسبة و التقييم الحقيقي إلي الحد الذي تحول فيه من كانوا بالأمس القريب ينظّرون للفوضى إلى وعاظ يعطوننا دروسا في حقوق الإنسان و الديمقراطية، دون مراجعة لما قاموا به و كأنهم الضحية الوديعة ، هذه السياسة هي التي أفرزت حسب الدكتور النجار ثقافة أفضت إلي عجز عن التقييم الذاتي لمسيرة الماضي،لأنها مبنية على التظلّم و التشهير.

إن التمادي في التعتيم على خيار العنف الذي انتهجته أو سمحت به هذه القيادة، خلال أوائل التسعينات و الذي لا يمكن تبريره مهما كانت ردود الطرف المقابل(الدولة)، ذلك انه من الوظائف الأساسية للدولة ،ضمان الاستقرار و الأمان، خاصّة وأنها خلال بداية التسعينات كانت تبحث على عوامل و روافد استقرارها و بسط نفوذها بعد التغيير الذي حصل سنة 1987، و لقد أدركت تيارات سياسية و فكرية عديدة حساسية المرحلة فانضوت تحت منظومة الدولة، في حين انساقت قيادة حركة النهضة آنذاك وراء مغامرات متتالية هدفها إسقاط السلطة القائمة تحت شعارات عدّة سميت بخطة الاستعصاء و خلط الأوراق و تحرير المبادرة...
كانت نتيجة هذه المغامرة الفاشلة في بداية التسعينات ،مسلسل رهيب من المآسي و السجون و الهجرة أحدث ألاما و معاناة و عمّق شرخا داخل المجتمع التونسي ، لكي يندمل لا بد له من جرأة تكشف حقيقة الخيارات المجنونة و تحمّل المسؤولية لأصحابها، عندها يمكن الحديث عن استشراف للمستقبل و تكتمل بذلك خارطة الطريق التي ينشدها الدكتور النجار.

و السلام - الأزهر عبعاب
tunisnews 03/01/2010
(1) مجلّة حقائق التونسية
(2) مجلّة حقائق التونسية
(3) صحيفة الحياة اللندنية
(4) رسائل مفتوحة موجهة لرئيس الحركة

No comments: