على الطريق
ليس للعراق إلا دمه!
طلال سلمان
ليست المحاولات المتكررة، وبتوقيت مدروس، لاغتيال العراق، أخباراً خارجية، تبثها الفضائيات كخبر عاجل ثم تطويها لتنصرف وننصرف معها عنها إلى البرامج العادية وفيها الموسيقى والغناء والأزياء والمجادلات العبثية والرياضة التي حوّل العرب مبارياتها من منافسة برشاقة الأقدام إلى «حروب عنصرية» تقطع روابط التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك.
إن أنهار الدم المسفوح غيلة في أرض الرافدين، وفي عاصمة الرشيد بالذات ستحفر مجاريها في الأرض العربية المتشققة بالخلافات والقابلة للاشتعال بالفتنة بعد سقوط رايات الأهداف الجامعة، وستدمر ما تبقى من قدرة على بناء الحاضر أو حماية المستقبل.
... وهذه فلسطين تدفع من دماء شعبها ومن حقه في وطنه بعض «الضريبة العراقية» الثقيلة والتي أضافت الكثير إلى رصيد العدو الإسرائيلي.
لا ينفع الرثاء، ولا يفيد التساؤل: كم مرة يتوجب على شعب العراق أن يدفع من دمه ثمن حقه في أن يعيش فوق أرضه، بينما هو يُقتل ألف مرة في اليوم في عملية منظمة لاغتيال وطنه، بهويته الأصلية وقدراته العظيمة التي كانت معقد آمال الأمة!
وها هو الاحتلال الأميركي الذي ورث الطغيان فأكمل تدمير العراق يغسل يديه ليبرئ جنوده ومرتزقته (الأكثر عدداً منهم)، من دماء ضحاياه. لقد أخلى المدن لمولوده الأشوه الذي سيحوّله من مستعمر تسبّب في تدمير «الدولة» إلى منقذ من الإرهاب السفاح.
على العراقيين الآن المفاضلة بين احتلال يقتل الوطن وينهب ثرواته ويمزق كيانه السياسي ويغذي نار الفتنة بين أبنائه، وبين الإرهاب المنظم الذي يضرب باسم التعصب الديني الأعمى أية محاولة وكل محاولة لعودة العراقيين إلى التلاقي، من فوق خلافاتهم، لحماية مصيرهم في مستقبلهم الواحد.
لكأن مهمة الإرهاب باسم الدين أن يبرئ الاحتلال «الكافر»..
.. في حين أن مهمة الاحتلال الأميركي أن يبرر الإرهاب باسم الدين!
إن الاحتلال الأميركي والإرهاب المموّه بالشعار الديني شريكان.
أما أهل السلطة فيتنازعون المقاعد النيابية وكأنها غنائم حرب!
يختلفون على النسب. يحاول بعضهم إنقاص حصص البعض الآخر، فتكون النتيجة حصة الشريك المضارب: الكردي، الذي انتحى بإقليمه على بُعد كاف يمكنه من أن يزيد نصيبه من الغُنم من دون أن يتكلف نصيبه من «الغُرم»، فهو «عراقي» بقدر ما يأخذ، وهو «كردي» مستقل في «إقليمه» عندما يتوجب عليه أن يعطي وطنه: العراق.
لم تعد السلطة قادرة ومؤهلة على أن تلعب دور القناع. لم يعد بإمكانها أن تبرر ذاتها بالادعاء أنها الطريق السريع لإنهاء زمن الاحتلال.
والسلطة سلطات يتواطأ بعضها ضد البعض الآخر، ويدفع العراقيون من دمائهم ومن وحدة وطنهم ثمن التواطؤ المزدوج والمثلث الأطراف، حتى لا ننسى الاحتلال الأميركي.
لا منجد ولا مغيث: صناديق الاقتراع تمتلئ بالجثث قبل أن يتم التوافق على المقاعد، ثم على موعد الانتخابات..
وصناديق الاقتراع توابيت. كل عراقي مقتول إلى أن يثبت العكس. مقتول إن هو قاوم، ومقتول إن هو سلّم بالاحتلال، مقتول إذا كان متديناً، ومقتول إذا هو اتهم بالخروج على أصول الدين.
وكل تفجير يعطي شهادة مصدقة بالدم لطلاب الانفصال بالعرق أو بالطائفة، ويبرر للضعفاء من أبناء الأقليات الذين لا يجدون الحماية لبقائهم أن يخرجوا من بلادهم ـ وهم بناتها الأوائل ـ إلى أي منفى.
أما الأشقاء العاجزون عن حماية العراق، وعن ضمان وحدته، فقد باتوا يخافون منه أكثر مما يخافون عليه.
والخوف متبادل وشامل. لقد أسقط الاحتلال العراق في هاوية الخلافات بين العرب والعرب، وبين العرب والكرد، وبين العرب والفرس، وبين العرب والأتراك، وكذلك بين الأكراد والتركمان... فمن يدعي أنه مضطهد من قبل الأكثرية (العربية) لا يجد مانعاً إذا ما أحس أنه في جهة من الجهات أكثرية أن يضطهد الأقلية (سواء أكانت تركمانية، أم عربية، كما في كركوك)..
مع كل تفجير إرهابي تقدم إلى الاحتلال الأميركي شهادة حسن سلوك: صحيح أنه شطب العراق كدولة، بهويتها وحاضرها ومستقبلها، وقتل من العراقيين الكثير، ونظم النهب المنهجي لثروات العراق، لكنه لم يقتل العراقيين بالتفجيرات.. العشوائية!
.. وليس للعراقيين إلا العراقيون.
ليس لهذا الشعب ذي التاريخ المأساوي العظيم إلا ذاته...
عساه ينتصر على الإرهابيين بدمه... وهو سلاحه الأول والأخير!
وهذه حال فلسطين، حتى لا ننسى من لا ينسى ولا يجوز معه النسيان..
إن أنهار الدم المسفوح غيلة في أرض الرافدين، وفي عاصمة الرشيد بالذات ستحفر مجاريها في الأرض العربية المتشققة بالخلافات والقابلة للاشتعال بالفتنة بعد سقوط رايات الأهداف الجامعة، وستدمر ما تبقى من قدرة على بناء الحاضر أو حماية المستقبل.
... وهذه فلسطين تدفع من دماء شعبها ومن حقه في وطنه بعض «الضريبة العراقية» الثقيلة والتي أضافت الكثير إلى رصيد العدو الإسرائيلي.
لا ينفع الرثاء، ولا يفيد التساؤل: كم مرة يتوجب على شعب العراق أن يدفع من دمه ثمن حقه في أن يعيش فوق أرضه، بينما هو يُقتل ألف مرة في اليوم في عملية منظمة لاغتيال وطنه، بهويته الأصلية وقدراته العظيمة التي كانت معقد آمال الأمة!
وها هو الاحتلال الأميركي الذي ورث الطغيان فأكمل تدمير العراق يغسل يديه ليبرئ جنوده ومرتزقته (الأكثر عدداً منهم)، من دماء ضحاياه. لقد أخلى المدن لمولوده الأشوه الذي سيحوّله من مستعمر تسبّب في تدمير «الدولة» إلى منقذ من الإرهاب السفاح.
على العراقيين الآن المفاضلة بين احتلال يقتل الوطن وينهب ثرواته ويمزق كيانه السياسي ويغذي نار الفتنة بين أبنائه، وبين الإرهاب المنظم الذي يضرب باسم التعصب الديني الأعمى أية محاولة وكل محاولة لعودة العراقيين إلى التلاقي، من فوق خلافاتهم، لحماية مصيرهم في مستقبلهم الواحد.
لكأن مهمة الإرهاب باسم الدين أن يبرئ الاحتلال «الكافر»..
.. في حين أن مهمة الاحتلال الأميركي أن يبرر الإرهاب باسم الدين!
إن الاحتلال الأميركي والإرهاب المموّه بالشعار الديني شريكان.
أما أهل السلطة فيتنازعون المقاعد النيابية وكأنها غنائم حرب!
يختلفون على النسب. يحاول بعضهم إنقاص حصص البعض الآخر، فتكون النتيجة حصة الشريك المضارب: الكردي، الذي انتحى بإقليمه على بُعد كاف يمكنه من أن يزيد نصيبه من الغُنم من دون أن يتكلف نصيبه من «الغُرم»، فهو «عراقي» بقدر ما يأخذ، وهو «كردي» مستقل في «إقليمه» عندما يتوجب عليه أن يعطي وطنه: العراق.
لم تعد السلطة قادرة ومؤهلة على أن تلعب دور القناع. لم يعد بإمكانها أن تبرر ذاتها بالادعاء أنها الطريق السريع لإنهاء زمن الاحتلال.
والسلطة سلطات يتواطأ بعضها ضد البعض الآخر، ويدفع العراقيون من دمائهم ومن وحدة وطنهم ثمن التواطؤ المزدوج والمثلث الأطراف، حتى لا ننسى الاحتلال الأميركي.
لا منجد ولا مغيث: صناديق الاقتراع تمتلئ بالجثث قبل أن يتم التوافق على المقاعد، ثم على موعد الانتخابات..
وصناديق الاقتراع توابيت. كل عراقي مقتول إلى أن يثبت العكس. مقتول إن هو قاوم، ومقتول إن هو سلّم بالاحتلال، مقتول إذا كان متديناً، ومقتول إذا هو اتهم بالخروج على أصول الدين.
وكل تفجير يعطي شهادة مصدقة بالدم لطلاب الانفصال بالعرق أو بالطائفة، ويبرر للضعفاء من أبناء الأقليات الذين لا يجدون الحماية لبقائهم أن يخرجوا من بلادهم ـ وهم بناتها الأوائل ـ إلى أي منفى.
أما الأشقاء العاجزون عن حماية العراق، وعن ضمان وحدته، فقد باتوا يخافون منه أكثر مما يخافون عليه.
والخوف متبادل وشامل. لقد أسقط الاحتلال العراق في هاوية الخلافات بين العرب والعرب، وبين العرب والكرد، وبين العرب والفرس، وبين العرب والأتراك، وكذلك بين الأكراد والتركمان... فمن يدعي أنه مضطهد من قبل الأكثرية (العربية) لا يجد مانعاً إذا ما أحس أنه في جهة من الجهات أكثرية أن يضطهد الأقلية (سواء أكانت تركمانية، أم عربية، كما في كركوك)..
مع كل تفجير إرهابي تقدم إلى الاحتلال الأميركي شهادة حسن سلوك: صحيح أنه شطب العراق كدولة، بهويتها وحاضرها ومستقبلها، وقتل من العراقيين الكثير، ونظم النهب المنهجي لثروات العراق، لكنه لم يقتل العراقيين بالتفجيرات.. العشوائية!
.. وليس للعراقيين إلا العراقيون.
ليس لهذا الشعب ذي التاريخ المأساوي العظيم إلا ذاته...
عساه ينتصر على الإرهابيين بدمه... وهو سلاحه الأول والأخير!
وهذه حال فلسطين، حتى لا ننسى من لا ينسى ولا يجوز معه النسيان..
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1409&ChannelId=32648&ArticleId=1000&Author=/
No comments:
Post a Comment