جمال عبد الناصر فى وثائق المخابرات المركزية الأمريكية
كتب : عمرو صابح
" لن يغفر لى الأمريكيون ما فعلته معهم .. حيا أو ميتا "
هذه شهادة الرئيس جمال عبد الناصر عن علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية التى حاربت سياسته وسعت للخلاص منه طيلة فترة حكمه لمصر ، وكعادته كان عبد الناصر نافذ البصيرة فى توصيفه لحرب الولايات المتحدة عليه حيا لوأد مشروعه القومى النهضوى، وميتا كرمز وحتى لا تتكرر تجربته مرة أخرى.
كانت أغرب التهم التى تم توجيهها لجمال عبد الناصر فى الحملة المشبوهة لتشويه تجربته واغتيال شخصيته هى تهمة صلته بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية قبل الثورة ، وحصوله على ضوء أخضر من الأمريكيين للإطاحة بالنظام الملكى فى مصر .
وقد بدأ اتهام جمال عبد الناصر بتلك الأكذوبة أثناء حياته في عام 1969 عندما نشر مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " مايلز كوبلاند " كتابه ذائع الصيت " لعبة الأمم " والذي أوحى فيه بصلة الثورة المصرية وجمال عبد الناصر بالولايات المتحدة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقد أصبح هذا الكتاب بمثابة المرجع الرئيسي لكل أعداء عبد الناصر وثورته.
فى عام 1988 نشر الأستاذ محمد حسنين هيكل كتابه " سنوات الغليان " الذي أورد فيه مجموعة من الوثائق والرسائل التي تثبت أن مايلز كوبلاند نصاب ومحتال، وأنه نشر كتابه بأوامر أمريكية في إطار الحرب الأمريكية المستمرة على عبد الناصر والتي تهدف لتشويه سمعته من أجل اغتيال شخصيته معنوياً في أعين الجماهير العربية بعد الهزيمة فى حرب يونيو 1967.
وقد هاج كوبلاند بعد أن فضحه الأستاذ هيكل بالوثائق، وهدد برفع قضايا تعويض ضد الأستاذ هيكل ، وحتى الآن بعد مرور كل تلك السنوات على صدور كتاب " سنوات الغليان " لم يفعل مايلز كوبلاند شيئا مما هدد به.
خلال سلسلة حوارات للأستاذ هيكل لمجلة روز اليوسف في منتصف التسعينيات صرح الأستاذ أن كتاب مايلز كوبلاند " لعبة الأمم " قامت بتمويله المملكة العربية السعودية في إطار سعى الملك فيصل بن عبد العزيز الدءوب للقضاء على شعبية جمال عبد الناصر بين الشعوب العربية، وهو السعي الذي وافق هوى المخابرات المركزية الأمريكية ورجلها مايلز كوبلاند، وأشار الأستاذ هيكل إلى أن أي كتاب يصدره أحد العاملين فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لابد أن يحصل على موافقة مسئولي الوكالة، وتتم عملية مراجعة دقيقة لما يحتويه لمعرفة مدى خدمته لمصالح وغايات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأهداف السياسة الأمريكية وهو ما خضع له بالطبع كتاب " لعبة الأمم ".
المدهش فى الأمر أن هناك كتب عربية عديدة ظهرت كان مرجعها الأساسى والرئيسى هو كتاب "لعبة الأمم" مثل كتابي "كلمتى للمغفلين" و "ثورة يوليو الأمريكية" لمحمد جلال كشك، وكتاب "عبد الناصر ولعبة الأمم " لمحمد الطويل ،وقد راجت تلك الكتب وأصبحت المراجع الرئيسية لكل أعداء ثورة 23 يوليو .
وعندما تم الإفراج عن وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التى تتناول عام 1952 والتى أثبتت مفاجأة وزارة الخارجية الأمريكية بثورة الجيش فى مصر فى 23 يوليو 1952 خرج علينا أعداء جمال عبد الناصر وثورته بتفسير مريض مثلهم برروا فيه مفاجأة وزارة الخارجية الأمريكية بالثورة بأن من كان يتولى التنسيق مع جمال عبد الناصر من الأمريكيين ليسوا من وزارة الخارجية الأمريكية بل من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لذا فطبيعى أن لا تحتوى وثائق الخارجية الأمريكية على تفاصيل مؤامرة جمال عبد الناصر مع الأمريكيين.
حتى حانت لحظة الحقيقة فى عام 2009 عندما صدر كتاب "إرث من الرماد .. تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية" للكاتب الصحفى الأمريكى تيم واينر مراسل جريدة النيويورك تايمز يتناول الكتاب تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ إنشائها وحتى نهاية عهد الرئيس جورج دبليو بوش ، أعتمد الكتاب على 50 ألف وثيقة من وثائق الوكالة .
يقول تيم واينر فى مقدمة الكتاب :"هذا الكتاب موضوع بما هو للنشر ،لا مصادر مجهولة ، ولا استشهادات غامضة ، ولا أقاويل .
إنه أول تأريخ ل" السي.آي.إيه." مجموع كليا من إفادات من المصدر ومن وثائق أصلية .
هذه شهادة تيم واينر عن كتابه الوثائقى والآن حان الوقت لنقرأ معا ماذا تخبرنا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن جمال عبد الناصر وثورته .
" فوجئت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بثورة الجيش فى مصر فى 23 يوليو 1952 برغم أن ضباط الوكالة فى مصر وقتها فاقوا مسئولى وزارة الخارجية عددا بنحو أربعة إلى واحد فى السفارة الأمريكية بالقاهرة."
" حاولت الوكالة شراء جمال عبد الناصر فدفعت له 3 ملايين كدعم لنظامه وساعدته فى بناء محطة إذاعية قوية ، ووعدته بمساعدة عسكرية و اقتصادية أمريكية ، ولكن المفاجأة أن جمال عبد الناصر رفض أن يتم شراؤه فقام باستخدام قسم من ملايين الدعم الثلاثة فى بناء برج القاهرة ، وعندما لم يفى الأمريكيون بتعهداتهم بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية له أتجه إلى السوفيت من اجل تسليح جيشه .
قبل تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس كان هناك تنسيق بين الوكالة والمخابرات البريطانية من أجل تنظيم عملية لإزاحته من السلطة فى مصر.
عقب تأميم جمال عبد الناصر لشركة قناة السويس أقترح البريطانيون اغتياله فورا ، ودرسوا تحويل مجرى نهر النيل لإغراق مصر وتدمير محاولة عبد الناصر للتنمية المستقلة فى مصر.
رفض الرئيس الأمريكى إيزنهاور تلك الخطة وأيد مع مسئولى الوكالة تنظيم حملة طويلة وبطيئة من الإفساد ضد مصر والحصار الاقتصادى لإسقاط جمال عبد الناصر."
هذا هو ما تخبرنا به وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن جمال عبد الناصر وثورته.. كانت الثورة مفاجأة فشلت الوكالة فى التنبؤ بها .
جمال عبد الناصر وطنى حر لا يباع ولا يشترى .
نتنقل الآن إلى وثائق الكتاب عن كلا من "كيرميت روزفلت" و"مايلز كوبلاند" اللذان ينسب لهما عملية تنسيق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع جمال عبد الناصر قبل الثورة.
ولنقرأ معا ماذا تخبرنا الوثائق عن علاقتهما بجمال عبد الناصر :
" كيرميت روزفلت بعد قيام الثورة عرض مساعدة الوكالة فى إنشاء جهاز الاستخبارات المصري وتدريب كوادره لذا أوفد كتيبة من مغاوير الجنرال رينهارد جهلن السابقين للقيام بتلك المهمة."
"مايلز كوبلاند هو أول رئيس مركز للوكالة فى دمشق عمل عن كثب مع الملحق العسكرى الأمريكى فى سوريا ستيفن ميد على خطة لدعم ديكتاتورية يساندها الجيش فى سوريا بحسب ما ورد فى برقية بعث بها ميد فى كانون الأول/ديسمبر 1948 إلى البنتاجون ، وقد وجدا ضالتهما فى حسنى الزعيم الذى دعمه كوبلاند فى انقلابه ووعده بدعم الرئيس ترومان مقابل سماح حسنى الزعيم بمرور خط أنابيب شركة النفط العربية – الأمريكية عبر سوريا .
بقى حسنى الزعيم فى الحكم أقل من خمسة أشهر قبل أن يتم الانقلاب عليه وإعدامه."
يمكننا بقراءة دقيقة لما ورد عن مايلز كوبلاند فى وثائق الوكالة ملاحظة أن ما قام به كوبلاند مع حسنى الزعيم بسوريا عام 1948 من انقلاب عسكرى هو ما أراد أن يوحى لنا عبر كتابه المزيف "لعبة الأمم" أنه قام به مع جمال عبد الناصر فى مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 .
ولكن كما فضحه الأستاذ محمد حسنين هيكل بوثائقه ،فضحته أيضا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التى كان يعمل لحسابها.
قضية تجسس الصحفى الراحل مصطفى أمين لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ورد ذكرها أيضا فى الكتاب
ولنقرأ معا ما جاء بالكتاب عنها :
"أبلغ مكتب مصر فى وزارة الخارجية "لوك باتل" وكيل وزارة الخارجية الجديد لشئون الشرق الأدنى أن الرئيس المصرى جمال عبد الناصر شرع فى الشكوى – وليس للمرة الأولى وليس بدون سبب – من أن الوكالة تحاول الإطاحة بنظام حكمه .
كشف باتل سر شكوى الرئيس المصرى جمال عبد الناصر فقد كان ضابط الوكالة بروس تايلور أوديل يجتمع على نحو منتظم بمصطفى أمين المحرر البارز المقرب من عبد الناصر .
كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تدفع أموال لمصطفى أمين مقابل المعلومات التى يمدها بها ومقابل نشره تقارير إخبارية مؤيدة للأمريكيين بصحيفته .
وقد تم وضع مصطفى أمين على جدول معاشات الولايات المتحدة الأمريكية مقابل خدماته.
تم القبض على مصطفى أمين واحتلت قضيته عناوين الصحف وتم كشف دور بروس تايلور أوديل ضابط المخابرات الأمريكية محرك مصطفى أمين والذى كان يعمل تحت غطاء دبلوماسى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة .
حوكم مصطفى أمين بوصفه جاسوسا وأدين وتم سجنه لمدة تسع سنين."
هذا ما تخبرنا به وثائق الوكالة عن قضية مصطفى أمين الذى عمل لصالحها وتم وضعه على جدول معاشاتها تقديرا لخدماته ومعلوماته.
فى الكتاب أيضا تخبرنا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن الانتصار الأكبر الوحيد للوكالة فى الشرق الأوسط كان هو عملية أجاكس عملية الانقلاب على مصدق فى إيران لصالح الشاه محمد رضا بهلوى والذى خططت له الوكالة عبر رجلها كيرميت روزفلت عام 1953 .
والآن بعد أن تحدثت الوثائق ماذا سيفعل أعداء جمال عبد الناصر؟ ، وما الجديد الذى سيفترونه عليه ؟!
مشكلة بعض الكتب التى صدرت فى غفلة من الزمان لكتبة مشبوهين لهم أغراض مدفوعة الثمن وتم الترويج لها عبر حملة ضارية لتشويه جمال عبد الناصر وعهده أنها قد تخدع البعض فتحول الأبطال إلى عملاء ، والخونة إلى أبطال .
ولكن عندما تتحدث الوثائق يخرس كل الخونة والعملاء أعداء جمال عبد الناصر وفكره ، لأن الوثائق لا تكذب ولا تتجمل فقط تصرح بالحقائق .
كتب : عمرو صابح
" لن يغفر لى الأمريكيون ما فعلته معهم .. حيا أو ميتا "
هذه شهادة الرئيس جمال عبد الناصر عن علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية التى حاربت سياسته وسعت للخلاص منه طيلة فترة حكمه لمصر ، وكعادته كان عبد الناصر نافذ البصيرة فى توصيفه لحرب الولايات المتحدة عليه حيا لوأد مشروعه القومى النهضوى، وميتا كرمز وحتى لا تتكرر تجربته مرة أخرى.
كانت أغرب التهم التى تم توجيهها لجمال عبد الناصر فى الحملة المشبوهة لتشويه تجربته واغتيال شخصيته هى تهمة صلته بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية قبل الثورة ، وحصوله على ضوء أخضر من الأمريكيين للإطاحة بالنظام الملكى فى مصر .
وقد بدأ اتهام جمال عبد الناصر بتلك الأكذوبة أثناء حياته في عام 1969 عندما نشر مندوب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية " مايلز كوبلاند " كتابه ذائع الصيت " لعبة الأمم " والذي أوحى فيه بصلة الثورة المصرية وجمال عبد الناصر بالولايات المتحدة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقد أصبح هذا الكتاب بمثابة المرجع الرئيسي لكل أعداء عبد الناصر وثورته.
فى عام 1988 نشر الأستاذ محمد حسنين هيكل كتابه " سنوات الغليان " الذي أورد فيه مجموعة من الوثائق والرسائل التي تثبت أن مايلز كوبلاند نصاب ومحتال، وأنه نشر كتابه بأوامر أمريكية في إطار الحرب الأمريكية المستمرة على عبد الناصر والتي تهدف لتشويه سمعته من أجل اغتيال شخصيته معنوياً في أعين الجماهير العربية بعد الهزيمة فى حرب يونيو 1967.
وقد هاج كوبلاند بعد أن فضحه الأستاذ هيكل بالوثائق، وهدد برفع قضايا تعويض ضد الأستاذ هيكل ، وحتى الآن بعد مرور كل تلك السنوات على صدور كتاب " سنوات الغليان " لم يفعل مايلز كوبلاند شيئا مما هدد به.
خلال سلسلة حوارات للأستاذ هيكل لمجلة روز اليوسف في منتصف التسعينيات صرح الأستاذ أن كتاب مايلز كوبلاند " لعبة الأمم " قامت بتمويله المملكة العربية السعودية في إطار سعى الملك فيصل بن عبد العزيز الدءوب للقضاء على شعبية جمال عبد الناصر بين الشعوب العربية، وهو السعي الذي وافق هوى المخابرات المركزية الأمريكية ورجلها مايلز كوبلاند، وأشار الأستاذ هيكل إلى أن أي كتاب يصدره أحد العاملين فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لابد أن يحصل على موافقة مسئولي الوكالة، وتتم عملية مراجعة دقيقة لما يحتويه لمعرفة مدى خدمته لمصالح وغايات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأهداف السياسة الأمريكية وهو ما خضع له بالطبع كتاب " لعبة الأمم ".
المدهش فى الأمر أن هناك كتب عربية عديدة ظهرت كان مرجعها الأساسى والرئيسى هو كتاب "لعبة الأمم" مثل كتابي "كلمتى للمغفلين" و "ثورة يوليو الأمريكية" لمحمد جلال كشك، وكتاب "عبد الناصر ولعبة الأمم " لمحمد الطويل ،وقد راجت تلك الكتب وأصبحت المراجع الرئيسية لكل أعداء ثورة 23 يوليو .
وعندما تم الإفراج عن وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التى تتناول عام 1952 والتى أثبتت مفاجأة وزارة الخارجية الأمريكية بثورة الجيش فى مصر فى 23 يوليو 1952 خرج علينا أعداء جمال عبد الناصر وثورته بتفسير مريض مثلهم برروا فيه مفاجأة وزارة الخارجية الأمريكية بالثورة بأن من كان يتولى التنسيق مع جمال عبد الناصر من الأمريكيين ليسوا من وزارة الخارجية الأمريكية بل من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لذا فطبيعى أن لا تحتوى وثائق الخارجية الأمريكية على تفاصيل مؤامرة جمال عبد الناصر مع الأمريكيين.
حتى حانت لحظة الحقيقة فى عام 2009 عندما صدر كتاب "إرث من الرماد .. تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية" للكاتب الصحفى الأمريكى تيم واينر مراسل جريدة النيويورك تايمز يتناول الكتاب تاريخ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ إنشائها وحتى نهاية عهد الرئيس جورج دبليو بوش ، أعتمد الكتاب على 50 ألف وثيقة من وثائق الوكالة .
يقول تيم واينر فى مقدمة الكتاب :"هذا الكتاب موضوع بما هو للنشر ،لا مصادر مجهولة ، ولا استشهادات غامضة ، ولا أقاويل .
إنه أول تأريخ ل" السي.آي.إيه." مجموع كليا من إفادات من المصدر ومن وثائق أصلية .
هذه شهادة تيم واينر عن كتابه الوثائقى والآن حان الوقت لنقرأ معا ماذا تخبرنا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن جمال عبد الناصر وثورته .
" فوجئت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بثورة الجيش فى مصر فى 23 يوليو 1952 برغم أن ضباط الوكالة فى مصر وقتها فاقوا مسئولى وزارة الخارجية عددا بنحو أربعة إلى واحد فى السفارة الأمريكية بالقاهرة."
" حاولت الوكالة شراء جمال عبد الناصر فدفعت له 3 ملايين كدعم لنظامه وساعدته فى بناء محطة إذاعية قوية ، ووعدته بمساعدة عسكرية و اقتصادية أمريكية ، ولكن المفاجأة أن جمال عبد الناصر رفض أن يتم شراؤه فقام باستخدام قسم من ملايين الدعم الثلاثة فى بناء برج القاهرة ، وعندما لم يفى الأمريكيون بتعهداتهم بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية له أتجه إلى السوفيت من اجل تسليح جيشه .
قبل تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس كان هناك تنسيق بين الوكالة والمخابرات البريطانية من أجل تنظيم عملية لإزاحته من السلطة فى مصر.
عقب تأميم جمال عبد الناصر لشركة قناة السويس أقترح البريطانيون اغتياله فورا ، ودرسوا تحويل مجرى نهر النيل لإغراق مصر وتدمير محاولة عبد الناصر للتنمية المستقلة فى مصر.
رفض الرئيس الأمريكى إيزنهاور تلك الخطة وأيد مع مسئولى الوكالة تنظيم حملة طويلة وبطيئة من الإفساد ضد مصر والحصار الاقتصادى لإسقاط جمال عبد الناصر."
هذا هو ما تخبرنا به وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن جمال عبد الناصر وثورته.. كانت الثورة مفاجأة فشلت الوكالة فى التنبؤ بها .
جمال عبد الناصر وطنى حر لا يباع ولا يشترى .
نتنقل الآن إلى وثائق الكتاب عن كلا من "كيرميت روزفلت" و"مايلز كوبلاند" اللذان ينسب لهما عملية تنسيق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مع جمال عبد الناصر قبل الثورة.
ولنقرأ معا ماذا تخبرنا الوثائق عن علاقتهما بجمال عبد الناصر :
" كيرميت روزفلت بعد قيام الثورة عرض مساعدة الوكالة فى إنشاء جهاز الاستخبارات المصري وتدريب كوادره لذا أوفد كتيبة من مغاوير الجنرال رينهارد جهلن السابقين للقيام بتلك المهمة."
"مايلز كوبلاند هو أول رئيس مركز للوكالة فى دمشق عمل عن كثب مع الملحق العسكرى الأمريكى فى سوريا ستيفن ميد على خطة لدعم ديكتاتورية يساندها الجيش فى سوريا بحسب ما ورد فى برقية بعث بها ميد فى كانون الأول/ديسمبر 1948 إلى البنتاجون ، وقد وجدا ضالتهما فى حسنى الزعيم الذى دعمه كوبلاند فى انقلابه ووعده بدعم الرئيس ترومان مقابل سماح حسنى الزعيم بمرور خط أنابيب شركة النفط العربية – الأمريكية عبر سوريا .
بقى حسنى الزعيم فى الحكم أقل من خمسة أشهر قبل أن يتم الانقلاب عليه وإعدامه."
يمكننا بقراءة دقيقة لما ورد عن مايلز كوبلاند فى وثائق الوكالة ملاحظة أن ما قام به كوبلاند مع حسنى الزعيم بسوريا عام 1948 من انقلاب عسكرى هو ما أراد أن يوحى لنا عبر كتابه المزيف "لعبة الأمم" أنه قام به مع جمال عبد الناصر فى مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 .
ولكن كما فضحه الأستاذ محمد حسنين هيكل بوثائقه ،فضحته أيضا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التى كان يعمل لحسابها.
قضية تجسس الصحفى الراحل مصطفى أمين لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ورد ذكرها أيضا فى الكتاب
ولنقرأ معا ما جاء بالكتاب عنها :
"أبلغ مكتب مصر فى وزارة الخارجية "لوك باتل" وكيل وزارة الخارجية الجديد لشئون الشرق الأدنى أن الرئيس المصرى جمال عبد الناصر شرع فى الشكوى – وليس للمرة الأولى وليس بدون سبب – من أن الوكالة تحاول الإطاحة بنظام حكمه .
كشف باتل سر شكوى الرئيس المصرى جمال عبد الناصر فقد كان ضابط الوكالة بروس تايلور أوديل يجتمع على نحو منتظم بمصطفى أمين المحرر البارز المقرب من عبد الناصر .
كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تدفع أموال لمصطفى أمين مقابل المعلومات التى يمدها بها ومقابل نشره تقارير إخبارية مؤيدة للأمريكيين بصحيفته .
وقد تم وضع مصطفى أمين على جدول معاشات الولايات المتحدة الأمريكية مقابل خدماته.
تم القبض على مصطفى أمين واحتلت قضيته عناوين الصحف وتم كشف دور بروس تايلور أوديل ضابط المخابرات الأمريكية محرك مصطفى أمين والذى كان يعمل تحت غطاء دبلوماسى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة .
حوكم مصطفى أمين بوصفه جاسوسا وأدين وتم سجنه لمدة تسع سنين."
هذا ما تخبرنا به وثائق الوكالة عن قضية مصطفى أمين الذى عمل لصالحها وتم وضعه على جدول معاشاتها تقديرا لخدماته ومعلوماته.
فى الكتاب أيضا تخبرنا وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن الانتصار الأكبر الوحيد للوكالة فى الشرق الأوسط كان هو عملية أجاكس عملية الانقلاب على مصدق فى إيران لصالح الشاه محمد رضا بهلوى والذى خططت له الوكالة عبر رجلها كيرميت روزفلت عام 1953 .
والآن بعد أن تحدثت الوثائق ماذا سيفعل أعداء جمال عبد الناصر؟ ، وما الجديد الذى سيفترونه عليه ؟!
مشكلة بعض الكتب التى صدرت فى غفلة من الزمان لكتبة مشبوهين لهم أغراض مدفوعة الثمن وتم الترويج لها عبر حملة ضارية لتشويه جمال عبد الناصر وعهده أنها قد تخدع البعض فتحول الأبطال إلى عملاء ، والخونة إلى أبطال .
ولكن عندما تتحدث الوثائق يخرس كل الخونة والعملاء أعداء جمال عبد الناصر وفكره ، لأن الوثائق لا تكذب ولا تتجمل فقط تصرح بالحقائق .
No comments:
Post a Comment