في منتدى التميمي الرائد في الجيش الوطني صالح منصور يتحدث عن :
قضية براكة الساحل وكل التعذيب الإداري والمهني والسياسي
الذي لحق المتهمين
من العسكريين
بماذا يمكن أن نقدم ندوة مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي أقيمت
صبيحة يوم السبت 13 أكتوبر 2012 ؟ وكيف يمكن أن نصف هذه الشهادة التي استمع لها
رواد المنتدى في إطار سلسلة الشهادات التي عمل على جمعها صاحب المؤسسة لكل
الفاعلين من السياسيين والمفكرين والمثقفين من أجل التأريخ للذاكرة الوطنية والكشف
عن الحقيقة كاملة عما حصل من أحداث مؤثرة وخطيرة في عهد النظام السابق.
في الحقيقة لقد كانت شهادة الرائد في الجيش الوطني صالح منصور حول كل
الأحداث التي عاشها وعايشها خلال المحنة التي حلت بعدد من العسكريين في بداية
التسعينات من القرن الماضي مهمة ومؤثرة ومحزنة وذلك لكثرة الأسئلة التي بقيت غامضة
إلى اليوم رغم أن الثورة قد أنصفت قليلا هؤلاء العسكريين الذين تعرضوا إلى الطرد
من العمل والتحقيقات المضنية والتعذيب والسجن والمحاصرة والمضايقات الرهيبة وصلت
إلى حد الحرمان من حق الحياة.
والرائد صالح منصور لمن لا يعرفه هو من مواليد 1947 بالمطوية بقابس أين
زاول تعليمه الثانوي قبل أن يتنقل الى مدينة صفاقس. وبعد حصوله على شهادة
الباكالوريا بتفوق غادر تراب الوطن نحو فرنسا وهناك التحق بمعهد blaise
pascal a clermont ferrand، ثم التحق بالمدرسة العليا للأشغال العامة بباريس
وذلك خلال سنوات 1969 – 1977، وبعد ذلك التحق بجامعة العلوم بباريس 7 ليتحصل بها
على درجة الدكتوراه الحلقة الثالثة. وبعد عودته إلى تراب الوطن لم تكن نيته
الالتحاق بالمؤسسة العسكرية غير أن الأقدار جعلته يلتحق سنة 1978 بالأكاديمية
العسكرية بتونس ثم سنة 1983 بكلية قيادة الأركان بتونس. وفي كل هذه المؤسسات
العلمية العسكرية أوكلت له مهمة التدريس والتعليم حيث كان مسؤولا على التعليم
الجامعي والفني للطلبة الضباط بأقسامه الأربعة بالأكاديمية العسكرية كما كان
مسؤولا عن اعداد البرامج و والإشراف على التدريس الجامعي هذا فضلا عن تأمينه
التدريس بهذه المؤسسة لسنوات عديدة. كما كان مسؤولا على التعليم العام بكلية
القيادة والأركان بتونس.
وإلى جانب كل هذا المسار العلمي والدراسي العسكري فإن الرائد صالح منصور قد
تلقى تكوينا اقتصاديا في المقاولات وقد قضى قرابة 13 سنة كخبير فضلا عن 27 سنة في
التجربة العملية الميدانية حيث ساهم في عديد المشاريع لصالح التكوين المهني مع
وزارة التكوين المهني وأخيرا فقد عمل خبيرا في مجال الموارد البشرية مع الجامعة
الوطنية للكهرباء.
لقد تعمدنا التعرض بشيء من التفصيل لسيرة هذا الرجل للتأكيد على أن ضيف
منتدى التميمي هذه المرة ليس شخصا عاديا وللقول أن من استمعنا إليه ليس شخصية عسكرية فحسب وإنما بالإضافة إلى كل ذلك هو مثقف وحامل
لعديد الشهادات العليا تحصل عليها من أكبر الجامعات الفرنسية هذا دون أن نذكر
التربصات المختلفة في المجال العسكري وكل هذه الحقائق تجعل من هذا الرجل قيمة
علمية وعسكرية ثابتة ما يطرح السؤال المحير كيف يضحي نظام بن علي بمثل هؤلاء
الرجال ؟ وكيف يخسر النظام السابق كل هذه الخبرات والقامات التي تحتاجها البلاد ؟
لقد حدثنا الرائد صالح منصور عن قصته المؤلمة وكل ما تعرض له من تعذيب
وتحقيق ومحاكمات جائرة بكثير من الألم والحسرة وكذلك بكثير من الأمل والتفاؤل. لقد
حدثنا لقرابة الثلاث ساعات عن كل المظلمة التي تعرض لها هو وعدد من العسكريين
الذين وصل عددهم إلى 244 عسكريا من مختلف الرتب وذلك في القضية التي عرفت في بداية
التسعينات بقضية براكة الساحل التي اتهم فيها عدد من العسكريين بتحضير انقلاب ضد
حكم بن علي في براكة بمدينة سوسة.
لقد قال كلاما كثيرا مؤلما عن ظروف التحقيق في إدارة أمن الدولة وعن كل
التعذيب الوحشي الذي تعرض له وكان خلال سرده لكل ما حصل له يقطع الحديث بعد أن
تنزل الدموع من عينيه وهو يتذكر كيف ضرب وعذب وأهين من دون أن يرتكب ذنبا واحدا
ومن دون أن يكون له علم بهذه التهمة الخطيرة التي هزت الرأي العام في تلك الحقبة
من تاريخ تونس.
يعتبر الرائد صالح منصور في هذه الشهادة حول ما حصل من مأساة ذهب ضحيتها
الكثير من الأبرياء وتضررت منها الكثير من العائلات في حملة أمنية يقول إنها طالت
قرابة 30 ألف شخص كان من بينهم مجموعة من العسكريين اتهموا بتدبير انقلاب وهمي لم
يوجد إلا في مخيلة السياسيين المحيطين ببن
علي الذي اقتنع بعد فوز حركة النهضة في انتخابات سنة 1989 أن حكمه مهدد بخطرين:
خطر المؤسسة العسكرية التي التحق بها منذ بداية الثمانينات جيل متعلم ومثقف وهذا
في نظره وضع غير مريح أن يكون العسكري صاحب فكر وثقافة وهو ما يهدد المؤسسة
العسكرية التي يريدها مؤسسة تطبق الأوامر فقط . فقد كان متخوفا من القادة
العسكريين المتعلمين من الذين تحصلوا على شهائد عليا. والخطر الثاني هو حركة
النهضة التي رغم الضربات التي تلقتها في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة قد اثبتت في
انتخابات 1989 أنها تمثل خطرا عليه رغم أنها تدخلت هذه الانتخابات تحت مضلة
المستقلين. وبهذا فقد وجد بن علي الفرصة سانحة للتخلص من عدوين وخطرين انتجهما في
مخيلته فكان المخطط الرهيب الذي حبك بدقة من خلال فبركة حادثة وافتعال قضية محاولة
انقلاب نظام الحكم من قبل مجموعة عسكرية موالية لحركة النهضة. ومن هنا دخلت البلاد
في منعرج أمني خطير و عاشت تأسيس مرحلة مظلمة من تاريخ تونس عرفت بسنين الجمر ذهب
ضحيتها الكثير من المواطنين كان من ضمنهم عدد كبير من العسكريين الذين أجبروا في
بادئ الأمر على التقاعد المبكر قبل أن يتهموا بعد سنتين بتدبير محاولة انقلاب.
يقول الرائد صالح منصور لقد تعرض المتهمون العسكريون في هذه القضية إلى
أبشع أنواع التعذيب ومورست ضدهم أبشع وسائل الاستنطاق وعانوا كثيرا في مكاتب أمن
أمن الدولة والمؤسسة العسكرية كما لاقوا الأمرين اثناء سجنهم في العديد من سجون
البلاد وتعرضوا إلى معاملات مهينة من قبل مديري هذه المؤسسات السجنية. وتحدث بكثير
من الألم عن كل الممارسات المهينة للذات البشرية التي تعرضوا لها على يد محققين
وكل من كانوا مكلفين بالتعذيب.
وحينما لم تظفر مؤسسة أمن الدولة بأية معلومات ولا أدلة حول هذا التهمة
المنسوبة إليهم بعد أشهر عديدة من البحث
الاستنطاق والتعذيب الجسدي والمعنوي تم عرضهم أمام القضاء بتهم مختلفة تتراوح بين
الانتماء إلى النهضة وبين المعاونة على الانتماء وهي تهم كذلك غير ثابتة وكانت
الأحكام جاهزة وقاسية حيث حصل الرائد صالح منصور قي البداية على حكم بست سنوات قبل
أن يخفف فيه ليصل إلى أربعة سنوات وبعض الأشهر.
ويذكر الرائد منصور أنه علم أن المحاكمات التي خصصت للعسكريين كانت تبث إلى
الرئيس بن علي ليشاهدها مباشرة كما أن الأحكام كانت تعد مسبقا وما على القاضي إلا
النطق بالحكم مما جعل الكثير من المحامين يشعرون بإحباط كبير خاصة وأن ملفات
المتهمين كانت خاوية من أي تهمة أو أدلة إدانة.
يقول الرائد منصور بكثير من الحسرة أن التهمة الأساسية التي جعلت المؤسسة
العسكرية تخرجه في التقاعد المبكر قبل أن تتولى إدارة أمن الدولة توجيه تهمة إليه
بالمشاركة في التدبير محاولة انقلاب على نظام بن مع مجموعة عسكرية في براكة الساحل
هي أدائه للصلاة وإمامته يوم الجمعة للضباط والقادة العسكريين في المجسد الموجود
بالأكادمية العسكرية وبذلك بطلب وموافقة
من مسؤوليه المباشرين. حيث كانت الصلاة في عهد بن علي سببا يفصل من أجله الموظف من
عمل وتوجه إليه تهم خطيرة وتسلط عليه عقوبات قاسية.
إن الهاجس الذي ضل يرافق كل المجموعة العسكرية التي اتهمت في هذه القضية هي
معرفة الحقيقة. ومعرفة لماذا تم اقحامهم في موضوع لا يعرفونه ولا خططوا له. ومعرفة
من كان وراء هذا المخطط الذي زجّ بالمؤسسة العسكرية في الصراع السياسي الذي كان
يدور في بداية التسعينات من القرن الماضي ؟ لقد حاولوا الاتصال بعديد المسؤولين
السياسيين لمعرفة لماذا حوكموا ؟ ولماذا تعرضوا إلى كل ذلك التعذيب والإهانة
والسجن ؟ فلم يظفروا بأية إجابة.
وينهي الرائد منصور حديثه وشهادته المؤثرة عن مرحلة مظلمة من تاريخ تونس
بالتأكيد على أن قضية براكة الساحل هي قضية مفتعلة أثبت إفتعالها وفبركتها إدارة
أمن الدولة التي بعد أشهر من التحقيق والتعذيب مع المجموعة المتهمة لم توجه اليهم
أية تهمة تتعلق بقلب النظام كما أثبتها المحاكم التي انتصبت في مختلف الجهات والتي
لم تقدر على توجيه تهمة التآمر على أمن الدولة كما أثبت هذه المظلمة التي تعرض لها
عدد من العسكريين وزير الدفاع السابق السيد الحبيب بورعراس الذي أعد تقريرا لبن
علي أظهر فيه براءتهم من التهمة المنسوبة إليهم بعد أن أعلمه أن ملف القضية لا
توجد به أية أدلة على ما اتهموا به غير أن بن علي لم يقبل بهذا التقرير. إن المهم
الذي يطلبه هؤلاء الضحايا هو الاعتراف بأن الدولة أخطأت في مرحلة معينة من تاريخ
تونس في عدد كبير من أبنائها. والمهم أن يقوم من يحكم اليوم برد الاعتبار لمن حوكم
ظلما وعدوانا وأن يتولوا إرجاع الحقوق إليهم وفي مقدمتها الحق في الشعل والحق في
العلاج والحق في التقاعد وكل هذه المطالب يقول الرائد منصور قد استجاب لها السيد
منصف المرزوقي حينما التقى بهم.غير أنه في مطلب تحسين وضعية بعض العسكريين الذين
يعرفون وضعا صعبا وحالة اجتماعية متردية تفرض التدخل بقي هذا الطلب الى اليوم دون
تفعيل.
إن الفائدة التي نخرج بها بعد الاستماع إلى كل الأنين والآهات التي خرجت من
حنجرة الرائد صالح منصور هو أن من لم يكتو من ظلم وقمع بن علي لا يعرف قيمة الحرية
التي ينعم بها الشعب اليوم. وأن ما تعرض له عدد من العسكريين من تعذيب وإهانة يبرز
الكره الكبير الذي كان يكنه الرئيس السابق للعلم والثقافة وخوفه الكبير من الوعي
والذكاء فهؤلاء العسكريين الذين تم الزج بهم في قضية مفبركة ظالمة أثبتت الأبحاث
أنه لا توجد براكة في الساحل ولا يوجد مخطط للانقلاب هم من خيرة أبناء تونس الكثير
منهم قد تلقى تعليما عاليا ومتطورا ومع ذلك ضحى بهم النظام السابق وهمشهم وقضى
عليهم. فما هو الدور الذي لعبه عبد الله قلال الذي تردد اسمه كثيرا خلال كل الكلام
الذي قاله الرائد صالح منصور حيث ينسب إليه العسكريون كل المأساة التي تعرضوا لها.
نوفل
سلامة
1 comment:
L’Armée Tunisienne sinistrée
Septembre 1992- Paris
Par Ahmed Manai, « Vérités » N°1
Au mois de mai 1991, Ben Ali annonça avec fracas aux tunisiens et au monde médusés, la découverte d’un vaste complot fomenté par le mouvement Ennahda et dans lequel auraient trempé, outre des éléments des forces de la sécurité intérieure et de la douane, de nombreux cadres de l’armée nationale.
Un colonel et dix commandants d’active ainsi qu’un colonel de réserve et de nombreux sous officiers, d’active et de réserve furent ainsi officiellement et hâtivement inculpés. Leurs noms figuraient en bonne place, à l’époque, à côté des dirigeants d’Ennahda, à la une des journaux tunisiens, pour attester, si besoin est, de l’existence d’un bras armé de ce mouvement politique.
Les deux procès instruits à cet effet par les tribunaux militaires étant aujourd’hui terminés et le verdict rendu, il serait utile de s’interroger sur l’impact laissé par cette mascarade sur l’armée tunisienne et sur le sort réservé aux nombreux militaires, déshonorés et souillés à jamais.
Un complot contre l’armée.
Dans son projet d’éradication du mouvement Ennahda, Ben A li n’a pas hésité à la tentation d’impliquer une armée, qui, sans jamais se départir de son traditionnel loyalisme, l’a toujours traité avec un total mépris tout au long de sa carrière militaro-policière et davantage encore depuis son coup d’Etat.
D’autre part un complot aux ramifications militaires, avec à sa tête des jeunes commandants d’unités, intègres et compétents, passerait pour être plus crédible aux yeux d’une opinion quelque peu incrédule.
L’histoire retiendra la réplique que Ben Ali fît à son ministre de l’intérieur, Abdallah Kallel, venu s’enquérir de l’importance à attribuer à l’armée dans son scénario : « qu’on la détruise », lui lance-t-il.
En fait le démantèlement de l’armée tunisienne était déjà largement avancé dès le lendemain du coup d’Etat de 1987. De nombreux officiers supérieurs, appartenant aux premières promotions, des colonels et parfois des généraux, ont été mis à la retraite d’office. Les plus chanceux parmi eux, liés à Ben Ali par le copinage, les affaires, la corruption ou plus simplement la « complotite », se virent attribuer de juteuses situations à la tête d’ambassades ou de sociétés d’Etat. D’autres choisis parmi les plus serviles, furent tout simplement bombardés ministres. Les moins performants investirent le corps des gouverneurs ou se retrouvèrent en compétition avec leurs collègues de la police à la tête de consulats à l’étranger, ou tout simplement délégués dans des sous-préfectures du bled.
La fin de 1989 connut une nouvelle purge de l’armée. Des colonels mais surtout de nombreux jeunes commandants et capitaines se virent mettre à la retraite et pour certains expulsés sans ménagement, sans autre perspective que le chômage.
Les élèves officiers, parfois en fin de scolarité, payèrent aussi leur tribut.
Tout ce monde se retrouve à partir de mai 1991 dans les geôles du ministère de l’intérieur ou à l’ile de Zembra, livrés aux spécialistes de la question sous l’œil vigilant du maitre des céans. Ils étaient plus de deux cents quarante. Nombre d’entre eux y laissèrent la vie, d’autres en sortirent avec des traces indélébiles, pour se faire condamner à huit clos et en l’absence de toute assistance juridique et dans l’anonymat total, à de lourdes peines de prison.
Les plus chanceux enfin iront faire de la figuration dans les deux procès pour attester, en face du monde, de la crédibilité du scénario imaginé par un fou.
Ceux-ci seront acquittés, mais comme à son accoutumée, leur distingué hôte les retiendra à perpétuité.
Ahmed Manai,
Post a Comment