Search This Blog

Friday, December 27, 2013

Abdeljelil Temimi et le livre noir de son président!



مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات
الرقم  : 837
تونس في  :  27  ديسمبر 2013 
حضرات الزملاء المحترمين
 
نعيد توجيه نص الرسالة الموجة إلى د. المنصف المرزوقي قبل سنتين، وقد أضفنا إليها تعليقا محيّنا حول الجدل الدائر عن الكتاب الأسود.
عبد الجليل التميمي
***
رسالة إلى د. المنصف المرزوقي (رئيس الجمهورية) حول :
 الأرشيف السري بالقصر الرئاسي
 
على إثر نشر رئاسة الجمهورية ما أطلق عليه الكتاب الأسود, قد تقاطعت وتباينت المواقف حول أحقية وقانونية ما تبناه د. المنصف المرزوقي من توظيف لأرصدة الأرشيفات السرية بالقصر الرئاسي, وقد أخذ هذا الملف هذه الأيام أبعادا جديدة بإحالته على القضاء للبت في صلاحية رئاسة الجمهورية وكذا المشرفين في الديوان على مجمل أرشيفات الرئاسة, للتصرف فيه دون احترام للضوابط المنهجية وقانون الأرشيف العام ببلادنا.
وأود بالمناسبة أن أمد الرأي العام ببلادنا بنص تقرير كنت قد رفعته إلى د. المنصف المرزوقي بتاريخ 13 فيفري 2012, عندما طلب مني القيام بزيارة الأرشيف المتوفر بالقصر الرئاسي ثم ما هي الإجراءات الادارية الواجب اتخاذها وتبنيها للحفاظ عليه.
وإليكم نص هذا التقرير :
"أثناء مأدبة الغداء التي تفضلتم بإقامتها على شرف ثلاثة أساتذة : هشام جعيط وجلول عزونة وشخصي, دار الحديث بعفوية كاملة حول الآليات المستقبلية الجديدة لتفعيل المعرفة والثقافة وتعميمهما, وأثير بصفة أخص ملف أرشيف الرئاسة التابع للرئيسين السابقين وقد طلبتم مني دراسة هذا الملف لتأمين سبل الاستفادة من هذا الرصيد الثمين لكتابة تاريخ الذاكرة الوطنية وبناء الدولة الوطنية منذ الاستقلال وقد شددتم على دراسة امكانية فتحه للمؤرخين والباحثين مستقبلا !
وفي نفس الوقت الذي أنوه فيه شخصيا بهذا التوجه الحضاري، إذ لأول مرة يقوم رئيس جمهورية في البلاد العربية بل وفي العالم، بالإذن بدراسة هذا الملف الدقيق, وفقا للقوانين الأرشيفية المعمول بها محليا ودوليا, وهي القوانين التي حددت الإطار القانوني لفتح الأرشيف سواء كان ذلك الأرشيف تابعا للرئاسة أو للوزارات السيادية أو للخواص ببلادنا.
وتبعا لهذا التمشي قمت شخصيا بالتنسيق مع د. الهادي جلاب، المدير الحالي للأرشيف الوطني التونسي والمؤتمن على الذاكرة الوطنية، صحبة د. محمد ضيف الله، أحد المؤرخين البارزين اليوم في الساحة التونسية، وقد أحطتهما علما بهذا التكليف العلمي، بإجراء مسح أولي لأرشيف الرئاسة. وعلى ضوء ذلك قمنا بزيارتين الأولى تمت يوم الاثنين 16 جانفي 2012 وتلتها زيارة ثانية يوم 23 جانفي 2012, ولم نتمكن بالقيام بزيارة ثالثة, كانت في الأساس مبرمجة ولا نعلم حتى اليوم سبب إلغائها في آخر لحظة ! وكان الهدف في رأينا من هذه الزيارات الثلاث هو استكمال تحرياتنا الأولية وتقديم تقرير لعناية رئيس الجمهورية.
ووفقا للملاحظات التي خرجنا بها في الزيارتين، نوجز لكم هذا التقرير في العناصر المستخلصة التالية :
-        هناك مئات من الألبومات, وهي صور تتعلق بالفترة البورقيبية وبالأحداث الوطنية وتمثل عدة آلاف من الصور التاريخية ويمكن أن تشكل أحد العناصر لتأثيث أي فضاء متحفي مستقبلا.
-        هناك 270 صندوق أفلام من قياس 35 مم وهي عبارة عن تسجيلات صوتية ليس عليها أي كتابة لمحتواها ولا متى تمت في ظرفها الزمني, وهي في حالة تحتاج إلى ترميمها حالا للحفاظ على ما تحتويه من معلومات أولية ومهمة جدا.
-        هناك تقريبا مساحات مترية من الوثائق المؤرخة وغطت الفترة البورقيبية وهي عبارة عن مئات الملفات وتحتوي على آلاف من الوثائق والتقارير الواردة من وزارة الداخلية حول الوضع الأمني والاقتصادي ومنها تقارير مراقبة كل الأطياف السياسية وغيرهم, ملفات أخرى تناولت الجهات وعرايض المواطنين الذين رفعوا شكاياتهم أثناء الفترة البورقيبية.
- كما ضم هذا القسم بانوراما عن المشهد الثقافي المتعدد الوجوه ومراسلات من عديد الشخصيات البارزة يومئذ.
- توجد مكتبة ضمت الكتب والنشريات تتعلق بتاريخ تونس والدول الصديقة
- وهناك أيضا 20 دفترا لتسجيل الصادر والوارد و10 حافظات بها بقايا الفواتير تتعلق بالمصاريف التي تخص فترة الرئيس السابق.
وعليه يستحيل علينا في هذا التقرير المقتضب أن نأتي على كل الخصوصيات الأرشيفية التي يضمها الأرشيف الخاص بالرئيسين السابقين.
 وللعلم فإن بلادنا تعد الوحيدة في العالم العربي من منح قطاع الأرشيف الأهمية البالغة عندما نشر أمر في الرائد الرسمي التونسي تحت رقم 95 لسنة 1988 مؤرخ في 2 أوت 1988, ويعد أحدث قانون لقطاع الأرشيف وأشرف عليه المدير السابق للأرشيف الوطني التونسي د. المنصف الفخفاخ, أحد الخبراء الدوليين في علم الأرشيف، وقد حدد هذا القانون الصلاحيات لحياة الوثيقة وإمكانية فتحها للباحثين والمؤرخين, وهناك ملفات يمكن الاطلاع عليها بعد 30 سنة وأخرى بعد 60 سنة, أما المتعلقة بالشخصيات والعائلات فقد حدد التشريع القانوني التونسي بفترة 100 سنة وأن هذا القانون ينص على أن كل وزارات الدولة التونسية وجب أن تنخرط تماما في هذه المنظومة الوطنية الأرشيفية القانونية, وأن الأرشيفيين المختصين وفقا لهذا القانون, مطالبون بالتدخل لدى كل الوزارات للحفاظ على التراث الأرشيفي,  وقد بدأت معظم الوزارات بإحالة جزء من تراثها إلى الأرشيف الوطني التونسي ومنها وزارة الداخلية لكل ما يتعلق بالحدود والأجانب مثلا، وللذكر فقد أحيلت مئات الملفات من أرشيفات وزارة الخارجية والمالية والعدل وكذا أرشيف التجمع الدستوري الديمقراطي ومؤخرا أرشيف مجلس المستشارين والهيئات العليا وصناديق لجداول الانتخابات الأخيرة, كلها تم الاطمئنان عليها بوضعها في مبنى الأرشيف الوطني وباستطاعة هذه البناية ذات الهندسة الفريدة استقبال أي رصيد أرشيفي مستقبلي. وبالإضافة إلى ذلك فإن القائمين على الأرشيف الوطني لهم الكفاءات المؤهلة للقيام بعمليات التكشيف والترميم والخزن الآلي والفرز الممنهج وتبني أحدث تقنيات الحفظ لأجل دقائق.
ولعلم السيد رئيس الجمهورية أن كل الوزارات السيادية منخرطة في هذا النظام الأرشيفي الوطني، إلا أرشيف رئاسة الجمهورية لأسباب عديدة. وأذهب إلى الاعتقاد أن أرشيف الرئاسة يؤمل أن يودع في الأرشيف الوطني، أولا للحفاظ عليه وترميم ما استوجب الآن ترميمه وإيلاء هذه المهمة للخبراء الأرشيفيين المؤتمنين وفي رأيي المتواضع سيكون القرار الأصوب والأحكم هو إيداعه في الأرشيف الوطني حالا.
حضرة السيد الرئيس،
إن إيداع أرشيف الرئاسة بمبنى الأرشيف الوطني التونسي هو الأسلم، قدوة بالعديد من الوزارات السيادية ببلادنا وأنا أعلم مدى القيمة الاستثنائية للأرشيف, حيث كنت أول مؤرخ عربي يعمل منذ سنة 1966 في الأرشيف الوطني التركي وتحصلت على شهادة الأرشيف الفرنسي منذ سنة 1970 وأرشيف الولايات المتحدة الأمريكية بواشنطن سنة 1972 وأسست سنة 1972 في اجتماعي روما 1971-1972, الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف, وأثناء إدارتي للمعهد الأعلى للتوثيق كان علم الأرشيف أحد الاهتمامات الأساسية لتفعيل الوعي الأرشيفي لدى الطلبة, وكما أتيحت لي الفرصة أن أعمل في أرشيفات بريطانيا وإيطاليا وفرنسا وأدركت مدى القيمة العالية للأرشيف .
هذه حضرة د. المنصف المرزوقي حصيلة موجزة عندما عهدت إلينا تقديم أي اقتراح عملي للحفاظ على هذا الأرشيف وإتاحة الفرصة, وفقا للقوانين الأرشيفية المعمولة بها في بلادنا ليتاح ذلك للباحثين والمؤرخين, وأن هذا التقرير هو حصيلة للاستشرافات الموسعة التي أجريتها مع د. الهادي جلاب مدير الأرشيف الوطني ود. محمد ضيف الله.
تفضلوا حضرة السيد الرئيس بقبول أطيب تحياتي وشاكرا ثقتكم الثمينة والسلام.
د. عبد الجليل التميمي
****
تعليق محين حول الجدل الدائر اليوم
بعد الجدل الساخن والقانوني الذي تعيشه الساحة التونسية على إثر صدور الكتاب الأسود, أذهب إلى القول أن د. المنصف المرزوقي لم يأخذ بالاعتبار اقتراحنا بنقل أرشيف الرئاسة إلى الأرشيف الوطني ولم يستشر الخبراء الأرشيفيين المعنيين والمدركين لقانونية هذا الملف، على اعتبار أن هذا التراث هو ملك للشعب ولا يمكن أن يتصرف فيه على الإطلاق لا رئيس الجمهورية ولا الاداريون في ديوان الرئاسة, وكان الأولى للدكتور المنصف المرزوقي الاستعانة بفريق من المؤرخين والباحثين والأرشيفيين, ولو تم ذلك لأمكننا تجنب مثل هذه الأخطاء والتي لا يمكن أن نجد مبررا لها على الإطلاق, ولو تمت مثل هذه الاستشارة لمنحنا للقادة السياسيين المغاربيين والعرب مثالا يحتذى به في كيفية التصرف الأخلاقي والقانوني لمحتويات أرشيفات الرئاسات السرية العربية, بل أننا من سوء الحظ منحنا لهذه الرئاسات العربية نموذجا معاكسا جدا بعدم فتحه على الإطلاق, وبذلك سوف نحرم المؤرخين والباحثين من الاطلاع على أرصدة أرشيفية أساسية وسيضرب حولها السرية المطلقة إلى الأبد، إن لم يعمل القائمون عليها اليوم بإتلافها جملة وتفصيلا, وهذا ما حصل في عدد من المؤسسات والوزارات السيادية التونسية والعربية.
ومع هذا أنوه من جديد بصدور هذا الكتاب والذي مكنني أن أتعرف على العديد من الشخصيات التي انبطحت لنظام بن علي وكانت أداة طيعة في منظومة الاستبداد لضرب كل القيم والثوابت وشوهت سمعة تونس مع أسفنا الشديد !
تونس 27/12/2013                                                                     د. عبد الجليل التميمي

No comments: