Search This Blog

Friday, December 20, 2013

Tunisie: Souveraineté السيــادة المستبــاحــة.. !؟bafouée

استتباعات الحوار الوطني: التدخل الأجنبي في الشأن التونسي



السيــادة المستبــاحــة.. !؟



  قد لا يحفل  المجال الشعبي كثيرا بلقاء بين سفير فرنسا والأمناء العامين لأحزاب سياسية وقد لا تعني له شيئا ندوة صحفية يعقدها سفير الولايات المتحدة، لكن بالتأكيد تعني الكثير بالنسبة للمتابعين للشأن السياسي والمراقبين للاداء الديبلوماسي الذي يبدو انه على غير ما يرام منذ الثورة الى الآن، وتحديدا منذ الولاية الرشيدة للسيد احمد ونيس التي شطبت على ما يبدو كلمة دبلوماسية تونسية نهائيا وعوضتها بإدارة لا تنتج الا الفشل.
والفشل في الاداء بالنسبة للدبلوماسية التونسية انعكس سلبا في علاقة بإتاحة المجال للفاعلين الدوليين كي يتدخلوا في الشأن الوطني ويدسوا انوفهم في شأننا الداخلي الذي اصبح على ما يبدو ومنذ الثورة الى الآن مستباحا لكل القوى التي تريد فرض اجنداتها خدمة لمصالح بلدانها.
وبداية التدخل الخارجي كانت منذ حكومة السيد محمد الغنوشي الأولى حيث فرضت عليه الدوائر المتنفذة في العالم ان يسمح بعودة العشرات من المهجرين دون ان تسقط عنهم الاحكام وحتى دون ان يكون للبعض منهم جواز سفر.
ومنذ تلك اللحظة بدأت اسوار السيادة الوطنية في الانهيار وبدأت قلعة استقلالية القرار تتساقط شيئا فشيئا.
ولم تكد تأتي الذكرى الاولى للثورة حتى كانت تونس تتلقى أقوى صفعة في تاريخها منذ حادثة «المنشة» الشهيرة والتي لم يسمع بها العالم الا بعد سنوات، في حين تابع كل العالم على الشاشات امير قطر وهو يقول بكل عنجهية في مطار تونس لقد جئت اعلم رئيسكم كيف يقف وكيف يسلم بعبارات لم يفهم منها المتابعون الا اننا بعد الثورة التي انجزناها والدماء والتضحيات التي قدمناها اصبحنا مجرد تابعين معلنين لقوى اقليمية صغيرة تسعى الان تلعب أدوار العمالقة على حساب كرامة الشعوب وسيادتها الخارجية  واستقلال قرارها الوطني.
بعد ذلك بأقل من شهرين فوجئ الرأي العام بدوس اخر على سيادتنا الوطنية هذه المرة من دولة تركيا التي استطاعت ان تفرض علينا معاداة سوريا واحتضان اول مؤتمر للمتآمرين عليها حضره نخبة من أرذل ضباط المخابرات في العالم بجوازات دبلوماسية وفيهم حتى من دخل الى قصر قرطاج بدعوى البحث عن الدعم وحشد المساعدات للشعب السوري الثائر.
وكي لا نسقط في تعداد الانزلاقات المأساوية للحكام الجدد على صعيد السيادة الوطنية فإننا سنكتفي بالقول ان مفهوم القرار الوطني المستقل الذي حرصت هذه الدولة على اعلائه كشعار لها منذ فجر الاستقلال رغم صغر حجمها ووزنها مقارنة بجيرانها اولا وبدول العالم ثانيا قد انهار تماما واصبحت بلدا مشاعا وقرارا مستباحا وسيادة وطنية مفقودة.
ولعل ما يدفع اليوم الى هذا الموضوع هو ذاك الدور المستراب الذي ما انفكت تلعبه  بعض السفارات والتي  تكاد تتحول الى مقر رسمي لصنع القرار وفض النزاع، في عديد المرات وخاصة خلال مرحلة الحوار الوطني، الذي لا يمكن لعاقل أن لا يلاحظ البصمات الجلية والواضحة للعيان التي خلفتها اللقاءات المكوكية للسيد جاكوب والاس، الذي على ما يبدو قد يحتل صدارة الفاعلين السياسيين في المشهد الوطني فعلى مدى ردهات الحوار وحتى من قبل إنطلاقه، كان السفير الأمريكي تقريبا هو المرجع في كل المراحل، وكان كلما وصلت العقدة في المنشار، إلا واتجه قادة الأحزاب الى مكتبه، أو قدم هو اليهم، في حركات لا يمكن تفسيرها إلا بمنطق الوصاية أو التعليمات خاصة إذا تكررت عديد المرات ومع المعنيين بالحوار مباشرة دون غيرهم.
وهو ما يدفع الى طرح سؤال حول ما اذا كانت الطبقة السياسية قد استمرأت هذا التدخل، وأخذت عليه، ولم يعد يزعجها، أم أنها مغلوبة على أمرها، وبالتالي ما يعني أن البلاد مستباحة غصبا عن سياسيينا، وهم بالتالي مضطرون الى سماع التدخلات الأجنبية والتعامل معها كأمر واقع، وهو ما يشكل نقطة خطيرة تصب في استقلال البلاد نفسه وليس استقلاليتها فقط.
حيث يرى الدبلوماسي شكري الهرماسي، سفير تونس السابق في السينغال وغرب إفريقيا، أن الوضع الجيوسياسي لتونس، كبلد رائد في جميع المجالات وكبلد رائد بالخصوص في تفجير ثورة الربيع العربي، لا يسمح لها إطلاقا أن تكون رهينة لأي تدخل خارجي  ولا يسمح لها بالخصوص أن ترتهن مسألة مصيرية كالحوار الوطني الى أجندات سفارات أجنبية تسيرها حسب مصالح بلدانها.
وأضاف الهرماسي، أنه من موقعه الحالي كسفير سابق، وعملا بمنطوق التحفظ، فإنه لا يستطيع أن ينفي أو يؤكد التدخل الأجنبي في الشؤون الوطنية، لكنه بالمقابل ينظر بريبة الى النشاط المحموم الذي تبذله بعض سفارات الدول الكبرى في بلادنا، والى الحركة غير العادية التي يقوم بها سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وحتى قطر، في الآونة الأخيرة، خصوصا فيما يتعلق بلقاءاتهم مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية والفاعلين المؤثرين في صنع مفاصل المفاوضات ونتائجها وإنعكاساتها على مستقبل البلاد.
أما الخبير الأممي الدكتور أحمد مناعي فيرى أن هذا الحوار هو وطني / أجنبي بامتياز، ذلك أن بصمات الضغوط الخارجية تبدو واضحة وجليّة على مواقف كل الأطراف تقريبا، وهو ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كان الحوار لخدمة مستقبل بلدنا أم لضمان مصالح الاخرين.
ويضيف الدكتور المناعي أن النشاط المحموم لسفراء بلدان القرار كأمريكا وفرنسا وحتى المانيا وأنقلترا والاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يكون مجانيا  أو فقط للمساعدة بالنصيحة، بل هو في نهاية الأمر ترتيب لحلول تخدم مصالح بلدانهم قبل تونس، وحتى ربما على حساب تونس. وحذر الخبير الأممي من «لبننة» القرار التونسي، وتحويله تدريجيا الى مرحلة الإرتهان النهائي لتوافقات تطبخ في عواصم أخرى، مذكرا بالنموذج اللبناني الذي لا تتشكل فيه حكومة بيروت إلا متى رضيت دمشق والرياض وباريس وواشنطن، وقال أن هذا النموذج يمكن أن يسري على تونس التي تشهد منذ الثورة الى الآن إستباحة غير مسبوقة لكل قيم السيادة الوطنية وإستقلالية القرار.
Assahafa 20/12/2013

  محمد بوعود

No comments: