«الهادي القلسي» (أحد ضحايا مظلمة «براكة الساحل») لـ «التونسية»:تحت التعذيب تجرّعت النجاسة.. و بقيت 7 أشهر دون حراك
02/06/2013 19:49
لم أعرف سبب ايقافي الا.. بعد الثورة!
أطردونا من العمل وشرّدوا عائلاتنا ومنعوا عنا لقمة العيش والسفر
ماذا نفعل برد الاعتبار ونحن محتاجون؟
حاورتاه: أسماء وهاجر
يوم 22 ماي 1991 وقعت اكبر مؤامرة على المؤسسة العسكرية أتت على 244 كفاءة عسكرية من مختلف الرتب حيث عقد عبد الله القلال وزير الداخلية آنذاك مؤتمرا صحفيا اشاد فيه بقوة الأجهزة الأمنية ونجاحها في احباط خطة انقلاب على نظام بن علي. وأفاد أن ضباطا من الجيش مورطون فيها وقد مثلت هذه المظلمة على مدار سنوات شرخا في نفس المتضررين الذين عانوا من الاقصاء والتهميش والمراقبة اللصيقة وكل أنواع الاهانات وفنون التنكيل.
ومن أجل كشف خفايا هذا الملف وكيفية التخطيط للإيقاع بعسكريين والزج بهم في مؤامرة اثبتت الأيام انها مفبركة التقت «التونسية» بالرائد المتقاعد الهادي القلسي احد ضحايا المؤامرة وذلك بمقر «جمعية إنصاف قدماء العسكريين» التي تمثل كافة ضحايا ما اصطلح على تسميته بمؤامرة «براكة الساحل».
أهلا بك هل يمكن أن تقدم نفسك لقراء جريدة «التونسية»؟..
ـ أنا رائد متقاعد من الجيش الوطني انخرطت بالجيش سنة 1974 كتلميذ ضابط
بالاكاديمية العسكرية وتخرجت برتبة ملازم وكنت من الأوائل في دورة «خالد بن
الوليد» واخترت سلاح الدفاع المضاد للطائرات وتم تعييني لمتابعة دروس
التطبيق سنة دراسية بكلية الدفاع الجوي بمدينة «نيم» جنوب فرنسا وفي سنة
1983/1984 زاولت دروس النقباء بفورت بليس بولاية تكساس جنوب الولايات
المتحدة الأمريكية. أما في سنة 1987/1988 فقد كنت الأول على الدورة بكلية
القيادة والأركان بقصر السعيد بتونس العاصمة وفي سنة 1989/1990 سافرت صحبة
العائلة إلى مدينة ليفنوورث بولاية كنساس لمتابعة دروس القيادة والأركان
باحدى أهم واشهر الكليات العسكرية بالعالم علما أني كنت دوما من المتميزين
خلال كل مراحل التعليم والتكوين وتابعت كغيري من ضباط الجيش الوطني في مسار
التكوين المتواصل العديد من الدورات التدريبية والتعليمية والتكوينية
واذكر دورة مظلي ودورة سياقة لكل أنواع العربات ودورة تدريب وأخرى في
العمليات والاستخبارات وكذلك اللغات الحية وأخص بالذكر الانقليزية.
تدرجت في الرتب بامتياز إلى رتبة رائد وكان ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية اما الوظائف التي قمت بها فهي في جملتها تفوق رتبتي وآخرها آمر فصيل التنظيم والتخطيط والبرمجة بأركان جيش البر إلى يوم 22ماي 1991 يوم انطلقت المأساة.
تدرجت في الرتب بامتياز إلى رتبة رائد وكان ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية اما الوظائف التي قمت بها فهي في جملتها تفوق رتبتي وآخرها آمر فصيل التنظيم والتخطيط والبرمجة بأركان جيش البر إلى يوم 22ماي 1991 يوم انطلقت المأساة.
هل لك أن تقدم لنا ما يعرف بقضية براكة الساحل وكيف عشتم يوم اعتقالكم؟
ـ انطلقت الحكاية بحملة اعتقالات غريبة وعجيبة في صفوف الجيش من مختلف
الرتب ومن مختلف الوحدات ومن الجيوش الثلاثة ومن كامل جهات البلاد بداية من
شهر افريل 1991 وكانت في سرية وغموض تام حتى يوم 22 ماي 1991وهو تاريخ
اعتقالي إذ تم خفري من مكتبي من قبل المقدم محمد احمد الذي -تم الزج به في
القضية بعد ساعتين- إلى إدارة الأمن العسكري فرع دار الباهي الادغم أين كان
الاستقبال باردا دون اهتمام ولا اعتناء. وبعد فترة وجيزة خفرني رقيب إلى
ثكنة العوينة الشيء الذي حز في نفسي لأن التراتيب المعمول بها في المؤسسة
العسكرية أن يكون الخفر من أعلى رتبة او بالاقدمية إن كان المخفور في نفس
الرتبة وبدأت الصدمة والدهشة إذ وصلنا بسرعة غريبة إلى الثكنة على متن
السيارة العسكرية ودخلت قاعة كبيرة وجدت فيها ضابط صف برتبة وكيل ورجلي جيش
برتبة رقيب ورقيب أول سلمّاني الزي الأزرق «زي غرة ماي» ونعلا بلاستيكيا
وطبعا المراد منها نزع زيي ورتبتي دون موجب قانوني ولا قضائي. ثم أدخلوني
إلى قاعة كبيرة مملوءة بالعسكريين ومن فرط الدهشة اختفت من ذاكرتي تلك
اللحظات وبعد فترة زمنية غير مقدرة وفي نفس اليوم اقتادوني إلى نهج 18جانفي
الباب الخلفي لوزارة الداخلية واعتقد في الطابق الثالث او الرابع أدخلوني
غرفة مجهزة بحبال وأسواط وسلاسل وعصي وهراوات وغيرها من التجهيزات المعدة
للتعذيب موجود بداخلها أربعة اشخاص انهالوا عليّ ضربا ولكما وسبّا وشتما
ومسّا بالأعراض دون رحمة ولا شفقة. بعد هذه «التسبقة» أجلسوني على كرسي
وسألوني من معك ؟لا إجابة لأني لا اعرف موضوع السؤال لا شكلا ولا أصلا.
عندها انزعوني الزي الأزرق وأصبحت عاري الجسم ومروا إلى مراحل ممنهجة من
التعذيب الموصوف. فعلى سبيل الذكر وليس الحصر وضع الدجاجة (ربط اليدين
والرجلين بحبال وجذبها من قبل أربعة جلادين),الفلقة (ربط اليدين إلى الكرسي
والرجلين إلى الطاولة وضرب القدمين بقوة). عندها انتابتني حالة هستيرية
غريبة من الضحك من قوة الالم والأوجاع ونفس السؤال دائما يتكرر من معك
؟علما انه السؤال الوحيد الذي طرح عليّ طيلة التعذيب في هذه الليلة
المفزعة. بعدها ابتدعوا العديد من أساليب التعذيب ولعل أمرّها وأفظعها تلك
المتمثلة في التعليق من الرجلين إلى الأعلى والرأس إلى الأسفل والدحرجة
والدوران. عندها عرفت اسمين مستعارين «الحاج وخميس»-من بين الذين عذبوني-
وأنزلوني وأعادوا نفس السؤال من معك ؟ولا إجابة ثم سألني احدهم هل عندك
أبناء ؟أجبت نعم كم؟ثلاثة أبناء وزوجتي حامل فسألني ما أسماؤهم فقلت لواء
فأجابني «آه ناوي عليها تولي لواء» وانهالوا عليّ ضربا والثاني محمد الصحبي
فقال لي حرفيا «هاك منهم» وانهالوا علي ضربا ولكما من اجل أسماء ابنائي.
وبعدها ربطوني بالطاولة على الظهر بأسفل الطاولة وانهالوا علي ضربا على
الجهاز التناسلي بخيط كهربائي. كانت الاوجاع فوق طاقة الوصف ثم مهلة قصيرة
للاستراحة وتكرار نفس السؤال وأخيرا أعادوا تعليقي من رجليّ إلى الأعلى
والرأس الى الأسفل وبعد الدحرجة والدوران من جديد قاموا بتغطيس رأسي في
إناء مملوء بالفضلات البشرية فاستنشقت وشربت قدر الامكان من هذه الأوساخ
وبعدها لم استفق الا بالمستشفى العسكري حيث قضيت12يوما بالعناية المركزة
تحت اسم مستعار (الهادي الطرابلسي) وذلك لطمس مروري بهذه المؤسسة العسكرية
والاغرب والأدهى أن غرفة الإنعاش التي أقيم بها كانت تحت الحراسة من قبل
أعوان امن الدولة مما يعني عدم الثقة في المؤسسة العسكرية بمختلف إداراتها
وضباطها
...
بعد أن استعدت وعيي أعلمني احد أعوان امن الدولة انه لا دخل لي بالقضية وانه سوف يطلق سراحي بعد فترة نقاهة واستعادة عافيتي وأوصاني بنسيان ما حدث وقال لي ان إيقافي كان تحفظيا من اجل حادث مرور قاتل وانه عليّ عدم ذكر ما حدث بقية حياتي والا فان الملف يبقى دوما مفتوحا. وبعد يومين او ثلاثة نقلوني إلى مكان «نقاهة واستجمام» متمثل في زنزانة ثكنة التدخل ببوشوشة وهو عبارة عن غرفة متر على متر يقيم بها أربعة اشخاص علما أن حالتي الصحية كانت متدهورة (مشلول اليدين والرجلين) وقد كانت «فترة النقاهة» في هذا المكان متميزة بالإهمال والعنف اللفظي وبعد حوالي أسبوع تم نقلي الى «فترة نقاهة» ثانية بسجن مرناق بنفس التعليمات وبقيت حوالي أسبوع بين سجناء الحق العام. واعتقد إن لم تخني الذاكرة اني غادرت السجن في اليوم الثاني لعيد الاضحى يوم 23جوان في اتجاه وزارة الداخلية وبشرني العون المرافق بإطلاق سبيلي وختم الملف. وصلت الى وزارة الداخلية من الباب الخلفي. تركوني في قاعة كبيرة وبعد وقت قصير فوجئت بالجنرال علي السرياطي يتقدم نحوي ويعلمني انه متألم لوضعي ومستغرب من وجودي من بين الضحايا وإنني سوف أتحصل على رخصة استثنائية براحة مدتها شهر بعدها سأعود إلى سالف نشاطي بوزارة الدفاع. اثر ذلك نقلوني من جديد إلى إدارة الباهي الادغم أين تناولت فطور الغداء ثم أعلموني باني سأبقى مدة شهر في رخصة استثنائية ثم يتصلون بي غير أن هذا الشهر دام إلى اليوم. اثر ذلك سألوني عن وجهتي فاخترت منزل أهلي بصفاقس نظرا لوضعية زوجتي الحامل إذ لم أرد أن تراني وأنا غير قادر على الحركة وبسرعة غريبة وصلت السيارة إلى صفاقس وكانت المفاجأة اذ وجدت الزوجة والأبناء بصفاقس لأنهم اطردوهم من المسكن بالحي العسكري برأس الطابية خلال الاسبوع الثاني من شهر جوان. كان دخولي إلى بيت والدي عبارة عن مأتم اذ كنت في حالة جسمانية مشوهة واتجه الوكيل إلى عائلتي وأعلمهم اني قمت بحادث مرور واحترقت السيارة والحمد لله انني نجوت من موت محقق مما يعني أن البرقية وصلت إلى أفراد العائلة. بقيت على وضعيتي تلك مدة سبعة أشهر لا اقدر على الحراك تماما ثم بدأت تدريجيا حالتي تتحسن وأصبحت استعمل العكاكيز للتنقل وذلك على مدار سنتين وقد خلف لي التعذيب سقوطا يقدر بـ47بالمائة في تشغيل الأعصاب بالرجل اليسرى
بعد مرحلة التعذيب، ويوم 23 جوان 1991 قدّم عبد الله القلال اعتذار بن علي لضحايا المظلمة واعترف ببطلان التهمة، ورغم هذا الاعتذار تمت مقاضاة 93 عسكريا وتراوحت الأحكام بين عدم سماع الدعوى و16 سنة سجنا وإخلاء سبيل 151واتخذت في شأننا قرارات إدارية اقل ما يقال فيها انها جائرة منها فرض الاستقالة والإحالة على التقاعد بمختلف أنواعه النسبي والوجوبي والطرد التعسفي. وتمحورت أسباب هذه القرارات خاصة في الإعفاء التأديبي او الإلحاق او التقاعد الوجوبي او سوء سلوك أو استقالة او فسخ العقد. وكان حظي من هذه القرارات الإحالة على التقاعد بسبب القصور المهني أي حتمية البقاء حتى جراية حتى بلوغ 50 سنة وكان عمري آنذاك لم يتجاوز 38 سنة ولم تقف المظلمة عند هذا الحد بل سلط علينا بوليس النظام رقابة لصيقة منعنا بموجبها من العمل والحصول على لقمة العيش وحرمنا من جواز السفر والتغطية الاجتماعية والصحية ووصل به الى الامر الى اتخاذ قرارات عجيبة وغريبة تفرض على البعض الإمضاء بمراكز الأمن حتى 8 مرات في اليوم الواحد, هذا إضافة إلى بث الفتن داخل العائلة الضيقة والموسعة. وما خفف عني وزر هذه المعاناة هو نجاحي في اتمام رسالتي نحو أبنائي إذ تقلدوا أعلى المراتب العلمية فابني الأكبر دكتور في الطاقة وهو أستاذ مساعد بمدرسة المهندسين ببنزرت وابني الثاني مهندس في الاتصالات بفرنسا وابنتي فاطمة طبيبة اختصاص جراحة أعصاب وابني الأصغر سنة ثانية تحضيري هندسة.
بعد أن استعدت وعيي أعلمني احد أعوان امن الدولة انه لا دخل لي بالقضية وانه سوف يطلق سراحي بعد فترة نقاهة واستعادة عافيتي وأوصاني بنسيان ما حدث وقال لي ان إيقافي كان تحفظيا من اجل حادث مرور قاتل وانه عليّ عدم ذكر ما حدث بقية حياتي والا فان الملف يبقى دوما مفتوحا. وبعد يومين او ثلاثة نقلوني إلى مكان «نقاهة واستجمام» متمثل في زنزانة ثكنة التدخل ببوشوشة وهو عبارة عن غرفة متر على متر يقيم بها أربعة اشخاص علما أن حالتي الصحية كانت متدهورة (مشلول اليدين والرجلين) وقد كانت «فترة النقاهة» في هذا المكان متميزة بالإهمال والعنف اللفظي وبعد حوالي أسبوع تم نقلي الى «فترة نقاهة» ثانية بسجن مرناق بنفس التعليمات وبقيت حوالي أسبوع بين سجناء الحق العام. واعتقد إن لم تخني الذاكرة اني غادرت السجن في اليوم الثاني لعيد الاضحى يوم 23جوان في اتجاه وزارة الداخلية وبشرني العون المرافق بإطلاق سبيلي وختم الملف. وصلت الى وزارة الداخلية من الباب الخلفي. تركوني في قاعة كبيرة وبعد وقت قصير فوجئت بالجنرال علي السرياطي يتقدم نحوي ويعلمني انه متألم لوضعي ومستغرب من وجودي من بين الضحايا وإنني سوف أتحصل على رخصة استثنائية براحة مدتها شهر بعدها سأعود إلى سالف نشاطي بوزارة الدفاع. اثر ذلك نقلوني من جديد إلى إدارة الباهي الادغم أين تناولت فطور الغداء ثم أعلموني باني سأبقى مدة شهر في رخصة استثنائية ثم يتصلون بي غير أن هذا الشهر دام إلى اليوم. اثر ذلك سألوني عن وجهتي فاخترت منزل أهلي بصفاقس نظرا لوضعية زوجتي الحامل إذ لم أرد أن تراني وأنا غير قادر على الحركة وبسرعة غريبة وصلت السيارة إلى صفاقس وكانت المفاجأة اذ وجدت الزوجة والأبناء بصفاقس لأنهم اطردوهم من المسكن بالحي العسكري برأس الطابية خلال الاسبوع الثاني من شهر جوان. كان دخولي إلى بيت والدي عبارة عن مأتم اذ كنت في حالة جسمانية مشوهة واتجه الوكيل إلى عائلتي وأعلمهم اني قمت بحادث مرور واحترقت السيارة والحمد لله انني نجوت من موت محقق مما يعني أن البرقية وصلت إلى أفراد العائلة. بقيت على وضعيتي تلك مدة سبعة أشهر لا اقدر على الحراك تماما ثم بدأت تدريجيا حالتي تتحسن وأصبحت استعمل العكاكيز للتنقل وذلك على مدار سنتين وقد خلف لي التعذيب سقوطا يقدر بـ47بالمائة في تشغيل الأعصاب بالرجل اليسرى
بعد مرحلة التعذيب، ويوم 23 جوان 1991 قدّم عبد الله القلال اعتذار بن علي لضحايا المظلمة واعترف ببطلان التهمة، ورغم هذا الاعتذار تمت مقاضاة 93 عسكريا وتراوحت الأحكام بين عدم سماع الدعوى و16 سنة سجنا وإخلاء سبيل 151واتخذت في شأننا قرارات إدارية اقل ما يقال فيها انها جائرة منها فرض الاستقالة والإحالة على التقاعد بمختلف أنواعه النسبي والوجوبي والطرد التعسفي. وتمحورت أسباب هذه القرارات خاصة في الإعفاء التأديبي او الإلحاق او التقاعد الوجوبي او سوء سلوك أو استقالة او فسخ العقد. وكان حظي من هذه القرارات الإحالة على التقاعد بسبب القصور المهني أي حتمية البقاء حتى جراية حتى بلوغ 50 سنة وكان عمري آنذاك لم يتجاوز 38 سنة ولم تقف المظلمة عند هذا الحد بل سلط علينا بوليس النظام رقابة لصيقة منعنا بموجبها من العمل والحصول على لقمة العيش وحرمنا من جواز السفر والتغطية الاجتماعية والصحية ووصل به الى الامر الى اتخاذ قرارات عجيبة وغريبة تفرض على البعض الإمضاء بمراكز الأمن حتى 8 مرات في اليوم الواحد, هذا إضافة إلى بث الفتن داخل العائلة الضيقة والموسعة. وما خفف عني وزر هذه المعاناة هو نجاحي في اتمام رسالتي نحو أبنائي إذ تقلدوا أعلى المراتب العلمية فابني الأكبر دكتور في الطاقة وهو أستاذ مساعد بمدرسة المهندسين ببنزرت وابني الثاني مهندس في الاتصالات بفرنسا وابنتي فاطمة طبيبة اختصاص جراحة أعصاب وابني الأصغر سنة ثانية تحضيري هندسة.
حضرة الرائد يرجع تاريخ اجتماع «براكة الساحل» إلى يوم 6 جانفي 1991 فلماذا تحديد بداية الاعتقالات في شهر أفريل 1991 و الحال أن التهمة خطيرة جدا تستهدف قلب النظام ؟؟؟؟
ـ قبل الحديث عن 6 جانفي 1991 التاريخ المبتدع والمزعوم الذي اعتقد انه تم
تحديده حتى يتم افتعال إثباتات خيالية ضد عسكريين قاسمهم المشترك الانضباط
والمستوى التعليمي والتكويني والتدريبي المتميز اضافة للكفاءة والوفاء
لحماية تونس، أعود لأوضح بعض المعطيات التاريخية التي مهدت لمثل هذه
المظلمة. فيوم 17 فيفري 1991 كان مفصليا في تاريخ الاستبداد وترسيخ الظلم
والقمع اذ تم تحوير وزاري شمل خاصة وزارة الدفاع الوطني حيث تم تكليف وزير
الدفاع عبد الله القلال بوزارة الداخلية وبرتبة وزير دولة بينما تم تعيين
المفكر الأديب الحبيب بولعراس الفاقد للمؤهلات الامنية كوزير للدفاع وهذا
كان المؤشر على شرّ يضمر كما عين الجنرال علي السرياطي مديرا عاما للأمن
الوطني بعد ان كان مديرا عاما للأمن العسكري وهذه دلالة على طبخ شيء ما ضد
الشعب التونسي عموما ووزارة الدفاع خاصة وبالتالي فان تاريخ 6 جانفي تم
تحديده بعد تنصيب القلال وبعد ان جهز وصاغ المسرحية وكان لزوما اختيار
تواريخ واماكن لإحكام الفتنة القذرة والتي سموها قضية براكة الساحل نسبة
لمكان الاجتماع المزعم والذي لم يكن مبرمجا قبل قدوم القلال إلى وزارة
الداخلية.
يوم 6 جانفي 1991 كان الجيش التونسي منتشرا في كامل أنحاء البلاد على خلفية حرب الخليج ، وكانت حركة العسكريين محددة أو مستحيلة بالنسبة لشخص واحد فما بالك بـ 244 عسكريا! فهل من دبر خيوط المؤامرة كان ساذجا إلى هذا الحد بما يعني أنه من المستحيل أن تكون له خلفية عسكرية يستطيع فهم مثل هذه الحركات ؟؟؟ ... أو كانت هناك قضايا أخرى يراد تمريرها؟ فما هو رايك في هذا الشأن ؟؟؟..
ـ بعودة قصيرة للتاريخ الاسود لبن علي يمكن إبراز أسلوبه القمعي في التعامل مع الشرفاء والاكفاء في بث الإشاعات والفتن ومن هذا المنطلق أصبح يفرض إرادته على كل من باعه ضميره من اجل جاه أو منصب أو مال وطبعا الغباء الشيطاني يتغلب على الحكمة فتراه يبتدع المهازل والمسرحيات الكيدية دون التثبت في بعض الجزئيات الهامة والتي تكشف انعدام المنطق والتحليل والتركيز والمنهجية هذا الغباء شكل نقطة إخلال هذه المسرحية لان اختيار التاريخ هو غلط من الأساس لعدة اعتبارات منها بالخصوص الظرف العملياتي بتونس والجيش في حالة استنفار وكذلك الشأن لقوات الامن حيث كل التحركات محسوبة ومراقبة وخاصة للعسكريين اذ أن حالة الطوارئ تحتم التواجد عامة بالثكنات والتنقل لا يتم الا بترخيص استثنائي من أمري الوحدات. أضف الى ذلك ان عددا من الضحايا كانوا في ذلك اليوم مكلفين بمهام مختلفة ولا يمكنهم التواجد في نفس الوقت بالوحدة وبقرية براكة الساحل ثم ان المكان الذي تم عليه الاختيار هو قرية صغيرة (مفترق طرقات) به خاصة مركز حرس فكيف يتم التحرك والتنقل لعسكريين في مثل هذا الظرف من مختلف الجيوش والوحدات والجهات والاتجاه إلى قرية صغيرة دون لفت نظر الوحدات العسكرية ودون كشف غيابهم؟ ثم أين الامن المتواجد بمركز الحرس وخاصة تواجده بنقطة مراقبة قارة بمفترق الطرقات؟ ألا يلفت مثل هذا العدد انتباه الامن والسكان واعوان الشعبة وأعوان «التجمع» أمر غريب وعجيب! كما انه من الناحية المنطقية المنزل الذي ادعى منظم السيناريو انه تم فيه اللقاء هو منزل صغير الحجم ولا يستطيع استقبال أكثر من عشرة أشخاص في الحالات العادية فما بالك بـ244عسكريا؟
يوم 6 جانفي 1991 كان الجيش التونسي منتشرا في كامل أنحاء البلاد على خلفية حرب الخليج ، وكانت حركة العسكريين محددة أو مستحيلة بالنسبة لشخص واحد فما بالك بـ 244 عسكريا! فهل من دبر خيوط المؤامرة كان ساذجا إلى هذا الحد بما يعني أنه من المستحيل أن تكون له خلفية عسكرية يستطيع فهم مثل هذه الحركات ؟؟؟ ... أو كانت هناك قضايا أخرى يراد تمريرها؟ فما هو رايك في هذا الشأن ؟؟؟..
ـ بعودة قصيرة للتاريخ الاسود لبن علي يمكن إبراز أسلوبه القمعي في التعامل مع الشرفاء والاكفاء في بث الإشاعات والفتن ومن هذا المنطلق أصبح يفرض إرادته على كل من باعه ضميره من اجل جاه أو منصب أو مال وطبعا الغباء الشيطاني يتغلب على الحكمة فتراه يبتدع المهازل والمسرحيات الكيدية دون التثبت في بعض الجزئيات الهامة والتي تكشف انعدام المنطق والتحليل والتركيز والمنهجية هذا الغباء شكل نقطة إخلال هذه المسرحية لان اختيار التاريخ هو غلط من الأساس لعدة اعتبارات منها بالخصوص الظرف العملياتي بتونس والجيش في حالة استنفار وكذلك الشأن لقوات الامن حيث كل التحركات محسوبة ومراقبة وخاصة للعسكريين اذ أن حالة الطوارئ تحتم التواجد عامة بالثكنات والتنقل لا يتم الا بترخيص استثنائي من أمري الوحدات. أضف الى ذلك ان عددا من الضحايا كانوا في ذلك اليوم مكلفين بمهام مختلفة ولا يمكنهم التواجد في نفس الوقت بالوحدة وبقرية براكة الساحل ثم ان المكان الذي تم عليه الاختيار هو قرية صغيرة (مفترق طرقات) به خاصة مركز حرس فكيف يتم التحرك والتنقل لعسكريين في مثل هذا الظرف من مختلف الجيوش والوحدات والجهات والاتجاه إلى قرية صغيرة دون لفت نظر الوحدات العسكرية ودون كشف غيابهم؟ ثم أين الامن المتواجد بمركز الحرس وخاصة تواجده بنقطة مراقبة قارة بمفترق الطرقات؟ ألا يلفت مثل هذا العدد انتباه الامن والسكان واعوان الشعبة وأعوان «التجمع» أمر غريب وعجيب! كما انه من الناحية المنطقية المنزل الذي ادعى منظم السيناريو انه تم فيه اللقاء هو منزل صغير الحجم ولا يستطيع استقبال أكثر من عشرة أشخاص في الحالات العادية فما بالك بـ244عسكريا؟
بلغ إلى مسامعنا ان هناك من راجع بن علي بعد كشف خيوط أكذوبة براكة الساحل في قرار إعادة العسكريين إلى سابق نشاطهم بالمؤسسة العسكرية فكان رده أن العسكري الذي يعذب لا يصلح لإعادة الإدماج. لماذا هذا القرار حسب رأيك؟ هل لك أن تفيدنا في هذا الأمر ؟؟؟؟
ـ ان فشل القيادة العسكرية في حسن معالجة الموقف جعل منها العامل الوفي
لادارة امن الدولة ومما زاد في هذا الفشل هي تلكم القرارات الإدارية
الزائفة القذرة التي اتخذها عبد العزيز بن ضياء والتي شملت كل الضحايا من
طرد وإعفاء وفرض استقالة وتقاعد وجوبي وتقاعد نسبي وتقاعد لقصور مهني
وبالتالي حرمان الكثير من لقمة العيش وفُرضت علينا المراقبة البوليسية
والمنع من العمل والحرمان من لقمة العيش والتغطية الصحية والاجتماعية
والسفر وادخال البلبلة داخل العائلات ووصل إلى حد الجوع والفقر والطلاق
والتشتت وبالتالي الحرمان من صفة المواطنة. اذا بعد التعذيب والسجن
والمعاناة ظهر علينا العديد منهم كأبطال حيث نسب الكثير من المسؤولين
بالداخلية المذنبين في حقنا لأنفسهم أحقية اكتشاف الكذبة ليقولوا انهم
تدخلوا لدى بن علي لايقاف المظلمة ونفس الشأن حصل مع العديد من القادة
العسكريين حيث نسبوا لأنفسهم نفس الشطارة وقالوا انهم هم من أوقف المسرحية.
سبحان الله! رغم هذا العمل البطولي وامام تمادي بن علي في غيه لم يقدم اي
منهم استقالته احتجاجا على متابعة تنفيذ مراحل الفتنة؟
بلغ إلى علمنا أنك قد أخفيت حقيقة ما جرى لك في ما يعرف بقضية براكة الساحل عن زوجتك السيدة فيروز بوعزيز و كذلك أبنائك و لمدة تجاوزت 20 سنة و إلى حد تاريخ يوم 25 جانفي 2011 فهل لك أن تخبرنا عن سبب هذا القرار ؟؟؟ ..
ـ لم اخف عنها حقيقة قضية براكة الساحل لأني كنت اجهلها ولم اسمع بها ولا
بالاجتماع المزعوم ولم يكن لي اي علم بخلفياتها بل كل ما أخفيته عن الجميع
هو مروري بمراحل الاعتقال والتعذيب والإقامة بقسم الإنعاش وبمروري
بزنزانات بوشوشة وبالسجن بمرناق وبعد الثورة علمت اني ضمن 244 عسكريا في ما
سمّي مظلمة براكة الساحل.
بعد الثورة بدأت بعض بوادر الانفراج في قضية براكة الساحل هل تعتبرون ذلك رد اعتبار ضمني لمن زج بهم في هذه المظلمة ؟
ـ جاء 14 جانفي فانطلقنا في التعريف بمظلمتنا فتفاعل معها الرأي العام
التونسي وتعاطفت معنا وزارة الدفاع واستقبلت عديد المرات هيئة «جمعية إنصاف
قدماء العسكريين» كطرف رسمي مما أفضى إلى إعداد آلية التعويض وجبر الأضرار
عما فات من حيث المرتبات والرتب والتي بقيت مقبورة حبرا على ورق الى يومنا
هذا.
وكان لقاء 14 أكتوبر 2011 تاريخيا حيث أقامت وزارة الدفاع حفل استقبال وتم إعلامنا أن الوزارة أعدت آلية للتعويض وجبر الأضرار وأنها في انتظار السند القانوني للتفعيل وبقينا ننتظر تحقيق الحلم إلى أن أعلن السيد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية يوم 8 فيفري 2012 وعبر شاشة «حنبعل» في ملف خاص بالمظلمة أن ملف مظلمة براكة الساحل سوف يغلق خلال أسابيع وانتظرنا وكان صادقا حيث أغلقه نهائيا والى اليوم .
يوم 23 جوان 2012 قدم رئيس الدولة السيد محمد منصف المرزوقي القائد الأعلى للقوات المسلحة اعتذار الدولة لضحايا براكة الساحل وعائلاتهم ووعد برد الاعتبار في اقرب الأيام وتم تحديد يوم 10 ديسمبر 2012 (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) يوما لردّ الاعتبار بقصر قرطاج في انتظار إصدار السند القانوني للتعويض وجبر الأضرار وتنظير التقاعد والحصول على الرتب المستحقة.
حضرنا يوم 10 ديسمبر 2012 بقصر قرطاج والأمل شعارنا ونحن نستعد لملاقاة القائد الأعلى للقوات المسلحة قصد رد الاعتبار وتم اللقاء ووشح صدرنا بوسام الجمهورية وهذا شرف عظيم وحركة يسجلها له التاريخ غير ان خيبة الأمل كانت متواجدة حيث لم نسمع بقرار يعيد لنا بسمة الاندماج في المجتمع وننعم بلقمة العيش... لا تقاعد ولا تنظير التقاعد ولا تحيين الرتب ولا لباس الزي العسكري الذي سلبه مني الأمن العسكري دون موجب قانوني ولا أخلاقي الشيء الذي يتنافى والقانون الداخلي للعسكريين ولا قانون او تفعيل آلية جبر الأضرار والتعويض عما فات .
صحيح كرمنا وشرفنا رئيس الدولة بصفته رجلا حقوقيا فقط ولا غير فهذا وسام جدير بالتقدير والشكر لهذا الرجل الذي على الأقل قدم اعتذار الدولة ورد لنا جزءا من الاعتبار لكن بقيت الدولة دون رد فعل نحونا وبقيت بالتالي الخصاصة المادية.
والواقع ان هذه المظلمة تبرز خصوصية فريدة في ظلم بن علي لشعبه حيث ضرب بها مؤسسة سيادة بأكملها بتصفيتها ثم بعد الثورة أصبحت حالة خاصة لأن المرسوم عدد 1 للعفو التشريعي العام لم يشمل عسكريي براكة الساحل لأنه يشترط أن يكون المنتفع سجينا سياسيا ويحق له العودة للعمل وهذا لا ينطبق علينا أولا لأنه ليست لنا خلفية سياسية حيث لا ناقة لنا ولا جمل فقد زج بنا ظلما ثم لا يمكن تفعيل العودة للعمل لأن النظام الداخلي للعسكريين له خصوصية خاصة حيث لا يمكن للعسكري العودة للعمل ان بقي أكثر من خمس سنوات خارج الوظيفة وكذلك ان فاق عمره الأربعين سنة إضافة لكون الأكثرية منا لم تحاكم فمن أين لهم بشهادة في العفو التشريعي العام وجميعنا واعتمادا على القانون الداخلي لن نعود للعمل .
وجاء القرار الصادر بالرائد الرسمي عدد100 بتاريخ 18 ديسمبر 2012 فزادنا غموضا لأنه لم يتطرق الى خصوصية قضيتنا رغم رسائلي الى العديد من الوزراء وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي والبعض من قادة الأحزاب ورؤساء الكتل واللجان بالمجلس الوطني التأسيسي المطالبة بمشروع قانون لحلحلة المظلمة.
ان العدالة الانتقالية لا ولن تشملنا حيث شرطها الأساسي معرفة الحقيقة فبالنسبة لقضية الحال لم تظهر الحقيقة ولن تظهر فحتى القضاء العسكري عجز عن معرفتها ثم إصدار المرسوم عدد106 الذي حدد آجال التقاضي لجريمة التعذيب بخمسة عشر سنة يوقف المحاسبة فكيف إذا تفعيل العدالة الانتقالية بعدم كشف الحقيقة وعدم استحقاق المتضررين في المحاسبة, إضافة لعدم معرفة المذنبين؟.
ما يحزّ في نفس محاورنا أن بصيص الأمل الذي عاشه على مدار سنتين بعد الثورة خفت بعد أن حرم عملا بالمرسوم عدد 1المتعلق بالعفو التشريعي من الانتفاع بامتيازاته باعتبار أن هذا المرسوم لا يشمل كافة عسكريي براكة الساحل لأنه يشترط على المنتفع أن يكون سجينا في حين أن المتضررين في هذه المظلمة لم تصدر في شانهم جميعا احكام بالسجن. كما يقضي المرسو م ان يكون المنتفع ذا خلفية سياسية والحال أن ضحايا براكة الساحل ليسوا سياسيين عملا بالمبدإ العسكري الذي يمنع على العسكريين التحزّب ثم حتى الذين سجنوا في براكة الساحل ليس لهم خلفية سياسية بل كانوا ضحايا لعبة حاكها المخلوع وحاشيته لتصفية الجيش والتخلي عن خيرة ضباطه.
وكان لقاء 14 أكتوبر 2011 تاريخيا حيث أقامت وزارة الدفاع حفل استقبال وتم إعلامنا أن الوزارة أعدت آلية للتعويض وجبر الأضرار وأنها في انتظار السند القانوني للتفعيل وبقينا ننتظر تحقيق الحلم إلى أن أعلن السيد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية يوم 8 فيفري 2012 وعبر شاشة «حنبعل» في ملف خاص بالمظلمة أن ملف مظلمة براكة الساحل سوف يغلق خلال أسابيع وانتظرنا وكان صادقا حيث أغلقه نهائيا والى اليوم .
يوم 23 جوان 2012 قدم رئيس الدولة السيد محمد منصف المرزوقي القائد الأعلى للقوات المسلحة اعتذار الدولة لضحايا براكة الساحل وعائلاتهم ووعد برد الاعتبار في اقرب الأيام وتم تحديد يوم 10 ديسمبر 2012 (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) يوما لردّ الاعتبار بقصر قرطاج في انتظار إصدار السند القانوني للتعويض وجبر الأضرار وتنظير التقاعد والحصول على الرتب المستحقة.
حضرنا يوم 10 ديسمبر 2012 بقصر قرطاج والأمل شعارنا ونحن نستعد لملاقاة القائد الأعلى للقوات المسلحة قصد رد الاعتبار وتم اللقاء ووشح صدرنا بوسام الجمهورية وهذا شرف عظيم وحركة يسجلها له التاريخ غير ان خيبة الأمل كانت متواجدة حيث لم نسمع بقرار يعيد لنا بسمة الاندماج في المجتمع وننعم بلقمة العيش... لا تقاعد ولا تنظير التقاعد ولا تحيين الرتب ولا لباس الزي العسكري الذي سلبه مني الأمن العسكري دون موجب قانوني ولا أخلاقي الشيء الذي يتنافى والقانون الداخلي للعسكريين ولا قانون او تفعيل آلية جبر الأضرار والتعويض عما فات .
صحيح كرمنا وشرفنا رئيس الدولة بصفته رجلا حقوقيا فقط ولا غير فهذا وسام جدير بالتقدير والشكر لهذا الرجل الذي على الأقل قدم اعتذار الدولة ورد لنا جزءا من الاعتبار لكن بقيت الدولة دون رد فعل نحونا وبقيت بالتالي الخصاصة المادية.
والواقع ان هذه المظلمة تبرز خصوصية فريدة في ظلم بن علي لشعبه حيث ضرب بها مؤسسة سيادة بأكملها بتصفيتها ثم بعد الثورة أصبحت حالة خاصة لأن المرسوم عدد 1 للعفو التشريعي العام لم يشمل عسكريي براكة الساحل لأنه يشترط أن يكون المنتفع سجينا سياسيا ويحق له العودة للعمل وهذا لا ينطبق علينا أولا لأنه ليست لنا خلفية سياسية حيث لا ناقة لنا ولا جمل فقد زج بنا ظلما ثم لا يمكن تفعيل العودة للعمل لأن النظام الداخلي للعسكريين له خصوصية خاصة حيث لا يمكن للعسكري العودة للعمل ان بقي أكثر من خمس سنوات خارج الوظيفة وكذلك ان فاق عمره الأربعين سنة إضافة لكون الأكثرية منا لم تحاكم فمن أين لهم بشهادة في العفو التشريعي العام وجميعنا واعتمادا على القانون الداخلي لن نعود للعمل .
وجاء القرار الصادر بالرائد الرسمي عدد100 بتاريخ 18 ديسمبر 2012 فزادنا غموضا لأنه لم يتطرق الى خصوصية قضيتنا رغم رسائلي الى العديد من الوزراء وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي والبعض من قادة الأحزاب ورؤساء الكتل واللجان بالمجلس الوطني التأسيسي المطالبة بمشروع قانون لحلحلة المظلمة.
ان العدالة الانتقالية لا ولن تشملنا حيث شرطها الأساسي معرفة الحقيقة فبالنسبة لقضية الحال لم تظهر الحقيقة ولن تظهر فحتى القضاء العسكري عجز عن معرفتها ثم إصدار المرسوم عدد106 الذي حدد آجال التقاضي لجريمة التعذيب بخمسة عشر سنة يوقف المحاسبة فكيف إذا تفعيل العدالة الانتقالية بعدم كشف الحقيقة وعدم استحقاق المتضررين في المحاسبة, إضافة لعدم معرفة المذنبين؟.
ما يحزّ في نفس محاورنا أن بصيص الأمل الذي عاشه على مدار سنتين بعد الثورة خفت بعد أن حرم عملا بالمرسوم عدد 1المتعلق بالعفو التشريعي من الانتفاع بامتيازاته باعتبار أن هذا المرسوم لا يشمل كافة عسكريي براكة الساحل لأنه يشترط على المنتفع أن يكون سجينا في حين أن المتضررين في هذه المظلمة لم تصدر في شانهم جميعا احكام بالسجن. كما يقضي المرسو م ان يكون المنتفع ذا خلفية سياسية والحال أن ضحايا براكة الساحل ليسوا سياسيين عملا بالمبدإ العسكري الذي يمنع على العسكريين التحزّب ثم حتى الذين سجنوا في براكة الساحل ليس لهم خلفية سياسية بل كانوا ضحايا لعبة حاكها المخلوع وحاشيته لتصفية الجيش والتخلي عن خيرة ضباطه.
No comments:
Post a Comment