الحقوقي الدكتور أحمد
المناعي:
سوريا ستعلن قريبا انتصارها العسكري
والمعارضة أفلست سياسيا
أقول للغنوشي لا يمكن لك الجمع بين المفكر والفقيه والسياسي
8-6-2013
عن الملف السوري وسقوط مدينة القصير وحقيقة
الحرب السورية وعن تدخل حزب الله وإيران في هذه الحرب ومواقف الدول العظمى منها،
عن المنظومة الصاروخية السورية وعن مؤتمر جينيف2، عن الأحداث الأخيرة في تركيا، عن
الوضع الأمني في تونس وعلاقة حركة النهضة بالسلفيين وتصعيد لغة الخطاب بينهما
وعديد المسائل الأخرى تحدثنا مع الحقوقي والمعارض السياسي ورئيس المعهد التونسي
للعلاقات الدولية و عضو بعثة المراقبين العرب إلى سوريا الدكتور أحمد المناعي وكان معه الحوار
التالي:
انسحب الجيش الحر
مؤخرا من منطقة القصير وأعلن الجيش السوري سيطرته الكاملة عليها فما الذي يمثله
سقوط القصير لسوريا الآن..؟
عندما بدأت الأزمة
السورية وتحولت إلى حرب وضع الثوار والمتمردون والجماعات المسلحة التي لحقت بهم والأطراف
الدولية التي خططت لهذه العملية العديد من الاستراتيجيات ومنها خطة فسح المجال
للمعارضة المسلحة لاحتلال إحدى المناطق والسيطرة عليها كاملة وذلك لفتح الباب
للتدخل الأجنبي. وكانت أولى تلك العمليات في بابا عمرو حيث سعوا في نهاية 2011
وبداية 2012 إلى جعلها قلعة لانطلاق غزو سوريا وتدخل الدول الأجنبية لكن الجيش
السوري تمكن من إسقاطها. فتحولوا إلى منطقة درعا على الحدود الأردنية ثم شمال حلب و
منطقة أدلب على الحدود التركية وتمكن الجيش السوري من إسقاطها عسكريا تقريبا وبقيت
منطقة القصير على الحدود اللبنانية. وهي منطقة محصنة قريبة من دمشق احتلها
المسلحون منذ أكثر من سنة وسهّلوا خلالها عمليات دخول المسلحين الأجانب وكذلك
الأسلحة والتمويلات و خروج الجرحى للتداوي في لبنان وغيرها من العمليات، وكانت
ربما تمثل الأمل بالنسبة إلى الدول الأجنبية في أن تتحول إلى قاعدة للتدخل الأجنبي
إذا ما ارتأت هذا الخيار.
فسقوط القصير إذا
هو سقوط آخر المشاريع للتدخل الأجنبي في سوريا و كان عملا مدويا على المستوى
العسكري لأن الخبراء العسكريين الإسرائيليين والبريطانيين والأمريكيين وغيرهم
كانوا يعتقدون أنه يصعب على الجيش السوري إسقاطها. وقد تمت العملية بنجاح وتمكن
الجيش السوري من ذلك وهذا سيفتح المجال لربط الصلة بين مناطق عديدة في سوريا
لتأمين المنطقة الساحلية كاملة من ناحية وسيغلق الباب على كل تدخل وتسرّب للجماعات
المسلحة عبر لبنان من ناحية ثانية.
وما تأثير سقوط
القصير على المنطقة ككل وعلى مواقف الدول العظمى اليوم من الملف السوري..؟
انتصار الجيش
السوري في معارك القصير هو ليس انتصارا لسورية فقط بل كذلك لحزب الله وإيران ومن
ورائهما روسيا وهذا سيمنحهم أكثر قوة وأريحية في المفاوضات وفي فرض شروطهم.
ومع سقوط القصير شنت
حملة إعلامية على المستوى الدولي وانطلقت التصريحات وردود الأفعال ووجهت الاتهامات
إلى سوريا باستعمال غاز السارين وهو ما أكده مسؤولون في بريطانيا وكذلك وزير
الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حين اعتبر أن النظام السوري قد استخدم هذا الغاز في
إحدى الحالات الثلاث دون أن يتحدث عن الحالتين الثانيتين وهذا التصريح ردت عليه
واشنطن بأنها لا تمتلك الأدلة على أن الجيش السوري قد قام بتلك العملية. كما أن
تقرير الخبيرة ومبعوثة الأمم المتحدة إلى سوريا كلارا دال بونتي قد أثبت سابقا أن المتمردين
المسلحين هم من استخدموا هذا الغاز ومع ذلك لم يقع اعتماد تقريرها.
ويبدو أن فابيوس
قد غير لهجته بعد اتهامه لسوريا حين قال نحن نشجع على التئام مؤتمر جينيف في أجله
لأننا أصحاب سلام ونريد السلام.
وهذه الحملة هي
فقط للتمويه ولتخفيف وطأة الكارثة عليهم. وعموما فرنسا قد خرجت من هذا الطرح وهي
تعيش اليوم على ناموس الدولة الكبرى في حين أنها أصبحت دولة من الصنف الثاني تابعة
للحلف الأطلسي وسياستها الخارجية تحددها الولايات المتحدة الأمريكية وتحركات
وسكنات فابيوس لا وزن لها.
برزت مؤخرا عديد
الخلافات خلال اللقاءات بين كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية استعدادا
لمؤتمر جينيف 2 ما جعل البعض يرجح تأخير انعقاد هذا المؤتمر. فكيف تقرأ أنت ذلك..؟
وما الذي سيفضي إليه هذا المؤتمر في اعتقادك..؟
من المؤكد اليوم أن الروس هم حاسمون في مشاركة
بعض المتمردين المتهمين بحرق وأكل لحوم البشر في هذا المؤتمر وقد صرح وزير
الخارجية الروسي لافروف أنهم لا يقبلون أن يشركوا في هذا المؤتمر ممثلين عن حركات
جهادية قتالية مثّلت بجثث القتلى. والقوى الأكبر في المعارضة هي الآن في جبهة
النصرة التي هي على لائحة الجماعات الإرهابية لدى الولايات المتحدة الأمريكية. كما
أن هناك العديد من النقاط الخلافية الأخرى ولذلك قد لا يعقد هذا المؤتمر في آجاله.
وروسيا اليوم تريد
أن تلعب الدور الأول في المنطقة بعد أن كانت نسيا منسيا وما أرجعها إلى الساحة
الدولية هي الأزمة السورية ولذلك لن تتنازل عن ذلك الدور.
وهذا المؤتمر هو
لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية بعد أن أصبح من المستبعد جدا أي تدخل أجنبي عسكري
على الأراضي السورية خاصة مع وقوف روسيا والصين ضد هذا الإجراء لذلك فمن الصعب على
الدول الكبرى والعظمى أن تعترف بهزيمتها وهي تبحث الآن عن أيسر السبل وأكثرها حفظا
لماء الوجه وما يحدث الآن من احتجاجات في تركيا سيفرض على هذه الأخيرة الانسحاب من
اللعبة السورية.
أعمال عنف
واحتجاجات عدة شهدتها تركيا خلال الأيام الأخيرة خلّفت قتلى ومئات الجرحى فما
قراءتك لما يحدث اليوم في تركيا..؟ وهل تتوقع أن تتوقف هذه الاحتجاجات أم أنها
ستتطور وتتسع أكثر..؟
لا أحد ينكر أن
وصول الأكابي للحكم في 2002 ساهم في تطوير تركيا ونمو اقتصادها وتنمية مجتمعها
وغير ذلك لكن في نفس الوقت ربما نمت عند رئيس الحكومة الحالي رجب الطيب أردوغان
عقدة العظمة وتوسعت طموحاته الدولية وأصبح يطمح إلى إعادة بناء مجد العثمانيين
ولهذا أقحم نفسه في الأزمة السورية وأنا أعتقد أنه لم يعد لديه الآن أي دور في
سوريا وهذه الفرصة سنحت له لكي ينسحب على أطراف الأصابع.
والاحتجاجات
الحالية في تركيا انطلقت من حدث بسيط مثلما حصل في تونس مع محمد البوعزيزي وكان من
الممكن أن تقتصر على اسطنبول لأن الحدث المرتقب كان سيحدث في تلك المنطقة لكنها
توسعت إلى 54 مدينة والمطالب لم تبق مطالب مدنية من أجل البيئة بل تحولت إلى مطالب
سياسية استنكر فيها المحتجون هيمنة الحزب وهيمنة أردوغان على الحزب ذاته. وفي
الحقيقة هذا هو الجانب السلطوي الغير معروف عن حكومة الأكابي التي تحتجز في سجونها
ما لا يقل عن 400 صحفي لأسباب عديدة وكذلك مئات الضباط والضباط الساميين الذين
اتهموا في وقت من الأوقات بقيامهم بمحاولات انقلابية وهذا ما يفسر غضب العديد من
عناصر الجيش التركي خاصة خلال السنوات العشر الأخيرة والتي أمكن فيها لأردوغان
بمساعدة الإتحاد الأوروبي من تهميش دور الجيش في تركيا مع أنه لا يجب أن ننسى أن
دور الجيش تاريخيا يبقى هو الحافظ للعلمانية التركية.
وللتذكير سبق لي
أن أرسلت لأردوغان رسالة منذ 15 سنة حين طلبت مني إحدى الجمعيات التركية مساعدتهم
للدفاع عنه وكان حينها يحاكم في قضية حرية رأي وقد انتقلنا حينها وفدا متكونا من حوالي
36 ناشطا سياسيا وحقوقيا ومثقفا من أوروبا ومن البلدان العربية لمساندته في
اسطنبول حين كان رئيسا للبلدية واليوم أريد أن أرسل إليه رسالة ثانية أذكره فيها بذلك
وبخيبة الأمل التي حصلت لي وللكثير من العرب في تغيير سياسته تجاه المنطقة وتجاه
العالم العربي وخاصة تجاه سوريا.
وأي تأثير لما
يحدث في تركيا الآن على الملف السوري وعلى المنطقة..؟
ما يحدث سيعيد خلط
الأوراق خاصة في الجبهة المعادية لسوريا لأن تركيا تمثل فيها العنصر الأقوى باعتبارها
على الحدود واستراتيجيا هي مفتاح حل السلم
والحرب وهي من تستقبل المقاتلين وغير ذلك وعلى ترابها وأرضها تدربهم وإذا خرجت من
اللعبة فلن يبقى لهؤلاء خيار ولن يستطيعوا التحول الآن إلى الأردن لأن وزن الأردن
ووضعها ليس كوضع تركيا التي تعتبر دولة كبرى وقوية إلى جانب أنها تمثل أحد أعضاء
الحلف الأطلسي «الناتو».
لو ننتقل إلى
المنظومة الصاروخية في سوريا فكيف تقيمها...؟ وبماذا تفسر التناقض في التصريحات
بين الرئيس السوري بشار الأسد الذي أعلن أن سوريا تسلمت مؤخرا صواريخ «اس 300» من روسيا
في حين نفت روسيا هذا الخبر..؟
من المؤكد أن
الدفعة الأولى من هذه الصواريخ وصلت إلى سوريا وروسيا تتكتم لأسباب خاصة وهذه
البطاريات تحمي سوريا وأجواءها من أي اعتداء أجنبي مهما كان.
وفي ما يتعلق بالمنظومة الصاروخية السورية فهي
من أكثر المنظومات تطورا في المنطقة، وقد تعززت أخيرا بصواريخ روسية، وهو ما يمكّن
سورية من الدفاع عن سيادتها في حال تجدد العدوان الإسرائيلي على أراضيها، وقد ردّت
مؤخرا على الاعتداء الصهيوني على الجولان .
وحاليا لا تمتلك
أي دولة في منطقة الشرق الأوسط كاملة بما في ذلك إسرائيل وتركيا القوة التدميرية
للصواريخ السورية فسوريا عوضت ضعفها في الطيران بقوة صاروخية هي الأولى من نوعها.
وحسب تصريحات الأمين العام لحزب الله الحسن نصر الله فلحزبه قوة صاروخية لها من
القوة التدميرية أيضا ما لا يمكن تصورها وقد مرت من سوريا دون فطنة من إسرائيل.
هناك انتقادات عدة
اليوم على تدخل حزب الله في معارك القصير ومن ورائها إيران فبماذا تفسر هذا التدخل
وما مدى تأثيره...؟
إيران, سورية و حزب الله
هم حلفاء في السراء و الضراء, بالأمس و اليوم و غد ولهم حلفاؤهم الدوليون وهذا الثالوث هو جزء
من الحرب القائمة ولو انتهت الحرب بسقوط سوريا فستكون الضربة المقبلة على إيران
وهذا ما لا يشكك به أحد.
وإيران لها حضور
في سوريا على مستوى الخبراء وليس على مستوى الجيش وما يروّج غير صحيح فتعداد الجيش
السوري أكثر من 380 ألف جندي كما انضاف له في الأشهر الأخيرة حوالي الـ 70 ألف
مقاتل متطوع لذلك فهو لا يحتاج إلى مدد من إيران.
كما تدعم إيران
سوريا ماليا ولولاها لسقطت هذه الأخيرة ولذلك فالليرة السورية هي في وضعية مريحة
وثابتة أكثر حتى من الدينار التونسي. وسوريا تحتاج تمويلا وليس مساعدات عسكرية وقد
يكون حزب الله قد ساهم بعمليات في المدة الأخيرة على الحدود السورية اللبنانية في
القصير كما تولى في وقت من الأوقات حماية مقام السيدة زينب في ريف دمشق، لكن
مشاركته في هذه المعارك تعود بالأساس إلى كون بلدة القصير تقع على حدود الهرمل و البقاع و هما المجال الحيوي لحزب
الله الذي رأى في وجود أكثر من سبعة آلاف مقاتل على بضعة مئات الأمتار عن الحدود
اللبنانية خطرا مباشرا عليه ولذلك لا يمكن أن يبقى مكتوف الأيدي خاصة وأن هؤلاء
المقاتلين لم يأتوا في الحقيقة لتهديد دمشق بل قدموا لمناوشة حزب الله وهذا ما وقع
فعلا خلال الأيام الأخيرة حين هاجمت جماعة من النصرة مواقع لحزب الله واشتدت بذلك
المعارك على المنطقة الحدودية.
وكيف تقيّم مواقف البلدان العربية من القضية السورية..؟
الجامعة العربية أعجز عن فعل أي شيء إيجابي
ودورها في حل الأزمة السورية انتهى مع رفضها لتقرير بعثتها سنة 2012.
وبالنسبة لموقف الدول العربية الأخرى فهو يتراجع يوما بعد يوم، فقطر مثلا خرجت من اللعبة، حيث سحب الأمريكان الملف السوري منها، و بدأت الدول الأخرى تعدّل موقفها المعادي لسورية.
وبالنسبة لموقف الدول العربية الأخرى فهو يتراجع يوما بعد يوم، فقطر مثلا خرجت من اللعبة، حيث سحب الأمريكان الملف السوري منها، و بدأت الدول الأخرى تعدّل موقفها المعادي لسورية.
وكلنا يعلم أن قطر تنفق عشرات المليارات حتى أنها أرادت دفع 100 مليار لتركيا مقابل احتلالها للأراضي
السورية لكن كان سينتج عن ذلك احتلال روسيا لتركيا.
وهذه الرغبة في
احتلال سوريا هي ناتجة عن مصالح كبرى فالغاز الذي اكتشف في هذه المنطقة، والذي
يجعل من سوريا خلال الأربع أو الخمس سنوات المقبلة القوة الأكبر على مستوى إنتاج
الغاز، هو ما يدفع بهؤلاء نحو احتلال سوريا خاصة وأن النفط هو في تراجع وسيتوقف في
يوم من الأيام وسيسيطر بالتالي من يملكون الغاز على سوق الطاقة.
إضافة إلى ذلك هم
يستخدمون الجانب الديني والإيديولوجي في مشاريع سياسية استعمارية فأرادوا ضرب
العلويين بوصفهم كفرة على خلاف اليهود الذين هم إخوانهم ومن أهل الكتاب.
هناك من يحاول
اليوم إبراز الحرب في سوريا وكأنها حرب طائفية بين شيعة وسنة خاصة مع دخول حزب الله
في الصورة فما موقف الدكتور أحمد المناعي من هذه الحرب..؟
من خططوا لهاته
الحرب أرادوا إيهامنا بأنها حرب طوائف بين الشيعة والسنة وبين حتى طوائف الشيعة وحاولوا
الإقناع بأن الشيعي هو عدونا وليس الصهيوني ورأينا كيف هللت وكبرت بعض الجماعات
بضرب مواقع سورية. لكن سوريا لم تدخل أبدا في مثل هذه المخططات والسوريون يعتبرون
أن القضية هي قضية وطن مهدد بغزو أجنبي وبتفتيت البلاد وتدميرها.
والكثيرون من
مقاتلي حزب الله الذين شاركوا في معارك القصير هم من السنة وينتمون إلى المقاومة
الإسلامية وليسوا من الشيعة وهذا ما يجهله الكثيرون.
يجب الاتفاق إذا
على أن الحرب في سوريا ليست أهلية أو طائفية كما يريدون إقناعنا هي فقط حرب
استعمارية جديدة تولاها بالوكالة سوريون ومقاتلون أجانب والإعلام الدولي لعب على
عنصر الطائفية. كما يجب الإقرار بأن الإعلام الغربي فيما يخص سوريا هو كاذب وإعلام
دعاية وأخلّ حتى بأبسط القواعد المهنية. وأنا أقرّ بأنه ربما وقع في البداية إرباك
للإعلام السوري لكنه الآن إعلام ينقل الحقيقة كما هي وينسب الأشياء إلى مرتكبيها.
وسوريا في الواقع
دولة قوية ولو ما حدث فيها وقع في الولايات المتحدة الأمريكية التي هي أقوى دولة في
التاريخ لانهارت ولانهارت فرنسا أيضا في شهرين على أقصى تقدير.
إذا ماذا بقي أمام سوريا اليوم وماذا بقي للمعارضة؟
على النظام السوري الآن أن يسترجع المناطق التي مازال يتواجد بها المقاتلون
والقضاء على بقايا المتمردين في مختلف الجهات وأساسا في شمال حلب وبعض
المناطق في أدلب وهذه العملية هي أسهل
بكثير من العمليات التي قام بها الجيش السوري خلال الشهر الأخير.
وقريبا سيكون الانتصار العسكري الكلي للجيش السوري مثلما أعلنت ذلك سابقا
ولكن هذا لن ينفي بقاء بعض العمليات الإرهابية المنعزلة.
أمّا بالنسبة للمعارضة السورية فقد أفلست سياسيا كما أنه ليست لها أي سلطة
على المقاتلين وستكون بعد شهرين أو ثلاثة على أقصى تقدير قد انتهت ومن المؤكد أنها
قد غنمت أموالا كثيرة.
وسوريا اليوم تنتظرها مرحلة أصعب وأطول، مرحلة ما بعد الحرب وإعادة بناء
البلاد وإعمارها وعودة المهجرين إليها.
في اعتقادك ما مدى
تأثير الأحداث في سوريا على عملية السلام في الشرق الأوسط..؟
انتصار سوريا في
هذه المعركة سيعيد قضية فلسطين إلى الصدارة كقضية أساسية بعد أن تناساها الرأي
العام والسياسيون وأصحاب القرار حتى أن الجهاديين أصبحوا يتوجهون نحو سوريا وكأن
فلسطين ليست أحق بالجهاد.
لو ننتقل إلى
البعثة التونسية التي ذهبت مؤخرا إلى سوريا فهل تعتقد أنه من شأنها أن تحسن
العلاقات الدبلوماسية التونسية السورية بعد أن توقفت..؟
هذه البعثات غير
رسمية وقد ذهبت عديد الوفود قبلها وكان آخرها وفد من ممثلي الأحزاب والمجتمع
المدني وهم لا يمثلون الدولة التونسية ولم تكلفهم الدولة بذلك هم فقط شعروا بضرورة
ربط العلاقة مع سوريا وهذه البعثة ذهبت بغية إرجاع بعض التونسيين المسجونين وهذا
سيحدث فعلا لأنه وقع العفو عن بعضهم.
ونرجو أن يفهم المسئولون
السياسيون في تونس أن الخطأ الذي ارتكبوه بقطع العلاقات مع سوريا هو خطأ لا يغتفر
تضررت منه تونس والجالية التونسية في سوريا وعليهم أن يجددوا ربط هذه العلاقة.
تونسيا كيف يقرأ الدكتور أحمد المناعي الوضع الأمني اليوم في تونس والصدام مع
السلفيين..؟
الوضع الأمني في تونس اليوم غير سليم و ينذر
بتطورات خطيرة و مفتوح على واجهات عديدة ارتباطا بالوضع الأمني في المنطقة و خاصة
في الجارة ليبيا و بمشاريع القيادة الأمريكية الإفريقية أفريكوم في المنطقة من أجل
التمركز.
وكيف تفسر توتر العلاقة اليوم بين حركة
النهضة والسلفيين بعد أن كان يروج أنها كانت تستخدمهم في السابق..؟
كانت أحداث السفارة الأميركية في سبتمبر
الماضي شرارة في موقد جاهز لتكشف وجه الخلاف الشاسع بين تصورات السلفيين والنهضة, فمشكلة
الحكام الجدد في تونس وعلى رأسهم حركة النهضة عدم وضوح الخطاب تجاه التيار السلفي
الجهادي الذي تموّله بلدان الخليج وبالأخصّ السعودية وقطر، فهم يحاولون مغازلة
السلفيين للاستقواء بهم ضد الخصوم السياسيين وفي ذات الوقت يحاولون شيطنتهم للتقرب
إلى الخصوم.
كما
أن النهضة تحاول تسويق نفسها كممثل للإسلام المعتدل من خلال تقديم السلفيين كورقة
ضغط على الشعب وعلى المعارضة، أي بمعنى آخر «إما أن نحكمكم نحن أصحاب الإسلام
الوسطي المعتدل أو أن يحكمكم هؤلاء المتطرفون».
فتعاطي النهضة مع الملف السلفي تعاطٍ خطير ويمكن أن يجرّ البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، والواجب والأهم هو تقديم موقف واضح وخطاب موحّد من المسألة السلفية.
فتعاطي النهضة مع الملف السلفي تعاطٍ خطير ويمكن أن يجرّ البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، والواجب والأهم هو تقديم موقف واضح وخطاب موحّد من المسألة السلفية.
والأخطر اليوم ليس
علاقتهم بالسلفية وإنما تبعيتهم الكاملة للمشروع الأطلسي الذي تمثله أمريكا
والسعودية وقطر وتركيا والذي يريد قلب المنطقة بأكملها.
وتونس عموما هي مسلمة
منذ 14 قرنا ومؤمنة بدين محمد بن عبد الله وليس بدين محمد بن عبد الوهاب ولم تعش
أبدا أزمة هوية وهي لا تحتاج لا إلى السلفية الجهادية ولا إلى الإخوان المسلمين الذين
لا برنامج لهم سوى الوصول إلى الحكم والتمسك به. وأنا أعتقد أنه في ظرف عشرة أو
خمسة عشرة سنة ستنهار الحركة الإخوانية تماما وسينتهي المشروع الإسلامي السياسي
الذي لا مستقبل له مهما حاولوا وبحثوا عن مؤيدات وسندات دولية لاستمرارهم لأن
فكرهم قائم مبدئيا على التبعية والعمالة.
كما أريد أن أشير
إلى أن من الأخطاء الكبرى التي يرتكبها زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي اليوم هي
محاولته الجمع بين ثلاث صفات لا يمكن أن تلتقي أبدا وهي صفة المفكر الذي تقوم
حياته على الشك والفقيه الذي يؤمن بمسلمات وحقائق ثابتة والسياسي الذي يتعامل بعقلانية
مع الواقع والأحداث.
وهل أنت متفائل
بالمرحلة القادمة ...؟
أنا بطبعي متفائل
لكني في نفس الوقت موضوعي وعقلاني والبلاد ليست في وضعية طبيعية فاقتصادها منهار
والحكومة ليس لديها أي برنامج لتكمل به هذه السنة كما توجد كذلك تجاذبات كبرى بين
الأحزاب وبين السياسيين وهناك عجز على مستوى المجلس الوطني التأسيسي الذي لو تمكن
من إنهاء صياغة الدستور لأخرجنا من هذه الورطة وكل هذا صراحة لا يطمئن. وما كان
ينقص الحكومات المتتالية في تونس هو كلمة الصدق من مسؤوليها على جميع المستويات
ومصارحة الشعب بحقيقة الوضع وحقيقة الإمكانيات المتوفرة لدينا وما يمكننا فعله
بها. ولذلك نحتاج اليوم إلى هذا الصدق وإلى الإسراع بتنظيم الانتخابات في أقرب
الآجال على أمل أن تخرج أغلبية ثانية تتولى شؤون البلاد.
حاورته هدى القرماني
No comments:
Post a Comment