جنيف "الأمر الواقع" السوري
صحيفة "الاخبار" تعرض لمرحلة التحضير لمؤتمر "جنيف2" مع
اصرار السعودية و"الإئتلاف" على هيئة انتقالية من دون الأسد ودمج "الجيش
الحر" ضمن الجيش النظامي، وسعي أميركي لتسويق "الكونفدرالية" مقابل تمسك
النظام بـ "سورنة الحل".
ناصر شرارة - صحيفة "الأخبار" اللبنانية:
مع بدء التحضير لمؤتمر "جنيف 2" المقرر في 22 كانون الثاني المقبل، تتواجه
الأفكار، إقليمياً ودولياً، حول شكله ومضمونه لإنتاج حل للأزمة السورية
بينما تصر دمشق على أن يكون يكون هذا الحل سورياً بامتياز ويعلن من دمشق
حصراً.
يستمر التحرك الأميركي ــــ الروسي ــــ الأممي (الأخضر الابراهيمي)، كلّ على حدة، مع أفرقاء المعارضة السورية والدول الداعمة لها، للحصول على التزامها غير المشروط بحضور مؤتمر "جنيف 2" في 22 كانون الثاني/ يناير المقبل. وتكشف مصادر دبلوماسية ان تحديد موعد المؤتمر لم يأت نتيجة استطلاع رأي الدول الإقليمية المعنية بالملف السوري، بل نتيجة شعور الشريكين الروسي والأميركي بوجوب استغلال مناخ الاندفاعة الدولية لحل الملفات الساخنة في المنطقة، وهو المناخ الذي خلقه اتفاق "النووي الإيراني". وترى المصادر أن وطأة الإعتراض الإقليمي على نجاح "جنيف الإيراني" بدأت تخف نظراً الى صمود الإرادة الدولية في مواجهة المشاغبة عليه، وأن هناك رهاناً على اسقاط الاندفاعة الدولية في شأن "جنيف 2" السوري. وقد حُددت مساحة لاختبار امكان نجاحه، تمتد حتى العشرين من الشهر المقبل، وهو موعد ضربه الشركاء الثلاثة الأميركي والروسي والإبراهيمي، لجوجلة ما توصلت إليه مساعيهم مع كل أطراف المعارضة والدول الداعمة لها.
روسيا والأسد
وترصد المصادر مجموعة وقائع مستجدة اصبحت مسلّمات لم يعد بالامكان تغييبها عن مسار حل الازمة السورية انطلاقا من مؤتمر "جنيف 2"، منها ان روسيا نجحت ــــ عبر حملة دبلوماسية دولية بعيداً من الانظار، منذ ابرام اتفاق تفكيك الترسانة الكيميائية السورية ــــ في إعادة تلميع صورة الرئيس بشار الأسد عالمياً، وتقديمه كعنصر مهم في عملية نقل سورية من حال الفوضى إلى الاستقرار. وساعد موسكو على النجاح في هذه المهمة، السلاسة التي امتازت بها عملية تنفيذ الاتفاق الكيميائي التي دخلت المرحلة الثانية الأخطر، وقوامها تدمير المخزون الكيميائي.
وتلفت المصادر إلى أن فكرة دعوة القوى الإقليمية إلى مؤتمر "جنيف 2" في الموعد المحدد له، لا يزال ينظر اليها، حتى من قبل الأطراف التي خططت لها، بوصفها مخاطرة. ويجري في هذا السياق ترداد مقولة للابراهيمي، للدلالة على نوعية هذه المخاطرة، مفادها: "يمكننا المجيء بالحصان الى منبع النهر، ولكننا لا نستطيع إرغامه على الشرب".
ويتوقع ان تنطلق مفاوضات الثلاثي الروسي ـــ الأميركي ــــ الأممي مع النظام من جهة والمعارضة والدول الاقليمية الراعية لها من جهة أخرى، انطلاقا من التباينات العديدة بينهما.
من جهته، لا يزال الائتلاف الوطني المعارض، ومعه السعودية أساساً، يصران على أجندة لـ"جنيف 2" تنطلق من بيان "جنيف 1" الداعي إلى تشكيل هيئة انتقالية من دون الأسد وتشكيل "حكومة بصلاحيات كاملة". وتقترح الرياض تصوراً أبعد أثراً ينص على ان تشمل المرحلة الانتقالية اعادة هيكلة الجيش السوري عبر دمج "الجيش الحر" فيه، على ان يعطي المجتمع الدولي لاحقاً، وتحديدا بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، للجيش السوري بحلته الجديدة الضوء الاخضر لتصفية الارهاب في سورية بكل أجنحته (داعش والنصرة وألوية اخرى يضعها مجلس الامن على لائحة الارهاب الدولية).
في المقابل، يطرح النظام تأليف حكومة موسعة الصلاحيات، يحتفظ بموجبها وزراؤه بالوزارات السيادية والأمرة العسكرية والأمنية. كما يطرح النظام ثوابته لمضمون جنيف 2، وهي عدم وضع شروط مسبقة، والمطالبة بأن تبدأ الخطوة الاولى نحو الحل، بتوقف الدول عن ارسال السلاح والمسلحين الى سورية. وفي هذه الحال فإن الجيش السوري سيكون قادرا على انهاء الإرهاب في سورية خلال ستة أشهر. كما تتشدد دمشق حيال التسوية حول مستقبل سورية، معتبرة انها ستكون سورية خالصة فيما ينحصر الدور الاقليمي والدولي في المساعدة على ايجاد اطار للحل. أكثر من ذلك، تؤكد دمشق "أنه حتى اعلان التسوية لحظة إنجازها يجب ان يتم من دمشق وليس من أي عاصمة اخرى".
وبحسب هذه المصادر، فان جانبا من خلفيات تمسك دمشق بمبدأ "سورنة التسوية"، يعود إلى تأكيد رفضها فكرة طرحت مؤخراً في المحافل الدولية، دعت إلى "عقد مؤتمر جنيف 2 دولي في غياب دمشق"، مبررة ذلك بأنه حل لمسألة استعصاء تشكيل وفد "جامع ومقنع" (لجهة تمثيله الارض) للمعارضة من جهة، و أن هذا المؤتمر يمثل إرادة دولية للحل، من جهة أخرى.
بين الفدرالية والكونفدرالية
وتشير المصادر إلى أن هذا الطرح يعيد احياء توجه قادته واشنطن لفرض حل دولي على سورية وتجبر على المضي به. وكان هذا التوجه تضمن محاولات أميركية لجس نبض امكان انشاء نظام حكم في سورية يشتمل على نوع من الكونفدرالية، يحاكي ما هو قائم في العراق (خاصة في منطقة كردستان العراق). وترفض دمشق هذا الطرح، رغم انفتاحها في نقاشاتها الداخلية من ضمن رزمة خيارات لديها، على فكرة انشاء نوع من اللامركزية تؤمن التطوير الإداري للمناطق، ولكن شرط ان تجري تقسيماتها على أساس غير طائفي أو مذهبي أو اثني، والا تمس بأي حال بوحدة سورية دولة وشعبا او بمركزية الدولة السورية السيادية، على غرار النظام الأميركي.
وفي مواجهة اقتراح نوع من الكونفدرالية، فإن النظام مصمم على خوض نضال الحفاظ على وحدة سورية دولة وشعبا ومؤسسات سيادية. وهو نوع من النضال كانت شهدته الولايات المتحدة التي أنهت حربها الداخلية بانتصار الفدراليين على الكونفدراليين، الأمر الذي ضمن وحدتها.
ويجري لفت النظر في هذا المجال إلى أنه حتى زعماء الأكراد السوريين الذين أنشأوا نوعاً من الإدارة والحماية المحلية في مناطق سورية معينة، في وجه مجموعات المعارضة المتطرفة، فانهم أكدوا أن هذه المناطق لا تمثل نسيجا ديموغرافيا فئوياً صافياً بل مختلطاً يضم سوريين من مختلف الفئات، ما يحفظ هويتها الوطنية.
يستمر التحرك الأميركي ــــ الروسي ــــ الأممي (الأخضر الابراهيمي)، كلّ على حدة، مع أفرقاء المعارضة السورية والدول الداعمة لها، للحصول على التزامها غير المشروط بحضور مؤتمر "جنيف 2" في 22 كانون الثاني/ يناير المقبل. وتكشف مصادر دبلوماسية ان تحديد موعد المؤتمر لم يأت نتيجة استطلاع رأي الدول الإقليمية المعنية بالملف السوري، بل نتيجة شعور الشريكين الروسي والأميركي بوجوب استغلال مناخ الاندفاعة الدولية لحل الملفات الساخنة في المنطقة، وهو المناخ الذي خلقه اتفاق "النووي الإيراني". وترى المصادر أن وطأة الإعتراض الإقليمي على نجاح "جنيف الإيراني" بدأت تخف نظراً الى صمود الإرادة الدولية في مواجهة المشاغبة عليه، وأن هناك رهاناً على اسقاط الاندفاعة الدولية في شأن "جنيف 2" السوري. وقد حُددت مساحة لاختبار امكان نجاحه، تمتد حتى العشرين من الشهر المقبل، وهو موعد ضربه الشركاء الثلاثة الأميركي والروسي والإبراهيمي، لجوجلة ما توصلت إليه مساعيهم مع كل أطراف المعارضة والدول الداعمة لها.
روسيا والأسد
وترصد المصادر مجموعة وقائع مستجدة اصبحت مسلّمات لم يعد بالامكان تغييبها عن مسار حل الازمة السورية انطلاقا من مؤتمر "جنيف 2"، منها ان روسيا نجحت ــــ عبر حملة دبلوماسية دولية بعيداً من الانظار، منذ ابرام اتفاق تفكيك الترسانة الكيميائية السورية ــــ في إعادة تلميع صورة الرئيس بشار الأسد عالمياً، وتقديمه كعنصر مهم في عملية نقل سورية من حال الفوضى إلى الاستقرار. وساعد موسكو على النجاح في هذه المهمة، السلاسة التي امتازت بها عملية تنفيذ الاتفاق الكيميائي التي دخلت المرحلة الثانية الأخطر، وقوامها تدمير المخزون الكيميائي.
وتلفت المصادر إلى أن فكرة دعوة القوى الإقليمية إلى مؤتمر "جنيف 2" في الموعد المحدد له، لا يزال ينظر اليها، حتى من قبل الأطراف التي خططت لها، بوصفها مخاطرة. ويجري في هذا السياق ترداد مقولة للابراهيمي، للدلالة على نوعية هذه المخاطرة، مفادها: "يمكننا المجيء بالحصان الى منبع النهر، ولكننا لا نستطيع إرغامه على الشرب".
ويتوقع ان تنطلق مفاوضات الثلاثي الروسي ـــ الأميركي ــــ الأممي مع النظام من جهة والمعارضة والدول الاقليمية الراعية لها من جهة أخرى، انطلاقا من التباينات العديدة بينهما.
من جهته، لا يزال الائتلاف الوطني المعارض، ومعه السعودية أساساً، يصران على أجندة لـ"جنيف 2" تنطلق من بيان "جنيف 1" الداعي إلى تشكيل هيئة انتقالية من دون الأسد وتشكيل "حكومة بصلاحيات كاملة". وتقترح الرياض تصوراً أبعد أثراً ينص على ان تشمل المرحلة الانتقالية اعادة هيكلة الجيش السوري عبر دمج "الجيش الحر" فيه، على ان يعطي المجتمع الدولي لاحقاً، وتحديدا بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، للجيش السوري بحلته الجديدة الضوء الاخضر لتصفية الارهاب في سورية بكل أجنحته (داعش والنصرة وألوية اخرى يضعها مجلس الامن على لائحة الارهاب الدولية).
في المقابل، يطرح النظام تأليف حكومة موسعة الصلاحيات، يحتفظ بموجبها وزراؤه بالوزارات السيادية والأمرة العسكرية والأمنية. كما يطرح النظام ثوابته لمضمون جنيف 2، وهي عدم وضع شروط مسبقة، والمطالبة بأن تبدأ الخطوة الاولى نحو الحل، بتوقف الدول عن ارسال السلاح والمسلحين الى سورية. وفي هذه الحال فإن الجيش السوري سيكون قادرا على انهاء الإرهاب في سورية خلال ستة أشهر. كما تتشدد دمشق حيال التسوية حول مستقبل سورية، معتبرة انها ستكون سورية خالصة فيما ينحصر الدور الاقليمي والدولي في المساعدة على ايجاد اطار للحل. أكثر من ذلك، تؤكد دمشق "أنه حتى اعلان التسوية لحظة إنجازها يجب ان يتم من دمشق وليس من أي عاصمة اخرى".
وبحسب هذه المصادر، فان جانبا من خلفيات تمسك دمشق بمبدأ "سورنة التسوية"، يعود إلى تأكيد رفضها فكرة طرحت مؤخراً في المحافل الدولية، دعت إلى "عقد مؤتمر جنيف 2 دولي في غياب دمشق"، مبررة ذلك بأنه حل لمسألة استعصاء تشكيل وفد "جامع ومقنع" (لجهة تمثيله الارض) للمعارضة من جهة، و أن هذا المؤتمر يمثل إرادة دولية للحل، من جهة أخرى.
بين الفدرالية والكونفدرالية
وتشير المصادر إلى أن هذا الطرح يعيد احياء توجه قادته واشنطن لفرض حل دولي على سورية وتجبر على المضي به. وكان هذا التوجه تضمن محاولات أميركية لجس نبض امكان انشاء نظام حكم في سورية يشتمل على نوع من الكونفدرالية، يحاكي ما هو قائم في العراق (خاصة في منطقة كردستان العراق). وترفض دمشق هذا الطرح، رغم انفتاحها في نقاشاتها الداخلية من ضمن رزمة خيارات لديها، على فكرة انشاء نوع من اللامركزية تؤمن التطوير الإداري للمناطق، ولكن شرط ان تجري تقسيماتها على أساس غير طائفي أو مذهبي أو اثني، والا تمس بأي حال بوحدة سورية دولة وشعبا او بمركزية الدولة السورية السيادية، على غرار النظام الأميركي.
وفي مواجهة اقتراح نوع من الكونفدرالية، فإن النظام مصمم على خوض نضال الحفاظ على وحدة سورية دولة وشعبا ومؤسسات سيادية. وهو نوع من النضال كانت شهدته الولايات المتحدة التي أنهت حربها الداخلية بانتصار الفدراليين على الكونفدراليين، الأمر الذي ضمن وحدتها.
ويجري لفت النظر في هذا المجال إلى أنه حتى زعماء الأكراد السوريين الذين أنشأوا نوعاً من الإدارة والحماية المحلية في مناطق سورية معينة، في وجه مجموعات المعارضة المتطرفة، فانهم أكدوا أن هذه المناطق لا تمثل نسيجا ديموغرافيا فئوياً صافياً بل مختلطاً يضم سوريين من مختلف الفئات، ما يحفظ هويتها الوطنية.
المصدر:
صحيفة "الأخبار" اللبنانية
No comments:
Post a Comment