الخليج 15-11-2013
د. حياة الحويك عطية
لا يريدون لا يستطيعون.
يلتقي الاتراك بالمالكي ،
فيهرع مسعود البرزاني مستفسرا مرعوبا. يلتقي خالد مشعل بايران او حتى بقطر فيهرع
ابو مازن او موفديه ليطمئنوا ، يلتقي ميشال عون بمسؤولين سعوديين فيهرع فريق 14
آذار ملهوفا، يذهب زيد الى اميركا فيهرول عمر ليجس النبض ويطمئن على وضعه. يلتقي الاميركي بايران فيهرع بعض العرب مذعورين،
ويضعون يدهم بيد فرنسا ومن ورائها نتنياهو خوفا من ان يبتلعهم الطوفان ان ترك يمر.
فهل يسال سائل : لماذا لا
يتحرك العرب الا بدافع عقدة الخوف والرعب من الابتلاع؟ لماذا لا يكونون قوة تلعب
ورقتها في لعبة الامم بدوافع اخرى غير الرعب والبحث عن الحماية؟ وليس في الاجابات
الا اثنان: اما انهم لا يريدون واما انهم لا يستطيعون.
ولنبدا من المستوى
الاقليمي، فمنذ اقدم العصور وهذا الاقليم الذي سمي الشرق الاوسط او الادنى ( بحسب
المستعمر الذي اطلق التسمية) موزع بين ثلاث كتل قوة تتنازع النفوذ ، فاما ان يبتلع
احدها الاخر واما ان تقيم فيما بينها توازنا ما ، بحسب قوتها. هذه الكتل الثلاث
مقسمة جغرافيا بين بلاد فارس – او ساسان او ايران( لا فرق) ، بلاد بيزنطة او العثمانيين او الاتراك ( لا
فرق) وبلاد العرب التي تطورت بحمد الله فحملت اثنين وعشرين اسما والآن تتفجر
الاسماء الى مئات بحسب الاتنيات والطوائف والفئات. ولنعد الى فترة نشوء الدولة
العربية الاسلامية لنرى ان ذلك كان وقفا على رد البيزنطيين والساسانيين الى حدودهم
، فكانت معركتا اليرموك والقادسية ما حسم مستقبل الدولة الجديدة.
اليوم نقف امام التاريخ
لنجد انه وللاسف يعيد نفسه ، فيجلس اوغلو في انقرة واضعا رجلا فوق الاخرى مغرقا في
الضحك وقمح سوريا يسرق الى مطاحنه ليعود ويباع الى السوريين طحينا . وكل ما كان
ينافس بلاده من صناعة وزراعة سورية قد آل الى الدمار. ويحث ظريف الخطى في جنيف
وحوله ووراءه كل دول العالم الكبرى ، تبحث معه عن صفقة . ويتربع العرب في خيمة
الموت واضعين كل ثرواتهم وقدرتهم على سفك دماء بعضهم البعض وتدميرحواضرهم
التاريخية واحدة اثر الاخرى ، بثمن ....الحماية
المعادلة الثلاثية لمراكز النفوذ ما تزال ثلاثية
، لكن اسرائيل احتلت فيها مكان القوة الثالثة واصبح لها ان تشارك في التقاسم ضمن
اطار معادلات دولية تسهم في رسمها ، كما اصبح لها ان تسهم ايضا في تجارة الحماية
وقبض ثمنها، ولا باس ان نخترع لذلك اسما تجميليا هو التقاء المصالح. دون ان نسال
مصالح من ؟ ومع من؟ ولاجل من؟
لقد التقت مصلحة تركيا مع
مصلحة اسرائيل ومصلحة الغرب في تدمير سوريا. فاين كانت مصلحة العرب في ذلك؟
وقبلها التقت مصلحة ايران
مع مصلحة الغرب في تدمير العراق ، فاين كانت مصلحة العرب في ذلك؟
وقبلها التقت مصلحة اسرائيل مع مصلحة الغرب في
تدمير لبنان ، فاين كانت مصلحة العرب في ذلك؟
رغم ذلك ساهم العرب ،
وبفعالية يحسدون عليها في كل عمليات التدمير هذه ، ليجلسوا فوق تلها عراة حفاة من
كرامة ومن قدرة ومن ارادة . لا تضربهم الاّ رياح الخوف ، خوف ملوك الطوائف.
لكن
التفتت السلطوي الذي اودى بالاندلس يصغر امام انواع التفتت التي تضرب، قنبلة
عنقودية ، الكيانات العربية التي صاغها المستعمر وفق مسطرة وضعت فيها كل عناصر
التفجر قنابل عنقودية جاهزة للتشغيل، خلايا نائمة كثيرا ما اعتقدنا انها ماتت .
واهم هذه العناصر شرانق الهويات الفرعية التي لم يتمكن مشروع قومي وطني من تحويلها
الى نسيج مواطنة . بل جعلها غيابه مكامن خوف مزمن، لدى كل طرف من الطرف الاخر.
الكل يخاف من الكل، وضياع السيادة القومية وقوة الدولة الموحّدة يجعل كل خائف يهرع
الى حلين : الانكفاء داخل قوقعة مما قبل المجتمع والدولة، والهرع المرعوب باتجاه
حماية اجنبية، تؤمنه، بشكل او بآخر من الاخ المهدد. معادلة تنطبق على الدول ( او ما سمي دولا وفق تصديق
الامم المتحدة على تقسيمات المنتصرين في الحرب العالمية) كما تعدّت الى ما هو اخطر
: هروب كل فريق اتني او طائفي او جهوي داخل الكيان السياسي نفسه الى جهة اجنبية
يتخيل انها تحميه من الفريق الاخر.
No comments:
Post a Comment