Search This Blog

Saturday, July 16, 2011

L'Armée dans la nation: l'exemple tunisien


بسم الله الرحمان الرحيم
دور الجـــيش و مكـــانتة فــي الامـــة
مثال: الجيش التونسي

تقديم المقدم اركان حرب (م) محمد احمد
مساعد سابق لرئيس اركان جيش البر


ايها السادة الكرام،
يسعدني ان اتوجه بالشكر الى الاخ الدكتور احمد المناعي لتنظيم هذا اللقاء الذي سيكون بعون الله ثريا وممتازا. انه لشرف عظيم لي ان اتناول امامكم احد المواضيع التي تعاظمت أهميتها مع انبلاج فجر الربيع العربي والتي لم يكن من السهل تناولها في ظل النظام السابق.
دور الجيش ومكانته داخل الامة : مثال الجيش التونسي

مقدمة:
ان الربيع العربي بما اتى به من ثورات في عديد البلدان العربية وفي مقدمتها تونس قد وضع التساؤل التقليدي "ماهي مكانة الجيش داخل الامة ؟" او بالأحرى ما هو دور الجيش داخل الامة على رأس قائمة التساؤلات الواجب طرحها اليوم. ويمكن صياغة السؤال بشكل لآخر: هل الجيش هو في خدمة النظام السياسي الحاكم ام في خدمة الشعب؟
ولإعطائكم فكرة عامة عن الجيش التونسي ومكانته داخل الامة سألقي بعض الضوء على:
- الجذور التاريخية للجيش التونسي،
- واجب الدفاع عن الوطن طبقا للدستور
- تدخلات الجيش التونسي في مهمات حفظ النظام الداخلي وفي مقاومة الارهاب
- مشاركة الجيش التونسي في عمليات حفظ السلام في العالم
- سعي نظام بن علي لإضعاف المؤسسة العسكرية وتهميشها ( مثال المؤامرة
المزعومة براكة الساحل 1991)
- الدور الذي قام الجيش التونسي خلال الثورة والمهام الموكلة له الآن
- مقارنة بين مواقف بعض الجيوش العربية ازاء الثورات القائمة ببلدانهم

لقد احي الجيش التونسي خلال شهر جوان الماضي الذكرى الـ 55 لتكوين نواته الاولى يوم 24 جوان 1956 بعد ان تحصلت تونس على استقلالها في 20 مارس 1956.
وكان لهذه الذكرى طعم خاص نظرا للدور الريادي والمتميز الذي قام به الجيش التونسي لحماية الشعب التونسي ودعم ثورته المباركة والمحافظة على مؤسسات الجمهورية. وكانت قيادة الجيش الوطني قد رفضت أوامر الرئيس السابق القاضية بمشاركة وحدات الجيش في مواجهة الاحتجاجات بالرصاص الحي وقمع المتظاهرين إلى جانب قوات الأمن. وقد جلب هذا الموقف الشجاع والمسؤول للجيش االوطني احترام وتقدير كل التونسيين لمؤسستهم العسكرية.
أ ـ الجذور التاريخية للجيش التونسي (1)
إن الجذور التاريخية لمؤسستنا العسكرية ضاربة في عمق التاريخ. فكلنا يعرف الحروب البونيقية التي خاضتها قرطاج ضد روما وتميز فيها قادة عسكريون أفذاذ كسبوا معاركهم بكل جرأة واقتدار . واشهر تلك القيادات غلى الإطلاق نجد القائد حنبعل الذي لاتزال خططه التكتيكية والإستراتيجية تدرس في اكبر الأكاديميات العسكرية في العالم.
وتوالت الحضارات بعد تدمير قرطاج فنجدالرومان والوندال والبيزنطيين ثم الفتح العربي الإسلامي وتطورت المؤسسة العسكرية في العهدين ألموحدي والحفصي. وبعد سقوط الدولة الحفصية عرفت البلاد التونسية العهد الحديث بعد أن تم إقحامها في المنظومة العثمانية.
وخلال القرن التاسع عشر بدا التطور الحقيقي مع البايات وتم تأسيس جيش نظامي تونسي بحت يعتمد على هيكلة جديدة تتمثل في فصل الأسلحة عن بعضها البعض وتم تأسيس أول معهد علمي في المجال العسكري يتمثل في المدرسة الحربية بباردو التي أنشاها احمد باي سنة 1840 ومن ابرز خريجيها الجنرال خير الدين التونسي المصلح الشهير.
و خلال فترة حكم احمد باي شارك الجيش التونسي لاول مرة في مسرح عمليات بعيد عن قواعده وقد خاض حرب القرم (1854-1856) ضمن الجيش العثماني. وللتذكير فإن حرب القرم هذه نشبت بين دولة روسيا القيصرية والدولة العثمانية بسبب أطماع الأولى في ممتلكات الثانية.. وقد ساهمت فيها إيالة تونس ببعثة عسكرية قوامها 14000 رجل قادها الجنرال رشيد.


ضباط تونسيون في حرب القرم

تكوين النواة الأولى للجيش التونسي بعد الاستقلال
خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية تم تجنيد عديد التونسيين للمشاركة في الدفاع عن فرنسا ضد المانيا وكان العدد الجملي للمشاركين يساوي 110.000 مجند وكان عدد
الوفيات يقدر بحوالي 25.000
ولما تحصلت تونس على الاستقلال سنة 1956 كان من الضروري تجسيم السيادة التونسية في ميدان الأمن والدفاع. ويعود قرار بعث النواة الاولى للجيش الوطني التونسي إلى مؤتمر صفا قس في نوفمبر 1956 حيث صادق المؤتمرون
بالإجماع على لائحة تطالب بإحداث قوة عمومية تكون نواة لجيش الوطني تساعد على تحقيق الهدوء واستتباب الأمن وشرع منذ 15 جوان 1956 في الإعداد لتشكيل النواة الاولى لهذا الجيش وهي متكونة اساسا من جنود تونسيين كانوا يعملون بالجيش الفرنسي.
وفي 24 جوان 1956 تمكن الجيش الفتي من القيام بأول استعراض وكانت النواة الأولى هي المكون الرئيسي لجيش البر. وتم بعدها تكوين العناصر الأولى لجيش الطيران سنة 1957 وجيش البحرية سنة 1959.
وقد شارك الجيش الوطني الفتي في بداية تكوينه في اشتباكات ومعارك ضد الاستعمار
لاستكمال السيادة الكاملة على التراب التونسي ومن بين تلك المعارك :
ـ إشتباك المريج قرب عين دراهم في 31 ماي 1957
ـ ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958
ـ معركة رمادة في 25 ماي 1958
ـ معركة بنزرت في جويلية 1961

بـ ـ واجب الدفاع عن الوطن طبقا لدستور1 جوان 1959 (2)
طبقا للفصل 15 من الدستور : على كل مواطن واجب حماية البلاد والمحافظة على استقلالها وسيادتها وعلى سلامة التراب الوطني
الدفاع عن حوزة الوطن واجب مقدس على كل مواطن
وتم إقرار الخدمة الوطنية التي تهدف لـ:

ـ تدريب المواطن للدفاع عن حوزة الوطن في إطار الدفاع الشعبي الشامل بتعبئة كل طاقات الامة
ـ مساهمة الجيش في التنمية الاقتصادية للبلاد والتدخل لحماية المواطنين
عند حصول كوارث وآفات طبيعية
ـ المساهمة في عمليات حفظ السلام في العالم

ج ـ تدخلات الجيش التونسي في مهمات حفظ النظام الداخلي ومقاومة الارهاب
لقد قام الجيش التونسي بعديد التدخلات لحفظ النظام على المستوى الوطني وذلك بطلب من السلطة السياسية على خلفية إحداث اجتماعية وامنية كادت تعصف بالنظام عديد المرات لولا تدخل المؤسسة العسكرية. ونذكر على سبيل المثال:
ـ سنة 1967 : اندلاع مظاهرات على خلفية حرب الايام الستة بين اسرائيل ومصر
ـ سنة 1978 : اضراب شنه الاتحاد العام التونسي للشغل وتبعته احداث عنيفة ودامية وتهديد لمنشئات الدولة كالإذاعة الوطنية والبنك المركزي...
ـ سنة 1980: احداث قفصة المتمثلة في هجوم مجموعة مسلحة على ثكنة احمد التليلي بقفصة وتواصل القتال عدة ايام للقضاء على المجموعة وكانت هناك امكانية للتدخل الاجنبي لمساعدة النظام لإعادة بسط سلطته.
ـ سنة 1984: احداث الخبز
ـ ديسمبر 2006ـ جانفي 2007 : احداث ما يسمى بمجموعة سليمان المرتبطة بالمجموعات الارهابية الجزائرية و بالقاعدة
ـ ديسمبر 2010- جانفي 2011 : اندلاع ثورة الكرامة والحرية وسقوط نظام بن علي وفراره الى السعودية.

جيش يتلقى الزهور من ايدي الطفولة

وكان الجيش التونسي خلال هذه التدخلات يقوم بدوره في اطار المهمات الاساسية الموكلة له ولم يحاول قط اغتنام فرصة ضعف النظام للاستيلاء على الحكم ويرجع ذلك إلى التقاليد العريقة التي نشأ عليها الجيش الوطني وهي عدم التدخل في الشؤون السياسية والتزامه بواجبه التمثل في خدمة الامة والوفاء لمبادئ الجمهورية.
د- مشاركة الجيش التونسي في عمليات حفظ السلام في العالم (1)
انطلقت مشاركات الجيش الوطني في عمليات حفظ السلام بالعالم في بداية الستينات وما زالت متواصلة الى الآن. وتحظى قيادات الجيش التونسى ومختلف الوحدات التي شاركت في تلك المهمات الانسانية بتقدير واحترام كبيرين لدى منظمة الامم المتحدة ولدى المجموعة الدولية.ومن اهم تلك المشاركات نذكر بالخصوص:
ـ سنة 1960 : الكونغو الديمقراطية
ـ سنة 1991 : الصحراء الغربية
ـ سنة 1992 : كمبوديا
ـ سنة 1993و 1994 : الصومال
ـ سنة 1994 و1997 : جنوب افريقيا
ـ سنة 1997 و1998 : اثيوبيا
ـ سنة 1994 و 1999 : الكوسوفو
ـ سنة 2000 الى اليوم : الكونغو الديمقراطية.
ـ سنة 2003 الى اليوم : ساحل العاج

هـ ـ اضعاف المؤسسة العسكرية واستهداف مكوناتها البشرية من طرف نظام بن علي

بالرغم من التزام المؤسسة العسكرية بمقتضيات الدستور واقتناعها بضرورة الحياد والابتعاد عن الشأن السياسي والوفاء للوطن وللجمهورية ورغم ما تحظى به من تقدير واحترام لدى المجموعة الدولية فانها تعرضت لمناورات عديدة قصد اضعافها وتهميشها وقد افلح نظام بن في ذلك.
واذكر على سبيل المثال المؤامرة الكبرى التي احيكت ضد الجيش الوطني في ماي 1991 حيث قام بحملة اعتقالات لا مثيل لها داخل صفوف الجيش مستعملا في ذلك ابشع الاساليب فتم الصاق تهمة الانتماء الى حركة النهضة والاعداد لانقلاب عسكري لقلب نظام الحكم الى عدد كبير من العسكريين ( 250 من بين الضابط السامين والضباط الاعوان وضباط الصف ورجال الجيش) خاصيتهم انهم كانوا من المع افراد الجيش الوطني من الناحية الثقافية والعلمية والمهنية ولاستقامتهم ولوطنيتهم. فكان ذلك سببا كافيا لـ:

ـ توقيفهم اثناء عملهم من طرف جهاز الامن العسكري
ـ تم تسليمهم الى البوليس السياسي بوزارة الداخلية
ـ تم تجريدهم من رتبهم واهانتهم واستنطاقهم واستعمال ابشع اساليب التعذيب لا جبارهم
على الاعتراف بجرائم ضد امن الدولة لم يفكروا فيها قط ولم يرتكبوها. وتم ذلك في
اطار ما بات يعرف اليوم بمؤامرة "براكة الساحل "1991 المزعومة
ـ تم تسريح البعض و سجن البعض الاخر وإحالتهم على القضاء العسكري والخضوع
لمحاكمات صورية لم تتوفر فيها ادنى حقوق الدفاع
ـ تم طردهم من صفوف الجيش بدون معاش لعدد كبير منهم والتنكيل بهم وملاحقتهم في
حياتهم اليومية طيلة عشرين سنة حرموا خلالها من بطاقات العلاج بالمستشفيات
العسكرية ومنعوا من السفر خارج البلاد وحكم عليهم بالصمت مما جعل هذه المظلمة
التاريخية تبقى طي الكتمان الى 14 جانفي 2011.

ومن اغرب المفارقات ان الوزير الاسبق للدفاع الوطني الحبيب بولعراس الذي كان مشرفا آنذاك على وزارة الفاع الوطني يعترف اليوم بان مؤامرة براكة الساحل التي دبرت من طرف الرئيس السابق واجهزته الامنية في ماي 1991 كان القصد منها تحجيم الجيش الوطني واضعافه. وقد تم استدعاؤه من طرف القضاء مؤخرا في اطار الدعوي القضائية القائمة ضد وزير الداخلية الاسبق عبد الله القلال والمسؤولين الامنيين الذين مارسوا التعذيب ضد هؤلاء العسكريين الابرياء.

و انتظم هؤلاء العسكريون غداة الثورة وكونوا جمعية يطلق عليها جمعية انصاف قدماء العسكريين لتتولى كشف ملابسات المؤارة التي حاكها النظام السابق والدفاع عنهم ورد الاعتبار لهم وتمكينهم من استرداد حقوقهم و بذلك تساهم الجمعية في رفع معنويات ضباطنا وجنودنا الناشطين لما يتم رد الاعتبار لزملائهم المظلومين خلال العهد السابق. وتم الاتصال بوزارة الدفاع لايجاد صيغة ما تمكن من رد الاعتبار و استرداد الحقوق. الا ان الامور لا تتقدم حاليا بالسرعة الكافية لترقى معالجة هذه القضية الى مستوى تطلعات العسكريين المتضررين.

هذا ، وقد قام النظام السابق بكل ذلك متجاوزا كل القوانين والاعراف واضعا المؤسسة العسكرية لقمة سائغة بين ايدي البوليس السياسي لينفذ خطته الهادفة لضرب المؤسسة العسكرية في شرفها واضعافها. و لنتذكر كلنا اعتماد النظام السابق على الجهاز الامني ليحكم قبضته الحديدية على البلاد والعباد.

ونعلم كلنا الفارق الشاسع بين عديد الجيش الوطني الذي لا يتجاوز الـ 35000 رجل للجيوش الثلاث وعديد قوات الامن الداخلي الذي يتجاوز 3 مرات عديد الجيش. هذا الى جانب اعطاء الاولوية لتجهيز قوات البوليس بالتجهيزات العصرية في حين بقيت تجهيزات الجيش ضعيفة الكيف ومحدودة الكم. وهذا يضعف معنويات الجيش ويقلل من كفاءتة للقيام بمهامه الاساسية.
ويمكن اعطاؤكم فكرة واضحة حول النسب المعتمدة لدى الدول المجاورة فيما يتعلق بعدد افراد الجيش: (3)
ـ ليبيا نسبة 14.8 جندي لكل 1000 مواطن
ـ الجزائر نسبة 6 جنود لكل 1000 مواطن
ـ المغرب نسبة7.2 جنود لكل 1000 مواطن
ـ موريطانيا نسبة7.1 جنود لكل 1000 مواطن
ـ تونس نسبة 4 جنود لكل 1000 مواطن

ورغم ذلك نشاهد اليوم جيشنا العتيد الذي نعتز به ونفخر بمواقفه - متشبعا بمبادئ الجمهورية مدافعا عن تراب الوطن ومقدما التضحيات الجسام وواقفا الى جانب الشعب لحمايته .
إلا أن هذا الجيش الذي هو قليل العدة والعديد قد تنهكه المهمات المتواصلة منذ اكثر من ستة اشهر.
واني اقرأ عليكم ما كتبه كاهية رئيس الأركان الأسبق العقيد بوبكر بنكريم مؤخرا في مقال ممتاز صادر بجريدة الصباح ليومي 9 و10 جويلية الجاري عنوانه : أي دور ... أي تطلعات للجيش الوطني... جيش الجمهورية الثانية؟

يقول كاهية رئيس الأركان الأسبق: (3)
<.. فإني اعتقد أنه من الضروري والأكيد والمتأكد جدا اليوم قبل غد هو تعزيز وحدات الجيش الوطني المنتشرة حاليا على كامل تراب الجمهورية وعلى الحدود الشرقية. وحتى تكون هذه التعزيزات ذات جدوى وفاعلية فلا بد أن تكون بأعداد كافية لتيسير التناوب بين الأفراد وسد الثغرات وتمكين القيادة من احتياطي محترم ... ومن جهة اخرى وامام هذا النوع الجديد من التهديدات ـ( أي اندساس المجموعات الارهابية وتنفيذها لعمليات تستهدف الاستقرار السياسي وامن المواطنين)ـ يتحتم علينا تمكين الجيش من الوسائل والمعدات الضرورية للقيام بمهامه على احسن وجه لردع كل من تحدثه نفسه بالإساءة لوطننا...>

ويقدم كاهية رئيس الأركان الأسبق جملة من المقترحات قائلا:
<...أن كل شئ يهون من اجل تونس وحتى لا نثقل كاهل ميزانية الدولة في هذا الميدان فلما لا نقوم بحملة تضامنية عدة اشهر للتبرع من اجل تسليح الجيش...واذكر ان الشعب التونسي قد قام بمثل هذه العملية في الاشهر الاولى من استقلال البلاد حيث تبرع التونسيون رجال ونساء، كل حسب رغبته، بالمال والمصوغ...>

وأضاف قائلا :
" ... أتمنى أن تجد هذه الفكرة الدعم الشامل من كافة الشرائح من كل الاحزاب السياسية والنقابات وهياكل ومنظمات المجتمع المدني. فهذا الوقت هو مناسب ليبرهن كل التونسيين على تعلقهم بهذه الأرض الطيبة التي أبهرت العالم بثورتها المجيدة ثورة الحرية والكرامة. إني واثق من أن الشعب بأسره مستعد لدفع الغالي والنفيس من أجل عزة تونس ومجدها واستقلالها. "

وـ الدور الذي قام الجيش التونسي خلال الثورة والمهام الموكلة له الآن
" ان الجيش التونسي يتكون اساسا من ابناء تونس وينحدرا فراده المكونين من ضباط وضباط صف ورجال الجيش من كل الطبقات الاجتماعية للشعب. وهذا بالذات سبب شعورنا بالقرب من هذا الشعب النبيل ويفسر حرصنا الشديد سابقا ولاحقا على عدم استسهال الزناد في مواجهة اهلينا."(3)
وما اقدام هؤلاء العسكريين على اختيار هذا العمل القاسي والصعب والنبيل في جوهره الا للدفاع عن الوطن اذا تعرض للخطر وحماية المواطنين واسعافهم عند حلول كوارث طبيعية. فهذه التربية على القيم الوطنية السامية جعلت جيشنا يجد نفسه الى جانب الشعب وهو المكان الطبيعي له عوض ان ينساق في اعمال دموية يجره اليها نظام الطاغية. واننا اليوم نفخر بجيشنا الذي جنبنا ما لا يحمد عقباه ونكبر حكمة قادته الذين اثبتوا كفاءتهم القيادية وبينوا انهم مسؤولين جديرين بالاحترام.
وهذا الدور الريادي والتاريخي يسجل لمؤسستنا العسكرية التي كانت في مستوى الحدث.


التحام افراد الجيش بالشعب
ويتواصل اليوم دور الجيش الوطني في حماية حدودنا من الاخطار المحدقة والمتمثلة في تسرب المجموعات الارهابية المسلحة لتهديد امن شعبنا ومكاسب ثورته المباركة. ونجده اليوم مرابطا على الحدود الشرقية والغربية ومراقبا لمياهنا الإقليمية ولفضائنا الجوي بكل حزم واقتدار رغم ضعف موارده البشرية ومعداته الفنية. انه يقوم بمهامه الصعبة بالتحام كامل مع شعبنا الابي الذي لا يدخر جهدا للوقوف الى جانب جيشة لمؤازرته وقد بينت بعض الاحداث الاخيرة بالجنوب وبالروحية مدى اهمية هذا التواصل عندما قدم المواطنون المعلومات الهامة والحينية لتمكين الجيش من قطع يد كل من يحاول النيل من امن تراب وطننا العزيز والقيام بأعمال ارهابية.
الى جانب هذه المهمات العملياتية والقتالية البحتة فان جيشنا متواجد في كل مكان من تراب الجمهورية لدعم قوات الامن الداخلي في مهمات امنية تقليدية للحفاظ على امن المواطنين وسلامة المكتسبات العامة.
زـ مقارنة بين مواقف بعض الجيوش العربية ازاء الثورات القائمة ببلدانهم
قامت الثورات العربية بمشاركة او بعدم مشاركة الجيش ففي تونس ومصر لم يتدخل الجيش في قمع الثورة واجهاضها وعلى عكس ذلك نجد الجيش الليبي والجيش السوري قد انحازا الى جانب النظام القائم ممل تسبب في مجازر فضيعة بقتل العديد من المواطنين و لا تزال الامور سائرة في نفس الاتجاه وبذلك أصبحت القطيعة بين الجيش والأمة في هذين البلدين أمرا واقعا.
فالجيش هو كيان نابع من رحم الامة تدعمه بالعدة والعديد ومكانته الطبيعية هي ان يكون في خدمتها مدافعا عنها طبقا لما ينص عليه دستور البلاد.
ونختم بما قاله الصحفي الفرنسي جاك بنيلوش المتخصص في قضايا الشرق الاوسط (4) :
<...أن الثورات العربية قد قامت اما بمساندة الجيش: المثال التونسي والمصري- او ضد الجيش: المثال الليبي والسوري. ان موقف العسكريين مهم جدا وخاصة منهم كبار القادة، اما بالولاء الى الانظمة او بالولاء الى الامة. ان العسكريين هم الوحيدين الذين باستطاعتهم تعويض الانظمة الدكتاتورية وباستطاعتهم ان يكونوا الحصن المنيع ضد وصول المتطرفين الى الحكم. كما ان باستطاعتهم محاولة الابقاء بالقوة على الانظمة الدكتاتورية الحاكمة. وبالتالي فالجيش في البلدان العربية هو الهيكل الوحيد المنظم الذي لم ينغمس في اعمال افساد في الدولة والذي يمثل قادته نخبة تدربت في الكليات العسكرية ومعاهد الدفاع العليا الاجنبية اي الغربية...>
سيبقى الجيش التونسي مرتبطا ارتباطا وثيقا بالامة التي انجبته. وسيؤسس دوره الريادي خلال ثورة 14 جانفي الى عهد جديد: عهد جيش الجمهورية الثانية.

ايها السادة،
في الختام اشكركم على حسن الاصغاء ووفقكم الله في بقية الاعمال


1 . الجيش التونسي عبر العصور - نشر وزارة الدفاع الوطني 2006
2. دستور الجمهورية التونسية 1 جوان 1959 1959
3. مقال : أي دور ...اي تطلعلت للجيش الوطني... جيش الجمهورية الثانية – العقيد بوبكربنكريم كاهية رئيس اركان الاسبق
- جريدة الصباح 9 و 10 جويلية 2011
http://www.slate.fr/story/40049/armee-revolution-arabe-element-cle 4. جاك بنيلوس
http://www.alterinfo.net/Document-Participation-des-officiers-tunisiens-a-la-guerre-de- 5. Crimee_a40123.html/


No comments: